لبنان.. و«فزاعة» التوطين

يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين نحو 400 ألف تم تجنيس 100 ألف منهم معظمهم من المسيحيين والشيعة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 حزيران 2009 - 7:33 ص    عدد الزيارات 3686    التعليقات 0    القسم محلية

        


بالكاد بدأت الساحة السياسية اللبنانية تتحضر لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية التي فازت بأكثريتها قوى «14 آذار» حتى عاد التوتر إلى الواجهة مع عودة «فزاعة» التوطين التي حركها خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما أعلن رفضه حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وما زاد في التوتر تجديد نتنياهو مطالبته العرب والعالم بالاعتراف بيهودية دولته. خطر هذه المطالبة أنها تحمل في طياتها هواجس تتعلق بترحيل «الأقلية» الفلسطينية الموجودة داخل إسرائيل إلى «الجيران»، وأقربهم لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يزيد عدد سكانه على الأربعة ملايين نسمة، والمكون من 18 طائفة تحكمه. ولأن الساحة اللبنانية لا تزال أرضا خصبة لكل التناقضات الإقليمية وصراع الأقطاب نتيجة الانقسامات العمودية والحادة بين قوى الأكثرية والأقلية، كان وقع خطاب نتنياهو «مؤذيا» ليس لأن إسرائيل ستبدأ بتنفيذ ما ورد في الخطاب، إنما لأن ما تطرحه تتفجر مفاعيله في الساحة الداخلية اللبنانية. لذا تبدو «هزيلة» على أرض الواقع الحماية التي يقدمها الدستور اللبناني، ذلك أن النص لا يقارب القضية إلا بعبارة يتيمة هي «لا توطين» الواردة في مقدمته. ورفض التوطين وفق هذا النص لا يقدم آلية للتنفيذ، كما لم تقدم هذه الآلية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194 الخاص بحق العودة والصادر في 11 ديسمبر (كانون الأول) 1948 الذي تنص الفقرة (11) منه صراحة على ضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وقراهم الأصلية التي هجروا منها جراء الحرب. إلا أن الوزير خالد قباني، الذي شغل منصب وزير العدل في حكومات سابقة، يتسلح بالنص الدستوري ليقول «الأمر واضح من الناحية الدستورية، وهذا النص هو من المبادئ التي كُرست واقترنت بإجماع لبناني». ويضيف أن «الموضوع لا يرتبط بمقتضيات لبنانية داخلية فحسب، إنما أيضا بمصلحة الشعب الفلسطيني وبأحد الأسس التي يرتكز عليها إنشاء دولة فلسطين». ويذكر أيضا بأن حق العودة تكرسه الشرعية الدولية عبر القرار 194، ولذلك يقول إنه «لا يمكن التنازل عن هذا الحق أو التخلي عنه»، ويشير إلى أن «الدولة اللبنانية والقمم العربية ومبادرة السلام العربية أكدت على ذلك».

لكن هذه الضمانات لا تكفي لنزع «فتيل فزاعة التوطين» في لبنان. وخطاب نتنياهو أعطى ذريعة للتشدد حيال السلاح خارج الدولة في لبنان. لذا سارع رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري إلى توصيف مكامن الخطر فور إلقاء الخطاب. فدعا إلى «أعلى درجات التضامن اللبناني والعربي في مواجهة التحديات الإقليمية الماثلة». وقال «إن خطاب نتنياهو يضع المنطقة في دوامة التصعيد من جديد ويرسم خريطة الطريق الإسرائيلية للانقلاب على مساعي التسوية ومبادرات السلام، الأمر الذي يرتب علينا في لبنان مسؤولية كبرى في ترسيخ التضامن الداخلي والتزام موجبات المصلحة الوطنية العليا التي تمكن بلدنا من مواجهة الأخطار ومحاولات العدو الإسرائيلي خرق سيادتنا واستقرارنا الوطني». أما الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، فاعتبر أن خطاب نتنياهو حول اللاجئين الفلسطينيين «شكل صدمة لكل القادة المعتدلين العرب وأحبط رهانات البعض على موقف الإدارة الأميركية من السلام في المنطقة». وقال «إن الرئيس الإسرائيلي جاء ليقول للعرب الحقيقة ويكشف مبكرا عن رؤيته للمستقبل في المنطقة، فيما الإدارة الأميركية تلعب مع العرب لعبة تقطيع الوقت». ودعا «القادة العرب إلى إعادة حساباتهم والخروج من الرهانات الكاذبة والوقوف في وجه هذه الأخطار المحدقة».

