تقارير ...إخوان الأردن ينتخبون «الصقور» ويحتمون بالعشائر ... فإما السيطرة على البرلمان أو مقاطعة الانتخابات...هولاند يواجه جدول أعمال مكثفاً فور تولّيه الرئاسة رسمياً الثلثاء

أستاذ بالحوزة لـ «الشرق الأوسط»: الأعلمية أهم معيار في اختيار المرجع، وأكد أن قم لا تزاحم النجف على الرغم من إمكانياتها..."فورة" ما بعد الثورة تعمّ ليبيا وحكمُ المؤسسات لم يقم بعد..حق العمل للفلسطينيين: تعامل رسمي غير عادل

تاريخ الإضافة الإثنين 14 أيار 2012 - 6:09 ص    عدد الزيارات 2371    التعليقات 0    القسم عربية

        


 
طرابلس – سوسن أبو ظهر

"فورة" ما بعد الثورة تعمّ ليبيا وحكمُ المؤسسات لم يقم بعد

انتقاد لبعض ممارسات السلطة الانتقالية وعيون قلقة تراقب الإسلاميين

 

بعد 42 عاماً من حكم معمر القذافي، يسابق الليبيون الزمن لتعويض ما عانوه من غياب وتغييب، فالحصار المفروض عليهم كان من الداخل أكثر منه خارجياً. فجأة فتحت الأبواب على مصاريعها، ليحاوروا العالم ويحاورهم، ويتناقشوا في ما بينهم في شأن بناء الدولة، في تجربة فريدة لا مثيل لها في تاريخهم ولا تشبه ثورات "الربيع العربي".

لسنين طويلة ربط الخارج وطناً بشخص، فكانت "ليبيا القذافي". وبعدما زالت هذه البصمة، يجد الزائر نفسه مكتشفاً لبلد قريب كان بعيداً. فها هي مصرية تقول إن مواطنيها لم يكن لديهم إلا الأفكار المشوهة عن ليبيا، وأخرى تقفز الى البحر بالبيكيني.
ويتطلع التونسيون بأعين جديدة إلى الدولة الجارة. ويُقابل السوري بحفاوة كبيرة ويلفه التعاطف والدعاء كيفما تنقل. ويعتذر بائع من قطرية عن تقديم تذكار أرادت شراءه مجاناً لها، متحدثاً عن جمود العمل الذي يؤمن بالكاد مصروف المنزل.
كلنا كنا في طرابلس بدعوة من وزارة الثقافة والمجتمع المدني للمشاركة في مؤتمر "نحن وصندوق الاقتراع" لتبادل الخبرات في موضوع الانتخابات، وكانت فيه مساهمات من إيران وتركيا. وشارك في تنظيمه شبان وشابات ينبضون بالحماسة   والوعي على صغر سنهم، هم الوجه الجديد للبلاد، يتحاورون في السياسة وانتخابات المؤتمر الوطني العام في 19 حزيران.
في طرابلس زحمة مواعيد. إلى المؤتمر المشار اليه، مهرجان عالمي للشعر افتتح عند قوس ماركوس أوريليوس، في حي باب البحر شمال المدينة القديمة والذي أقيم تكريماً للامبراطور الروماني الذي حكم بين عامي 161 و180. هناك امتزجت الكلمات بعبق التاريخ، وطال السهر في المقاهي التي تحيط بها بقايا أعمدة أثرية.
وفي تموز ستستضيف العاصمة مهرجاناً للسينما يرافقه معرض للنحت. وثمة مشاريع كثيرة قيد الإعداد لدعم الثقافة، في طرابلس وصبراتة، وشحات وبنغازي في الشرق.

 

طرابلس القديمة

وإذ يتجول المرء في المدينة القديمة بأقواسها وفضائها المفتوح، ينفتح أمام ناظريه كنز محجوب عن العالم. فيه روح البلاد، على نقيض تلك الأبراج الباردة التي شيدت في عهد القذافي، ومنها برج الفاتح الذي بدل اسمه بعد الثورة فصار برج طرابلس، وأبراج ذات العماد التي يشبهها أبناء المدينة بالزجاجات المقلوبة.
غير أن جمال طرابلس في مكان آخر، بين قوس ماركوس والسرايا الحمراء التي تحمي المدينة منذ العهد البيزنطي والتي كانت مقراً للحكمين العثماني والإيطالي، وعلى سطحها وقف القذافي يلقي آخر خطاب مباشر له في خضم الثورة.
أقواس وقناطر وأسواق لكل شيء، زنقة تلو زنقة هي بمثابة متاهة ممتعة خارج الزمن. متاجر للفضة، النحاسيات والقناديل، التوابل، اللحوم، الملابس والمنسوجات والجلديات، والتذكارات التقليدية وتلك المخصصة لثورة "17 فبراير" من قبعات وقمصان وحلي تحمل ألوانها. ومن كان خارج متجره لتناول الغداء أو أداء الصلاة، اكتفى بوضع عصا بين جانبي مدخله لإغلاقه.
ويمتد سوق الذهب على أكثر من طبقة، وفيه جناح كبير  للمصوغات المستعملة التي تباع بسعر مخفوض. قل المعروض في هذه الفئة، وعزاه صديق ليبي إلى إقبال أنصار النظام السابق، أو "الطحالب" كما يلقبون، على شراء الذهب لتبييض الأموال بطريقة لا تثير الشبهات.
وفي فناء مبنى السفارة الفرنسية القديمة تزقزق عصافير استوطنت المكان تحت الشرفات الخشبية. هنا مكتبة عامة احتفظت ببيانو ترك الزمان آثاره عليه. الأمر نفسه في القنصلية البريطانية. أما المباني الإسلامية الطراز الموروثة عن الحكم العثماني والقرمانلي بعد انفصال الوالي أحمد باشا عن السلطنة، فهي مساجد وحمامات وخانات تحوّل بعضها فنادق. ولهذا الإرث اختيرت طرابلس عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2007. ولا تزال في المدينة كنيستان: مريم واليونانية الارثوذكسية. وحُولت الكاتدرائية الكاثوليكية في عهد القذافي مسجداً يحمل اسم جمال عبد الناصر.
أما صبراتة على مسافة 67 كيلومتراً غرب طرابلس، فتعود إلى أيام الفينيقيين. فيها مدينة أثرية كاملة، لا تزال أعمدتها الرومانية شامخة، تسير في فيئها الى ان تجد نفسك وجهاً لوجه مع البحر. حتى هذا المكان التاريخي الذي يضم لوحات من الفسيفساء ومسرحاً أخاذاً ينفتح بدوره على البحر، استخدمته كتائب القذافي لتخزين الأسلحة في الصراع على المدينة. هذا العهد انقضى، وعاد السكان يتنزهون هنا. وفي المدينة الحديثة حيث المنتجعات السياحية البحرية، كانت للقذافي وأسرته أجنحة خاصة ممنوعة على العموم.

