لبنان رفض قرار إدانة سوريا.. منصور: عدم تركها أمام تحديات...الحريري يبدي خجلاً من الموقف الحكومي و14 آذار تطرح مصير السفيرين في بيروت ودمشق

الحدث السوري امس كان حدثاً لبنانياً ايضاً بامتياز. فقد أثار وقوف وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور الى جانب النظام السوري في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة عاصفة ردود من اقطاب المعارضة وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري، فيما لاذ المسؤولون بالصمت عندما كانت توجّه اليهم اسئلة عن تبعات الانحياز في مواجهة شبه الاجماع العربي. والاطلالة الرسمية الوحيدة ستكون الثلثاء المقبل في الجلسة العادية لمجلس الوزراء في السرايا مع اسئلة عما ستفعله السلطات الرسمية حيال الاستحقاقات التي رتبها اجتماع القاهرة امس.

مصدر بارز في 14 آذار قال لـ"النهار" ان هذه القوى بصدد طرح مصير السفيرين السوري واللبناني في بيروت ودمشق علي عبد الكريم علي وميشال الخوري في ضوء دعوة وزراء الخارجية العرب الى سحب السفراء العرب من دمشق. ووصف السلوك الرسمي الذي اتبعه الوزير منصور بأنه تعبير عن "حكومة حزب الله وحكم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح". ولفت الى ان العراق بامتناعه عن التصويت "احترم خصوصية علاقة حكومة المالكي مع سوريا وايران وايضاً خصوصية تركيبته الداخلية، وهو الامر الذي لم تحترمه حكومة حزب الله". وتساءل: "الى اين يأخذون لبنان بعد اعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله عدم الاعتراف بالقرارات الدولية، ثم اعلان عدنان منصور عدم الاعتراف بالقرارات العربية؟".

الرئيس الحريري أعرب عن خجله من موقف الحكومة اللبنانية في جامعة الدول العربية، مطالباً "الشعب السوري بألاّ يعتبر هذا الموقف معبّراً عن إرادة اللبنانيين".

وخلال دردشة مع المستخدمين على موقع "تويتر"، أكد الحريري أن "موقف جامعة الدول العربية هو نصر ودليل على أن العرب باستطاعتهم اتخاذ مواقف على الساحة الدولية انطلاقاً من مواقعهم"، مضيفاً: "أخيراً اتخذ العرب موقفاً تجاه الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والديموقراطية والكرامة".

وختم: "لقد حان الوقت لنحني رؤوسنا ونصلي لأولئك الذين سقطوا على درب الحرية وتحديداً في سوريا".

واعتبر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري "ان التصويت ضد قرار الجامعة أسقط عن وجه الحكومة قناع النأي بلبنان"، فيما طالب النائب مروان حماده بـ"استقالة الحكومة اللبنانية التي وضعت بلدنا في عزلة عربية تضاف الى عزلته الوطنية والدولية فوراً".

في دار الفتوى، عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى امس جلسته برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وفي حضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة. وأصدر بياناً حذر فيه "من المس أو النيل من موقع رئاسة الحكومة أو أي موقع وطني آخر"، ودعا الى "الابتعاد عن أي صراعات أو التهرب من التزامات الحكومة اللبنانية تجاه المحكمة الخاصة بلبنان وعدم تعريض لبنان لمواجهة مع الشرعية الدولية والمجتمع الدولي". وأبدى "قلقه الشديد والمه لمشاهد القتل الممنهج وانتهاك الحرمات وكرامة الانسان التي ترافق الحراك الشعبي المطالب بالحرية والكرامة والعيش الكريم في بعض الدول العربية". وطالب المؤسسات الرسمية اللبنانية ومؤسسات المجتمع المدني بـ"تأمين الملجأ الآمن والمشرف للأشقاء السوريين الذين اضطرتهم الأحداث الأليمة الى اللجوء الى لبنان، وتقديم العناية الطبية اللازمة لكل من يحتاج اليها منهم. واعتبر أي تقصير في هذا المجال غير مبرر ومدان".

وقبيل انعقاد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، عقدت خلوة ضمت قباني وميقاتي والسنيورة الذي رد على "الكلام الذي سمعناه البارحة من السيد حسن نصرالله" فقال: "نحن لم نقدم هذا الاقتراح بالنسبة لموضوع الأونيسكو من أجل إيجاد مخرج للولايات المتحدة، بل هو للتعبير عن السخط". وأكد "الالتزام بالتعاون مع المحكمة وهو عمل وطني كبير، وبالتالي إعلاء شأن العدالة ومنع الفرار من وجه العدالة بالنسبة الى أي شخص ارتكب جريمة إرهابية مثل هذه الجرائم التي تعرض لها عدد كبير من اللبنانيين، وفي مقدمها الجريمة المرتكبة ضد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه (...)".

