تقارير..الغارتان الإسرائيليتان قصفتا دمشق لكن هدفهما إيران.. طارق متري القلق على ليبيا: أخشى العوائق أمام التحوّل الديموقراطي... عراقيون يطالبون المالكي بالتصدي لمليشيات شيعية مدعومة من إيران....سخط السنة في العراق أوجده الاحتلال وكرّسه المالكي...مؤشرات إلى حرق «سنّة العراق» سفن العودة... وإلى تذمر شيعي من المالكي....إيران من أكثر الدول تضييقاً على الحريات الدينية ويخيفها تنامي المسيحية.....مصر تشهد انهيارًا لاستثماراتها في استمرار غياب الأمن

حزب الله المتورّط عميقًا في سوريا يواجه مخاطر جسيمة قد تفرض عليه أثمانًا باهظة

تاريخ الإضافة الجمعة 10 أيار 2013 - 5:45 ص    عدد الزيارات 1879    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حزب الله المتورّط عميقًا في سوريا يواجه مخاطر جسيمة قد تفرض عليه أثمانًا باهظة
إيلاف...عبدالاله مجيد          
حزب الله متورّط حتى أذنيه في سوريا، وهذا ما يضعه في مأزق لا يحسد عليه، يفرض عليه مواجهة مخاطر داخلية وخارجية جسيمة، قد تضطره لدفع أثمان باهظة، إن قررت إسرائيل فتح نار الجنوب اللبناني عليه.
قرب دمشق، ينتشر مقاتلو حزب الله بدعوى الدفاع عن مرقد السيدة زينب. وفي الشمال، تقول المعارضة المسلحة إن مقاتلي الحزب لا يشاركون في محاولات جيش النظام لاستعادة بلدة القصير الاستراتيجية فحسب، بل في الواقع يتصدرون الهجوم لاستعادتها.
ويوم الثلاثاء الماضي، قال ناشطون مناوئون لنظام الأسد إن قوات المعارضة قتلت 15 من عناصر حزب الله في القصير، لكنهم حذروا أيضًا من أن قوات المعارضة محاصرة في البلدة، حيث يواجهون خطر فقدان السيطرة عليها، بعدما أخرجهم عناصر حزب الله ذوو القمصان السود من القرى المحيطة.
وبعدما دأبت قيادة حزب الله على التأكيد أن مقاتلي الحزب أُعدوا ودُرّبوا لمواجهة إسرائيل والدفاع عن لبنان، فإنها الآن تدفعهم أعمق فأعمق في غمار معركة مغايرة تمامًا، يخوضونها في سوريا ضد مسلمين عرب، يحاولون إسقاط ديكتاتور تحكم أسرته سوريا منذ أكثر من 40 عامًا. وجاهرت قيادة الحزب بلا مواربة بأن حرب الأسد هي حربها أيضًا.
ورغم أن حزب الله اليوم أقوى منه في أي وقت مضى بعدما عوّضته إيران كل خسائره في حرب العام 2006 مع إسرائيل، فإنه يجد نفسه في موقف صعب، حيث يعمل جاهدًا للحفاظ على مصداقية متلاشية في الداخل، ويواجه حشدًا من التحديات الجديدة في الخارج، متورّطًا في معركة هدفها الحفاظ على نظام الأسد، على أمل إبقاء القناة التي يتلقى أسلحته من خلالها مفتوحة.
مهمة صعبة
تعاني إيران، راعية حزب الله، من وطأة عقوبات شديدة بسبب برنامجها النووي. وسُجن عناصر من الحزب بتهمة الضلوع في قتل سيّاح إسرائيليين في بلغاريا، وتفكر أوروبا في الانضمام إلى الولايات المتحدة بإدراجه على قائمة المنظمات الإرهابية.
كما يواجه حزب الله احتقانًا طائفيًا في لبنان، يحمِّله خصومه المسؤولية عن إذكائه. وفي هذه الأثناء، عليه أن يثبت صدق دعواه بأن مبرر وجوده هو مقاومة إسرائيل، وهي مهمة لم تعد هينة بكل تأكيد.
تبدت هذه التحديات بأسطع أشكالها بعد الغارات الإسرائيلية على سوريا الأحد الماضي. وقال مسؤولون أميركيون إن الغارات الإسرائيلية استهدفت صواريخ بعيدة المدى متطورة، كانت في طريقها من إيران إلى حزب الله. وكانت إسرائيل تستهدف مثل هذه الشحنات بانتظام في لبنان، واستهدفتها مرتين أخيرًا في سوريا.
لكن محللين اعتبروا أن حجم الضربة الأخيرة يطرح تحديًا على حزب الله إيران والنظام السوري، يمكن أن يعرّض الحزب لخطر لم يعرف بجسامته نظيرًا من قبل، لا سيما أن إسرائيل قد تستغل الوضع في سوريا لتوجيه ضربة قاصمة إلى الحزب بمنأى عن أي رد تقريبًا.
تساعده أو تورّطه؟
سياسيًا، يذهب محللون إلى أن الغارات الإسرائيلية يمكن أن تساعد أمين عام حزب الله حسن نصر الله، الذي حاول الدفاع عن تدخل الحزب لمصلحة النظام السوري، بذريعة أن الانتفاضة السورية مؤامرة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل لإسقاط نظام الأسد وضرب حزب الله، بوصفهما ضليعين في ما يُسمّى مثلث الممانعة.
لكن البروفيسور محمود حداد من جامعة البلمند اللبنانية يرى أن الغارات يمكن أن تضعف موقف نصر الله وتفقده مصداقيته إذا لم يرد حزب الله، الذي لا يريد أن يفتح جبهة جديدة. وقال حداد إن حزب الله يطلق أقوالًا لا يشفعها بأفعال.
عسكريًا، قال تيمور غوكسل، المحرر في مجلة المونيتر والمستشار السياسي السابق لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان، إن توالي الضربات العسكرية الإسرائيلية، التي تستهدف أسلحة حزب الله، لن تلحق به ضررًا آنيًا، فهو يمتلك نحو 60 ألف صاروخ في لبنان، تكفي لردع أي هجوم إسرائيلي والرد عليه. لكن مع انغمار إسرائيل وحزب الله أعمق في النزاع السوري، تتزايد احتمالات الخطأ في الحساب أو ارتكاب خطأ يمكن أن يفجر مواجهة مباشرة أو يشعل حريقًا إقليميًا، بحسب غوكسل.
أثمان باهظة
قال خبراء إن حزب الله يريد أن يتجنب ذلك، فهو يستطيع توجيه ضربات موجعة إلى إسرائيل، ويصمد أمام قصفها، لكن الأثمان السياسية في لبنان ستكون باهظة عليه. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن العميد أمين حطيط، القريب من حزب الله، قوله: "ماذا يهمّ إذا دمّروا تل أبيب، وفقدوا بيروت؟".
لكن حزب الله قد يواجه ضغوطًا من قواعده نفسها للرد، كما يقول نيكولاس بلانفورد، الذي نشر كتابًا عن التاريخ العسكري لحزب الله. وقال بلانفورد: "إن عناصر حزب الله لا ينضمون إليه لمقاتلة مسلمين عرب في سوريا، وإعطاء الخد الآخر عندما تدمّر الطائرات الإسرائيلية أسلحتهم".
وكان حزب الله دفع ثمنًا سياسيًا بسبب موقفه من الأزمة السورية حتى قبل ذلك. فإن دعم الأسد في حملة التنكيل التي شنّها ضد معارضة بدأت سلمية دمّر سمعة الحزب في العالم العربي عمومًا، بوصفه المدافع عن المستضعفين. وهو الآن يستنزل على نفسه غضب أوساط واسعة في لبنان، حيث يتهمه خصومه بالكذب عندما تعهّد ألا يستخدم سلاحه إلا للدفاع عن لبنان.
أولوية عليا
يقيم الحزب مراسم عزاء لقتلاه في سوريا بوصفهم شهداء الواجب الجهادي، مع كل ما يرافق ذلك من تغطية إعلامية كان لا يخص بها في السابق إلا من يسقطون في القتال ضد إسرائيل. ويقول حزب الله الآن إنهم قُتلوا دفاعًا عن مدنيين لبنانيين في سوريا، لكنه لم يعد يدّعي أنهم أفراد يقاتلون بمبادرة شخصية.
وقال عبد الرحيم مراد، عضو تحالف الثامن من آذار (مارس) بقيادة حزب الله، عن عناصرالحزب: "إنهم حسنو التنظيم، لا يتنفسون من دون أوامر".
ويتولى عناصر حزب الله تنفيذ مهمات كبيرة في سوريا. فقد نقلت نيويورك تايمز عن مراد أن الأسد عندما زاره وفد من قوى الثامن من آذار في دمشق أخيرًا، وصف المعركة الدائرة في محافظة حمص، حيث يقاتل حزب الله في بلدة القصير، باعتبارها أولوية عليا. فهي ممر لإيصال السلاح إلى مقاتلي المعارضة، وتربط العاصمة بالساحل، الذي ما زال معقلًا من معاقل النظام. كما يساعد حزب الله على تدريب شبيحة النظام، ليبني منهم قوة أكثر انضباطًا، بحسب مسؤولين إسرائيليين وأميركيين.
سنة وشيعة
يتسبب نجاح حزب الله على الأرض داخل سوريا بتأجيج غضب الغالبية السنية وإذكاء الاحتقان الطائفي. في نيسان (إبريل) الماضي، أطلق مقاتلون في إحدى فصائل المعارضة السورية قذائف عبر الحدود على بلدة الهرمل الخاضعة لسيطرة حزب الله، ما أسفر عن مقتل صبي ورجل كان يزور خطيبته، كما أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان.
وصوّر مقاتلون سوريون أنفسهم وهم يحرقون مزارات شيعية، بحسب نيويورك تايمز، مشيرة إلى أن هذا عزز قناعة حزب الله بأن الثورة السورية تهدد الشيعة.
ويقاتل سنة لبنان وشيعته على جانبين متعارضين في سوريا، لكنهم امتنعوا حتى الآن عن الاقتتال في لبنان، رغم أن الحدود على امتداد سهل البقاع تعجّ بمسلحي حزب الله والمسلحين السنة المتوجّهين إلى سوريا أو القادمين منها. مع ذلك، ما زال حزب الله في حالة تأهب على الحدود مع إسرائيل، حيث ما زالت لديه قوة كبيرة. فالحزب يخشى أن يفتح سقوط الأسد الطريق أمام إسرائيل للانقضاض عليه، عارفة أنه لن يتمكن من إعادة رفد ترسانته هذه المرة.
 
