انتخابات مجلس الشعب السوري.. بـ«رائحة البارود ولون الدم...حي بابا عمرو في حمص.. دمرته القذائف لتسكنه الأشباح،

اقتحام جامعة حلب.. والثوار سيعلنون كيانا سياسيا موحدا..والجنرال مود: على الجيش السوري أن يقوم بالخطوة الأولى لوقف العنف

تاريخ الإضافة السبت 5 أيار 2012 - 5:26 ص    عدد الزيارات 2266    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

اقتحام جامعة حلب.. والثوار سيعلنون كيانا سياسيا موحدا
الجامعة تغلق أبوابها بعد هجوم للأمن أسقط قتلى وجرحى واعتقل 200 طالب * اعتقالات تتواصل في دمشق وقصف في ريف حماه
جريدة الشرق الاوسط... لندن: نادية التركي بيروت: كارولين عاكوم وليال أبو رحال
اقتحمت قوات النظام السوري أمس جامعة حلب إثر خروج الطلاب في مظاهرة ليلية تعرضوا خلالها إلى إطلاق نار وسقط منهم أربعة قتلى وعدد من الجرحى إضافة إلى أكثر من 200 معتقل.
ومن جهته، قال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «طلاب الجامعة منعوا من دخول الجامعة وأبلغوا بهذا القرار كما أبلغوا بقرار إغلاق المدينة الجامعية (سكن الطلاب) إلى أجل غير مسمى».
وأدان البيت الأبيض الهجوم على الجامعة وقال إنه ربما تكون هناك ضرورة لاستخدام نهج دولي جديد اذا فشلت خطة أنان.
ومن جهتهم يعتزم الثوار السوريون في الداخل الاعلان عن كيان سياسي موحد في الايام القليلة القادمة, وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إنه «في مبادرة لاستعادة زمام الأمور إلى داخل سوريا، يعمل الحراك الثوري على إطلاق جسم سياسي يمهد الطريق لإسقاط النظام بطريقة مؤسساتية تقود إلى بناء دولة مدنية. كما يتوقع أن يشمل المشروع كل النشاطات الثورية، بما فيها توحيد العمل العسكري، بمؤسسة وطنية تشجع على زيادة الانشقاقات في صفوف جيش النظام، وبالتالي الانضمام إلى المؤسسة العسكرية الجديدة التي ستكون نواة لجيش وطني يحفظ أمن الوطن والمواطن خلال هذه المرحلة الانتقالية ومرحلة ما بعد سقوط النظام الأسدي».
وميدانيا واصل النظام حملة مداهمات واعتقالات في دمشق وريفها، وتعرض ريف حماه للقصف، وقال ناشطون إن قوات النظام قامت بقصف بلدة غرناطة القريبة من مدينة الرستن، كما تعرضت منازل قرية العسيلة المطلة على نهر العاصي إلى قصف بالرشاشات.
حملات اعتقال واسعة في دمشق وريفها وقصف في ريف حماه، والجنرال مود: على الجيش السوري أن يقوم بالخطوة الأولى لوقف العنف

بيروت: كارولين عاكوم لندن: «الشرق الأوسط».... استمرت حملات الدهم والاعتقال في مدينة دوما لليوم التاسع على التوالي في ريف دمشق، من جهة مشفى حرستا العسكري وحملة مداهمات وتفتيش واعتقالات في مناطق خلف البلدية وجامع الشكر وطريق الملعب وشارع جمال عبد الناصر ومدخل الحجارية وخلف المقبرة وطريق مشفى حرستا العسكري، وشوهدت السيارات العسكرية تخرج من المدينة محملة بالمسروقات من أغذية ومفروشات ودراجات نارية. كما اقتحمت قوة ضخمة من الجيش النظامي مدينة زملكا مدعومة بناقلات جند ومصفحات ومضادات الطيران شيلكا وباصات وسيارات خاصة تقل شبيحة وقوات أمن.
وفي مدينة مضايا التابعة للزبداني، تفاعلت قصة اختطاف حافلة ركاب صغيرة تقل نحو 14 شخصا، ليل أول من أمس من مركز انطلاق الحافلات في بلدة السومرية في ضواحي دمشق وكانت الحافة متوجهة إلى مضايا، وكانت الحافلة تقل تسع شابات وعائلة عراقية من أب وأم وطفل، ورجل آخر والسائق، واتهم ناشطون شبيحة النظام باختطاف الحافلة بهدف المقايضة لتحرير مختطفين من الشبيحة لدى الجيش الحر في مضايا، وقالوا إن الجيش الحر يحاول استرجاع المختطفين الذين كانوا في الحافلة دون أي تفاصيل أخرى.
وفي حماه، قتل الطفل يزن الترك ابن لاعب نادي النواعير السابق بكرة اليد عبد الحكيم الترك متأثرا بجراحه بعد إصابته بتفجير عبوة ناسفة بحي الكرامة (حي البعث سابقا) في حماه.
وفي ريف حماه، قال ناشطون إن قوات النظام قامت بقصف بلدة غرناطة القريبة من مدينة الرستن، كما تعرضت منازل قرية العسيلة المطلة على نهر العاصي إلى قصف بالرشاشات أسفرت عن سقوط قتيل وعدة جرحى، وفي مدينة طيبة الإمام، استمرت حملة المداهمات لليوم الثالث على التوالي، مع اقتحام من عدة محاور مدعومة بأعداد كبيرة من الشبيحة وعناصر الأمن والجيش حيث جرى اعتقال العشرات ونهب وتخريب المنازل. ومن جهته, اعتبر رئيس فريق المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود أمس أن على الجيش السوري أن يقوم بالخطوة الأولى لوقف أعمال العنف. وقال للصحافيين في حمص (وسط): «عندما يستخدم فردان كل أنواع الأسلحة من هو الأول الذي ينبغي أن يرفع إصبعه عن الزناد؟ من ينبغي أن يقوم بالخطوة الأولى؟ برأيي إنه الأقوى الذي يتعين عليه القيام بها».
وردا على سؤال عما إذا كان يتحدث عن القوات النظامية أجاب: «كنت أشير إلى الحكومة (السورية) والجيش. لديهما القوة وهما في موقع يتيح لهما ذلك ويتحليان بما يكفي من المروءة للقيام بالخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح».