الوقوف في وجه هذه الأخطار يعني عدم التعرض لسلاح الحزب، وبالتالي إبقاء لبنان في حالته الراهنة مع تحريم الجدل بشأنه. والأخطر أن المطالبة بإبقاء السلاح خارج الدولة لم يقتصر على «حزب الله» إنما تجاوزه إلى بعض القادة الفلسطينيين. فقد قال أمين سر فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» و«حركة فتح» في لبنان سلطان أبو العينين، إن «السلاح في المخيمات هو ضمانة حق العودة». وأضاف «ليس هناك من عاقل يجرؤ أو يتحدث عن قضية السلاح الفلسطيني الآن، في ظل ما يطرحه نتنياهو». وحذر «أي جهة، مهما كان شأنها وانتماؤها وأبجديتها وأيديولوجيتها السياسية، أن تطالب الفلسطينيين بنزع السلاح في هذا الوقت بالذات، لأن ذلك يعني مباشرة القبول بتوطين الفلسطينيين في لبنان». وتبرز هذه التصريحات «الأضرار» التي تسبب بها خطاب نتنياهو. فلبنان هو الدولة الوحيدة التي «ترعى رغما عنها» سلاحا فلسطينيا دون سائر الدول التي تستضيف الفلسطينيين. وهو أيضا الدولة الوحيدة التي تشكل تعددية طوائفها قنابل موقوتة وحاضرة للانفجار، سواء عبر الأزمات أو الاضطرابات الأمنية. وبالتالي فإن التوطين هو إحدى هذه الأزمات. ويشكل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 10% من نسبة اللاجئين الفلسطينيين، وما نسبته 10,5% من مجموع سكان لبنان. وهم يتوزعون على عدد من المخيمات، أهمها المية مية والبص وبرج الشمالي والرشيدية وشاتيلا ومار إلياس وبرج البراجنة وعين الحلوة ونهر البارد والبداوي. وتستأثر مخيمات الفلسطينيين في لبنان بـ 55.4 في المائة من إجمالي العدد العام للاجئين الفلسطينيين الذين يقدرون بنحو 430 ألفا وفق السجلات الرسمية للأونروا. إلا أن الكاتب الفلسطيني صقر أبو فخر يعتبر أن «العدد الحقيقي للفلسطينيين في لبنان لا يتجاوز 200 ألف، وذلك بعدما تم تجنيس مائة ألف فلسطيني غالبيتهم من المسيحيين وشيعة القرى السبع الذين كانوا مسجلين في سجلات الأونروا، بين عام 1948 وعام 1994، عندما صدر مرسوم التجنيس. وهناك أيضا اللاجئون الفلسطينيون من الأثرياء الذين تجنسوا على امتداد الأعوام. ويقول أبو فخر إن نحو مائة ألف فلسطيني هاجر منذ عام 1975 ولا يزالون، «بسبب الحروب المتواصلة وأوضاعهم المعيشية المذرية». ويضيف «جيل الستينات والسبعينات من الفلسطينيين كان مسكونا بحلم العودة. أما الجيل الحالي فلا حلم لديه. يعيش الشباب ظروفا بائسة. لذا نرى أن نسبة الأمية مرتفعة بينهم بسبب اليأس والتهميش. الفلسطيني لا يحلم إلا بالهجرة. ويتمنى التوطين إذا كان الأمر يعطيه بعض الحقوق». ويورد أستاذ العلوم الاجتماعية الدكتور سعود المولى في دراسة له حول اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ما يلي «ليس من العيب أن نعترف بأن لبنان لا يتحمل نتائج أي تسوية مفروضة خصوصا لجهة التوطين. فلا جغرافيته ولا ديموغرافيته ولا اقتصاده ولا سياسته قادرة على الصمود في وجه أي مشروع للتوطين، مما قد يؤدي إلى تفجيره أو انفجاره. وهذا الخطر حقيقي وليس وهما أو عنصرية مقيتة. القول إن لبنان لا يتحمل توطين اللاجئين الفلسطينيين ليس موقفا طائفيا (لأنهم من أهل السنة) ولا عنصريا (غرور لبناني بإزاء العرب)، بقدر ما هو حقيقة واقعية لا يقلل من واقعيتها وجود طائفيين أو عنصريين في صف من يرفض التوطين». المستشار الإعلامي في سفارة فلسطين لدى لبنان، هشام دبسي، يطرح المسألة من زاوية أشمل، فيقول «مسألة حق العودة بالنسبة إلى الفلسطينيين في لبنان تنطوي على أكثر من البعد المتعارف عليه، أي العودة إلى الوطن. هناك بعد آخر يختزن تاريخ التجربة الفلسطينية في لبنان. ويمكن القول إن رفض التوطين مفتوح على كل الاحتمالات. فلا تحديد لآلية التعامل مع واقع الفلسطينيين في لبنان أو لوسيلة منع التوطين. وهذه الإشكالية تضع الملف الفلسطيني في حيز التجاذب والمزايدات. ولطالما سمعنا بعض السياسيين يطالب بخروج الفلسطينيين من لبنان. وأحيانا بطردهم لأن لا علاقة للبنانيين بمصيرهم. بهذا المعنى نشأت حساسية فلسطينية مواجهة للحساسية اللبنانية تجاه الوجود الفلسطيني».

