هل خذلت إيران وحزب الله الأسد؟...مسؤولون أميركيون: إيران تزود سوريا بالأسلحة عبر الأجواء العراقية، طهران ضاعفت جهودها بعد تقدم «ملحوظ» للثوار على الأرض

قائد «الجيش الوطني السوري»: توحدنا لمنع «الحرب الأهلية»...حلب «تحترق».. وتضارب حول انفجارات غامضة في دمشق

تاريخ الإضافة الجمعة 7 أيلول 2012 - 6:31 ص    عدد الزيارات 2854    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

قائد «الجيش الوطني السوري» لـ«الشرق الأوسط»: توحدنا لمنع «الحرب الأهلية»
واشنطن تحذر بغداد من استمرار ممر السلاح الإيراني للأسد.. وبغداد تتعهد بالتحقيق * الصين تدعم «انتقالا سياسيا» في سوريا
بيروت: كارولين عاكوم وبولا أسطيح ويوسف دياب بغداد: حمزة مصطفى لندن: «الشرق الأوسط»
في حديث أجرته معه «الشرق الاوسط»، أعرب اللواء محمد حسين الحاج علي، الذي عين قائدا عاما لـ«الجيش الوطني السوري»، عن ارتياحه لخطوة توحيد المعارضة السورية المسلحة في الداخل والخارج، معتبرا أن تنظيم الصفوف وتوحيدها تحت لواء واحد، بعيدا عن جيش الزعامات؛ على غرار «الجيش العربي السوري»، سيساهم إلى حد كبير في تجنب أي انقسامات أو حرب أهلية أو طائفية قد تقع بعد سقوط النظام.
وأوضح الحاج علي أن تسليح المعارضة السورية، هو الضمان الاقوى لازالة النظام السوري في وقت قصير، مشيرا الى ان إحدى اهم مهامه هي «ضبط عملية السلاح، الذي يجري توزيعه بطريقة عشوائية، وحصر استخدامه في الدفاع عن سوريا».
في غضون ذلك، حذر ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي؛ هم جون ماكين، وجو ليبرمان، وليندسي غراهام، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي التقوه في بغداد أمس، من التساهل مع الانتهاكات الإيرانية، المتمثلة في تمرير شحنات أسلحة من إيران، أو أي طرف آخر، إلى سوريا عبر العراق. وحذر ليبرمان من أنه إذا استمرت الانتهاكات الإيرانية، فإنها ستهدد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤولين اميركيين قولهم ان ايران مستمرة في نقل شحنات الاسلحة الى سوريا عبر الاجواء العراقية. من جهته قال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، لـ«الشرق الأوسط»: «أبلغنا الجانب الإيراني بأننا لن نتساهل في أمر إرسال شحنات الأسلحة عبر الأراضي العراقية، وهو ما تعهدت به إيران لنا أيضا بموجبه». وأضاف: «أبلغناهم ذلك بشكل واضح وصريح، بما في ذلك قيامنا بتفتيش أية طائرة نشك في احتمال أن تكون حاملة لأسلحة». وأوضح الموسوي أن «ما يهمنا هو الالتزام بالقرارات الدولية وبما تعهدنا به نحن، وما عبرنا عنه من مواقف ثابتة ومعلنة في هذا الاتجاه، ومع ذلك، فإننا على استعداد للتحقيق في أية مزاعم في هذا الشأن في حال قدم لنا أحد دليلا على ذلك».
إلى ذلك، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في اجتماع عام لحزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه، نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه أصبح «دولة إرهابية»، وقال إن «المذابح في سوريا التي تكتسب قوة من اللامبالاة التي يظهرها المجتمع الدولي، ما زالت في ازدياد»، مؤكدا أن «تركيا لا يمكنها أن تسمح لنفسها بعدم الاكتراث بالنزاع الذي يمزق جارتها». وبالتزامن، أعلنت الصين أمس أنها تدعم «انتقالا سياسيا» في سوريا، وأنها «ليست منحازة لأي فرد أو طرف». ودعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي كل الدول إلى ممارسة «نفوذ إيجابي لإقناع الأطراف في سوريا باعتماد موقف واقعي وهادئ وبناء لكي يمكن البدء مبكرا في حوار سياسي وعملية انتقالية».
مسؤولون أميركيون: إيران تزود سوريا بالأسلحة عبر الأجواء العراقية، طهران ضاعفت جهودها بعد تقدم «ملحوظ» للثوار على الأرض