 

يوميات ما بعد الثورة

في مقاهي طرابلس، وأكثرها جمالاً ذاك المطل على برج الساعة في المدينة القديمة، تكثر نقاشات المثقفين والصحافيين في شأن مرحلة ما بعد الثورة. يتساءلون : من أين يبدأ بناء الدولة، أمن الصفر، أم من تحسين ما هو قائم؟
تسمع مخاوف مما يسمى "الشرعية الثورية"، أي أحقية الثوار في تولّي المناصب تقديراً لانخراطهم في الانتفاضة على القذافي، بصرف النظر عن الكفايات المطلوبة. تشكو أستاذة جامعية من فرض طلاب في كلية الهندسة على رغم تواضع سجلهم الدراسي. كذلك كوفئ موظفون لم ينقطعوا عن أعمالهم واستثني آخرون انضموا إلى العصيان المدني الذي كان من معالم ثورة طرابلس.
وتتساءل محامية عن أسباب التركيز على دمج الثوار في الجيش، بدل تشجيع عودتهم إلى الحياة المدنية وإعداد برامج لهم للتأهيل النفسي والتوجيه المهني. لماذا لا تشتري الحكومة الأسلحة، والمال كثير في بلاد ثرية؟
الدنانير تغري كثيرين. بعض السجناء السياسيين طالب بتعويضات مالية عن سنين اعتقالهم، مقدارها ثمانية آلاف دينار عن كل شهر خلف القضبان. ويذهب ثائر عاود حياته المدنية إلى "التحذير من تحول الثوار مرتزقة في سعيهم إلى الحصص والغنائم، فالبلاد في فورة ما بعد الثورة، وهي لا تحتاج الى ولاء للثورة بل للوطن".
وحيال الشكاوى من استمرار الفساد وهدر المال العام، قال وزير المال الليبي الحسن زقلام الخميس إنه سيستقيل "قريباً" لأن "لا أحد يخشى الله". وكانت السلطات أوقفت الشهر الماضي برنامجاً لتعويض المقاتلين بعدما تبين أن الكثير من الأموال انتهى إلى غير مستحقيه. وقبل ذلك بيومين فتح مسلحون غاضبون النار أمام مقر رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب. وتزامن الأمر مع اعتصام مسلحين في مطار بنينا الدولي في بنغازي.
والكثير من الأمور لا يزال يحتاج الى تنظيم، ومنها القطاع الإعلامي، إذ صارت هناك 15 محطة تلفزيونية خاصة على الأقل، بينما "الصحف لا تُعد"، على ما تقول زميلة، ثلاث منها رسمية هي "فبراير" و"المسار" و"البلاد". ويلاحظ المرء استنادها على نطاق واسع الى "وكالة أنباء ليبيا" (وال)، وريثة "وكالة أنباء الجماهيرية" (أوج). وفي الأعداد التي اطلعنا عليها لم نجد الكثير من التحقيقات كما يتوقع المرء في بلاد تبني نفسها. ويشكو صحافيون من ذهاب المناصب التحريرية العليا إلى أشخاص لا يستحقونها، ودفع الاستياء عمال المطابع إلى الإضراب.
وفي المقابل، ينشط إصدار الكتب عن مرحلة الثورة. روايات ومؤلفات سياسية مثل مذكرات المعارض جمعة أحمد عتيقة الذي احتجز سنوات في سجن أبو سليم وعنوانها "في السجن والغربة"، و"أشخاص حول القذافي" لعبد الرحمن شلقم الذي خرجت طبعته الثانية في أقل من شهر بعد صدور الأولى. وعاد إلى المكتبات الكثير من المؤلفات عن التاريخ الليبي التي كانت محظورة في عهد "الكتاب الأخضر".
وتخلى شاب يدعى معمر عن اسم فُرض عليه، ساعياً إلى تغييره في الأوراق الرسمية واستعادة اسمه الأمازيغي. وإذ ترفرف الراية الأمازيغية إلى جانب العلم الليبي على بعض السيارات ومحال التذكارات، يشير معمر إلى أن الأمازيغ الذين انخرطوا في الثورة منذ يومها الأول في نالوت وجادو ويفرن، لم ينالوا بعد حقوقاً يستحقونها ويؤمل أن ينص عليها الدستور الجديد.
والكثير مما تشهده يوميات ليبيا لا سابق له. فللمرة الأولى كان الأول من أيار، عيد العمال، عطلة. وكذلك اليوم العالمي للصحافة في الثالث منه والذي أحيته "هيئة تشجيع ودعم الصحافة" في بنغازي في احتفال شاركت فيه "النهار".
ولا تتوقف أغاني الثورة في مذياعات السيارات. ويحول فنانون رموز الدمار مادة جمالية. أحدهم محمد بن الأمين، وهو أيضاً من سجناء أبو سليم، وقد زرنا محترفه في مصراتة. فيه منحوتات من بقايا أسلحة وذخائر، ولوحات تؤرخ للثورة. وهو كان استخدم الأوعية البلاستيكية التي يُقدم فيها الطعام للرسم على جدران زنزانته. وفي طرابلس تعد مريم هنيدي منحوتات من وحي الثورة.

