فرنسا: 4 محاور لحصار الأسد.. وبريطانيا تحذر من أن الوضع على شفا الانهيار

حرب مدن في سوريا.. واشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات النظام في دير الزور، ناشطون: الوضع في حمص «مروع وكارثي».. ومظاهرات ليلية تطالب بالقصاص من الأسد

تاريخ الإضافة الجمعة 15 حزيران 2012 - 6:01 ص    عدد الزيارات 2639    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

أهالي القصير: الثوار لم يهددوا المسيحيين.. وأغلب حالات النزوح كانت مشتركة، إدلبي: من الطبيعي أن تكون هجرتهم أوسع نطاقا بحكم المخاوف من حالة تشدد إسلامي

لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»... نفى مسيحيون مناهضون للنظام من أهالي مدينة القصير بمحافظة حمص، صحة ما نقلته وكالة أنباء الفاتيكان الرسمية حول إنذار وجهه قائد في الجيش الحر للمسيحيين «بمغادرة القصير فورا». واستنكر بيان صادر باسم أهالي القصير ونشرته تنسيقية المدينة تلك الأنباء، نافيا أن تكون المساجد قد أذاعت نداء ينذر «الإخوة المسيحيين بالرحيل».
وأكد البيان أن «أغلب العائلات المسيحية التي نزحت من المدينة قد نزحت مع العائلات المسلمة منذ فترة شهرين تقريبا؛ نتيجة القصف الهمجي المتواصل والعشوائي من قبل دبابات ومدفعية و(هاون) الجيش الأسدي الذي لم تميز قذائفه بين مسيحي ومسلم، وحتى أن قناصات الجيش الأسدي استهدفت المسلمين والمسيحيين على السواء». ولفت البيان إلى أن تقرير وكالة الفاتيكان لم يبن على «أساس الواقع»، كما أن النداء المذكور لم يحصل.
وكانت وكالة «فيديس» البابوية الرسمية ذكرت في تقرير لها نشر منذ أيام، أن أعدادا كبيرة من المسيحيين في بلدة القصير السورية غادروها بعد تلقيهم إنذارا من القائد العسكري للثوار في البلدة. وأضافت الوكالة أن مدة الإنذار انتهت يوم الخميس الماضي، وأن غالبية مسيحيي البلدة، البالغ عددهم نحو 10 آلاف، هربوا من القصير الواقعة في محافظة حمص التي أصبحت ساحة معركة وسط سوريا. وجاء في تقرير وكالة الأنباء البابوية «أن بعض المساجد في المدينة أعادت إطلاق الرسالة، معلنة من المآذن أنه يجب على المسيحيين أن يرحلوا عن القصير».
أحد سكان القصير، من الناشطين في الحراك السلمي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الحادثة وقعت، ولكن ليست على النحو الذي تم تداوله»، ووضعها في إطار «الأخطاء التي ترتكب عادة جراء حالة الفوضى والقمع الشديدين»، ولفت إلى أن «قائد مجموعة من الثوار، وليس من الجيش الحر، تحدث إلى مجموعته في رد فعل على مجزرة الحولة وتوعد العلويين والشيعة والمسيحيين إذا لم يعلنوا انضمامهم للثورة ومساندة الثوار فعليهم الرحيل فورا، لأنهم لن يقبلوا بأي شخص موال للنظام أو ساكت على جرائمه في البلدة».
وأضاف الناشط أن تلك الأنباء أثارت الكثير من الاستياء لدى جميع أهالي المدينة، التي كانت وما زالت نموذجا للتعايش. وقد جرى اجتماع حضره الوجهاء من المسيحيين والمسلمين وتم التبرؤ من ذلك الكلام، واعتبر «ضمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الثوار، ويسيء للثورة ويخدم أهداف النظام وغاياته». وفيما بدا أن الأمر انتهى، يقول الناشط إن هناك من عاد وسرب تلك الأنباء لوسائل الإعلام الأجنبية وضخمها «لغايات باتت مكشوفة».
الناشط عمر إدلبي، ممثل لجان التنسيق المحلية وعضو المجلس الوطني السوري، الذي زار القصير لأسبوعين قبل عودته إلى مدينته حمص لينضم إلى الثوار وينشط بالعمل الميداني، قال: «أخطاء كثيرة ارتكبت، لكن ليس كما وصف»، مشيرا إلى أن «الأخطاء كانت تأتي من أفراد معزولين، هم بالأصل جهلة وبعضهم مجرمون سابقون، جرى ردعهم مرات عديدة».
مدينة القصير التي يسكنها أكثر من 50 ألف نسمة غالبيتهم من المسلمين السنة، مع أقليات مسيحية وعلوية وشيعية، يشكل فيها المسيحيون الكاثوليك الأقلية الكبرى. ولم يتبق من سكانها سوى بضعة آلاف، حيث نزح غالبية السكان ومن جميع الطوائف باتجاه لبنان ودمشق والقلمون منذ شهرين مع تصاعد العمليات العسكرية الشرسة والقصف العنيف.
وتقول أم باسل، وهي نازحة من حمص إلى لبنان: «لم يبق بيت في حارتنا وسط المدينة لم يتعرض للقصف.. حارتنا تضم المسيحيين والمسلمين والعلويين؛ ولم نشعر يوما من الأيام بأننا مختلفون بل إخوة وأهل. وعندما اندلعت الثورة في البلاد، هناك من شعر بالخوف من النظام، وهناك من وقف إلى جانبه، كل حسب مصالحه وليس حسب طائفته».
وتتابع أم باسل: «جرت مشكلات كثيرة بين الناس في المدينة، إلا أن حارتنا حافظت على علاقات المودة بين السكان، ولكن القصف العنيف والفوضى وانتشار السرقة دفعتنا إلى النزوح». وتضيف من مشاهداتها أن «حاجز قوات الجيش النظامي كان قريبا من بيتنا، وكل يوم هناك اشتباك وإطلاق نار، فضلا عن القنص الذي حرمنا من التحرك داخل المنزل. وكنا لكي نعبر في الغرفة نركض أو نزحف على الأرض بعيدا عن النوافذ.. ولا يمكننا ليلا إشعال النور، ولا التحرك في العتمة». هذا الواقع عاشه كل أبناء المدينة دون استثناء، كما تقول أم باسل، «حتى إن العيش بات مستحيلا».
واحد من وجهاء القصير نفى بشدة وجود تهديدات طائفية قائلا: «الثوار والجيش الحر ليسوا مجموعة واحدة تحت قيادة واحدة، هناك مجموعات مسلحة متعددة، إضافة لوجود عصابات استفادت من حالة الفوضى. هذه المجموعات تقوم بأعمال نهب وسرقة وتخريب وخطف، وهناك مساع دائمة من الأهالي لتطويق تلك المجموعات والتغلب عليها، ولكن استمرار القصف والعنف والقتل الممنهج من قبل النظام يجعل مهمة الأهالي والوجهاء بالغة الصعوبة».
ويتهم الرجل النظام وأجهزته الأمنية، التي وصفها بـ«القمعية»، بأنها من «تستهدف العقلاء بالقنص والقصف، لأن هذا النظام يريد تعميم حالة الفوضى لتبرير بقائه». كما أشار إلى أن النظام والموالين له «يستغلون الأخطاء التي تجري لافتعال صراع طائفي بين المسلمين والمسيحيين».
وهنا يلاحظ الوجيه أن النظام دائما «كان يدفع المسيحيين للمواجهة مع المسلمين في القصير، ولا يدفع أبناء الطوائف الأخرى كالشيعة والعلويين، مع أن المتعاملين مع النظام وأجهزته الأمنية في القصير ينتمون لكل الطوائف»، وحذر الوجيه من أن «ينجح النظام في جعل المسيحيين تحديدا كبش فداء في معركته من أجل البقاء».
ويرى إدلبي أنه «من الطبيعي أن تكون هجرة المسيحيين على نطاق أوسع من غيرهم بحكم المخاوف التي يضمرونها في أنفسهم من حالة إسلامية متشددة ظهرت بوادرها مرارا، غير أن الواعين يعملون على تلافي أي إشكال قد ينجم عنها، فينجحون كثيرا ويفشلون مرات».
يخشى الناشطون على الثورة من حالة الفوضى التي تعم القصير.. ويتحدث أحمد، وهو أحد أبرز الناشطين الإعلاميين في المدينة قبل الثورة، قائلا: «علينا أن لا ننسى أن مجتمعنا أنهكه الفساد، فالقصير كمنطقة حدودية شجع النظام فيها التهريب على مدى ثلاثة عقود، مما أدى إلى بروز ثلاثة أجيال من المهربين بكل ما يعنيه ذلك من سلوك اجتماعي خارج عن القانون». ويتابع أنه «في ظل غياب الدولة وجد هؤلاء فرصة ذهبية لفرض سيطرتهم بالقوة على المجتمع، لكن وجود عقلاء ونخب واعية، كان صمام الأمان بوجه الفلتان المجتمعي»، لافتا إلى أنه منذ بداية الثورة حصلت حوادث عدة «أخذت طابعا طائفيا، لأن هناك من يريد لها أن تبدو كذلك؛ وليس لأنها طائفية في الواقع».
ويعقب شاب مسيحي نزح مع عائلته إلى لبنان، طالبا تسميته رياض، بالقول: «المسيحيون أقلية تعرضت للظلم كسائر الأطياف السورية في ظل حكم البعث، وهم كأقلية في محيط سني ثائر ومسلح باتوا في موقف محرج جدا، بين خوفهم من النظام وبطشه، والخوف من التيارات الإسلامية الغريبة عن المجتمع السوري، كـ(القاعدة) والسلفيين المتطرفين».
ويضيف أن هذه المخاوف زادت مع «انتشار السلاح بين الثوار، وغالبيتهم من المسلمين.. كما سلح النظام أبناء الطائفة العلوية، وبقيت الطائفة المسيحية كيانا ضعيفا غير متماسك، وموزعا جغرافيا، وغير مسلح في مهب المخاوف، وغير قادر على الاستمرار بالوقوف على الحياد. كما أنهم غير قادرين على الانخراط بالثورة على نحو أوسع أكثر وضوحا؛ في ظل وجود نظام متوحش».
وبقي المنخرطون المسيحيون في الثورة بشكل علني «قلة»، بينما الأغلبية من الداعمين لها «يعملون سرا». ومؤخرا استشهد شاب يعد من أهم الناشطين الإعلاميين، وهو المخرج السينمائي المسيحي باسل شحادة مع اثنين من رفاقه في حي باب سباع، ولولا استشهاده ما علم بنشاطه أحد. ولفت رياض إلى أن «النظام منع أهل باسل من تشييعه في الكنيسة التي أغلقت أبوابها، بينما شيعها رفاقه المسلمون في حمص وبكنيسة أم الزنار التي تعرضت للقصف العنيف».
ويشكل المسيحيون نحو 10 في المائة من سكان سوريا، ولكن وضعهم في المناطق المتوترة يزداد صعوبة. وفي القصير يؤكد الناشط الإعلامي أحمد أن «قوات الجيش عندما اقتحمت المدينة كان أكبر تمركز لقواتها عند الكنيسة، مع أنها الكنيسة الوحيدة في المدينة. وبهذا التمركز حرم الأهالي من الصلاة، وباتوا يقصدون الكنائس في القرى القريبة من أجل عقود الزواج والإجراءات الأخرى.. النظام هو من حرم المسيحيين في القصير من الكنيسة؛ وليس الثوار». واستغرب أحمد «تركيز الإعلام الغربي على ما قاله قائد مجموعة صغيرة، بينما تجاهل وجود دبابات ومدرعات على باب الكنيسة».
كما نقلت وكالة الأنباء البابوية عن مصادر أن «مجموعات إسلامية متطرفة في صفوف المعارضة السورية في القصير تنظر إلى المسيحيين على أنهم كفار، وتصادر بضائعهم وترتكب إعدامات سريعة بحقهم، وهي مستعدة لإشعال حرب طائفية». وقال تقرير الوكالة البابوية «إن المسيحيين النازحين من القصير انتقلوا إلى قرى قريبة من دمشق، وبعض العائلات حاولت بشجاعة البقاء في بلدتها، ولكن لا أحد يعرف المصير الذي ينتظرهم».
ويعقب أحمد بأنه «في اليوم الذي نشر فيه تقرير الوكالة البابوية، كانت القصير تتعرض لقصف عنيف من قبل دبابات النظام، وقتل رجل مسيحي على يد قناص بينما كان يشتري الخبز من الفرن الآلي، وظل على الأرض ينزف لأكثر من ساعتين، ولم يتمكن أحد من سحبه لأن القناص كان يطلق على كل من يحاول الاقتراب منه. وبعد معاناة كبيرة نجح الثوار في سحبه بواسطة سيخ ونقله إلى المشفى الميداني، إلا أنه كان قد استشهد».
ويظل الأمر الذي يبدو غير مفهوم لوكالة الأنباء البابوية ذاتها - كما الحال للآخرين - هو أسباب الإنذار الذي يأمر المسيحيين بالرحيل عن القصير، التي قالت عنها إنها «غير معروفة»، مشيرة إلى أن الإنذار «بحسب البعض يهدف إلى تجنيب المؤمنين مزيدا من المعاناة».
النظام السوري يرحل راهبا إيطاليا أعفته البطريركية الكاثوليكية من مهامه

