تقارير..تمتد على طول مساحة فرنسا، مالي ... الأرض الجديدة للخلافة الإسلامية المنشودة....العالم في 2012: أميركا: انتصار أوباما في الانتخابات .. ..العالم في 2012: تونس: سنة المواجهات بين الإسلاميين والعلمانيين رغم محاولات تقريب الأضداد

مليارات العرب المهرّبة... بوادر يأس من عودتها....بيروت «متوجّسة» من «التوقيت السوري» في 2013

تاريخ الإضافة الإثنين 31 كانون الأول 2012 - 6:05 ص    عدد الزيارات 2031    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

تقييدات المحاكم والمؤسسات المالية في الخارج تنذر بسنوات لإتمام الإجراءات
مليارات العرب المهرّبة... بوادر يأس من عودتها
الرأي... إعداد عماد المرزوقي
1.3 تريليون دولار مبلغ ضخم لحجم الأموال المهربة من الضرائب في أكثر من 145 دولة في العالم حسب تقرير لموقع «غلوبال ويتنس» لم تستطع خلال سنوات عديدة سلطات مكافحة الفساد المالي والتهرب من الضرائب على سبيل المثال في الولايات المتحدة وبريطانيا استعادة جزء من هذه المبالغ لخزائنها العامة التي تعاني من عجز مالي يتفاقم الى اليوم، أمر دعا الى توقع صعوبات جمة في استعادة الأنظمة العربية الجديدة للأموال المسروقة والمهربة التي توقعت سويسرا عودتها بعد سنوات.
خلال أيام قليلة سيكتمل عامان على ذكرى انطلاق الثورات العربية، وهنا يبقى السؤال «اين الأموال المسروقة أوالمنهوبة»؟ خلال ايام تنتهي مهلة عامين في اكثر من دولة عربية (تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سورية) انتظرت خلالها الشعوب الثائرة استرجاع أموال تحمل صفة « اموال الشعب المهربة» يزعم انها لشخصيات موالية لأنظمة سابقة وقدرت قيمتها الأنظمة العربية الحالية في «دول الربيع» بمئات المليارات من الدولارات التي بوجودها تزعم الحكومات العربية الجديدة التي انتجتها الثورات الشعبية ان عودة مثل هذه الأموال ستعزز من موزانات مالية متهالكة لحكومات «الربيع» التي وجدت نفسها في مأزق نضوب خزائنها من الأموال.
هذا المأزق لايزال ينتج غضبا شعبيا تترجم في مسيرات لأهالي الشهداء في تونس على سبيل المثال، ومصر لعدم تلقي بعض ضحايا الثورات التي اطاحت بالأنظمة السابقة اي تعويضات مالية وعدتهم بها الحكومات الحالية التي تعلن من حين لآخر عن صعوبات مالية مع تواصل ركود اقتصادي تُرجم بشكل واضح على مستوى تزايد عجز الموازنات في القطاعين العام والخاص وتراجع منسوب العملة الصعبة في البنوك المركزية.
فأين اختفت الأموال التي يراد بها ان تعود الى الشعب؟ ومن هو المستفيد الأجنبي من هذه الأموال؟ وهل صحيح ما يتردد في الصحافة الأجنبية ان مسألة استرجاع مثل هذه الأموال قد يتطلب سنوات؟ وإلى أي مدى سينتظر الشعب عودة الأموال المسروقة بينما ينشط المتهمون بسرقتها في الخارج بكل حرية في مجال الأعمال وربما تزيد ثرواتهم مستفيدين من تعقيدات إجراءات عودة مثل هذه الأموال الى اوطانها الأصلية؟
تختفي جهات معلومة وغير معلومة تعمل تحت لافتة «شخصي جدا» وراء مؤسسات تدير وتخزن اموالا محولة من جهات مختلفة من بينها اموال «مهربة» من جهات مختلفة في دول عدة في العالم منها دول عربية تستفيد من خاصية عدم الكشف عن مصدر وصاحب الأموال التي توفرها مثل هذه المؤسسات.
تقارير دولية أكدت تزايد هجرة أموال عربية الى الخارج بطرق مختلفة ومن بين هذه الأموال اموال رجال اعمال وعائلات مسؤولين سياسيين كالرؤساء العرب.
لعل ابرز مثال حديث عن عجز بعض الحكومات العربية في استرداد اموال مهربة لشخصيات اتهمت بالفساد السياسي والمالي والتنفع من المناصب وصدرت ضدهم قضايا، ومنهم من سجن وآخرون فارون صدرت بحقهم بطاقات جلب من الانتربول، برز مثال رجل الأعمال التونسي صخر الماطري صهر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي كذب توقعات وزارة العدل التونسية بالقبض عليه في جزر السيشال بعد أن حققت الأخيرة معه وتركته حرا بل وسمحت له بالدخول على الرغم من انتهاء صلاحية جواز سفره الديبلوماسي، امر كشف عن صعوبة استرجاع مطلوبين للعدالة فماذا عن استرجاع اموال مهربة لا تستقر في مكان معين؟
ملف استرجاع الأموال المسروقة والتي يسميها على سبيل المثال الاعلام المصري بالأموال المنهوبة يبدو انه يواجه صعوبات وتعقيدات كثيرة في مصر الى اليوم. فأموال لرموز النظام المصري السابق والتي اعلنت دول غربية عن تجميدها لاتزال لا تعرف طريقها الى الخزينة العامة المصرية حسب تأكيدات الحكومة المصرية نفسها بل وأكد ذلك تقرير بريطاني كشف عن فضيحة في هذا الشأن.
«فضيحة ملايين نظام مبارك في المملكة المتحدة» تقرير نشر في سبتمبر الماضي في «الغارديان» كشف أن «الحكومة البريطانية سمحت لاعضاء من النظام المصري السابق في الاحتفاظ بأصول في المملكة المتحدة وهي اصول تسعى الحكومة المصرية حاليا لاسترجاعها من خلال دعوى قضائية ضد وزارة الخزانة في المملكة المتحدة».
وكان المحقق العام المصري الذي قاد تحقيقات في «المليارات المسروقة» من مصر والذي تم تعيينه منذ تعيين مجلس الوزراء الجديد للبلاد، اعتبر ان «عدم استرجاع اموال مسؤولين في النظام المصري السابق من بريطانيا وخصوصا من اتهم بالفساد ومن بينهم من يقبع في السجن وآخرون فارون من العدالة تعتبر جريمة جماعية من الحكومتين البريطانية والمصرية».
حسب تقارير لمركز الأبحاث العالمي «غلوبل ريسيرش» فإن «الأموال المهربة من شخصيات سياسية اتهمت بالفساد المالي في دولها تستقطبها خصوصا مؤسسات محترفة في ادارة الثروات وتعمل في كنف السرية التامة مع عدم الكشف عن اي بيانات لعملائها وبعض هذه المؤسسات تعتبر أكثر ملاذات الأموال المهاجرة والتي تدار في استثمارات مختلفة مع عدم كشف اصحابها الحقيقيين».
تقرير لمجلة مصرية متخصصة «بيزنيس ستاندرد ماغزين» في ديسمبر يؤكد ان «الأموال المهربة على سبيل المثال من مصر تعادل عشرة أضعاف المساعدات الدولية». واكد التقرير أن «عائلة مبارك لديها الآن 15 مليار دولار كأصول في البنوك السويسرية فقط.
لا يوجد تقييم رسمي عن حجم الأموال المهربة من دول عربية ولكن صدر تقرير منظمة غير حكومية للنزاهة المالية العالمية الأميركية في عام 2010، وأكد أن دول شمال أفريقيا، التي تضم مصر، ليبيا، تونس، الجزائر، والمغرب فقدت 1.767 تريليون دولار من التدفقات المالية غير المشروعة طيلة 40 عاما الأخيرة.
وفي هذا الصدد، أشار عضو في مجلس إدارة المحكمة الأوروبية للتحكيم الدولي أن هناك صعوبة في استعادة الأموال المنهوبة وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة».
وحسب «بيزنيس ستاندرد ماغزين» فان اهم وجهات الأموال المهربة حسبما حددها تقرير عالمي تمثلت في سويسرا وبريطانيا وكندا ودول اميركا اللاتينية».
