تقارير ...العلويون الأتراك ينتفضون لدعم نظام الأسد في سوريا..الحملة التركية على الأكراد..قبرص وإسرائيل.. مطار عسكري أم تحالف استراتيجي؟

مسألة «الجهاد» والعلاقة مع الآخر..اليهودية.. حاملة «نوط القدس»...بين إنفتاح الحركات الدينية وزيادة وعي الفرد العراقي..

تاريخ الإضافة الأحد 19 شباط 2012 - 5:52 ص    عدد الزيارات 2511    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

مسألة «الجهاد» والعلاقة مع الآخر
العنف السياسي أو المعارضة المسلحة، مما تقوم به جماعات إسلامية يمكن تناوله من حيث أنواعه: فمنه ما هو مقاومة للاحتلال، كالذي تقوم به جماعات في فلسطين والعراق والشيشان وكشمير والفلبين وتركستان، وهذا لا اختلاف في أصل مشروعيته الدينية وحتى القانونية، وإنما الاختلاف حول مدى توافر الشروط الضرورية محلياً ودولياً لتنزيله سبيلاً لاستعادة الحق السليب.
وعموماً فقد كان إعمال الجهاد في هذا الحقل مثمراً، إذ قد أفضى إلى طرد الجيوش المحتلة التي كانت أحكمت قبضتها في القرن التاسع عشر على جل العالم الإسلامي، ولم تبق غير بقاع محددة يصطلي فيها المحتل اليوم بنار الجهاد ولن يكون له فيها غير ما كان لأسلافه من مصير. وبالأمس اندحر الجيش الذي لا يقهر هارباً تحت جنح الظلام يتعقبه المجاهدون، واليوم يتولى الجيش نفسه سحب قطعان مستوطنيه وهدم وحرق بيوتهم تحت ضربات المقاومة. ومنه جهاد ضد حكومات ظالمة، معظمها علماني، وإن صدرت دساتيرها بالإسلام وانتسبت إليه، وفي كل الأحوال هي - بنسب متفاوتة - ظالمة متمردة على قيم الإسلام في العدل وأساليب العصر في الحكم. ورغم ما بذلت جماعات إسلامية في هذا الحقل فقد كانت الحصيلة هزيلة، بل في أكثر الأحيان كارثية، وانتهى عقلاء تلك الجماعات إلى مراجعات جذرية وتقويمات أفضت بهم إلى الاعتراف بضلال طريقهم الذي تأسس على فقه مبتسر بالشريعة وفقه معدوم بالواقع، وما انبنى على باطل باطل، ولا يعني ذلك الاستسلام لأنظمة الظلم والرهان في انتظار ما تجود به من هبات.
إن نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإشادة بشهداء الكلمة وأنهم سادة الشهداء، ناهيك عن الحديث عن الجهاد بالقرآن جهاداً كبيراً «فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً» (الفرقان:52)، إن تلك النصوص، إضافة إلى خبرات أمتنا والأمم الأخرى في مجال ثورات الشعوب السلمية، تفتح الطريق واسعاً أمام تطوير معتبر لمناهج التغيير السلمي عبر ضغط الشارع بالمسيرات والاعتصامات والإضرابات.
ومهما كان الموقف من النظام الإيراني فالثابت أن الثورة الإيرانية كانت من أعظم الثورات السلمية في القرن العشرين، أطاحت أكبر إمبراطورية وأضخم جيش في المنطقة، وأحلت محلها نظاماً آخر نقل البلاد نقلة جذرية في كل المجالات. ولا ننسى الانتفاضة الفلسطينية المباركة قبل أن تضاف إليها المقاومة المسلحة، فقد أفلحت في ما عجزت عنه الجيوش العربية مجتمعة من طرح قضية فلسطين على العالم، وهزّت عمق الكيان الصهيوني المدجج بالسلاح، ومن أبلغ وأقوى المقالات التأسيسية للجهاد السلمي مقالة المفكر الإسلامي الكبير القاضي طارق البشري للعصيان المدني.
وعلى الصعيد العالمي تبوأت حركة الشارع قيادة أهم التحولات السياسية التي حصلت خلال العشرية الأخيرة من روسيا، حيث حملت حركة الشارع يلتسين إلى سدّة الحكم، وأطاحت الديكتاتورية الشيوعية، وقبل ذلك حصل مثله في بولندا ورومانيا وتشيلي وهايتي، وفي السنوات الأخيرة أطاحت حركة الشارع في يوغوسلافيا الديكتاتور سلوبودان ميلوسوفيتش، كما أطاحت في جورجيا ديكتاتوراً آخر.
يمكن لمن يريد التهوين من هذه الإنجازات الباهرة والحيلولة دون تعميمها على منطقتنا بنوع من الاعتذار عما نعيشه من تكلس ويأس، أن يدفع هذا النموذج إما بالتلويح بأن تلك الشعوب، لأنها غربية، فهي بالضرورة وريثة لفكر الأنوار وليست معاقة بالفكر الديني الذي يكبل حركة النساء ويمنعهن من المشاركة في حركة الشارع، وأنى للرجال أن يتحركوا دون النساء، وهي حذلقة بل سفاهة ونفاق. ويمكن لآخرين أن يعتذروا بما يعيشه العرب من حالة سكون وتخلف ديموقراطي رهيب يجعل أمتنا في مؤخرة المؤخرة، بينما العالم كله يتحرك صوب التحول الديموقراطي بما يلقاه المستبدون بأمرنا من دعم دولي، حتى ولو كان تزييفهم للانتخابات سافراً لا تخطئه عين، إذ يحصلون على نسبة لا يحظى بها حتى الأنبياء والمرسلون، فما يكون من الغرب الديموقراطي إلا إسداء الثناء لهم، بينما أبسط تزييف في دول خارج منطقتنا يجابه باعتراض غربي صارم وتهديد بالمقاطعة وإرسال المراقبين والضجة الإعلامية. وما حصل في الجزائر شاهد وكذا في تونس.
وهو اعتراض صحيح، لكنه لا يمثل الحقيقة كلها وإنما نصف الحقيقة، أما النصف الآخر فيتمثل في أن الغرب ليس إلهاً يصنع الشيء من العدم، وإنما يجد عملاً قائماً له فيه مصلحة فيشجعه، يجد شارعاً متحركاً تقوده معارضة موحدة وراء زعيم ومطالب ديموقراطية وغالباً ما يقف معها، كما كان حاصلاً في مصر.
غير أن معارضاتنا ممزقة غالباً لا تكاد تجتمع على شيء أكثر من البحث عن مد حبال الاتصال مع الديكتاتور سراً أو علناً مقابل كيد بعضها لبعض والبحث الناصب عن تجذير خلافاتها بدل البحث عما يجمعها، فأنى لها أن تجتمع على برنامج مشترك للتغيير وزعامة تقود الشارع، بل هي أبعد من أن تثق في حركة الجماهير لأنها أقرب إلى الثقة في الديكتاتور وأنه وحده بيده الأسهم كلها.
ولك أن تلقي نظرة في عدد من أقطارنا على العلاقة بين الطرفين الرئيسيين في المعارضة، الإسلاميين والعلمانيين، فقد باءت بالفشل كل محاولات تشكيل جبهة واحدة للمعارضة يمكن أن تتجمع الجماهير حولها وتفرض على السلطة احترامها وتبعث برسالة إلى الخارج: ها هنا معارضة ديموقراطية موحدة حول برنامج وزعيم، وهي تقود حركة الشارع صوب تغيير ديموقراطي. عندها فقط يمكن أن يوضع الغرب تحت محك الاختبار وتقام عليه الحجة، وقد لا يؤيد ولكن موقف حكوماته سيكون ضعيفاً تحت ضغط قوى مجتمعاته المدنية.