عراقيون يطالبون المالكي بالتصدي لمليشيات شيعية مدعومة من إيران
إيلاف....أسامة مهدي            
أثارت تهديدات أطلقها زعيم عصائب أهل الحق العراقية بقتل وزراء ونواب وسياسيين ردود فعل غاضبة طالبت المالكي بالتصدي لهذه المليشيات وحمّلته مسؤولية حماية أرواح العراقيين من كل المليشيات المسلحة وغير النظامية والمجهزة بأسلحة متقدمة وكواتم الصوت والمدعومة من أجهزة مخابرات دول الجوار في إشارة إلى إيران.
لندن: استغرب ائتلاف العراقية "التصريحات والتهديدات المستهجنة والوعيد للمتظاهرين المسالمين والشعب العراقي التي تطلقها عناصر من المليشيات غير النظامية المتحالفة مع أجزاء حاكمة من ائتلاف دولة القانون (بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي) ومن بينها ما يسمى بعصائب أهل الحق وجيش المختار وكتائب حزب الله وغيرها من عصابات لعبت دورًا كبيرًا في تدمير البلد وتفكيك نسيجه الاجتماعي أمام مرأى ومسمع القوات الأمنية والحكومة العراقية وتتناقلها وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية.
وقالت الناطق الرسمي باسم العراقية ميسون الدملوجي في تصريح صحافي تلقته "إيلاف" اليوم ان مثل هذه التصريحات غير المسؤولة والمشحونة بالعنف والكراهية ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بتفجيرات الجوامع والمقاهي في الأسابيع الأخيرة والاغتيالات المتواصلة والتي أدت إلى استشهاد العشرات من الشباب الأبرياء في مدن العراق المختلفة.
وحمل ائتلاف العراقية "القائد العام للقوات المسلحة المسؤولية نوري المالكي الكاملة في حماية أرواح المواطنين "من كل المليشيات المسلحة وغير النظامية والمجهزة بأسلحة متقدمة وكواتم الصوت والمدعومة من أجهزة مخابرات دول الجوار كما حمله "مسؤولية انحدار الأوضاع السياسية إلى هذا المستوى المهين وصمته المطبق ازاء هذه التصريحات التي تزيد الاحتقانات والصراعات في الشارع العراقي".
وعلى الصعيد نفسه عبر حيدر الملا النائب عن العراقية العربية بقيادة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك عن استغرابه من صمت المالكي ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي تجاه تهديدات زعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي بتصفية نواب وسياسيين.
وتساءل الملا خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم عن مكانة هيبة الدولة وسط هذه التهديدات وقال "كيف يخرج قائد ميليشيا مسلحة وهو قيس الخزعلي من على الساحات العامة وبحضور نواب ووزراء ليهدد وزراء ونواب آخرين داخل العملية السياسية؟ ويقسم بالله انهم لن يسلموا ويقول جهارا نهارا سنطالكم حتى وإن كنتم داخل المنطقة الخضراء وحتى وان كنتم في سيارات مصفحة او في جوامع او فنادق".
واكد الملا انه من المخجل أن يخرج قائد ميليشيا يهدد العملية السياسية والدولة بهذه الطريقة وقال إن المتظاهرين الذين يقولون بسلمية التظاهرات فان السلطات ترسل قيادات عسكرية لقتلهم".
وأضاف أنّ الذي يحدث الآن والذي حدث هذا الأسبوع يجعل المتورطين في مجزرة الحويجة وتصريحات الخزعلي تحت إطار المساءلة القانونية سواء على الصعيد الداخلي والدولي". وحذر من أن تهديد الخزعلي سيطال الوزراء والنواب في الفنادق والبرلمان والوزارات مشددا على ضرورة التصدي للميليشيات المسلحة التي تحاول إثارة الفتنة الطائفية.
 وأهل الحق إحدى الفصائل الشيعية المسلحة التي تتلقى دعما من إيران وكانت مسؤولة عن اختطاف بريطانيين في بغداد عام 2007 وهي قد انشقت عن التيار الصدري وأعلن زعيمها قيس الخزعلي العام الماضي عن تحولها إلى منظمة مدنية وتخليها عن السلاح وانضمامها إلى العملية السياسية بعد انسحاب القوات الاميركية نهاية عام 2011.
 وكان الخزعلي دعا السبت الماضي المعتصمين في المحافظات التي تشهد تظاهرات إلى "عدم إفساد" تظاهراتهم بالخطاب "الطائفي" وطرد رجال الدين "السفهاء" وكل من ينادي بالأقاليم وقتل افراد الجيش. وهدد من اسماهم "السياسيين وأصحاب الأجندات الخارجية والإقليمية والدول التي تدعمهم" بالقول ان "لم تكفوا فسنصل اليكم ولن تمنعنا حصونكم ولا سياراتكم المصفحة من الوصول اليكم والكلام واضح".
 