في ليبيا وفقا لـ «سيليبرتي نات وورث» فإن تقييمات أظهرت عقب وفاة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في عام 2011، ان صافي ثروة القذافي السرية بلغت 200 مليار دولار، وبعد اشهر من وفاته تم ضبط نحو 70 مليار دولار نقدا في حسابات مصرفية أجنبية في شكل عقارات، واعلن تجميد أصول الزعيم الليبي الراحل. لكن ما من تأكيدات من الحكومة الليبية الحالية عن عودة كل هذه الأموال المهربة.
على صعيد آخر، «الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا شرعت منذ العام الماضي حسب تقرير لمجلة «باري ماتش» الفرنسية في فرض عقوبات على القيادة السورية، ووضعت قائمة بنحو 150 شخصية ومؤسسة تم تجميد أصول تابعة لهؤلاء، وتقدر الأموال التي يعتقد انه تم جنيها بشكل غير مشروع وتهريبها 6 مليارات دولار وهي ثروة رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن عم بشار الأسد ويرجح انه الذراع المالية للنظام السوري.
واكد التقرير ان الأسد ليس لديه اصول في فرنسا وانه يفضل لندن، بلد زوجته. وفي سويسرا، لم يتم ضبط سوى 40 مليون دولار وهو مبلغ زهيد بالمقارنة مع المليارات المتراكمة التي جنتها عشيرة الأسد بعد أكثر من أربعين عاما في الحكم في سورية.
واضاف التقرير ان تهريب الأموال من خلال تحويلها فمثلا أصبح تحويل 50 مليون دولار الى أي بلد آخر في العالم لا يستغرق سوى بضع ثوانٍ، فيما يحتاج استرجاع هذه الأموال سنوات طويلة عبر المحاكم».
وحسب تقرير «بيزنيس ستاندرد ماغزين» فانه أصبح لافتا ان البنوك السويسرية، ربما لها الحصة الكبرى من التحويلات والتدفقات المالية من العديد من أتباع الأنظمة الفاسدة في بلدان الربيع العربي، خصوصا: تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرها من الدول العربية والخليجية.
من جانبها، حذرت المجلة الأميركية «نيوزويك» من تدهور الاقتصاد المصري نتيجة لتهريب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد، على وجه التحديد إلى زيورخ أو لندن.
واشار تقرير «بيزنيس ستاندرد ماغزين» إلى أن «ثورات الربيع العربي ساعدت على نقل رؤوس الأموال من المنطقة العربية إلى البنوك السويسرية بالمليارات، وهناك الكثير من الحسابات المصرفية المشفرة التي يملكها أشخاص من الهوية العربية تأتي من مصر وليبيا واليمن والدول المجاورة الأخرى».
وأضاف التقرير نفسه «ان ثورات الربيع العربي دفعت الكثير من السياسيين ورجال الأعمال العرب إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة للدفاع عن ثرواتهم المالية المتراكمة، ومثل هذه الثروات تعمل على توليد حركة في الأسواق المالية الدولية، مشيرا الى مثل هذه الأموال تبحث دائما على بلد فيه خدمات مصرفية آمنة ونظم ضرائب مساعدة».
وذكرت تقارير سويسرية نشرت على مواقع مختلفة مثل «سويس انفو» ان «أطنانا كبيرة من سبائك الذهب تدفقت إلى سويسرا في الفترة الأخيرة وهذه الكمية هي ضعف الكمية التي تدفقت قبل عام وسويسرا تعد المركز العالمي المحتضن لأكبر كميات ذهب في العالم التي يتداولها المستثمرون، وعلى مدى السنوات العشر الماضية زادت كميات المعادن الثمينة في سويسرا إلى أكثر من الضعف».
وكانت وزارة الخارجية السويسرية قد اعلنت منذ شهرين حسب «رويترز» أن سويسرا جمدت أكثر من مليار دولار كأصول مسروقة مرتبطة برؤساء عرب سابقين وحاليين أربع دول (مصر، ليبيا، سورية وتونس ). وصرح حينها رئيس قسم القانون الدولي في وزارة الخارجية السويسرية فالنتين زيلويجر لـ «رويترز» أن «السلطات السويسرية تتعاون مع السلطات القضائية في تونس ومصر لتسريع استعادة الأموال، ولكن من المتوقع أن تستغرق عملية استرجاعها سنوات».
البنك المركزي المصري نفى في اكثر من بيان اجراء أي تحويلات من حسابات الرئيس السابق حسني مبارك أو أسرته في البنوك خارج مصر وذلك منذ ثورة 25 يناير حتى اليوم، وهذا الاجراء اتى تنفيذا لتعليمات البنك المركزي وقرارات النائب العام. فاين ذهبت اموال مبارك؟
اما في تونس، فكان رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية العامة سامي الرمادي اكد في بيانات سابقة ان الجمعية تعمل جاهدة لمحاربة الفساد وسوء التصرف المالي في تونس، مشيرا الى ان «هناك أدلة وحججا تفيد ان أغلب رؤوس الأموال التي نهبت من تونس مودعة في حسابات مصرفية أجنبية عن طريق أشخاص مختصين في نقل الأموال السائلة، وذلك باستخدام جوازات سفر ديبلوماسية لمنع تفتيش حقائبهم».
اما ثروة القذافي التي تزعم السلطات الليبية ان اغلبها تم تهريبها الى الخارج فإن وثائق سرية ديبلوماسية أميركية نشرتها صحيفة فايننشال تايمز كشفت أن ثروة القذافي تم تقييمها بنحو130 مليار دولار وذلك وفقا لبرقية ديبلوماسية أميركية خرجت سرا يرجع تاريخها إلى عام 2006، وذكر المصدر نفسه أن أموال ليبيا المهربة تتركز خصوصا في ايطاليا ودول اخرى.
وأشارت فاينانشال تايمز أن نشطاء مكافحة الفساد طالبت السلطات الأجنبية للتحقيق في الثروة المالية لأسرة القذافي، والتي تمثلت ايضا في استثمارات ضخمة في الخارج.
من جانبها، أكدت مصادر سويسرية في تقارير نشرتها وسائل اعلام سويسرية كـ «سويس انفو» أن «السوق المالية السويسرية السلطة فرضت عقوبات على أربعة مصارف بسبب تراخي الرقابة على قبول الأموال من الموظفين العموميين الذين هم في صلة مع قادة مخلوعين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكدت هيئة سوق المال أنها وجدت أوجه قصور خطيرة حول كيفية التعامل البنوك الأربعة مع الحسابات التي أجراها مسؤولون لهم صلة مع الحكومات السابقة في تونس ومصر وليبيا».
وعلى الرغم من إجراء قامت به الحكومة السويسرية لتعزيز الرقابة على الأموال المهربة من شخصيات عربية تورطت في الفساد الا ان هناك انتقادات حسب «بيزنيس ستاندرد ماغزين» وبأن هناك قصورا في مسألة التأكد من أن البنوك السويسرية لا تقبل الأموال من هؤلاء الناس (شخصيات عربية متورطة مع الأنظمة السابقة)...
 
"الشدّ الديبلوماسي" مع السفير السوري على «خط الانقسام» اللبناني
بيروت «متوجّسة» من «التوقيت السوري» في 2013
 بيروت ـ «الراي»
 ساعات قليلة تفصل لبنان والعالم عن ولادة سنة جديدة لا تحتاج الى «منجّمين» و«عرّافين» لاستخلاص انها لا تبشّر بحلول وشيكة لسلّة أزماته السياسية والأمنية والاقتصادية التي طبعت الـ 2012 و«توّجته» الأسوأ على البلاد منذ العام 2008.
وحده «التوقيت» السوري يتحكّم بـ «عقارب الساعة» في لبنان الذي بات «حديقة خلفية» للأزمة السورية، عبر «تمتْرس» قواه الاساسية على ضفتيْ نظام الرئيس بشار الاسد ومعارضيه ووجود أكثر من 170 الف نازح (مسجّلين) على أراضيه وأعداد اخرى ضخمة من غير المسجّلين.
واذا كان اي انفراج في مسار الوضع اللبناني بات رهناً بمصير «الانفجار» المستمر في سورية وآفاق الحلول لأزمتها، فان بيروت شخصت أنظارها امس على محادثات المبعوث الإممي - العربيّ إلى سورية الأخضر الإبراهيمي في موسكو حيث أطلق تحذيراً تردد دويّه بقوة في لبنان واعلن فيه «إما الحوار (في سورية) أو الجحيم وإذا تطوّرت الأزمة ستنعكس على كل المنطقة».