جماعة «القاعدة»
ومن الجهاد المعروض في الساحة، الجهاد ضد القوى الدولية، وأبرز جماعات هذا الصنف من الجهاد ما أعلن تحت مسمى «الجبهة العالمية للجهاد ضد اليهود والنصارى» بزعامة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، والمعروفة بجماعة «القاعدة» التي تبنت سلسلة من العمليات ضد مصالح غربية وعربية اتسم بعضها بدقة التخطيط وإيقاع أشد الخسائر بالمصالح المستهدفة نسفاً لسفارات وفنادق ومجمعات سكنية وقطارات في أنحاء شتى من العالم، من أشهرها استهداف رموز معروفة للعظمة الأميركية، مثل البرجين في نيويورك بما هزّ العالم هزاً غير مسبوق. ومثّل هذا الأسلوب محطة تحول في سياسة الدولة العظمى وما استتبع ذلك من تحول في جملة السياسات الدولية والخطط والمصالح والتحالفات وإعادة فرز للقوى والأفكار والقيم، وكان من النتائج المباشرة لهذه الأحداث:
1-وضع مشاريع الهيمنة الأميركية التي كانت جاهزة، لا ينقصها غير المحفز، موضع التنفيذ.
2-سقوط دولتين من دول المسلمين في يد الأميركيين وتهديد دول أخرى
كان يمكن أن تكون الآن قد نفذ فيها الوعيد لولا ما اندلع من مقاومة في العراق.
3-تصعيد الضغط الأميركي والغربي وأدواته في العالم ضد الإسلام واستهدافه فكراً ومؤسسات ودولاً.
4-محاصرة الأقليات المسلمة في العالم، وبالخصوص في الغرب، وتمكين الحكومات التي تضطهدها من فرصة إدراج حركات المقاومة ضمن قوائم الإرهاب، مثل المقاومة في فلسطين والشيشان وكشمير والفيليبين وتركستان.
5-تمدد القواعد الأميركية في العالم في شكل غير مسبوق.
6-استطالة أميركية على كل الدول وفرض التعاون الأمني معها ضد الجماعات الإسلامية تحت شعار الحرب الكونية على الإرهاب، بما جعل لغة السلاح وصوت رجل الأمن يسودان العالم.
7-وأهم من ذلك تصاعد نفوذ أشرس قوى التعصب الديني اليميني المسيحي - الصهيوني، وهيمنة جماعاته على مراكز القرار في الدولة العظمى، ولقد كشفت الانتخابات الأميركية ازدياد نفوذ تلك الجماعات شعبياً وفي مراكز القرار بما ينذر بمصائب أخرى.
8-صدور ترسانات من القوانين واللوائح القطرية والدولية لا تزال تلتهم مكاسب البشرية في الحقوق والحريات التهاماً.
9-توافر الفرصة لكل عدو للإسلام ولكل من له حساب مع طرف إسلامي للانتقام من الإسلام وأهله، بعد أن شاهت صورة الإسلام وارتبطت وتراثه وكل منتسب إليه بوصمة الإرهاب، على أنقاض صفاته الأصلية دين العدل والرحمة والإحسان.
كل ذلك يكشف عما في قرار إعلان الجهاد ضد العالم ضد كل مخالف في الملة، من خطأ ديني فادح في تنـزيل مبدأ الجهاد، ومن تفكير إستراتيجي عقيم مدمر، إذ إن الجهاد ليس بحال أداة لفرض الإسلام على البشرية، فذلك مخالف لمراد الله تعالى في الخلق «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم». (هود: 118 و119).
فالاختلاف سنة إلهية ماضية إلى يوم القيامة، وإنما الجهاد جعل لدفع العدوان عن الأمة «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» (البقرة:190)، فليس في الإسلام قتل عشوائي وإنما هناك قتال المقاتلين المعتدين، ووصايا النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه واضحة بينة.
قرار إعلان الجهاد على كل مخالف في الدين -رغم تراجعهم بعض الشيء أخيراً- خطأ إستراتيجي فادح، ليس من شأنه غير تجميع الخصوم وتعبئة العالم ضد الإسلام والمسلمين، فهل في ذلك غير الحماقة المطلقة والرأي الخطير؟ وبأي مسوغ تستباح دماء أناس آمنين في ديارهم أو قطاراتهم نساء وأطفالاً وعمالاً لا شأن لهم بقتالنا، بل إن ملايين منهم خرجوا في مسيرات حاشدة ضد سياسات حكوماتهم بالاشتراك في العدوان علينا؟ وآخرين أعطوا الأمان في بلادنا سياحاً وخبراء وديبلوماسيين؟
إنه محض العدوان والإجرام والإساءة للإسلام وتقديم الخدمة المجانية لأعدائه أن يضرموا النار حول قيمه ومؤسساته ودوله وأقلياته، هل من خدمة أكبر من ذلك لأعتى أعداء الإسلام من الصهاينة وحلفائهم وسائر القوى العنصرية في العالم؟
والخلاصة أن العنف ظاهرة اجتماعية سياسية لم يخل منها دين أو أيديولوجية، وأشد العنف الذي تتلظى به البشرية اليوم هو ما تقوم به الدول العظمى والصغرى، عنف ضد البيئة، وعنف اقتصادي ضد أرزاق الضعفاء، وعنف ثقافي ضد هويات الشعوب، وعنف عسكري احتلالاً أو دعماً للاحتلال، وعنف سياسي دعماً لأنظمة الفساد والاستبداد، فضلاً عن عنف أتباعها تزييفاً لإرادة الشعوب جهاراً نهاراً وتكميماً للأفواه وملاحقات ومحاكمات تعسفية وممارسة منهجية للتعذيب ونهباً للأرزاق. إلا أنه في ما يتعلق بالعنف المنسوب للشعوب يظل الإسلام في أيامنا هو الأيديولوجية الرئيسة التي يمارس باسمها العنف، كما كانت الماركسية والقومية بالأمس، باعتباره صوت الشعوب الضعيفة المكبوتة.
 
اليهودية.. حاملة «نوط القدس»

فيليتسيا لانغر فقدت عائلتها في المحرقة النازية.. وأصبحت شاهد عيان يفضح الاحتلال الإسرائيلي

جريدة الشرق الاوسط.... تل أبيب: نظير مجلي.... ليس في كل يوم يحظى يهودي بوسام عربي رفيع. وليس سهلا على الأذن العربية أن تسمع أن الرئيس الفلسطيني قلد أحد أرفع الأوسمة الفلسطينية الرسمية (نوط القدس) لشخصية إسرائيلية يهودية. لكن، عندما يكون ذلك «اليهودي» شخصية مثل فيليتسيا لانغر، المحامية التي تردد اسمها في بيوت آلاف الأسرى الفلسطينيين كمناضلة مدهشة في دفاعها عنهم، فإنه يستحق أرفع الأوسمة، ليس فقط من الرئيس الفلسطيني، بل من قادة في طول بلاد العرب وعرضها. فهي واحدة من أكثر المساهمين في النضال الفلسطيني من أجل الحرية، وهي من أولى الشخصيات التي كشفت الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي، وهي التي دافعت عن مئات المناضلين الأسرى في السجون الإسرائيلية، وغالبيتهم فلسطينيون، لكن بينهم الكثير من السوريين واللبنانيين والأردنيين وغيرهم من العرب، وهي من أبرز المناضلين اليهود من أجل السلام. إنها اليوم في الثانية والثمانين من العمر، وما زالت تتنقل من بلد إلى بلد، ومن محاضرة إلى أخرى، وتشارك في المظاهرات، وتتكلم للصحف والإذاعات، تبث رسالة السلام وتهاجم سياسة الحكومة الإسرائيلية التي تعرقله.
