لبنان: سليمان لحوارات ثنائية تمهيدية وميقــاتي يحذّر من ثلاثة مخاطر

عادت الحركة السياسية أمس إلى زخمها المعتاد، حيث ازدحمت الملفات والمواقف والبيانات. وإذ تصدّر موقف لبنان في الجامعة العربية ودعوة رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون إلى التظاهر الردود والسجالات السياسية، فإنّ اجتماعي رؤساء اللجان النيابية ومقرّريها، ومن ثم لجنة المال والموازنة شكّلا المساحة المشتركة الوحيدة في المشهد الانقسامي القائم الذي دفع رئيس المجلس النيابي الى الإلحاح على رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال لقائهما الاسبوعي ليدعو هيئة الحوار الوطني الى الالتئام.الخميس 26 كانون ثاني 2012 وقالت مصادر قريبة من قصر بعبدا لـ"الجمهورية" إنّ رئيس الجمهورية مستمرّ في سعيه لعقد طاولة الحوار وهو سيُجدّد مشاوراته قريبا مع مختلف الافرقاء السياسيين في ضفتي الاكثرية والمعارضة من أجل التوصّل الى تصوّر يفضي الى انعقاد الحوار المطلوب. وأضافت أنّ سليمان منفتح على كل الافكار المتداولة أو التي يمكن ان تُطرح حول شكل الحوار وصيغ إجرائه، وانه لا يمانع في ان يعقد لقاءات حوارية ثنائية مع مختلف الاطراف ولكن بشرط ان تتوّج هذه اللقاءات في النهاية بلقاء يضم جميع اركان الحوار، ويُعلن خلاله ما يكون قد اتفق عليه في اللقاءات الثنائية والتي يكون قد "جوجل" نتائجها.

أمّا عن مواضيع الحوار فقالت المصادر نفسها، إنّها، الى الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية، هناك موضوع تحييد لبنان والنأي به عمّا يجري على الساحة العربية عموما، وفي سوريا خصوصا، لأنّ هذا الامر حيوي ويتصل بمستقبل لبنان الذي ثبت من خلال التجارب أنّ أحدا فيه لا يمكنه الغاء الآخر، ايا كان الوضع العربي ومهما كانت نتائج المتغيّرات الجارية.

وأشارت المصادر الى ان موضوع السلاح والحوار يندرج في سياق الاستراتيجية الدفاعية التي يفترض ان تحدد الهدف من استخدام هذا السلاح والظروف التي يتم فيها استخدامه، عِلماً ان "حزب الله" يقرّ دائما بموضوع التشاور مع الجيش اللبناني في الشأن العسكري.

وتفاقمت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في لبنان، وعلى وقع استئناف الحركات الاحتجاجية على الارض حيث قطع متظاهرون مرة اخرى طريق مطار رفيق الحريري الدولي بالاطارات المشتعلة، اجتمع مجلس الوزراء عصر امس في جلسة "كهربائية" برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث حضر هذا الملف بقوة على طاولة النقاش.

وسبق الجلسة بيان لحزب الله دعم فيه وزير الطاقة جبران باسيل معتبراً أنّ أزمة الكهرباء "هي وليدة التردّي الذي عاشه هذا القطاع على مدى سنوات، والذي تتحمّل مسؤولياته الحكومات المتعاقبة، ولا يمكن تحميل مسؤولية هذه الأزمة أو حلّها إلى وزارة بعينها". وشدّد على "أنّ المطلوب من الحكومة مجتمعة، وبكل قواها، تحمّل مسؤولياتها والمبادرة إلى معالجة جديّة لهذه الأزمة من خلال تأمين الاعتمادات المطلوبة والسير في الخطة المقرّرة".

وفي حين لم تجد دعوات وزراء "التيار الوطني الحر" ونوابه الى التظاهر سلميا في شأن أزمة الكهرباء صداها عند المعارضة التي تساءلت: "التظاهر ضدّ من؟"، داعية هؤلاء الوزراء الى الاستقالة، نُقل عن ميقاتي استغرابه هذه الدعوة إلى التظاهر، متسائلا "ضد من التظاهر؟، ولماذا هذا الموقف الاستباقي؟" وقال امام المجلس الجديد لنقابة الصحافة الذي زاره امس: "إنّ الحكومة أقرّت ملف الكهرباء وهي ما تزال تنتظر أن يأتي باسيل إليها بدفاتر المناقصات لكي يصار إلى مناقشتها وإقرارها ثم احالتها إلى لجنة المناقصات , ويقولون أنّنا نعرقل !"