ولعلّ أكثر ما أقلق بيروت قرْع الابراهيمي «ناقوس الخطر» من انه «إذا تطوّرت المعارك في محيط دمشق وغادر سكانها الذين يعدّون 5 ملايين نسمة فليس هناك مَن يستقبل هؤلاء سوى لبنان والأردن، وهذان البلدان لا يستطيعان استيعاب هذا العدد من اللاجئين»، الامر الذي ضاعف من التوجّس اللبناني حيال مآل «العاصفة» السورية التي صار لبنان... في مهبّها.
وفيما كانت بيروت تستمرّ في لعب دور «المطار» الخلفي للنظام السوري الذي يطلّ على الخارج من خلال «المنفذ الوحيد» الذي يشكّله مطار رفيق الحريري الدولي الذي عاد عبره الى دمشق نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قادما من موسكو، تفاعلت قضية «الازمة الديبلوماسية» التي تسبّب بها توجيه السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي رسالة - شكوى الى وزارة الخارجية اللبنانية احتجّ فيها على طريقة توزيع المساعدات على النازحين السوريين من جانب وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية ممثَّلة بالوزير وائل ابو فاعور ومتهماً اياها بتقديم مساعدات لـ «جماعات تكفيرية»، وهو ما قابله الرئيس اللبناني ميشال سليمان بموقف غير مسبوق في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة اعتبر فيه تصرُّف السفير علي خرقاً للسيادة اللبنانية والأصول الديبلوماسية، داعياً الى ضبط حركة السفراء.
وفيما كان سليمان يغادر مع عائلته الى جنيف لتمضية أيام قليلة هناك، بما فيها رأس السنة الجديدة، ردّ عليه وزير الخارجية عندنان منصور عبر تلفزيون «المنار» التابع لـ «حزب الله» مقدماً «مطالعة دفاعية» عن السفير السوري، الامر الذي فسّرته اوساط سياسية على انه تعبير عن امتعاض فريق 8 آذار من سلوك رئيس الجمهورية حيال هذا الملف الذي توّج مساراً «صِدامياً» مع النظام السوري منذ بدء الثورة.
وقد وصف رئيس الديبلوماسية اللبنانية «الحملات» التي تُشنّ على السفير علي بانه «امر معيب»، وقال: «أنا مَن أثار موضوع التعاطي مع السفير السوري في مجلس الوزراء، ولا أقبل بأن تمس وزارة الخارجية بعمل ديبلوماسي هي على قناعة تامة به ووفقاً للأصول وللأعراف الديبلوماسية المتبعة»، مضيفاً: «لسنا بحاجة الى دروس من أحد، نعرف عملنا جيداً، خدمنا في هذه الوزارة ما يزيد على 36 عاما ونعرف الأصول الديبلوماسية والاعراف الديبلوماسية»، وتابع: «تسلمنا هذه المذكرة وكنا نعرف مضمونها وأحلناها الى الوزارة المختصة، ولكن أن يثار حولها هذا الضجيج الفارغ الذي لا أساس له فهذا لا نقبل به أبدا».
كما انتقد «الاسطوانة المشروخة التي نسمعها منذ مدة طويلة عن خرف السفير السوري للاعراف الديبلوماسية»، وقال: «السفير السوري يتصرف من وحي العمل الديبلوماسي الصرف»، معتبراً ان الكلام عن خرق «لا يجوز» وهو «معيب».
وفي حين نُقل عن مصادر قوى 14 آذار ان ما يقوم به الوزير منصور من «دفاع مستميت عن سفير نظامٍ يلفظ أنفاسه لن يفيد»، اعتبرت ان «المعيب ان يسيء علي الى رئيس الجمهورية اللبنانية ويظهر وكأنه يتحداه من خلال اطلالته، في اليوم التالي على كلام سليمان في مجلس الوزراء، من دارة العماد ميشال عون وموجهاً اتهامات اقل ما يقال عنها انها لا تمّت الى الاصول لاطراف لبنانيين ودول عربية واقليمية صديقة، قبل ان تُصدر السفارة السورية بياناً وقحاً، ما يؤكد صوابية مطالبتنا بطرد هذا السفير ونشر الجيش اللبناني على الحدود وإلغاء الاتفاقات المعقودة بين البلدين تمهيدا لإعادة صوغ علاقات واتفاقات جديدة مع النظام السوري الجديد».
وكانت السفارة السورية في لبنان ردت على «ما تناقلته بعض وسائل الاعلام أخيرا عن اتهامها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالتحيز والتمييز في تعاطيها مع الوضع الانساني للمواطنين السوريين».
واوضحت السفارة في بيان لها «ان مثل هذه الاتهامات التي يسوقها البعض تأتي في إطار استغلال البعد الانساني والاغاثي وتسخيره في خدمة اجندات سياسية خاصة تصب في خانة الهجوم على سورية»، متمنيةً «ان يتم التعاطي مع اوضاع المواطنين السوريين ببعده الانساني فقط، بعيدا عن التجاذبات السياسية».
وفي موازاة ذلك، بقي الاهتمام قائماً بمصير جلسة الحوار التي دعا اليها رئيس الجمهورية في 7 يناير واكدت 14 آذار انها لن تحضرها قبل استقالة الحكومة ووقف آلة القتل تلقي ضمانات بموافقة «حزب الله» على البحث في آليات لوضع سلاحه تحت إمرة الدولة، ما ينذر بان هذه الجلسة سيتمّ إرجاؤها في ظل افتقادها «النصاب» السياسي الذي يضمن اي «فاعلية» لها ولو شكليّة على صعيد تنفيس الاحتقان بين طرفيْ الصراع في لبنان اي قوى 8 و 14 آذار.
وفي حين اندفع أطراف رئيسيون في «8 آذار» وتحديداً «حزب الله» عبر النائب محمد رعد الى تأكيد «اننا سنكون إيجابيين مع دعوة رئيس الجمهورية لعقد هيئة الحوار رغم عزوف البعض ومقاطعته ورغم حملات التجني والتحريض والتضليل والاتهام البائس والمنطق العنصري والتهويل الذي يستخدمه البعض»، فان قوى المعارضة بدت على «الموجة نفسها» في تبرير رفض المشاركة في الحوار مستفيدة من «نقاط قوة» أمنّتها لها في المقابل موافقتها على احياء لجنة التواصل النيابية الفرعية المكلفة استكمال البحث في قانون الانتخاب ابتداء من 8 يناير المقبل وفي شروط أمنية صعبة ستضطر القسم الاكبر من اعضاء اللجنة الى «التحصن» في فندق ملاصق للبرلمان.
ففي حين ظهرت «14 آذار» من خلال عودتها الى اللجنة ثم ابداء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الاستعداد حتى الى كسر قرار مقاطعة الحكومة والمشاركة في جلسة عامة للبرلمان لاقرار قانون الانتخاب بحال تم التوافق عليه، بمظهر الحريصة على عدم عرقلة استحقاق الانتخابات النيابية، بدت برفضها المشاركة في «حوارالقصر» متمسكة بثوابتها «المبدئية» لجهة وقف آلة القتل وتغيير الحكومة.
وقد عبّر رئيس كتلة «المستقبل» البرلمانية فؤاد السنيورة عن هذه الثوابت حين اعلن «ان المهمة الاساسية تغيير الحكومة وليس من زاوية قم لاجلس مكانك، بل افساح في المجال كي تتنفس البلاد، الأمر الذي يساهم في تخفيف حدة التوتر»، معتبراً «أن استقالة الحكومة هي البداية للخروج من المأزق الحالي»، مؤكداً المشاركة في اجتماعات لجنة تعديل الانتخاب، ومعلناً عن المشاركة في الحوار «بعد ان يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استعداده للبحث في وضع السلاح في كنف الدولة اللبنانية، وانه لن يستخدم السلاح في أي نزاع داخلي مهما كانت الأسباب»، داعياً «حزب الله» الى «التوقف عن حماية المتهمين الأربعة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتسهيل تسليمهم، وكذلك بالنسبة لتسليم المتهم بمحاولة اغتيال النائب بطرس حرب».
في هذه الاثناء، اعلن الدكتور جعجع ان «العماد عون هو الأقوى بين المسيحيين ولكن «شيعياً»، موضحاً «انا لا أفكر بموضوع رئاسة الجمهورية، ولن أكون مرشحاً لرئاسة الجمهورية بالشكل التقليدي، من حيث ترتيب المواقف التي تتلاءم، او الاتصالات مع الكتل، والقيام بصفقات وغيرها من امور، بل انا اكمل عملي بشكل طبيعي كما انا، ولكن اذا اقتربت الانتخابات وتبين ان هناك توجهات لدى بعض الكتل في أن اكون في موقع الرئاسة، طبيعي انا اتمنى ذلك من باب انني اصبح في موقع يتيح لي تحقيق مشروعي واهدافي وتطلعاتي للبنان»....
