لأكراد من قسوة الجبال إلى سلاسة الانتخابات

تاريخ الإضافة الأحد 26 تموز 2009 - 6:18 ص    عدد الزيارات 4185    التعليقات 0    القسم دولية

        


وسط هدوء لافت ومن دون حوادث تذكر، توجه أمس آلاف الاكراد للادلاء بأصواتهم لاختيار 111 عضواً في برلمان اقليم كردستان العراق من مجموع 507  مرشحين واختيار واحد من خمسة مرشحين لرئاسة الاقليم.
 وفتحت مراكز الانتخابات الـ1184 (بمجموع 5210 محطات انتخابية) موزعة على مدن الاقليم الثلاث: دهوك، اربيل، السليمانية، ابوابها الساعة الثامنة صباحا لاختيار المرشحين وسط منافسة محتدمة بين مختلف التوجهات الحزبية والايديولوجية  التي يمثلها  16 حزباً موزعين على كيانات وائتلافات سياسية عدة.
وشهدت الانتخابات مشاركة واسعة من اجهزة الاعلام المحلية والعربية والعالمية، فضلا عن نحو 45 الف مراقب بينهم 350 من اوروبا والولايات المتحدة وجامعة الدول العربية.
وكان الرئيس العراقي جلال طالباني اول المقترعين في محافظة السليمانية، واصفاً ما يحصل بأنه "عيد وطني لشعب كردستان"، وتمنى ان يشارك الجميع في ممارسة حقهم.
ولم ينس رئيس الوزراء نوري المالكي ان يوجه كلمة عابرة للقارات من واشنطن ويهنئ الاكراد بهذه المناسبة، وتوقع ان يكون لانتخابات اقليم كردستان "تأثير في حل الاشكاليات التي ورثناها من زمن النظام السابق".
أما النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان فتوقع ان يشهد برلمان الاقليم تنوعا في الوجوه، لكنه استبعد تحولا  دراماتيكيا في النتائج. وقال لـ" النهار": "لا اتوقع تحولا كبيراً، وحظوظ القائمة الكردستانية لا تزال كبيرة، لكن لاشك في حدوث تغيير وستحصل بعض القوائم الاخرى على اصوات مهمة، مما سيؤدي الى وجود معارضة تخدم العملية السياسية داخل الاقليم".  ورجح اختيار نائب رئيس الوزراء العراقي ومرشح القائمة الكردستانية برهم صالح لرئاسة وزراء الاقليم، الامر الذي سيدعم توقعات المالكي المتعلقة بحل الاشكالات بين بغداد والاقليم. واضاف: "اختيار صالح لرئاسة الاقليم خلفا لنيجرفان البارزاني، سيساهم ولاشك في بلورة تفاهمات مهمة مع حكومة بغداد، فصالح مقرب من المالكي وعمل نائبا له في الحكومة وتربطه علاقات جيدة مع معظم القيادات السياسية العراقية ".
من جهته، قال عضو المفوضية العليا للانتخابات في العراق كريم التميمي لـ"النهار" في اتصال هاتفي من اربيل ان "العملية الانتخابية تجري بسلاسة عالية، ومن دون خروق كبيرة، وهناك اقبال جيد للناخبين". لكنه امتنع عن تحديد نسبة الاقبال الا بعد اجراء عمليات العد والفرز التي يتوقع اجراؤها بعد انتهاء التصويت الساعة السادسة او الثامنة في حال تمديد مدة الاقتراع، مشيراً الى أن النتائج النهائية ستعلن في غضون اسبوعين.
الى ذلك، اكد المنسق العام في شبكة "شمس" لمراقبة الانتخابات اوكر جيتو لـ"النهار" ان الانتخابات جرت "في هدوء تام ولم تحدث مشاكل كبيرة"، لكنه اشار الى وجود مظاهر ايجابية واخرى سلبية، فالايجابية تمثلت بـ"سلاسة عملية التصويت والحضور الكبير والاجراءات الامنية الجيدة"، في حين أن السلبية لوحظت في "عدم عثور عدد لا يستهان به من المواطنين على اسمائهم في سجل الناخبين، وعدم التزام بعض القوائم وعلى رأسها القائمة الكردستانية بفترة الصمت الاعلامي، الى حضور بعض الشخصيات الحزبية غير المرخص لها الى مراكز الاقتراع".
 ويشار الى ان الابرز بين القوائم المتنافسة على مقاعد برلمان الاقليم ، هي القائمة الكردستانية، التي يمثلها الحزبان الرئيسيان في الاقليم"الحزب الديموقراطي الكردستاني" بقيادة مسعود البارزاني، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بقيادة الرئيس جلال طالباني، وقائمة "التغيير" التي يرئس نشروان مصطفى النائب السابق لسكرتير الاتحاد الوطني، الى قائمة "الخدمات والاصلاح" التي تمثلها أربعة احزاب ممثلة في البرلمان الكردستاني الحالي وعلى رأسها الحزبان الاسلاميان الرئيسيان في الاقليم "الاتحاد الاسلامي الكردستاني، و"الجماعة الاسلامية في كردستان"، فيما يقف رئيس الاقليم الحالي والمرشح الاقوى للفوز برئاسة الاقليم مسعود البارزاني في مقدم المرشحين الخمسة لمنصب الرئيس. اما بقية المرشحين والتي تشير التوقعات الى ضعف حظوظهم بالفوز، فهم الدكتور هلو إبرهيم أحمد ابن الزعيم الكردي الراحل ابرهيم احمد،  والتاجر سفين الشيخ محمد، والمرشح المستقل حسين كرمياني والدكتور والباحث كمال ميراودلي.
 