سخط السنة في العراق أوجده الاحتلال وكرّسه المالكي
إيلاف...عبدالاله مجيد          
أخذت حركة الاحتجاج في المحافظات ذات الغالبية السنية في العراق والمنحى الخطير الذي اتخذته بوقوع أعمال عنف وضحايا، أخذت تعيد إلى الأذهان المواجهات الطائفية الدامية في 2006 و2007 وتطرح أوجه شبه مقلقة بالحرب الأهلية المستعرة في سوريا.
سلطت الاحتجاجات ضوءًا على حقيقة لا تسرّ الدبلوماسيين الأميركيين في بغداد، وهي أن من الأسباب الرئيسة لشعور السنة بالحيف والمظلومية والاستهداف، جملة قوانين وممارسات فرضتها الولايات المتحدة في السنوات الأولى من احتلال العراق.
 ستار الإرهاب
تتبدى نتائج هذه السياسات، لا سيما قوانين مكافحة الإرهاب، في عموم العراق اليوم. فالمخبر السرّي، الذي استعان به الجيش الأميركي أيام الاحتلال، ما زال يؤدّي مهمته البغيضة لحساب حكومة رئيس الوزراء نوري الملكي، متسببًا في وضع أبرياء وراء القبضان. ويرزح مئات الموقوفين في السجن منذ سنوات من دون تهمة بعد اعتقالهم في حملات باسم مكافحة الإرهاب.
وما زال التهميش والحرمان مصير ضباط سابقين في الجيش العراقي، أقصاهم الأميركيون، بموجب قانون اجتثاث البعث وقانون حلّ الجيش، رغم وعود حكومة المالكي بإعادتهم ودفع رواتبهم ورد اعتبارهم اجتماعيًا.
وعندما بدأت المحافظات السنية احتجاجاتها في كانون الأول/ديسمبر، قدم المتظاهرون قائمة بمطالبهم إلى الحكومة، بما في ذلك الإفراج عن الموقوفين من دون تهمة، وإلغاء العمل بنظام المخبر السري، وإنهاء التطبيق الانتقائي لقوانين مكافحة الإرهاب واجتثاث البعث، التي لا تطال إلا السنة، وما يترتب على ذلك من مصادرة حقهم في العمل والتقاعد.
تكمن في صلب مشاعر السخط والاستياء بين السنة تكتيكات مكافحة الإرهاب، التي تواصلها حكومة نوري المالكي، بحملات كاسحة في المناطق السنية، وكثيرًا ما توقع البريء والمذنب على السواء في شباكها. ويقول ناشطون سنة إن الاعتقالات تجري في الغالب بناء على معلومات كاذبة يقدمها مخبرون مغرضون.
 تقارير ملفقة للتربّح
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مخبر سرّي في مدينة بعقوبة شمال بغداد، قدم نفسه باسم غالب، قوله "إن الأجهزة الأمنية لا تطلب مني التلفيق، ولكنني أعرف مخبرين يلفقون تقارير، لأنهم يريدون مزيدًا من المال". وأضاف إنه كان يتقاضى من الأميركيين 600 دولار عن معلومات تؤدي إلى الاعتقال، ويتقاضى من الحكومة الحالية 100 دولار عن كل شخص يُعتقل.
في حين قال مخبر آخر في بعقوبة، عمل هو أيضًا مع الأميركيين، قدم نفسه باسم أبو باسم، إنه كثيرًا ما يشي بأشخاص يعتقد أنهم "متعاطفون مع المتطرفين". وأضاف "إن العديد من الأبرياء" أُدينوا استنادًا إلى معلوماته، وأن المسؤولين الحكوميين يشجّعونه أحيانًا على تقديم معلومات كاذبة للقيام باعتقالات.
السنة ناقمون
تعتمل مشاعر النقمة بين السنة في العراق منذ عام 2003 عندما وصل الأميركيون ليقلبوا حياة ملايين منهم رأسًا على عقب، لاسيما من كانوا يتولون مراكز مسؤولة في جهاز الدولة الإداري والمؤسسات الرسمية والتعليمية والجيش.
من هؤلاء خالد العبيدي، الذي كان والده قائدًا عسكريًا في جيش النظام السابق، وأصبح هو نفسه ضابطًا. وقال العبيدي إنه كان لديه سائق وطاه "وكانوا يعاملون أبناء الضباط معاملة خاصة. كان لدينا بيت خاص وناد اجتماعي خاص بنا".
الآن بعد طرد العبيدي من الجيش، يعمل سائق سيارة أجرة للعيش، وهو مهدد بإخلائه من شقته الصغيرة المؤجرة، ولا يعرف كيف يضمن لأطفاله تعليمًا جيدًا. والحي الذي يسكنه في بغداد، الذي كان ذات يوم حيًا نظيفًا، يحظى بعناية كبيرة، لأن غالبية سكانه من الضباط، مهمل الآن، تنتشر في شوارعه النفايات.
سمع العبيدي في العام الماضي من التلفزيون أن الحكومة تدعو الضباط السابقين إلى العودة. وقال خالد "طرتُ من الفرح، وكان ذلك أفضل خبر سمعته منذ زمن طويل".
بانتظار العودة
ولكن العبيدي ما زال ينتظر تنفيذ الحكومة ما وعدت به. وراجع الدائرة العسكرية في منطقته خمس مرات على الأقل طالبًا إعادته إلى مهنته الأصلية. ونقلت صحيفة نيورك تايمز عن العبيدي قوله "ننتظر في الطابور ساعات، قبل أن يأتي أحد ما، ويقول "تعالوا في يوم آخر".
كان العبيدي مستعدًا لتجريب الديمقراطية في انتخابات 2010 بعدما انضم إلى غالبية السنة في مقاطعة الانتخابات التي سبقتها. ولكنه يؤكد الآن "لن انتخب مرة أخرى".
لعل الأخطر على استقرار العراق من خيبة أمل العبيدي بالحكومة ووعودها أنه وكثيرين من المواطنين السنة الاعتياديين مثله لم يكتفوا بنفض أياديهم من العملية السياسية، بل أخذوا يتعاطفون مع الذين رفعوا السلاح أخيرًا ضد السلطة.
حدث هذا التغيير بعد انقضاض قوات الجيش على المعتصمين في قضاء الحويجة قرب مدينة كركوك ومقتل نحو 50 متظاهرًا. وقال العبيدي إنه من حق المحتجين أن يدافعوا عن أنفسهم، وإن الحكومة "تدفعنا إلى القتال من أجل الحفاظ على حياتنا".
وكانت حكومة المالكي شكلت لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني للنظر في مطالب المتظاهرين. وأعلنت اللجنة الإفراج عن موقوفين وإعداد إجراءات جديدة بشأن نظام المخبر السري وتعديل قانون اجتثاث البعث. لكن مراقبين أكدوا أن الكثير من الموقوفين المشمولين بالإفراج ما زالوا في المعتقلات، وأن ما تعهدت به اللجنة من إصلاحات وعود فارغة. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان إن العملية كلها تفتقر إلى الشفافية "وليس معروفًا ما إذا نُفذ أي من الوعود".
فرص التهدئة أهدرت
وقال الشهرستاني ردًا على هذه الانتقادات إن لجنته فعلت ما رأته ضروريًا، ولكنها لم تتمكن من إرضاء جميع المتظاهرين.
الآن يقول عراقيون من السنة والشيعة على السواء إن فرصة تهدئة الغضب السني بإعادة النظر في هذه السياسات والقوانين هُدرت على ما يبدو. وفي حركة رمزية أقدم محتجون سنة على حرق قائمة المطالب التي تقدموا بها.
وقال قياديون شيعة إن المصالحة متعذرة سياسيًا إزاء الاستقطاب الطائفي، الذي أحدثته أعمال العنف الأخيرة واستمرار الحرب الأهلية في سوريا. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن سامي العسكري عضو البرلمان المقرب من المالكي قوله "لنكن واقعيين، ليس هناك تأييد لذلك في البيئة الحالية. وهذا هو تأثير ما يجري في سوريا. فالمنطقة كلها تتحدث عن صدامات بين السنة والشيعة".
ويقول عراقيون إن شيئًا أكبر فُقد في بلدهم هو حلم التعايش بين مكونات المجتمع العراقي وحل الخلافات بالطرق السياسية. ويبدو نشوء كتل سياسية تضم سنة وشيعة قبل انتخابات العام المقبل، كما حدث قبل الانتخابات السابقة عام 2010، احتمالًا بعيدًا.
وقال العسكري في هذا الشأن "إن الشيعة يشعرون بأنهم مهددون، والسنة يشعرون بأنهم مهمشون. وفي هذه البيئة من الجنون القول "لديّ قائمة من السنة والشيعة سيصوّت لها الناس".
 