جريدة الشرق الاوسط... واشنطن: مايكل جوردون* ... أشار مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى إلى أن إيران استأنفت تزويد الجيش السوري بمعدات عسكرية عبر الأجواء العراقية، في محاولة جديدة لتعزيز وضع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
ومن جهتها، ضغطت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على العراق لإغلاق الممر الجوي الذي كانت إيران تستخدمه مطلع العام الحالي، وناقشت الموضوع مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. على الرغم من ذلك، ضاعفت إيران من دعمها للرئيس السوري بعد التقدم الملحوظ الذي حققه الثوار السوريون على الأرض، والضربة الموجعة التي تلقتها حكومة الأسد عقب التفجير الذي أدى إلى مقتل عدد كبير من المسؤولين السوريين البارزين.
وقد تم استئناف الرحلات التي تنقل التجهيزات العسكرية من إيران إلى الجيش السوري في شهر يوليو (تموز) الماضي، ولم تتوقف منذ ذلك الحين، وهو ما يشكل مصدر إزعاج كبير للمسؤولين الأميركيين. وقال خبراء عسكريون إن هذه الرحلات الجوية مكنت إيران من تقديم إمدادات للحكومة السورية؛ على الرغم من الجهود التي يبذلها الثوار للسيطرة على عدد من المعابر الحدودية التي تمر منها الإمدادات الإيرانية.
وقال هشام جابر، وهو لواء متقاعد في الجيش اللبناني ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث في بيروت: «لا يواجه الإيرانيون مشكلة في الجو، ولا يزال النظام السوري يسيطر على المطارات».
وناقش جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي الذي لعب دورا في السياسة العراقية لإدارة أوباما، الأزمة السورية في محادثة هاتفية مع المالكي في 17 أغسطس (آب) الماضي، لكن البيت الأبيض رفض نشر تفاصيل المكالمة، غير أن مسؤولا أميركيا قال في حديث غير مسجل إن بايدن أبدى قلقه تجاه هذه الرحلات.
وتمثل الرحلات الإيرانية أسئلة بحث بالنسبة للولايات المتحدة، فقد أبدت إدارة أوباما ترددها في تقديم السلاح إلى الثوار السوريين أو إنشاء منطقة حظر للطيران على سوريا؛ خشية التورط في النزاع السوري، لكن الدعم الذي تقدمه إيران يؤكد على حقيقة أن إيران لا تملك مثل هذا التردد في تقديم الدعم العسكري والمستشارين لإبقاء الأسد في السلطة.
تهاون المالكي في استخدام إيران للمجال الجوي العراقي يشير إلى ضعف تأثير إدارة أوباما على الحكومة العراقية، على الرغم من الدور الأميركي في إسقاط صدام وتقديم الدعم للحكومة الجديدة. ويبدو النفوذ الأميركي محدودا أيضا على الرغم من تأكيداتها أنها تبني شراكة استراتيجية مع العراقيين.
وكان المالكي قد سعى للحفاظ على العلاقات مع إيران، على الرغم من قيادة الولايات المتحدة جهودا دولية لفرض عقوبات على حكومة طهران. في الوقت ذاته يرى رئيس الوزراء العراقي أن سقوط الأسد تطور يمكن أن يقوي شوكة خصومه السنة والأكراد في المنطقة. وعدد من الدول التي ترغب في رحيل الأسد مثل السعودية وقطر وتركيا تربطها علاقات سيئة بالمالكي والحكومة التي يسيطر عليها الشيعة.
يمكن للعراق اتخاذ عدة خطوات لوقف الرحلات الجوية، بما في ذلك الإصرار على أن تخضع طائرات الشحن الإيرانية التي تمر بأراضيه إلى سوريا للتفتيش في بغداد، أو أن تعلن صراحة أن المجال الجوي العراقي لا يمكن استخدامه لمثل هذا النوع من الرحلات.
لا يملك العراق قوة جوية فاعلة، ومنذ انسحاب القوات الأميركية من العراق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لم تملك الولايات المتحدة طائرات متمركزة في العراق. وبحسب مسؤولين أميركيين، فقد شارك عدد من شركات الطيران في نقل الأسلحة، من بينها شركة «ماهان إير»، الخطوط الجوية التجارية التي قالت وزارة الخزانة الأميركية العام الماضي إنها نقلت الأفراد والإمدادات والمال لفيلق القدس شبه العسكري وحزب الله. ويشير أحد المسؤولين الأميركيين السابقين إلى أنه لم تتضح بشكل كامل نوعية الشحنات التي ترسل إلى سوريا قبل توقف الشحنات في مارس (آذار)، لكن نوعية الطائرات المشاركة في هذه الرحلات، وطبيعة الشركات الناقلة والتردد الإيراني في تفتيش الطائرات في العراق، أظهرت أنها معدات عسكرية قتالية.
في ذلك الوقت تم تعليق الرحلات، وكان العراق يستعد لاستضافة اجتماع القمة العربية التي حضر خلالها إلى بغداد الكثير من القادة المعارضين للأسد، وفي أعقاب الاجتماع اتصل الرئيس أوباما في الثالث من أبريل (نيسان) وأعاد التأكيد على ضرورة عدم استمرار الرحلات مرة أخرى.
وتمتلك إيران مصالح كبيرة في سوريا، فهي حليف إيران العربي القوي، وتطل على البحر الأبيض المتوسط وجارة للبنان ومعبر للدعم الإيراني إلى حزب الله.
وكجزء من المساعدات الإيرانية لحكومة الأسد قدمت للسلطات السورية التدريب وتكنولوجيا اعتراض الاتصالات الهاتفية ومراقبة الإنترنت، بحسب مسؤولين أميركيين أشاروا أيضا إلى أن قوات من فيلق القدس شاركت في تدريب الميليشيات الشيعية التي تعتمد الحكومة عليها بشكل كبير إلى جانب القوات السورية التي تحمي القواعد الجوية، حتى إن الإيرانيين قدموا طائرات شحن يمكن للقوات العسكرية السورية استخدامها في نقل الجنود والإمدادات في أنحاء البلاد، بحسب مسؤولين أميركيين.
وفي تطور جديد، أوضح مسؤول أميركي وجود تقارير موثقة تفيد بأن مقاتلين شيعة من العراق، ممن تلقوا دعما من إيران خلال مساعيها لصياغة الأحداث في العراق، يتوجهون إلى سوريا لمساعدة حكومة الأسد.
وعلى الرغم من عدم مناقشتهم على وجه الخصوص المساعدات التي تنقلها جوا إلى سوريا، قال المسؤولون الأميركيون إنهم تحدثوا بشكل علني عن التورط الإيراني في سوريا. وقال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الشهر الماضي: «إيران تلعب دورا أكبر في سوريا من عدة نواحي، وهناك مؤشرات الآن على أنهم يحاولون نقل أو تدريب رجال ميليشيات داخل سوريا للقتال إلى جانب النظام».
كما صرح ديفيد كوهين، المسؤول البارز في وزارة الخزانة المختص بشؤون مكافحة الإرهاب، الشهر الماضي، بأن حزب الله كان يدرب موظفين حكوميين سوريين، وساعد في تدريب قوة القدس للقوات السورية.
وأصر بانيتا في تصريحاته الشهر الماضي على أن الجهود الإيرانية «ستعزز نظاما نعتقد أنه سيسقط في النهاية»، لكن بعض الخبراء الإيرانيين يعتقدون أن القيادة الإيرانية لا يتوقع أن توقف تدخلها في سوريا حتى إن سقط الأسد، معتقدة أن سوريا المضطربة أفضل من حكومة جديدة قد تكون منحازة للغرب.
ويقول محسن سازكارا، الناشط الإيراني المؤيد للديمقراطية الذي يعيش في الولايات المتحدة والذي كان أحد مؤسسي الحرس الثوري الإيراني: «الخطة A هي الحفاظ على الرئيس الأسد في السلطة، أما الخطة B فهي أنهم إن لم يتمكنوا من الإبقاء عليه في السلطة فسيحاولون صنع عراق أو أفغانستان أخرى (حرب أهلية) ثم يمكنك إنشاء حزب الله آخر».
ونتيجة الصخب الدائر حول هذه القضية تحاول وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتين عن الدور الإيراني، تجنب مناقشة الرحلات الإيرانية علانية أو الأسئلة الحساسة المتعلقة بالعلاقات الأميركية مع حكومة نوري المالكي. فعندما سئلت وزارة الخارجية عن الرحلات الإيرانية فوق الأجواء العراقية والجهود الأميركية في بغداد لحث الحكومة العراقية على وقفها، التزمت الخارجية الصمت حيال ذلك.
* شارك ديفيد كيرك باتريك وهويدا سعد في كتابة المقال من بيروت
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
بغداد تتعهد بالتحقيق في خبر إرسال أسلحة إيرانية إلى سوريا عبر العراق، مستشار للمالكي لـ«الشرق الأوسط»: لن نتساهل في هذا الأمر.. ونريد أدلة