وفي مؤتمر صحافي في حمص أعلن من جهة أخرى أن أعضاء بعثته التي وصلت طلائعها إلى سوريا في 16 أبريل لم يواجهوا أي عقبات في تنقلاتهم من جانب سلطات دمشق. وأوضح أن «نقطة الانطلاق هي أننا تلقينا تعهدا واضحا وجليا من جانب (الطرفين) المتحاربين حيال إرادتهما في المضي قدما نحو تخفيف العنف لكن هناك الكثير من الارتياب».
وأضاف: «في بعض الأماكن المحددة لاحظنا جهودا أكثر من جانب القوات الحكومية السورية. لقد رأينا بالتالي مؤشرات إيجابية على الأرض».
والجنرال مود الذي توجه الخميس إلى حماه (وسط) وحمص وهما نقطتان ساخنتان في حركة الاحتجاج حيث التقى المحافظين ومقاتلين من المعارضة ذكر أن هدفي بعثته هما السهر على وقف العنف وتطبيق خطة الموفد الدولي كوفي أنان التي تتضمن ست نقاط. أما بالنسبة إلى تحرك المراقبين فلفت مود إلى أن كل شيء يسير بشكل طبيعي. وقال: «هل نواجه عقبات في حرية تحركنا؟ جوابي هو لا. لقد وضعنا خططنا وتوجهنا إلى حيث أردنا ولم نلق أي عقبة». واعتبر أن نجاح مهمته يمر بوقف العنف. وقال: «أدعو كل الأطراف إلى وقف العنف! وكل من يعتقد أن العنف هو الحل يخدع نفسه. العنف يولد العنف».
وأوضح الجنرال مود: «لسنا وكالة لتوزيع المساعدات الإنسانية والخدمات. نحن نقوم بجمع المعلومات وننقلها إلى وكالات الأمم المتحدة التي يكمن دورها في التحرك في هذه المجالات».
وأعلن الجنرال أنه سيكون هناك ثمانية مراقبين عسكريين غير مسلحين اعتبارا من الجمعة في درعا (جنوب) و12 في حمص وثمانية في حماه وأربعة في ادلب (شمال غرب). واعتبر أن وجود المراقبين له تأثير إيجابي. وقال: «منذ وصولي تراجع قصف المدفعية ومدافع الهاون».
ومن جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ قوات النظام نفذت في محافظة ريف دمشق حملة مداهمات منذ الصباح في الأراضي الزراعية المحيطة بمدينة حرستا، وفي منطقة الملعب بمدينة دوما. وأفاد بقتل ستة مواطنين من مدينة منبج بريف حلب بينهم طفل وامرأة وذلك إثر إطلاق الرصاص على حافلة كانت تقلهم قرب بلدة سراقب على طريف حلب دمشق. وذكر اتحاد تنسيقيات الثورة أن قوة ضخمة من عصابات الأسد تقتحم منطقة زملكا في ريف دمشق.
كما لوحظ أمس استنفار أمني كبير في أكثر من حي من أحياء دمشق، حيث شوهد خلال صباح أمس عدد من الآليات عسكرية منتشرة على أوتوستراد العدوي عند المشاتل وكلية الزراعة، كما تم إغلاق طريق كلية الزراعة من جهة العدوي ومن جهة برزة منطقة البساتين، كما انتشرت قوات النظام على طول الطريق من مشفى ابن النفيس حتى الفيحاء في الميسات، وقال ناشطون إن إغلاق تلك المناطق ضمن فرض حصار على حي برزة، في حين قالت مصادر أخرى قريبة من السلطة إن ضابطا في إدارة مشفى تشرين العسكري تعرض لمحاولة اغتيال هناك.
وأضافت المصادر أن «قوات الأمن رصدت ثلاثة (إرهابيين) أثناء محاولتهم زرع عبوة ناسفة في حديقة في منطقة أوتوستراد العدوي، وجرى تتبعهم وتم الوصول لخلية إرهابية تضم 12 (مسلحا) وجرى إلقاء القبض عليهم» في حين اقتحمت قوات الأمن حي برزة مدعومة بالمصفحات ومضادات الطيران، وقامت بحملة اعتقالات واسعة، كما تم جمع عدد من المطلوبين في الساحة الرئيسية وتم ضربهم وإهانتهم».
وقال ناشطون إن أكثر من 500 شخص اعتقلوا في أحياء التضامن ودف الشوك وحي الزهور، صباح أمس، بينهم ذكور خمس عائلات بالكامل، وترافقت المداهمات مع سرقة ذهب وأموال وتخريب للمنازل التي جرى اقتحامها.
وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن الجيش النظامي قصف قرى سهل الغاب وجبل شحشبو في ريف حماه. وبثت مواقع الثورة صورا قالت إنها التقطت في حي التضامن بدمشق، تظهر جنديا يطلق النار باتجاه متظاهرين، وصورا أخرى لمظاهرة نسائية خرجت في حي الملعب البلدي بمدينة حمص للمطالبة بإسقاط النظام، وصورا لمظاهرة خرجت في حي الميدان بمدينة دمشق تضامنا مع المدن التي تتعرض لهجمات من قوات النظام.
ونفذت منطقة عين الحمرا في إدلب حملة مداهمة واعتقالات عشوائية وسط إطلاق رصاص نار، وسُمع بعد ذلك دوي انفجارين قويين من الحاجز الموجود في المنطقة. وأفاد الناشطون بأنّه، وبعد الإفراج عن عدد قليل من المعتقلين، مساء أول من أمس، استيقظ أهالي المدينة على حملة مداهمات واعتقالات عشوائية تقوم بها قوات الشبيحة والأمن في منطقة الكورنيش وخلف البلدية، وأنّ عدد المعتقلين وصل إلى 100، بعدما تمت محاصرة هذه المناطق ومنع الدخول إليها والخروج منها.
من جانب آخر، انفجرت عبوة ناسفة بسيارة «بي إم دبليو» تابعة للجيش النظامي، في منطقة البرامكة وسط العاصمة دمشق، دون أن توقع أي خسائر سوى تحطم السيارة المستهدفة، وفي مخيم اليرموك غرب مدينة دمشق سمع صوت تفجير صوتي في شارع 30 عند سوق السيارات استهدف سيارة مرسيدس بيضاء تابعة للجيش النظامي، وكانت السيارة تقل أربعة أشخاص بلباس عسكري ولم يسفر التفجير عنه إصابات تذكر. وذكر الناشطون أن محطة بعثة المراقبين الدوليين كانت يوم أمس في منطقة أريحا في إدلب، لافتين إلى أنهم رفضوا التحدث مع الناشطين، كما ذكرت مواقع الثورة أن الناشط إسماعيل علي الشيخ حيدر، نجل رئيس الحزب القومي السوري المؤيد للنظام السوري، ورفيقه، فادي عطاونة، قتلا في كمين نصبته لهما قوات الأمن على طريق حمص مصياف، أمس. وبث ناشطون صورا لشاب ملثم شارك في مظاهرات سابقة للمطالبة بإسقاط النظام قالوا إنه الشاب إسماعيل علي حيدر.