 
العالم في 2012: تونس: سنة المواجهات بين الإسلاميين والعلمانيين رغم محاولات تقريب الأضداد، الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لا يزال يتأرجح بين اليسار واليمين

جريدة الشرق الاوسط... تونس: المنجي السعيداني ... من الصعب الحديث عن وضع إيجابي واضح في تونس بمناسبة السنة الثانية من أول ثورة من ثورات الربيع العربي عدا حادثة الإطاحة بنظام الاستبداد والفساد. فالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لا يزال يتأرجح بين اليسار واليمين ولم يتوصل ظاهر التعايش بين الإسلاميين والعلمانيين في ظل «الترويكا» الحاكمة إلى فك طلاسم الخلافات المزمنة التي عاشتها الأجيال الأولى لدولة ما بعد الاستقلال والتوجه التحديثي الذي بنى عليه الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق استراتيجيته على أنقاض البنى التقليدية للمجتمع التونسي.
ونقلت تلك الخلافات من أروقة الجامعة التونسية خلال عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي إلى الواقع السياسي الحالي. واكتشفت النخب التونسية بعد الثورة أنها أعادت إنتاج نفس تلك الخلافات بعد أن وجدت أنفسها من جديد في صراع سياسي تمثله السلطة ممثلة في حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي من ناحية والتيارات اليسارية التي تلعب دور المعارضة وتحاول تحجيم «هجمة» الإسلاميين وشراهتهم التاريخية لممارسة الحكم.
ورغم ظاهر التعايش بين الإسلاميين والعلمانيين، فإن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات اللذين قدما على أساس أنهما يمثلان التيارات العلمانية اتضح أنهما لا يمثلان سوى فئات محدودة من التيارات المناهضة للإسلاميين.
وفي سنة 2012. تواصلت المواجهات التاريخية على أشدها بمناسبة زيارة الداعية الإسلامي وجدي غنيم إلى بلد «ثورة الياسمين» خلال شهر فبراير (شباط) و«تأبط» المجتمع المدني كل الأسلحة لمهاجمة حركة النهضة واتهامها بفتح الأبواب للمعادين لحقوق الإنسان من خلال دعم غنيم لختان الفتيات. وتأزمت العلاقة بين الحكومة والمعارضة وشهدت تونس مجموعة من الاحتجاجات والانفلاتات الأمنية توجت بمواجهة قوية يوم 9 أبريل (نيسان)، فقد منعت وزارة الداخلية التي يقودها علي العريض (القيادي في حركة النهضة) التجمعات في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بحجة التأثير السلبي على حياة التونسيين ودعت المحتفلين بذكرى عيد الشهداء الذي يوافق يوم أبريل من كل سنة إلى التظاهر السلمي في الشوارع المتفرعة عن الشارع الرئيسي بالعاصمة.
إلا أن المعارضة تمسكت بحقها في التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة (الشارع الرئيسي) وانتهى صراع الإرادات بمواجهات عنيفة بين الطرفين استعملت خلالها وزارة الداخلية القنابل المسيلة للدموع ووجهت المعارضة تهمة الالتجاء إلى ميليشيات مجهولة استعملت الهراوات لتفريق المتظاهرين. وتواصل الشد والجذب بين الطرفين وانتهى الطرفان إلى الاتفاق حول تكوين لجنة محلية للتحقيق في ظروف تلك المواجهات ولم تعلن إلى حد نهاية السنة نتائجها بل إن الطرفين فتحا جبهات صراع أخرى أنستهما تلك الوقائع.
وفي منتصف شهر يونيو (حزيران) أعلن الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة السابقة عن تكوين حزب جديد أطلق عليه اسم «حركة نداء تونس» ومنذ البداية انضمت إليه كثير من الوجوه السياسية والنقابية وفسر الخبراء والمتابعون للمشهد السياسي ذاك الالتحاق ببحث مجموعة من النخب التونسية عن مظلة تقيهم من قوة حركة النهضة وعدم انسجام خطابها معهم وكذلك تقيهم من تذبذب التيارات اليسارية وعدم ثبات مواقفها بعد خيبة انتخابات المجلس التأسيسي التي جرت يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) من سنة 2011 وأفرزت تفوق حركة النهضة وفوزها بأكبر نصيب من الأصوات.
ولئن لم تنتبه قيادات حركة النهضة للحزب الجديد الذي ترأسه قائد السبسي فإنها بعد فترة وجيزة فتحت أبواب صراع معه لم تنته إلى حد الآن. واتهمته بفتح الحزب أبوابه أمام فلول النظام السابق وهي تهيئ لإصدار قانون تحت اسم «تحصين الثورة» يهدف إلى إقصاء مسؤولي التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب بن علي) وقد يكون الباجي قائد السبسي نفسه من بينهم باعتباره كان رئيسا لمجلس النواب (البرلمان) في بداية عهد بن علي.
وخلال نهاية شهر يونيو قدم محمد عبو وزير الإصلاح الإداري والوظيفة العمومية استقالته وقال: إن الوزارة مليئة بملفات الفساد وإنه لا يقدر على مواصلة عمله في مثل تلك الظروف. وخلال الشهر الموالي قدم حسين الديماسي وزير المالية بدوره استقالته لتبقى الحكومة تعمل بتركيبة مبتورة إلى حد شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري قبل أن يعين إلياس الفخفاخ وزير السياحة للإشراف على وزارتي السياحة والمالية في سابقة هي الأولى من نوعها.
وفي يوم 13 سبتمبر (أيلول) شهدت السفارة الأميركية بتونس هجوما نسب إلى التيارات السلفية بعد صدور الفيلم المسيء للرسول. وفتحت المواجهات على مصراعيها بين قوات الأمن والتيار السلفي على وجه الخصوص وانتهت إلى اقتحام السفارة ونهب وحرق محتويات المدرسة الأميركية بتونس وإلى وفاة نحو أربعة أشخاص على عين المكان وإصابة العشرات من قوات الأمن ومن المدنيين. وأوقفت وزارة الداخلية 144 متهما لا يزال البعض منهم دون محاكمة إلى حد الآن. ووجهت المعارضة انتقادات حادة إلى الحكومة وخاصة وزارة الداخلية المتهمة بالتقصير في التعامل مع آلاف المحتجين.
وطويت تلك الصفحة على علاتها لتنطلق حملة قوية من أحزاب المعارضة تنادي بسقوط شرعية حكومة حمادي الجبالي يوم 23 أكتوبر 2012 باعتبار أن المجلس التأسيسي الهيئة الوحيدة المنتخبة قد التزم بإعداد دستور للبلاد بمرور سنة وأن ذاك التاريخ يمثل خروجا عن الشرعية وانتهاء منها ولا يمكن للحكومة التي تقودها حركة النهضة إلا العودة من جديد للتوافق في قيادة البلاد.
ودخل الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر المنظمات العمالية في تونس) على الخط ودعا الحكومة والمعارضة إلى الجلوس حول طاولة واحدة للتفاوض حول المرحلة السياسية القادمة. واستدعى لهذا الأمر كل القوى السياسية إلا أن حركة النهضة ومعه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية قاطعا المؤتمر بدعوى وجود حركة نداء تونس من بين المدعوين. واستشعرت الحكومة ومن ورائها حركة النهضة أن الاتحاد العام التونسي للشغل يريد العودة إلى الحياة السياسية من بوابة الأحزاب السياسية اليسارية بالخصوص اعتبارا إلى أن أغلب قيادات الاتحاد تنتمي تاريخيا إلى التيارات اليسارية. لذلك سارع الائتلاف الثلاثي الحاكم إلى إعلان يوم 23 يونيو 2013 موعدا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وسحبت بذلك البساط من تحت أقدام الاتحاد والأحزاب التي ساندت مؤتمر الحوار الوطني. وانتقلت المواجهة على أشدها بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة حمادي الجبالي بعد أن كانت لفترة بين حركة النهضة والتيارات العلمانية.