عندما أعلن الخبر، عن أن الرئيس محمود عباس التقى بالمحامية فيليتسيا لانغر في العاصمة الألمانية برلين، التي تحولت إلى منفى اختياري لها، وسلمها «نوط القدس»، ترقرقت بالدموع عيون المئات من العائلات الفلسطينية والعربية تأثرا، ولم نسمع أحدا يعترض أو يحتج على ذلك، رغم ارتفاع منسوب الكراهية لإسرائيل في السنوات الأخيرة. يقول مرسوم الرئاسة الفلسطينية «رئيس دولة فلسطين، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.. بناء على الصلاحيات المخولة لنا وتحقيقا للمصلحة العامة، رسمنا بما هو آت: منح الأستاذة المحامية فيليتسيا لانغر وسام الاستحقاق والتميز، تقديرا لدورها في الدفاع عن أسرى الحرية الفلسطينيين وكشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ونضالها من أجل السلام العادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
وعندما وصل الرئيس أبو مازن إلى برلين، والتقى مع لانغر في مقر إقامته، ليقلدها الوسام، عانقها طويلا وقال لها إنه سعيد بشكل شخصي لأنه أخيرا يحقق حلما بأن يلتقيها ويشكرها باسم الشعب الفلسطيني والآلاف من مناضليه. فهو واحد من الشخصيات الفلسطينية القليلة التي لم يتح لها التعرف إليها. لكنه أحضر معه أحد مستشاريه الكبار، أكرم هنية الذي كان أحد الأسرى الذين دافعت عنهم لانغر. والسفير الفلسطيني في برلين صلاح عبد الشافي، هو نجل أحد كبار المناضلين الفلسطينيين الذين مروا في سراديب التعذيب في السجون الإسرائيلية، حيدر عبد الشافي، ابن غزة الذي عينته منظمة التحرير الفلسطينية مفاوضا أساسيا باسمها في فترة مؤتمر مدريد للسلام 1991.
وعندما تحدثت إلى «الشرق الأوسط» هاتفيا، هذا الأسبوع، كانت عائدة من محاضرة عن الممارسات الإسرائيلية في دوس حقوق الإنسان الفلسطيني. تجاوزت الثمانين من العمر، وما زالت تتكلم بالحيوية نفسها قبل عشرات السنين. وفي أول تعليق لها على تسلم الوسام الفلسطيني الرفيع، قالت «لا تتصوروا أي شعور أعيشه اليوم. لست ممن يداهنون أحدا أيا كان، ولا أتردد في نقد أحد. لكنني في ذلك اللقاء عشت أجمل وأهم لحظات حياتي. لقد حصلت على عدة أوسمة وجوائز تقديرا لمسيرتي النضالية. لكن هذا الوسام، نوط القدس، هو شيء آخر.. هو درة الأوسمة وذروتها. منذ أن علقه أبو مازن على صدري، وأنا أطير من الفرح وأشعر بسعادة لا توصف». واعتبرت الخطوة «تعبيرا عن أصالة فلسطينية. فهذا شعب رقيق يتسم بالوفاء ويعترف بالجميل ويتأثر من كل ما تقدمه له، أيا كانت ديانتك أو قوميتك. وأنت تعرف أنني لم أطلب هذا الوسام ولم أتوقعه، بل فوجئت به جدا».
من هي فيليتسيا
* فيليتسيا لانغر هذه هي محامية إسرائيلية يهودية من أصل بولندي. ولدت في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) في سنة 1930 في مدينة تارنوف في بولونيا باسم فيليتسيا فايت. خلال الاحتلال النازي لبولندا وتصعيد الملاحقات لليهود هناك، تم اعتقال العديد من أفراد عائلتها وتصفية غالبيتهم في أفران الغاز. وكما حصل للكثير من اليتامى اليهود في تلك الفترة، فقد نجت من براثن النازية والتقت يتيما آخر من اليهود الناجين، وهكذا تعرفت على صديقها الذي أصبح زوجها ميتسيو لانغر، فهاجرا معا إلى إسرائيل في عام 1950. وقد انضم كلاهما إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي (ركح)، وتدرجت في مؤسساته لتصبح عضوا في اللجنة المركزية. وهناك تعرفت على العديد من الشخصيات النضالية المعروفة، مثل إميل حبيبي وتوفيق زياد ومحمود درويش وسميح القاسم وغيرهم.
درست القانون في الجامعة العبرية في القدس وتخرجت في عام 1965. عملت لفترة قصيرة في مكتب للمحاماة في تل أبيب، لكنها استقلت بسرعة وفتحت مكتبا خاص لها في القدس الغربية، في شارع قريب للزقاق يدعى «فوروش». بعد الحرب والاحتلال سنة 1967، انضمت إلى تلك الشريحة قليلة العدد وكثيرة الأهمية من اليهود، الذين رفضوا العيش في سكرة النصر وأطلقوا صرخة الغضب القائلة إن «هذا النصر شر من هزيمة»، كما جاء في قصيدة توفيق زياد. ثم وجدت نفسها تدخل في خضم المعركة وجها لوجه مع هذا الاحتلال، من خلال توليها مهمة الدفاع عن الأسرى.
وأصبح مكتبها في شارع فوروش، رقم 14، محجا للعائلات الفلسطينية ضحية الاعتقال والتعذيب، وفي الوقت نفسه مدرسة للمحامين الفلسطينيين مواطني إسرائيل (فلسطينيي 48)، الذين أكملوا طريقهم معها أو إلى جانبها: وليد الفاهوم وعبد عسلي وجواد بولس وصالح نزال ونائلة عطية وغيرهم. لم تكن تفلح في القضايا التي تترافع فيها، فالاحتلال هو المجرم وهو القاضي وهو الجلاد كما كانت تقول. لكنها نجحت في قضايا كثيرة. والنجاح كان يتمثل في إطلاق سراح مناضل ما أو منع ترحيل مناضل ما أو فضح جرائم التعذيب أمام العالم وتجنيد ضغوط دولية على الحكومة الإسرائيلية، وفي بعض الأحيان يكون النجاح في مجرد القيام بزيارة سجين فلسطيني في المعتقل. والأسير يعرف معنى مثل هذه الزيارة، فقد تكون نقطة ضوء وأمل لمن يقبع في زنزانة، رجال المخابرات يهددونه بالموت فيها من دون أن يسمع به أحد، ولا يعرف إذا كان هناك من يعرف بمكان وجوده أم لا.
ومن نجاحاتها أنها دونت شهاداتها خلال سنوات عملها، لتشكل لائحة اتهام دامغة لجرائم الاحتلال. وأصدرت تسعة كتب هي زبدة تجربتها النضالية، من أيام طفولتها في بولندا وحتى يئست من محاكم احتلال. وهذه الكتب هي «بأم عيني» (1974)، «هؤلاء إخواني» (1979)، «من مفكرتي» (1980)، «القصة التي كتبها الشعب» (1981)، «عصر حجري» (1987)، «الغضب والأمل» (1993) - (السيرة الذاتية)، «الظاهر والحقيقة في فلسطين» (1999)، «تقرير ميتسيو.. الشباب بين الغيتو وتيريزينشتادت» (1999)، «الانتفاضة الفلسطينية الجديدة» (2001).
