"التيار الوطني" يقرأ ما قبل 2005 وما بعدها: أعراض وثغر تستلزم "مؤسسة حزبية"

تاريخ الإضافة الإثنين 15 حزيران 2009 - 5:29 ص    عدد الزيارات 4109    التعليقات 0    القسم محلية

        


هل هي "الحرب الكونية" التي لطالما تحدث عنها النائب العماد ميشال عون، ام انه "تسونامي " المال والاعلام والمغتربين اللذان "خذلا" بعض التوقعات وليس كلّها، عند انصار " التيار الوطني الحر"؟ ام هي ثغر في اداء داخلي افسح في المجال امام تراكمات عدة كان يفترض تصحيحها لئلا تكرّس واقعا يمكن ان يؤثر على الرصيد الماضي ويفتح الباب امام خروق تسيء الى الاداء العام؟
تساؤلات لم يكف المتابعون لاوضاع "التيار" عن طرحها، ورافقتها "حركة" داخلية، قد تتبلور معالمها اكثر في مرحلة لاحقة، بعد أن يخفت قليلا لهيب الانتخابات.
في المحصّلة، قد يكون صحيحا ان حربا قاسية شنّت على "التيار" وتحديدا على العماد عون، ولم تكسره. فاز في كسروان وجبيل وجزين وبعبدا، وصمد في المتن، فكان ان مثلّ هو وحده وفق الارقام، ما يمثله الكل مجتمعين.
وصحيح ايضا ان الشحن لعب لعبته حتى النهاية، في معركة سقط فيها الكثير من المحرّمات السياسية والاعلامية والاخلاقية، ولكن كيف يرتّب "البيت الداخلي" ليكون على حجم "قساوة" المعارك؟.
وفق اوساط "التيار"، "المسألة ليست قصة ربح او خسارة. هي لا تنحصر فقط بعدد المقاعد النيابية، وبالتالي لا تتحدد اسباب الفشل في دوائر معينة بشق داخلي فقط، والدليل ان التيار ربح في مناطق كانت تعتبر فيها المعركة قوية، انما ثمة ما هو ابعد بكثير، وان تكن فترة ما بعد الانتخابات مناسبة لتظهيره. هناك ما هو اهم من استحقاق انتخابي، واعمق من تكوين ماكينة انتخابية تكون "شرسة" بحجم المعركة.
في اختصار، تكمن المسألة في تقويم عام لمرحلة اساسية من نشاط "التيار"، رافقها، الكثير من الاخفاقات على المستوى الداخلي، والعديد من النجاحات على مستوى الاستراتيجية السياسية الكبرى، اي الخط الوطني العريض".
ولا تخفي الاوساط ان " الاخفاقات الداخلية يمكن ان تأكل من الخطاب الوطني. واذا كان التيار، لا يملك بين يديه القدرة الكافية للتحكّم في عوامل تعتبر خارج سيطرته وتشكل بالنسبة اليه اداة عكسية له، كما جرى في هذه الانتخابات، فعلى الاقل عليه السعي الى سدّ الثغر بقوة مضاعفة داخلية". من هنا مثلا، تلفت الاوساط نفسها الى انه " عندما تكون النتائج الانتخابية متقاربة، كما كانت الحال في دوائر كالكورة والبترون وبيروت، كان يمكن ان تصبح الماكينات الانتخابية اللاعب الاكبر والحاسم في النتيجة".

صورة "التيار"
 