مصدر مسؤول في "تيار المستقبل" علّق لـ"النهار" على ما جاء في خطاب السيد نصرالله أول من امس حيث تطرق الى "المشهد الحضاري" في 25 ايار 2000 حيث "لم يقتل احد من جماعة انطوان لحد (...)"، فقال: "أين كان المشهد الحضاري عندما اقتحموا في 7 ايار 2008 معظم أحياء مدينة بيروت وقتلوا أبرياء منهم المحامي الدكتور هيثم حسن طبارة السني ووالدته آمال بيضون الشيعية واقتحموا المؤسسات الإعلامية لـ"المستقبل" واقفلوا غيرها مثل جريدة "اللواء" ومجلة "الشراع"؟ فهل المشهد الحضاري يحصر فقط بعملاء اسرائيل؟".

وفي الشمال، وللمرة الاولى منذ نشوئها، ذهبت امس قيادة قوى 14 آذار مجتمعة في وفد يمثلها إلى وادي خالد لمؤازرة النازحين السوريين ولكشف التقصير الرسمي حيالهم والتحذير من مغبة التضييق عليهم امنياً.

 

 

للمرة الأولى منذ نشوئها، ذهبت قيادة قوى 14 آذار مجتمعة في وفد يمثلها إلى أقاصي الجمهورية اللبنانية شمالاً أمس، كي تطلق مواقف صارخة.

مع نواب المنطقة، وهم جميعاً من "تيار المستقبل" الأساس في تلك البقعة من لبنان ومن الحركة السيادية، وعلى مرأى من جنود النظام السوري، توزعت مواقف وفد 14 آذار غير العادية في ثلاثة اتجاهات:

أولاً- إلى خلف الحدود، على مرمى حجر منها، اختصرتها عبارات الختام في كلمة منسق الأمانة العامة فارس سعيد خلال لقاء فاعليات وادي خالد: "... عاش الربيع العربي، عاشت الثورة السورية، عاش وادي خالد".

(وآه كم يحتاج البشر العائشون في ذلك الوادي إلى اهتمام ورعاية من الدولة! لعلّ من فوائد المصائب الواقعة على العائلات السورية النازحة إليهم -إن كان ثمة فوائد- أنها سلطت الضوء على تلك البقعة من لبنان الأشبه بعاصمة أفغانستان كابول. بالدراجات النارية الكثيفة التي تملأ الطرق الترابية المحفرة، ومظاهر الفقر المعمّم، والأطفال والأولاد الذين يتجمعون في كل مكان بأعداد كبيرة ويطلون من خلف الأبواب والنوافذ، يُدهش عيونهم مشهد موكب السيارات الضخم التي جاوز عددها الأربعين، مع حماية معززة ومواكبة وفرتها القوى الأمنية للوفد طوال الجولة، وذهابا وإياباً إلى بيروت).

ثانياً - إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي تردد اسمه تكراراً في كلمات السياسيين وكذلك كلمات ممثلي العائلات السورية النازحة، بالعتاب واللوم مع الاتهامات بالتضييق والتغطية على مساعي ملاحقة الهاربين والتنكيل بهم حتى في لبنان.

ثالثاً – إلى الأجهزة الأمنية، كي يتبصر المسؤولون عنها قبل التعاون مع أجهزة الأمن السورية في التعامل مع النازحين.

ولفت ترك قوى 14 آذار موضوع إقامة مخيمات للنازحين للعملية التفاعلية بين النازحين أنفسهم والحكومة اللبنانية، وكذلك دفاع نواب "المستقبل" في الشمال عن النازحين و"استقتالهم" لحمايتهم من الأخطار وتوفير ما يلزمهم من خلال الدولة والمؤسسات الإنسانية الدولية، وتأكيد المسؤولة عن قسم الحماية في مركز المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين أستريد فان جاندرن ستورن خلال لقائها وفد 14 آذار في المركز بالقبيات أن لا حاجة حالياً إلى إقامة مخيمات للنازحين الـ 3500 الذين يقيمون موقتاً لدى عائلات أو في مدارس، وأن حاجاتهم الأولية من طعام ودواء وتعليم للأولاد "مؤمنة إلى حد ما مقبول". أما إذا تفاقم الوضع في سوريا وارتفعت تالياً أعداد النازحين فلن يكون بد من إقامة مخيمات لإيوائهم.

لكن أبرز ما يستدعي التأمل ويستلزم تحليلاً لاحقاً، كان موقف أهالي وادي خالد والنازحين أيضاً من النائب نديم الجميّل. فعلى رغم أن الوفد الزائر ضم نحو 50 شخصية من بيروت والشمال بينهم عدد كبير من النواب والنواب والوزراء السابقين، كان الناس عند كل المحطات يُخبر بعضهم بعضاً أن "الشيخ نديم الجميّل هنا" ويتهافتون لرؤيته والسلام عليه، وبعضهم كان يهتف "الله يرحم أبوك". حادَثَ أكبر عدد منهم، سائلاً كلَّ من وقف معه من أي قرية هو وكيف نزح وعما يستطيع النواب القيام به لأجل النازحين وأبناء المنطقة على السواء. غالبية الإجابات تعلقت بأنهم يريدون التجوّل خارج القرى التي نزحوا إليها فهم يشعرون بسبب منعهم من مغادرتها كأنهم في معتقل. لكن العبرة تبقى أبعد: ما الذي كان يمكن أن يجعل نديم بشير الجميّل مرحَّباً به بحفاوة وحرارة في منطقة مثل وادي خالد لولا 14 آذار؟   