وكشف "أنّ وزير الطاقة أتى بنحو ستة عروض أسعار لاستئجار بواخر تنتج كهرباء، وقد طلبنا تقريرا دوليا لتقويم ماهيتها وإمكاناتها وجدواها، ونحن نؤيّد استئجار بواخر، ولكن هذا الأمر يتطلب نحو ستة أشهر لتنفيذه". وقال: "إننا لن نوقّع أيّ شيء يُشتمّ منه رائحة صفقات ومهما كانت الضغوط". وأضاف: "لا أريد أن أساجل أحداً، أو أتخاصم مع أحد. هدفي أن نمرّر هذه المرحلة بهدوء إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا". ودعا إلى الاستمرار في سياسة النأي بالنفس عما يجري من احداث في سوريا "لأنّ لبنان ليس في إمكانه أن يفعل شيئاً، لا مع النظام السوري ولا ضدّه". وإذ توقف ميقاتي عند موقف وزير الخارجية عدنان منصور في القاهرة، متسائلاً هل يستطيع لبنان أن يقف ضدّ كل الدول العربية وأن يغضبها؟ تحدّث عن ثلاثة مخاطر أمام لبنان:

ـ التخوّف من عدوان إسرائيلي على الجنوب، و من هنا تشديدنا على ضرورة الالتزام بـتطبيق القرار1701 في محادثاتنا مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون وسائر المسؤولين الدوليين.

ـ الفتنة المذهبية، وهنا يجب الانتباه ومراعاة المحكمة الدولية الخاصة لبنان.

ـ الوضع السوري وضرورة النأي، إذ لا يمكن للبنان الوقوف في وجه المجتمع الدولي.

وقال عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب انطوان زهرا لـ"الجمهورية" إنّ "ما يطلبه باسيل هو ان يتغاضى اللبنانيون عن كونه وزيرا خارجا على القانون تحت ستار انه يستطيع ايجاد الحل شرط ألّا يُحاسب، والبرهان أنه اراد إعطاء مقدّمي خدمات التوزيع والجباية امتيازات من دون قانون، علما ان الدستور يقول أنّ اي امتياز لا يُمنح إلّا بقانون، وموضوع الـ 700 ميغاوات وضع عليه مجلس النواب شرطا واحدا واعطي مهلة لتشكيل مجلس ادارة كهرباء لبنان ولم يلتزم هذا القانون ليعود فيقول إنّ الآخرين يعرقلون". وعن دعوة عون كل من يدفع فاتورة كهرباء الى الاستعداد للمشاركة في التظاهرة السلمية التي سيعلن لاحقاً عن موعدها، قال زهرا: إنّها مسؤولية الوزارة أن تحصّل ممّن لا يدفعون، علما ان التحصيل يخفف من خسائر مؤسسة الكهرباء ومن المبلغ المطلوب من الخزينة لدعم القطاع، ولكنه قطعا لا يحسّن الانتاج ولا التوزيع ولا يرضي المستهلك، وبالتالي هذه تعمية واحتيال على الرأي العام للهروب من المسؤولية".

وكانت جلسة مجلس الوزراء التي غاب عنها الوزيران غازي العريضي وعلاء الدين ترو قد اقرّت البند المتعلق بمد خطوط التوتر العالي في المنصورية وشراء المباني الملاصقة لها على ان يؤازر الجيش فريق العمل الذي سيمدّ هذه الخطوط.

ومن المتوقع أن يتجه أهالي المنطقة إلى التصعيد في ضوء قرار مجلس الوزراء، خصوصا أنهم كانوا أصدروا بيانا منذ يومين ردا على ما أورده وزير الطاقة في مؤتمره الصحافي الأخير في شأن ضرورة إستكمال خط المنصورية، قالوا فيه: "على معاليكم أن تنسوا أمر هذه الوصلة التي هي من أصل خط بصاليم ـ عرمون ـ تفرع المكلس، لأننا سنقف سـدا منيعا ضد تنفيذها هوائيا. ونحن ندعو معاليكم ومجلس الوزراء مجتمعا إلى الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة من أجل المباشرة في تمديد خطوط التوتر العالي تحت الأرض وضمن الطرق العامة". وأضاف البيان: "نؤكد لمعاليكم ولمجلس الوزراء مجتمعا، أننا، نحن الشعب، ونحن الأهالي وأولادنا وجميع قاطني المنطقة وطلابها، لسـنا سلعة تشترى وتباع كما وأن منازلنا ومدارس أولادنا ليست للبيع. وخير الكلام ما قل ودل".