وكانت مدينة سليانة (170 كلم وسط تونس) ساحة اختبار للقوة هذه المرة وفتحت أمام مواجهات دامية بين الحكومة وآلاف المحتجين وسارع الاتحاد الجهوي للشغل إلى تبني التحركات الاحتجاجية بل إنه ذهب إلى النقطة القصوى بإعلانه إضرابا عاما في المدينة ودعا إلى التظاهر ضد البطالة وغياب التنمية. وغلبت على المسيرات طابع «تصفية الحسابات» من الجهتين فالاتحاد ومن خلال مجموعة من الأحزاب السياسية أراد أن يوجه رسالة سياسية قوية إلى الحكومة بأنه قادر على زعزعة الاستقرار متى أراد في حين أن الحكومة أرادت من خلال الضرب بقوة ضد المحتجين القول إنها لن تسمح بعودة الاتحاد إلى عالم السياسة كما كان خلال عهدي بورقيبة وبن علي.
إلا أن أبواب الصراع بين الاتحاد والحكومة بقيت مفتوحة بين الطرفين ووجدت أرضية جديدة للمواجهة يوم 4 ديسمبر وذلك من خلال مهاجمة الاتحاد وسط العاصمة ومطالبة قياداته بالخضوع للمحاسبة القانونية وطرد بقايا النظام السابق. وأصيبت في تلك المواجهات وجوه نقابية اتهمت حركة النهضة بالاعتماد على ميليشيات لضرب الاتحاد وقياداته ودعت الهيئة الإدارية للاتحاد إلى إضراب عام يوم 13 من نفس الشهر. وسيطر الجدل السياسي حول الإضراب و«مآسيه» الاقتصادية المحتملة على تونس. وبعد سلسلة من المبادرات والتدخلات انتهت إلى اتفاق بإلغاء الإضراب العام الذي لم يحصل في تاريخ تونس إلا يوم 26 يناير (كانون الثاني) من سنة 1978 وترك أسوأ الانطباعات لدى عموم التونسيين.
وانتهت السنة الحالية برمي الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر بالحجارة والمقذوفات في سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية. وكان للحادثة وقعها السياسي خاصة وقد ترافقت مع احتفال التونسيين بالذكرى الثانية لوفاة محمد البوعزيزي مؤجج الثورة التونسية. وهي رسالة سلبية تواجهت من خلالها الحكومة والمعارضة من جديد وتبادلتا الاتهامات ولكن الواقع الاجتماعي والاقتصادي الهش لسكان سيدي بوزيد وبقية مناطق تونس متفق عليه بين كل التونسيين.
فبعد مرور سنتين على الإطاحة بنظام بن علي لا يزال المشهد التونسي برمته متعثرا وهناك وراء الأكمة ما وراءها.
 
العالم في 2012: أميركا: انتصار أوباما في الانتخابات .. فوز وترسيخ للقيادة من الخلف، الحذر تجاه الوضع السوري وتواصل متاعب الاقتصاد

جريدة الشرق الاوسط... واشنطن: محمد علي صالح ... اختارت مجلة «تايم» الرئيس باراك أوباما رجل عام 2012، وقالت إن السبب هو «سيطرة أوباما على ما قبل انتخابه للمرة الثانية، وما بعد انتخابه، لأنه سيحكم لأربع سنوات أخرى، ولا بد أنه سيترك بصمات، ربما تاريخية، بالنسبة للولايات المتحدة، وبالنسبة للعالم».
مع بداية العام، كانت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بدأت، ولم يواجه أوباما معارضة من ديمقراطي، لهذا، صار واضحا أن الجمهوريين هم الذين سيسيطرون على المسرح الانتخابي ربما حتى يوم الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني).
وأكثر ما أثار الانتباه وسط المرشحين الجمهوريين، المنافسة بينهم لإرضاء «حزب الشاي» واليمين المسيحي. وركزت الإعلانات التلفزيونية لكل مرشح على الدين المسيحي. وأثار هذا تساؤلات خبراء أميركيين، لاحظوا أنه، قبل عشر سنوات فقط، كانت الإعلانات الدينية للمرشحين نادرة أو غائبة تماما.
ونشر ريك بيري، حاكم ولاية تكساس، إعلانا تلفزيونيا فيه بيري أمام نافذة من الزجاج الملون مثل الذي في نوافذ كثير من الكنائس، وصليب ملون عملاق ظهر فوق كتفه اليمنى.
وركز أحد إعلانات نيوت غينغريتش، مع زوجته كاليستا، على التهنئة بالعام الميلادي الجديد، وهما يقفان أمام كنيسة عليها صليب عملاق، مع منظر لميلاد المسيح.
حذر نحو سوريا
* ومع بداية العام، ركز الرئيس أوباما على الوضع في سوريا، حيث كانت الحرب بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة المسلحة، وغير المسلحة، دخلت عامها الثاني. غير أنه، بسبب سنة الانتخابات، كان أوباما يتحرك في حذر، خوفا من اتهامات من المرشحين الجمهوريين.
في بداية العام، استقر رأيه على الانتظار حتى يقيم العرب أنفسهم، عن طريق مراقبي الجامعة العربية، الوضع في سوريا. وقال متحدث باسم البيت الأبيض: «يمكن أن ينتقدنا الناس بأننا لا نفعل ما يجب أن نفعل لنغير الوضع الراهن في سوريا، وأننا نقود من الخلف. مثل النقد الذي وجه لنا عندما لم نتدخل في ليبيا منذ البداية. لكن، نحن نريد أن نكون حذرين، وذلك لأن تدخلنا السريع في سوريا يمكن أن يتطور إلى أوضاع لا يقدر أي عقل على تصورها».
لكن، انتقد أميركيون، وخاصة أعضاء في الكونغرس، جمهوريين وديمقراطيين، هذا التردد. وقال السيناتور جو ليبرمان: «بالعكس، في سوريا كل شيء واضح. نظام ديكتاتوري يقتل شعبه. هذا لا يحتاج إلى تفكير كثير». وأضاف: «كلما مرت الأيام، زاد عدد الضحايا. لهذا، فإن تحاشى التحرك يسبب المزيد من الدم».
صالح للعلاج لا للراحة
* مع بداية العام أيضا، انشغل أوباما بمصير الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، لكن، في الحقيقة، انشغل مستشاره في الحرب ضد الإرهاب، جون برينان، الذي أدار، وحدد، مصير صالح.
وكان صالح قال، في حديث تلفزيوني للشعب اليمني، إنه يريد السفر للولايات المتحدة لا للعلاج، ولكن للراحة، وإنه سوف يقضي فترة في الولايات المتحدة ثم يعود إلى اليمن ليشترك في العمل السياسي. لكن، لم يكن هذا رأي برينان. أوضح أنه لن يسمح لصالح بالدخول للراحة والاستجمام، وربما سيمنح التأشيرة «فقط لعلاج طبي قانوني».
لهذا، عندما جاء صالح إلى الولايات المتحدة لفترة قصيرة، صار واضحا أنه سيعود إلى اليمن وقد دخل اليمن مرحلة ما بعد صالح.
في ذلك الوقت، كتبت افتتاحية في صحيفة «نيويورك تايمز»: «ندعو لمنح اليمن فرصة استقرار وسلام. ونعرف أن هذا ليس رأيا سهلا. لكن، قبول صالح بشروط صارمة يوفر أفضل أمل للإسراع بخروجه من السلطة، وإنهاء القمع الذي كلف مئات الأرواح اليمنية».
تدخل إيران في سوريا
* ومع بداية العام، استمر التوتر في العلاقات الأميركية - الإيرانية بسبب برنامج إيران النووي، وزادت العقوبات الأميركية والدولية ضد إيران، ثم تدهورت العلاقات أكثر بعد إعلان واشنطن أن إيران تقدم مساعدات إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وزاد هذا من اعتماد واشنطن على حليفتها في حلف «الناتو»، تركيا.
في ذلك الوقت، طالب الرئيس أوباما، في اتصال تليفوني، مع رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا، باتخاذ مزيد من الخطوات لدعم المعارضة السورية. وتعمدت واشنطن إعلان أن قاسم سليماني، رئيس «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، زار دمشق في ذلك الوقت، وأن هذا يؤكد استمرار المساعدات الإيرانية، التي تشمل أجهزة عسكرية. وقالت الخارجية الأميركية: «إننا واثقون بأن (سليماني) استقبل على أعلى مستويات الحكومة السورية، بما في ذلك الرئيس الأسد. نحن نعتقد أن ذلك يتعلق بالدعم الإيراني» وأضافت أن المساعدات الإيرانية جزء من سياسة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لمواجهة العقوبات الغربية على إيران، والتهديدات بمواجهة عسكرية في مضيق هرمز. وأن إيران تريد تأسيس تحالف إيراني - روسي - سوري.