صداقة الجبل

وبالعودة الى التاريخ، نجد ان المقولة الاكثر شيوعا على امتداد عقود طويلة هي ان "الجبل هو الصديق الوحيد للاكراد"، فهو المكان الوحيد الذي يمكن ان يلوذوا به لتفادي غضب السلطات في الدول التي يوجدون فيها (تركيا، العراق، ايران، سوريا) في حال نشوب نزاع بين الطرفين. وكان الجبل هو الضامن الوحيد لأمن الثوار والمواطنين العاديين على حد سواء، عند هجوم الاعداء او خذلان الاصدقاء، اذ لجأوا الى الجبل حين طاردتهم السلطات الايرانية  وقضت على دولتهم "مهاباد" التي اسسوها عام 1946 ولم يكتب لها البقاء سوى 11 شهرا بعدما خذلهم حلفاؤهم السوفيات. ولم يمر عقد من القرن الماضي من دون وقوع معارك بين الاكراد وحكومة المركز في بغداد  اضطرتهم للجوء الى الجبال.


بيد ان الاكراد الذين اشتكوا كثيرا من انهم القومية الاكبر في التاريخ الحديث التي لم تتمكن من اقامة دولة على رغم تاريخ العذاب والمشاكل، يخوضون اليوم كـ"اقليم شبه منفصل" تجربتهم الثالثة بعدما خاضوا غمار الاولى عام 1992 والثانية في 2005، وربما يدركون ان صندوق الاقتراع يمثل نواة تحقيق حلمهم بكردستان كبرى، خلافا لفوهة البندقية التي كلفتهم الكثير. وهم يشهدون اليوم تحولاً كبيراً ينتقل بهم من من قسوة الجبال وخوض المعارك الى سلاسة العملية الانتخابية ورقّة صناديق الاقتراع.


 لكن ذلك لايعني الانتهاء تماما من كل مشاكلهم، إذ لا يزال ينتظرهم الكثير من المعارك، السياسية مع حكومة المركز على العديد من المسائل العالقة، مع ادراكهم سهولة المعارك السياسة في مقابل حروب الجبال، وهم يعلقون بمختلف توجهاتهم امالا كبيرة على تجربتهم الديموقراطية الثالثة في فتح افاق سياسية واقتصادية جديدة، يحدوهم الامل  في حدوث تغير مهم في مجمل العمل السياسي داخل الاقليم وحل نزاعاتهم مع عرب العراق خارج الاقليم.


 ويرى مراقبون ان البرلمان المقبل سيشهد فصلاً من المبارزة السياسية التي بدأت مع الحملة الانتخابية بين قائمة "التغيير" والحزبين الرئيسيين "الاتحاد الوطني" و"الديموقراطي الكردستاني" القابضين على السلطة في الاقليم، وسيكون في وسع ممثلي قائمة "التغيير" والقوائم الفائزة الاخرى وضع العصي في عجلة الحكم واجبار الحزبين الرئيسيين على تغيير سياستهما التي يعتقدون انها لم تقدم الكثير لمواطنيهم.


بغداد – من فاضل النشمي

 



المصدر: جريدة النهار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,739,800

عدد الزوار: 6,911,758

المتواجدون الآن: 104