وعلمت "الجمهورية" أنّ مشادتين كلاميتين تخلّلتا الجلسة: الاولى بين ميقاتي ووزير العمل شربل نحاس على خلفية تعليق الثاني على ما قاله الاول خلال مناقشة بند الكهرباء، إذ ردّ ميقاتي بحدّة ضارباً يده بقوة على الطاولة قائلا لنحاس: "كفاك ان تعتبر كل ما تقوم به هو الصواب وكل ما نقوم به نحن هو الخطأ". أمّا المشادة الثانية فحصلت بين نحاس ووزير الداخلية مروان شربل لدى مناقشة بند تطويع دركيين، إذ بادر نحاس شربل قائلا: "أريد أن أذكّرك وأسالك لماذا لم تنفذ القرار الذي سبق ان اتخذته عندما كنت وزيرا للاتصالات بإقالة المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي؟ ولماذا لم تتم معاقبته على خلفية الشبكة الثالثة من الخلوي والطبقة الثانية في وزارة الاتصالات لأنّ الحكم استمرارية. وردّ شربل قائلا "إنّ هذا الإجراء كان يجب على وزير الداخلية السابق أن يتخذه، ولو كنت مكانه لما سمحت أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه". وإذ احتدم النقاش همّ شربل بمغادرة الجلسة فتدخّل ميقاتي ووزراء وأعادوه الى كرسيه.

وتقرّر أن يعقد المجلس جلسة الثلثاء المقبل لبحث موضوعي موازنة سنة 2012 وازمة تقنين التيار الكهربائي. وأوضح وزير المال محمد الصفدي لـ"الجمهورية" انه يقوم بمقاربة جديدة للموازنة لأنّ الموازنة السابقة التي قدّمها تتضمّن ضرائب اضافية، الامر الذي رفضه مجلس الوزراء. وكشف "ان البواخر التي طلبها باسيل في مشروع الكهرباء غير مُحتَسَبة بعد في مشروع الموازنة، كذلك زيادة الاجور التي تكلف الخزينة الف مليار ليرة لبنانية. وقال "ان النقص بين الموازنة السابقة والحالية هو نحو 3 آلاف مليار ونصف المليار وعلى مجلس الوزراء ان يبحث عن السبل التي تسد هذا النقص".

ولفت بعد الجلسة خروج الوزير حسين الحاج حسن منفعلا واستدعى الاعلاميين ليسجّل موقفا يقول فيه "ان الاستنتاج بأن هناك خلافا بين حزب الله والتيار الوطني الحر هو استنتاج سخيف وغير موضوعي وأن التحالف بين التيار والحزب هو تحالف جذري وعميق". وأضاف: "ان 15 سنة من تخريب البلد على يد الفريق الآخر يتطلب ان يتحمل هذا الفريق المسؤولية. وأن الوزير باسيل ليس مسؤولا عن 20 سنة من الاخطاء والهدر وعدم اتخاذ القرار الصحيح لمعالجة موضوع الكهرباء".

وقال الوزير ناظم الخوري لـ"الجمهورية" ردا على كلام عون الاخير الذي تناول به سليمان في موضوع التعيينات "ان رئاسة مجلس القضاء الاعلى بالنسبة الى رئيس الجمهورية ليست موضوعا خلافيا فهو لم يطلب شخصا معيّنا لهذا المنصب، بل شدد على الجدارة والأقدمية ولا يجوز زج مركز رئاسة مجلس القضاء في البازار السياسي، وان يكون هذا المركز تابعا لزعيم سياسي. هذه مراكز للدولة وليست حقا لأحد".