وبينما ذكرت وكالة الأنباء السورية أن حيدر ورفيقه اغتيلا على أيدي من سمتهم عصابات إرهابية مسلحة، قال ناشطون إن طريق حمص مصياف لا يوجد فيها إلا حواجز الشبيحة والأمن واللجان الشعبية.
السفير السعودي في بيروت يرد على نظيره السوري: محاولة يائسة لحرف الانتباه عما يتعرض له الشعب الشقيق ونفى الاتهامات بضلوع المملكة في عملية سفينة السلاح

بيروت: «الشرق الأوسط»... رد السفير السعودي لدى لبنان علي عواض عسيري، على الاتهامات التي أدلى بها السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم، والتي «زعم فيها وقوف المملكة ودول خليجية وراء السفينة التي ضبطتها السلطات اللبنانية مؤخرا»، مؤكدا أنه لم يستغرب هذا التصريح الذي وضعه في إطار «سياسة الهروب التي تمارسها الحكومة السورية في محاولة يائسة لحرف الانتباه عن حقيقة ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق».
واستغرب عسيري تعمد السفير السوري الإدلاء بموقفه من باب وزارة الخارجية لـ«الإيهام بأن تصريحه يتم بالتنسيق مع المسؤولين فيها». وأوضح عسيري أنه زار أمس رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي و«لمس» منه أن الحكومة اللبنانية «لا تتفق مع تلك التصريحات التي تتنافى مع تقديرها لمكانة المملكة العربية السعودية ودورها».
وقال السفير عسيري في تصريح أدلى به أمس «مع التقدير الذي أكنه لشخص الزميل سعادة السفير علي عبد الكريم فإنه يظل مستغربا أن يصدر عنه هذا التصريح المتسرع الذي يوزع التهم جزافا ويفتقر إلى الأدلة والبراهين، مع ما يتحلى به سعادته من صفات الاتزان والتروي قبل اتخاذ المواقف، لكنه ليس تصريحا غريبا إذا قرأناه في سياق سياسة الهروب التي تمارسها الحكومة السورية في محاولة يائسة لحرف الانتباه عن حقيقة ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق». وأضاف «مهما صدر من تصريحات يقصد بها حرف الحقائق فإن الجميع على ثقة بأن المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا ودأبت على تقديم المساعدات الإنسانية ونصرة الأشقاء ومد يد العون لهم دون غايات سياسية انطلاقا من شعورها الأخوي والإنساني تجاه الأشقاء العرب والمسلمين. ومساعداتها الإنسانية للنازحين السوريين ليست استثناء، وتتم تحت نظر المجتمع الدولي وبموافقة السلطات اللبنانية وبالتنسيق معها».
وإذ تمنى ألا يكون «الزميل السفير علي عبد الكريم قد تعمد الإدلاء بتصريحه من منبر وزارة الخارجية اللبنانية بهدف الإيهام بأن تصريحه يتم بالتنسيق مع المسؤولين فيها»، فإنه أشار إلى أن «الحقيقة أن الموقف الرسمي للدولة اللبنانية هو النأي بالنفس عن الأحداث السورية، وأن الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني يدركان أن المملكة طوال تاريخها هي مصدر خير ورخاء لهذا البلد الشقيق، ولم يصدر عنها في أي مرحلة من تاريخ علاقتها به ما ينتهك سيادته أو يخل بأمنه واستقراره. وبالمقابل لا تزال الذاكرة اللبنانية تعي ما مر به لبنان من مآس ومَن تسبب بها». وقال «سعدت اليوم بزيارة إلى دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي، ولمست من دولته أن الحكومة اللبنانية لا تتفق مع تلك التصريحات التي تتنافى مع تقديرها لمكانة المملكة العربية السعودية ودورها، وأن جهود المملكة العربية السعودية في إغاثة النازحين السوريين إلى لبنان هي محل غبطتها».
 
أهل حماه يعيشون بين خوف الاعتقال ورعب القتل رغم وجود المراقبين، أحد المتساكنين: قوات الأمن تأمر الناس كل يومين بجمع الجثث التي يلقى بها خارج الضاحية

لندن: «الشرق الأوسط» ... بدا هذا الشارع في مدينة حماه والذي ظهرت عليه آثار القصف الذي استمر لأشهر مهجورا إلى أن خرجت مجموعة صغيرة من الأطفال من منازلهم في حذر لتحية مراقبي الأمم المتحدة الذين يزورون المدينة.
وكتب على أحد جدران حي الأربعين في شمال حماه عبارة «يسقط خائن سوريا» والحي معقل لمعارضي الرئيس بشار الأسد وتعرض لقصف عنيف على يد قواته التي تحاول سحق الانتفاضة التي دخلت الآن شهرها الرابع عشر. وبدأت الحياة تدب تدريجيا في الشارع الخالي مع انضمام نساء يرتدين عباءات سوداء طويلة إلى الأطفال قبل أن يظهر في نهاية المطاف بضعة رجال انضموا للحشد الصغير شجعهم على ذلك وجود الأمم المتحدة في الضاحية التي باتت منطقة أشباح.
وفي مدينة ما زالت ذكرى قمع والد الأسد الراحل لانتفاضة إسلامية مسلحة قبل نحو 30 عاما حاضرة بالأذهان حيث قتل عدة آلاف قال كل من تحدثوا لـ«رويترز» في حي الأربعين إنهم يعيشون في رعب من الأجهزة الأمنية. وبعد ثلاثة عقود من تلك الأحداث يروي الكثيرون قصصا جديدة من المعاناة. وقالت طفلة في نحو الثامنة من العمر طلبت عدم ذكر اسمها إن الجيش قتل عشرة من أقاربها قبل بضعة أيام. وقالت إن الجنود أوقفوهم صفا أمام جدار وأطلقوا عليهم النار. وأضافت «الآن الجيش يخيفني». وقالت صديقة لها تقف بجوارها «نسمع كل ليلة إطلاق نار وقصفا ونحن مرعوبون». حسب «رويترز». وكان زقاق قريب محفورا ومسدودا فيما قال السكان إنه إجراء متعمد من جانب قوات الأمن لمنع المرور عبره. وخرجت نساء من منازل قريبة يحملن ملابس في حقائب ويمسكن أطفالهن وقلن إنهن يردن المغادرة قبل زيادة القصف ومداهمات قوات الأمن في يومي الخميس والجمعة.