دعم «ربيع العرب
* وفي أبريل (نيسان)، موعد تقديم مشروع الميزانية إلى الكونغرس، كان ملاحظا أن الرئيس أوباما تخطى خط التردد في تأييد أو عدم تأييد «ربيع العرب». ورصد في مشروع الميزانية ملياري دولار تقريبا لما سماها مسؤولون أميركيون «دول الربيع العربي».
ورغم التوتر، في ذلك الوقت، في العلاقات مع مصر، خاصة بعد اعتقال أميركيين يعملون في مصر بمنظمات مدنية، وتهديدات من أعضاء في الكونغرس بوقف، أو تخفيض المساعدات، لم يغير مشروع الميزانية الجديدة مبلغ مليار وثلث المليار الذي ظلت الولايات المتحدة تقدمها في صورة مساعدات عسكرية إلى مصر كل سنة، منذ اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل سنة 1978.
هذا بالإضافة إلى اعتماد 800 مليون دولار مساعدات اقتصادية إلى «دول الربيع العربي»، وتشمل، بالإضافة إلى مصر، تونس واليمن، بالإضافة إلى اعتمادات لسوريا، إذا سقط نظام الأسد، وللمساعدات الإنسانية إذا لم يسقط.
واقترح أوباما أكثر من خمسين مليار دولار في ميزانية وزارة الخارجية، والمساعدات الخارجية عموما. وتشمل هذه ثمانية مليارات دولار إلى «دول مناطق الحرب»، إشارة إلى العراق وأفغانستان. غير أن التركيز، بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق، كان على أفغانستان، بعد إعلان أن الولايات المتحدة ودول حلف الناتو ستنسحب في عام 2014.
ومرة أخرى، كان أوباما حذرا في استعجال الانسحاب من أفغانستان خوفا من انتقادات المرشحين الجمهوريين لرئاسة الجمهورية.
أوباما ومرسي
* ومع منتصف العام، زادت حدة الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة، وزادت الحرب في سوريا، وزادت العقوبات الأميركية والدولية على إيران. ثم جاء الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، حيث قتل السفير الأميركي لدى ليبيا وثلاثة من مساعديه، جاء الهجوم وسط توتر في العلاقات الأميركية مع الدول العربية والإسلامية بسبب صدور فيلم في الإنترنت ينتقد النبي محمد، وأصدره مسيحي مصري هاجر إلى كاليفورنيا.
وكان من أدلة حذر أوباما في التعامل مع مرسي، قوله لشبكة تلفزيونية باللغة بالإسبانية، إن الولايات المتحدة لا تعتبر الحكومة المصرية حليفة أو عدوا.
في الجانب الآخر، عندما سئل مرسي ما إذا كان يعتقد أن الولايات المتحدة حليفة، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت في ذلك الوقت، قال مرسي: «هذا يعتمد على تعريفكم لكلمة حليف».
غير أن سوزان رايس، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، قالت مباشرة بعد تصريحات أوباما: «لم يكن الرئيس يشير إلى أي تغيير في طبيعة علاقتنا. كان واضحا أن الرئيس أجرى محادثات مع الرئيس مرسي، وكانت مثمرة للغاية. وركز الرئيس أوباما على أنه، بطبيعة الحال، تقع المسؤولية على الحكومة المصرية، كمضيفة، لحماية الموظفين الدبلوماسيين والمرافقين لهم، بما في ذلك دبلوماسيونا والمرافقون لهم».
أوباما ورومني
* وبعد مؤتمر الحزب الجمهوري الذي اختار ميت رومني منافسا، وبعد مؤتمر «الحزب الديمقراطي» الذي أكد اختيار أوباما، زادت حدة المنافسة بين الرجلين. وفي أكتوبر (تشرين الأول)، ولأول مرة، تفوق أوباما على رومني في الاستطلاعات الشعبية، وسط انتقادات حادة ضد أوباما بسبب حادث القنصلية، واتهامات التقصير في مواجهة إيران، وفي مواجهة نظام الرئيس السوري الأسد. غير أن أهم الاتهامات كان تحميل أوباما مسؤولية استمرار المشكلة الاقتصادية، خاصة مع استمرار ارتفاع نسبة البطالة.
في ذلك الوقت، في استطلاع معهد «راسموسن»، حصل أوباما على نسبة 44%، بزيادة نقطتين عن رومني. وفي استطلاع معهد «غالوب»، حصل أوباما على نسبة 48%، بزيادة قدرها ثلاث نقاط على رومني.
لكن، كان واضحا أن هذه الأرقام لا تطمئن أوباما، لأن الانتخابات كان بقي عليها أكثر من شهر قليلا. ولأن الأرقام الاقتصادية تظل في غير صالحه، وخاصة عندما وصلت نسبة البطالة إلى أكثر من 8%، وعندما قالت أغلبية الشعب إن البلاد تسير على المسار الخطأ. في الجانب الآخر، ركز أوباما على أوجه القصور في حملة رومني، بما في ذلك عدم قيامه بإشعال حماس كبير داخل حزبه، ناهيك بوسط المستقلين.
تدريبات مع الأردن
* وتعمدت إدارة أوباما، في مواجهة انتقادات بالتقصير لإسقاط الرئيس السوري الأسد، إعلان أن فرقة «سبيشال فورسيس» (القوات الخاصة) أرسلت إلى الأردن كجزء من خطة أميركية لمنع الأسد من استخدام أسلحته الكيماوية والجرثومية ضد المعارضة. ولمنع وقوعها في أيدي إرهابيين. وقالت الإدارة إن الفرقة تجري تدريبات منتظمة مع القوات الأردنية قرب الحدود الأردنية مع سوريا.
في الجانب الآخر، قال رومني إنه سيرسل القوات الأميركية إلى سوريا لمنع انتشار واستعمال هذه الأسلحة، إذا حدث ذلك. غير أنه لم يتحدث عن هجوم استباقي. لكنه، على الأقل، بدا أكثر حماسا من أوباما نحو استعجال إسقاط الأسد.
بعد فوز أوباما في الانتخابات في نوفمبر، زادت حدة لهجة أوباما ضد الأسد. لكن، استمر أوباما يرفض أي نوع من أنواع التدخل العسكري الأميركي، غير أنه حذر الأسد ألا يتخطى «الخط الأحمر» باستعمال أسلحة كيماوية وبيولوجية ضد شعبه. وفي مؤتمر صحافي، أمام أسئلة ملحة عن سوريا، قال إن مشكلة سوريا «صعبة». وكرر بأن الرئيس الأسد «فقد شرعيته، ويجب عليه أن يتنازل عن الحكم».
التفاوض مع إيران
* وبالنسبة لإيران، ومع مزيد من العقوبات، وافق مجلس الشيوخ، بأغلبية ساحقة، على قرار أكد جهود الولايات المتحدة لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وعارض استراتيجية احتواء إيران إذا حصلت على القدرة النووية.
جاء التصويت بأغلبية 90 مقابل صوت واحد. وأشار القرار، وهو غير ملزم للرئيس باراك أوباما، إلى أن القرار يجب ألا يفسر بأنه إذن باستخدام القوة العسكرية، أو لإعلان الحرب على إيران.
ولم يكن توقيت صدور القرار صدفة، وذلك لإرضاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي كان طالب بالضغط على الرئيس أوباما حول «الخط الأحمر». (هذا خط أحمر غير الذي حدده أوباما عن سوريا). وهذا عن التزام الولايات المتحدة وقف الجهود الإيرانية قبل أن تصل إلى مرحلة إنتاج قنبلة نووية.
لكن، سرب البيت الأبيض معلومات عن احتمال مفاوضات مباشرة مع إيران، غير مفاوضات مجموعة خمسة زائد واحد (أعضاء مجلس الأمن الدائمون وألمانيا)، وغير مفاوضات لجنة الطاقة النووية الدولية.
لا تدخل في سوريا
* ومع اقتراب نهاية العام، وزيادة العنف في سوريا، وخوف واشنطن من «إرهابيين» يحاربون مع المعارضة المسلحة، صدرت تصريحات أميركية عن الخوف من مرحلة ما بعد الأسد ومن أن تكون المرحلة الانتقالية دموية، وربما مرحلة حرب أهلية، وحرب طائفية، وسيطرة متطرفين على الحكم، وتقسيم سوريا.