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: ليال أبو رحال... بعد أكثر من ثلاثين عاما قضاها متنسكا في دير مار موسى الحبشي للسريان الكاثوليك في جبال القلمون قرب مدينة النبك شمال العاصمة دمشق، يغادر الأب الإيطالي باولو دالوليو سوريا نهاية الأسبوع رغما عنه.
باولو الأب الإيطالي المولد، السوري الهوى، اختار زيارة مدينة القصير بداية الشهر الجاري صائما. واجتمع بثوارها وتبرع بدمه ورفع الصلوات إكراما للشهداء والمعتقلين، مؤكدا أنه يريد أن تكون صلاته «علامة رجاء كي يزهر الربيع السوري ويعطي ثمار الوحدة والحوار تحت شعار التعددية».
وفي حين ذكر ناشطون سوريون أمس أن النظام، وبعد نشر مقاطع فيديو لزيارته إلى القصير، قرر إبعاد الأب الإيطالي بذريعة أنه «خرج عن نطاق مهمته الكنسية»، قالت مصادر مقربة من الأب باولو لـ«الشرق الأوسط» نقلا عنه، إنه بات موجودا في السفارة الإيطالية في دمشق بعدما منحته السلطات السورية ستة أيام لمغادرة سوريا، مؤكدة أن «مغادرته تأتي بعد إنهاء خدماته من قبل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام بعد خدمة استمرت أكثر من 30 عاما في سوريا».
وفي وقت لاحق من مساء أول من أمس، أكدت إذاعة الفاتيكان خبر مغادرة الأب باولو لسوريا، مذكرة بأنه دعا للحوار منذ بدء النزاع ورفض أي تدخل عسكري أجنبي. وندد الأب باولو للإذاعة عينها بـ«التضليل الإعلامي» في سوريا، وقال: إنه يجري «تضليل للرأي العام من قبل أولئك الذين يوهمون الناس بأنها مجرد معركة ضد الإرهاب»، مبديا أسفه لأن هذا «الكذب تردده حتى وسائل إعلام كاثوليكية».
وكان النظام السوري قد أصدر بحق الأب باولو مذكرة إبعاد نهاية العام الفائت، بعد توجيهه رسالة الميلاد التي دعا خلالها النظام السوري إلى الاعتراف بالتعددية والإقرار بالحريات والمحافظة على سلامة الشعب السوري، محذرا من خطورة تجاهل هذه المطالب. لكن اتصالات على أكثر من مستوى حالت من دون ترحيله بالتزامن مع تلقيه نصائح بالانصراف إلى واجباته الدينية داخل الدير.
وبدأ الأب باولو زيارة إلى مدينة القصير بداية الشهر الجاري على خلفية أحداث ذات طابع طائفي أدت إلى تهجير مئات العائلات المسيحية. ونقلت وكالة «فيديس الفاتيكانية» منذ أيام عن الأب باولو قوله: «اخترت زيارة القصير لأني أريد بحضوري معالجة الاستقطاب الطائفي الذي تشهده المدينة. أصغيت إلى طلب بعض العوائل المسيحية التي رأت أعزاءها مخطوفين، وأريد أن أقوم بأفضل ما لدي، من خلال الصلاة والصوم لرأب الانقسامات».
ويظهر شريط فيديو على موقع «يوتيوب» الأب باولو وهو يتوجه للثوار داخل إحدى الغرف قائلا: «البقية من النصارى أمانة بأعناقكم بوصية من رسول الله عليه السلام»، موضحا «أن المرة الأولى التي تحدثت فيها إلى العلن (عن موقفه من الثورة السورية) كانت للمطالبة بكامل الاحترام للمستشفيات والأطباء والممرضين ليقوموا بأعمالهم بشكل إنساني حيادي»، منتقدا أداء الهلال الأحمر السوري.
وفيما يلوذ رجال دين كثر، مسيحيون ومسلمون، بالصمت منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا، ساكتين عن الانتهاكات الجسيمة بحق الأبرياء والمدنيين، لم يتخل الأب باولو عن رسالته في السلام والدفاع عن المظلومين أيا كانت هويتهم أو انتماؤهم الطائفي. وخلال جلسة مع الثوار في مدينة القصير منذ أيام، بث ناشطون مقاطع مصورة عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، توجه الأب الذي يجيد التحدث بالعربية بطلاقة للجالسين معه بالقول: «إن سوريا التي نضحي كلنا في سبيلها سوف تحترم الإنسان بالدرجة الأولى»، ليضيف بعدها: «إن مجتمعا متنوعا كهذا عليه أن يستفيد من حسن الجوار، ومن الأساس الاجتماعي وخصوصيات سوريا الرائعة، حتى نبني الظروف الثقافية الحضارية لاجتياز نظام لا أحد يريده ولا حتى أصحابه».
ويظهر شريط فيديو آخر على موقع «يوتيوب» طبيبا سوريا يدعى محمد المحمد لم يجد أحدا يقدم له سماعته الطبية ومنظار أذن، وهما كل ما بقي من عيادته التي دمرت في بابا عمرو، إلا الأب باولو.. حملهما وتوجه للأب باولو في القصير قائلا: «لم أجد إنسانا أغلى منك ممن التقيتهم حتى هذه اللحظة»، مضيفا: «ليعوضنا الله أحسن منها إما بالشهادة وإما بالنصر».. فابتسم الأب باولو طالبا من الله أن يبارك الطبيب قبل أن يضمه إليه ويقول: «كلنا بابا عمرو».
حرب مدن في سوريا.. واشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات النظام في دير الزور، ناشطون: الوضع في حمص «مروع وكارثي».. ومظاهرات ليلية تطالب بالقصاص من الأسد

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: بولا أسطيح ... أشار ناشطون سوريون أمس إلى ارتفاع حدة العنف في معظم المحافظات السورية بشكل غير مسبوق، وعن عودة الاشتباكات وبشكل كبير وموسع بين قوات الأمن السورية وعناصر الجيش السوري الحر، فيما وصفه بعض المراقبين بكونه «حرب مدن» يشنها النظام لاستعادة السيطرة على مختلف الأرجاء السورية.. ما يسقط برأيهم آخر فرص نجاح خطة المبعوث الدولي كوفي أنان.
وبالأمس شهدت مدينة حمص وبلدات دير الزور - بحسب ناشطين - اشتباكات عنيفة بين منشقين وقوات الأمن، أدت لسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. وأعلنت لجان التنسيق المحلية عن سقوط ما يزيد عن 50 قتيلا؛ ثمانية منهم في دير الزور، وسبعة في كل من حمص وحلب، وثلاثة في إدلب، واثنان في اللاذقية وقتيل في كل من درعا وحماه وريف دمشق.
وفي دير الزور، وبعد المجزرة التي ذهب ضحيتها يوم الثلاثاء 31 شخصا وأصيب خلالها أكثر من سبعين آخرين وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «اشتباكات عنيفة دارت (يوم أمس) الأربعاء في عدة أحياء بالمدينة بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة والقوات النظامية السورية التي تستخدم الرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون في المعارك، متحدثا عن سماع أصوات انفجارات شديدة في حي الحميدية وحي العمال»، وقال المرصد: «وقد أسفرت الاشتباكات حتى بعد ظهر يوم أمس عن مقتل ثلاثة مواطنين بينهم قائد كتيبة مقاتلة وإعطاب آليات عسكرية مدرعة».
ومن حمص، تحدث عضو لجان التنسيق المحلية في المنطقة سليم قباني عن «قصف عنيف يطال الخالدية والحميدية وتلبيسة والرستن والقصير، كما أحياء حمص القديمة، بالطيران»، واصفا الوضع في الخالدية بـ«الصعب للغاية» بعد أكثر من 10 أيام من القصف المتواصل على المنطقة بالمدفعية والهاون والطيران.
وأوضح قباني أنه «ونتيجة ممارسات عناصر قوات النظام المتركزة في حواجز على مشارف حي بابا عمرو، والتي أدت لمقتل ما يزيد عن 20 شخصا في الآونة الأخيرة، اقتحم الجيش الحر هذه الحواجز ومنها حاجز كفرعايا فدمره بشكل كامل، فما كان من قوات النظام إلا أن اختطفت 10 أطفال لا يزال مصيرهم مجهولا». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا واستشهد ستة أطفال دون سن الـ18 إثر القصف الذي تعرضت له مدينة الرستن، الخارجة عن سيطرة النظام منذ أشهر، بينهم 3 أطفال من عائلة واحدة. فيما توفي طفل آخر في القصير».
وحذر قباني من مجازر كبيرة ودمار أكبر في حال لم يتحرك المجتمع الدولي على وجه السرعة لوضع حد للعنف الحاصل في حمص، مطالبا لجنة المراقبين الدوليين المتواجدة في المدينة الخروج من الفندق لإصدار بيان عاجل حول ما يحصل لرفعه للأمم المتحدة.
بدوره وصف الناشط أبو بلال من حمص الوضع في المدينة بـ«المروع والكارثي»، لافتا إلى أن هناك نحو «400 مدني بينهم نساء وأطفال محتجزون في مدرسة في حي جورة الشياح». وأضاف: «نخشى حصول مجزرة كبيرة، إذ أنه القصف الأعنف الذي نشهده»، مشيرا إلى أن «نحو خمسين جريحا في حمص القديمة يحتاجون إلى عمليات جراحية».
وكان المرصد السوري أفاد عن «اشتباكات عنيفة دارت يوم أمس بين القوات النظامية السورية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في الحي الغربي بمنطقة دير بعلبة، قتل وجرح خلالها جنود من القوات النظامية إثر مهاجمة مقاتلين من الكتائب الثائرة لحاجزين في شارع الستين».
وبالتزامن، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية عن سقوط خمسة قتلى وعشرات الجرحى في قصف عنيف على بلدة بصرى الشام بدرعا. وأشارت الهيئة إلى أن «بلدة بصرى الشام تتعرض منذ ما بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء لقصف من قبل قوات النظام، في حين منعت قوات الأمن وميليشيات الشبيحة التابعة للنظام إسعاف الجرحى وسط نقص حاد بالمواد الطبية».
وقالت الهيئة إن منطقة اللجاة بدرعا أيضا تعرضت لقصف عنيف وانفجارات ضخمة لليوم الثالث عشر على التوالي، وأشارت شبكة «شام» الإخبارية إلى سقوط عشرات قذائف المدفعية ومن راجمات الصواريخ على البلدة، في حين تعرضت بلدة كفر شمس بنفس المحافظة لقصف بالهاون من قبل قوات النظام أوقع خسائر مادية وأدى لاشتعال منزلين وفق نفس المصدر.
وفي ريف حلب، أفاد ناشطون بسماع دوي انفجارات ضخمة هزت مدينة عندان صباح يوم أمس، ترافق مع إطلاق نار من رشاشات ثقيلة من قبل قوات الجيش المتمركزة على الحواجز، كما تم قطع التيار الكهربائي عنه، وسط نزوح أغلب السكان خوفا من وقوع مجازر. وتعرضت قرية معرشمارين في معرة النعمان بمحافظة إدلب المجاورة لقصف عنيف بقذائف الهاون والمدفعية من قبل قوات الجيش وفق ناشطين.
ومن حماه، تحدث عضو مجلس ثوار المنطقة أبو غازي الحموي عن قصف عشوائي طال بلدة طيبة الإمام منذ ساعات الفجر الأولى، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قام جيش النظام السوري بتكثيف القصف العشوائي على المدينة وتلا ذلك اقتحام المدينة من جميع المحاور، وبعدها قام بتقطيع المدينة إلى قطاعات جغرافية، بحيث قام بتفتيش كل قطاع بشكل كامل بيتا بيتا ومن ثم الانتقال إلى القطاع التالي». وأفاد الحموي عن دخول «أكثر من 50 آلية عسكرية للبلدة وسط إطلاق نار كثيف، وعملية دهم وتفتيش واعتقال على نطاق واسع ونهب للبيوت وإحراق الدراجات النارية».
ووصف مراقبون تكثيف النظام السوري لحملاته العسكرية على المدن بكونها محاولة لإعادة سطوته مجددا على مختلف الأنحاء، ولعدم ترك أي مدينة كـ«مركز محرر» في يد الجيش الحر تكون نواة لانطلاقهم وتحصنهم.
وبالتزامن ومع اشتداد القصف على الكثير من المدن السورية، أفيد عن مظاهرات ليلية خرجت في معظم المحافظات شهدت المطالبة برحيل الأسد، والإعلان تضامنها مع المدن التي تتعرض للقصف. وقال ناشطون إنه وفي العاصمة دمشق تظاهر المئات ليلا في عدة أحياء، مطالبين بمحاكمة الأسد وكبار المسؤولين عن المجازر التي ارتكبت في الحولة والقبير ودير الزور.
وفي عدد من مدن وبلدات ريف دمشق خرج عدد من المظاهرات الليلية التي تطالب بإسقاط النظام وبالانتقام من المسؤولين عن المجازر الأخيرة. وشهدت أحياء عدة في مدينة حلب مظاهرات ليلية، تعهد خلالها المتظاهرون بالاستمرار في الثورة ضد النظام متضامنين مع المدن والأحياء التي تتعرض للقصف. كما شهدت كل من محافظة درعا بجنوب البلاد وحما وسط ودير الزور شرقا مظاهرات ليلية مماثلة طالب المتظاهرون خلالها بالقصاص من المسؤولين عن المجازر.
الأمن السوري يقتحم «الحفة» بعد انسحاب «الجيش الحر» وفرار أغلب سكانها، العميد الشيخ لـ «الشرق الأوسط»: قواتنا أتمت مهمتها في المنطقة.. وانسحبت حفاظا على ما تبقى من أرواح