وقد نالت فيليتسيا لانغر في عام 1990 جائزة الحق في الحياة (المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة) «للشجاعة المثالية في نضالها من أجل الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني». وقبل أن تغادر البلاد في السنة نفسها، منحها رئيس بلدية الناصرة، توفيق زياد، مواطنة شرف في المدينة. وحصلت في عام 1991 على جائزة «برونو كرايسكي» للإنجازات المتميزة في مجال حقوق الإنسان. وفي سنة 2005 جرى تكريمها في مركز عدالة القانوني بوصفها من أوائل المحامين الذين دافعو عن حقوق الإنسان في إسرائيل. وفي سنة 2009 حصلت على الوسام الألماني من الدرجة الأولى، عن دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان.
شهادة عنها
* شيخ محامي الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، الكاتب جواد بولس، الذي عمل معها ست سنوات (1980 - 1986)، وحافظ ويحافظ على علاقات ودية معها حتى اليوم، وأهدى لها أول كتاب يصدره، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كي نقيم بأمانة دور هذه الشخصية، علينا أن نجري مقارنة بين الظروف التي يعمل فيها المحامون المدافعون عن الأسرى اليوم، والظروف التي عملت فيها فيليتسيا لانغر. ففي حينه كان الاحتلال في عز غطرسته وجنون عظمته وسكرة قوته. وكان يروج في العالم نظريته القائلة إن إسرائيل دولة الضحية اليهودية، التي عانت الأمرين في زمن النازية وتعاني اليوم من العدوان العربي، وكانت تتحدث عن احتلالها بوصفه احتلالا نيرا وحضاريا والعالم الغربي يصدقها.. فجاءت فولا (هكذا كان أصدقاء فيليتسيا لانغر وأحباؤها ينادونها) لتزعزع لهم نظريتهم وتخرب عليهم فرحتهم فتكشف عن الوجه الحقيقي البشع والإجرامي للاحتلال وتفضح ممارساته الوحشية ضد الفلسطينيين وتعذيبه الشرس للمناضلين وحتى للمواطنين الفلسطينيين العاديين».
وقد قالت فيليتسيا بصراحة ووضوح «أنا شخصيا، أنا اليهودية، أنا ابنة العائلة اليهودية التي فقدت عائلتها في المحرقة النازية، شاهدة عيان على ما يجري في ظل الاحتلال الإسرائيلي. بأم عيني شاهدت موبقات هذا الاحتلال وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني»، وفعلت ذلك بشجاعة، بل ببطولة حقيقية.. «وقد كنت شخصيا شاهدا على ذلك مئات المرات»، يقول بولس.
ثم يروي أن فولا كانت تصل إلى المحكمة العسكرية الاحتلالية، التي كانت تقام عادة داخل معسكرات الجيش. هذه المعسكرات مغلقة، ومحمية بدوائر عديدة من الحراس والجنود والضباط، الذين قلما تجد فيهم من يتعامل معه بإنسانية. كانوا يستفزونها ويطلقون نحوها الشتائم القذرة ذات المغزى الجنسي اللئيم ويبصقون عليها ويسمعونها الأسطوانة التقليدية - «يهودية خائنة» و«اذهبي للعرب» و«هل ضاجعت الليلة إرهابيا عربيا» وغيرها. فإذا قارنا بين المرحلتين، فإن عمل المحامين اليوم في المحاكم العسكرية، ورغم ما يعتوره من مصاعب ومضايقات احتلالية، يعتبر نزهة».
ويلفت بولس النظر إلى أن فولا لم تكن محامية عادية، وكثيرا ما كانت دموعها تفضح الزخم العاطفي في شخصيتها «كانت تبكي ألما وحزنا، عندما ترى قاضيا ظالما يصدر حكما قاسيا بحق فلسطيني أو فلسطينية. فالمحاكم الإسرائيلية العسكرية تتحول إلى مصفاة ترى فيها قاذورات الاحتلال بمختلف صنوفها. وفولا تصارع فيها كاللبؤة غطرسة الجنود والضباط في المحكمة وفي الطريق إلى المحكمة. لكنها بعد انتهاء تلك المعركة، كانت تبكي. في بعض الأحيان تبكي دموع السعادة والفرح عندما ترى أسيرا فلسطينيا يحظى بالإنصاف وتكسب قضيته، لكن هذه هي حالات نادرة».
شهادة يهودية فيها
* الكاتب الصحافي يهودا ليطاني، عمل مراسلا لصحيفة «هآرتس» في المناطق الفلسطينية المحتلة في الفترة من 1973 وحتى 1985، يروي لـ«الشرق الأوسط» قصة عن فيليتسيا، تبين شيئا من الظروف التي عملت فيها. يقول «بشكل عام، حظيت بدعم من رئيس التحرير غرشوم شوكن وهيئة التحرير. لكن في إحدى المرات في سنة 1980، وجدت نفسي في وضع محرج، إذ رفضوا نشر تقرير كتبته عن أساليب التعذيب التي تعرض لها أسير فلسطيني من مدينة الخليل. ففي هيئة التحرير لم يصدقوا أن المخابرات الإسرائيلية يمكن أن تمارس تعذيبا وحشيا مثلما ورد في التقرير». وأضاف «في تلك الفترة، كان المراسل في المناطق المحتلة يعمل في ظروف قاسية ويعاني صراعا ما بين الكتابة بصدق والرواية الرسمية.. بين أن يظهر مخلصا للدولة، فيتبنى الرواية التي يتلقاها من الجيش والمخابرات، أم الرواية التي نقلها من الميدان. فإذا نقض الرواية الحكومية يدخل في (القائمة السوداء) غير الرسمية ويفقد تعاون المؤسسات. وقد جعلنا هذا حذرين بشكل مضاعف ومشينا بين النقاط. وفي كل الحالات كنا نواجه معركة في جبهتنا الداخلية، هيئة التحرير، التي كانت هي أيضا تتعرض لضغوط من المؤسسة الأمنية. وفي بعض الأحيان، لم تكن هيئة التحرير بحاجة للضغوط، لأنها كانت تمارس رقابة ذاتية».
ويتابع ليطاني «القصة المذكورة وصلت إلي في مساء أحد أيام الصيف، من الشاب الفلسطيني نفسه. وقد أبلغني بأن فيليتسيا لانغر هي التي نصحته بالتوجه إلي.. قال إنه تعرض للتعذيب بالضربات الكهربائية على جهازه التناسلي وسكب الماء البارد عليه في الشتاء وإبقائه عاريا في البرد القارس وغيرها وغيرها من الأساليب. اتصلت بها لأتيقن من أنها أرسلته فعلا، لكنني لم أصدق. لم أتخيل أن لدينا يمكن حدوث تعذيب كهذا. ورحت أحقق. وشيئا فشيئا اتضح أنهما صادقان. وقد أكد لي الرواية ضابط ذو ضمير في الجيش. وروى لي قصص تعذيب أخرى تقشعر لها الأبدان. وعندها كتبت. وتوجهت إلى المحرر أخبره. فأجابني شوكن بأنه لا يستصعب تصديق القصة. فدعا إلى اجتماع لإدارة التحرير. وصدمت.. فقد رفضوا في معظمهم أن يصدقوا، واتهمني أحدهم بأنني أصبحت أتأثر مما يقول الفلسطينيون من كثرة احتكاكي بهم. وقال آخر إن هذه هي افتراءات متخلفة يصوغها الفلسطينيون ليحرضوا على إسرائيل. صعقت وشعرت بأنني بتت في قفص الاتهام. ورحت أدافع عن قصتي. فتقرر تسليم الموضوع إلى المحرر العسكري زئيف شيف ليفحصه من مصادره في المخابرات. ودعت المخابرات زميلي شيف ليفحص بنفسه غرف التحقيق. وأقنعوه بأن الرواية كاذبة. وقد هاتفني الضابط المذكور ليخبرني كيف خدعوا زميلي وأكد لي مجددا أن روايتي صحيحة. وتدور الأيام ويصبح هذا الضابط محررا في (هآرتس)، واسمه تسفي بارئيل».