واعترف المسؤولون الأميركيون بأن الوضع حرج، خاصة أن المعارضة المسلحة زادت سيطرتها على الأراضي السورية، وسط تصاعد قتل المدنيين، والحاجة إلى مساعدات إنسانية. لكنهم قالوا: «توجد مسائل قانونية» تحول دون الانتقال من المعونة الإنسانية إلى خطوات أكثر فعالية لإسقاط نظام الأسد، وإن توفير المساعدات للمعارضة المسلحة في الجوانب التنظيمية والتدريب، مثل التي توفر للمعارضة السياسية خارج سوريا، يعتبر غير قانوني، مثلما يعتبر تسليح المعارضة غير قانوني. وإن الحكومة الأميركية، من دون تفويض دولي من الأمم المتحدة، أو موافقة من الكونغرس، لا تقدر قانونيا على تقديم أي نوع من أنواع المساعدات للمعارضة المسلحة.
حافة الهاوية
* ومع اقتراب نهاية العام، واستمرار المشكلة الاقتصادية، عادت إلى الأضواء اتفاقية أبرمت بين أوباما وقادة «الحزب الجمهوري» في بداية السنة عن اتخاذ إجراءات صارمة لزيادة الضرائب وتخفيض النفقات الحكومية.
خلال الحملة الانتخابية، لم يقدر أي من أوباما أو رومني على الالتزام بهذه الخطة الصارمة، خوفا من تنفير المواطنين. لكن، بعد أن فاز أوباما، وبعد اقتراب نهاية السنة، صارت «حافة الهاوية» الموضوع الرئيسي.
غير أن «حافة الهاوية» أثرت على مواضيع سياسية، مثل توقع أن يختار أوباما سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وزيرة للخارجية، خلفا لهيلاري كلينتون. لكن، بسبب تصريحات رايس عن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، وبسبب معارضة قوية لها وسط قادة «الحزب الجمهوري»، ضحى بها أوباما، مقابل تنازلات من الجمهوريين حول «حافة الهاوية».
ومع نهاية السنة، يبدو أن «حافة الهاوية» ستضطر كلا من أوباما والقادة الجمهوريين لتقديم تنازلات. منها عدم زيادة الضرائب على الطبقة الوسطى، فقط على الأغنياء، وإعلان تخفيضات كبيرة في برنامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
وزيران معتدلان
* ومع نهاية العام، وقبيل سفره إلى مسقط رأسه (هاواي) لقضاء إجازة الكريسماس، أعلن أوباما اختيار السيناتور جون كيري وزيرا للخارجية. ويتوقع أن يعلن قبل نهاية العام اختيار السيناتور السابق الجمهوري تشاك هيغل وزيرا للدفاع.
رغم أن كيري أيد حرب العراق في البداية، عاد وصار ينتقدها، ويعتبر من أكثر قادة «الحزب الديمقراطي» اعتدالا، خاصة في السياسة الخارجية.
هيغل، مثل السيناتور كيري، معتدل، وحارب في فيتنام، ونال أوسمة. وأيضا، عارض تلك الحرب في ما بعد. ويتوقع أن يضمن انتماء هيغل إلى «الحزب الجمهوري» تأييد زملائه السابقين في مجلس الشيوخ، جمهوريين وديمقراطيين. رغم أن قادة الجناح اليميني في «الحزب الجمهوري» بدأوا حملة ضده. واتهموه بأنه يتساهل نحو إيران، ويستعجل الانسحاب من أفغانستان، وعارض حرب العراق، بعد أن كان أيدها، وأيضا، ليس قويا في تأييده لإسرائيل.
الحرب ضد الإرهاب
* بعد الانسحاب من العراق، وتوقع الانسحاب من أفغانستان، قل اهتمام الأميركيين بالحرب ضد الإرهاب. لكن، تظل أجهزة محاربة الإرهاب مشغولة بما تسميه «الإرهاب الداخلي».
مع نهاية العام، أعلن مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) اعتقال أخوين باكستانيين في ولاية فلوريدا بتهمة «التآمر لتنفيذ تفجيرات على الأراضي الأميركية وتوفير دعم مادي لإرهابيين». وأن كلا من رئيس علم غازي (20 سنة)، وشهرياء علم غازي (30 سنة)، اعتقلا في فورت لودردايل التي تقع إلى الشمال من ميامي على الساحل الشرقي لولاية فلوريدا.
كان هذا رابع حادث اعتقالات أو محاكمات لإرهابيين مع نهاية العام. وكان «إف بي آي» أعلن اعتقال أربعة رجال في ولاية كاليفورنيا بتهمة التآمر مع حركة طالبان وتنظيم القاعدة للقيام بـ«الجهاد العنيف» لقتل أميركيين. وأن ثلاثة منهم بدأوا التدريب على الأسلحة النارية في جنوب ولاية كاليفورنيا، واستعدوا لتمارين أكثر تقدما في أفغانستان.
وكانت محكمة أميركية حكمت على مهاجر من البوسنة بالسجن المؤبد بتهمة التخطيط لتفجير شبكة مترو الأنفاق في نيويورك، أديس ميدونجانين، البالغ من العمر 34 عاما، بتهمة التآمر لاستخدام أسلحة دمار شامل، والتآمر لتقديم دعم مادي إلى تنظيم القاعدة.
وكان كل من زميليه نجيب الله زازي، وزارين أحمد زاي، مهاجرين من أفغانستان، أقرا بأنهما مذنبان. وشهدا ضد ميدونجانين خلال محاكمته. ومن المقرر أن يصدر الحكم على زازي (عمره 27 عاما) وعلى أحمد زاي (عمره 26 عاما) في بداية العام المقبل.
وقبل ذلك، أدانت محكمة في نيويورك الطالب البنغلاديشي محمد رضوان نفيس، الذي كان اعتقل بتهم محاولة تفجير فرع «فيدرال ريزيرف» (البنك المركزي) في نيويورك، واستخدام أسلحة «دمار شامل»، والسعي لتقديم مساعدة مادية لتنظيم القاعدة.
 
 
تمتد على طول مساحة فرنسا، مالي ... الأرض الجديدة للخلافة الإسلامية المنشودة
الرأي...إعداد عماد المرزوقي
ظهرت ارض جديدة تستعد لاقامة الخلافة المنشودة قد تتوافق مع مقولة الزعيم الروحي لتنظيم القاعدة والحركات الجهادية عبدالله عزام «نحن نبحث عن ارض نقيم فيها شرع الله»، وذلك بعد ان فشل تنظيم القاعدة في توطيد الخلافة الاسلامية في أفغانستان، هذه الأرض المنشودة لاقامة الخلافة تحولت من افغانستان الى شمال مالي وتحديداً الى اقليم يعرف بآزواد تعادل مساحته مساحة فرنسا ويمتد على منطقة ليست ببعيدة عن الجزائر.
تقرير في ابريل الماضي وصف مالي بالدولة التي قد تتحول الى مركز انطلاق للجهاد العالمي، تذكر رويترز. وكانت كل من حركتي المتمردين الطوارق وانصار الدين بوجود جماعات تنظيم القاعدة كونوا مجلسا انتقاليا للدولة الإسلامية أزواد» ويتم الحكم فيها بواسطة بروتوكول خاصة على أساس الشريعة الاسلامية.
وجهة أزواد أصبحت تستقطب بشكل لافت انصار الجهاديين الداعين لقيام دولة اسلامية على اساس الشريعة. اقليم آزواد بمالي بات حسب تقارير اعلامية جزائرية خصوصا الوجهة المثالية للطامحين في اقامة امارة اسلامية يحكمها امير للمؤمنين وعسكر وبيت مال للمسلمين بدل البنوك والحكم فقط وفق القرآن والسنة، ويبدو ان احتمال تحقق دولة اتباع الجهاد العالمي اصبح واقعا حسب تحذيرات بيانات الأمم المتحدة بعد سيطرة الحركات الاسلامية المسلحة وعلى رأسها تنظيم القاعدة على أجزاء كبيرة من هذا الاقليم. بالاضافة الى تحول مناطق مجاورة لمالي الى جهات مصدرة للراديكاليين الاسلاميين مثل مالي والجزائر وليبيا ومناطق الصحراء الافريقية وموريتانيا.