وقالت امرأة إنها أخذت معها ابنتيها وابنا عمره ثماني سنوات وتركت آخر عمره 15 عاما خشية أن يوقفه الجنود عند نقطة تفتيش لأنه يبدو كبيرا بما يكفي ليشتبهوا في كونه من مقاتلي المعارضة. وقالت «لذا تركته هنا مع أمي». وتحدثت أخريات عن فقد أزواج وأبناء. وقالت إحداهن «لا نعلم إن كانوا أحياء أم أمواتا. كل من لها صبي هنا أرسلته بالفعل إلى خارج المدينة».
وقال رجل يدعى عبد الله إن قوات الأمن تأمر الناس كل يومين بجمع الجثث التي يلقى بها خارج الضاحية. وأضاف «بعض الجثث التي نجمعها تكون بدأت في التحلل». وعلى الجانب الآخر من الشارع الواسع وقفت مجموعة أخرى من الناس تراقب قائلين إنهم لن يعبروا خوفا من نيران القناصة.
وقال مصطفى (12 عاما) إن سكان المدينة يسمعون إطلاقا متواصلا للنار ويعيشون في خوف. وقال «لا توجد مدارس ونحن خائفون من الجيش.. اعتقلوا شقيقيَّ وأقاربي ولا نعلم لهم مكانا». وكشف رجل آخر يدعى حمزة عن فخذه للمراقبين ليريهم جرحا يقول إنه نتج عن إصابته برصاصة خلال مظاهرة سلمية قبل بضعة أيام.
وقال «نعاني من هذا النظام منذ الثمانينات. عانى أهل حماه الكثير ونحن.. كل السوريين.. نعلم ما يمكن أن يفعله هذا النظام. إنه مستعد لقتل كل السوريين للبقاء في السلطة». ورغم أنه تم تركيب نوافذ جديدة لكن أجزاء بحوائط المدرسة ما زال يبدو عليه أثر العنف. وكانت بكثير من المباني المحيطة فتحات كبيرة نتيجة القصف أو الإصابة بقذائف صاروخية كما انتشرت ثقوب الرصاص على جدران كثير من المنازل. ووضعت أكياس الرمل حول حفر على الطريق.
لكن ليست كل مناطق حماه تبدو كساحات حرب. فالي الجنوب بوسط المدينة كانت الشوارع مزدحمة بالناس وحركة المرور عادية والمتاجر مفتوحة كما أشاعت اللافتات الانتخابية قبل الانتخابات البرلمانية المقررة يوم الاثنين أجواء بأن الأوضاع طبيعية.
وفي ساحة العاصي التي كانت موقعا للاحتجاجات ضد الأسد في الصيف الماضي شارك فيها عشرات الآلاف جرت تغطية عبارات مناهضة للرئيس السوري بالطلاء ورفعت صورة كبيرة له في وسط الساحة.
اعتقال نجلي المعارض السوري فايز سارة من منزليهما في دمشق، والدهما لـ «الشرق الأوسط»: أنا موجود في دمشق ولمن يريد يمكن توجيه الرسائل لي مباشرة
بيروت: ليال أبو رحال.. اعتقلت أجهزة الأمن السورية صباح أمس نجلي المعارض السوري والكاتب السياسي فايز سارة، بسام (37 عاما) وهو أب لثلاثة أطفال، ووسام (26 عاما) وهو أب لطفل، من منزليهما صباحا في حي التضامن في العاصمة السورية دمشق، واقتادتهما إلى جهة مجهولة من دون بيان أسباب الاعتقال. وأعلن سارة نبأ اعتقال ولديه على صفحته الشخصية على موقع «فيس بوك»، وقال إن «جماعة رسمية مسلحة قامت باقتحام بيتهما في التضامن في دمشق في السادسة من صباح أمس، وبعد تفتيش مدمر للبيت قيل إنه بحث عن سلاح، وبعد سرقة بعض القطع الخفيفة وقليل من المال، تم اقتياد بسام ووسام سارة إلى جهة مجهولة، من دون أن يفصح المسلحون عن هويتهم».
وتابع سارة قائلا: «بسام ووسام زهرتان في ربيع وطن، يعاني مخاضه من أجل الكرامة من أجل الحرية والعدالة والمساواة. يعاني من أجل أن لا يحصل ما حصل من اقتحام للبيوت ولكرامات البشر والاعتداء على ممتلكاتهم واعتقالهم خارج القانون الذي سجل غيابه شبه المطلق لعشرات السنين في سوريا، تاركا إياها تحت ظل قانون الغاب والوحشية».
وقال سارة، لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «لا تقدير للأسباب الحقيقية التي تم على أساسها اعتقال ولديه، لكن هذا الأمر سائد في سوريا ويحصل مع كثيرين منذ بدء الثورة السورية»، موضحا «إننا لا نعرف من هم الذين أوقفوهما ومن هو الجهاز أو الفرع الأمني الذي يوجدان فيه، كما أنه لم يكن بحوزة من اقتادهما أي أمر اعتقال أو مذكرات قضائية». وأشار إلى أن العناصر التي حضرت إلى المبنى الذي يقطن فيه نجلاه في شقتين منفصلتين في حي التضامن أقدمت على كسر بابي المنزلين الخارجيين بحجة التفتيش عن سلاح وقاموا بالتفتيش بطريقة همجية». واستبعد سارة أن يكون النظام السوري يحاول الضغط عليه بسبب مواقفه المعارضة من خلال اعتقال نجليه، وقال: «لا حاجة لأن يبعث النظام لي برسائل لأنني أعتقد أن الأشخاص في القرن الحادي والعشرين هم المسؤولون عن تصرفاتهم ومواقفهم». وأضاف: «أنا موجود في دمشق ويمكن - لمن يريد - أن يوجه الرسائل لي مباشرة، فخطي الخلوي مفتوح ومكتبي موجود، ولست متخفيا ولن أتخفى». وأكد «إنني شخصيا، وبغض النظر عما هم يرون، لكنني أستبعد أن يبعثوا لي برسائل بهذا الشكل».