 

تشريعات سياسية ودينية

وإذ يقبل الليبيون على استصدار بطاقات الاقتراع لاستحقاق المجلس الوطني العام ويعرضونها عليك بفخر وتأثر، ينتظر من انضموا إلى الثورة من منافيهم تصحيح أوضاعهم. كثيرون منهم محرومون المشاركة في حدث ساهموا في جعله ممكناً، فهم لا يملكون الأوراق الرسمية المطلوبة إذ لم يكونوا يجددون وثائقهم لدى السفارات الليبية لكونهم من معارضي القذافي.
ويتبدد الفخر لدى الحديث عن تشريعات المرحلة الانتقالية. والأربعاء وصفت منظمة العفو الدولية قوانين المجلس الوطني الانتقالي بأنها "قص ولصق" عن النظام السابق. وانتقد حقوقيون وإعلاميون ليبيون القانون الرقم 37 الصادر أخيراً والذي جعل عقوبة تمجيد القذافي، السجن المؤبد. ورأوا أن ظاهره يهدف إلى حماية الثورة، لكنه يوسع مفهوم الحرب ليشمل الاضرابات الداخلية والمعارك القبلية، كأنه تمرير مبطن للأحكام العرفية، إذ يُجرم كذلك من يهاجم الثورة أو مؤسسات الدولة أو يهين الإسلام.
كما انتقدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان إقرار المجلس قانوناً ينص في مادته الرابعة على أن "لا عقاب على ما استلزمته ثورة السابع عشر من فبراير من تصرفات عسكرية أو أمنية أو مدنية قام بها الثوار بهدف إنجاح الثورة أو حمايتها".
وقد تراجع المجلس عن مادة في قانون الأحزاب السياسية كانت تحظر تأسيسها على أساس ديني أو قبلي أو عرقي، وبدا الأمر مكسباً للإسلاميين. وتأثير هؤلاء بادٍ في الحياة اليومية، ومن مظاهره مشاهدة المنقبات في أحياء طرابلس القديمة. في حين ترتدي النساء ملابس عصرية في أماكن أخرى. ويكتنف الغموض "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي أنشئت حديثاً. إذ حصلت على ترخيص قبل نشر قانون المجتمع المدني في كانون الأول، ثم صدر قانون بإلغائها، وهي تالياً غير شرعية.
وبعدما كان القذافي عطَل دار الفتوى، أعاد الثوار العمل بها بعد دخول طرابلس في آب 2011. وكان المجلس الوطني الانتقالي اختار بعد ثلاثة أشهر من نشوب الثورة الشيخ صادق الغرياني مرجعاً دينياً أعلى، وهو يتولى حالياً منصب الإفتاء. والإعلان الدستوري الصادر عن المجلس في 3 آب 2011 ينص في مادته الأولى على أن "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع". وأوضح الغرياني :"لا نقول بإن الإسلام يجب أن يكون المصدر الوحيد للتشريع. ما نقوله هو إن أي قانون يناقض الإسلام باطل". وهو قلل شأن المخاوف من صعود السلفيين، كما حدث في مصر وبدرجة أقل تونس، مشيراً إلى أنهم فئة قليلة تستفيد من الفراغ الأمني. كما أصدر فتاوى تعارض تدمير الضرائح الصوفية.
وتصاعدت الأصوات الداعية إلى إلغاء دار الفتوى، وخصوصاً في ظل تقارير مفادها أن الراتب الشهري للغرياني يصل إلى تسعة آلاف دينار. وانتشرت له فتاوى تتعلق بالانتخابات. وتلقينا عبر رقم هاتفي ليبي كنا نستخدمه رسالة قصيرة هنا نصها :"ما دامت طاعة ولاة الأمر واجبة، وقراراتهم علينا نافذة، فالواجب علينا أن نشارك في صناديق الانتخاب لاختيارهم، وأن نحسن هذا الاختيار".
على هذه الخلفية، قرر كثيرون التوجه إلى صناديق الاقتراع على قاعدة "أياً كان باستثناء الإسلاميين"، معتقدين أن رئيس المكتب التنفيذي السابق محمود جبريل لديه القدرة على منافسة هؤلاء بقوة. ويحذر الكاتب الحبيب الأمين الذي التقيناه في بنغازي من وجود "ذراع مسلحة لدى الإخوان (المسلمين) لتحقيق مصالح خارجية"، في حين أن خطاب الجماعة السياسي يدعي الوسطية. وقال لنا عضو المجلس الوطني الانتقالي موسى الكوني إن لا خوف من تأثير الأحزاب الإسلامية لأن المجتمع الليبي قبلي بطبعه. و"إذا كان "الاخوان يلقون بعض القبول، فإنهم لا يزالون كياناً نخبوياً".
وبدا مثقف مرتاحاً إلى عدم قدرة الإسلاميين على السيطرة السياسية على البلاد، وإن يكن الشعب الليبي محافظاً في معظمه. وقال بثقة :"اذهبي إلى ميدان الغزالة وشاهدي منحوتة المرأة العارية (التي يقال إنها تمثل إيطاليا) تحضن الغزالة (وترمز إلى ليبيا). لا تزال المرأة عارية ولم تُستر بغطاء أسود" كما حدث لتمثال حورية في الاسكندرية.
وتجزم ليبية ساهمت في مد الثورة بالمال والسلاح بأن نساء بلادها لم يعرضن أرواحهن للخطر "ليتفرجن على حقوقهن تضيع. لن يحدث ذلك ولو أدى إلى ثورة على الثورة". وتذكر محامية بأن "حرائر طرابلس" أعلنَ التأييد مبكراً للمجلس الوطني الانتقالي بينما كان الإسلاميون في السجون أو الخارج...
لا تهدأ نقاشات الليبيين، يتأملون تجربتي مصر وتونس، ووضعي سوريا واليمن. يرفضون مقارنة ثورتهم بأي منها، فلا الحكم كان مشابهاً ولا دموية القمع. ولكن كيف تُحكم ليبيا بعد القذافي، ويعتقد كثيرون، بينهم جبريل، أن الخيار ينحصر بين حاكم قوي ونظام قوي؟ ولئن كان الاحتمال الأول لم يجلب إلا  الدمار والخيبات، يبقى بناء الدولة ضرورة ملحة، والانتخابات الشهر المقبل خطوة أولى على درب طويل قد يكون متعرجاً.