مؤشرات إلى حرق «سنّة العراق» سفن العودة... وإلى تذمر شيعي من المالكي
الحياة....بغداد - مشرق عباس
في العام 1991 كان اكراد العراق وبعد عقود طويلة من الصراع مع السلطة، قد مضوا قدماً في طريق باتجاه واحد، أحرقوا سفنهم وقرروا ان لا عودة الى الوراء في علاقاتهم مع صدام حسين، وكان نظام صدام يقرأ التطورات بمعزل عن التاريخ، يعتقد ان الوقت كفيل بمحو ذكرى المجازر الكبيرة، وان اتفاقات هنا وهناك مع شخصيات كردية قريبة الى السلطة يمكن ان تعيد عقارب الساعة الى الوراء.
لا يمكن الجزم اليوم بأن سنّة العراق قطعوا مسافة طويلة على الطريق الكردي، ولكن لا يمكن الإنكار بأنهم في تاريخ يعيد انتاج نفسه مراراً، قد يحرقون سفن العودة.
لم يستخدم النظام السياسي الذي تشكل بعد رحيل صدام حسين «الكيماوي» ضد العرب السنّة في العراق، لكنه وضعهم في موقع باتوا يشعرون فيه بـ «التهميش» و «الظلم» و «عدم الثقة بالسلطة» ما يسهل لهم اتخاذ الخيارات نفسها.
يقرأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صورة التظاهرات السنّية اليوم باعتبارها تمثل «ردود فعل على أخطاء غير مقصودة ارتكبت في مرحلة انتقالية صعبة» وان «قوى خارجية اقليمية ودولية تحاول تضليل العرب السنّة وإجبارهم على التمرد استجابة لتطورات الأحداث في سورية».
وتلك القراءة، في إحدى زواياها، تمتلك صدقية، فالظروف التي اوصلت سنّة العراق الى هذه النقطة الحرجة، لا يمكن ان يتحملها طرف واحد. الملابسات التاريخية التي رافقت الاحتلال الاميركي للعراق، ومقاطعة السنّة للعملية السياسية ولقوات الجيش والشرطة، والفوضى التي غلفت ادارة الحكم وكتابة الدستور وتطبيقه، وغياب الحكمة التي سمحت بالاستثمار الطائفي للاحزاب السياسية ومنها الاحزاب والتيارات السنّية، ساهمت بوصول الامور الى هذه النهايات.
وايضاً كان لاندلاع الاحداث في سورية دور في تأجيج مشاعر جديدة لدى العرب السنّة في العراق، تماماً كما أسهمت كل أجواء الحراك الشعبي العربي في ذلك، ولا يمكن اهمال التدخل الخارجي، وسعي دول مختلفة ومتصارعة اقليمياً الى تقاسم النفوذ في العراق. لكن كل ذلك يتم الحديث عنه في جلسات خاصة، نقاشات بين القيادات السنية والشيعية، ورؤية يطرحها رجال الدين، فيما المعلن مختلف تماماً. ففي العلن يتحدث المالكي عن «مؤامرة تقودها مخابرات» وعن «فقاعات» و «متمردين» و «منتفعين» و «انفصاليين»، فليس من شيم الزعماء الحديث عن الاخطاء. في ازمة «الحويجة» الاخيرة، كان المشهد «سوريالياً» الى حد بعيد، فكبار العسكريين المتهمين بإصدار قرار اقتحام البلدة من السنّة، فيما تصدر اقوى التهديدات الى شيوخ عشائر الانبار من قادة عسكرين متحدرين من الانبار نفسها.
ينفتح المشهد اكثر، حيث تثبت احصاءات مفوضية الانتخابات في العراق ربما للمرة الاولى وبطريق الصدفة، ان المقاتلين ورجال الامن الذين تم استثنائهم من المشاركة في الانتخابات المحلية الاخيرة ويتحدرون من محافظتي الانبار ونينوى بعد تأجيل الاقتراع فيهما، يبلغ نحو 70 الف رجل امن ومقاتل. على مستوى القبائل، وقف زعماء قبائل ضد التظاهرات السنّية ومع الحكومة، وشكل بعضهم تنظيم «صحوة» جديد، وأعلن استعداده لاقتحام ساحات الاعتصام، وفعل بعض رجال الدين السنة الأمر نفسه، فيما لم يتردد سياسيون عن اعلان تأييدهم للحكومة ورفضهم لتوجهات التظاهرات السنّية سواء نحو حمل السلاح او اعلان الاقاليم.
تلك صورة كفيلة بخداع اي زعيم سياسي يتصدى للحكم، والمالكي يجد نفسه في كل مناسبة محاطاً بالسنّة المؤيدين لسياساته، يلتقي ببعضهم في مؤتمرات عشائرية او دينية، ويجتمع بآخرين في جلسات خاصة، فيحصل على ما يريد سماعه.
لكن القضية اكثر تعقيداً مما تبدو عليه في بغداد، فالسنة العرب مرتبكون فعلياً إزاء خيارات المستقبل، وذلك ما اوضحته تظاهرات الجمعة الاخيرة في المدن السنّية تحت شعار «خياراتنا مفتوحة». تتجاذبهم اصوات يعتقد بعضها ان الذهاب الى تشكيل اقليم سنّي هو الخيار الانسب لتجنب المواجهات التي باتت قاب قوسين او ادنى مع القوات الامنية بعد «مجزرة الحويجة»، وهذه الاصوات تتصاعد وتتحول الى رؤية شعبية، سواء استمرت التظاهرات ام لا.
في المقابل ما زالت اصوات سنّية اخرى ترى ان التمسك بالحكومة المركزية ومحاولة الحصول على الحقوق من خلالها هو انسب الحلول، وتنتقد خيار الاقاليم لأنه سيفتح الطريق لنزاعات دائمة حول الحدود مع الأطراف الاخرى، ومن اجل الحكم في داخل الاقليم المقترح ذاته.
في اشارة لافتة أمر رجل الدين السنّي عبد الملك السعدي الذي حصل على تخويل من المتظاهرين للحديث والتفاوض باسمهم، بان يخلع كل المتظاهرين «لثامهم»، وقبل ذلك طلب الخطباء من زعماء القبائل ورجال الدين من المتظاهرين الطلب نفسه.
فهم الامر على انه محاولة لكشف «المندسين» داخل التظاهرات بعد حادثة اغتيال خمسة من رجال الجيش على يد مسلحين على مقربة من ساحة اعتصام الرمادي. لكن جوهر خلع اللثام يشير الى مرحلة من مراحل احراق سفن العودة، فمن يخلع لثامه يكون مستعداً لعمليات مطاردة رسمية لاحقة، تماماً كما اعلن خطباء منابر الاعتصامات ذلك في يومهم الاول وتعرض بعضهم الى اعتقالات واغتيالات، فيما صدرت في حق مجموعة منهم اوامر اعتقال.
تلك رسالة مفادها: «إما ان نمضي في طريق لا عودة منه، او نتعرض الى تنكيل حكومي لاحق».
وفي مضمون الرسالة ايضاً: «ان اي اتفاق مع السلطة، مرفوض، لانه لن يضمن الحماية للتظاهرات، من مطاردات لاحقة» وهو جوهر فقدان الثقة بالسلطة، الذي يتكرس تدريجياً ويتحول الى انطباع سني عام. في لحظة غضب سنّية سادها الانفعال والتسرع، اعقبت احداث «الحويجة» اعلن المتظاهرون حمل السلاح، و «احراق المطالب» وكانت تلك اشارة جديدة الى اهدار المزيد من خيارات العودة.
لا تبدو الرسائل مفهومة بين سنّة العراق والسلطة، فالاخيرة تتحدث عن رغبتها في اعادة الامور الى سابق عهدها مقابل تنازلات يتم تقديمها على غرار «المنحة» الحكومية مثل اطلاق معتقلين بقانون العفو العام، والسنّة يفهمون الرسالة بأن التاريخ السنّي في العراق بات ينقسم الى شطرين احدهما ما قبل تظاهرات نهاية العام 2012 وبداية 2013 والآخر ما بعد هذا التاريخ.
الاطراف الدولية والاقليمية المؤثرة على القرار السنّي مثل تركيا ودول خليجية عربية وعلى قرار الحكومة العراقية مثل ايران، والمؤثرة على الطرفين مثل الولايات المتحدة، فهمت تلك الرسائل في شكل اكثر وضوحاً، فقادت خلال الايام الماضية حملة حوارت غير معلنة لتسوية الازمة قد تشمل في جزء منها التضحية بالمالكي نفسه، واثمرت الضغوط في صفحتها الاولى عن اعادة الاكراد الى الحكومة، وفي صفحتها الثانية تصاعد الدعوات من القيادات السنية لانهاء الاعتصام وطرح خيارات بديلة.
لكن اطرافاً سنّية فاعلة ما زالت لا تثق بالضمانات الاقليمية والاميركية، وهي تعتقد ان العراق بشكله الحالي يجب ان يتغير حتى لو وصل الامر الى التقسيم الفعلي. وعلى ما يبدو فإن البيئة الاقليمية ومنها الايرانية، والتوجهات الاميركية ليست في هذه المرحلة مع الدفع بالسنّة العراقيين الى طريق اللاعودة، وقد يختبر هذا الاعتقاد خلال الاسابيع المقبلة، بناء على مستوى المتغيرات التي ستترتب على الصفقة الاقليميةالاميركية غير المعلنة.
ربما تتم التسوية على المستوى السياسي بما يضمن تأجيل الانفجار الى مرحلة لاحقة، لكن المشكلة العراقية تبدو اكثر عمقاً من تسوية سياسية.
وبالاشارة الى طروحات، تسربت من اوساط دينية وسياسية شيعية واسعة التأثير مثل المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني، وزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وزعيم «المجلس الاسلامي الاعلى» عمار الحكيم، فإن الزعماء الشيعة يدركون حجم المشكلة بشكل اكثر واقعية مما تدركه السلطة.
فعلى رغم تحفظه، فإن السيد السيستاني، يعتقد نقلاً عن مصادر موثوقة، ان الطبقة السياسية العراقية تساهم في اهدار تجربة الحكم الشيعية عندما تفشل في احتضان الطوائف الاخرى.
وتؤكد هذه المصادر ان السيستاني الذي احتج عبر اغلاق بابه امام السياسيين منذ سنوات، لا يريد ان تختصر المشكلة بالحكومة الحالية او بالمالكي كرئيس وزراء او كزعيم شيعي، وهو في الوقت ذاته لا يرغب بأن تتحمل المرجعية الشيعية نتائج قرارات كبيرة كان من المفروض ان يتخذها السياسيون الشيعة بانفسهم منذ سنوات وتخص المصالحة الفعلية مع السنة، ومنحهم الدور والتأثير والمساحة التي يستحقونها كمواطنين في الدولة، لقطع الطريق امام مشاعر التهميش، بالاضافة الى تسوية المشكلات مع الاكراد، وترسيخ قيم الدولة المدنية المستقرة الفاعلة التي لا تتقاذفها الاهواء.
احتجاج السيستاني حسب تلك المصادر، لم يكن على جزئيات التعامل مع السنّة كسياسيين وكمواطنين في الدولة، بل على عجز الوسط السياسي الشيعي عن اتخاذ اجراءات فاعلة لتعديل مسارات العملية السياسية نفسها واصلاح ما تأسس على خطأ منها بما يضمن العدالة.
الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر، قرأ المشهد الشيعي بصورة اكثر وعياً، وأبدى خلال العامين الماضيين مواقف قال انها تحاول «حماية شيعة العراق من اخطاء سياسييهم» فالصدر يقول في مقابلة مع صحيفة «المدى» البغدادية اخيراً ان «بعض قراراتي قد تنفّر البعض منا، إلا أنها تفتح باباً آخر، فمن أصحاب العقول النيرة والمحايدين الوطنيين من يتأثر إيجابياً بقراراتي الوطنية»، ويضيف ان «عقلاء الشيعة قلقون جداً، لكن مشكلة بعضهم انهم يعتقدون ان التعقل يعني الصمت على ما يفعله المالكي. اما انا فتياري هو كل عراقي جريء يرفع صوته قبل حصول الكوارث الوطنية. الصمت مستحيل. فقد صمتنا عقوداً ورأينا النتيجة في خراب صدام حسين. نرفع صوتنا ونتقبل دفع الثمن».
ويطرح الحكيم الشاب رؤية مقاربة، فيتمسك بخيارات التوافق الوطني الايجابي، ويدعو الى الاستجابة للمطالب المشروعة، ومن ثم يؤكد ان البلاد تدار بالتصالح لا بالتناحر، والحكيم ينجح ليس بكسب المزيد من تأثير الشارع ما عكسته نتائج الانتخابات الاخيرة، لكنه ينجح قبل ذلك في الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل الاطراف السياسية العراقية من دون ان يقطع حبل الوصل مع اي منها.
في المحصلة، ان عودة العرب السنّة في العراق عن الطلاق غير المعلن مع بغداد، عبر التخلي عن طروحات الاقليم، ومحاولات التمرد على القانون، لا يستدعي استجابة لمطالب المتظاهرين المعلنة بالدرجة الاساس، فالمطالب في مجملها نتائج اكثر منها اسباب، وانما يستدعي حراكاً سياسياً حقيقياً، قادراً على تعريف اخطاء العملية السياسية والشروع بمعالجتها.
 