تجدر الإشارة إلى أن سارة كان بين 100 صحافي أسسوا في فبراير (شباط) الفائت «رابطة الصحافيين السوريين»، معربين عن تضامنهم مع «الحراك الثوري» وعن إدانتهم «لانحياز» اتحاد الصحافيين الرسمي إلى «القمع الذي يمارسه النظام ضد المظاهرات السلمية وتبريره». كما أن سارة كان من بين المثقفين الذين تمت دعوتهم لحوار مع جهات مقربة من السلطة للتعبير من خلاله عن آرائهم حول الإصلاحات السياسية والحريات العامة عند بداية اندلاع الحركة الاحتجاجية في سوريا.
حي بابا عمرو في حمص.. دمرته القذائف لتسكنه الأشباح، كان يضم 40 ألف والآن لم يعد يقطنه سوى عشرات الأشخاص

لندن: «الشرق الأوسط»... يعتبر النظام السوري حي بابا عمرو في حمص «معقلا للإرهابيين»، بينما يعتبره معارضو الرئيس بشار الأسد «قلب الثورة», بات هذا الحي اليوم مدمرا تسكنه أشباح تتنقل في صمت بين أنقاض المنازل.
لم يعد هذا الحي الواقع في وسط المدينة أكثر من كومة ركام، بعد أن تعرض طوال شهرين للقصف وسقط فيه مئات القتلى، بحسب الناشطين. فجدران المنازل اخترقها الرصاص والشظايا وثقبتها قذائف الدبابات أو الكوات التي استخدمها القناصة. وكان بابا عمرو يضم 40 ألف نسمة، والآن لم يعد يقطنه أكثر من عشرات الأشخاص الذين بقوا في منازلهم المدمرة.
في شارع مقفر، تجر والدة وابناها حقيبة خضراء. وتقول أم عدنان (55 عاما): «أخذنا بعض الأمتعة. المنزل لم يعد قابلا للسكن. أنا وزوجي مهندسان لكن لا وظائف في المدينة، وبالتالي لا مال لإعادة تأهيلها, أعتقد أننا سنهاجر». لم ينج أي منزل، حيث انهارت غالبيتها كبيوت الكرتون على الرغم من بنائها بالإسمنت، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
«ليسامحهم الله على ما فعلوه بنا»، تقول أم عبده (35 عاما) التي جاءت مع زوجها لإحضار بعض الأمتعة مما كان منزلهما، من دون تحديد من تقصد. انهار الطابق الثاني في المبنى فسحق السطح الإسمنتي شقتها. وقالت: «أطلقت الدبابات النار على المباني وأحدثنا فجوة في حائط الحديقة كي نلجأ لدى الجيران». ومن منزلهم «اضطررنا أيضا للهروب لأن المعارك اقتربت منا كثيرا. لجأنا لمدة ستة أيام لدى أناس لا نعرفهم»، على ما قالت.
وطلب منها زوجها وابنها خفض صوتها بسبب مرور دورية أمنية في الشارع، فاستجابت. لكن ما إن عادت إلى رواية قصتها ارتفعت نبرتها مجددا. وقالت: «لم يبقَ شيء من الدار التي كنت أقطنها مع زوجي وأولادنا الثلاثة».
وعند سؤالها عن وجود مسلحين أشار المعارضون أنهم «يحمون» الحي الممتد على 2 كلم مربع، وأكد النظام أنهم «أخذوا السكان رهائن» تجنبت الرد. وقالت: «كنا نعيش بسلام».
كان منزلها يقع على خط الجبهة بمواجهة حي الإنشاءات الذي تسيطر عليه القوات الحكومية. وكان شارع الكرامة البالغ عرضه عدة أمتار يفصل بين الطرفين. على كل تقاطع نصبت قوى الأمن حاجزا رفعت عليه العلم السوري وصورة لبشار الأسد.
النظام السوري يستعد للانتخابات التشريعية الاثنين المقبل، المعارضة تدعو لمقاطعتها والجيش الحر لن يستهدف المقترعين

جريدة الشرق الاوسط.. بيروت: بولا أسطيح... على وقع استمرار العملية الأمنية التي تشنها قوات الأمن السورية في مجمل المحافظات، ينهي نظام الرئيس السوري بشار الأسد استعداداته لإجراء الانتخابات التشريعية يوم الاثنين المقبل. وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» مؤخرا عن احتدام الحملات الإعلانية للمرشحين لهذه الانتخابات والبالغ عددهم 7195 بينهم 710 سيدات.
وقد عممت «سانا» صورا لعدد من الشوارع السورية التي غطتها لوحات الإعلانات الانتخابية، معتبرة أنه «وإن كانت هناك بعض الخروقات للقوانين الناظمة لوضع الإعلانات الانتخابية، فإن ما نشهده في ساحات وشوارع المحافظات يعكس منافسة شديدة بين المرشحين لنيل أصوات الناخبين». في المقابل، دعت قوى المعارضة السورية لمقاطعة الانتخابات، واعتبر مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري رضوان زيادة أن «من يشارك فيها يتصدى للثورة ويقف ضد خيارات الشعب السوري». ووصف زيادة استعداد النظام للانتخابات بـ«المسرحية الهزلية» باعتبار أن «الأسد يتصرف بلامبالاة وكأن لا شيء يجري على أرض الواقع»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأسد يعيش حالة من الانفصام والعزلة القاتلة فهو لا يكثرت للانتقادات الدولية ولا لقرارات مجلس الأمن وآخرها مبادرة المبعوث العربي والدولي كوفي أنان، التي تعتمد أجندة سياسية مغايرة تماما للأجندة التي يسير على أساسها الأسد».
واعتبر زيادة أن الأسد وبإصراره على إجراء الانتخابات يوم الاثنين المقبل «يسعى لإشعار جمهوره بأن الأمور تسير في البلد بشكل طبيعي وأن ما يجري لا يستحق الالتفات له»، وأضاف: «لا شرعية للأسد ليقود العملية الانتخابية وسنتعامل مع المجلس الجديد كما تعاملنا مع المجالس السابقة باعتبارها غير شرعية ولا تمثل ارادة الشعب السوري»، وتساءل زيادة: «كيف يخطط النظام لإجراء انتخابات في مناطق فقد السيطرة كليا عليها؟ كيف يدعو سكان إدلب ودير الزور ودرعا للتوجه إلى صناديق الاقتراع تحت القصف وفي ظل تصاعد وتيرة العنف؟». بدورها، نفت مصادر قيادية في الجيش السوري الحر إمكانية استهداف مراكز الاقتراع أو المقترعين يوم الاثنين، مذكرة بأنها لا تستهدف المدنيين وغير المسلحين، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من أننا نعتبر الانتخابات مجرد مهزلة، فإن مهمتنا واضحة ولا تشمل التعرض للمدنيين؛ بل حمايتهم».