 

 
النهار..باريس - سمير تويني

هولاند يواجه جدول أعمال مكثفاً فور تولّيه الرئاسة رسمياً الثلثاء

من ألمانيا إلى مجموعة الثماني وحلف الأطلسي ومجموعة العشرين وملفَّيْ سوريا وإيران

 

سيكبّ الرئيس الفرنسي المنتخب فرنسوا هولاند خلال الاسابيع المقبلة على الملفات الدولية التي كانت غائبة عن الحملة الانتخابية، فالاستحقاقات الدولية قريبة جداً، إذ تقام الاجتماعات والقمم عادة نهاية الربيع قبل الاجازة الصيفية، وبالتالي يواجه الرئيس الفرنسي في ولايته الأولى وفور تسلمه مهماته الرئاسية، بقيةَ رؤساء الدول العظمى ومشاكل العالم. ولا يمكن القول ان هولاند أهملها عندما كان يحضّر نفسه لتسلم هذا المنصب حتى وان لم يعلن عنها الا قليلا خلال حملته الانتخابية.

ص هذا السياق حدد الرئيس المنتخب مواعيد رئيسية خلال الاسابيع المقبلة بعد تسلمه رسمياً مهماته في 15 الشهر الجاري. أولاً: على الصعيد الثنائي ولقاؤه مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، وثانياً: مشاركته في قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في 18 ايار و19 في كمب ديفيد بالولايات المتحدة، وثالثاً: حضوره قمة حلف شمال الاطلسي في شيكاغو في 20 ايار و21  منه، ورابعاً: بعد اقل من ثلاثة اسابيع قمة الدول العشرين في 18 حزيران و19 منه في المكسيك، فضلاً عن المجلس الاوروبي في بروكسيل بين 28 حزيران و29 منه وقمة الارض في ريو دو جانيرو بالبرازيل التي ستشكل مناسبة للقاء زعماء البلدان الصاعدة. وعلى الرئيس المنتخب ان يمثل بلاده افضل تمثيل  ويؤمن استمرارية وجود فرنسا على الساحة الدولية.
وفي هذا الاطار، اكبت الادارة الفرنسية على التحضير لهذه اللقاءات والقمم بمعزل عن نتائج الانتخابات الرئاسية لأن هناك استمرارية الدولة وتالياً ثبات سياستها الخارجية على الخطوط العريضة واستبعاد حدوث تعديلات جذرية فيها، من غير ان تكون بمنأى عن بعض التعديلات الطفيفة المستندة الى شخصية الرئيس الجديد الذي له اليد العليا في ميدان السياسة الخارجية والدفاع إذ يدخلان في صلب صلاحياته الدستورية.
في كل الأحوال، وإن بدت خلال الحملة الانتخابية بعض الاختلافات في مواقف الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي وهولاند حول افغانستان، فإن موقف ساركوزي كان نابعاً من الاتفاق بين الحلفاء بعد قرار الرئيس الاميركي باراك اوباما سحب قواته من افغانستان بحلول سنة 2014. وكان ساركوزي قرر بعد مقتل 82 جندياً فرنسياً منذ 2001  عدم مشاركة القوات الفرنسية في العمليات القتالية.
أما هولاند فأعلن انه في حال انتخابه، فانه ينوي التعجيل في انسحاب جميع القوات الفرنسية من افغانستان بحلول نهاية سنة 2012، فيما كان ساركوزي يخطط لإتمام الانسحاب نهاية سنة 2013. ويشير الخبراء العسكريون الى ان ذلك غير ممكن من الناحية التقنية مما يعني ان الانسحاب سيكون على مراحل وسيتخطى نهاية هذه السنة، خصوصاً اذا أراد هولاند تطبيق قراره بالانسحاب من دون إثارة حلفائه ومنهم الاميركيون.
وسيشكل الانتعاش الاقتصادي الموضوع الرئيسي الذي سيحمله هولاند في القمم المتتالية ويمكن ان يتوصل في هذا الاطار الى تفاهم مع ميركل  التي سيبحث معها الثلثاء في الازمة في منطقة الاورو والعلاقات الثنائية بين البلدين في حال توقيعه الميثاق الضريبي الأوروبي في شأن ادارة الديون واطلاق عجلة الديون والنمو الاقتصادي من دون تعديل.
وسيجد الرئيس الفرنسي حليفاً له هو الرئيس الاميركي الذي يطالب بانتعاش الاقتصاد الاوروبي. ويخشى اوباما ان تؤدي سياسات التقشف التي تتبعها بلدان اوروبية الى الركود الاقتصادي. غير ان التوافق حول التشخيص لا يعني التوافق حول الدواء، وعلى هولاند ان يقدم لهم بعض الضمانات من انه سيتبع سياسة اقتصادية دقيقة وصارمة من دون زيادة العجز.
وانتقد الحزب الاشتراكي قرار عودة فرنسا الى قيادة حلف شمال الاطلسي الذي اتخذه ساركوزي، غير ان رئيساً اشتراكياً فرنسياً لن ينقض هذا القرار. وهولاند الذي يضطلع بتعزيز الدفاع الاوروبي سيطرح فكرة انشاء قيادة اركان اوروبية ضمن القيادة الموحدة لحلف شمال الاطلسي.
ويعارض البريطانيون هذا الاقتراح لأنهم يعتبرون ان هذه القيادة ستشكل قيادة مزدوجة داخل الحلف وستؤدي الى خلافات بين القيادتين، ويرحبون بتشكيل سلسلة قيادة اوروبية داخل حلف شمال الاطلسي، حتى ان الولايات المتحدة وافقت خلال اجتماع اعضاء الحلف في برلين عام 1996 على هذه الفكرة التي لم تطبق مذذاك، ويمكن تعيين القائد  الاعلى البريطاني للحلف على رأس قيادة الاركان الاوروبية.

 