بغداد: حمزة مصطفى ... أكدت السلطات العراقية أنها «لن تتساهل في أمر تمرير شحنات أسلحة من إيران أو أي طرف آخر إلى سوريا عبر العراق، وذلك كجزء من التزامها الثابت بالوقوف على الحياد في الأزمة السورية وعدم إرسال الأسلحة لأي من طرفي النزاع».
وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إننا أبلغنا الجانب الإيراني بأننا لن نتساهل في أمر إرسال شحنات الأسلحة عبر الأراضي العراقية، وهو ما تعهدت به إيران لنا أيضا بموجبه». وردا على سؤال بشأن مدى قناعة الجانب العراقي بالتزام إيران ذلك، قال الموسوي: «إن قناعتنا هي أن الإيرانيين ملتزمون، ونحن أبلغناهم بشكل واضح وصريح ذلك، بما في ذلك قيامنا بتفتيش أية طائرة نشك في احتمال أن تكون حاملة لأسلحة». وأوضح الموسوي أن «ما يهمنا هو الالتزام بالقرارات الدولية وبما تعهدنا به نحن، وما عبرنا عنه من مواقف ثابتة ومعلنة في هذا الاتجاه، ومع ذلك فإننا على استعداد للتحقيق في أية مزاعم في هذا الشأن في حال قدم لنا أحد دليلا على ذلك».
من جانبها، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن الموسوي إقراره بأن إيران ترسل شحنات جوا إلى سوريا عبر العراق. كما نسبت الوكالة إلى مستشار المالكي قوله إن المسؤولين في طهران أكدوا لرئيس الوزراء العراقي أن الشحنات عبارة عن مواد غذائية وغيرها من المساعدات الإنسانية لضحايا الحرب الأهلية في سوريا.
وحذر ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، هم: جون ماكين، وجو ليبرمان، وليندسي غراهام، المالكي، الذي التقوه في بغداد أمس، من التساهل مع هذه الانتهاكات الإيرانية. وقال ليبرمان: «طرحنا مخاوفنا على رئيس الوزراء ووزير الخارجية (حول هذه الطلعات)». وأضاف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «رئيس الوزراء (نوري المالكي) أكد أنه تلقي وعدا من الإيرانيين بأن (هذه الرحلات تقتصر على المساعدات الإنسانية)، لكننا نعتقد خلاف ذلك». وتابع: «أعتقد أن علينا أن نقدم له (المالكي) الدليل الذي نتمكن منه (..) لتوضيح لماذا نعتقد أن هذه الطائرات الإيرانية (..) تحمل مواد (..) تمكن الأسد من قتل شعبه».
وأكد ماكين أن «الأمر يعد انتهاكا لقرارات مجلس الأمن». ونقل عن المالكي قوله لأعضاء مجلس الشيوخ إن «نائب الرئيس الأميركي جو بايدن صرح بأن واشنطن ستقدم دليلا إلى بغداد حول الهدف من هذه الرحلات، ولكن هذا لم يتحقق حتى الآن». ويرى ماكين أن هذه الرحلات قد بدأت بعد الهجوم الانتحاري الذي وقع في 18 يوليو (تموز) الماضي واستهدف مقرا أمنيا في دمشق وقتل فيه أربعة من قادة النظام السوري، بينهم وزير الدفاع الجنرال داود راجحة وآصف شوكت.
وكان العراق قد أعلن على لسان رئيس الوزراء المالكي، رفضه استخدام الخيار العسكري لحل الأزمة السورية، مشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة الحفاظ على حرية الشعب السوري والمطالبة بحقوقه، وتحقيق تطلعاته عبر الانتخابات والسبل الديمقراطية. وفي السياق نفسه، فإن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، كان قد أبلغ «الشرق الأوسط» أن «العراق أبلغ دول الجوار، وخاصة إيران، أن أي حمولة طيران تمر عبر أراضيه يمكن أن تكون عرضة للتفتيش في حال وجود شكوك في شأنها»، مشيرا إلى أن «بغداد ترفض أن تكون أراضيها ممرا لتهريب الأسلحة إلى سوريا».
وحذر ليبرمان من أنه إذا استمرت الانتهاكات الإيرانية، فإنها ستهدد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق. وأضاف: «هذا النوع من المشكلات مع الطلعات الإيرانية (عبر الأجواء العراقية) يمكن أن يجعل من الصعب المضي قدما في تنفيذ اتفاق الإطار الاستراتيجي بالشكل الذي يريده رئيس الوزراء (العراقي) ونريده نحن». وتابع: «بناء عليه؛ أتمنى تسوية هذا الأمر بسرعة». بدوره، قال السناتور غريهام: «إنهم في مأزق هنا». وتابع: «السبب وراء عدم ردعهم إيران هو أنهم لا يعرفون كيف سينتهي الأمر»، وأضاف: «هناك غياب مدهش للقيادة الأميركية، وهذا بدأ يتجلي على كل الأصعدة».
 
تركيا تعتبر نظام الأسد «دولة إرهابية» والصين تدعم «انتقالا سياسيا» في دمشق، المجلس الوطني يسعى لحث واشنطن على اتباع خطوات خارج مجلس الأمن

بيروت: «الشرق الأوسط» .... في موقف تصعيدي لافت يصب في سلسلة المواقف التركية المناهضة للنظام السوري، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه أصبح «دولة إرهابية» بسبب ما قال إنها «مجازر جماعية» يرتكبها في حق شعبه.. وذلك بالتزامن مع إعلان الصين بالأمس أنها تدعم «انتقالا سياسيا» في سوريا، وأنها «ليست منحازة لأي فرد أو طرف».
وقال أردوغان في اجتماع عام لحزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه إن «المذابح في سوريا التي تكتسب قوة من اللامبالاة التي يظهرها المجتمع الدولي ما زالت في ازدياد»، مشيرا إلى أن «النظام السوري أصبح دولة إرهابية».. ومؤكدا أن «تركيا لا يمكنها أن تسمح لنفسها بعدم الاكتراث بالنزاع الذي يمزق جارتها».
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن أردوغان قوله «إن أحزاب المعارضة التركية التي ناصرت النظام السوري ستخجل في القريب العاجل من زيارة دمشق»، فيما سيذهب وأعضاء حزبه إليها ليلتقوا بإخوتهم ويتلوا «الفاتحة فوق قبر صلاح الدين الأيوبي»، ثم يصلون في باحات جامع بني أمية الكبير، ويزورون قبر الصحابي بلال بن رباح والإمام ابن عربي، والكلية السليمانية ومحطة الحجاز. وتابع أردوغان: «سنشكر الله جنبا إلى جنب مع إخوتنا السوريين».
إلى ذلك، ندد أردوغان بالأعمال التي وصفها بـ«الإرهابية» التي تقوم بها منظمة حزب العمال الكردستاني، مؤكدا أن لا أحد فوق القانون. وأضاف أردوغان أن هذه المنظمة التي «تتخذ من الأطفال والنسوة دروعا بشرية، وتندس داخل الجموع لتفجر وتقتل المدنيين العزَّل ثم تلوذ بالفرار، لا تمتلك حتى الكرامة التي يمتلكها الأعداء». وشدد أردوغان على أن «لا أحد فوق سقف القانون، وكل من يتعاون مع الإرهاب والإرهابيين سيحال إلى القضاء».
وبالتزامن، أعلنت الصين بالأمس أنها تدعم «انتقالا سياسيا» في سوريا وأنها «ليست منحازة لأي فرد أو طرف». ودعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي كل أطراف النزاع في سوريا إلى وقف القتال، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي أعربت خلال لقائها أبرز القيادات الصينية في بكين عن خيبة أملها من استخدام الصين وروسيا حق النقض لمنع صدور قرارات عن مجلس الأمن الدولي تدين النظام السوري، قال: «أنا أشدد على أن الصين ليست منحازة لأي فرد أو طرف»، وأضاف أنه يدعو كل الدول إلى ممارسة «نفوذ إيجابي» لإقناع الأطراف في سوريا باعتماد موقف واقعي وهادئ وبناء لكي يمكن البدء مبكرا بحوار سياسي وعملية انتقالية».
وحذر يانغ من استخدام قوة خارجية لوقف النزاع الذي يقول ناشطون إنه أدى إلى مقتل أكثر من 26 ألف شخص. وأضاف: «أعتقد أن التاريخ سيحكم بأن موقف الصين في المسألة السورية هو التشجيع على معالجة وحل المسألة السورية بشكل مناسب».
من جهتها، حثت كلينتون على بذل المزيد من الجهود حول سوريا، وقالت: «كلما طال أمد النزاع، زادت المخاطر من توسعه خارج الحدود وزعزعة استقرار دول مجاورة». وأكدت أن «أفضل مسار للتحرك يبقى الاتحاد في مجلس الأمن لإقرار عواقب واقعية، إذا ما واصل الرئيس بشار الأسد عنفه الوحشي ضد شعبه وتهديده أمن المنطقة».
في هذا الوقت، كشف مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري رضوان زيادة عن «اجتماعات يعقدها أعضاء في المجلس الوطني السوري مع قيادات في الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة الأميركية لخلق رأي عام أميركي يدعو لضرورة التحرك بشكل سريع لحسم الأمور لصالح الثورة في سوريا»، لافتا إلى أن «كل المحاولات تصب حاليا في خانة تغيير موقف واشنطن من خلال التأثير على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ليتم التحرك من خارج مجلس الأمن وفرض منطقة حظر جوي وإقامة مناطق آمنة».
وقال زيادة لـ«الشرق الأوسط»: «كلنا يعلم أن الموقف الصيني أخف وطأة في دعم النظام السوري من الموقف الروسي، لذلك يتم بذل جهود عربية وأميركية لحث الصين على تغيير موقفها، لكننا نعتبر أن تركيز الجهود مجددا على روسيا والصين لتغيير موقفهما لن تفلح»، داعيا لعدم إضاعة المزيد من الوقت والجهود على هذه المحاولات بينما تسيل على الأراضي السورية دماء عشرات آلاف السوريين. ورأى زيادة أنه وبعد أن أثبت العمل العسكري في سوريا جدواه، بات يتوجب مواكبته بخطوات دولية سريعة وفعالة تبدأ بإقامة المنطقة العازلة وفرض الحظر الجوي من خارج مجلس الأمن، وقال: «المطلوب قرار أميركي تاريخي في هذا الإطار، بعدما أثبتت الأزمة السورية أنها قد تتفشى في دول الجوار، وأنها تزيد من التطرف في المنطقة»، لافتا إلى أنه وبغياب قرار مماثل سيتضاعف عدد الضحايا وقد تدخل سوريا في دوامة من الفوضى لن تنتهي قريبا.
وعلق زيادة على وصف أردوغان للنظام بأنه بات دولة إرهابية، فقال: «نسمع يوميا مواقف هجومية تصف الأسد ونظامه بأبشع النعوت، لكن ما نطلبه خطوات فاعلة على الأرض.. لا شك أن تركيا تأخذ مواقف متقدمة وتدفع باتجاه إنشاء مناطق آمنة، على أمل أن تلاقي أميركا هذه الدعوات بأسرع وقت ممكن».
 