وشددت المصادر على أنها لا تزال حتى الساعة ملتزمة بمبادرة أنان وبالتالي بوقف إطلاق النار، لافتة إلى أنها تنتظر إعلان فشل المبادرة لقلب العمليات التي يقوم بها الجيش الحر لعمليات هجومية. وبموجب الدستور السوري، فإن ولاية مجلس الشعب أربع سنوات من تاريخ انتخابه، مما يعني أن الانتخابات كان يجب أن تتم عام 2011، غير أن اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد النظام أعاقت إجرائها في موعدها. وقد رد الرئيس السوري بشار الأسد في وقت سابق سبب تأجيلها إلى «أخذ الأحزاب السياسية التي تشكلت في أعقاب إصدار قانون الأحزاب وقتا بالظهور وبلورة موقعها في المجتمع».
يذكر أنه في 27 فبراير (شباط) 2012 أصدر الأسد دستورا جديدا للبلاد وضعته لجنة معينة من قبله، ونص على إجراء انتخابات لمجلس الشعب خلال تسعين يوما، ولذلك تأتي هذه الانتخابات في ظل أحكامه. وبحسب «سانا»، فإن 14 مليون سوري مدعوون للتصويت في انتخابات مجلس الشعب. وأسفرت الانتخابات السابقة التي شهدتها سوريا عام 2007 عن فوز الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث الحاكم بمعظم مقاعد مجلس العشب. ونظمت السلطات السورية في فبراير الماضي استفتاء على دستور جديد نال موافقة 89.4 من الناخبين، وفقا للسلطات، وألغيت المادة الثامنة التي كانت تنص على أن حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع.
انتخابات مجلس الشعب السوري.. بـ«رائحة البارود ولون الدم»، المؤيدون يرونها «رسالة لأعداء الداخل».. والمناهضون يصفونها بانتخابات «مجلس الشبيحة»

لندن: «الشرق الأوسط»... الخبر المقتضب جدا الذي بثته وكالة الأنباء السورية (سانا) ليل الثلاثاء الماضي عن قيام «مجموعة إرهابية» بإطلاق نار على المرشح لمجلس الشعب علي حسن الطه في ساحة بصرى بمدينة درعا مما أدى لمقتله، قد يبدو عاديا ضمن سيل أخبار القتل المتدفقة من الساحة السورية، لكنه حتما ليس عاديا بالنسبة للمرشحين المقدر عددهم بحسب المصادر الرسمية بـ7195 مرشحا بينهم 710 نساء. أحد المرشحين قال لإحدى وسائل الإعلام المحلية خلال أحد البرامج المكرسة للترويج للانتخابات: «إن الترشح في هذه الظروف أقرب إلى العمل الفدائي». بينما قال آخر: «إنه رسالة قوية لأعداء الداخل وأعداء الخارج».. عبارتان تختزلان واقع الانتخابات التشريعية المرتقبة في 7 مايو (أيار) الجاري، في سوريا الغارقة بدماء أبنائها، أو كما يصفها الناشط الشاب يامن بـ«انتخابات برائحة البارود ولون الدم».
وكما أن كل ناشط مستهدف من قبل النظام والأجهزة الأمنية، كذلك كل متعاون مع النظام. وبهذا ليس المرشحون في وضع آمن، ولا يحسدون على هذه الصفة، فهم محط كراهية كل من خرج إلى الشارع وطالب بإسقاط النظام، وتعرض للقتل والاعتقال والتنكيل والتهجير، مما يجعل هذه الانتخابات تجري في محيط من الاستفزاز والنقمة والحزن. فالخيمة التي نصبها عدد من المرشحين وسط العاصمة لم يدخلها أحد لا من المارة ولا من أهل الحي، رغم الأنوار الباهرة والعراضة الشامية والضيافة الفاخرة، فلم تصمد سوى ساعات قليلة أمام استهجان الناس الذين رأوا فيها «رقصا على دماء السوريين وتنكيلا بجراحهم».. قال صاحب أحد المحال في المنطقة معلقا على هذه المظاهر منتقدا رجال الأعمال الذين «يهدرون المال في الشوارع، بينما العالم يرسل مساعدات للشعب السوري المنكوب».
يؤكد النظام السوري والمؤيدون له أن المشاركة بالانتخابات «واجب وطني» مما يؤكد على «نهج إصلاحات النظام»، إذ تأتي تتميما لحزمة الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد قبل نحو عام متضمنة «تعديل الدستور» مما اعتبره الإعلام الرسمي «قفزة نوعية نقلت البلاد من نظام الحزب القائد إلى النظام شبه الرئاسي، كما صدر قانون للأحزاب رخص لنحو تسعة أحزاب جميعها تتنافس على مقاعد مجلس الشعب، والتي كانت محتكرة لحزب البعث الحاكم، وتحالف الأحزاب المنضوية تحته (الجبهة الوطنية التقدمية)، كما صدر قانون جديد للانتخابات نص على خضوع الانتخابات لإشراف قضائي مباشر، ورفع حالة الطوارئ، بما يترتب عليه نظريا من إطلاق للحريات وحد لسلطات الأجهزة الأمنية».. لكن تلك الإصلاحات التي يعتبرها النظام جذرية وكبيرة، يراها المناهضون للنظام إصلاحات كاذبة، بل تزايدت الأوضاع تدهورا طردا مع تزايد الإصلاحات. ولم يتوقف القتل والاعتقال التعسفيان، وأصبحت أعداد المفقودين بالآلاف منذ انطلاق الثورة في 15 مارس (آذار) 2011 وما زال مصيرهم مجهولا، مع استمرار تعرض مدن وبلدات بأكملها للقصف المدفعي والصاروخي من قبل قوات النظام.
يتندر الناشطون بإطلاق شعار: «أوقفوا الإصلاحات» والتهكم على «رفع حالة الطوارئ» بينما «فرضت حالة الحرب على الشعب»، مما جعل من الانتخابات التشريعية تحديا كبيرا للنظام، لا سيما أنها تجري بينما يتدفق أعضاء فريق المراقبين الدوليين إلى البلاد، للتحقق من التزام النظام بتطبيق خطة أنان التي تحظى بتوافق دولي.