الملفان الإيراني والسوري

ومن بين البنود التي ستطرح على طاولة المفاوضات خلال القمم التي سيشارك فيها هولاند ملفان: ايران وسوريا، ومن المستبعد في شأن الملف الايراني حدوث أي تغيير أو تعديل لموقف الرئيس ساركوزي الذي كان يتمسك برفض البرنامج النووي الايراني، حتى انه ذهب الى حد التشكيك في أن واشنطن تبحث عن تسوية مع طهران. ويمكن القول في هذا السياق ان اعادة فتح الحوار بين ايران ومجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن زائد المانيا يسير في جو يمكن وصفه بالايجابي، مما قد يؤدي الى تأجيل القرارات الدراماتيكية وحل المشاكل من طريق المفاوضات، وتالياً الاستمرار في المقاربة المزدوجة التي اتبعها الغرب حيال طهران والقائمة على الاستمرار في العقوبات والضغوط السياسية والديبلوماسية والاقتصادية، وفي الوقت عينه ترك باب الحوار والتفاوض مفتوحاً مع ايران مع التركيز على معارضة باريس اللجوء الى القوة العسكرية لما لذلك من تأثير على أمن الخليج واستقراره.
أما الملف السوري فسيشكل بنداً رئيسياً على جدول الاعمال، وسيضع الرئيس المنتخب امام خيار عدم التدخل او التدخل لوضع حد لقمع نظام الرئيس بشار الاسد لشعبه. وكان موقف الرئيس ساركوزي متقدماً، ومنذ اشهر تشير الديبلوماسية الفرنسية التي جاملت الرئيس السوري حتى كانون الاول 2010 انه فقد كل شرعيته.
وبين ساركوزي وهولاند توافق حول الحاجة الى حل سياسي يتضمن تخلي الرئيس الاسد عن السلطة وتنظيم انتقال ديموقراطي والابتعاد عن الحلول العسكرية المستبعدة في الوقت الحاضر بسبب المعارضة الروسية والصينية في مجلس الامن وبسبب الحملة الرئاسية الاميركية والحاجة الى ادارة الازمة من خلال خطة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي انان في انتظار توافق دولي حول بلورة حل لهذه الازمة. غير ان هولاند جاهز كما اعلن لدفع فرنسا نحو المشاركة في عمل عسكري ضد سوريا اذا تم بقرار من مجلس الامن. وستكون المرحلة المقبلة إشارة إلى كيفية تعامل الادارة الفرنسية الجديدة مع الوضع السوري  في إطار تنظيم اجتماع "اصدقاء سوريا" المقرر عقده في باريس.  

 

لبنان

وفي الموضوع اللبناني، يتمسك الجانبان بعلاقة فرنسا التاريخية بهذا البلد والتزامها أمنه وسيادته واستقلاله واستقراره السياسي. وهذا الامر ينطبق على اليمين واليسار معاً. وقد يشكل بقاء القوات الفرنسية المشاركة في اطار القوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" افضل ترجمة للالتزام الفرنسي، بعدما تم إقرار خفض القوات الفرنسية.
وباريس التي تتابع الوضع اللبناني عن كثب ترى ان ثمة مخاطر ترخي بظلالها على لبنان من جراء الاحداث في سوريا، وان من مهمات الديبلوماسية الفرنسية مساعدة لبنان على تجاوزها بأقل قدر من الاضرار الممكنة. والزيارة التي قام بها وزير الخارجية المحتمل لوران فابيوس للبنان قبل بضعة أشهر في إطار جولة استطلاعية موفداً من المرشح الاشتراكي، تدل على الأهمية التي يوليها هولاند للبنان.

 

 

 
النهار..سهيل الناطور

حق العمل للفلسطينيين: تعامل رسمي غير عادل

 

بعض العارفين بالوزير شربل نحاس واتجاهه للالتزام بالقوانين في اتجاه شمولها وتفسيرها بشكل اكثر عدالة، لا يمكنهم الا الموافقة على ان تأخير التعامل مع حق عمل الفلسطيني كان غير مبرر.

