بري يخشى على طاولة الحوار

بري يخشى على طاولة الحوار ومع التوافق "قبل الانتخابات وبعدها"

تاريخ الإضافة الأحد 28 حزيران 2009 - 6:20 ص    عدد الزيارات 3721    التعليقات 0    القسم محلية

        


لم يكن مفاجئاً ان تمارس قوى المعارضة اسلوب مد "نصف اليد" في مسألة استشارات التكليف في تسمية رئيس "تكتل لبنان أولاً" النائب سعد الحريري لرئاسة الحكومة الاولى بعد انتخابات 2009، نظراً الى الثقة المهتزة بين الطرفين، وهذا ما برز في جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه ومكتب المجلس الخميس الفائت.
وكان الحريري يعرف مسبقاً، على رغم فوز فريقه بالاكثرية النيابية، ان طريقه الى السرايا الحكومية لن تكون مفروشة بالورود.
وأظهر اللقاء الاخير الذي جمعه مع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان العلاقات لا تزال فاترة بين الجانبين، مع حرصهما الدائم على تهدئة الاجواء وعدم الدفع الى الشارع وخصوصاً في المناطق المشتركة التي يقطنها جمهورهما. وكذلك لا تزال العلاقات بين قريطم و"التيار الوطني الحر" على برودتها. وفي اول تعليق لـ"حزب الله" على تكليف الحريري، أوضح النائب حسن فضل الله لـ"النهار" ان التعاون "مرهون بما سيقدمه الرئيس المكلف من تصورات للحكومة المقبلة".
واذا كانت حصيلة الاستشارات في قصر بعبدا امس انتهت الى تسمية الحريري بـ86 صوتاً وحصوله على اصوات كتلة "التنمية والتحرير" ونائبي حزب الطاشناق من قوى المعارضة، فإن بري يبدو الوحيد القادر على تدوير الزوايا وتقريب المسافات بين سائر الافرقاء، وهو الذي لا ينفك يشدّد على قيام حكومة توافق ومشاركة حقيقية.
والسؤال هنا: هل يخرج بري عن مواقف قوى المعارضة؟
وتوحي المعطيات والاتصالات الدائرة بين أفرقائها انها مصممة على تمثيلها في الحكومة والمشاركة فيها على قاعدة ما تمثله من حجم في الخريطة النيابية، وترفض الكلام الذي أطلقه البطريرك بطرس صفير أن من حق الاكثرية أن تحكم وأن تبقى المعارضة خارج أسوار الحكومة، على غرار ما يحدث في أوروبا. أما في لبنان فالامر مختلف، لأن أي بيان تصدره مرجعية دينية في شأن هذا المرشح أو ذاك قد يفرمل ولادة أي حكومة أو وصول شخصية ما الى منصب معيّن.
وكان كافياً مثلاً صدور بيان عن المجلس الاسلامي الشيعي يدعو الى تزكية بري لرئاسة المجلس، علماً ان الشيخ عبد الامير قبلان غمز في أكثر من خطبة له من قناة "المجرب"، وكان يقصد بري الذي يتربع على رئاسة البرلمان لولاية خامسة. ويعد اجتماعه مع الحريري مساء الاربعاء الفائت تصور انه سيحصل على نحو مئة صوت، لكن الحصيلة كانت 90، مع ارتفاع في نسبة الاوراق البيضاء.
وثمة صديق مشترك بين بري وقطب مسيحي دعاه الى اجراء اتصال بهذه الشخصية، ليحصل على خمسة أصوات دفعة واحدة، الامر الذي رفضه رئيس المجلس معولاً على أن تأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها الى أقصى حدّ تحت قبة البرلمان، مشيراً الى انه يتشرف بالاصوات التي حصل عليها ويحترم خيارات الآخرين.
وعندما تلقى بري التهنئة من رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل قابلها بابتسامة "مطولة". ويبدو أن الاخير لم ينسَ الى اليوم "مواجهاته" السياسية والعسكرية مع زعيم "أمل" من ايام اتفاق 17 أيار وأحداث 6 شباط في بيروت، وعندما وصلت إحدى فرق دبابات الجيش التي قادها في تلك الفترة اللواء عصام أبو جمرا (نائب رئيس الحكومة الحالي) الى محيط منزل بري في محلة بربور وخرقت أصواتها جدران غرفة نومه وحصل ما حصل.