ومنذ الإعلان عن بدء الدعاية الانتخابية للمرشحين، كرست وسائل الإعلام الرسمية جل برامجها وخطابها للترويج للعملية الانتخابية، وبذلت آلة النظام الأمنية جهودا كبرى لتصدير مظهر انتخابي برلماني في الشوارع السورية، وسط انكفاء عن الترشح لأسباب كثيرة منها الخوف من نقمة «الثوار» وأيضا مراعاة لمشاعر المنكوبين من أبناء الشعب، وهكذا فرغت الساحة لشخصيات وأسماء طفت على سطح الأزمة كمدافعة عن النظام تحت عنوان «الدفاع عن الوطن» دلت عليهم برامجهم الانتخابية الهزيلة، والتي تجنبت في غالبيتها وجود «ثورة» في البلاد، وركزت على المطالب الشائعة مثل «مكافحة الفساد والبطالة والإصلاح» ومن باب التنويع هناك من طرح «سعيه من أجل حكومة إلكترونية»، والأطرف «السعي لإسقاط الحكومة» كما يلفت النظر تركيز معظم المرشحين عبر برامج تبثها وسائل الإعلام الرسمية وبجوقة واحدة على مهاجمة أعضاء مجلس الشعب السابق وتحميلهم وزر ما حصل لأنهم «لم يمثلوا الشعب تمثيلا حقيقيا ويدافعوا عنه».
السيدة سلام، وهو اسم مستعار لـ«موظفة حكومية» معروفة، تعد من الفئة الصامتة رغم ميلها الضمني للمعارضة ورغبتها بتخلص سوريا من النظام العائلي، قالت إن أحد الأجهزة الأمنية أرسل لها بشكل غير مباشر يحثها على الترشح للانتخابات، إلا أنها تملصت من الدعوة قائلة «فكرة الترشح مرفوضة من حيث المبدأ في كنف نظام يقتل الشعب»، وتضيف «يريد النظام أن يقول للعالم إنه ما زال باسطا سيطرته وإن الشعب معه.. لن أكون من ضمن المروجين لهذه الكذبة»، لافتة إلى أن «النظام فاقد للسيطرة والشرعية وقبوله دخول لجنة مراقبين دولية إلى أراضيه لمراقبة إطلاقه للنار تأكيد على ذلك»، من دون أن تستبعد نجاح النظام في استحقاق الانتخابات التشريعية، ولكنه سيكون كنجاحه في «انتخابات الإدارة المحلية والتي عزز من خلالها وجود أعوانه من رجال الأمن لا الحزب، كما كان يجري سابقة في مجالس المدن»، وتؤكد «نحن الآن نعيش فصول مسرحية مماثلة».
وإذا كانت السيدة سلام تمكنت من التملص من طلب الأجهزة الأمنية، فإن كثيرين غيرها لا يمكنهم ذلك. إحدى المرشحات، وهي مهندسة، خلال برنامج على التلفزيون الرسمي، قالت أثناء مداخلتها: «لقد طلبوا مني الترشح»، فقاطعها المذيع «بالطبع تقصدين أن زملاءك هم الذين طلبوا منك الترشح». بالإضافة إلى ذلك يبدو واضحا أن هناك سعيا إلى هذا التمثيل على سبيل المكافأة للمؤيدين لدفاعهم الشرس عن النظام بمختلف الوسائل، حيث غلب على المرشحين شخصيات عرفت إعلاميا على نطاق واسع كمنافحين عن تجاوزات النظام، أطلق عليهم الثوار السوريون لقب «أبواق النظام».
من الظواهر اللافتة في قوائم أسماء المرشحين كثرة العاملين في حقل الإعلام والفن مقابل أغلبية ساحقة من رجال الأعمال، لا سيما في مدينتي حلب ودمشق. أما باقي المدن فالمشاركة ضحلة وتكاد تقتصر على المناطق التي لا تشهد توترات كبيرة كطرطوس وريفها، والمناطق الموالية كأحياء الزهرة وعكرمة في مدينة حمص التي تختفي في باقي أحيائها مظاهر الانتخابات تماما، وكذلك محافظة إدلب، أما في حماه ودرعا فبالكاد ترى اللافتات، حيث لا يسجل هناك أي مشاركة تذكر، لتظهر في حلب حيث تنخرط طبقة رجال الأعمال بالانتخابات على نحو واسع، وكذلك في دمشق ومع ذلك فانتشار الدعاية الانتخابية في الشوارع ليس كما جرت العادة في الدورات السابقة، وتكاد تنحصر في محيط المقرات الأمنية والمراكز الحكومية، وسط المدينة وتكاد تغيب في المناطق الأخرى. ففي دمشق توجد اللافتات في الساحات الرئيسية: السبع بحرات، ويوسف العظمة، والتحرير، والعباسيين، وشارع بغداد، وأتوستراد المزة، وتغيب عن باقي الأحياء والضواحي، كما تتعرض تلك اللافتات والصور لمحاولات التشويه والإزالة على مدار الساعة، ضمن حملة يقوم بها ناشطون تحت اسم «حملة تنظيف الشوارع».
ومع اقتراب موعد الانتخابات أطلق ناشطون حملة أخرى لمرشحي مجلس الشعب لسوريا الحرة، وقاموا بإلصاق صور لـ«رموز الثورة السورية» من شهداء وثوار معروفين أمثال «غياث مطر وعبد الباسط الساروت.. إلخ» في عدة أحياء من مدينة دمشق: برزة، والمزة، والميدان، والروضة، وكفرسوسة، وغيرها، فحسب رأيهم هؤلاء من يمثلون الشعب السوري، وليس «الشبيحة» والراقصات الذين يمثلون النظام فقط، بحسب تعبير أيمن الذي شارك في إلصاق صور الشهداء.
المؤيدون للنظام يجدون في هذا الحراك والدعوات لمقاطعة الانتخابات «إرهابا» وعملا ضد «الديمقراطية والحرية»، ويعتبرون الضالعين فيه «أعداء الداخل» و«أدوات الخارج» مما يستهدف «استقرار وأمن البلد». تدعو تالة ابنة شرطي قتل في حمص إلى المشاركة بالانتخابات «وفاء لدماء الشهداء وخطوة نحو وقف نزيف الدم والعودة إلى العقل والحوار»، إلا أن رشا الناشطة في دمشق ترد على تلك الدعوات بإعلان استعدادها للمشاركة في الانتخابات بشرط أن «يتجرأ النظام على وضع صناديق اقتراع في المناطق المنكوبة في درعا ودوما والزبداني وجسر الشغور وإدلب والخالدية وكل أحياء حمص المدمرة وفي تلبيسه والرستن وحماه.. إلخ»، وتتساءل رشا: «أين سيضع النظام صناديق الاقتراع؟ وهل هو قادر على حماية الناخبين من مؤيديه من سخط الشعب؟»، ففي الأمس أطلقت النيران على موقع تصوير ندوة لصالح التلفزيون السوري مخصصة للانتخابات في مدينة دير الزور وتم تأجيل الندوة التي كان من المقرر بثها على الهواء مباشرة.