قائد «الجيش الوطني السوري»: العمليات ستشهد تغيرا جذريا.. ومهمتي الأساسية ضبط السلاح، اللواء حسين الحاج علي يؤكد لـ «الشرق الأوسط» أنه لم يكن يوما مع النظام.. ويعارض الحظر الجوي

بيروت: كارولين عاكوم .... بعد توحيد صفوف الجيش السوري الحر وكتائبه في الداخل والخارج تحت لواء «الجيش الوطني السوري»، يبدي اللواء محمد حسين الحاج علي الذي عين قائدا عاما له، ارتياحه لهذه الخطوة أو «المشروع» كما يسميه، انطلاقا من الدور الفعال لهذه المؤسسة في إسقاط النظام والمحافظة على الأمن والاستقرار في مرحلة ما بعد الأسد، وتأمين حياة سياسية مدنية ديمقراطية، ووضع دستور عصري يتلاءم مع متطلبات الشعب السوري، «إضافة طبعا إلى إجراء انتخابات حرة بإشراف دولي»، بحسب قوله.
ويقول الحاج علي لـ«الشرق الأوسط»: «كان لا بد من العمل على هذا المشروع بعدما وصل الجيش الحر إلى مرحلة يفتقد فيها إلى هيكلية تستوعب كل الأعداد والفصائل في غياب السيطرة والإدارة أو المرجعية الواحدة.. بعيدا عن جيش الزعامات؛ على غرار (الجيش العربي السوري). وبالتالي، كان الهدف الأساسي من تأسيس الجيش الوطني هو جمع كل المقاتلين والثوار العسكريين والمدنيين منهم تحت لواء واحد وتحقيق الهدف المشترك»، معتبرا أن تنظيم الصفوف وتوحيدها تحت لواء واحد سيساهم إلى حد كبير في تجنب أي انقسامات أو حرب أهلية أو طائفية قد تقع بعد سقوط النظام.
وفي حين يؤكد الحاج علي أن العمل العسكري على الأرض سيشهد تغيرات جذرية على كل الصعد في المرحلة المقبلة، وأن هذا ما سيظهر في الأسابيع القليلة المقبلة، رافضا الإفصاح أو إعطاء تفاصيل أكثر نظرا لأهمية السرية في العمليات.. يلفت إلى أن التواصل سيكون مستمرا قدر الإمكان بين فصائل الداخل والخارج، وهذا ما سينعكس على الأداء العسكري على الأرض، لا سيما أن بعض نتائج الاجتهادات العسكرية التي كانت تحصل، في ظل غياب المرجعية والمؤسسة الجامعة، تصل إلى أهدافها حينا وتفشل أحيانا.
وعما إذا كانت هناك وعود دولية بالتسليح قد حصل عليها «الجيش الوطني السوري»، قال الحاج علي: «لطالما كانت الدول تسأل عن الجهة التي ستكون ضامنة لهذا السلاح في حال قدم للمعارضين، وبالتالي هذا التغير سيطمئن الدول الصديقة للشعب السوري وسينعكس إيجابا على الخطوات العملية على صعيد التسليح. أما مهمتي الأساسية، فستكون العمل على ضبط هذا السلاح وذلك الذي كان يتم توزيعه بطريقة عشوائية وحصر استخدامه في الدفاع عن سوريا».
وأعلن الحاج علي عن معارضته المطالبة بفرض الحظر الجوي على سوريا، معتبرا أن لهذا الأمر سلبيات أكثر من الإيجابيات، مضيفا: «إذا تأمن لدينا السلاح اللازم، سنتخلص في وقت قصير من هذا النظام الساقط بأذهان السوريين الذين اختاروا بين الموت أو الحياة الكريمة».
وعن سبب تعيينه القائد العام لـ«الجيش الوطني السوري»، رغم أنه لم تمر على انشقاقه إلا أسابيع قليلة، وهذا ما جعل البعض يعترض على هذه الخطوة معتبرين إياه من رجال النظام، سأل الحاج علي: «من يثبت أنني كنت مع النظام؟»، مضيفا: «كنت منتميا إلى مؤسسة مهمتها حماية الشعب، ولم أشارك يوما بأي عمل ضد أبناء وطني، بل كنت منشقا فكريا وعاطفيا عن كل ما يقوم به هذا النظام ورجاله، ويؤذيني ما يحصل في بلدي، لكن لأسباب مختلفة ليست خافية على أحد لم أستطع الإفصاح عن موقفي أو الانشقاق بسهولة، في ظل القيود والمراقبة الشديدة التي كانت مفروضة علي، لا سيما أنني لم أكن أريد أن أخرج لاجئا؛ بل أن أكمل العمل خدمة لوطني وشعبي. وهذا ما جعلني أقدم مشروع توحيد الصفوف وإنشاء الجيش للعمل ضمن هذا الهدف».
وعما إذا كان على تواصل مع المعارضة السورية وبالتالي هذا المشروع قبل الانشقاق، أوضح الحاج علي: «كنت على تواصل مع بعض أفراد المعارضة، والمشروع كان في ذهني وكنت أخطط له قبل خروجي بعدما كنت على يقين من أن التسليح لن يحصل ما لم يتم إنشاء مؤسسة يطمئن لها العالم والدول التي تخشى من تشتت السلاح وانفلات الوضع، لكن الكلام حول تطبيقه أتى في وقت لاحق».
وعند سؤاله عن «التوافق التركي - الفرنسي وبدفع أميركي ومباركة عربية»، الذي أدى إلى الوصول إلى تأسيس هذا الجيش، يقول الحاج علي: «مهمتنا معقدة، وأتمنى أن يباركها الجميع من الدول الصديقة؛ العربية منها والأجنبية، إضافة إلى الدول العظمى، ومساعدتنا لتحقيق أهدافنا بعيدا عن أي شروط أو أجندات خارجية».
ورغم أن الاجتماعات في تركيا التي جمعت قيادات وضباطا عسكريين، كانت قد ضمت العقيد رياض الأسعد والعميد مصطفى الشيخ، فإن الحاج علي أمل «أن يتنازل الأسعد عن بعض مطالبه، وأهمها البقاء على رأس الجيش الحر مع البقاء تحت إمرتي.. وهذا صعب التحقيق لأنه لا يجوز أن يكون الجيش برأسين».
وعما إذا كان هناك تنسيق أو اتصالات مع المجلس الوطني السوري أو أي جهة سياسية معارضة، بشأن هذا المشروع، أشار الحاج علي إلى أن هناك تواصلا مع مختلف أفرقاء المعارضة السورية السياسية، مضيفا: «لكن في ظل الانقسامات التي يتخبطون بها، لا نستطيع العمل معهم مجموعة واحدة أو مظلة سياسية للعمل العسكري، لذا نتمنى أن يتوحدوا ليتم التنسيق والتعامل معهم على هذا الأساس، والوصول معا إلى سوريا حرة مستقلة».
اللواء الحاج علي.. «ركن» توحيد المعارضة السورية المسلحة، انشق عن رئاسة كلية الدفاع الوطني

