بينها وبين الإسلاميين في تركيا ودّ وزمالة

"الجماعة": لهم ساحتهم ولنا ساحتنا ونرفض "النوستالجيا" العثمانية لأنقرة

تاريخ الإضافة الجمعة 31 تموز 2009 - 7:12 ص    عدد الزيارات 3768    التعليقات 0    القسم محلية

        


تؤشر زيارة وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو للبنان الى الدور التركي المتعاظم في الشرق الاوسط وضمنه لبنان. ففي السابق لم تكن مألوفة مشاهدة عدد كبير من المسؤولين الاتراك يحطون رحالهم في بيروت بين الفينة والاخرى. والمسألة على ما يقول احد المهتمين بملف العلاقات التركية – العربية تتصل بـ "نوستالجيا عثمانية" لدى المؤسسة الحاكمة في انقرة، ترى في استنهاض الذاكرة الامبراطورية لدى الشعب التركي معيناً لها على مواجهة المؤسسة العسكرية صاحبة النفوذ الاقوى في البلاد.


لكن العلاقات ما بين لبنان وتركيا ليست حكراً على الادارات الرسمية في البلدين، فهناك جانب آخر شعبي او حزبي يسير في موازاتها لا بل يتقدمها بكثير من خلال العلاقة القائمة ما بين كوادر "الجماعة الاسلامية" في لبنان وكوادر "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا و"حزب الرفاه" الذي تحول اسمه "حزب السعادة" بعدما حلته السلطات القضائية التركية. ويشرح مصدر مطلع على ملف هذه العلاقة ان "حزب الرفاه" كان عضواً في التنظيم الدولي لـ"الاخوان المسلمين"، اسوة بتنظيم "الجماعة الاسلامية" في لبنان. وان "حزب العدالة والتنمية" الحاكم الآن في تركيا انما انشق عن "حزب الرفاه" لا لاسباب عقائدية بل لخلافات تنظيمية وعلى اسلوب التعامل مع الدولة العلمانية في تركيا، ولكن على رغم خروج كوادر "العدالة والتنمية" بقيادة رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان عن حزبهم الأم فانهم احتفظوا  بعلاقاتهم النضالية مع رفاقهم "الاخوان" في لبنان. ويوضح المصدر ان كوادر الحزب الحاكم في تركيا ليسوا أعضاء في التنظيم العالمي للاخوان لكنهم يتبعون مدرسة الاخوان الفكرية والعقائدية، وهم يؤمنون بالعمل السياسي الديموقراطي وسيلة لبلوغ السلطة وينبذون العنف ويتمسكون بمبدأ تداول السلطة من بابه الواسع، مما شكل لهم مصدر قوة مضافة في الساحة التركية.


ويضيف المصدر ان تغييرات جذرية كبيرة طرأت على فكر الاخوان المسلمين في اتجاه نبذ العنف وتبني خيارات العمل الديموقراطي مما ادى الى تطور ما يصفه بالعلاقة "الخاصة جداً" بين كوادر الاخوان المسلمين في تركيا والاحزاب الاسلامية في العالم العربي التي تذهب في خط الاخوان الجديد ومدرستهم الفكرية. ويشير الى دور كبير اضطلع به الشيخ فيصل المولوي من خلال كتاباته وافكاره في التأثير على الحركات الاسلامية الناشئة، وأن كوادر الاخوان الاتراك يزورون الشيخ مولوي للاستماع الى افكاره وشروحه خصوصاً انه اضطلع بأدوار قيادية في تجمعات "العلماء المسلمين" في العالم. ولا يغفل الاشارة الى دور الداعية الراحل فتحي يكن في التأثير على الاسلاميين الليبراليين الاتراك. وفي رأيه ان كوادر الجماعة الاسلامية في لبنان انما يحتلون موقعاً متقدماً على سواهم من كوادر الاخوان في العالم.



عمل من دون إعلام

عضو اللجنة السياسية في "الجماعة الاسلامية" نبيل الحلبي وأحد المسؤولين عن التواصل مع الاخوان الاتراك، يفضل ان يقول ان "حزب العدالة والتنمية" لا يقدم نفسه حزباً اسلامياً لئلا يلقى مصير "حزب الرفاه" فيُحل ويُمنع من العمل السياسي، ويرى ان قادة "العدالة والتنمية" وفي مقدمهم رئيس الوزراء انما يطرحون تطبيق الاهداف بدون اعلانها تجنباً للصدام مع العلمانيين الاتراك والمؤسسة العسكرية النافذة، ويشرح ان الحكومة التركية حددت لنفسها اهدافاً ومصالح وطنية من اجل اعادة ترسيم دور تركيا وتعزيزه في العالم الاسلامي. ويذكّر بأن من وضع الاسس الصلبة لهذا التوجه هو رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين اربكان الذي اسس للعمل الاسلامي في بلده ووجه رجال الاعمال الاتراك في اتجاه اسواق العالم العربي وتفاعل مع الحركة الاسلامية العربية، وسعى بالتعاون مع ماليزيا واندونيسيا الى تأسيس السوق الاسلامية المشتركة.


واستناداً الى الحلبي لا تنفصل جولات المسؤولين الحكوميين الاتراك عن هذه الرؤية الواسعة الى حجم الدور التركي في الشرق الاوسط، وهو يشير الى ان العاصمة التركية شهدت خلال العامين الماضيين عدداً كبيراً من المؤتمرات واللقاءات والاجتماعات التي نظمتها حركة الاخوان المسلمين العالمية دعماً للقضية الفلسطينية، يفوق كل ما نظم من مؤتمرات في الدول العربية. لكنه على رغم ذلك يعتبر ان حزب العدالة والتنمية لا يرى لبنان نموذجاً لمجتمع اسلامي بل منارة اقتصادية ومحطة نشاط وازدهار اقتصادي على مثال النموذج الذي اراد الرئيس الراحل رفيق الحريري تقديمه الى اللبنانيين. ويشرح ان الزيارات للبنان والاستثمار فيه هي انعكاس لنزعة قومية دفينة وجارفة لدى الاتراك تحن الى ايام الامبراطورية العثمانية عندما كان البحر المتوسط بحيرة تركية، الامر الذي لا يلقى موافقة عليه لدى "الجماعة الاسلامية" في لبنان او الاخوان المسلمين العرب على ما يقول، وهذا يشكل مادة للمناقشة حول ما تسببت به السلطنة العثمانية من مظالم ومشكلات للعرب.


في خلاصة الامر، حسب الحلبي، ان العلاقة بالاتراك ليست تحالفاً سياسياً بل مجرد تأييد متبادل، و"الجماعة الاسلامية" والاسلاميون الاتراك جزء من مدرسة "الاخوان" العالمية ويقول: "لهم ساحتهم ولنا ساحتنا. وعندما فازوا بالانتخابات النيابية في تركيا فرحنا لهم، وعندما فزنا بالانتخابات فرحوا لنا. بعض كوادرهم المهمة يعتبر الشيخ المولوي رمزاً فكرياً وثقافياً لكنهم حرصاء على عدم اقحام السلطات الحكومية التركية في اي شأن لبناني، وتجنب توريط حكومة انقرة في اي مشكلات او صدام مع قوى اقليمية بدليل ما جرى خلال حرب غزة عندما تحركوا وقدموا الدعم لحركة "حماس" وهي الجناح الفلسطيني للاخوان المسلمين، لكنهم تجنبوا توريط الحكومة التركية في أي شأن حزبي يستشف منه الانحياز الفاضح".


بيار عطاالله

المصدر: جريدة النهار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,735,451

عدد الزوار: 6,911,108

المتواجدون الآن: 92