مشروع الخلافة الاسلامية الذي يعد الهدف الرئيسي للحركات الاسلامية المتبنية عقيدة القاعدة يبدو حسب تقارير استخباراتية ووكالات اخبارية انه يمضي قدما من خلال وضع اللمسات الأخيرة على تحصين المنطقة التي سيطروا عليها ثم تنظيم المقاتلين في سعي لردع اي خطر هجوم على الامارة السلفية لانتزاعها من جذورها بضربة عسكرية يلوح بها مجلس الأمن بعد سعي حثيث من دول مجاورة للاقليم كالجزائر والمغرب وبوركينا فاسو لاجراء عمل عسكري للسيطرة على زحف الحركات الاسلامية الجهادية على اراضي شمال مالي التي تريد ضمها للامارة السلفية.
لكن الى الآن بقي التخطيط لتنظيم شؤون الامارة المزعومة رهن ترسيخ الحركات الاسلامية قواتها في المناطق التي سيطرت عليها تمهيدا لاختيار نظام حكم يسود هذه الامارة المنشودة مع ترجيح تنصيب امير للمؤمنين ومستشارين لحكم ازواد اذا ما تم تدخل عسكري لمجلس الأمن في الاقليم.
بعض التقارير الأمنية الدولية ترجح ان اية ضربة محتملة لشمال مالي التي تسيطر عليها الحركات الاسلامية المتشددة بزعامة القاعدة لن يكون خيارا متاحا الا في سبتمبر المقبل. والبعض الآخر يرى ان أي بطء في التدخل العسكري لافشال مخطط القاعدة لنقل الامارة من افغانستان الى ازواد قد يسهم في توطيد اركان الدولة الاسلامية التي يسعى السلفيون الى اقامتها بقوة السلاح وشعار الجهاد في سبيل الله. وأبدت بريطانيا تخوفها من توسع انشطة القاعدة في المغرب العربي وخصوصا في ليبيا القريبة من مالي اين يتمركز الكثير من انصار الدين الموالين للقاعدة. وذكر تقرير في «هيرالد صن» ان تنظيم القاعدة اقام (إمارة إسلامية) في درنة، في شرق ليبيا، بزعامة سجين ليبي اسلامي سابق في غوانتانامو.
على طول الصحراء الافريقية ينتشر رجال افارقة وعرب اغلبهم لا يجد عملا الا حمل السلاح ومنهم من يرتدي عمامة بيضاء ولحى طويلة فيعرفون بانهم اتباع القاعدة، يقتاتون من تجارة ربح المال كفدية عن الافراج عن رهائن في مناطق مجاورة لاقليم ازاود.
يذكر ان مجموعة من أنصار الدين ومجموعة الطوارق التي ثارت على النظام السلطة المركزية لمالي للمطالبة باستقلال اقليم آزواد تتفق تماما حسب تقرير لوكالة الانباء الفرنسية مع اهداف وطموحات انصار القاعدة لاقامة امارة اسلامية تطبق الشريعة. وحسب التقرير نفسه فان الحركات الجهادية استغلت عدم الاستقرار في مالي والمناطق المجاورة للقيام بالانقلاب واعلان آزواد امارة اسلامية مستقلة. هذا الأمر أدى الى تخوف رؤساء دول مجاورة وديبلوماسيين فرنسيين ليبدأوا بشن حملة اعلامية دولية لاثارة اهتمام الرأي العالمي بخطورة مستقبل مالي في طور بداية احكام الاسلاميين والطوارق على اجزاء هامة قد تخول له الزحف الى المناطق اوسع.
وحسب «التيلغراف اللندنية» لا يزال شمال مالي تحت سيطرة 3 مجموعات رادييكالية رئيسية، وهي مجموعة «أنصار الدين» المتألفة أساسا من الطوارق، وتنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا». وتضم المجموعتان الأخيرتان مقاتلين أجانب. وقد تمكن مقاتلو «التوحيد والجهاد» من طرد مقاتلي الحركة الأزوادية من بلدة أنسوغو التي تبعد مائة كيلومتر تقريبا شمالي مدينة غاو.
ويذكر ان مالي شهدت في السنوات الأخيرة مطالبات متكررة من حركات أزاودية اغي سكان ازواد للاستقلال عن مالي ونتيجة ضعف قدرات مقاتلي الحركة الأزوادية، اتى المتمردون الطوارق بمساندة القاعدة لطرد المقاتلين الأزواديين والسيطرة على الاقليم بدل منهمخ واعلان استقلال من طرف واحد وانشاء امارة اسلامية.
وكانت دول غرب أفريقيا قد أمهلت مختلف الأطراف في مالي أسبوعين لتشكيل حكومة وحدة وطنية تستطيع استعادة السيطرة على شمال البلاد وهددت بتعليق عضوية مالي فيها. وشكلت دول المجموعة قوة عسكرية تحسبًا لتدخل محتمل في شمال مالي بدعم محتمل من مجلس الأمن الدولي.
وذكر مركز الجزيرة للدراسات أن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي يفرض نفسه وصيا روحيا على جماعة أنصار الدين» السلفية الطوارقية، و«حركة الجهاد والتوحيد» السلفية العربية، وعلى المشروع السلفي الجهادي في المنطقة برمتها».
ويضيف تقرير مركز الدراسات ان «تنظيم القاعدة الذي وصل إلى المنطقة عام 2003 على يد أمير كتيبة الملثمين «مختار بالمختار» الملقب «بلعور»، أرسخ التنظيمات السلفية قدما في الصحراء الكبرى عموما ومنطقة أزواد خصوصا، وقد تمكن من استقطاب الكثيرين رغبا ورهبا».
وحسب تقارير استخباراتية تداولتها وكالات انباء ان الترسانة العسكرية لأتباع القاعدة في أزواد قد تعززت عبر استيراد كميات كبيرة من الأسلحة الليبية».
وحسب البيانات المتوفرة، فإن الحركات الثلاث تستعد لفرض سيطرتها عسكريا على إقليم أزواد عبر احتلال مدنه الكبرى (كيدال، تمبكتو، غاوة)، مفاوضة أو مغالبة، حيث تحاصر قوات «حركة أنصار الدين» مدينة كيدال ذات الأغلبية الطوارقية، وتستعد للانقضاض عليها، بينما لا ينتظر أن توكل مهمة مهاجمة مدينتي غاواة وتمبكتو، لحركة التوحيد والجهاد، وتنظـــــيم القــــاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، باعتبار أنهما مدينتان ذواتا أغلبية عربية.
تحديات كبيرة تواجه مشروع الإمارة السلفية في أزواد، وفي مقدمتها عدم التوافق التاريخي بين القبائل العربية في أزواد والقبائل الطوارقية، ويعزز الخلاف المحتمل في اطار الامارة الوليدة هو ترجيح بعض الجماعات طوارقيا لقيادة إمارة آزواد الإسلامية هو الشيخ إياد غالي، الأمر الذي لن يعجب بعض القبائل العربية في أزواد، هذا فضلا عن أن «الجهاديين العرب» هناك ممثلون في تنظيم القاعدة وحركة التوحيد والجهاد، يواجهون عقبات أخرى في التناغم مع المجموعات القبلية.
الإمارة الإسلامية الجديدة: مياه وأشجار وجبال وصحراء
تعتبر منطقة آزواد المعروفة تاريخيا بتمبكتو، مركزا تجاريا ومقراً تاريخيا لتعليم الطوارق. يشكل إقليم أزواد سبعين في المائة من مساحة مالي أي 827485 كلم²، ويضم ثلاث مدن رئيسية هي: تمبكتو، غاوه وكيدال.
يقع إقليم أزواد بين خمس دول هي على التوالي: الجزائر، موريتانيا، مالي، بوركينافاسو والنيجر وقد تجاهلت الدول الاستعمارية حين وضعت الحدود الخصائص الأنتروبولوجية والتركيبة السكانية. ينقسم إقليم ازواد إلى ثلاثة مناطق من حيث التضاريس: المنطقة الأولى وهي المحاذية لنهر النيجر تتميز بكونها منطقة رخوة تكثر فيها المياه والقيعان والأشجار الكثيفة اما المنطقة الوسطى فهي تعتبر ذات تضاريس صحراوية قاحلة وجرداء وحبات رمالها من النوع الكبير نسبيا. الى ذلك هناك المنطقة الثالثة الواقعة إلى الشمال مباشرة من المنطقة الوسطى وتضم سلسلة جبال...
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,597,087

عدد الزوار: 6,956,730

المتواجدون الآن: 82