زيارة الوفد الآذاري (البيروتي - الشمالي) جاءت تحت شعار " كسر الحصار الاعلامي عن منطقة وادي خالد والتضامن مع النازحين السوريين"، وضم الوفد الذي انطلق صباحا من مقر الأمانة العامة في الأشرفية واجتمع مع نواب "المستقبل" ونواب آخرين شماليين في مقر "التيار" في طرابلس - إلى النائب الجميّل والنائب السابق سعيد - النواب سمير الجسر واحمد فتفت وأنطوان زهرا ومعين المرعبي وهادي حبيش وخالد زهرمان ونضال طعمة ورياض رحال وخضر حبيب وكاظم الخير وانطوان زهرا، والنائبين السابقين مصطفى علوش والياس عطاالله وعميد الكتلة الوطنية كارلوس اده، وعضو أمانة 14 آذار الزميل علي حماده، إلى وفد حزب "القوات اللبنانية" الذي ضم إلى النائب زهرا السيد إدي ابي اللمع والعميد وهبة قاطيشا، ومنسقي تيار المستقبل في طرابلس وعكار والمنية ورئيس اتحاد بلديات جرد عكار عبدالإله زكريا وعدد من رؤساء البلديات وشخصيات.

المحطة الاولى في عكار كانت زيارة مستوصف أنشئ حديثا في قرية القنبّر لإسعاف الجرحى السوريين. وانتقل الجميع الى مدرسة الرامة في وادي خالد حيث كان لقاء مع عدد من العائلات السورية النازحة، استقبل ابناءها الوفد بالهتافات الداعية لإسقاط النظام في سوريا والمؤيدة للرئيس سعد الحريري، وكانت كلمات للنائب السابق عطاالله والنائب الجميل والعميد اده الذين اجمعوا على ادانة النظام السوري "لممارسته العنف والقتل في مواجهة الشعب السوري الأعزل" وحمّلوا جميعا الحكومة اللبنانية تبعة اي تقصير في مساعدة العائلات السورية النازحة. وكانت للنائب انطوان زهرا اطلالة خاصة على قضية سوء الطرق المؤدية الى المنطقة.

 وانتقل الجميع الى قرية الهيشة حيث زار الوفد مخيما للنازحين السوريين واستمع الى معاناة ابناء هذه العائلات ومناشداتهم.

المحطة التالية كانت في بلدة المقيبلة حيث عقد مؤتمر صحافي في الباحة الخارجية لدارة رئيس البلدية السابق محمود خزعل. واستهل النائب معين المرعبي مؤكدا دعم ابناء العائلات السورية النازحة وابناء منطقة وادي خالد، قال: "أردتم كسر الحصار فانكسر الحصار. اردتم التغطية الطبية فكان لكم ما يجب ان يكون (...) اطالب باسمكم جميعا الدولة اللبنانية بالبطاقة التعريفية حتى لا يتعرض كل لاجئ في تجواله الى التوقيف (...)".

وألقى الدكتور سعَيد كلمة مكتوبة باسم 14 آذار، جاء فيها: "(...) إن ما تعانونه ليس شانا مناطقيا ولا طائفيا بل هو شأن وطني بامتياز وشأن لبناني وعربي، ونحن مع الربيع العربي ومع الثورة في سوريا وهذا التنوع في الوفد الذي يمثل 14 اذار اليوم، والمتمثل بتيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب واليسار الديموقراطي والكتلة الوطنية والمستقلين بداخل 14 اذار، هو لتأكيد التضامن معكم".

وأعلن الآتي :

"- نحذر السلطات اللبنانية السياسية والأمنية من اي مضايقات تفرض على اهلنا في وادي خالد، وعكار خصوصا، واي منطقة في لبنان لانهم استقبلوا اهلهم من سوريا.

- نطالب الحكومة اللبنانية، وهنا نتوجه الى دولة الرئيس ميقاتي بالاسم، بالإيعاز الى الهيئة العليا للاغاثة بالاهتمام الفوري ومن دون تلكؤ بالإخوة اللاجئين من سوريا (...).

- ان اي احصاء للهاربين من الظلم يجب ان يبقى في اطار الضرورات الأمنية اللبنانية. ان اي استخدام لاسماء افراد العائلات النازحة من اجل الضغط عليهم او اجبارهم على العودة باتجاه سوريا، مما يعني ارسالهم بكل دم بارد الى التصفية الجسدية، هو عمل مرفوض. ان قوى 14 اذار لن تتراجع عن المساءلة بالاسم لكل مسؤول مدني او امني لبناني يعمل بالتنسيق مع القوات السورية من اجل قمع العائلات.