في الـ2005، عاش العونيون عاما مفصليا، فشكلّ الخط القاطع بين مرحلتين اساسيتين: ما قبل عودة "الجنرال المنفي" وما بعدها. فبين عامي 1995 و2005، اختبر انصار "التيار" الكثير من التحديات، وواجهوا معها ضغوطا جمة.
واذا كانت تسمية "التيار الوطني الحر" اطلقت فعليا عام 1996، فان اول هيكلية تنظيمية وضعت عام 1998، وهو اختبر الكثير ايضا من تجارب الانتخابات الداخلية.
 درب طويل سلكه المناصرون والناشطون، وربما لم يفكروا يومها في تجهيز قاعدة داخلية، فكانت الحركة تسبق التنظيم، نظرا الى قساوة ظروف القمع والتهديد السائدة، فاستطاعوا "بعفويتهم وفوضويتهم" ان يحقّقوا الكثير، فارضين نمطا جديدا في الاداء السياسي.
هكذ، اثبتوا انفسهم حالة قادرة على التعبير ، بأداء حضاري، وان في الشارع. ساروا في المقاطعة حتى النهاية عام 1996 ، وخاضوا المعارك البلدية عام 1998، تحت شعار "لكل تغيير بداية"، وبرزوا قوة دينامية لافتة في انتخاب فرعي عام 2003 ، لم يستطيعوا يومها انجاح مرشّحهم حكمت ديب، إنما اثبتوا مدى حجمهم التمثيلي في منطقة حساسة ومتنوعة سياسيا وطائفيا. ومن ينسى فضيحة 7 آب 2001، حين كان العونيون وافرقاء المعارضة يواجهون اشرس حملة امنية – سياسية منظمة؟
كلها محطات مفصلية اجتازها "التيار" بنجاح، الى ان حطّت الـ2005 رحالها، فبدأت مرحلة جديدة من العمل والتحديات، وبدأ المحازبون بتوسيع انتشارهم في مناطق اعتبرت "محرّمة"، وبات السؤال ملحّاً: هل "التيار" يمكن ان يكمل بالوتيرة نفسها وسط تسارع التغيرات؟ ام انه يحتاج الى نقلة داخلية تستفيد من تجارب الماضي، وتكوّن نظرة مستقبلية متطوّرة تفتح له الباب امام تشكيل مؤسسة حزبية عصرية؟
كثر من اوساط "التيار" يقولون ان " قراءة سريعة لتطوّر نشأة التيار ومقارنته، من 1990 الى 2005، ومن 2005 الى 2009، توصل الى نتيجة حتمية في تراجع على مستوى الاداء الداخلي، انعكس على كل هيكلية الحزب، ولا سيما منها الطالبية والادارية والاعلامية، وبالتالي لم يستغرب المتابعون ما آل اليه الوضع".
من هنا، كانت المحاولات الداخلية تتكرّر عند كل مفترق، وكانت تفشل. وربما بقيت ناقصة، لم يعرف اصحابها "تخريجها" او توقيتها، او لم يكملوها الى النهاية، لانهم هم انفسهم لم يكونوا "على الموجة" نفسها، وتحكّمت في بعضهم حسابات ومصالح كثيرة.
 وربما ايضا "الفورة الحزبية" التي عرفها "التيار" بعد عودة عون، ورافقتها اعداد ضخمة للمنتسبين، قاربت الـ40 الفاً، حملت ارتدادات سلبية، كما لو ان "التيار" نفسه لم يكن مؤهلا لها، او انه كان يحتاج الى نقلة داخلية لا تلغي مكتسبات الماضي، بل ترتكز عليه لتكمل، لان الرصيد الماضي وحده لم يعد يكفي، وان يكن قاعدة اساسية.
" الآن او لا"، يردد اكثر من عوني، في اشارة الى "حتمية احداث التغيير الداخلي في الوقت الحالي، وخصوصاً ان التيار كان يعمل في ظروف مادية ومعنوية توازي حجم قساوة المرحلة الحالية، حتى لا نقول اقسى بكثير، وكان لا يزال يصرف من رصيده. اليوم، الواقع تبدّل، ومروحة المتطلبات باتت متشابكة وواسعة، ورصيد الماضي يحتاج الى تحديث في الادارة، حتى يستطيع ان يبقى التيار صورة عاكسة لجوانبه الاجتماعية والثقافية والحضارية، تظهرّ بدورها نمطا شبابيا لطالما ميزّ العونيين عن غيرهم. هذا هو سر نجاحه، وهذا ما يؤمن له سر بقائه، ولكن حتى هذه الصورة تبدّلت هي ايضا خلال الاعوام الفائتة، وبات العونيون أنفسم يستغربون وجود البعض داخل تنظيمهم ولا يفهمون الاداء، واصبحت نقاط التلاقي صعبة الى حد يستحيل جمعها على خط واحد، والاصعب ان هناك خطاً يفصل من جهة بين الرابية والمستزلمين على طريقها، ومن جهة أخرى بين الناشطين، وهو خط ابعد بكثير مما كان بين باريس والعونيين".

بين الاستراتيجية والاداء
 

مقارنة بسيطة بين مرحلتي ما قبل الـ2005 وما بعدها تظهر ان تجربة " التيار" التي اعتبرت فريدة في نمط الاحزاب اللبنانية، وقعت في مطبات داخلية عدة، لم تعالج في حينها. واكثر من مرة، نبّه المقرّبون الى ان ثمة "مساراً انحدارياً في الاداء، وان أعراض الشيخوخة بدأت بالظهور على تيار شاب"، وسعت بعض المحاولات للتدارك، ولعل اكبرها المناقشات الحادة التي رافقت اقرار النظام الداخلي للحزب في 9 حزيران 2006. وبعدها بأعوام، طارت الانتخابات الداخلية. تجمدّت الاوضاع داخليا، وانشغل عون بحجم التحديات الخارجية والسياسية الكبرى، فوضع الشأن الداخلي على الرّف.
وتعتبر اوساط عونية ان " ثمة ثلاثة عوامل اساسية تساعد في تطوير اي مسار حزبي: الخطاب والاعلام والادارة، وهي عناصر متلازمة"، واذا كانت الاوساط نفسها ترفض اي "تبرير لمضمون الخطاب"، لكونها مقتنعة بصوابية "النهج السياسي"، وتغمز من قناة المواقف الاخيرة لاقطاب الموالاة و"التبدل الصاعق" فيها، الا انها تشير الى ثغر كبيرة سادت طريقة ايصال هذا الخطاب والتعبير عنه، وخصوصا في ما يتعلق بقضيتين جوهريتين: العلاقة مع "حزب الله" والعلاقة مع سوريا. وهذا العامل مرتبط بالادارة الحزبية العامة. من هنا، ثمة انفصام بين الاستراتيجية والاداء، اثر سلبا".
والسؤال، من هو أبو تلك المرحلة من "تيار" سياسي، استمرت اربعة اعوام؟ واي خلل هذا اصاب الجسم الحزبي؟ وغريب ان تجربة مماثلة لم تنجح حتى الان في انهاض نفسها.
في احدى المرات، قال عون انه يوصي المناصرين بألا يظهروا نقاط ضعفهم ولا نقاط قوتهم، انما المؤكد ان هناك نقاط ضعف عديدة ظهرت للعلن، وكانت سنة 2009 بمثابة نقطة الماء التي افاضت الكوب.
واقع كهذا مرشح للاستمرار اذا لم يجلس "التيار" الى طاولة واحدة ويبدأ بقراءة داخلية هادئة، تعيد اليه النبض لبناء مؤسسة حزبية نموذجية، ولمواجهة مرحلة مقبلة قد تكون اقسى بتداعياتها السياسية والاقتصادية. فالمرحلة التنظيمية الانتقالية طالت واسقطت معها الكثير، وفرضت نمطا آخر من العمل. لكن، أهي مسؤولية فردية أم جماعية. وفي ملعب من توضع الكرة اليوم؟


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,181,926

عدد الزوار: 6,759,406

المتواجدون الآن: 110