«سلم لي على كل فلسطيني»
* «في سنة 1990، قررت أن أتوقف عن العمل في مهنتي، لأنني بدأت أشعر بأن عملي يشبه (ورقة التين) التي تستر على النظام القضائي العسكري وحتى المدني في إسرائيل. وقررت أن أهاجر كنوع من الاحتجاج والتعبير عن اليأس والاشمئزاز. فقد رأيت أننا، ولسوء الحظ، لا نستطيع تحقيق العدالة للفلسطينيين»، هكذا قلت فيليتسيا في محادثة هاتفية مع «الشرق الأوسط» من بيتها في ألمانيا.
ألست نادمة على الهجرة، فأنت كما أعرفك لست ممن يجلسون في البيت ويفتشون عن الراحة؟.. أجابت «بالطبع لست نادمة بل مصممة على الهجرة، وفي الوقت نفسه لست جالسة في البيت بلا عمل. فأنا تجاوزت سن الثمانين، وما زلت نشيطة جدا في الدفاع عن القضية الفلسطينية وقضية السلام وفضح سياسة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة. لا يمر أسبوع من دون نشاط كهذا». وتضيف فيليتسيا أنها تفعل ذلك لأنها يهودية بالذات «فأنا من الذين نجوا من المحرقة النازية. هذه المحرقة لا تفارق خيالي. واجبي تجاه الضحايا اليهودية التي سقطت فيها، هو أن أحارب كل مظاهر الظلم والعنصرية والاضطهاد في العالم، فكم بالحري إذا كان الظالمون هم من أبناء شعبي. إن ما فعلته وتفعله حكومات إسرائيل للفلسطينيين هو إهانة للضحايا اليهودية في المحرقة النازية».
ولكن لانغر، وبنفس الحدة التي تتحدث بها عن حكومات إسرائيل وعن يأسها من تغيير الأوضاع في الشرق الأوسط في ظل هذه السياسة، تجد أبوابا للتفاؤل بالأجيال الجديدة. وتصر على أن ما تقوم به من نشاطات اليوم، هو بدافع هذا التفاؤل «يحظر علينا أن نرفع أيدين مستسلمين لليأس. ففي النهاية سيكون النصر لقوى النور في عالمنا. وأنا أستبشر خيرا بما يعرف بالربيع العربي، وأرى فيه بداية تغيير إيجابي في الشرق الأوسط وفي العالم وسيكون له أثر على إسرائيل نفسها. كيف؟.. إسرائيل، شاء قادتها المتطرفون أم أبوا، هي جزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط. شعبها يتأثر بما يجري. وأنا أؤمن بالشعب الفلسطيني، أن ينهض بانتفاضة شعبية سلمية بلا عنف ضد الاحتلال. وهذه الانتفاضة ستؤثر على الرأي العام العالمي وكذلك الإسرائيلي، وسيسقط الإسرائيليون حكومتهم اليمينية المتطرفة هذه. فهذه الحكومة تسير ضد التيار الإنساني في عالمنا، ومن يقف ضد التيار في الشرق الأوسط سيسقط». ولكي لا يبدو كلامها ورديا بشكل زائد تضيف «قد لا يحدث هذا التغيير في زمني. لكن مسيرة التغيير قد بدأت. ولدي أمل كبير في الأجيال القادمة. أنا لي خمسة أحفاد، ثلاثة منهم كبار وواعون، وهم يسيرون على طريقي، وهذا يجعلني متفائلة بشكل خاص«. وعندما شكرناها طلبت «انقل تحياتي لكل فلسطيني لديكم. سلم لي على كل فلسطيني تعرفه، وقل باسمي إن الخير قادم لا محالة. إنني أشعر بتضامن عميق مع هذا الشعب الذي يناضل ضد القمع، وأحاول تقديم ما يمكنني القيام به».
 
بين إنفتاح الحركات الدينية وزيادة وعي الفرد العراقي
التدين اللاسياسي ينتشر مع تراجع نفوذ الأحزاب الدينيّة
موقع إيلاف..وسيم باسم من بغداد... بدأت بوادر العلمانيّة تظهر في المجتمع العراقي، رغم شيوع الحركات الأصولية وسيطرة الأحزاب السياسية فيه، حيث بدأ الشباب بفصل الدين عن السياسة والأجندات الخاصة بالأحزاب وخاصة التيارات الدعوية، جامعين بين المظهر العصري والمحافظة على أصول الدين.
التنوع بين الشباب العراقي... تدين وحرية.. بغداد: في جامع بمدينة الصدر في بغداد يتزاحم عدد من الشبان لأداء صلاة الظهر، وبعد أداة الصلاة يعودون الى حياة يومية حافلة بالكثير من التفاصيل، لكن الامر المهم الذي يميزهم انهم باتوا يسخرون من محاولات تسخير الدين لأغراض السياسة. وقال علي المالكي (21 سنة ) انه يقصد المسجد كل يوم، لكنه في ذات الوقت يرفض محاولات البعض تسخير الشعائر الدينية لخدمة مصالحه السياسية. ويشهد العراق تناميا ملحوظا في "التدين" بأغلب مرافق الحياة، لاسيما الجامعات والمدارس، في الوقت الذي يتقلص فيه نفوذ الأحزاب الدينية. ويرتدي علي الملابس الغربية، كما يعتمد تسريحة عصرية، منتقدا في ذات الوقت دعوات التزام اسلوب حياتي معين، لاسيما فيما يتعلق بالمظهر من قبل بعض الجماعات المتطرفة، وتشير كلماته المباشرة والمعبرة الى انحسار التطرف ومحاولات استغلال "التدين" لصالح أجندة سياسية. وفي الكثير من الأماكن المقدسة في العراق لم تعد مظاهر التدين تمثل تياراً سلفياً او محافظاً، في ظل وعي جديد يسود المجتمع يحاول فيه المواطن تأكيد استقلاليته في التفكير وطريقة الحياة بعيدًا عن وصايا رجال السياسة وأجندة الأحزاب الدينية.
أجندات خاصة.... وأكد الطالب الجامعي سعد التميمي (22 سنة) بان المواطن العراقي لن يقع في أحابيل أجندات خاصة، وهو مصمم على بناء حياته وحماية معتقداته والالتزام به دون وصاية من احد، لاسيما أولئك الذين يحاولون إجبار الشباب العراقي على إتباع طريقة حياة معينة.