- نطالب وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والاجنبية بالمسارعة الى تثبيت فرق اعلامية مكتوبة ومسموعة ومرئية في وادي خالد حتى انتهاء الازمة السورية وعودة جميع العائلات الى سوريا.

- نطالب المؤسسات والجمعيات الاهلية اللبنانية والعربية والدولية بالتوجه الى منطقة عكار – وادي خالد للتأكد من تطورات الامور الإنسانية وتلبية حاجات الاهالي والعائلات النازحة الى لبنان.

- نحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية اي خرق للحدود اللبنانية من الجيش السوري، ونعتبر اي خرق للحدود اللبنانية - السورية خرقا لسيادة لبنان واستقلاله".

وألقى الشيخ عبدالرحمن عكاري كلمة باسم النازحين السوريين. ثم اختتم النائب فتفت المؤتمر بنقل رسالة تلقاها عبر الهاتف الخليوي، وهي: "قررت جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا فيها "، فعلت الهتافات والتصفيق. وأقام النائب هادي حبيش مأدبة للوفد في مطعم "مونتيفردي" في القبيات.

جدد الأمين العام لـ" تيار المستقبل" أحمد الحريري تأكيده "الوقوف مع الشعب السوري ضد نظام الحقد والاغتيالات لنصرة الحريات والتنوع والديموقراطية وضد القمع والارهاب ".

وقال في عشاء في "البيال": "اننا أمام مرحلة بالغة الأهمية، لنبني وطناً قوياً لا أحزاباً قوية اكبر من وطنها"، داعياً الى "العمل لوجود جيش قوي وليس حزباً قوياً للدفاع عن البلد وأهله".

واكد ان "لبناننا الحرية والتنوع والتعدد، ولبناننا الدولة التي لا تعرف دويلات، وتغيث الملهوف، وخصوصاً من اشقائنا السوريين الذين لاذوا بأرضنا جراء وحشية نظام لا يعرف إلاّ الحلول الأمنية لحماية نظام سياسي يقمع الحريات منذ ما يربو على خمسة عقود". ورأى أن " لبنان يمر في أدق اللحظات حراجة لجهة تاريخه في مجالات حقوق الإنسان والحريات، وهناك من يريد للبلد العودة الى ما قبل 14 آذار 2005 بهدف تطويعه، وجعله مجدداً صندوقة بريد لرسائل دول طموحها امبراطوري، ولا يهمها من أمرنا شيئاً، إلا استخدامنا وقوداً لمشاريعها". وختم: "لا مساومة على المحكمة الدولية، ولاعلى اختيار اسلوب العيش والحرية، والمطلوب من لبنان ان يؤكد بالممارسة أنه دولة بين الدول، وعليه فليسلم المطلوبين الى القضاء الدولي، وانه ملتزم الشرعية الدولية لجهة حماية اللاجئين السوريين من عصابات الأسد وكتائبه والشبيحة".

وادي خالد - إيلي الحاج    

 

 

اعتبر وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، ان "الجامعة العربية مدعوة الى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها والمحافظة على وحدتها وسيادتها وأمنها وأمن المنطقة واستقرارها، وليس الى جر سوريا الى الذين يتربصون بها".

وحذر منصور في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية امس في القاهرة، من "السماح بتأجيج النار التي ستلتهم الجميع، ومن ترك سوريا من دون الوقوف بحزم حيال ما يحاك ويحضر في الداخل والخارج من تحريض مغرض وهدام و حملات اعلامية تجاوزت الحدود كلها. ورفض مشروع القرار المطروح امام مجلس الجامعة بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، مذكراً بأنه "منذ الاجتماع الاول كانت هناك نية من بعض الاطراف بذلك". واكد ان "هذه الخطوة من شأنها تعقيد الأمور ولن تؤدي الى الامن والاستقرار في المنطقة".

واعتبر ان "البندين الثاني والرابع يشملان سابقة لها عواقبها الخطيرة على الصعيد الدولي وعلى الصعيدين السياسي والاقتصادي ويقوضان اسس التعاون العربي المشترك والسلام في المنطقة ويضعان صدقية الجامعة كلاً في الميزان".

 

فريد مكاري.

اعتبر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ان الموقف الرسمي اللبناني بالتصويت ضد قرار المجلس الوزاري العربي في شأن الوضع في سوريا،" أسقط عن وجه هذه الحكومة قناع النأي بلبنان الذي كانت تختبىء وراءه، وجعلها تظهر على حقيقة أنها صنيعة النظام السوري، وتابعة له، ومهمتها أن تكون آخر من يقف الى جانبه في العالم".

وقال إن "موقف الحكومة هو انحياز واضح وفاضح في الموضوع السوري، وهو مناقض تماما لمبدأ النأي بلبنان الذي كانت الحكومة تدعي انتهاجه، اذ هو تورط مباشر الى جانب النظام السوري، واستعداء صريح لارادة الشعب السوري، وخروج عن الاجماع العربي الذي لم يخرقه مع لبنان سوى نظام يقترب هو الآخر من نهايته.