إيران من أكثر الدول تضييقاً على الحريات الدينية ويخيفها تنامي المسيحية
إيلاف...أشرف أبو جلالة      
كشف تقرير أميركي أن إيران من أبرز الدول التي تنعدم فيها حرية المعتقدات الدينية المغايرة لدين الدولة الرسمي، وقد تقود بصاحبها إلى السجن، كما حصل مع القس الأميركي سعيد عبديني، محمّلًا كلًا من نجاد وخامنئي المسؤولية الأكبر في قمعها.
أكد تقرير أعدّته لجنة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية عن الحرية الدينية حول العالم أنها غير متوافرة في منطقة الشرق الأوسط.
وتبيّن من خلال النتائج التي أظهرها التقرير أن إيران هي أبرز الدول التي قد تقود فيها المعتقدات الروحية إلى الحبس أو إلى ما هو أسوأ من ذلك. وتحدث التقرير بشكل خاص عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، على خلفية ما يقومان به من قمع ضد الديانات غير الإسلامية.
المسيحية مستهدفة
ورد في التقرير في الجزء الخاص بحرق النظام الإيراني للحريات المسيحية: "بدأ محمود أحمدي نجاد منذ أن أصبح رئيساً ينادي بوضع حد لتنامي المسيحية في إيران".
وسلّط التقرير الضوء على 15 دولة فيما يتعلق بالانتهاكات "الخطرة بشكل خاص" للحريات الدينية، التي وصفتها اللجنة بـ "النظامية والمستمرة والفاضحة" على صعيد التعذيب والاحتجاز لفترات طويلة بلا تهم وحالات الاختفاء وحالات الإنكار الأخرى الصارخة للحق في الحياة والحرية وأمن الأشخاص.
هذا وقام هذا التقرير المفصل، الذي تكون من 364 صفحة، بتغطية تلك الفترة ما بين 31 كانون الثاني/ يناير عام 2012 حتى 31 من كانون الثاني/ يناير عام 2013.
وفي حديث له مع شبكة فوكس نيوز الأميركية قال السناتور مارك كيرك "لا بد أن يتسبب اضطهاد الحكومة الإيرانية المتزايد للأقليات الدينية في رفع درجة الإنذار حول العالم".
القس عبديني نموذجًا
وتابع بالقول: "أحثّ الإدارة على تصنيف بعض المسؤولين الإيرانيين الكبار باعتبارهم منتهكي حقوق إنسان، وفي مقدمتهم هذا القاضي الذي أصدر حكماً يقضي بحبس القس والمواطن الأميركي سعيد عبديني فقط لممارسته ديانته التي يعتنقها".
تطرق التقرير إلى حالة عبديني، التي وصفها بـ "الصادمة"، خاصة بعد صدور حكم ضده بالحبس ثماني سنوات لتهديده الأمن القومي لإيران، بسبب نشاطه الخاص بالمسيحية.
رحّب جوردان سيكولو، المدير التنفيذي للمركز الأميركي للقانون والعدالة، بقرار اللجنة المتعلق بتسليط الضوء على الأزمة التي يمر بها عبديني حالياً في تقريرها الخاص.
مواجهة الاضطهاد الكترونيًا
واتضح أيضاً من خلال التقرير أن المسيحيين لم يكونوا وحدهم الذين تعرّضوا لتضييق بسبب معتقداتهم في إيران. حيث حظيت التدابير والإجراءات التي تقوم بها الدولة الإيرانية بشكل مكثف لمعاداة السامية بسيل من الانتقادات الحادة في التقرير.
من جانبه، شدد وحيد وحدات- هاغ، الخبير الأوروبي في الشأن الإيراني، والذي سبق له أن كتب بشكل موسع عن اضطهاد المسيحيين والبهائيين واليهود في الجمهورية الإسلامية، على أهمية هذا التقرير الجديد، وأثنى على توصيته باستخدام حرية الإنترنت من أجل المساهمة في مواجهة الاضطهاد الديني الحاصل في إيران.
 