ولفت التميمي الى بعض المتطرفين الذين تعلو أصواتهم بين الحين والآخر في الجامعات والمساجد والمدارس، حيث شكل العراق طيلة سنوات بالنسبة لبعض الأحزاب الدينية والمنظمات المتطرفة، أرضاً للجهاد و مجالا دعويا مهما.
وروت الطالية حنان سيف الدين كيف ان شخصاً ملتحياً اقترب منها وهي تغادر جامعة بغداد في الجادرية، واسمعها أحاديث دينية حول التبرج، داعيا إياها الى صون "نفسها"، إلا انها لم تقع في "فخ الاستفزازات"، وتجنبت الرد عليه، وأضافت: "كان حديثة أشبه بأسلوب دعوي، لكنه كان بعيدا عن العنف".
ومنذ العام 2003 ظهرت في المجتمع العراقي، نزعات محافظة وتيارات دينية متطرفة، مقابل افول واضح للمد العلماني الذي كان سائدا في المجتمع في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. واعتبر الباحث الاجتماعي ليث القاسمي ان الكبت الذي عانت منه الحركات الدينية طيلة عقود في العراق جعلها تتحرك بطريقة استفزازية في بعض الأحيان بعد عام 2003.
وتابع: "الكثير من أعضاء الأحزاب الدينية في العراق كانوا معتقلين ونازحين في خارج، وأتاح لهم التغيير بعد العام 2003 التعبير عن انفسهم بصوت عال في بعض الأحيان". وأشارر القاسمي الى ان البعض منهم لاسيما في السنوات الثلاث الأولى التي أعقبت سقوط صدام، "اعتبروا أنفسهم أوصياء على حركة الناس وأسلوبهم في الحياة".
لكن السنوات الأخيرة بحسب القاسمي شهدت "انفتاحا أكثر من هؤلاء على المجتمع بعدما أدركوا ان أسلوبهم المتطرف لم يسفر عن اي نتيجة". وأوضح عصام الياسري الذي أمضى سنوات في سجون صدام، انه في بداية الأمر كان يعتقد ان بالإمكان تطبيق الشريعة الاسلامية بمجرد رحيل النظام، أما الأن فيعتبر الأمر "ليس بهذه السهولة، ولا يمكن فرض آراء على الناس لم يقتنعوا بها".
واعترف الياسري ان الكثير من الإسلاميين من مختلف الطوائف حاولوا "استغلال الحرية التي أتيحت لهم بعد عام 2003، عبر استخدام الأسلوب الدعوي والمبطن في بعض الأحيان بغية جر الناس الى ما يؤمنون به".
الاحزاب الدينية
وأتاح سقوط صدام حسين في عام 2003 صعود أحزاب دينية الى مركز السلطة والبرلمان والحكومات المحلية. لكن المتابع للشأن السياسي سعد حميد اعتبر ان السنوات الأخيرة شهدت تراجعا في شعبية الأحزاب الدينية بين الجمهور.
ورد حميد ذلك إلى أن اغلب هذه الأحزاب سلكت منهج حزب البعث الحاكم السابق في أجبار الناس على عقيدة سياسة معينة، ولقت إلى "ان بعض المحسوبين على هذه الأحزاب يتدخلون حتى في الأمور الشخصية للمواطنين".
لكن ما يبعث على الارتياح بحسب مكي حسين عضو المجلس بلدي في بابل، ان "الأحزاب الدينية تراجعت كثيرا عن سياساتها المؤدلجة، وأصبحت أكثر براغماتية بسبب تراجع شعبيتها". وأضاف: "الديمقراطية عزلت التدين عن البرامج السياسية للأحزاب ولم يعد الأمر متداخلاً"، مؤكداً ان محاولة استغلال الدين لأغراض سياسية على وشك ان تزول".
ومنذ العام 2003 ظهرت بوادر عنف بين إسلاميين ومتدينين من جهة وعلمانيين من جهة اخرى في الكثير من المدارس والجامعات، أدت في بعض الاحيان الى اشتباكات حول البرامج والأهداف ومراكز النفوذ في تلك المؤسسات.
وفي مناطق مثل ديالى (57 كم شمال بغداد) فرضت تنظيمات متطرفة مثل القاعدة، أساليب حياة معينة لا يسمح بتجاوزها مثل ارتداء النقاب وعدم تقليد الأسلوب الغربي في الحياة. وفي مدن الجنوب مثل البصرة ( 545 كم جنوب بغداد) فرضت حركات راديكالية أيضا أفكارها في المظهر الخارجي والاعتقاد لفترة طويلة على الناس.
وتروي كفاح حسون الموظفة في بنك بابل (100 كم جنوب بغداد) انها تعرضت عام 2005 الى اعتداء من قبل مسلح أرغمها على ارتداء الحجاب حينما كانت طالبة في الجامهة. وتتابع.. في الوقت الحاضر فان الامر اقل بكثير.
وشارك سعيد الصبار العام 2009 في مظاهرة في ساحة التحرير في بغداد طالبت الحكومة برصد ظواهر التطرف الديني والفكري الذي يجبر الناس على نمط حياة معينة. وأوضح الصبار "وقتها اقترب مني شخص وحدثني بلهجة التهديد.. انتم علمانيون وتريدون بقاء اميركا في العراق. لكن صبار يشير الى ان العراق لا يخلو من من التيارات السلفية لكن دورها ضعيف جدا اليوم بسبب شرود الناس عنها".
وأشار قيس الجنابي الى تعرضه عام 2010 الى التهديد من قبل أشخاص متدينين بسبب قصة شعره وزيه الغربي. وطيلة عقود في العراق غُيب الكثير من العراقيين جسديا واضطُهدوا فكريا بسبب الخلافات العقائدية مع الحاكم. لكن الجنابي أشار الى ان "الديمقراطية اليوم في العراق نعمة، لكن هناك من يستغلها لتمرير مشاريعه".
وأكد ابراهيم كريم الباحث والأكاديمي في علم الاجتماع في جامعة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) ان هناك "تيار تدين جارف في المجتمع، تحاول بعض الأحزاب ركوب موجته، لكن هذا سيفشل بسبب الوعي المتولد لدى الفرد".
وبدوره حسين العلوي وهو شاب متدين يرى ان الحرية هي الركيزة التي يلتف حولها الجميع، مستنكراً محاولة البعض استغلاها للاستهزاء بالدين ونشر الالحاد والرذيلة. والجدير بالذكر ان اغلب القادة العراقيين اليوم والنواب ينحدرون من اتجاهات وأحزاب إسلامية، وحتى بين المسيحيين والطوائف الاخرى فان صعود ممثليهم كان لأسباب دينية.
ورأى حبيب حسن العضو في حزب الدعوة في بابل، ان فزاعة "السلفية والتطرف هو أسلوب عفا عليه الزمن وقد استخدم من قبل النظام السابق والغرب لدب الذعر بين صفوف المجتمع من الإسلام"، مؤكداً ان حزبه لم يجبر احدا في يوم من الايام على الانتماء إليه".
 
العلويون الأتراك ينتفضون لدعم نظام الأسد في سوريا
موقع إيلاف..أشرف أبو جلالة من القاهرة
القاهرة: في الوقت الذي يهدد فيه الصراع الدائر في سوريا حالياً بإسقاط النظام الوحيد في العالم الذي يديره أفراد من الطائفة العلوية، بدأت الانتفاضة تثير مشاعر استياء بين ملايين العلويين الذين يعيشون في دولة الجوار تركيا، وفقاً لصحيفة غلوب آند ميل.