ويضيف «ربما أصبح ملحا بلورة حيثية أكثر إيجابية تنسجم مع موقف رفض التوطين ومع النضال من أجل حق العودة بالوسائل الديمقراطية إلى أن تتم تسوية المسألة».

ويوضح الوزير قباني آلية مواجهة الأمر بموضوعية، فيقول «المطلوب من الدولة اللبنانية التأكيد على رفض التوطين والعمل مع الجانب العربي ومع دول القرار في العالم، من أجل تنفيذ القرار 194، لكن مع الأخذ في الاعتبار أن صوت الحق وحده لا يكفي إذا لم يقترن بالقوة».

ويقول إن «أوجه القوة متعددة، وتتضمن القوة السياسية التي تتبلور بالتضامن العربي والموقف الموحد من أجل الضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لردع إسرائيل وإلزامها تنفيذ قرارات الشرعية الدولية. وتتضمن أيضا القوة العسكرية في كنف الدولة اللبنانية وليس خارجها التي تشكل معينا عند الضرورة لحماية هذا الحق. إلا أنه ليس مطلوبا من لبنان مهاجمة إسرائيل. لكن يجب أن تكون قوته العسكرية شوكة رادعة عند اللزوم. وهذا ما يتطلب التركيز على الوحدة الوطنية وتعزيز الوفاق والحد من الانقسام السياسي والطائفي ومواجهة التفسخ المذهبي. ومن جانب آخر، يجب التعامل مع الفلسطينيين بأسلوب يضمن حمايتهم وتعزيز صمودهم وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم في كنف الدولة ووفق قوانينها». ويطرح عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب سليم سلهب ما هو أبعد من خطر توطين الفلسطينيين الموجودين في لبنان، فيقول «عندما يتكلم نتنياهو عن دولة يهودية، فهذا يعني أنه سيقوم بترحيل قسري للفلسطينيين الموجودين داخل إسرائيل. وليس مستبعدا أن يتم الترحيل عبر الحدود الشمالية، أي إلى لبنان وأن يرغمونا على مواجهة الأمر الواقع. إلا أن المواجهة الفعلية لا يمكن أن تؤدي وظيفتها إلا بموقف عربي موحد، لأن قضية فلسطين هي مسؤولية عربية مشتركة. ونحن كلبنانيين لا نستطيع أن نقوم بذلك بمفردنا. رفض التوطين الذي تنص عليه مقدمة الدستور لا يكفي. يجب أن تقام خطوط عربية ودولية لشرح وجهة نظرنا في هذه القضية».

وإذ يشدد دبسي على أن الموقف الفلسطيني لا يختلف عن الموقف اللبناني حيال رفض التوطين والإصرار على حق العودة، يقول «علينا أن لا ننسى تجربة الفلسطينيين المقيمين في لبنان منذ 60 عاما. فالإيجابيات والسلبيات لا تختصر بما ورد في مقدمة الدستور اللبناني، خصوصا أن السلوكيات تجاه الحقوق الإنسانية كانت عنصرية وجائرة من قبل نسبة لا يستهان بها من اللبنانيين». ويشير إلى أنه «لم يعد ممكنا التساهل في معالجة ملف التوطين نظرا إلى حساسية المرحلة، مع الأخذ في الاعتبار أن على الجهات الفلسطينية احترام المصلحة اللبنانية وخصوصيتها والإجماع الوطني اللبناني على رفض التوطين. وبالتالي علينا عدم الذهاب إلى تعارض بين المصلحة اللبنانية والمصلحة الفلسطينية».