ولوحظ ان المقرّرات التي تلاها وزير الاعلام تضمنت بندا لافتا وهو اعادة تفعيل الضم والفرز في مشروع "أليسار" مع استثناء عقارين هما 2891 و2892 من برج البراجنة. علما ان هذا المشروع كان بندا خلافيا بامتياز في عهد حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وفي موضوع المازوت توافق الوزيران باسيل وحسين الحاج حسن لدى خروجهما على القول ان قرار الدعم اصلا كان قرارا خاطئا بالآلية التي تم بها، فكان يفترض ان يصدر قانون رفع ضريبة الـ TVA عن المازوت التي قرّرتها الحكومة في موازاة قرار الدعم وليس ترك المافيات تتلاعب بالبلد.

وكما كان متوقعا، فقد انجز رئيس مجلس النواب نبيه برّي وعده برعاية المصالحة في لجنة المال والموازنة تتويجا لسلسة من اللقاءات الإفرادية التي كان قد اجراها مع اعضاء اللجنة من كل الأطراف.

وقال احد اعضاء اللجنة لـ "الجمهورية" ان بري الذي ترأس اجتماع اللجنة امس، توجه الى الأعضاء مشددا على العودة الى الأصول ومواد النظام الداخلي مركزا على مضمون المادتين 29 و34 اللتين تحكمان العمل في إجتماعات اللجان. فالأولى تقول ان اول اجتماع للجنة لا يكون نظاميا إلا في حضور نصف اعضاء اللجنة زائداً واحدا، وإذا تقلص النصاب في الاجتماع الثاني يعقد في حضور الثلث ولا تتجاوز المناقشات جدول اعمال الجلسة الأولى فحسب.

اما المادة الثانية فتقول انه يجب مراعاة اربعة مبادئ في المناقشات في اجتماعات اللجنة وهي تتصل بأعمالها ومحاضرها وأصول المناقشات والتصويت وسرية المحاضر ما لم تقرر اللجنة قبل نهاية اجتماعها اعادة النظر في أي من هذه البنود الأربعة.

وقالت مصادر نيابية لـ"الجمهورية" ان التوافق على التزام هذه المبادئ يشكل تجاوزا للماضي وما أثير حول اعمال اللجان وإفشاء سرية المناقشات. وردا على سؤال يتصل بالاعتذار الذي كان مطلوبا من رئيس اللجنة ابراهيم كنعان قالت المصادر "ان الإتفاق على هذه المبادئ تجاوز موضوع الإعتذار وسيخضع للتجربة فإذا التزم به الجميع في اول اجتماع للجنة يكون الحل قد تحقق، وان الإجتماع المقبل للجنة قد يحضر بري بداياته إيذانا بالمصالحة النهائية بين الأعضاء.

وفي زيارة مفاجئة تدوم 24 ساعة، توجه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط الى موسكو بعد ظهر امس بدعوة رسمية نقلها اليه السفير الروسي الكسندر زاسبيكين قبل يومين بهدف التشاور مع المسؤولين الروس في آخر التطورات على الساحة اللبنانية ومنطقة الشرق الأوسط. وقالت مصادر قريبة من جنبلاط لـ" الجمهورية" انها ليست المرة الأولى التي يتوجه فيها جنبلاط الى موسكو فهو على تشاور مستمر مع المسؤولين الكبار فيها، وهناك كثير من القضايا التي تستحق النقاش في هذه المرحلة بالذات.

واستغرب المصدر الربط بين اللقاءات التي عقدها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان وزيارة جنبلاط. وقال ممازحا: "لا يعتقدنّ احد أن في إمكانه مواكبة زيارات فيلتمان او اللحاق بها في عواصم العالم".

زار الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أمس الرئيس سعد الحريري في المستشفى الأميركي في باريس للاطمئنان الى صحّته.

من ناحية ثانية، تلقّى الحريري اتّصالات للاطمئنان أبرزها من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الحكومة الباكستاني السابق شوكت عزيز، رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ ناصر الصباح، وزير الإعلام السعودي عبد العزيز خوجة، وزير الاقتصاد في كوراساو ناصر الحكيم وعدد من الشخصيات اللبنانية..