من الواضح أن الحكومة لن تستطيع بعد اليوم اللعب على العبارات والألفاظ، ورئيسها لن يستطيع مواصلة التستر بالوسطية، اذ حان وقت دفع الفواتير الصريحة، والاشرف له أن يسارع الى التنحي للنأي بنفسه عن مزيد من المواقف المعيبة والمحرجة". ووصف تصويت لبنان ضد القرار العربي بأنه "نعي لكل القيم والمبادىء التي قام عليها لبنان،"، وقال: "اذا كان التعاون العربي الذي تخشى عليه حكومتنا تعاونا مع الأنظمة التي تقتل أبناءها، فلا نريد هذا النوع من التعاون، أما صدقية الجامعة التي تخاف عليها حكومتنا، فالجامعة اكتسبتها اليوم، عندما أصبحت جامعة تسمع صوت الشعوب العربية وتتجاوب واراداتها، لا جامعة تغطي الأنظمة التي لفظتها شعوبها".

 

رحب النائب مروان حماده "باليقظة العربية التي بدأت بمساندة نضال الشعب السوري ضد حكامه الطغاة". وطالب باستقالة الحكومة اللبنانية "التي وضعت بلدنا في عزلة عربية تضاف الى عزلته الوطنية والدولية"، منتقداً في بيان "الموقف المعيب للوفد اللبناني في القاهرة، والذي كنا قد حذرنا من انضمامه الى آخر الديكتاتوريات المتناهية والذي تلتقي فيه حكومة "حزب الله" في لبنان مع بقايا حكم علي عبد الله صالح في اليمن". ورأى ان ذلك "يتطلب من رئيس الجمهورية ومجلس النواب والوزراء الشرفاء في الحكومة، وقفة عز لكي لا يخجل كل لبناني من الآن فصاعداً من انتمائه الى آخر الدول المارقة".

 

حذر المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى من "المس أو النيل من موقع رئاسة الحكومة أو أي موقع وطني آخر أو التعامل بكيدية مع أي مسؤول في الإدارات والمؤسسات العامة". وأصدر المجلس بعد جلسته أمس برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وفي حضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة، بياناً تلاه الشيخ محمد أنيس اروادي أكد فيه "مرجعية دار الفتوى في سائر الشؤون التي تتصل بالأوقاف الإسلامية والمؤسسات الاجتماعية والثقافية".

ودعا المجلس جميع اللبنانيين الى "ضرورة الوعي بأخطار المرحلة وتحصين ساحتنا الداخلية والابتعاد عن أي صراعات أو التهرب من التزامات الحكومة اللبنانية حيال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وعدم تعريضه لمواجهة مع الشرعية الدولية والمجتمع الدولي".

وشدد على "أن تولي الحكومة اللبنانية القضايا المعيشية والحياتية والاجتماعية ما تستحقه من اهتمام وأولوية بعيداً من أي تأجيل أو تسويف". وأبدى "قلقه الشديد وألمه لمشاهد القتل الممنهج وانتهاك الحرمات وكرامة الانسان التي ترافق الحراك الشعبي المطالب بالحرية والكرامة والعيش الكريم في بعض الدول العربية".

ودعا المؤسسات الرسمية اللبنانية ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في حقل الإغاثة وحقوق الانسان الى العمل الفعال والجاد لتأمين الملجأ الآمن والمشرف للأشقاء السوريين الذين اضطرتهم الأحداث الأليمة اللجوء الى لبنان، وتقديم العناية الطبية اللازمة لكل من يحتاج اليها منهم. واعتبر أي تقصير في هذا المجال غير مبرر ومدان.

وهنأ المجلس اللبنانيين بذكرى الاستقلال، ونوه بـ"الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية التي تسهر على أمن الوطن والمواطن.

وقبيل انعقاد المجلس عقدت خلوة ضمت قباني وميقاتي والسنيورة.

وقال السنيورة لدى خروجه: "في ما خص موضوع الكلام الذي سمعناه البارحة (أول من أمس) من السيد حسن نصرالله، نحن لم نقدم هذا الاقتراح بالنسبة الى موضوع الأونيسكو من أجل إيجاد مخرج للولايات المتحدة، بل هو للتعبير عن السخط وعن عدم الموافقة على هذا الموقف الذي اتخذته الولايات المتحدة الأميركية في شأن تعليق مساهمتها في منظمة الاونيسكو، لكن الربط بين هذين الأمرين غير صحيح، لأن هذا الموضوع له علاقة بإسهام ما يتعلق بموضوع لبنان فهو التزام بالتعاون مع المحكمة".

ورأى أن "القصة ليست البحث عن مخرج، الموضوع هو التزام لبنان بالتعاون مع المحكمة الدولية وليس هناك من مخرج، هناك طريق واحد يؤدي الى التعاون مع المحكمة الدولية".

وكشف أن موضوع المحكمة كان عابراً في الخلوة مع ميقاتي وقباني. وقال: "لكل رأيه ومنطلقاته ووجهات نظره التي لا تتفق دائماً في عدد من الامور، ومن الطبيعي أن هذا اللقاء لا يمنع أن هناك أموراً نختلف في شأنها".