أما عن خطاب نتنياهو فيقول دبسي «القراءة الأميركية والأوروبية للخطاب تكتفي بثلاث كلمات في جملة مفيدة هي: أعترف بحل الدولتين. في المقابل (الرئيس الأميركي باراك) أوباما لا يزال يطالب نتنياهو بوقف الاستيطان. إلا أن القراءة الفلسطينية تبين أن نتنياهو فرغ الخطاب من اعترافه بالدولة الفلسطينية عندما نسف المقومات الأساسية التي تقوم عليها هذه الدولة. وهي القدس والحدود والمستوطنات وقضية اللاجئين. لذلك لا يمكن الاعتبار أن خطابه يؤسس للحل الحقيقي من وجهة نظر فلسطينية». ويضيف أن «هذا ما عبرت عنه الرئاسة الفلسطينية برفضها الموقف الإسرائيلي الأحادي الذي يجعل المسألة الفلسطينية في الموقع الثالث من أولويات الحكومة الإسرائيلية بعد التطبيع والخطر الإيراني. وبما أن نتنياهو يعبر عن أقصى اليمين الإسرائيلي المتطرف في الحكومة الحالية، فهو، ومن خلال هذا الطرح، يرمي كرة شروطه بعيدا ليتفادى الصدام مع الإدارة الأميركية ويكسب الوقت. لكن مواجهة هذا الخطاب تتطلب، وبسرعة، توحيد الموقف الفلسطيني، لأن الانقسام الحالي يضعفنا. إلا أن الجهود متواصلة لإنهائه والمعالجة مستمرة مع حركة حماس. وبالتالي من المنتظر أن يشهد شهر يوليو (تموز) المقبل مصالحة تنهي هذا الانقسام».

من جهته، يشير سلهب إلى أن «النصوص لا تكفي لمواجهة الأمر في لبنان. وإزاء هذا الواقع الجديد لم يعد التوطين فزاعة للاستخدام، بل خطرا ديموغرافيا. لبنان لا يتحمل المزيد من السكان قياسا إلى مساحته». ويستدرك فيقول «آلية معالجة الوجود الفلسطيني في لبنان لا تكون بإرسالهم إلى الفراغ. هذا الطرح يؤدي إلى مشكلة أخرى. الفلسطينيون ليسوا أعداءنا. هم إخوة لنا ولكن من دون توطين. لذا المطلوب البحث عن آلية لمعالجة الموضوع من خلال الخطوط اللبنانية والعربية الفاعلة لتوفير مناعة بمواجهة رفض إسرائيل منح فلسطينيي الشتات حق العودة. والحد الأدنى يبدأ بعدم السماح لإسرائيل بترحيل فلسطينيي الداخل إلى البلاد العربية والضغط لإبقائهم حيث هم».

المرحلة الثانية التي يجب المبادرة إلى تنفيذها تقضي بالتوجه إلى المؤسسات غير الرسمية العالمية. ويوضح سلهب «نحتاج من هذه المؤسسات إلى دراسات لواقع الدول القادرة على استيعاب اللاجئين الفلسطينيين، لاسيما الشباب منهم. كما تتم دراسة أوضاع الفلسطينيين الذين تأقلموا في لبنان لمساعدتهم في الحصول على الحد الأدنى من التقديمات الاجتماعية التي تسمح لهم بحياة كريمة. وكيفما دارت الأحوال يجب تشخيص المشكلة وتحليل وسائل الحل الممكنة». ويرى أن «أهم هذه الوسائل تبقى الدبلوماسية، لأن الوسائل العسكرية لا تحل المشكلة. وإذا استطعنا كلبنانيين وكعرب أن نتوحد ونضافر جهودنا فسننجح في مواجهتنا الإجرام الإسرائيلي، وإلا فإن مشاريع إسرائيل ستزدهر بفعل خلافاتنا».

ولا يجد صقر أبو فخر في الوصول إلى مرحلة التوطين «فزاعة» إنما خطوة متقدمة، فيقول «طرح قضية التوطين هو جزء من الحل الشامل للقضية الفلسطينية. وعندما يبدأ فعلا البحث في التوطين والتجنيس وما إلى ذلك نكون قد وصلنا إلى دولة فلسطينية. أما ما يتم تداوله في لبنان فهو فزاعات وتهويل. الفلسطينيون مقيمون في لبنان منذ 60 عاما والدولة الفلسطينية لا تزال بعيدة المدى. وإذا سلمنا أن الحل يلوح في الأفق فلا مشكلة للتوطين في الأردن وسورية. المشكلة موجودة فقط في لبنان ولأسباب تتعلق بخشية من التوازنات الطائفية. لذا يبقى الحل الوحيد المطروح للاجئين الفلسطينيين في لبنان هو فتح باب الهجرة».