إعتبرت جهات سياسيّة تصبّ في خانة المعارضة أنّ مواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التي صبَّت ضمن توقيت إعلاميّ واحد، هدفَت الى توجيه رسائل إيجابية تجاه طائفته، إلى تيار «المستقبل» والرئيس سعد الحريري وقوى 14 آذار عموماً.الخميس 26 كانون ثاني 2012

أمّا الهدف الأساس من وراء هذه الرسائل فهو تذكير القوى المنوّه عنها، بمناسبة مرور عام على حكومته، بأنّه قام بتمويل المحكمة ولم يخضع أيضا لضغوط قوى 8 آذار وتحديداً "حزب الله" والعماد ميشال عون، وإشارته مسبقاً بأنّه سيجدّد البروتوكول الخاص بالمحكمة الدولية، وبالتالي لم يرسل أيّ إشارات مماثلة للفريق السياسي الذي جاء به كرئيس للحكومة، وهنا يرى المطّلعون على الأجواء المحيطة بالرئيس ميقاتي أنّه بدأ يستعدّ لكلّ الاحتمالات، وما قاله في الإعلام مؤخّراً، إنّما هو دحض لما سيق بحقّه من قِبل قوى الرابع عشر من آذار، أي أنّه "لم يمش" بأجندة حزب الله وتالياً أنّ رئيس الحكومة يستعدّ لكلّ الاحتمالات المرتقبة إنْ على مستوى التطوّرات السوريّة وسقوط النظام، حيث يُعتبر صديقاً خاصا للرئيس بشار الأسد، أو على مستوى اندلاع ثورة شعبية اجتماعية على خلفية الملفّات المعيشية والحياتية وفي مقدّمها الكهرباء، على غرار ما حصل مع الرئيس عمر كرامي، بمعنى أنّ ميقاتي لا يرى نهاية سياسيّة على خلفية هذه الملفّات لا سيّما وأنّه لم يزل في أوج حياته السياسية لما يملكه من صداقات وإمكانات ماليّة، لذا أخذ يستعدّ لكلّ الاحتمالات، باعتبار أنّ ثمّة أجواء يملكها عن اهتزاز للنظام السوري وتصدّع داخل حكومته، وعدم قدرته على المناورة طويلاً، أو الرهان على قوى تدعمه، فبدأ يعدّ العدّة لمواجهة المرحلة المقبلة وتداعياتها لإظهار نفسه أنّه حافظ على ثوابت ومسلّمات دار الإفتاء والالتزام بها، بمعنى أنّه لم يخرج عن سنّيته، وذلك سيبقي موقعه السياسي على الخارطة السنّية وتحديداً الطرابلسية، وخصوصا لجهة المشاركة في انتخابات العام 2013 المقبلة.

وتلفت الاوساط المطَّلعة نفسها الى أنّ اتّصال الرئيس ميقاتي بالرئيس سعد الحريري للاطمئنان عليه بعد الحادث الذي تعرّض له ومعاودة الحريري الاتّصال بميقاتي، فذلك يُعتبر خرقاً للقطيعة التي طرأت على العلاقة بينهما، وقد تقصَّد رئيس الحكومة الحالي بالإشارة الى أنّ الاتّصالات قائمة مع الرئيس الحريري ومستمرّة مع الرئيس فؤاد السنيورة، فذلك يصبّ أيضا في سياق إعادة ترتيب ميقاتي لأوضاعه السياسيّة الداخلية ضمن البيت السنّي والطرابلسي تحسُّبا لأيّ خروج استثنائيّ طارىء من الحكومة، أو استقالة مفاجئة قد تحصل على خلفيّة الصراع الداخلي الحاصل بين مكوّنات هذه الحكومة، مع معلومات مؤكّدة عن توجّه النائب ميشال عون للتصعيد السياسي باتّجاه رئيسي الجمهورية والحكومة، وإنّ الخلاف بين عون وميقاتي سيبلغ الذروة في المرحلة القليلة المقبلة على خلفيّات كثيرة ليس أقلّها الملفّ الكهربائي. من هذا المنطلق بدأ ميقاتي إعادة جمع أوراقه وقراءة آفاق المرحلة المقبلة، على أن تقطع زيارته المقبلة الى باريس في شباط المقبل بسلام، كونها تعطيه دفعاً قويّا في سياق ما يعانيه من تصعيد من أهل البيت والمعارضة التي، وعلى الرغم من تمرير تمويل المحكمة، لم تغفر لميقاتي قبوله ترؤّس الحكومة بعد انقلاب 8 آذار على الرئيس سعد الحريري وخروج النائب جنبلاط من قوى 14 آذار مُجيّرا الاكثرية لقوى 8 آذار...