بيروت: بولا أسطيح .. أعلن العميد المنشق مصطفى الشيخ رسميا انسحاب عناصر الجيش السوري الحر من منطقة الحفة التابعة لمحافظة اللاذقية التي كانت تتعرض والقرى المجاورة لها، خلال الأيام الثمانية الماضية لقصف عنيف من قبل قوات الأمن السورية.
وقال الشيخ لـ«الشرق الأوسط» إن «(الجيش الحر) أتم مهمته بالدفاع عن الناس في المنطقة ونفذ انسحابا تكتيكيا حفاظا على ما تبقى من أرواح ومنازل»، لافتا إلى أن «النظام كان يعمل على هدم كل منازل المنطقة دون استثناء». وأكد الشيخ أن الحفة فارغة من أهلها؛ بعد أن نزح معظمهم باتجاه اللاذقية وبعض القرى المجاورة بمساعدة عناصر «الجيش الحر» على مدار الأيام الماضية.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن ليل الثلاثاء/الأربعاء عن انسحاب «الثوار المقاتلين» من منطقة الحفة والقرى المجاورة لها، واصفا الانسحاب بـ«التكتيكي، من أجل تأمين سلامة وحماية السكان»، ولافتا إلى أن قصف القوات النظامية «كان قويا جدا خلال الأيام الثمانية الماضية».
وأشار مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إلى أن «القوات النظامية قامت باقتحام المنطقة عقب انسحاب الثوار المقاتلين منها»، مؤكدا تكبد القوات النظامية «خسائر فادحة» خلال الاشتباكات في الأيام الماضية، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح.
وبالتزامن، أفادت شبكة «شام» الإخبارية بأن جيش النظام اقتحم بالأمس بلدة الحفة وسط إطلاق نار كثيف وحملات دهم وتفتيش واعتقال عشوائية، بعد انسحاب مقاتلي «الجيش الحر». وقال متحدث باسم المعارضة المسلحة في المنطقة، ويدعى سليم العمر، إن القصف الكثيف بمدفعية الميدان أجبر الـ200 مقاتل الباقين - الذين كانوا يدافعون عن الحفة - على مغادرتها، لافتا إلى أن «عدة آلاف من المدنيين تركوا في المدينة دون حماية من الميليشيات العلوية التي تحاصر القرية».
بدوره، أوضح عمار الحسن، عضو اتحاد تنسيقيات الثورة في اللاذقية، أن «الجيش الحر» أخلى يوم الثلاثاء منطقة الحفة، مساعدا من يرغب من أهاليها في مغادرتها قبل دخول قوات الأمن إليها، مؤكدا أن معظم شبان ونساء وأطفال قرى الحفة تركوها إلى مدينة اللاذقية وبعض القرى المجاورة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتبق في المنطقة إلا الشيوخ وسط أوضاع إنسانية متردية جدا، ومع استمرار تحليق الطيران في سماء المنطقة».
وكان مقاتلو «الجيش الحر» أعلنوا في وقت سابق أنهم يكافحون لتهريب مدنيين محاصرين في الحفة وسط قصف عنيف، في حين قال مراقبو الأمم المتحدة إن العنف جعل اقترابهم من القرية أمرا شديد الخطورة.
وقد طالب المبعوث الدولي العربي كوفي أنان بالسماح لمراقبي الأمم المتحدة بدخول الحفة، لكن المراقبين الذين ذهبوا للمنطقة قالوا إنهم قرروا عدم دخول الحفة نفسها، معتبرين أن ذلك خطير للغاية. وتعرضت ثلاث سيارات تقل المراقبين الدوليين الثلاثاء إلى إطلاق نار بعد أن أجبرت على مغادرة الحفة، حيث تصدت لهم «حشود غاضبة أحاطت بسياراتهم ومنعتهم من التقدم» لدى محاولتهم الوصول إلى المدينة، بحسب ما أفادت المتحدثة باسم البعثة سوسن غوشة في بيان.
بالمقابل، قالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إن الجهات المختصة أعادت الأمن والهدوء إلى منطقة الحفة «بعد تطهيرها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي روعت المواطنين واعتدت عليهم وقامت بتخريب وحرق عدد من الممتلكات العامة والخاصة بالمنطقة».
ونقلت «سانا» عمن قالت إنه مصدر رسمي أن «الجهات المختصة واصلت ملاحقة فلول المجموعات الإرهابية في القرى المحيطة بمنطقة الحفة واشتبكت مع عدد من الإرهابيين، مما أدى إلى مقتل بعضهم وإلقاء القبض على الآخرين». وأضافت: «كما صادرت الجهات المختصة كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة التي استخدمتها المجموعات الإرهابية في اعتداءاتها وترويعها للأهالي، ومن ضمنها صواريخ كوبرا وقناصة وبنادق آلية وعبوات ناسفة وهاون وقواذف آر بي جي وكمية كبيرة من الذخيرة».
وفي وقت لاحق، نقلت «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين قوله إن «الوزارة دعت مراقبي الأمم المتحدة إلى الذهاب لمدينة الحفة والاطلاع على الأوضاع فيها، بعد أن قامت المجموعات الإرهابية في المدينة بعمليات قتل وترهيب المواطنين الأبرياء وسلب ونهب وحرق الممتلكات العامة والخاصة والمحال التجارية». ولفت المصدر إلى أن هذه الدعوة «تأتي في إطار مهمة المراقبين، المتمثلة بالتحقق مما يجري على الأرض، ومعاينة ما قامت به تلك المجموعات الإرهابية»
الأردن بدأ في تنفيذ سياسة جديدة لدخول السوريين إلى أراضيه، تحسبا لعمليات تخريبية قد تلجأ لها مجموعات موالية للنظام السوري