ويشير إلى أن «حل مشكلة اللاجئين موجود لدى كندا، وهي رئيسة اللجنة الدولية المتعددة الأطراف الخاصة باللاجئين، فقد درست اللجنة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وأعدت مشروعا جاهزا لهم يقضي بأن تستوعب من 50 إلى 75 ألف فلسطيني. وأن تستوعب استراليا 50 ألفا، على أن تستوعب الدول الاسكندنافية عدة آلاف، حيث يوجد عدد كبير من أهلهم وأقاربهم بفعل الهجرات السابقة». ويعتبر أبو فخر أن «الخوف جدي من إقدام إسرائيل على ترحيل الفلسطينيين في الداخل. فالدولة اليهودية التي تطالب بها الحكومة الإسرائيلية لن تتحمل الأقلية الفلسطينية. وهي ستتحين الفرص لاختلاق الأسباب التي قد تؤدي إلى تهجيرهم إلى سورية ولبنان. ذلك أن الترحيل مسألة جدية لا تتوفر ظروفها في المرحلة الراهنة».

ماذا عن العسكريتاريا ودورها في حق العودة؟ يقول أبو فخر «لا يكفي البحث في حق العودة. المطلوب مشروع يؤدي إلى تطبيق هذا الحق. مكمن المشكلة في فلسطين حيث لا مشروع لتحرير وطني. فالمشروع الإسلامي يدمر الوضع، والعمليات العسكرية لحركة حماس لم تنفع، فقد بقيت عمليات استعراضية وتسببت بخسائر سياسية واجتماعية كبيرة، وذلك في غياب حركة فلسطينية فاعلة بعد وفاة الرئيس عرفات وشيخوخة حركة فتح. لكن ذلك لا يعني التخلي عن خيار السلاح، حتى لو لم يستخدم السلاح إلا في اللحظة التي تستوجب ذلك. يجب إعداد خطة وطنية فلسطينية تكون الدبلوماسية جزءا منها».

ويستبعد أبو فخر أي نتيجة لتفاوض سورية مع إسرائيل. ويقول «السوريون يعرفون أن لا نتيجة لهذه المفاوضات. فهم يديرون علاقات عامة تخدمهم في إيصال الرسائل وتخفيف التوتر. إسرائيل لن تعيد الجولان. والنظام السوري لا يستطيع توقيع صلح من دون الجولان، لا سيما أن النظام السوري (العلوي) متهم بإضاعة الجولان والعامل الطائفي يحول دون قبولهم بأي تسوية لا تعيده إلى سورية، كما أن الاحتلال الإسرائيلي لا يهدد بنية الدولة السورية. وهو أيضا لا يشعر بأي تهديد من سورية أو من حزب الله الذي يسبب له مشكلة أمنية ولكنه لا يشكل خطرا يخيفه».

إلا أنه يستدرك قائلا «هذه المعطيات لا تنفي أن إسرائيل خائفة، وإلا ما معنى بناء جدار الفصل؟ هي تخاف تدهور وضع حليفها الأميركي بسبب أزمة اقتصادية كبرى ربما، أو بروز أقطاب دولية أخرى تصادر دور القطب الأميركي الأوحد. كما تخاف المشروع النووي الإيراني. وهذا خوف جدي وليس تهويلا. أما الخوف الأكبر فمصدره الفلسطينيون وتزايدهم الديموغرافي وصراعهم العسكري المفتوح الذي ينكد الحياة اليومية للإسرائيليين. وسوف يكبر خطر هذا الصراع المفتوح إذا توحدت القوى الفلسطينية».

ويشير أبو فخر إلى أن السلاح الفلسطيني في لبنان يضر ولا ينفع، سواء داخل المخيمات أو خارجها. ويقول «انتهى عصر الكفاح المسلح. حاليا لا يحمي الفلسطينيين في لبنان إلا الاتفاقات مع الدولة اللبنانية وتصحيح العلاقات والقوانين المجحفة العنصرية. فالدولة اللبنانية لم تقدم أي رعاية إلى الفلسطينيين. اكتفت بدور البوليس».


 


المصدر: جريدة الشرق الأوسط

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,730,184

عدد الزوار: 6,910,848

المتواجدون الآن: 116