ويحترم رئيس المجلس ما رافق أجواء جلسة الانتخاب الخميس، وكان يتمنى أن يحصل نائب رئيس المجلس فريد مكاري على اصوات أكثر لولا ما حدث في جلسة انتخاب الرئيس. ويرى أن خريطة تمثيل القوى والكتل في هيئة مكتب المجلس لم تتبدل، لأنه كان هو والنائب ميشال موسى في المكتب السابق يمثلان المعارضة.
واختار بري كلمات بيانه بعناية بعد زيارته مع أعضاء كتلته لقصر بعبدا، وهو الذي ردّد أكثر من مرة أمام وفود بيروتية حضرت الى عين التينة لتهنئته ان "لا مفر أماممنا من التوافق"، وهذا ما يعلنه دوماً أمام الموفدين العرب والاجانب، "لأن حصول هذا الامر في الحكومة ينسحب على عمل البرلمان، والا فمكانك راوح".
ويقول: "منذ ما قبل اتفاق الدوحة أدعو ليل نهار الى التوافق، وهذا ما أعلنه في لبنان والخارج، ولن أتراجع عن خيار حكومة الشراكة والوحدة الوطنية".
وعندما أخذ بري كرسيه بدل رئيس السن في المجلس النائب عبد اللطيف الزين، دقّق سريعاً في وجوه النواب ولا سيما الجدد منهم، وهو لا يعرف معظمهم، وبدا متأسفاً لخروج نواب من المجلس من أمثال أيمن شقير وبهيج طبارة.
ويروي بري أمام زواره واقعة يشير فيها الى نزاهة طبارة وسعة آفاقه القانونية والدستورية. ويشير الى انه في أحد اللقاءات مع النائب الحريري كانا يتناقشان في نسبة الاصوات التي ينبغي أن يحصل عليها المرشح لرئاسة الجمهورية في ظل تشديد بعض أفرقاء قوى 14 آذار آنذاك على انتخاب الرئيس بالنصف زائد واحد.
وجرت تلك الجلسة بين بري والحريري في حضور وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، وتم الاتفاق على الاستعانة باثنين من الخبراء في الدستور والتشريع. فسمّى بري القاضي عفيف المقدم والحريري طبارة، وحضرا بعد نحو نصف ساعة. ثم أخذ كوشنير يوجّه الاسئلة اليهما. وتكلّم طبارة في البداية، فكانت إجاباته واضحة لجهة ان انتخاب رئيس الجمهورية بالنصف زائد واحد يشكّل مخالفة للدستور، بعدها لم يحتج كوشنير الى سماع رأي المقدم.
ويقصد بري من ذكره هذه الواقعة، الدلالة على أهمية النائب السابق طبارة والموضوعية التي يتمتع بها في رده وتعامله المميز مع الموضوعات القانونية والدستورية.
من جهة أخرى، يخشى بري على مصير طاولة الحوار في القصر الجمهوري بعد الانتخابات النيابية والاسراع في "قطف" الكتل وتشكيلها. ويشدد على استمرار هذه الطاولة برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، والتشنجات في رأيه لا تساعد على "التئامها".
ويسجل للافرقاء المشاركين في الحوار مساهمتهم في إشاعة ايجابيات عدة تجلّت في أكثر من مكان. ويعطي مثلاً على الالتفاف الشعبي حول النازحين في أكثر من منطقة خلال العدوان الاسرائيلي في تموز.
ويفكّر بري في مصير طاولة الحوار، ويرى ان الرئيس سليمان قادر على إعادة "تشغيلها" مجدداً لأن ثمة موضوعات عدة لا تحل بسهولة في مجلس الوزراء، وثمة شخصيات لا يمكن الاستغناء عنها بعد إجراء الانتخابات، لتنضم الى طاولة المتحاورين، من أمثال النائب سليمان فرنجيه والوزير والنائب طلال ارسلان.

رضوان عقيل     


المصدر: جريدة النهار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,603,819

عدد الزوار: 6,903,575

المتواجدون الآن: 83