جريدة الشرق الاوسط... عمان: محمد الدعمه ... أكد مصدر أردني مطلع أن السلطات الأردنية بدأت في تنفيذ سياسة جديدة لدخول السوريين إلى الأردن تحسبا لعمليات تخريبية قد تلجأ لها مجموعات موالية للنظام السوري، خاصة بعد أن استقبل الأردن أكثر من 125 ألف سوري فروا من بلادهم منذ اندلاع أعمال العنف فيها.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات الأردنية اكتشفت خلال هذه الفترة عناصر مندسة بين اللاجئين من أجل القيام بأعمال انتقامية أو القيام بتصرفات تسيء لهؤلاء اللاجئين على الأراضي الأردنية، حيث ضبطت السلطات عناصر ادعت أنها من الجيش الحر، وأنها فرت من الجيش السوري وتبين أنها عناصر مدسوسة من النظام السوري من أجل ملاحقة المنشقين أو اللاجئين.
وأشار المصدر إلى أن السلطات الأردنية لديها معلومات حول نية بعض المجموعات الموالية النظام القيام بأعمال تعكر صفو الأمن في الأردن، وكذلك تلاحق عناصر من الجيش هربوا إلى الأردن، وقد ألقت القبض خلال العام الحالي والعام الماضي على العشرات منهم وأعادتهم إلى السلطات السورية. وأكد المصدر أن الأجهزة الأمنية تعيد كل من له قيد أمني من المطار أو من الحدود البرية، موضحا أن القيد الأمني يشمل تجاوز الإقامة أو تهريب البضائع أو الأسلحة أو المخدرات، وكذلك القضايا الأخلاقية مثل الدعارة أو أي قيود أمنية مسجلة لدى الدوائر الأمنية. وقال إن القيود موجودة لدى الدوائر الأمنية وقد قامت بتفعيلها عندما أدركت أن هناك خطرا بات يهدد أمن الأردن. وأشار المصدر إلى أنه قد تكون هناك بعض الحالات التي لم تتجاوز عدد أصابع اليد مظلومة جراء تشابه الأسماء، إلا أن هذا التشابه عادة ما يخضع للتدقيق من أجل التصحيح.
وأكد المصدر أن السلطات الأردنية تدرس حاليا الطلب من السوريين القادمين من بلدان الخليج العربي والدول الأخرى الحصول على إذن مسبق من السفارات الأردنية، لكن حتى الآن لم تصدر أي تعليمات بهذا الخصوص.
وكان وزير الخارجية الأردني ناصر جودة قال في تصريح سابق إن الأردن هو الدولة الأكثر تأثرا بالأحداث في سوريا بسبب التقارب الجغرافي بين البلدين. وفي رده على سؤال حول تقارير تحدثت أخيرا عن قيام السلطات الأردنية بمنع السوريين من الدخول إلى الأردن، أكد جودة أن هذه التقارير غير صحيحة إطلاقا، مشيرا إلى أنه «كانت هناك بعض الحالات الفردية تم التدقيق فيها إما في المطار أو من خلال الحدود البرية، ومن وجهة نظر أمنية كان القرار بعدم السماح لها بالدخول إلى المملكة، ولم تكن حالات إنسانية أو زوارا قادمين، وهذا حق للأردن مع كل الجنسيات ليس فقط مع الأشقاء السوريين، خاصة أن دخول السوريين لا يتطلب تأشيرة».
من جانبه، أكد عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان الأردني بسام العموش «عدم وجود أي منع أردني لدخول السوريين»، معلقا «هذا الأمر غير وارد بتاتا، والحالات الإنسانية كلها تدخل المملكة». ويرى العموش أن «هناك منعا لقوى سياسية معينة من الدخول إلى الأردن، وأنها هي التي تستغل الوضع وتطلق مثل هذا الكلام». وبما أنه من الطبيعي هروب الناس من المجازر، فإنه «لا دولة تستطيع أن تغلق حدودها أمام اللجوء الإنساني»، بحسب العموش، الذي أضاف أن «من يشكك في استقبال المملكة للاجئين فلير أعدادهم الكبيرة في البيوت الأردنية في مدينتي الرمثا والمفرق».
إلى هذا، أكد نائب فضل عدم ذكر اسمه، أن «هناك معلومات عن وجود عناصر مشبوهة من ضمن اللاجئين السوريين، وأن أجهزة الأمن تراقب، كما أن هناك انزعاجا أردنيا من وجود خلايا استخباراتية أمنية سورية ومحاولات للدخول». وقال إنه «لا يستغرب موقف الأردن في منع بعض الأفراد من الدخول خاصة إذا كان لأسباب أمنية».
من جانب آخر، قال مواطنون سوريون عالقون في مطار الملكة علياء الدولي بعمان إن السلطات الأردنية تواصل منعهم من دخول البلاد، وتطلب منهم العودة من حيث أتوا لليوم السادس على التوالي. وأكد مواطنون أن الجهات الأمنية الأردنية تمنع 60 سوريا من دخول الأردن، وطلبت منهم شراء تذاكر تمهيدا لترحيلهم خارج المملكة.
وقال محمد بركات إن من بين الممنوعين من دخول البلاد عائلات بعضها معه أطفال لا تزيد أعمارهم على شهور قليلة. وأوضح بركات أن السلطات الأردنية منعته ظهر أمس من دخول الأردن على الرغم من أن عائلته موجودة في عمان، حيث قال إنه غادر للإمارات لتجديد إقامته هناك، وإنه فوجئ بعد عودته برفض دخوله للأردن.
واتهم بركات سلطات المطار بمعاملة السوريين بشكل غير لائق، وقال «حاولت مقابلة مسؤولين أمنيين إلا أن الأفراد كانوا يسألونني عن جواز سفري، وعما إذا كنت أملك ثمن تذكرة السفر التي سأشتريها وأغادر البلاد أم لا». وقال بركات إنه مسجل كلاجئ لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في عمان، وإن كل ذلك لم يسعفه لدخول الأردن ولقاء عائلته الموجودة هناك منذ عام.
على صعيد متصل، أصدرت الجالية السورية في الخليج العربي بيانا قالت فيه إن «الجالية السورية تجد في منع السوريين من دخول الأردن واحتجازهم في مطار الملكة علياء الدولي في عمان من دون إشعار مسبق من خلال الإعلام أو مكاتب الحجز في مطارات القدوم التي أتى منها هؤلاء السوريون مع عدم الأخذ بعين الاعتبار الغرض من الزيارة، مخالفة صريحة لقوانين النقل الجوي للمسافرين وإيذاء من دون طائل للسوريين القادمين من مختلف دول العالم خصوصا من سوريا، إضافة إلى أنه هدر للمال والوقت والجهد».
وأشار إلى ما حدث في بداية هذه السنة 2012 من غلق لسفارات دول الخليج العربي في دمشق واعتماد سفاراتها في عمان بديلا عنها في التعامل مع السوريين، هو ما دفع السوريين إلى القدوم إلى عمان لإنجاز معاملاتهم والحصول على تأشيراتهم من هذه السفارات.
ودعت السلطات الأردنية إلى عدم المشاركة في إيقاع السوريين - القادمين من سوريا والهاربين من ظروف الاعتقال والتصفية الجسدية - ضحية في يد قوات الاحتلال الأسدية بإرجاعهم إلى سوريا. وأكدت الجالية السورية أنه على السلطات الأمنية الأردنية ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الغرض من الزيارة والتعامل مع الزائرين بحسب ما تقتضيه المصلحة للجميع.
فرنسا: 4 محاور لحصار الأسد.. وبريطانيا تحذر من أن الوضع على شفا الانهيار، فابيوس: «مجموعة الاتصال» ستلتقي أواخر الشهر الحالي على مستوى رفيع

باريس: ميشال أبو نجم لندن: «الشرق الأوسط» ... استمرت الأزمة السورية في الاستحواذ على الاهتمام العالمي أمس، على خلفية تدهور الوضع الداخلي، وعقب وصف الأمم المتحدة للوضع هناك بأنه تحول إلى «حرب أهلية».. وبينما طالبت باريس أمس بمزيد من التشديد للعقوبات على سوريا، وبخاصة ضد كوادر الجيش، حذرت بريطانيا من كون الوضع أصبح «على شفا الانهيار». في الوقت الذي دعا فيه الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون المؤتمر المزمع حول سوريا «أكثر كفاءة»، ويضم روسيا والصين، بينما اعتبر الأمين العام للحلف الأطلسي آندريه فوغ راسموسن أن التدخل العسكري الأجنبي في سوريا «ليس الطريق الصحيح».
وأكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بعد ظهر أمس، في إعلان مكتوب للرد على المسار الذي أخذت تسلكه الأزمة السورية، والذي وصفه بـ«المنحى الأكثر خطورة وبشاعة حتى الآن»، أن فرنسا قررت أن تكون «السباقة في العمل ضد بشار الأسد وضد الجرائم التي يجب أن يحاكم عليها». وأعلن عن 4 إجراءات كرد على التصعيد الذي يمارسه النظام السوري، تشمل بداية سلة إضافية من العقوبات الأوروبية والأميركية.
وأفاد فابيوس بأنه سيتواصل «مباشرة» مع نظرائه الأوروبيين والأميركيين، حيث يقوم وزراء الخارجية (الأوروبيون) بفرض عقوبات أشد تذهب أبعد من الأسد وجوقته والمسؤولين الكبار، لتطال العسكريين من أصحاب الرتب الأدنى والمسؤولين المتوسطين الذين يوفرون الدعم للنظام القائم. وبينما نبه الوزير الفرنسي هؤلاء إلى أنهم «سيساقون إلى المحاكم»، وجه نداء إلى السوريين لإبلاغهم أن «ساعة الخيار قد دقت»، وأن الوقت أخذ ينفذ من أجل «ترك سفينة» الحكم لأن المستقبل «موجود فقط إلى جانب من يقاوم القمع والاضطهاد».
وتريد باريس في المقام الثاني استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يضع خطة المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان تحت الفصل السابع لجعل تنفيذها إلزاميا، بحيث تفرض عقوبات على الجهة التي تعيق أو ترفض تنفيذها. وقال فابيوس إن فرنسا تريد «التعجيل» في ذلك وتريد من مجلس الأمن «الانتقال إلى السرعة الأعلى» للتعاطي مع هذا الطلب.
وتراهن فرنسا، استنادا إلى تصريحات فابيوس، على أن روسيا والصين لم تعودا في وضع يتيح لهما منع مجلس الأمن من اتخاذ قرارات إلزامية في الموضوع السوري، بعد الدرجة التي وصل إليها القمع والقتل وبعد دخول البلاد في «حرب أهلية». وأشار فابيوس إلى وجود «اتصالات بهذا المعنى مع شركائنا في مجلس الأمن، وخصوصا مع روسيا». وأضاف: «نعتقد ونأمل أن الروس يمكن أن يواكبوا جهودنا من أجل استخدام الفصل السابع».
غير أن ما تأمله فرنسا ليس بعد أمرا مؤكدا. ويجري مدير الشؤون السياسية في الخارجية الفرنسية جاك أوديبير اليوم مباحثات مع المسؤولين الروس، من ضمنها اللجوء إلى الفصل السابع والمبادرة الروسية بالدعوة إلى مؤتمر دولي حول سوريا بحضور إيران. ومن الإشارات المشجعة بالنسبة لباريس، موقف الصين التي عبرت عن قلقها من تدهور الوضع في سوريا. أما المحور الثالث الذي تعمل باريس عليه، فيتمثل في دعم فكرة أنان بإيجاد «مجموعة اتصال» دولية. وذهب فابيوس إلى الكشف عن موعد أول اجتماع لهذه المجموعة، الذي يمكن أن يتم على مستوى رفيع أواخر الشهر الحالي «بحيث يتيح تحقيق تقدم».
ويتمثل المحور الأخير في العمل لإنجاح مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في 6 يوليو (تموز)، الذي تم دعوة 140 دولة وهيئة ومنظمة للحضور، ووضع فابيوس على رأس أهداف المؤتمر إظهار أن المعارضة السورية «ليست وحدها» في معركتها ضد النظام. وانتهز الوزير الفرنسي المناسبة ليدعو «معارضة الخارج ومعارضة الداخل للتوحد» ومن أجل «تشكيل بديل ذي صدقية ومشروعية» عن نظام الأسد.
وإذ رأى فابيوس أن ما يحصل في سوريا هو فعلا حرب أهلية، اعتبر أن منع تفاقمها يمر عبر رحيل النظام السوري. وجدد المسؤول الفرنسي رفض بلاده تسليح المعارضة السورية. إلا أنه في الوقت نفسه اعتبر أن الامتناع عن تسليحها سيتركها لقمة سائغة للنظام.
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، للصحافيين في كابل أمس، إن سوريا على شفا الانهيار، وإنه سيجري محادثات عاجلة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الخميس (اليوم) لضمان تنفيذ خطة السلام.
ورغم تلك المحاذير، اعتبر الأمين العام للحلف الأطلسي آندريه فوغ راسموسن في أستراليا، أمس، أن تدخلا عسكريا أجنبيا في سوريا «لن يكون الطريق الصحيح». وأضاف: «ليس هناك أي خطط حاليا لشن عملية للحلف هناك»، ورأى أن فشل مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى اتفاق لتشديد الضغط على دمشق «خطأ جسيم»، معتبرا أن بوسع روسيا لعب «دور أساسي» من أجل وقف العنف وإعادة السلام إلى سوريا.
وتابع: «رغم ذلك، أدين بشدة سلوك قوات الأمن السورية وقمع السكان المدنيين»، مضيفا «ما نشهده مشين تماما، ولا شك في أن النظام السوري مسؤول عن انتهاكات للقوانين الدولية»، و«أنا أحث النظام السوري على تلبية التطلعات المشروعة لشعبه وإحلال الحرية والديمقراطية».
وقال راسموسن الذي يقوم بزيارة دبلوماسية إلى أستراليا إنه ليس واثقا ما إذا كان من الممكن وصف الوضع بحرب أهلية «من وجهة نظر قانونية»، وتابع: «لكن، من المؤكد أن الوضع خطير جدا».
من جهتها، قالت مسؤولية الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في كلمة لها أمام البرلمان الأوروبي عن الشرق الأوسط أمس: «نشعر بالفزع من جراء أعمال العنف المقزز التي ما زلنا نشهدها في سوريا.. ويجب أن نتصرف بشكل حاسم لمنع المزيد من إراقة الدماء وتجنب تأجيج نيران العنف الطائفي، وعلاوة على ذلك عسكرة النزاع وصولا إلى حرب أهلية كاملة».
وشددت أشتون على أن «السبيل الوحيد للتقدم هو الآن لتعزيز نفوذ خطة أنان مع النظام السوري وجعل مهمته أكثر فعالية.. لا يوجد حل أكثر إجماعا من حيث الدعم الدولي».
وأوضحت أشتون «إننا بحاجة إلى الاتفاق على خريطة الطريق التي تعزز أنان وخطته، وهذا ينبغي أن يشتمل على ثلاث أولويات رئيسية، أولا مجموعة اتصال أكثر فعالية، بما في ذلك روسيا والصين، لتنسيق دعم أنان والتأثير على النظام.. ولذلك فإنني أرحب بفكرة (مجموعة الاتصال) من الفاعلين الرئيسيين في الأزمة السورية كما أعلن أنان من قبل، والمجتمع الدولي يجب أن تظهر وحدته في هذه اللحظة الحرجة. ثانيا يجب اتخاذ إجراءات موحدة من جانب مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى مزيد من الضغوط القوية والفعالة، بما في ذلك تعزيز للعقوبات بموجب الفصل السابع. وثالثا توافق دولي في الآراء حول عملية التحول السياسية».
إلى ذلك، أثارت الأزمة السورية وانعكاساتها على لبنان، شكوكا حول زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر المقررة بين 14 و16 سبتمبر (أيلول) المقبل إلى لبنان، بحسب ما أوضحته مصادر واسعة الاطلاع على شؤون الفاتيكان أمس.
طرفا الأزمة في سوريا يرفضان وصف الوضع بـ«الحرب الأهلية»، السلطة تقول إنها حرب على الإرهاب ومعارضون يعتبرونها مساواة بين الضحية والجلاد