ومن منطلق تخوفهم من أن يتعرض رفقائهم من العلويين لمذبحة في حال سقوط النظام بدمشق، بدأ العلويون في تركيا بتحديد موقفهم من هذا الصراع ويتصدون من هذا الأساس لسياسة الحكومة التركية المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة.
وبينما كان يعتاد العلويون الأتراك على إبعاد أنفسهم عن رفاقهم المنتمين لنفس الطائفة في سوريا، إلا أن الصراع الأخير قد قرَّب بينهم في دعم رفيقهم العلوي الرئيس الأسد. وقالت هنا مياسي الكنور، الصحافية المخضرمة بجريدة "جمهوريت" التركية والمنتمية للطائفة العلوية وتهتم غالباً بتغطية أخبار مجتمعها: "حتى هؤلاء الأشخاص الذين لم يكونوا يتعاطفون مع الأسد في السابق، بدؤوا يحبونه الآن".
ولفتت الصحيفة من جهتها في هذا السياق إلى أن مؤيدين للأسد نظموا ثلاث تظاهرات على الأقل في اسطنبول خلال الأشهر الأخيرة للإعلان عن دعمهم للرئيس السوري، كما بدأت تطلق المجلات العلوية التي تصدر في اسطنبول رسائل داعمة للنظام.
وبدأ اهتمام العلويين يتركز في تركيا خلال الآونة الأخيرة على السيناريو الذي قد يتعرض بموجبه رفقائهم بسوريا للإبادة. ونقلت الصحيفة عن هوزدات هاتاي، 52 عاماً، وهو مدرس ومرشد سياحي باللغة العربية في اسطنبول وواحد من أبرز قادة الطائفة العلوية، قوله: "في حال سقط الأسد، ستتحول الساحة في سوريا إلى نهر من الدماء، وسيمسك الإخوان المسلمين بزمام الأمور وسيبدؤون في مطاردتنا".
وتابع هاتاي حديثه بلفته الانتباه إلى مشاعر القلق التي بدأت تراودهم بشأن شحنات الأسلحة السورية التي تدخل سوريا، وحوادث خطف سيارات الإسعاف في مقاطعة هاتاي الواقعة شرق تركيا، إلى جانب تفتيش المركبات الطبية بحثاً عن مخابئ سلاح.
ومن الجدير ذكره أن العلويين أكثر من حيث العدد في تركيا عن سوريا، ويقدرون هناك بحوالي 15 مليون من أصل عدد سكان يقدر عددهم بـ 75 مليون نسمة. وأشارت الصحيفة إلى أن نشاطهم الأخير هذا جاء ليعكس حالة القلق العميق التي تهمين عليهم من احتمال خضوع سوريا لسيطرة المسلمين السنة، الذين يشكلون الأغلبية في الشعب السوري، وبالأخص أن تخضع البلاد لهيمنة الإخوان المسلمين.
وفي الوقت الذي بدأت تلقي فيه تلك الانتفاضة التي تشهدها سوريا بعواقبها متباينة التأثيرات على كثير من العلويين الذين استفادوا من فترة حكم عائلة الأسد في سوريا التي امتدت على مدار ما يقرب من 40 عاماً، تحدثت تقارير إخبارية الشهر الماضي عن إقدام بعض أفراد من العلويين في دمشق على تغيير أسمائهم ونبرات صوتهم.
فيما أشارت تقارير صحافية أخرى إلى تصدي فريق آخر من العلويين لتلك التظاهرات وإقدامهم على تقديم يد العون للقوات المؤيدة للحكومة في المواجهة التي تخوضها ضد المتظاهرين. وبينما أوضحت الصحافية الكنور أنها لم تسمع عن أية تحركات تم اتخاذها من جانب العلويين الأتراك لمساعدة جيرانهم السوريين، فإن معلقين آخرين في تركيا أشاروا إلى أن مقاومة العلويين قد تكبح جماح زخم الانتفاضة.
 
قبرص وإسرائيل.. مطار عسكري أم تحالف استراتيجي؟
جريدة اللواء..بقلم العميد الركن المتقاعد محمد فرشوخ*    
لو كان الاتفاق القبرصي وقف عند حد تقديم تسهيلات للطيران الحربي الإسرائيلي، لربما مرّ خبره في الإعلام مروراً عابراً، لكن بناء مطار حربي على أرض دولة أخرى له أبعاد خطيرة ليس على الدول العربية ولا على تركيا فحسب، بل على قبرص أولاً، ثم على تردي الوضع الأمني في الشرق الأوسط كله.
بدأت القصة بظهور النفط في شرقي البحر المتوسط، وبدأ التنقيب في مياه قبرص الدولية بإشراف شركتين إحداهن إسرائيلية، وفي الأخرى حصة كبيرة للشركة الإسرئيلية الأولى. ولمجرد مطالبة الأتراك بحق الشطر التركي من قبرص باستثمار النفط سقطت الحكومة القبرصية بين براثن الإسرائيليين مطالبة بحماية سلاح البحرية الإسرائيلية لعمليات التنقيب. وهذا أول التورط.
وقبل شهر وصل وزير الدفاع القبرصي إلى تل أبيب ووقع اتفاقية أمنية إستخبارية مع الجانب الإسرائيلي، وأقل ما يتوقع من مثل هذه الاتفاقية أن العرب فرادى ودولاً لن يعودوا بمأمن لا في قبرص ولا منها بعد اليوم.
وأما بناء مطار حربي إسرائيلي على الأرض القبرصية، والذي يتطلب مساحات واسعة من الأرض، فإنه يعني أن إسرائيل ولأول مرة في تاريخها قد أمنت عمقاً استراتيجياً، يزيد من سيطرتها الجوية ومن حريتها في المناورة وقد وجدت لأول مرة ملاذاً آمناً لطائراتها الحربية في حال تعرضت مطاراتها للقصف، كما صار بإمكانها التوغل في أعماق البر العربي والإسلامي شرقاً وشمالاً. لكن هذا المطار «الإسرائيلي» لن يكون بمنأى عن الصواريخ فلماذا أقحمت قبرص نفسها في سياسة المحاور؟.
في قبرص قاعدتان عسكريتان بريطانيتان ضخمتان، لا تتقاضى قبرص من وجودهما على أراضيها قرشاً واحداً ولا يحق لها أن تطلع على ما يجري فيهما وكأنهما أرض بريطانية، وهما تعطلان مساحات واسعة من الأراضي الصناعية والزراعية الخصبة، وإذا بالقيادة القبرصية تنتقص باختيارها المزيد من أراضيها ومن سيادتها ولدولة إقليمية لا سياسة لها إلا الحرب. فمن المستفيد حقاً، وعلى المديين العاجل والآجل؟ إسرائيل طبعاً.
الرئيس القبرصي كريستوفياس أعلن أن المستقبل سيشهد تطويراً للإتفاقيات لتشمل كل الميادين، ولا يفهم مما فعله القبارصة ومما يقولونه إلا مدلول واحد وهو أن علاقتهم مع إسرائيل ذاهبة إلى إستكمال تحالف استراتيجي بين البلدين. وأن الربيع العربي وهو «الرضيع» بات يخيف أكثر من جبهة وأكثر من محور.
يبدو أن تاريخ العلاقات بين قبرص والعرب يعيد نفسه، والأمر لا يبشر بخير وأول المتضررين ستكون قبرص قبل سواها، فقد عوّدها الغرب أن يستخدمها «لحمة» ويتركها «عظمة»، ثمة من لا يقرأ التاريخ ولا يعتبر منه.