 

يعقد أعضاء من البرلمان الأوروبي بالتعاون مع أعضاء الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي وأعضاء من البرلمان اللبناني والشرق الأوسط، بدعم من لجنة المؤتمرات الأسقفية في الاتحاد الأوروبي، مؤتمراً عن "مستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط نحو الحرية الدينية"، العاشرة قبل ظهر الجمعة المقبل في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في جامعة الروح القدس – الكسليك، ويحضره البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعدد من بطاركة الشرق، كما أعلن منسق المؤتمر مارون كرم. ويختتم المؤتمر بقداس يوم الأحد يترأسه البطريرك الراعي.

 

استضاف دير مار الياس شويا البطريركي ندوة بعنوان: "المسيحيون في العالم العربي"، برعاية بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع، شارك فيها متروبوليت جبل لبنان للروم الارثوذكس المطران جورج خضر، الوزير السابق طارق متري، والامين العام للجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي في لبنان محمد السماك الذي القت كلمته الدكتورة اغات اللحام.

وتناول المطران خضر في مداخلته تاريخ المسيحيين العرب ومساهمتهم في الحضارة الاسلامية، فرأى "ان تاريخهم يدل على انهم ليسوا جسر معرفة بين الغرب المسيحي والاسلام فقط، فهذه المعرفة متوافرة عند المستشرقين شكلاً اكاديمياً، لكن مسيحيي هذه البلاد، بسبب اللغة، لهم مذاقة القرآن، وتاليا محبة الكثير منه ونوع من الحس بأنهم في حركته، وهو يضرب على اوتار قلوبهم، مما لا يتوافر بالترجمة لأهل الغرب".

واعتبر "ان رسالة المسيحيين في العالم العربي لن تأتي من ثقافتهم، لكن من عمق روحانيتهم. فالثقافة امست مشترك الناس والنخب العربية المختلفة في الدين في بلاد الشام باتت اليفة. لكن المسيحية في جوهرها هي ساحة القلب وبكاء التوبة ومملكة الفقراء والمتواضعي القلوب. هي اذًا عيش قبل ان تكون كلمة، والكلمة عندنا وليدة العيش الطاهر. لذلك قبل ان نكون اهل كتاب نحن اهل المسيح الذي هو الكتاب الذي كتبه الله".

ورأى متري "ان الحديث عن المسيحيين في المشرق العربي، وان من زاوية مخاوفهم وتراجع دورهم لا يتيح التبصر الجاد ما لم نبتعد عن الجنوح الى الشكاوى الأقلوية او اللجوء الى ترداد الخطابة الوطنية". وقال: "لعل المسيحيين يحتاجون الى نخب تقودهم بدلاً من ان تسودهم. والقيادة تعني في هذا المجال فتح المسالك المتعددة أمامهم، وتعني ايضاً الا يصادر السياسيون ادوار النخب الثقافية والدينية، والاّ يسعوا الى استتباعها، والا تدفع المصالح الصغيرة والعصبيات الضيقة والخوف من المستقبل بعض النخب الدينية الى ان يستتبعوا استنصاراً بشعبية الزعماء او طلبا لرعايتهم. وتزداد هذه الحاجة اليوم، لان الاسئلة القلقة والخائفة احياناً، لا تغيب عن حديث المستقبل عند الكثيرين من مسيحيي العالم العربي". 

وشدد على "ان عنصر الوقاية الاول من الانزلاق الخطر، بل من الجنوح المدمر، يبقى الموقف الاخلاقي، ويعني هذا الموقف الا يجد المسيحيون انفسهم في غربة عن التوق الى الحرية ومتساهلين مع عنف الاستبداد الدموي ضد المدنيين وساكتين عن الاساءة الى كرامة الشخص الانساني بحسب التعبير المسيحي المعروف".

والقت اللحام كلمة السماك، وفيها: "هناك حاجة، في اطار الربيع العربي" العام، الى ربيع مسيحي خاص، يعيد الصدقية المسيحية المشرقية والعربية القومية، الى مجلس كنائس الشرق الاوسط، ليتمكن من ملء فراغ التحدث باسم المسيحيين جميعاً، وليستأنف تالياً دوره البناء في الحوار المسيحي – الاسلامي".

وحدد سلبيتين "اسلامية ومسيحية لا بد من تفكيكهما". واشار الى ان "السلبية الاسلامية تتمثل في تضخم او في تضخيم الحضور السياسي الاسلامي في اساس حركات "الربيع العربي". اما السلبية المسيحية فتتمثل في غياب او في تغييب مجلس كنائس الشرق الاوسط بصفته الناطق الشرعي باسم مسيحيي الشرق. وتؤجج حالة اللاتوازن هذه بين الحضور او الاستحضار الاسلامي المبالغ فيه، وبين الانكفاء او الاستغناء المسيحي المبالغ فيه ايضا، من مشاعر الخوف المسيحي، ومن مشاعر الخوف الاسلامي من هذا الخوف. فالخوف يؤسس للاثقة. ومن المستحيل ان يقوم عيش واحد او حتى عيش مشترك على قاعدة الخوف واللاثقة".