قد يرى بعضهم تأويلا ان الوزير السابق كان منشغلا بهمّ وطني مسّ حقوق الجميع، مواطنين لبنانيين ومقيمين، في ما يتعلق برفع الاجور، لكن، وعلى أهمية المعركة التي استمرت اشهرا، فإن العمال الفلسطينيين لم يُدرجوا اطلاقا على جدول الاعمال في وزارة العمل، ووضعهم الأكثر الحاحا لضرورة تنظيم عملهم منذ اول اطلالته في الوزارة، فالحال ان الوزير بطرس حرب كان تقدم بمشروع تنظيم عملهم، وفقا لضرورة تطبيق القانون رقم 128، المنشور في الجريدة الرسمية (العدد 41 بتاريخ 2/9/2010) والقانون 129 الموقع في 24/8/2010 والصادر في الجريدة الرسمية ذاتها.
قانون العمل المعدّل رقم 129 ينص على الآتي: "يتمتع الاجراء الاجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون، شرط المعاملة بالمثل، ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على اجازة عمل.  يستثنى حصرا الاجراء الفلسطينيون في لبنان، المسجلون في سجلات وزارة الداخلية والبلديات- مديرية الشؤون السياسية واللاجئين من شروط: المعاملة بالمثل، رسم اجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل".
ان مقارنة التواريخ تظهر دليلا على عدم إيلاء اهتمام بالحد الادنى، لا بواقع اللاجئين الفلسطينيين ولا حقوقهم، ولا ايضا بضرورة تطبيق القانون كما يجب. وهكذا يبدو ان الممارسة الاولى لمجلس النواب اللبناني باعطاء "حق" بنص قانوني للفلسطينيين، لم تجد مجالا لتطبيقها من وزارة العمل، وهي المعنية اولا واخيرا.
الملاحظة الأهم وهي مجتمعة لدى الوزيرين حرب ونحاس، انهما تأخرا كثيرا في صياغة كيفية تطبيق قانون واحد، وهذا امر غريب، لا تقبل فيه مبررات من نمط الانشغال بقضايا العمال لكل لبنان، فالوزير لديه مساعدون ورؤساء ادارات واقسام في الوزارة، ويمكنه الاستعانة بخبراء قانونيين لبنانيين، واستشارة منظمة العمل الدولية التي تتعاون بشكل فعال مبرهن عليه دائما في لبنان، ولا يقنع الكثير منا ان التأخر جاء بسبب التأني لاستكمال نقاط تنفيذ قانون لم يسبق ان صدر مثله من قبل. فمعضلات الفلسطينيين في ما يخص حق العمل جرى بحثها طويلا منذ عشرات السنين. وتطرق القانون المعدل للمفصلين الاساسيين فيها: الاعفاء من شرط المعاملة بالمثل والاعفاء من رسم اجازة العمل، والباقي تفاصيل يسهل عموما، اذا ما كان القرار حازما، اقرارها سريعا.
ملاحظة اخرى مهمة في هذا المجال ايضا، بدأت بصيغة الوزير حرب الذي أحال مشروعه بطريقة قانونية الى مجلس الشورى. هذا في الشكل يبدو صحيحا ويعزز الامل باقتراب اصداره بعد مراجعة هذا المجلس، لكن الآليات التي يحددها القانون، برزت عاملا في رفضه، اذ ان مجلس الشورى تسلم المشروع وكانت الوزارة قد اصبحت في حالة "تصريف الاعمال" وهذا يوجب عليها التوقف عن اصدار المراسيم. فرد مجلس الشورى المشروع لعدم استكمال شرط كون الوزارة في حالة حكم طبيعية. ألم يكن بمقدور الوزير تقديم مقترحه قبل ذلك؟
الاغرب ان مجلس الشورى اماط اللثام عن مخالفة "رهيبة " لا يرتكبها وزير ذو باع قانوني طويل، اذ قال ان الموظف الذي وقع احالة المشروع الى المجلس لا يملك صلاحية بذلك، لانه مكلف بالوظيفة وليس اصيلا، وهو ما يشترطه القانون.  
 اما الوزير شربل نحاس، فانه على عكس الوزيرحرب، لم يقم بلقاء واستشارة اتحاد نقابات عمال فلسطين او النقابات اللبنانية في رؤيتها للتطبيق، ولكن في  يوم واحد قبل اضطراره للاستقالة، وقع قرارا، والجميع يعلم ان هذا الامر سريع العطب، مهما كان مضمون القرار جيدا، فهو يحتاج الى امرين:
الاول: ان يرسله الوزير الى ديوان الوزارة لتعميمه للتطبيق.
والثاني: ان يكون الوزير الجديد موافقا عليه وعلى التنفيذ دون التعديلات التي يحق له اجراؤها اذا ما ارتأى الامر مناسبا، وعندها يتوقف التنفيذ حتى صوغ هذه التعديلات وتوقيع الوزير الجديد وارسالها كقرار للتنفيذ. لذلك لا ندري هل قرار الوزير نحاس بات معمولا به ام لا ؟
مشروعا حرب ونحاس يؤكدان الاعفاء من اشتراط المعاملة بالمثل او اشتراط الحصول على ترخيص مزاولة المهنة في بلدهم، وفقا لمنطوق القانون المذكور. وليس مستحبا ان يجرنا- بعض المنقبين عن الثغرات- الى القول ان قرار نحاس ذكر كلمة الفلسطينيين ولم يرفقها باللاجئين، فهذا لغو لا محل له.
القانون ذاته يستبعد منح حق العمل للفلسطينين الذين لم يحصلوا على بطاقة، ولم يتسجلوا  لدى مديرية الشؤون السياسية واللاجئين، وعددهم لا يقل عن ثلاثة آلاف لاجىء فلسطيني يعيشون في لبنان، ولا مكان لهم غيره حاليا، وسبق لوزارة الداخلية – المديرية العامة للامن العام ان اعتمدت اصدار بطاقات تعريف واقامة لهم لجعلهم يتمتعون بحماية قانونية، لكن القانون الخاص بحق العمل استثناهم ظلما من ذلك.
كذلك يشترك المشروعان بأن اجازة العمل للفلسطينيين تمنح لسنوات ثلاث ويمكن تجديدها، وعدم ربطها بكفيل. فقط مشروع نحاس يورد الزام الاجير الفلسطيني بالابلاغ في حال تغيير مكان العمل بعد ان يقدم افادة عمل او افادة وعد بالاستخدام، والاجازة مجانية في المشروعين وذلك تطبيقا لنص القانون المعدل.
اذا بماذا يفترق مشروعا الوزيرين. للدقة يفترقان وليس بالضرورة يتناقضان في الامور الآتية:
1 - الهيئة المكلفة شؤون الاجراء الفلسطينيين: فقد اناطها مشروع حرب بدائرة رعاية العمال السوريين في وزارة العمل، بينما اعادها نحاس الى دائرة مراقبة عمل الاجانب والدوائر الاقليمية كل في نطاق عمله.
2 - تبسيطا للاجازة يطلب مشروع نحاس ان يدون عليها الاسم ومحل الاقامة ومدة صلاحيتها فقط. اي الغاء شرط ذكر اسم صاحب العمل، وهو الامر الذي ما كان ممكناً ان يحصل الاّ بعد موافقة الوزارة. فيما تطرق حرب الى امكان استخدام البريد لتقديم الطلبات اضافة لتوجيهها الى الوزارة شخصيا.
3 - لا يتطرق المشروعان الى مسألة اشتراط تقديم تأمين صحي للعامل الاجنبي، وهذا الابهام يمكن تفسيره بأن المشترع اعتبر "الاونروا" هي المكلفة بديهيا بالتقديمات الصحية للاجراء الفلسطينيين.
4 - الفارق الجوهري هو في تصنيف الاجراء الفلسطينيين، الذي لم يتطرق له مشروع نحاس، فيما اورده بتفصيلات مشروع حرب، وقد اورد اربعة مجموعات هي:
اصحاب العمل - ممثلو ومدراء الشركات الاجنبية - الحرفيون العاملون لحسابهم الخاص - الاجراء.
وبنى على ذلك ان توقيع الاجازة يكون من الوزير بعد موافقة المدير العام، ورئيس مصلحة القوى العاملة ورئيس الدائرة المعنية في وزارة العمل للمجموعتين الاولى والثانية، وموافقة المدير العام ورئيس الدائرة المعنية بالنسبة للفئتين الثالثة والرابعة.
5 - اكد الوزير نحاس على استثناء الفلسطينيين من القرارات الخاصة بالمهن المحصورة باللبنانيين، وان تطبق عليهم القوانين والانظمة الخاصة بكل مهنة. فيما لم يتطرق الوزير حرب في مشروعه لهذا الامر وتركه للقرار السنوي المكلف وزير العمل باصداره وفقا للقانون.
 

كاتب فلسطيني

 

إخوان الأردن ينتخبون «الصقور» ويحتمون بالعشائر ... فإما السيطرة على البرلمان أو مقاطعة الانتخابات
الحياة..عمان - تامر الصمادي
 

فيما سارع العاهل الأردني إلى تكليف فايز الطراونة رئاسة الحكومة الجديدة خلفاً لعون الخصاونة، كانت جماعة الإخوان المسلمين تجهز نفسها لرد قاس على تعيين شخصية سياسية مثل الطراونة المتهم بـ «مناوئته للإصلاح».