مصر تشهد انهيارًا لاستثماراتها في استمرار غياب الأمن
إيلاف...أشرف أبو جلالة      
تصارع مصر من أجل عدم الإفلاس الاقتصادي وانهيار الاستثمارات المتوقع، بعدما بدأت تجارة السلاح المنتشرة تنعكس سلبًا على الاقتصاد، إذ بدأ المواطنون يتجهون إلى الحماية الذاتية في غياب الأمن، وكذلك إلى تعاطي المخدرات مع تفاقم البطالة والغلاء.
مازالت مصر تعيش على وقع محاولات التعافي من تبعات ثورة 25 كانون الثاني/ يناير عام 2011، خاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهو ما تبذل في سبيله الحكومة الحالية الكثير من الجهود على أمل تجاوز تلك المرحلة الانتقالية.
مع هذا، يبدو الواقع قاتماً ومخيّباً للآمال، وهو ما رصدته مجلة بيزنس ويك الأميركية، في تقرير، تناولت فيه حقيقة الأوضاع الصعبة، التي تمر بها البلاد، مؤكدةً أن الاستثمارات تنهار هناك بالفعل، في الوقت الذي بدأ يلجأ فيه المواطنون إلى حماية أنفسهم بأنفسهم، خاصة في ظل شعورهم بعدم وجود دور حقيقي للحكومة أو لوزارة الداخلية في ما يشهده الشارع من انفلات واضح على كل الأصعدة والمستويات.
تحدثت المجلة في هذا الإطار عن بدء رواج تجارة السلاح، ونقلت عن أحد العاملين في هذا المجال، ويدعى حسين، 54 عاماً من القاهرة، قوله إنه يبيع المسدسات، التي يشارك في تصنيعها، إلى شخص وسيط، لأن وضع الثقة بشخص غير جدير فيها سيقوده في النهاية إلى الحبس. وأضاف أنه يكسب ما يصل إلى 3000 جنيه من وراء بيع كل مسدس، أي حوالى 20 % من تكلفة المسدس المرخص قانوناًَ.
غابة الخوف
تابع حسين قوله: "الخوف منتشر بشكل كبير هذه الأيام. والناس يقدمون على شراء المسدسات، بسبب شعورهم بالخوف، ورغبتهم في تخويف الآخرين. فنحن في غابة الآن".
ومضت المجلة تشير إلى حقيقة انتشار السلاح وعمليات القتل بأسلوب الاقتصاص، وكذلك العنف والاعتداءات الجنسية، وأن تلك الأحداث طغت على الآمال الخاصة بالثورة.
وقال عز الدين شكري فشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة: "بات عدد متزايد من المصريين يؤمن بأن بمقدوره تحقيق أهدافه عن طريق العنف. ويمكث تحت هذا كله واقع الطموحات والآمال المحطمة للشباب صغير السن".
البطالة دافع إلى المخدرات
بعدها انتقلت المجلة إلى واقع آخر مأساوي يتمثل في تزايد إقبال الشباب على الحشيش وأقراص الترامادول، موضحةً أنهم اصطدموا بواقع مغاير لأحلامهم، التي وُلِدت مع ثورة يناير، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مع أزمة البطالة والأسعار المتزايدة.
بالاتساق مع مشكلات أخرى، مثل أزمة الوقود وترنح الاقتصاد والعنف وتولد شعور عام بالانهيار، أوضح مايكل حنا، وهو زميل بارز في مجموعة بحوث مؤسسة القرن في نيويورك، أن ذلك حظي بتأثير سلبي وكبير للغاية على رجال الأعمال والمستثمرين.
وسبق أن أشار البنك الدولي إلى أن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة جاء سلبياً للمرة الأولى عام 2011.
كما ستشكل الاستثمارات 15.5 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013، وهو أضعف معدل يتم تسجيله منذ أن بدأ الاهتمام بهذا الأمر عام 1980، وفقاً لما ذكره صندوق النقد الدولي، الذي يجري محادثات الآن مع مصر.
الأمن أولوية
كما لفتت المجلة إلى ضعف الجنيه مقابل الدولار، وكذلك تراجع احتياطات النقد الأجنبي. وعاودت لتنقل عن حنا قوله: "سوف يتسبب التدهور الناشئ في الجانب الأمني في عدول المستثمرين المحتملين. فأزمات مصر أمنياً واقتصادياً وسياسياً كلها متشابكة".
وقال عمر عثمان مدير صندوق مصر لمكافحة المخدرات وعلاج الإدمان إن الركود الاقتصادي أدى إلى تآكل التفاؤل بأن تكون الثورة نقطة انطلاق جديدة، لكن الواقع المؤلم يتحدث عن زيادة عدد المدمنين ومحاولة الجميع خلق فقاعات للهروب من الواقع.
وأشار مسؤولون حكوميون إلى أن الأمن يشكل أولوية أولى، في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس مرسي بأن يتم التعامل بصرامة مع منتهكي القانون، وأن يتم التفريق بين الاحتجاجات السلمية وبين التظاهرات التي تنطوي على عنف وتضر بمصالح البلاد.
 