بيروت: «الشرق الأوسط» .... اللواء محمد حسين الحاج علي، من مواليد درعا، خربة غزالة في عام 1954. تطوع في الكلية الحربية عام 1974 وتخرج منها برتبة ملازم عام، قبل أن يعين مدربا للضباط في الكلية نفسها. تابع خلال مسيرته العسكرية دورات عدة، منها دورة رئيس قسم توجيه سياسي في الكلية السياسية ما بين عامي 1979 - 1980. قبل أن ينقل إلى الأكاديمية العسكرية العليا في عام 1981 حيث عين مدربا. وبعد ذلك تابع دورة رئيس فرع توجيه سياسي في الاتحاد السوفياتي سابقا في أكاديمية لينين ما بين عامي 1984 - 1985 ودورة قائد كتيبة اختصاص مشاة عام 1986 في كلية المشاة بحلب، ودورة قيادة أركان في الأكاديمية العسكرية العليا بدمشق ما بين عامي 1989 - 1991. ودورة دفاع وطني في أكاديمية ناصر العسكرية العليا في جمهورية مصر العربية ما بين عامي 1993 - 1994.
وكان للواء الحاج علي دور ومشاركة فعالة في تأسيس كلية الدفاع الوطني في الأكاديمية العسكرية العليا في دمشق عام 2000، ليعين فيما بعد مدربا فيها حتى عام 2005، حين عين قائد لواء ميكانيكي حتى عام 2008. وآخر سنواته العسكرية أمضاها مديرا لكلية الدفاع الوطني حيث بقي فيها حتى تاريخ انشقاقه في 2 أغسطس (آب) 2012.
أما مؤهلات الحاج علي العلمية فهي، دبلوم في الإدارة العامة من جامعة دمشق، دكتوراه في فلسفلة الاستراتيجية القومية من أكاديمية ناصر العليا في جمهورية مصر العربية بعنوان «استراتيجية تطوير الإدارة في سوريا وأثرها على الأمن القومي»، وله الكثير من المساهمات العلمية والمحاضرات والندوات.
 
الإبراهيمي ينشد الدعم الدولي لجهوده.. ويزور القاهرة ودمشق، أشتون ناقشت معه الأولوية الفورية في الحد من العنف.. وواشنطن تزيد مساعدتها الإنسانية