وبعد جلسات مطولة من البحث داخل أروقة الجماعة الأردنية، خلصت غالبية أعضاء مجلس الشورى الجديد إلى انتخاب قيادة إخوانية تمثل التيار المتشدد (الصقور) وهي خطوة رأى فيها خبراء في شؤون الحركات الإسلامية رسالة موجهة إلى القصر الهاشمي مفادها أن الجماعة لا تزال على مواقفها السياسية السابقة من الصراع مع النظام من أجل ما تسميه «الإصلاح المنشود».

أفرزت الجماعة قيادة (صقورية) بالكامل ترأسها للمرة الثانية على التوالي الشيخ الستيني همام سعيد ونائبه المحسوب تاريخياً على التيار المتشدد زكي بني ارشيد، الذي التقط الإشارة مبكراً وسارع إلى تنظيم زيارات مكوكية للمحافظات حشد خلالها الأنصار عبر دعوات لمزيد من التعديلات الدستورية من شأنها أن تفرض قيوداً على صلاحيات الملك عبد الله الثاني.

قيادي بارز في الجماعة رأى أن «فشل نائب المراقب العام السابق عبد الحميد القضاة - القيادي البارز لتيار (الحمائم) - في الوصول إلى عضوية مجلس الشورى» يؤكد أن «الإخوان في طريقهم إلى التصعيد مع نظام بدأ يتراجع عن وعوده السابقة، ويؤسس لقانون انتخاب يمنع الجماعة من التفكير سلفاً بالحصول على غالبية مريحة داخل المؤسسة التشريعية».

ويرى هذا القيادي أن تعطيل الإصلاح واختيار حكومة تقليدية يغلب عليها التيار المحافظ، من شأنه أيضاً أن «يؤجج الشارع الإخواني في شكل غير مسبوق ويدفعه إلى تبني خيارات أكثر تطرفاً في تعامله السياسي مع الدولة، بعد أن كانت قيادات في الجماعة تسعى إلى خلق هدنة طويلة مع القصر، عبر سيناريو أشبه بالتجربة المغربية».

ممثل للشباب

واللافت في القيادة الجديدة أنها ضمت للمرة الأولى في تاريخ الجماعة التي يبلغ عمرها في الأردن ما يقرب من 70 سنة ممثلاً عن القطاع الشبابي هو زياد خوالدة (29 سنة) المتحدر من عشيرة بني حسن كبرى العشائر الأردنية التي طالما اعتبرت الحاضنة الرئيسية للنظام.

والخوالدة هو أحد أبرز قيادات «حركة 24 آذار» التي أطلقت شرارة الاحتجاجات في البلاد منذ أكثر من عام، كما ضمت القيادة الجديدة للمرة الأولى أيضاً أحمد الزرقان ومحمد الشحاحدة اللذان يتحدران من مدينة الطفيلة الجنوبية التي تعيش هي الأخرى احتجاجات متصاعدة ضد النظام وجهاز الاستخبارات العامة.

مصادر قيادية في الجماعة اعتبرت أن «انتخاب قياديين من الطفيلة لم يأت من فراغ، إذ أن حراك المدينة المهمشة الذي تحول خلال فترة وجيزة إلى ملهم لبقية الحراكات الشعبية، يستحق من الجماعة تكريماً من نوع آخر (...)».

المصادر كشفت لـ «الحياة» عن سيناريوات تمت صياغتها من قبل القيادة الجديدة على عجل خلال اليومين الماضيين، بعد أن شعرت بسعي النظام إلى «خنق الربيع الأردني عبر اختيار حكومة متطرفة، والتخلي عن وعوده السابقة في ما يخص قانون انتخاب يلبي طموح الشارع».

تؤكد السيناريوات ضرورة تكثيف النزول إلى الشوارع، وتبني خيار يتمثل في رفع السقوف الخاصة بالجماعة لتتماهى مع هتافات المحافظات التي طاولت بنقدها العائلة الملكية وحملتها مسألة تعطيل الإصلاح.

وتقول وثيقة إخوانية تم تداولها أخيراً داخل الأطر التنظيمية، إن مثل هذه السيناريوات من شأنها أن «تحرج النظام وتجبره على التقدم خطوات كبيرة نحو الإصلاح».

واللافت في الوثيقة التي حصلت «الحياة» على نسخة منها، حديث الجماعة عــن خيـار «اندفاع الأمور نحو الفوضى وعدم استقرار المملكة وربما انهيار الأوضاع».

واحتوت الوثيقة على عدة عوامل من شأنها أن تعزز الخيار المذكور، أهمها: استمرار حالة ارتباك النظام وعجزه عن التقدم بإصلاحات حقيقية، وتزايد حالة الاحتقان والغضب الشعبي وعجز الجانب الرسمي عن التعامل معها بصورة مناسبة، والأهم من ذلك تعرض البلاد لهزة اقتصادية (عجز كبير في الموازنة، ارتفاع المديونية، زيادة التضخم، العجز عن توفير موارد مالية).

وتؤكد الوثيقة أن مثل هذا الخيار «لا يمكن استبعاده في حال استمر الانسداد السياسي والتراجع الاقتصادي والاحتقان الشعبي».

وتقول المعلومات المسربة من داخل الغرف الإخوانية، إن القيادة الجديدة وصلت إلى قناعة راسخة بضرورة التنسيق مع العشائر والشخصيات الوطنية المستقلة، لخلق إطار جامع يضم مختلف شرائح المجتمع، يكون الهدف منه رفع وتيرة الاحتجاجات، وإيجاد لوبي ضاغط على القصر لإنجاز الإصلاحات المطلوبة.

لكن الأخطر من ذلك يتمثل في دفع بعض القيادات من بينها زكي بني ارشيد الشخصية الأكثر جدلاً في الجماعة باتجاه مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، في حال عاد النظام إلى قانون الصوت الواحد، أو اكتفى بمشروع القانون الذي أرسلته حكومة الخصاونة إلى مجلس النواب ليتم إقراره.

وفي ذات الإطار تحدثت أوساط سياسية لـ «الحياة» أن جناحاً داخل مؤسسة الحكم نجح خلال الفترة الماضية بمنع صدور قانون انتخاب يمنح الإخوان المسلمين الغالبية أو قريباً منها، لا سيما بعد أن سيطرت تيارات إسلامية على البرلمانات في مصر وتونس والمغرب والكويت.