 
 
النهار..بقلم رندة حيدر

الغارتان الإسرائيليتان قصفتا دمشق لكن هدفهما إيران.. تنفيذ لسياسة "الخطوط الحمر" ونموذج لتحرك أطلسي محتمل

 طرحت الغارتان الجويتان اللتان شنهما سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع عسكرية قرب العاصمة السورية سؤالاً أساسياً هو: هل نحن أمام بداية مرحلة جديدة  من التدخل العسكري الإسرائيلي في النزاع السوري، وما انعكاسات ذلك على الصراع الدائر في سوريا وعلى لبنان؟
وفور حصول الغارتين اعتمدت إسرائيل سياسة التعتيم الاعلامي، ورفضت الاعتراف رسمياً بمسؤوليتها عن هاتين الغارتين، وامتنع أي مسؤول إسرائيلي عن التطرق علناً الى الموضوع، واصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على القيام برحلته المقررة الى الصين كي يثبت انه مطمئن الى الوضع الامني في بلاده. وتكاثرت الاشارات الإسرائيلية غير المباشرة الى ان إسرائيل ليست في صدد التصعيد مع سوريا، ولا تنوي التدخل في الحرب الدائرة فيها، وان ما جرى ليس بداية عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق.
وتحدثت الصحف الإسرائيلية عن رسائل تطمين بعثت بها إسرائيل عبر قنوات ديبلوماسية أميركية وروسية إلى كل من إيران والرئيس بشار الأسد، وشددت فيها على انها لا تنوي التدخل في الحرب الدائرة في سوريا ولا مساعدة الثوار على اطاحة رئيسها، وانما الهم الاساسي بالنسبة اليها منع انتقال الأسلحة المتطورة من سوريا الى "حزب الله".
وأوردت صحيفة "هآرتس"  في افتتاحيتها قبل أيام ان ما حدث يدخل في اطار سياسة معروفة تنتهجها إسرائيل منذ 2006، وهي قائمة على "العمليات المركزة والمحدودة التي ينفذها سلاحا البحر والجو ضد أهداف معينة لمواجهة خطر طارئ، ومن دون لفت الكثير من الانتباه، مع رفض إسرائيل الاعتراف رسمياً بمسؤوليتها عما حدث". وكل هذا يعطي انطباعاً واضحاً ان إسرائيل لا تنوي توسيع نطاق عملياتها العسكرية وان لا داعي للقلق.

 

أهداف القصف
ولكن على رغم ذلك، فإن الغارتين الاخيرتين اختلفتا عما سبقهما في الماضي، وبدا انهما تندرجان في اطار خطة عمليات عسكرية وضعها الجيش الإسرائيلي لمواجهة التطورات في الوضع السوري وتحقيق اكثر من هدف في وقت واحد. فقد ارادت إسرائيل ان تثبت قدرتها على الصعيد الاستخباري وعلى جمع المعلومات والتسلل الى قلب سوريا. فقد نقل المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" عن مصادر استخبارية غربية أن شحنة الصواريخ المستهدفة كانت قد وصلت إلى سوريا بالطائرات قبل أسبوع فقط، ووزعت على عدد من المواقع تحضيراً لتهريبها الى لبنان.
عسكرياً، اظهرت الغارتان قدرة سلاح الجو الإسرائيلي على اختراق الدفاعات الجوية السورية، وبذلك دحضت التحذيرات الصادرة عن رئيس هيئة الاركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي والمتعلقة بقوة هذه الدفاعات الجوية. فالطائرات الإسرائيلية لم تخرق المجال الجوي السوري مرة واحدة وإنما مرتين، وضربت اهدافها من غير ان يعترضها احد. كما اختبرت إسرائيل في غارتيها قدرتها على تفجير مخازن سلاح موجودة تحت الأرض، وفي هذا رسالة واضحة الى إيران بأنها تملك سلاحاً قادراً على تدمير المنشآت النووية الإيرانية الموجودة تحت الأرض.
على الصعيد السياسي، أجمع أكثر من معلق إسرائيلي على ان الغارتين رسالة موجهة الى إيران خصوصاً و"حزب الله" بضرورة عدم تخطي ما تعتبره إسرائيل "خطاً أحمر"، بنقل السلاح الإيراني المتطور الذي ترى إسرائيل انه "يخلّ بالتوازن" الى أيدي "حزب الله". كما انهما اشارة الى رفض إسرائيل انتقال السلاح غير التقليدي الى ايدي الثوار السوريين.

التنسيق مع الأميركيين
وعلى رغم التكتم الإسرائيلي على العملية، فقد تحدث أكثر من صحافي إسرائيلي عن تنسيق كامل بين إسرائيل والولايات المتحدة قبل القيام بالغارتين. ولمح بعضهم الى ان الأميركيين علموا بالأمر قبل حصوله، والدليل على ذلك التأييد الواسع للغارتين في الولايات المتحدة. وذهب بعض المعلقين الإسرائيليين الى ما هو أبعد من ذلك ليقول إن التحرك الإسرائيلي ضد سوريا عكس التقاطع في المصالح الأميركية والإسرائيلية هناك. هذا كان رأي المعلق في صحيفة "إسرائيل اليوم" أبرهام بن تسفي، الذي قال إن إسرائيل أثبتت انها الذراع العسكرية الطويلة للولايات المتحدة، وانها تستطيع ان تتحرك في الاماكن التي قد تجد الولايات المتحدة صعوبة في التحرك مباشرة فيها. ولم يستبعد الكاتب أن تشكل الغارتان نموذجاً لتحرك عسكري مستقبلي لقوات حلف شمال الأطلسي، أي تبني أسلوب الغارات الجوية المركزة التي تستهدف قواعد عسكرية ولا توقع ضحايا بين المدنيين. واعتبر ان إسرائيل وجهت نيابة عن الولايات المتحدة والدول الغربية رسالة حادة الى الرئيس الأسد رداً على استخدامه السلاح الكيميائي ضد شعبه.
 
التخوف من رد سوري
بيد ان رسائل التطمين التي بعثت بها إسرائيل في اتجاه سوريا لم يمنعها من التحسب لاحتمال رد سوري على القصف رغم ان غالبية المعلقين الإسرائيليين استبعدت حصوله. وفي الواقع نشرت إسرائيل فور حصول الغارتين بطاريات "القبة الحديد" لاعتراض الصواريخ في كل من صفد وحيفا. وعكست المتابعة الدقيقة للاعلام الإسرائيلي لكل ما يصدر من تصريحات عن المسؤولين السوريين والإيرانيين قلقاً إسرائيلياً من رد من سوريا او من "حزب الله". ورجحت التقديرات أن الرئيس الأسد يفضل عدم الانجرار الى مواجهة الآن مع إسرائيل لأسباب عدة، ولكن من الصعب تقدير ما سيكون موقفه اذا ضغطت عليه إيران.
وشكّل التخوف من رد سوري محور انتقادات إسرائيلية، خصوصاً ان هذا الرد سيستهدف بصورة أساسية الجبهة الداخلية الإسرائيلية. فانتقد بعض الصحافيين الإسرائيليين عدم اطلاع الحكومة الإسرائيلية الجمهور الإسرائيلي على حقيقة ما يجري على الجبهة الشمالية، على رغم ان قرارها الاغارة على سوريا يعرّض في الدرجة الأولى  حياة المدنيين الإسرائيليين للخطر.
الأمر المؤكد اليوم ان احداً في إسرائيل لا يرغب في التورط في الحرب الداخلية السورية ولا في الانزلاق الى حرب اقليمية، لكن ما حدث يشير الى ان سياسة الخطوط الحمر التي وضعتها منذ بداية الثورة السورية ضد تهريب السلاح السوري المتطور الى "حزب الله" في لبنان اتخذت منحى أكثر حدة وخطورة. ومع ذلك، فان اي تصعيد جديد للوضع سيكون هذه المرة رهناً بردة فعل كل من إيران وسوريا و"حزب الله".