جريدة الشرق الاوسط.... بيروت: كارولين عاكوم ... اجتمع كل من المعارضة والنظام على رفضهما لتوصيف الأمم المتحدة للتدهور الأمني في سوريا بأنه «حرب أهلية»، وإن اختلفت أسباب كل منهما. وفي حين اعتبرت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان لها أن تصريح مسؤول عمليات حفظ السلام هيرفيه لادسو «لا يعبر عن صورة الأحداث الجارية ولا عن الشعب السوري وثورته السلمية»، أبدت وزارة الخارجية والمغتربين السورية استغرابها مما ورد على لسان لادسو، معتبرة أن «ما يجري في سوريا هو حرب ضد مجموعات مسلحة اختارت الإرهاب طريقا للوصول إلى أهدافها».
وجاء في بيان الهيئة أن «القول بأن سوريا دخلت في حرب أهلية لا يعبر عن صورة الأحداث الجارية، ولا يعبر عن الشعب السوري، الذي لا يزال يناضل وينزل إلى الشوارع بأعداد كبيرة في كل المناطق السورية، كما أن هذا التعبير يساوي بين الضحية والجلاد، ويتجاهل مجازر النظام الأسدي، و(يعد) طمسا لمطالب الشعب السوري المشروعة بالحرية والكرامة». وأضاف «نؤكد أن ثورتنا السلمية ودفاعنا عن أنفسنا مستمر حتى إسقاط آلة القمع الأسدية، وبناء الدولة التي تجمعنا تحت راية واحدة بكل ألوان وأطياف الشعب السوري».
من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية في بيان لها إن سوريا كانت ولا تزال تتوقع من مسؤولي الأمم المتحدة أن يتعاملوا بموضوعية وحيادية ودقة مع التطورات الجارية في سوريا، لا سيما بعد انتشار فريق المراقبين الدوليين في معظم المحافظات السورية، لافتة إلى أن الحديث عن حرب أهلية لا ينسجم مع الواقع ويتناقض مع توجهات الشعب السوري.
وأوضح البيان أن سوريا لا تشهد حربا أهلية «بل تشهد كفاحا لاستئصال آفة الإرهاب ومواجهة القتل والخطف والتفجيرات والاعتداء على مؤسسات الدولة وتدمير المنشآت العامة والخاصة، وغيرها من الجرائم الوحشية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة»، مشيرة إلى أنه تبعا للقانون الدولي وللتفاهم الأولي الذي تم توقيعه بين سوريا والأمم المتحدة فإن من واجب السلطات السورية التصدي لهذه الجرائم وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
كذلك، أشار البيان إلى أن سوريا تؤكد احترامها لخطة أنان واستعدادها لتنفيذها، وأنه على المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة أن يتخذ موقفا حاسما ضد الجرائم التي ترتكبها المجموعات المسلحة، والتأكيد على ضرورة وقف أي دعم عسكري أو مالي تقدمه أوساط إقليمية ودولية لهذه «المجموعات الإرهابية»، التزاما بقرارات مجلس الأمن الداعية إلى تضافر جهود المجتمع الدولي لمكافحة آفة الإرهاب.
وفي تعليقه على وصف مسؤول الأمم المتحدة ورد وزارة الخارجية السورية، اعتبر عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني، بشار الحراكي، أن «الوضع في سوريا هو على مشارف الحرب الأهلية، ومما لا شك فيه أن هذا الواقع سيتدهور، وقد يصل إلى الحرب الأهلية بل الطائفية التي يدفع نحوها النظام منذ بدء الثورة، إذا لم يتحرك المجتمع الدولي ويتخذ قرارا حاسما، قبل أن تصل إلى ذروتها في ظل اتباع النظام سياسة التهجير وارتكاب المجازر بحق طائفة معينة». وقال الحراكي لـ«الشرق الأوسط»: «من يصفهم النظام بالإرهابيين هم عناصر الجيش الذين رفضوا قتل شعبهم وقرروا الدفاع عنه، إضافة إلى بعض المدنيين الذين اتخذوا القرار نفسه ويدافعون عن عائلاتهم وقراهم بعدما رأوا المجازر التي ترتكب بحقهم».
وفي ما يتعلق بالقول إن سوريا لا تزال متمسكة بخطة أنان، علق الحراكي بالقول «الكل يعلم، والنظام بشكل خاص، أن تطبيق هذه الخطة هو طريق لإسقاطها. وبالتالي، ليس على مجلس الأمن إلا فرض تطبيقها بالقوة»، مضيفا «كيف لنا أن نصدق هذا النظام الذي سبق وأعلن، قبل 3 أشهر، أنه شكّل لجنة للتحقيق في أحداث درعا، وإذا به لم يصدر أي قرار، رغم كل التحقيقات التي حصلت، بل وعوضا عن ذلك، عيّن رئيس هذه اللجنة وزيرا للعدل؟».
بدوره، قال ياسر النجار، عضو المجلس الأعلى للثورة السورية، لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحصل في سوريا هو ثورة من أهم الثورات العالمية، وعجز النظام - ورغم كل أكاذيبه وفبركاته - عن إقناع أحد، فيما نجح الشعب الذي يناضل بأقل الوسائل المتوافرة لديه في أن يوصل صوته إلى العالم ويقنعه بأنه مظلوم وصاحب حق»، مضيفا أن «النظام بدأ بالحل الأمني المتمثل في القمع والاعتقال، ثم انتقل إلى الحل العسكري من خلال حرق المدن والمجازر والقتل الجماعي، وها هو اليوم يعتمد الحل الطائفي بتركيزه على التفجيرات والمجازر التي تستهدف الطوائف، للقول إن سوريا مقبلة على حرب أهلية وطائفية».
المجلس الوطني السوري: إصدار وثيقة خاصة بالطائفة العلوية يؤكد ثوابت العهد الوطني، مراقب عام «الإخوان» لــ«الشرق الأوسط»: وضع الأقليات سيكون أفضل.. ولتتسلم السلطة أي شخصية عبر الانتخابات