 

 

تكتسب زيارة بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل (65 عاما) لسوريا ولبنان اهمية بالغة في توقيتها، رغم انها كانت مقررة قبل اكثر من عام، وتأتي من ضمن زيارات رأس الكنيسة الارثوذكسية الروسية ، وفقا للعادات الكنسية القديمة، علما أنه زار لبنان وسوريا عام 1996. وبعيدا من توقيت الزيارة التي تبدأ اليوم فان البطريرك كيريل يعتبر احد ابرز خلفاء البطريرك نيكون (1605 – 1681) او الحاكم الاكبر، كما كان يسمى في روسيا القيصرية، والذي جمع بين السلطتين الدينية والسياسية.

والبطريرك الجديد احد ابرز دعاة التجديد ونبذ بعض الطقوس، ويعمل على جذب جمهور واسع من المؤمنين في روسيا وخارجها، وهذا من اهم الأهداف التي يعمل على تحقيقها منذ انتخابه عام 2009.

وينقل المقربون من كيريل انه من مؤيدي الادارة المباشرة لتنظيم عمل الكنيسة، وأن اول ما قام به عندما اصبح بطريركاً لروسيا، كان الشروع في الاصلاحات الكنسية الادارية وتقليص دور المؤسسات الديموقراطية للادارة الكنسية بدءا بالمجمع الكنسي المحلي وانتهاء بمجالس الابرشيات.

ولعل طموح البطريرك كيريل يكمن في تحويل موسكو الى "فاتيكان ارثوذكسية". ويذكر انه عندما كان برتبة متروبوليت شُكلت لجنة خاصة في البطريركية في شأن الزعامة الارثوذكسية في العالم وتحولت بعد اعتلائه سدة البطريركية الى مجموعة عمل لا يُفصح عن نشاطها. ويسجل للبطريرك نجاحات عدة خلال عامين من ترؤسه الكنسية الارثوذكسية، منها ادخال تدريس "اسس الثقافة الارثوذكسية" في مناهج المدارس الروسية الحكومية بعد سنوات من الممانعة الحكومية، واعادة العقارات "ذات الاهمية الكنسية" الى ملكية الكنيسة.

وشغل كيريل مناصب دينية عدة في الفترة الممتدة من العام 1970 وحتى انتخابه بطريركا لموسكو وسائر روسيا، وشارك في انشطة المنظمات المسيحية الخارجية في دول عدة منها اسوج وكينيا والمجر وغيرها. واضطلع بدور لافت في تثبيت اجراءات عملية السلام في يوغوسلافيا السابقة، وكذلك في اعادة العلاقة الى طبيعتها بين الكنيسة الارثوذكسية والحكومات في اكثر من دولة، وحاز اوسمة عدة خلال مسيرته.

 

وصف بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس إغناطيوس الرابع هزيم زيارة بطريرك موسكو وعموم الروسيا كيريل لسوريا أمس بأنها زيارة ذات معنى قوي في هذه الظروف.

وقال في كلمة له أمام حشد موالٍ للرئيس بشار الأسد هتف بحياته في مقر البطريركية بدمشق القديمة أن هذه الزيارة هي "زيارة محبة وسلام"، إضافة الى معانيها القوية في الظروف الراهنة وهي زيارة ذات بعد روحي وكنسي. وأضاف انها "ذات دلالات كبيرة خاصة من أجل السلام".

أما البطريرك كيريل، الذي كان محاطاً بلفيف من رجال الدين المسيحيين وعدد من ديبلوماسيي السفارة الروسية في دمشق، فعبر عن شعوره قائلاً: "شعوري هو مزيج من الفرح والسعادة لوصولي الى هذه الأرض التاريخية التي مشى عليها الرسول بولس".

وأضاف "نحن في هذا المكان الذي كان مقر المجمع المسكوني المقدس قبل ألفي سنة، ولا يزال المسيحيون هنا ينطقون باسم الرب يسوع والسيدة العذراء... إننا نرى أمام أنظارنا اليوم تاريخ الكنيسة الإنطاكية العريقة وقد حصل الكثير من التاريخ المتنوع في هذه المنطقة ولهذه الكنيسة ولهذا الشعب السوري العظيم، حصل الكثير من الحقب التي مرت على هذه المنطقة، كانت تحمل في طياتها التنوع لمختلف مناحي الحياة".