واشنطن: هبة القدسي لندن: «الشرق الأوسط»... تنعقد الآمال الدبلوماسية لدى الدول في الأمم المتحدة على جهود الدبلوماسي الجزائري المحنك الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة الجديد لسوريا، الذي أعلن خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الثلاثاء عن توجهه إلى القاهرة للتباحث مع الدكتور نبيل العربي الأمين العام للدول العربية حول الوضع في سوريا. ولفت الإبراهيمي إلى نيته إجراء أولى زياراته إلى دمشق خلال أيام، وزيارة كل البلدان القادرة على المساعدة في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون لحل الأزمة.
وأكد الإبراهيمي أن الوضع في سوريا في تدهور خطير مع سقوط عدد هائل من الضحايا، وقال: إن «حصيلة الخسائر البشرية هائلة والدمار وصل إلى نسب كارثية والمعاناة كبيرة جدا»، وطالب دعم الأسرة الدولية لمهمته، وقال: «دعم المجتمع الدولي أمر لا بد منه وملح جدا، شرط أن تصب كل الجهود في نفس الاتجاه»، مشددا أن «مستقبل سوريا سيحدده شعبها وليس أي أحد آخر».
وطالب رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبد العزيز النصر جميع أطراف الصراع في سوريا بوضع مصالح الشعب أولا وتنحية الخلافات السياسية الآيديولوجية جانبا، والعمل مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإيجاد حل دائم للأزمة. وأشار النصر إلى موافقة مجلس الأمن على إنشاء مكتب اتصال تابع للأمم المتحدة في سوريا لدعم الجهود الدولية للتوصل إلى حل سياسي، واعتبر هذه الخطوة أمرا بالغ الأهمية للحفاظ على وجود للأمم المتحدة في دمشق.
وقال النصر: «رغم الجهود التي تبذلها الجمعية العامة وغيرها من المحافل فما زالت ترتكب أعمال القتل والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، وحكومة الرئيس بشار الأسد قد فشلت في توفير الحماية لمواطنيها، وعمدت فوق ذلك إلى توجيه بنادقها إلى صدور أبناء شعبها في تجاهل تام للأعراف والالتزامات الدولية».
وأشار إلى «أننا أحوج اليوم إلى التحرك بشكل جدي، وعلى الجمعية العامة القيام بكل ما يلزم لمساعدة السوريين للتغلب على الاضطرابات السياسية الخطرة والخسائر الفادحة في الأرواح»، وطالب النصر بوقف أعمال القتل فورا ووقف المجازر والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والقانون الدولي ومحاكمة مرتكبي تلك الفظائع وبدء عملية سياسية شاملة يقودها السوريون.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى محادثاته التي عقدها مع القادة الإيرانيين في طهران خلال قمة دول عدم الانحياز ولقاءاته مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومطالبته لوقف العنف والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى المحتاجين، مشيرا إلى وجود 2.5 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات، إضافة إلى اللاجئين في تركيا والأردن ولبنان والعراق، والذين وصلت أعدادهم إلى 252 ألف شخص.
وقال مون: «هذا الصراع قد أخد منعطفا وحشيا، واستمرار عسكرة هدا الصراع المأساوي هو أمر خطير للغاية، وكلما ازداد سيكون من الصعب احتواؤه وأكثر صعوبة في إيجاد حل سياسي وأكثر تحديا في إعادة بناء البلد والاقتصاد». وأضاف: «أولئك الذين يقدمون الأسلحة إلى أي من الجانبين يساهم في مزيد من البؤس». ووجه نداء لتضامن دولي لمساعدة اللاجئين السوريين والبلدان التي تفتح حدودها لاستقبالهم.
وتساءل مون: «كم من القتلى والمصابين يجب أن يسقطوا قبل أن تتفق الأطراف على إنهاء العنف والدمار»، وشدد على ضرورة تقديم الدعم لمهمة الأخضر الإبراهيمي، وقال: «من أجل أن ينجح يحتاج إلى دعمكم الموحد والفعال لمساعدة الأطراف المتحاربة على إدراك أن الحل لن يأتي عن طريق الأسلحة، ولكن من خلال الحوار الذي يحترم الحقوق العالمية وحريات جميع السوريين».
من جانبه أبدى مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري استعداد بلاده للتعاون مع الأخضر الإبراهيمي، مشيرا إلى أن استقالة المبعوث السابق كوفي أنان لا يجب أن تكون سببا للابتعاد عن خطة النقاط الست التي اعتمدتها الأمم المتحدة. وقال الجعفري إن «الحكومة السورية تجاوبت مع المطالب الشعبية وتعاملت بانفتاح مع جميع المبادرات الهادفة إلى حل الأزمة سلميا، وقدمت كل الدعم لخطة أنان وتعاونت مع بعثة المراقبين ووفرت كل التسهيلات، لكن البعض رأى في خطة أنان عنصرا واحدا منها وأهملوا بقية العناصر».
وعلى صعيد ذي صلة، دعا الاتحاد الأوروبي أمس أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى تقديم «الدعم الذي يطلبه» الأخضر الإبراهيمي من أجل إنجاز مهمته. وأجرت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون اتصالا هاتفيا بالإبراهيمي تطرق المسؤولان فيه إلى «الأولوية الفورية المتمثلة في الحد من العنف» في البلد، كما جاء في بيان للمتحدث باسمها نشر الأربعاء. وأضاف البيان أن «تنسيقا وثيقا وعملا دبلوماسيا موحدا من جانب المجتمع الدولي يشكلان شرطين مسبقين لنجاح» الوسيط.
ومع إعادة تأكيدها «دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لمهمة الإبراهيمي المثقلة بالتحديات»، أكدت أشتون أيضا أن بإمكانه «الاعتماد على مساعدة الاتحاد الأوروبي» في «مهمته المتمثلة في العمل على حل سياسي سلمي للأزمة». وشددت أيضا على أن الوضع الإنساني «يبقى أولوية كبرى بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي».
إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة أمس أنها زادت مساعدتها الإنسانية لسوريا والدول المجاورة إلى أكثر من 100 مليون دولار، وقال بيان لوزارة الخارجية الأميركية «في محاولة للاستجابة للحاجات الإنسانية المتنامية، أعلن رئيس الوكالة الأميركية للمساعدة على التنمية (يو إس ايد) راجيف شاه في الأردن مساعدة أميركية إضافية بقيمة 21 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة».
ومن هذا المبلغ «ستذهب 14.3 مليون دولار للسكان المتضررين من النزاع في سوريا و6.7 ملايين للسورين اللاجئين في الدول المجاورة». ويأتي هذا المبلغ (21 مليون دولار) ليضاف إلى 82 مليون دولار قررت واشنطن صرفها مع العلم أن «الولايات المتحدة تقدم أكثر من 100 مليون دولار (103 ملايين بالتحديد) للمساعدة الإنسانية في سوريا والدول المجاورة معا»، كما قالت الخارجية الأميركية.
حلب «تحترق».. وتضارب حول انفجارات غامضة في دمشق، العقيد الحمود لـ«الشرق الأوسط»: أسقطنا «الميغ» برشاش.. وعملياتنا لن تطال المطارات المدنية