بيروت: كارولين عاكوم ... في وقت لا تزال فيه الطائفية العلوية تقف في الجزء الأكبر منها إلى جانب النظام السوري، رغم التطمينات المتكررة التي يحرص المجلس الوطني السوري وفرقاء المعارضة على التوجه من خلالها لأبناء هذه الطائفة بشكل خاص والأقليات بشكل عام، أعلن عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري، أن المجلس على استعداد لإصدار وثيقة خاصة بالطائفة العلوية من أجل التأكيد على ثوابت وثيقة العهد الوطني، على غرار تلك التي سبق الإعلان عنها حول القضية الكردية.
وفي حين أعلن عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني جورج صبرا، أن المجلس معني بتوجيه رسائل إلى كل الطوائف والفئات الاجتماعية في سوريا لطمأنتهم حول الوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، أكد مراقب عام الإخوان المسلمين رياض الشقفة، أن هذا الإعلان يتلاءم مع توجه «الإخوان» وتفكيره، فيما اعتبر عضو المكتب التنفيذي في المجلس توفيق دنيا، أن وثيقة العهد الوطني التي سبق للمجلس الوطني أن أطلقها، كافية وتفي بالغرض المطلوب، لمن يريد أن ينضم إلى الثورة.
وقال الشقفة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الطرح «يتلاءم مع توجه (الإخوان) وتفكيره»، مؤكدا «نطمئن كل الطوائف، ولا سيما الأقلية منها، بأن وضعها سيكون أفضل في سوريا المستقبل بعد القضاء على نظام الاستبداد والإجرام. فالديمقراطية ستضمن حقوق الجميع، وكل فرد في سوريا هو مواطن يتمتع بالحقوق والواجبات من دون تمييز بين شخص وآخر؛ لا على أساس الانتماء الطائفي ولا القومي».
وفي حين، لم يمانع الشقفة من أن تتسلم السلطة - في المستقبل - أي شخصية، إلى أي طائفة انتمت، وحتى إن كانت علوية، قال: «لن نقف في وجه من تنتخبه أصوات المواطنين في صناديق الاقتراع، بشرط أن تكون هذه الانتخابات نزيهة وحرة وتحت رقابة بعيدا عن التزوير». واعتبر الشقفة أن الشعب السوري أوعى من أن ينزلق إلى الحرب الطائفية التي يعمل النظام على تغذيتها من خلال تنفيذه جرائم بحق العلويين حينا والسنة أحيانا، للقول: إن كل طائفة تقاتل الأخرى، مضيفا «في الطائفة العلوية شخصيات واعية لواقع الوضع السوري وترفض أساليب النظام وما يرتكب من جرائم بحق شعبه. وإن استطاع (النظام) أن يجيش جزءا من الطائفة من خلال إخافتهم من السنة، فهو لم يستطع السيطرة على كل الطائفة، وهنا تكمن أهمية الوثيقة التي لا بد للمجلس أن يعمل عليها، بغية تطمين العلويين على أنه لن يكون أي تجييش أو انتقام منهم».
في المقابل، رأى عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني، توفيق دنيا، من الطائفة العلوية، أن وثيقة العهد الوطني التي سبق للمجلس الوطني أن أطلقها، كافية وتفي بالغرض المطلوب لمن يريد أن ينضم إلى الثورة، والتركيز على أننا نريد دولة ديمقراطية لكافة أبنائها من كل الطوائف بعيدا عن الإقصاء أو التهميش. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا رأى رئيس المجلس الوطني أن توجيه وثيقة للعلويين له فائدة فليس هناك مشكلة، لكننا نعتبر أن الكلام عن الإعلان عن وثيقة خاصة ليس ضروريا، لا سيما أن قسما كبيرا من هذه الطائفة منحاز للثورة».. ويلفت دنيا إلى أن أكثر ما يطمئن القاعدة الشعبية العلوية وحثها للمشاركة بفعالية أكبر في صفوف الثورة، هو فتح الأبواب أمام الشخصيات في الطائفة العلوية للمشاركة في عملية التغيير بعيدا عن الإقصاء أو التهميش، وهذا ما جاء في نص الوثيقة.
بدوره، يعتبر جورج صبرا، عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، أن أبرز مهام المجلس في المرحلة القادمة هو العمل على وثيقة ترصد المرحلة الانتقالية وتوجهاتها وفق آلية عمل تضمن إجراء انتخابات نزيهة وتولي السلطة. ويقول صبرا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كمجلس وطني معنيون بتوجيه رسائل إلى كل الطوائف والفئات الاجتماعية، لطمأنتهم حول تفاصيل هذه المرحلة والمرور عبرها بسلام، والتأسيس لدولة مدنية ديمقراطية تعددية يتساوى فيها كل المواطنين».
ويرى صبرا أن تصريح الدكتور سيدا هو جزء من هذه المهمة، التي قد يتم الإعلان عنها في وثيقة خاصة في مؤتمر المعارضة الذي سيعقد في القاهرة برعاية الجامعة العربية، مضيفا: «وتحركنا هذا يستجيب أيضا إلى نداءات الطائفة العلوية التي تصل إلينا من القرى التي يستقبل أبناؤها جثثا، ووصلت إلى مرحلة غير قادرة فيها على التحمل، وصارت عائلاتها تسأل هل يجب أن يموت أولادنا كي يبقى بشار الأسد؟ حتى أنهم يطالبوننا بمدهم بالسلاح للانضمام إلى خط الثورة». ويرى صبرا، أن على كل الطوائف أن تعلن انضمامها إلى الثورة من أجل ضمان مستقبل مشرف بعيدا عن أي حقد أو انتقام أو ثأر.
«تفعيل الحراك السلمي»: حملة مدنية تؤكد على سلمية الثورة، يدعمها «المنتدى السوري للأعمال» في موازاة الحراك الردعي ردا على عمليات النظام

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: كارولين عاكوم.. في موازاة إطلاق ذراعها المالية تحت اسم «المنتدى السوري للأعمال» الذي يضم رجال أعمال سوريين تكفلوا بدعم الثورة، يعمل أعضاء المنتدى بالتعاون مع مختلف أطياف الحراك الثوري على الأرض على نشاط أساسي ينطلق من هدف واحد، وهو «تصعيد الحراك السلمي لتتفرع منه حملات متعددة ومختلفة الوسائل تدعم الثورة التي لا بد لها أن تسير بمسارين، سلمي وردعي، وذلك ردا على الجرائم التي يرتكبها النظام على مرأى ومسمع من العالم الذي يقف صامتا»، بحسب وصف وائل مرزا، عضو المجلس الوطني والناطق الرسمي باسم المنتدى السوري للأعمال.
وقال مرزا لـ«الشرق الأوسط»: «لا نزال نصر على سلمية الثورة، وما يقوم به الجيش السوري الحر هو فقط لحماية المدنيين، وذلك من خلال الحملات المدنية التي كان الناشطون قد بدأوا في تنفيذها منذ فترة بطريقة عفوية بعيدا عن العنف الذي يعتمده النظام، وتولينا نحن الآن دعمها وتمويلها لتبدأ من العاصمة دمشق التي وصلت إليها الثورة ولما لها من تأثير سلبي على النظام، لتوسيعه في ما بعد ليشمل المناطق السورية الأخرى». وعن إمكانية العودة إلى الوراء وتحقيق «الحراك السلمي» في ظل «عسكرة الثورة السورية»، وما وصلت إليه من عمليات عسكرية متبادلة، يجيب مرزا «تفعيل الحراك السلمي ليس عودة إلى الوراء بقدر ما هو تأكيد على أن الهدف من الثورة السورية كان منذ البداية سلميا، إلا أن النظام هو من حولها إلى عسكرية من خلال دفعه الجيش الحر للرد عسكريا لحماية المدنيين، ونعتبر أن عمليات الردع التي ينفذها الجيش الحر لا تتناقض مع توسيع دائرة الحراك السلمي». ويؤكد مرزا أن المنتدى سيكون فعليا الذراع المالية للثورة، ومن ضمنها دعم الجيش الحر، ومساعدته كي يقوم بمهمته في الدفاع عن المواطنين وتنفيذ العمليات الدفاعية، شرط تنظيم الحراك بعيدا عن أي انفلات عسكري أو أي مظاهر شاذة تسيء للثورة ولأهدافها.
وأتى الإضراب العام الذي نفذ في العاصمة دمشق الأسبوع الماضي بعد مجزرة الحولة، ليكون الخطوة الأولى في مسيرة «الحراك الثوري»، ومن ثم ما أطلق عليه «غليان دمشق»، من خلال قطع الطرقات بالإطارات والمواد المشتعلة، على غرار ما نفذه الناشطون الأسبوع الماضي في الطريق التي تصل دمشق ببيروت، على أن يتم اللجوء إليها في الفترة المقبلة لتشكل ما يمكن اعتباره الانطلاقة الفعلية لتحركات العصيان المدني الذي لا بد أنه يتطلب تحضيرا نفسيا وعمليا لتحقيقه. كذلك، كانت قد بدأت «حملة تطهير دمشق من أصنام الأسد»، التي يرفض مرزا وصفها بالتماثيل، معتبرا أن التماثيل هي فقط للأشخاص الشرفاء، إذ قام الناشطون في شارع بغداد بالقرب من أمن الخطيب في دمشق بتكسير الرأس وإلقائه في سلة القمامة، قبل أن يعمد الشبيحة إلى تحطيم النصب بالكامل، وهذه الحملة ستبقى مستمرة في أحياء العاصمة لتمتد إلى المناطق الأخرى. وهذا ما ينسحب أيضا على «حملات الشبيحة» التي يقوم من خلالها الناشطون بالرد على قذائف النظام بإطلاق قنابل صوتية، لتخفيف الضغط عن المناطق المستهدفة، وهذا ما نفذ أيضا في كفرسوسة منذ أيام قليلة.
وضمن حملة «الحراك السلمي»، التي تسعى المعارضة لتضم تحت لوائها الأهالي والعائلات السورية، تأتي «حملات التكبير» التي يلفت مرزا إلى أنها تبث الرعب والخوف في نفوس عناصر قوات النظام، وهي انطلقت منذ أيام بمشاركة مختلف الطوائف، في منطقة المهاجرين قرب القصر الجمهوري، من المنازل وأسطح البنايات والمساجد.
من جهة أخرى، يؤكد مرزا أن العمل قد بدأ على «حملة الانشقاقات»، وهي تلك التي تهدف إلى التشجيع على الانشقاقات على الصعيد الدبلوماسي والسياسي والعسكري، وذلك بالتواصل مع عدد من المسؤولين من خلال أقاربهم ومن هم على علاقة معهم أو من خلال المنشقين لتطمينهم وتأمين كل الظروف الملائمة لهم للانضمام إلى صفوف الثورة.
ولأن الفن لطالما كان إحدى وسائل الثورة الأساسية، لا سيما بين الشباب، فقد انطلقت «حملة حيطان مزينة بأوطان» في مختلف المحافظات السورية على يد مجموعات شبابية متعددة لتزيين جدران الشوارع بطريقة ممنهجة ومنظمة، بشعارات متشابهة تجدد مطالب الثورة وتنادي بالقيم الوطنية العليا. كذلك، وفي المقابل، يشير مرزا إلى أن المنتدى السوري للأعمال سيقوم بدعم مشاريع ثقافية وفنية عدة تقام في دول مختلفة تحت أهداف الثورة السورية نفسها، مثل «مهرجان وطني يتفتح بالحرية» الذي سبق أن نظم في الدوحة، وسيتم نقله إلى عواصم عدة إضافة إلى مسرحيات وأناشيد فنية ثورية.
موسكو تدافع عن حقها في تزويد دمشق بالمروحيات العسكرية، إيران تتعهد بمساعدة موسكو في إنهاء الأزمة السورية