استفاق سكان العاصمة دمشق على رؤية صور المرشحين لمجلس الشعب التي تملأ الشوارع الرئيسية في العاصمة وقريبا من المقرات الأمنية، وقد مهرت وجهوهم بكلمة «شبيح»، وقال سكان إنهم شاهدوا ذلك في شارع خالد بن الوليد، وقريبا من مركز قيادة الشرطة وفي حي المزة وفي عدة مناطق أخرى، وبث ناشطون فيديو يظهر شبابا وهم ويقومون بوضع أختام على صور المرشحين، تارة على الجبين وأخرى على منطقة الشاربين واللحية، وهم يقولون: «الثوار يشاركون بالانتخابات على طريقة الثوار».. «أطفال سوريا يقتلون وهناك شبيحة يرشحون أنفسهم لمجلس الشعب» و«الشعب السوري يقتل وهم يترشحون» و«جميعهم شبيحة» و«هذا تاجر حشيش مرشح نفسه!!» و«ذاك ممن يعتبرون أنفسهم مشايخ» و«يضعون صورهم على حاويات الزبالة»، و«يدفعون لهم كي يرشحوا أنفسهم».. و«في الأحياء الثائرة لا يمكنهم إلصاق صورهم، ولكنهم يلصقونها عند مقرات الأمر، ونحن لا نخاف الأمن»، وعندما صادفت الشاب صورة لسيدة مرشحة وبعد أن طبع جبينها بكلمة «شبيح» اعتذر من الصورة، وكتب: «عفوا هذه شبيحة».
مسلحون يغتالون ابن رئيس «القومي» والمعارضة السورية تنعاه شهيدا وتتهم النظام، «أبو كفاح» شارك في مظاهرات حي الخالدية

بيروت: «الشرق الأوسط»... أكد ناشطون سوريون خبر اغتيال نجل رئيس الحزب القومي السوري الاجتماعي الشاب إسماعيل حيدر مساء أول من أمس إثر مروره مع صديقه فادي عطاونة الذي فارق الحياة أيضا على طريق حمص ومصياف بعد تعرضهما لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين.
وبينما سارعت وكالة سانا الرسمية إلى اتهام «مجموعة إرهابية» بتصفية الشابين الجامعيين محمّلة المعارضة مسؤولية الجريمة، وقال الناشطون إن «إسماعيل كان مناصرا للثورة السورية خلافا لموقف والده القريب من النظام، وقد ساعد الشاب كثيرا في دعم الحراك الشعبي بمختلف المدن». وتساءل الناشطون «كيف يقتل الثوار شخصا يدعمهم ويقف إلى جانب ثورتهم»، وأضاف هؤلاء: «إذ كانت مجموعة إرهابية قامت بعملية التصفية فإن المسؤولية تقع على عاتق النظام هو المسؤول عن حماية المواطنين لا سيما نجل رئيس حزب معروف».
من جانبه قال علي حيدر في تصريح للفضائية السورية: «القربان الحقيقي للذهاب إلى مصالحة وطنية. كفى أيها السوريون. أنا مستعدّ للتضحية بأولادي الاثنين الباقيين وللتضحية بكل العائلة إن كان ذلك القربان يكفي للمصالحة بين السوريين. أنا لست بحاجة إلى العزاء، أنا موجود وقويّ، لكن أقول لأصحاب البندقية لن يرهبونا لن يستطيعوا أن يجعلونا نسكت، لن يستطيعوا أن يجعلونا نقف دون العمل ليل نهار لإحلال السلام والأمن في سوريا، هذا البلد الذي ولدنا من ترابه وشربنا ماءه وتنفسنا هواءه، سندافع عنه حتى آخر نفس في حياتنا».
وقد شارك الحزب السوري القومي الاجتماعي ممثلا برئيسه علي حيدر في ائتلاف القوى السلمي للتغيير الذي تم الإعلان عنه سابقا، كما قام مع وفد ضم أحزاب موالية للنظام السوري بزيارات عديدة إلى روسيا للتشاور حول سبل الخروج من الأزمة الحالية.
ونشرت تنسيقية مصياف للثورة السورية على صفحته على «فيس بوك» نعيا رسميا «للشهيدين إسماعيل حيدر نجل رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي حيدر وصديقه فادي عطاونة».. وأشارت التنسيقية إلى أن الشاب إسماعيل حيدر «الملقب بأبو كفاح، كان مؤمنا بالثورة ومشاركا بها حيث كان قبل أيام معدودة مشاركا في تشييع شهيد كفرسوسة نور زهرة».. إضافة إلى مشاركته في العديد من مظاهرات حي الخالدية في حمص وإلقائه كلمة شباب مصياف بحضور الناشط عبد الباسط ساروت وعمل على إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة، وتأمين احتياجات المشافي الميدانية «وللتدليل على صحة ما تقوله نشرت التنسيقية آخر ما كتبه على صفحته في موقع فيس بوك حيث كتب الشاب الذي وضع على صفحته صورة مدينة حمص وهي تتعرض للقصف من قبل الجيش النظامي التالي: (عام بألف عام. ظهر فيه طفل بألف طفل. رجل بألف رجل. شعب بألف شعب. أرض بألف أرض. مدينة بألف مدينة. فتاة بألف فتاة. أم بألف أم. جندي بألف جندي. وثورة بألف ثورة، ثورة بألف ثورة، ثورة بألف ثورة سوريا حبيبتي كل عام وأنت حرة». كما قامت بنشر العديد من مقاطع الفيديو التي تثبت صحة ما ذكر.
من الجدير ذكره أن إسماعيل هو من مواليد 13 - 6 - 1991 ابن منطقة مصياف وطالب في كلية الطب البشري بجامعة حمص السنة الثالثة وقد تعرّض لمحاولة اعتقال منذ شهر أثناء الاعتصام أمام «مجلس الشعب» ضد الدستور الجديد وفقا للناشطين وذلك عندما رفع لافتة مكتوبا عليها بخط يده «الرحمة لشهدائنا والحرية للمعتقلين».
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,950,029

عدد الزوار: 7,009,795

المتواجدون الآن: 79