 

 

 
النهار..بقلم روزانا بو منصف

طارق متري القلق على ليبيا: أخشى العوائق أمام التحوّل الديموقراطي... لا نقرّر عن الليبيين والحوار يعالج الثقة المهتزّة بين الطرفين

 

تكاد الازمة السورية تحجب التطورات في دول "الثورات " العربية الاخرى على رغم مخاضها المستمر. وقد سلطت زيارة الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في ليبيا الوزير السابق طارق متري للبنان لايام قليلة في مناسبة عيد الفصح الشرقي الضوء على مخاضها الصعب. فالديبلوماسي الهادئ حمل الهم الليبي معه الى بيروت وقت لا يبارحه الهمان السوري واللبناني، فاستمر منشغلاً بليبيا متابعا تطوراتها مع انباء محاصرة الثوار مجدداً بعض الوزارات مطالبين باسقاط الحكومة بعد نجاحهم نتيجة حصار سابق مماثل في اقرار قانون العزل السياسي.

لا يخفي الممثل الخاص القلق على ليبيا شأن كل اصدقائها: "ما يجري ليس أمراً بسيطا والمواجهة بلغت حدا غير متوقع مع الانقسامات الكبيرة الحاصلة ولكن لا تزال أمامها فرصة حقيقية للتحول الديموقراطي بسرعة ولبناء الدولة نظرا الى تمتعها بدعم دولي واسع والى انها ليست ساحة لصراعات دولية، فضلا عن ان وضعها الاقتصادي جيد". ويقول: "أخشى العوائق في طريق التحول الديموقراطي، لكن رفعها غير مستحيل لان خلافات الليبيين ليست عميقة الجذور والحوار قد يصل بهم الى توافقات".
يرتاح متري الى وجود "اجماع دولي حول ليبيا على رغم انه قد لا يكون كفيلاً بدفعها نحو التحول الديموقراطي. لكن هذا يثير تساؤلا آخر هو هل بناء دولة القانون يحصل بدفع من الخارج ام هو مسؤولية الليبيين؟ للدول مصالح، انما من يعجّل في بناء الدولة هم الليبيون ونحن في خدمتهم وليس في خدمة المجتمع الدولي. ونحن نقدم الاستشارة المطلوبة في قضايا حقوق الانسان وفي بناء دولة القانون ونذكر بمعاهدات دولية ونحذر من عواقب بعض القرارات، انما الليبيون هم من يتحكمون بقراراتهم. قد يعتبر البعض انها طريقة غير مباشرة للتأثير. ربما. ولكن نريد ان يبقى التأثير محدودا قدر الامكان حرصا منا على ان تكون العملية السياسية ليبية صرفة وعلى احترام سيادة ليبيا. ونحاول الا نتجاوز تقديم المشورة الى ابداء الرأي بل نعرض للخيارات وحسناتها وسيئاتها".
ويضيف متري: "افتراضنا الدائم اننا موضع ترحيب من جميع الليبيين ولكن سمعنا اصواتاً تصدق شائعات من شأنها ان تؤدي الى تراجع ثقة الليبيين بنا احيانا. ولكن انا واثق من ان الغالبية لا تزال تثق بنا ولا نعتبر انفسنا مهددين. فالامم المتحدة قدمت المسوغ الشرعي للتدخل الدولي لحماية المدنيين ومهمتها مساعدتهم وتجربة الليبيين مع المنظمة الدولية ايجابية منذ عام 1951. لكن اذا لا سمح الله اضطرب الوضع الامني، وهو امر نرجو الا يحصل، فهو يؤثر علينا. انما لا أرى خطراً وشيكاً او مبرراً للذعر". ويوضح في هذا الاطار "ان التقويم الاخير للامم المتحدة الذي رفعت فيه درجة الخطر اعتبره البعض تمهيداً لانسحاب بعثتها او لمجيء قوات دولية . وهذا غير صحيح وهو اجراء روتيني عادي وليست هناك اي قرارات سرية بارسال قوات دولية ولا البعثة هي التجسيد العملي لوصاية دولية على ليبيا. فهذا امر غير وارد اطلاقا". ويشدد "على حدود الدور الذي نقوم به وارفض كل انواع المبالغة التي يقصد منها الاساءة الى ليبيا. فنحن لا نقحم انفسنا في النزاعات الداخلية او نبدي رأينا في القرارات السيادية لانها ملك المؤسسات الليبية. نحن نعمل مع الحكومة في الدرجة الاولى لكننا نتعامل مع القوى الحية لانهم شركاؤنا ايضا الى جانب الحكومة. ولذا يمكن ان نلعب دورا متواضعا في تسهيل الحوار".
وعن خطورة الازمة الحالية يقول متري: "خرجت ليبيا من ثورة كانت كلفتها البشرية كبيرة . وهناك شعور لدى البعض بان الثورة لم تنته بعد. هناك عملية سياسية بدأت بانتخابات ثم بحكومة منتخبة على نحو موقت والى حين اجراء استفتاء على الدستور واجراء انتخابات على اساسها. اليوم هناك نخب سياسية انبثقت من الانتخابات وتتمتع بالشرعية الدستورية، وهناك فئة من الليبيين الشباب الذين حملوا السلاح ولا يتمتعون بعد بالخبرة السياسية والثورة مدينة لهم بالانتصار فيتمتعون تاليا بالشرعية الثورية. والعلاقة بين الجانبين ليست دوما على ما يرام لأسباب عدة منها منطق جماعة الشرعية الدستورية بان الثورة انتهت وهناك اعادة بناء الدولة ومن يستطيع المساعدة من الليبيين الآخرين ومنطق الثوار بأولوية استكمال الثورة وتطهير البلاد من رجال النظام السابق ويأخذون على السلطة عدم اشراكهم في ادارة العملية السياسية فيما هم يقولون انهم من صنع الثورة في حين انهم لم يتمثلوا سياسيا لانهم لم يخوضوا الانتخابات". ويفيد ان "المواجهة بين الشرعيتين تركزت على قضية اساسية اخيرة زادت الانقسام وبدت اختبارا للقوة في اصدار قانون العزل السياسي الهادف الى اقصاء كل من تبوأ منصبا على درجة من الاهمية زمن القذافي ومنعه من اي عمل سياسي خلال 10 سنين. هناك اجماع في ليبيا على ضرورة ابعاد من خدم نظام القذافي لكن المعايير وعدد من ينبغي استبعادهم هي موضوع خلافي بين الثوار الذين يريدون توسيعه اكبر قدر ممكن ويقولون ان بقاء هؤلاء يهدد بناء الدولة لان ولاءاتهم ليست للثورة وربما انقلبوا على ليبيا الجديدة. وهناك مسألة اخرى هي جمع السلاح بين منطق يريد ضم الثوار الى اجهزة الدولة الامنية او انشاء اجهزة اخرى، فيما الثوار ليسوا مستعجلين لعدم ثقتهم بالضباط ولعدم استعدادهم للتخلي عن السلاح. وقد اجتمع المؤتمر الوطني العام واقر قانون العزل السياسي بصيغة اقرب الى ما يطالب به المتشددون من الثوار وعلى الارجح هناك عدد كبير من اعضاء المؤتمر الوطني والسفراء والقضاة يشملهم القانون. وهو يسمح بالاستئناف امام المحاكم، الا ان نصه صريح واذا طبق بحذافيره سيحدث انقلاباً داخل الطبقة السياسية وكل الادارة والاجهزة. لذا من المبكر الحكم على مساره، خصوصا ان هناك هيئة ستؤلف وستسهر على تطبيقه". لذلك يخلص الى ان "المشكلة بعد حصار الوزارتين مجددا والمطالبة باسقاط الحكومة هي الثقة المهتزة بين الطرفين. وحاولت بمساهمة متواضعة الدعوة الى حوار سياسي، لانها لا تعالج الا بالحوار وقد شددت كممثل للامين العام على احترامي للثوار وقيم الثورة مع الحفاظ على أمن ليبيا والسماح لمؤسسات الدولة ان تعمل بحرية".

 


المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,966,923

عدد الزوار: 7,010,382

المتواجدون الآن: 78