بيروت: يوسف دياب وبولا أسطيح .... أفاد ناشطون سوريون بأن مدينة حلب شهدت أمس ومنذ ساعات الصباح الأولى أعنف حملة عسكرية يشنها النظام السوري عليها منذ 6 أشهر، واختصر أحدهم الوضع هناك قائلا: «حلب تحترق»، فيما قالت الهيئة العامة للثورة إن قوات النظام أعدمت ميدانيا في حي الأكرمية في حلب 45 معتقلا عن طريق رميهم بالرشاشات الثقيلة بعد تعذيبهم.. بينما أعلن الجيش السوري الحر إسقاطه طائرة «ميغ» تابعة للنظام خلال اشتباكات بين الطرفين بالقرب من مطار أبو الظهور العسكري في حلب.
وكشف نائب رئيس الأركان في الجيش السوري الحر العقيد عارف الحمود، عن أن «تجمع كتائب شهداء سوريا أسقطوا طائرة حربية من نوع (ميغ 21) قرب مطار أبو الظهور العسكري» أول من أمس. وأوضح الحمود لـ«الشرق الأوسط» أن «المعلومات التي أبلغت بها قيادة الجيش الحر هي إسقاط طائرة واحدة وليس طائرتين».. ووصلت خسائر سلاح الجو السوري حتى الآن إلى 14 طائرة «ميغ»، و12 مروحية، على يد قوات المعارضة السورية.
وردا على سؤال عما إذا كانت الصواريخ التي غنمها الجيش الحر من القوات النظامية، أو تلك التي تأتيه من الخارج بدأت تفعل فعلها، أكد أن «الصواريخ التي حصلنا عليها هي مجرد غنائم لا تغطي كل الأراضي السورية، وبالنسبة لكتائب شهداء سوريا (التي أسقطت الطائرة) فلديها قوة نارية كبيرة من الرشاشات وعربات الـ(شيلكا)، وهي استفادت من ضباط منشقين من أصحاب الاختصاص في مجال الدفاع الجوي»، مشددا على أن «الجيش الحر لم يتسلم حتى الآن صواريخ من الخارج، أما الصواريخ التي غنمها فهي لا تغطي كل سوريا، وربما تكون موجودة في مناطق لا يحلق فوقها الطيران الحربي».
وأكد نائب رئيس أركان الجيش الحر أن «مقاتلي الجيش الحر سيطروا على مطار عسكري في منطقة دير الزور، وهذا المطار يعد صغيرا مقارنة بالمطارات الأخرى، والسيطرة عليه هنا ليست بمعنى احتلاله؛ لأن طيران النظام قادر على قصفه وتدميره، إنما جرى تنظيفه من عناصر النظام والحصول على ما فيه من أسلحة وعتاد عسكري وذخائر».
وردا على سؤال عن تهديد الجيش الحر للمطارات المدنية، وما إذا كان هذا التهديد لا يزال قائما، أجاب الحمود: «عندما أصدرنا (الجيش الحر) هذا البيان لم نكن نقصد استهداف المطارات المدنية، وإنما مطار حلب فقط، لأن النظام نقل قسما من الطائرات الحربية من مطار منغ العسكري القريب جدا من حلب، وحول جزءا من مطار حلب المدني إلى قاعدة عسكرية جوية.. ولذلك اعتبرنا هذا المطار أشبه بالمطار العسكري».
وأوضح أن «التهديد لم يكن لاستهداف الطيران المدني، وإنما لتحذير شركات الطيران المدني العربية والدولية من دخول المجال الجوي القريب من مطار حلب كي لا تصاب الطائرات المدنية بأي أذى».
ويأتي ذلك بالتزامن مع أعنف حملة عسكرية من نوعها على حلب، وقال الناطق باسم اتحاد تنسيقيات الثورة محمد الحلبي هناك «قصف مدو تشهده المدينة منذ ساعات صباح يوم أمس بالدبابات والطائرات الحربية، ما أدى لسقوط ما يزيد على 175 قتيلا في حلب وحدها». وأوضح الحلبي أن «20 قتيلا سقطوا في حي بستان الباشا الذي دكه النظام بالطيران الحربي المقاتل والبراميل النفطية المتفجرة»، لافتا إلى أنه «بحي الأكرمية تم جمع 45 شخصا أعدموا ميدانيا على مرأى من سكان البلدة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في حي صلاح الدين تم العثور على 7 جثث مشوهة لم نتمكن من التعرف على أصحابها، فيما استمر القصف العنيف على أحياء العرقوب، بستان الباشا، صلاح الدين، الإذاعة، المرجة، مساكن هنانو، وغيرها». وأشار الحلبي إلى أن «الجيش الحر حاول، ولا يزال يحاول، التخفيف من وطأة الحملة العسكرية على حلب، وهو لذلك استهدف ثكنة هنانو العسكرية كما الحاجز العسكري في الشيخ سعيد».
وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن مبنى من 5 طوابق في حي النيرب انهار بفعل القصف من المروحيات على ساكنيه، وأن البحث ما زال مستمرا عن ناجين تحت الركام.
وقال الناطق باسم المجلس الثوري لحلب وريفها عبد الله الحلبي إن جميع أحياء المدينة تعرضت لقصف عنيف من قبل قوات النظام بشتى أنواع الأسلحة، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وقال الناشط بسام الحلبي لوكالة الأنباء الألمانية: «حلب تحترق»، مضيفا أن القصف الحكومي للمناطق التي يسيطر عليها الثوار يجري منذ الساعات الأولى من اليوم.
وفي العاصمة دمشق، تواترت أنباء متضاربة عن أكثر من انفجار حدث بها أمس، إذ قال ناشطون إن انفجارات عنيفة دوت في منطقة القزاز، وأضافوا أن شخصين قتلا وأصيب آخرون في قصف لقوات النظام على أحياء ببيلا والتضامن ويلدا في دمشق.
وفي الوقت الذي قالت فيه شبكة «شام» الإخبارية إن انفجارا وقع في حي الحريقة بالعاصمة السورية دمشق جراء سيارة مفخخة، نفت «الإخبارية السورية» الموضوع متحدثة عن «احتراق سيارة بفعل ماس كهربائي في المنطقة».
وفي ساعات ما بعد الظهر، أفيد بوقوع انفجار ضخم في منطقة البرامكة على الطريق الرئيسي، أعقبه انتشار أمني كثيف وتناثر لزجاج السيارات وتوافد سيارات الإطفاء إلى المنطقة.
وتواصل القصف على ببيلا بريف دمشق، حسبما ذكر ناشطون، وتحدثوا أيضا عن إلقاء منشورات تدعو الأهالي لمغادرتها فورا. إلى ذلك، أفيد بأن قوات النظام أعدمت ميدانيا تسعة أشخاص في حي جوبر بدمشق.
وفي البوكمال على الحدود مع العراق، أفاد ناشطون بمقتل أربعة من أفراد الجيش الحر في اشتباكات مع قوات النظام.
في هذا الوقت، أفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية بأن القوات التركية أجرت تدريبات عسكرية في إقليم شانلورفا جنوب شرقي تركيا على الحدود مع سوريا، بمشاركة آليات عسكرية، أغلبها من الدبابات.
وتعد هذه التدريبات التي نفذت في سروج الأكثر شمولية في الفترة الأخيرة. وكانت حشود عسكرية كبيرة قد توجهت أول من أمس إلى الحدود التركية - السورية عند نقطة «مرشد بينار»، التابعة لمركز «سروتش» بمحافظة شانلي أورفة جنوب شرقي تركيا، استكمالا للتحركات العسكرية التي لوحظت زيادتها في الآونة الأخيرة في الوحدات التابعة للكتيبة الحدودية الثانية الموجودة في قرية «مرشد بينار».
 
سوريا.. عنوان فشل دبلوماسي

طارق الحميد... جريدة الشرق الاوسط... من يتأمل المواقف والتصريحات الرسمية الصادرة عن المجتمع الدولي والعربي، تجاه الأزمة السورية، ويقارنها بما تقوم به قوات الأسد على الأرض من قتل وتنكيل، ومواقف كل من روسيا والصين، تحديدا، الداعمتين لطاغية دمشق، فإنه سيلمس مدى الفشل الدبلوماسي في معالجة الأزمة السورية.
وأبرز مثال هنا هو الموقف الصيني المعطل لأي جهد في مجلس الأمن، وصحيح أن الصينيين لا يقدمون للأسد دعما موازيا لما يقدمه الروس، لكن موقف الصين يعزز الموقف الروسي، ويشكل غطاء لموسكو وهي تتصرف بتعنت من أجل حماية مجرم دمشق، رغم كل ما يرتكبه من جرائم بحق السوريين. فمن المفهوم أن لا تصدر عن لقاء وزيرة الخارجية الأميركية ونظيرها الصيني أي انفراجة تجاه الموقف في سوريا، وذلك نتيجة تعقيد العلاقات الأميركية الصينية نفسها. بل إن البعض يرى أن الصين تقف خلف روسيا في مجلس الأمن فقط من أجل مناكفة الأميركيين، وإنه في حال غيرت موسكو موقفها فإن بكين لن تتعنت. وهذا حديث كان من الممكن قبوله قبل عام من الآن، لكن من غير المفهوم أن لا يكون هناك جهد عربي لثني الصين عن موقفها هذا في مجلس الأمن، خصوصا مع ما يفعله الأسد اليوم في سوريا من كوارث.
ولذا، فإن الغريب هو الموقف العربي العاجز عن إقناع الصين بضرورة أن تنأى بنفسها عن دعم الأسد، وذلك حماية لمصالحها في المنطقة ككل، خصوصا أن لبكين مصالح كبيرة مع المنطقة تفوق مصالحها مع النظام الأسدي. وبالطبع فإنه ليس مطلوبا من الصين تأييد قرار أممي ضد الأسد، أو تسليح وتمويل المعارضة، بل إن كل المطلوب هو أن تمتنع بكين عن اتخاذ أي قرار في مجلس الأمن من شأنه تعطيل اتخاذ مواقف دولية حاسمة ضد الأسد. المطلوب اليوم إقناع الصين بضرورة عدم دعم الأسد، وإن لم يغير الروس موقفهم، فالأهم عربيا، وبالطبع دوليا، فضح الموقف الروسي، وجعل موسكو تقف وحيدة مع الأسد، لا أن تكون الصين شريكة لروسيا مما يخفف الضغوط على موسكو وهي تدعم الأسد وهو يقوم بارتكاب جرائمه ضد السوريين.
إقناع الصين ليس بالأمر الصعب، خصوصا أن وزير خارجيتها يقول - وبعد محادثاته مع السيدة كلينتون - إن بلاده تؤيد التحول السياسي في سوريا، مما يشير إلى أن الموقف الصيني ليس بالمتشدد كالموقف الروسي المبني على دوافع دينية طائفية، وليس مصالح عسكرية، أو اقتصادية كما يقال. ولا أعتقد أن القضية أيضا هي قضية منع أميركا من التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا، وإلا فكيف نفهم أن الرئيس الأميركي أوباما كان من أوائل المهنئين للرئيس بوتين بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، ونسمع السيدة هيلاري وهي تقول لنظيرها الصيني إنها «فخورة بقوة وصمود ما بنيناه معا في علاقتنا»!
وعليه، فإن المطلوب اليوم - ومن العرب تحديدا - هو إيصال رسالة واضحة للصينيين مفادها أنه لا مبرر للإطالة بالمتاجرة السياسية بدماء السوريين، وأن على بكين أن تقف مع الشعب السوري، وحفاظا على مصالحها في سوريا والمنطقة. على العرب فعل ذلك وعدم الاكتفاء بما يمكن أن تفعله واشنطن لنا.
 