ويقول نائب المراقب العام بني ارشيد في مقابلة مع «الحياة» في منزله بعمان: «يبدو أن النظام لا يريد إجراء إصلاحات حقيقية». ويضيف: «الأمور تسير نحو التأزم، والمقلق أن نصل إلى حالة الانسداد السياسي». ويزيد: «يمكننا في هذه المرحلة الحديث عن قرب ولادة موجة جديدة من رد الفعل الشعبي، وهذا تحد حقيقي بالنسبة للإخوان».

الفرصة الأخيرة

ويعتقد بني ارشيد أن الوقت أصبح مناسباً لـ «الحديث عن خيار نزول المخزون الإخواني بقوة إلى الشوارع». ويقول أيضاً: «على الجميع أن ينتظر ويترقب، وإذا كان العقل السياسي الرسمي لا يفهم إلا لغة السقوف المرتفعة فلن يبشر بذلك (...)».

ويذهب القيادي الإسلامي إلى حد القول إن «النظام أمام الفرصة الأخيرة أو ما قبل الأخيرة لإنجاز الإصلاح الحقيقي».

وحول مشاركة الإخوان في الانتخابات المقبلة يري بني ارشيد أنه «لا يوجد في الحركة الإسلامية من يرضى بمشاركة عبثية، في حال لم يخضع قانون الانتخاب لتعديلات جوهرية حقيقة».

وفي ذات السياق يقول القيادي الإخواني المستقل كاظم عايش «إن تصعيد الشارع يعتمد على ارتكاب الدولة مزيداً من الحماقات».

ويدعم المراقب السابق للجماعة سالم الفلاحات توجهاً بمقاطعة الانتخابات المقبلة إن لم تقدم الدولة الإصلاحات الكاملة التي يطالب بها الشارع، وفي مقدمها أن تشكل حكومة الغالبية النيابية بدل أن يعينها الملك.

ويقول الفلاحات المحسوب تاريخياً على تيار الحمائم والذي خسر منصب المراقب العام خلال الانتخابات الأخيرة «إن الخلافات على العديد من القضايا العامة داخل التيارات الإخوانية انتهت أخيراً، بسبب تصرفات النظام التي تظهر رفضاً للإصلاح».

وقال أيضاً: «إن الإخوان سيواجهون الاستحقاقات الكبرى موحدين، بخاصة أن النظام يراهن على الواقع العربي والعالمي، في قراءة لن تصمد أمام إصرار الشارع الأردني على حراكه».

الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم غرايبة يستشرف العلاقة المقبلة بين الدولة والإخوان، قائلاً إنها «قابلة للصدام مع وجود حكومة محافظة وقيادة إخوانية محافظة أيضاً».

لكنه يضيف: «حتى لو تمسكت القيادة الجديدة بتشددها، فإنها مستعدة للتعاون مع الدولة إن أرادت السلطات ذلك». ويحاجج بأن الدولة في هذه المرحلة «لا تريد للإخوان أن يشاركوا في العملية السياسية، أو أن يشاركوا شريطة أن يصلوا إلى نتائج متواضعة في أي انتخابات مقبلة».

يذكر أن الأردن يشهد منذ كانون ثاني (يناير) 2011 تظاهرات واحتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية، ومكافحة جدية للفساد.

 

أستاذ بالحوزة لـ «الشرق الأوسط»: الأعلمية أهم معيار في اختيار المرجع، وأكد أن قم لا تزاحم النجف على الرغم من إمكانياتها


بغداد: حمزة مصطفى ... أكد أستاذ في الحوزة العلمية في مدينة النجف أن «الآلية التي يتم من خلالها اختيار المرجع الأعلى للشيعة في العالم، بعد وفاة المرجع المقلد من قبل أتباعه تتم وفقا لآليات معينة من قبل أهل الخبرة وأهمها الأعلمية بالدرجة الأولى، طبقا للفقه والتقاليد المعمول بها في الحوزة العلمية في النجف، التي بلغ عمرها الآن نحو 1000 سنة».

وقال حيدر الغرابي، المقرب من المرجعية الشيعية العليا وأستاذ الحوزة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك حالات خاصة حصلت في تاريخ الحوزة العلمية كان قد تم فيها اختيار المرجع التالي من قبل المرجع الأعلى، قبل وفاته، مثلما حصل في اختار كاشف الغطاء أو صاحب الجواهر حيث كان الاختيار أشبه بالتعيين، بينما لم يشر السيد محسن الحكيم عند وفاته في سبعينات القرن الماضي إلى من يأتي بعده، بينما كانت كل المؤشرات تدل على أنه الخوئي، لأنه كان أشهر من نار على علم في وقتها، وكـــــــــــان قـــــد تصدى معه للأعلمية نحو 300 مجتهد، وبالتالي جرى اختياره بسهولة، لأنه كـــــان هــــو الأعلم بـــلا منـــازع».
وأوضح أنه «حين توفي الخوئي أوائل تسعينات القرن الماضي لم يشر إلى خليفة من بعده، ولكن تم اختيار أبو الأعلى السبزواري الذي لم يزاحمه أحد في حين كان هناك نوع من التعتيم على مرجعية السيد محمد محمد صادق الصدر الذي تمت محاربته، وإغلاق مكتبه في إيران في وقتها».
وبشأن الآلية التي تم فيها اختيار المرجع الحالي علي السيستاني بعد وفاة السبزواري، قال الغرابي إن «السيد السيستاني أعطى بعض الترجيحات عند الاختيار، وكان من بين أهم المؤشرات على ذلك أنه كان قد صلى على جنازة الخوئي عند وفاته، وهذه كانت أحد المؤشرات على كونه الأعلم من بعد المتوفى، وأنه تم اختيار السبزواري قبله»، مشيرا إلى أنه «لا يشترط أن يكون مكان المرجع في النجف أو قم أو سامراء أو أي مكان آخر، ولكن تاريخيــــــا تعتبر النجف هي مركز المرجعية وأن السيستاني حاليا هو المرجع الأعلى للشيعة في العالم، وأن اختياره من قبل مقلديه خارج العراق في إيران وأوروبا ولبنان وجنوب شرقي آسيا كان أكثر من العراق، وأن قم لا تزاحم النجف على الرغم من الإمكانيات الهائلة التي تملكها قم».
 

 


المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,537,926

عدد الزوار: 6,994,987

المتواجدون الآن: 61