* المساعد الأسبق لمدير المخابرات ورئيس مجلس إدارة «الاستشارية لإدارة الأزمات».
 
الحملة التركية على الأكراد: حكاية «كا جي كا» من الألف إلى الياء
جريدة السفير..محمد نور الدين
منذ أشهر عديدة واسم «كا جي كا» يتردد بكثافة في وسائل الإعلام التركية. وفي ذلك إشارة إلى العمليات الأمنية التي تستهدف اعتقال كل البنية المدنية الفاعلة التي تؤيد حزب العمال الكردستاني في تركيا والتي تحمل اسم «اتحاد المجتمعات الكردية»، والتي تعرف اختصاراً وفقاً للأحرف الأولى من كلماتها باللغة الكردية بـ «كا جي كا». وهي تعني المجتمعات الكردية في تركيا وسوريا والعراق وإيران.
وعمليات الاعتقال والمحاكمة والسجن تطال كل ما يمكن أن تشتبه فيه الحكومة بدعمه للقضية الكردية من محامين وأساتذة جامعات ورؤساء بلديات وصحافيين ونقابيين، بل حتى نواب حاليين وسابقين. وتتهمهم الحكومة بأنهم يدعمون «الإرهاب».
وإذا كانت هذه العمليات تكثفت بعد الانتخابات التي جرت في 12 حزيران 2011 فإن التساؤل يبقى دائماً عن مغزى تعامل حكومة حزب العدالة والتنمية مع القضية الكردية بهذه الطريقة، وما إذا كان ذلك على علاقة بإعداد دستور جديد بعد أن يتم إضعاف القاعدة العريضة المدنية لحزب العمال الكردستاني، أم أن لذلك علاقة بحسابات رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان للوصول إلى رئاسة الجمهورية بأصوات القوميين الأتراك أم غير هذا وذاك.
في هذا الإطار، يشرح رئيس «حزب السلام والديموقراطية» الكردي صلاح الدين ديميرطاش إلى الكاتب في صحيفة «ميللييت» حسن جمال حقيقة ما يجري.
يقول ديميرطاش إن حكومة اردوغان تعرف جيداً هوية الذين تعتقلهم، ومن هو اتحاد المجتمعات الكردية، ولكن ما تقوم به هو جزء من مشروع كبير يهدف إلى تصفية المجال المدني للحركة الكردية، موضحاً أن عدد المسجونين ممن ينتمون إلى هذه البنية وصل إلى 6300 شخص.
يقول ديميرطاش إن عمليات الاعتقال ضد «كا جي كا» بدأت في 19 نيسان العام 2009، لكن من الصعب فهم ما يجري اليوم من دون معرفة بعض المحطات السابقة:
1- إن زعيم «الكردستاني» عبد الله أوجلان كان، قبل اعتقاله في شباط العام 1999، يريد حل المشكلة الكردية خارج إطار دولة مستقلة، لكنه في السجن طوّر هذه الفكرة إلى أن تكون تركيا دولة كونفدرالية، بحيث يمتلك الشعب الكردي حكمه الذاتي.
2- بين عامي 1999 و2004 أعلن حزب العمال الكردستاني أكثر من مرة وقفاً لإطلاق النار، وغادر عناصره تركيا إلى خارجها. وفي هذه الفترة بدأت الدولة الكردية اتصالات مع قادة «الكردستاني» في جبال قنديل ومع أوجلان في سجنه، لكن حزب العدالة والتنمية لم يكن متحكماً بمسار الاتصالات لأنه لم يكن متحكماً تماماً بالدولة.
3- في العام 2005 عاد حزب العمال الكردستاني من جديد إلى العمل المسلح، متهماً الحكومة بالتلاعب والمناورة في الاتصالات. وأعلن أن الحكم الذاتي وتأسيس المجتمع الكونفدرالي هو أساس الحل للقضية الكردية.
4- وبدأ حينها مباشرة العمل على تشكيل منظمات ولجان شعبية في كل أنحاء المناطق الكردية.
5- واتخذت هذه اللجان صفة رسمية بتحوّلها إلى جمعيات مرخّص لها، وباتت تعرف بـ «كا جي كا»، ويمكن أن تضم الفئات غير الحزبية والتابعة لحزب العمال الكردستاني.
6- بين العامين 2005 و 2009 لم تتعرض الدولة لهذا الاتحاد لأنها لم تر فيه أي تهديد.
7- في العامين 2008 و2009 أعيد تنظم المجالس المحلية بمشاركة واسعة من الجمعيات والأحزاب والأفراد الأكراد.
8- في هذا الوقت، في العام 2008 بدأت مباحثات سرية بين الدولة وحزب العمال الكردستاني في أوسلو ومع أوجلان في السجن. وكانت نتيجتها إعلان الحزب أكثر من مرة وقفاً لإطلاق النار، وآخرها في 13 نيسان العام 2009 بعد الانتخابات البلدية ذلك العام. لكن بعد يوم واحد بدأت أولى عمليات الاعتقال في صفوف اتحاد المجتمعات الكردية.
9- والسبب أن المجالس المحلية التي شكلها هذا الاتحاد في المدن والقرى جالت على منازل الأكراد منزلاً منزلاً، وانتهت الانتخابات البلدية إلى انتصار كبير للحزب الكردي الذي كان يخوض الانتخابات، أي «المجتمع الديموقراطي». وظهر لحزب العدالة والتنمية أهمية هذه المجالس في إحراز الانتصار الكردي وهزيمته. وبدأ مباشرة اعتقالات فردية تحوّلت إلى عمليات اعتقال شاملة وفي كل مكان ولكل الناس بدءاً من خريف 2009.
10 - ربطت الدولة المعتقلين باسم «كا جي كا»، لكن الأمر ليس كذلك، إذ لم يكن هناك تنظيم بهذا الاسم في الأساس بل هو مجرد «نموذج». والمعتقلون هم من الجمعيات المدنية، ولكن الدولة أرادت أن تربط اسمهم باسم تنظيمي لتحويل التهمة إلى جرم، علماً أن مطلب الحكم الذاتي وترك مطلب الدولة المستقلة هو تعبير عن صميمية الأكراد للعيش مع الأتراك معاً وليس الانفصال.
11- وبهذه الطريقة من التعامل مع الأكراد فإن حكومة حزب العدالة والتنمية تريد بالعمليات ضد «كا جي كا» أن تصفّي القضية الكردية وتفرض الحل الذي تريده على الأكراد بعد أن تكون قد كسرت أي جهة مقاومة لمثل هذا الحل.
ويفصل ديميرطاش نوعيات المعتقلين على الشكل التالي: 6 نواب، 94 صحافيا، 30 موزعا صحافيا، 36 محاميا، 31 رئيس بلدية، 7 نواب رئيس بلدية، 5 رؤساء بلدية بالوكالة، 183 قيادياً حزبياً، 28 عضو مجالس حزبية، 6 أعضاء لجنة تنفيذية، 2 نائب رئيس حزب، 400 طالب جامعي. من جهة ثانية هناك تحت التحقيق: 140 نقابياً. ومجموع المعتقلين والموقوفين يبلغ 6300 شخص. أما الحكومة فتقول إن العدد هو 110 فقط. وهذا يشمل فقط قياديين في الحزب وفقاً لقانون العقوبات، لكنه لا يشمل كل الآخرين الذين هم من المناصرين وليس الحزبيين.

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,465,326

عدد الزوار: 7,068,937

المتواجدون الآن: 59