هل خذلت إيران وحزب الله الأسد؟

عبد الرحمن الراشد... جريدة الشرق الاوسط... هكذا يظن الرئيس السوري المحاصر بشار الأسد. صحيح، رغم ما فيه من تناقض، أن نقول إن إيران تدعم الأسد بالمال والنفط والمقاتلين والسلاح، وفي نفس الوقت ندعي أن إيران، ومخلبها حزب الله، تخليا عن نظام بشار الأسد في محنته العظمى!
رغم الدعم الضخم الذي لم ينقطع من طهران إلى دمشق، لا بد أن الأسد ليس قانعا ولا راضيا عن أداء حلفائه. لا بد أنه يشعر بالغضب منهم؛ فهو يتوقع منهم ما هو أكبر من الدعم. فمنذ عام وهو يلوح بأحداث كبرى في المنطقة، وانهيارات لا تخطر على بال، وخطوط حمراء ستسقط، قامت في زمن الهدنة الماضية، لكن لا شيء من هذا حدث، فالحريق ظل محصورا في بيته!
الأسد كان يتوقع من الإيرانيين الاشتباك مع دول الخليج والضغط عليها لوقف دعم الثوار السوريين، وكان يتصور أن حزب الله سيهرع لقتال إسرائيل في حرب تشابه حرب عام 2006 تشغل المنطقة، وتجبر الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على الكف عن تأييد الثورة السورية لأنها وراء الفوضى الشاملة.
خيبته كبيرة؛ لم يهاجم الإيرانيون الخليج، واكتفى حزب الله بمظاهرة على العشب الأخضر المقابل لشبك الحدود مع إسرائيل، غنى ورقص المتظاهرون فيها فقط ولم يطلق ملتحو أفراد الحزب الرصاص على أحد.
ولم يبق للأسد سوى عميل صغير، أحمد جبريل، مسؤول ما يسمى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة العامة، عله يفتح جبهة ضد إسرائيل، لكنه فشل، حيث قاتله الفلسطينيون في مخيماتهم، داخل سوريا، وانضموا صراحة إلى الثورة.
وعبر جبريل عن تمنيات الأسد في مقابلة تلفزيونية قائلا، إن القيادة الإيرانية أبلغته بأنها لن تترك سوريا تتعرض لعدوان، وأنها قالت: «نحن أبلغنا الأتراك أكثر من مرة وحذرناهم ألا يلعبوا بالنار، وأي تدخل هو خط أحمر في هذا الشأن».
واضطرت وسائل الإعلام السورية الرسمية إلى ترويج الشائعات، علها تجبر حلفاءه وخصومه على الاصطدام، حيث روجت تصريحا، نسبته إلى رئيس مجلـس الشورى الإيراني علي لاريجاني، بأن «سقوط نظام الأسد في سوريا هو سقوط الكويت وافهموها كما شئتم». لكن، لم يثبت أن لاريجاني نطق بهذا التهديد. كما نسبت كلاما مماثلا لمسؤولين روس عن حرب تحرق الأخضر واليابس، وأن روسيا تهدد الدول المعادية لنظام الأسد؛ أيضا لم نجد لهذه التصريحات أثرا. ثم روجت حديثا مزعوما مع هنري كيسنجر يقول فيه إن سقوط نظام الأسد سيفيد إسرائيل التي ستحتل المزيد من الدول العربية، طبعا المقابلة المكذوبة ظهرت في مطبوعة ساخرة، وسارعت دمشق لتسويقه!
ما الذي كان يتوقعه الأسد من حلفائه ولم يفعلوه؟ كان يظن أن الإيرانيين والروس سيتعاونون على فتح جبهة قتال مع تركيا لتخويف حكومة أردوغان وإجبارها على إبعاد التنظيمات السورية التي تمثل الخطر الأكبر عليه، لكنهم لم يفعلوا.
كان يطمع في حرب في الخليج حول البحرين والسعودية والكويت، وتهديد أنظمتها السياسية تحت مبررات طائفية، لكن شيئا من هذا لم يحدث.
وكان يرجو أن يستيقظ صباحا ليجد الأردن أو مصر تطلب نجدته ضد عدوان إسرائيلي بسبب عمليات مدبرة، لكن مضت الأشهر والعالم مشغول بحدث واحد وهو سقوط نظام الأسد، حتى بات سقوطه محتوما. وكنت كتبت من قبل أن حسن نصر الله أذكى من أن يدمر قدراته من أجل إنقاذ نظام ساقط، وهو وإن كان قد أرسل رجاله ليقاتلوا إلى جانب قوات الأسد وشبيحته، فإنه تجاهل تمنيات الأسد بفتح معارك داخل لبنان أو مع إسرائيل. وهذا ما حاول هو تنبيه الجميع إليه عندما تبرأ من اختطاف السوريين والتركي في لبنان، وقال: افهموها كما تشاءون، لا سلطة لنا على الخاطفين الشيعة. الروس والإيرانيون وحزب الله يعرفون أن نظام الأسد ساقط منذ نحو عام، وكل ما يريدونه تخفيف الأضرار التي قد تلحق بهم ومصالحهم لاحقا، أو دعم وضع جديد لسوريا بعد رحيل الأسد، مثل تفكيك سوريا إلى دويلات يتحالفون مع بعضها، أو إذكاء الحرب الأهلية لينشغل السوريون بأنفسهم لسنوات لاحقة.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,080,328

عدد الزوار: 6,933,971

المتواجدون الآن: 83