جريدة الشرق الاوسط.... موسكو: سامي عمارة لندن: نادية التركي... تعليقا على اتهامات هيلاري كلينتون، وزير الخارجية الأميركية، لروسيا بإمداد سوريا بمروحيات عسكرية تراوحت ردود الفعل والتصريحات التي صدرت عن موسكو بين النفي والتأكيد على استحياء، لحقيقة هذه الاتهامات، في نفس الوقت الذي أعلنت فيه موسكو صراحة أن روسيا تملك حق إمداد دمشق بكل ما لم تحظره الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
وأكدت روسيا، أمس، أن شحناتها من الأسلحة إلى سوريا متطابقة مع شروط الأمم المتحدة، متهمة في الوقت نفسه واشنطن بتسليح المعارضة الروسية، وذلك بعد تصريحات أميركية أفادت بأن موسكو ترسل مروحيات هجومية إلى النظام السوري. وقال متحدث باسم الشركة العامة لتصدير الأسلحة، في تصريح لوكالة «ريا نوفوستي» الروسية إن «(روس أوبورون إكسبورت) لا تسلم أسلحة أو عتادا عسكريا إلى الخارج لا تتطابق مع شروط مجلس الأمن واتفاقات دولية أخرى». وردا على سؤال عن احتمال تسليم مروحيات روسية إلى سوريا، حليفة روسيا منذ زمن بعيد، رفض المتحدث الإدلاء بأي تعليق.
وفي طهران، اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الولايات المتحدة بتسليح المعارضة السورية.
وصرح في مؤتمر صحافي خلال زيارة قصيرة إلى إيران بأن روسيا تزود دمشق بـ«أنظمة دفاع جوي» بموجب صفقة «لا تنتهك القانون الدولي إطلاقا»، مضيفا أن ذلك يناقض «ما تفعله الولايات المتحدة مع المعارضة، حيث إنها تزودها بالأسلحة التي تستخدم ضد الحكومة السورية».
وهي المرة الأولى التي يتهم فيها مسؤول روسي واشنطن بهذا الوضوح بتسليح المعارضة السورية بعدما كانت تكتفي موسكو حتى الآن بالتنديد بـ«قوى أجنبية»، لم تسمها، تقدم دعما عسكريا للمعارضة. وقال لافروف: «سبق لي أن قلت منذ أيام في مؤتمر صحافي عقد في موسكو إننا نختتم الآن تنفيذ الاتفاقيات الموقعة التي تم تسديد أثمانها في وقت سابق. وتخص كل تلك الاتفاقيات وسائل الدفاع الجوي». وأضاف قوله: «أود أن ألفت انتباهكم إلى أن المتحدث الرسمي باسم البنتاغون أعلن على أثر تصريح كلينتون أن وزارة الدفاع الأميركية لا تتوفر لديها مثل هذه المعلومات».
وفي حين عاد ليؤكد أن موسكو حين تورد الأسلحة إلى سوريا لا تخالف أي اتفاقيات دولية أو القوانين الروسية الخاصة بتصدير المنتجات التي تعد من أقسى القوانين في العالم في هذا المجال، قال لافروف: «إننا لا نورد إلى سوريا، ولا إلى أي مكان آخر، المنتجات التي يمكن استخدامها لمواجهة المتظاهرين المسالمين، خلافا للولايات المتحدة التي تورد إلى هذه المنطقة وسائل خاصة. وقد سجل مثل هذا التوريد إلى أحد البلدان الخليجية، فلماذا يعتبر الأميركيون ذلك أمرا عاديا؟».
وأضاف: «إن الأسلحة التي تزود موسكو بها دمشق هي أسلحة ومعدات دفاعية لا تتعارض مع القوانين الدولية»، مشددا على أن «ما تقوم به روسيا هو تنفيذ لاتفاقيات تم إبرامها مع الجانب السوري في أوقات سابقة». وأكد الوزير الروسي أن موسكو ستزود دمشق بما تحتاج إليه في حال تعرضها لهجوم خارجي، مشيرا إلى قلق بلاده تجاه مصير سوريا شعبا وحكومة. وقال: «لا نريد أن تصاب سوريا بالتفكك، فهي لديها وضع معقد، وبعض الأطراف تريد تطبيق النموذج الليبي هناك، مع العلم بأن تداعيات النموذج الليبي ما زالت قائمة وما زلنا نعاني منها حتى الآن».
وحول قضية إمداد دمشق بالمروحيات العسكرية أشار سيرغي ماركوف، المعلق السياسي ونائب مدير جامعة العلاقات الاقتصادية المعروف بعلاقته القريبة بالكرملين، في تصريحاته إلى وكالة أنباء «ريا نوفوستي»، إلى أن موسكو لا تنتهك أية اتفاقيات أو مواثيق دولية حتى ولو أمدت سوريا بمثل هذه المروحيات. وبينما كانت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، أعلنت أن مخاوف كلينتون تخص طائرات في طريقها الآن إلى سوريا، وليست بشأن مبيعات محتملة في الماضي، قال ماركوف في تصريحات: «ليست لدي معلومات ميدانية، لكنني أعتقد أن روسيا تورد إلى الحكومة السورية شتى أنواع الأسلحة بما لا يتعارض مع الاتفاقيات الدولية».
وأضاف: «نحن نورد هذه المروحيات الحربية إلى الحكومة السورية الشرعية في الوقت الذي تزود فيه الولايات المتحدة في واقع الأمر التشكيلات المسلحة غير الشرعية المناهضة للحكومة بالأسلحة عن طريق وسطاء. والأدلة على ذلك كثيرة، رغم أن أحدا لم يشر إلى أي منها». وكشف ماركوف عن أن الاتهامات الموجهة إلى روسيا ليست سوى محاولة لإيجاد المبررات والذرائع للتخلي عن خطة التسوية السلمية لكوفي أنان.
ومن جانبها اكتفت مؤسسة «روس أوبورون إكسبورت» الروسية، المعنية بتوريد الأسلحة الروسية المتعاقد عليها مع الخارج، بتأكيد أن «المؤسسة لا تورد إلى خارج البلاد الآليات الحربية التي يحظر تصديرها دوليا». وفي حين أغفلت المؤسسة التعليق مباشرة على نبأ توريد، أو عدم توريد مروحيات إلى سوريا، قال الناطق الرسمي باسمها في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية: «إن شركة (روس أوبورون إكسبورت) باعتبارها جهة حكومية وسيطة لا تورد أسلحة وآليات حربية إلى الخارج في حال تعارض هذا الأمر مع متطلبات مجلس الأمن الدولي وغيرها من الاتفاقيات الدولية».
وكانت الأجهزة الإعلامية الروسية حرصت على الاستشهاد بما قاله جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، حول أن وزارة الدفاع الأميركية لا علم لديها حول إمداد دمشق بالمروحيات العسكرية الروسية، وأنها لا تربط بين الأزمة السورية ورغبة واشنطن في الحفاظ على التعاون مع روسيا حول أفغانستان. كما أبرزت تأكيده أن «واشنطن شاكرة جدا لروسيا على دعمها لمهمة القوات الدولية في أفغانستان»، ورفضه دعوة السيناتور جون كورنين إلى قطع العلاقات مع شركة «روس أوبورون إكسبورت» الروسية التي تواصل تزويد سوريا بالأسلحة وإلغاء عقود شراء مروحيات «مي - 17» لتجهيز الجيش الأفغاني، إلى جانب إشارته إلى أن الطيارين الأفغان يستخدمون مروحيات «مي - 17» منذ وقت طويل ولا يمكن أن يتخلوا عنها في المرحلة الراهنة.
ومن جانبه قال الجنرال ليونيد إيفاشوف، رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية، المعروف بميوله المؤيدة لسوريا الرسمية في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «ريا نوفوستي»: «إن تصريحات كلينتون وهمية ولا أساس لها من الصحة»، وإن عاد ليؤكد أن «روسيا في تعاونها مع سوريا غير مقيدة بأي شيء، علما بأنه ليست هناك أية عقوبات مفروضة». وأضاف: «إن كلا من روسيا وسوريا وبوصفهما دولتين مستقلتين تستطيعان عقد أي صفقات حول توريد أي أسلحة دون عقبات».
وبينما أشار إلى عدم وجود أي أدلة أو قرائن لدى كلينتون سخر إيفاشوف من مخاوفها وشبهاتها قائلا: «إن موسكو أيضا لا تشتبه وحسب، بل وتؤكد عن يقين أن الأميركيين يتدخلون بشكل سافر في الشؤون الداخلية لسوريا». وفي حين اعتبر إيفاشوف أن هذه الاتهامات يمكن أن تكون مقدمة لفرض العقوبات تجاه الشركات التي تشتبه الولايات المتحدة بأنها تورد معدات حربية، قال إنه ليس هناك ما يهدد روسيا من احتمالات تطبيق مثل هذا السيناريو، وأكد أنه في حال تطبيقه فإن ذلك لن يكون مؤثرا على أي نحو.
وقال إيفاشوف: «إنه وحتى إذا اتهموا شركة (روس تكنولوجي) وفرضوا عقوبات ما، فلن تتسم تلك العقوبات بطابع دولي، لأنها عقوبات أميركية بحتة. لا أظن أن الصين أو الهند أو سوريا أو إيران ستخضع لتلك العقوبات. وسندخل في سوق الأسلحة بإصرار، وسنبيع منتجاتنا العسكرية التقنية»، مؤكدا أن مثل هذه الاتهامات من الجانب الأميركي لا يجب أن تدفع روسيا نحو التخلي عن المشاركة النشيطة في التسوية السورية. وأضاف أن «الأميركان يواجهون الآن نوعا من الارتباك بسبب فشل مخططاتهم الرامية إلى تغيير النظام في سوريا. لذلك يترددون ويتهمون روسيا تارة، وإيران تارة أخرى»، بينما قال بضرورة التصرف بهدوء في هذا المضمار وعدم الانصياع إلى ضغط الأميركيين إلى جانب فتح القنوات مع كل من الصين وإيران لتشكيل بعثات وساطة في إطار سياسة مستقلة.
ومن جهته صرح وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أمس، أن إيران عازمة على دعم محاولات موسكو لإنهاء الأزمة في سوريا التي تشمل خططا لاستضافة مباحثات بشأن الصراع.
وقال وزير الخارجية الإيراني في المؤتمر الصحافي مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف: «نأمل أن يمثل المؤتمر السوري المقرر عقده في روسيا فرصة لدعم خطط مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان ونحن عازمون على مساعدة روسيا في هذا الشأن».
وأضاف: «نحن نشعر بأمل أنه بعد المؤتمر سوف نشهد نهاية للقتل ومخرج سلمي للازمة في سوريا». وأشار صالحي إلى أنه يجب حل الأزمة السورية داخليا بين الحكومة السورية والمعارضة دون تدخل أجنبي.
وقال صالحي: «يجب إعطاء الحكومة السورية الفرصة لتنفيذ الإصلاحات بصورة كاملة وتحقيق مطالب الشعب، ولكن هذه الفرص تقابل بتدخلات أجنبية مستمرة».
وأضاف: «إيران ترغب بإخلاص في إنهاء القتل في سوريا، ولكن بعض الدول الأجنبية لا تدع ذلك يحدث، وتصر على تزويد المعارضة السورية بالأسلحة وحتى نشر قوات في سوريا». وبجانب الصراع في سوريا من المقرر أن يناقش لافروف المفاوضات النووية التي ستجرى الأسبوع المقبل في موسكو بين إيران والقوى العالمية الـ6.
وقال صالحي إنه متفائل بشأن أن جولة المفاوضات النووية المقررة في 18 يونيو (حزيران) الحالي مع القوى العالمية التي تضم بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية سوف تكون إيجابية وبناءه.
وأضاف صالحي، دون الخوض في التفاصيل: «لقد مررنا بمراحل إيجابية وسلبية خلال المفاوضات النووية، ولكننا الآن نسير على الطريق الصحيح، ويتعين علينا أن نتحلى بالصبر والتسامح».
اتهامات للجيش السوري بخطف لبناني لساعات وحرق منزل رئيس بلدية عرسال، مصدر أمني ينفي لـ «الشرق الأوسط» زرع ألغام سورية داخل الأراضي اللبنانية

بيروت: يوسف دياب... عاد الوضع الأمني في بلدة عرسال الحدودية إلى الواجهة، مع إقدام عناصر يشتبه انها من الجيش السوري على دخول الأراضي اللبنانية وإحراق منزل يملكه رئيس بلدية عرسال علي الحجيري الواقع داخل الأراضي الزراعية في جرود عرسال، وعلى خطف المواطن محمد خالد الحجيري واقتياده إلى داخل الأراضي السورية، قبل أن يعود ويسلّمه إلى الجيش اللبناني بعد نحو ست ساعات.
ويأتي هذا الحادث بعد 18 ساعة على إطلاق السلطات السورية سراح الشاب محمد سليمان الأحمد الذي خطف من بلدته في وادي خالد، وإفراج أهالي وادي خالد عن أربعة أشخاص سوريين ولبنانيين من الطائفة العلوية كانوا احتجزوهم ردا على اختطاف الأحمد من قبل القوات السورية. كما أنه يأتي بعد 12 ساعة من إطلاق الجيش السوري النار على سيارة سورية كانت داخل منطقة مشاريع القاع اللبنانية مما أدى إلى مقتل أحد ركابها وهو مواطن سوري.
في هذا الوقت، أوضح عضو بلدية عرسال أحمد الحجيري أن «فرقة من الجيش السوري اخترقت الحدود وتوغلت بعمق ثلاثة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية في جرود عرسال». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجنود السوريين أضرموا النار بمنزل لرئيس البلدية (علي الحجيري) وخطفوا المواطن محمد خالد الحجيري الذي كان يحرث الأرض على جرار زراعي، قبل أن يحضر الجيش اللبناني ويجري اتصالات مع الجيش السوري ويستعيد الشاب المخطوف». واعتبر الحجيري أن «إحراق منزل رئيس البلدية هو رسالة من النظام السوري، الغاضب عليه بسبب مواقفه المؤيدة للثورة السورية ورعايته للنازحين». وقال: «إن هذا الوضع بات يشكل مصدر قلق دائم لنا، ونحن دائما نطالب الجيش اللبناني بالانتشار على الحدود لطمأنة الناس، لكن الدولة لا تستجيب لأحد، والمواطنون لا يتجرأون على النزول إلى حقولهم لقطف الموسم الزراعي». وأضاف الحجيري: «إن موقفنا واضح لجهة دعم الثورة في سوريا ولا نستحي من ذلك، لكننا لا نتدخل بالشأن السوري ونعتبر أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره بنفسه، وإذا كان لدى النظام السوري شكوك حول تهريب السلاح من عرسال، فلتتفضل الدولة اللبنانية وتنشر الجيش على الحدود وتلقي القبض على كل من تضبطه يهرب السلاح، لا أن تترك أمن المواطنين رهن مزاج الجيش السوري». وقد حمّلت الأمانة العامة لقوى 14 آذار مسؤولية «الاعتداء الجبان على الحدود الشرقية من قبل جيش النظام السوري إلى حكومة لبنان، والذي أدّى إلى اختطاف المواطن محمد الحجيري من بلدة عرسال وإحراق منزل يعود لرئيس بلديتها محمد علي الحجيري، وهي البلدة التي قدّمت الغالي والرخيص من أجل الدفاع عن لبنان في مرحلة الاحتلال الإسرائيلي في الأمس، وتقف اليوم حاملةً لواء الكرامة الإنسانية لمساعدة العائلات السورية النازحة من آلة القتل التابعة لنظام بشار الأسد». وقالت الأمانة العامة في بيان لها: «يأتي هذا الاعتداء تكرارا متعمّدا من قبل النظام السوري الذي دأب على انتهاك سيادة أرضنا شرقا وشمالا، من العبّودية والعريضة مرورا في وادي خالد وعرسال وصولا إلى جبل الشيخ، وذلك في غيابٍ تام للحكومة اللبنانية التي تنأى بنفسها عن حماية اللبنانيين العزّل داخل لبنان، وتسمح لمن يضمن بقاءها بالتدخّل الواضح في الأزمة السورية داخل سوريا». وأكدت أنها «ستقوم بالاتصالات اللازمة مع جميع المعنيين من أجل الوقوف بشتّى الوسائل الديمقراطية في وجه انتهاك سيادة واستقلال لبنان».
وبالتزامن مع هذا الحادث، أعلن مصدر أمني لبناني أن «القوات السورية أقدمت على زرع عدد من الألغام داخل الأراضي اللبنانية وتحديدًا في منطقة القاع البقاعية على الحدود الشرقية». وقال المصدر الذي رفض كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قوة من الجيش السوري توغلت بعمق 300 متر داخل الأراضي اللبنانية وقامت بزرع الألغام حول منزل اللبناني محمد عقيل، وغادرت بعد ذلك الأراضي اللبنانية». غير أن مصدرا أمنيا لبنانيا آخر نفى هذه الواقعة، وأكد المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش والقوى الأمنية تفقدت المكان الذي قيل إن الألغام زرعت فيه فلم يعثروا على شيء». وقال: «كل ما في الأمر أن اللبناني محمد عقيل كان يستمد الطاقة الكهربائية لمنزله من الأراضي السورية عبر شريط وبشكل مخالف للقانون، فحضر جنود سوريون قطعوا هذا الشريط وعادوا من حيث أتوا».
دبلوماسيون: سوريا ضالعة في انتهاكات للعقوبات على إيران، خبراء يوصون بإضافة شركتين إيرانيتين لقائمة الأمم المتحدة السوداء

لندن: «الشرق الأوسط»... أكد دبلوماسيون في مجلس الأمن الدولي أول من أمس أن النظام السوري متورط في القسم الأكبر من الانتهاكات للعقوبات المفروضة من الأمم المتحدة على إيران. وبحسب الأمم المتحدة فإن خبراءها جمعوا «قرائن هامة» عن ضلوع دمشق في شحنات أسلحة إلى إيران. وصاغت لجنة العقوبات في الأمم المتحدة بشأن إيران تقريرا يشير إلى ثلاث شحنات غير شرعية لأسلحة تم تسليمها إلى الجمهورية الإسلامية. وبحسب التقرير الذي لم يتم نشر مضمونه بشكل علني بعد، فإن دمشق متورطة في اثنتين من هذه الشحنات الثلاث. حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت نائبة السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة روز ماري دي كارلو خلال اجتماع لمجلس الأمن بشأن نظام العقوبات خصص للموضوع الإيراني «خلال العامين الماضيين، جمعت اللجنة قرائن هامة تظهر أن سوريا انتهكت مرات عدة عقوبات الأمم المتحدة التي تستهدف إيران». وأضافت: «رفض سوريا الالتزام بموجباتها تجاه الأمم المتحدة من شأنه إثارة قلق كبير لدى المجلس».
ومن جهته أشار السفير الفرنسي في الأمم المتحدة مارتان بريان إلى أن «حجم (الانتهاكات) يؤكد وجود سياسة متعمدة ومستمرة لتسليم الأسلحة والمعدات المشابهة بين إيران وسوريا بطريقة غير شرعية».
وأضاف بريان: «سوريا أيضا متورطة في حالات عدة تم إعلام لجنة العقوبات بها تتعلق بكوريا الشمالية. إنها انتهاكات خطيرة ارتكبها هذا البلد».
وتطالب الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بمزيد من العقوبات ضد إيران التي يتهمونها بالسعي إلى التزود بسلاح نووي.
من جهتها أوصت لجنة خبراء مستقلة بأن تضيف لجنة العقوبات الخاصة بإيران المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي شركتين إيرانيتين إلى قائمة سوداء للأمم المتحدة لانتهاكهما حظرا تفرضه المنظمة الدولية على صادرات السلاح من طهران. وجاءت التوصية بمعاقبة شركة «ياس إير» وشركة «ساد للتصدير والاستيراد» الإيرانيتين في تقرير سري للجنة الخبراء اطلعت عليه رويترز وقال دبلوماسيون في مجلس الأمن إنه سينشر في المستقبل القريب.
وقال التقرير إن سوريا ما زالت المقصد الرئيسي لشحنات السلاح الإيرانية وهو ما يخرق حظرا لمجلس الأمن الدولي على صادرات الجمهورية الإسلامية من الأسلحة. وقال نائب السفير البريطاني في الأمم المتحدة فيليب بارهام لمجلس الأمن أول من أمس إن لندن تؤيد توصية اللجنة بمعاقبة الشركتين.
وقال في اجتماع بشأن نظام عقوبات الأمم المتحدة على إيران «إيران مستمرة في الانتهاك الصارخ لقرارات هذا المجلس». وأضاف: «نرحب بتوصيات اللجنة بشأن الخطوات القادمة للجنة، ونؤيد الاقتراحين باستهداف (ياس إير) وشركة (ساد للتصدير والاستيراد) لدور كل منهما في صادرات السلاح الإيرانية غير المشروعة».
ولم يتضح متى ستتخذ لجنة العقوبات قرارا بشأن إضافة الشركتين إلى قائمة الشركات التي تواجه تجميدا دوليا لأصولها وحرمانا من إبرام عقود تجارية على مستوى العالم.
لماذا يتزايد تمسك الروس بالأسد؟

طارق الحميد.. جريدة الشرق الاوسط... يبدو أن الروس يزيدون من تمسكهم ببشار الأسد اليوم أكثر من أي وقت مضى، والدليل على ذلك أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يقول في مؤتمره الصحافي مع نظيره الإيراني بطهران إن موسكو مستعدة لعقد الاجتماع الخاص بسوريا ولو خارج روسيا نفسها، وبأي مكان تريده الأطراف الفاعلة!
وهذا بحد ذاته يعد مؤشرا على أن موسكو ليست حريصة على عقد الاجتماع فقط، بل هي مستميتة من أجل ذلك، والآن أكثر من أي وقت مضى، وإلا فكيف تدعو موسكو لمؤتمر خاص بسوريا ثم تقول، وبلا «ثمن»، إنها توافق على عقده بأي مكان آخر؟ أمر مثير للريبة بالطبع! خصوصا أن الاعتراض ليس على مكان المؤتمر الخاص بسوريا، بل على من سيشارك فيه، بحسب المواقف الدولية، وتحديدا إيران الشريك الفعلي مع روسيا في دعم طاغية دمشق. ولذا فإن تصريحات لافروف عن استعداد بلاده لعقد مؤتمر سوريا بأي مكان ما هي إلا مؤشر على الحرج الذي تقع فيه موسكو الآن، حيث إن الأوضاع على الأرض في سوريا تدل على أن الأسد بات يفقد السيطرة، وبات في حكم المؤكد أنه ليست لديه المقدرة على استعادة الأوضاع هناك، ناهيك عن إعادتها إلى ما كانت عليه، فجميع المؤشرات تقول إن الأسد ساقط لا محالة، وتبقى المسألة في: كيف ومتى؟ هل سيكون انقلابا أم انهيارا مفاجئا؟
كل ذلك من شأنه أن يشكل ضربة قاسية لروسيا، آنيا ومستقبلا، خصوصا أن موسكو قد شرعت باب التفاوض حول مستقبل الأسد، ومضى وقت دون أن يتقدم «مشتر» مما يعرض بضاعتها في سوريا للبوار، خصوصا، وكما أسلفنا، فإن الأوضاع على الأرض ليست في مصلحة الأسد، وبالتالي فإن سقوط الأسد بشكل مفاجئ، أو انهيار الأوضاع في سوريا، من شأنه أن يفقد موسكو ورقة مهمة هناك، فحينها لن يكون بمقدور موسكو تأمين مصالحها في سوريا، كما لن تكون لكلمتها قيمة. وربما لهذا نفهم سعي موسكو لضم إيران إلى المؤتمر الخاص بسوريا، حيث تريد روسيا المتاجرة بإيران في لعبة التفاوض حول مستقبل الأسد. فطهران هي التي يملك أوراق الضغط المباشر على الأسد، وقد يكون من مصلحة طهران الآن توفير بديل للأسد يخدم مصالحها في سوريا، أما موسكو فهي لا تملك اليوم إلا ورقة مجلس الأمن التي تلوح بها لطرفي النقيض، سواء المجتمع الدولي أو الأسد نفسه ومعه إيران أيضا، فقوة موسكو اليوم هي الفيتو بمجلس الأمن، لكن المؤشرات على الأرض تضع موسكو في حرج شديد بكل تأكيد، وقد تحرم روسيا من «ثمن» سقوط الأسد.
ومن هنا فإن أوراق موسكو اليوم باتت مهددة، وقد لا تستفيد منها، خصوصا مع مضي الوقت، وبعد فشل مهمة أنان، ولذلك يمكن فهم تصريحات لافروف حول إمكانية عقد مؤتمر سوريا خارج روسيا بأن موسكو باتت تستشعر خطورة الأوضاع على الأرض، وليس دليل مرونة سياسية روسية، أو براغماتية. ولذا فإن موسكو تحاول اليوم، وبأي شكل، عقد مؤتمر سوريا، وبالتالي ضمان تحقيق الروس لمصالحهم الآنية والمستقبلية.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,062,142

عدد الزوار: 6,977,224

المتواجدون الآن: 91