وتأتي زيارة البطريرك الروسي، وهي الثالثة له لسوريا منذ اعتلائه السدة البطريركية، تحت شعار "زيارة السلام" وهي ستشمل ايضاً لبنان، وسيلتقي مسؤولين سوريين في مقدمهم الرئيس بشار الأسد ظهر اليوم الأحد، كما يلتقي رؤساء روحيين مسيحيين ومسلمين. وقال كيريل أيضاً: "كنت أريد أن أزور سوريا دوماً لأعانق هنا أخوتي المسلمين والمسيحيين، وقد قال لي البعض إن هذا الوقت ليس مناسباً لزيارة سوريا، لم أفهم هذه الكلمات منهم، فما أقوم به أنا الآن هو زيارة كنيستي المشرقية في الشرق، كلهم هنا أخوتي، نحن شركاء في جسد المسيح ككنيستين مشرقيتين، ليس بيننا حدود، وهذه وصية المحبة ليس لها حدود".

ورأى انه "ليس هناك وقت جيد ومناسب لزيارة ووقت غير مناسب. لقد أتيت إلى هذه الأرض بفرح عظيم. نحن تجمعنا علاقات طيبة مع الشعب السوري، لقد سمعت عبارات المحبة من جميع أطيافه. نحن نكن الاحترام لكل الشعب السوري، ويمكنني القول أيضاً، أننا كشعب روسي وشعب سوري جسر واحد نحو المحبة ونطلب من الله أن يجمعنا مع إخواننا في الإسلام في المحبة لأن هذه الشعوب في هذه المنطقة العريقة تملك الديانات التقليدية العريقة. لقد تشاركنا عبر التاريخ في الحزن والفرح وصلاتنا اليوم هي أن تزدهر سوريا ويعمّ الخير وتزدهر العلاقة بين مسلميها ومسيحييها". وتستمر زيارة البطريرك كيريل لسوريا يومين ينتقل بعدها إلى لبنان. وكانت مصادر معنية، سورية وغربية، رأت أن هذه الزيارة يمكن وصفها بأنها زيارة "داعمة" للحوار بين الأفرقاء المختلفين سياسياً في الأزمة الراهنة التي تعيشها سوريا.

دمشق - جوني عبو    

 

يستمر السجال حول قضية طرد الاكراد السوريين في منطقة برج حمود وجوارها، بعدما عبرت شخصيات سياسية لبنانية من تحالف قوى 14 آذار، عن اقتناعها بأن القرار اتخذه حزب الطاشناق، وهو مبني على حيثيات سياسية انتقامية من فئة شاركت وتشارك كل أحد في تظاهرات مناوئة لنظام دمشق امام السفارة السورية في الحمراء.

 هذا الامر الذي كان نفاه النائب آغوب بقرادونيان في حديث مع "النهار"، وعزا فيه تلك الاجراءات الى ان بلدية برج حمود تفاعلت مع مطالب أهالي المنطقة بإخلائها من كل مظاهر "الزعرنات" والفوضى التي تشهدها، ولا سيما لناحية اقامة 10 شباب او اكثر في غرفة واحدة، اضافة الى تسبب هؤلاء الشباب الغرباء بمشاكل دائمة في المنطقة التي باتت غير مستقرة بفعل وجودهم، وجميعهم اجانب ومن جنسيات مختلفة ولا تقتصر الاجراءات على الاكراد او السوريون حصرا.

بين هذين المنطقين المختلفين جذريا جالت "النهار" في أحياء يقطنها أكراد وسوريون في المنطقة بحثا عن الحقيقة، وان تكن نسبية، وتحدثت الى وزير الداخلية والبلديات مروان شربل للوقوف على رأي الدولة الرسمي في ما يجري هناك، واستيضاحاً لمدى قانونية الخطوات المتخذة من البلدية في هذا الصدد.

استهل شربل كلامه بأن ما جرى في منطقة برج حمود وجوارها ضُخِّم في وسائل الاعلام، بينما الحقيقة ان ثمة استياء من اهالي برج حمود ومنطقة عمل بلديتها من سرقات وعمليات سلب واعتداءات تحصل منذ مدة، وهو ما جعل الاهالي يرفعون الصوت ويطالبون البلدية بالقيام بواجبها في اطار تنظيم المنطقة. وعن قانونية الخطوات التي اتخذتها البلدية بناء لطلب من حزب الطاشناق، قال انه لا يحق لأي حزب، لا للطاشناق ولا لغيره الطلب من اي بلدية باجراء من هذا القبيل، ولكن كما نعرف فان البلدية منتخبة في النهاية وهي التي تقدر المصلحة العامة وما هو الانسب في هذا الاطار، باعتبار انه يحق للبلدية قانوناً ان تنبه السكان وتحذرهم وتساعد قوى الامن على ضبط امن نطاقها، وشرطتها يمكن ان تساعد في هذا الاطار. لكن لا يحق لها ان تطرد احدا، ولا يحق لحزب الطاشناق ولغيره التدخل في مثل هذه الامور".

يضيف: "بحسب معلوماتي فانهم لا يطردون الاكراد من المنطقة، والواقع لم يبين ان هناك اي اجراءات تعسفية او كيدية او انتقامية ذات بعد سياسي. ونحن لا يمكن ان نقبل بأي اجراءات سياسية في هذا الوقت، وقد ابديت شخصيا اهتماما بالامر وتبين لي ان الامور متعلقة بالوضع الامني في المنطقة، علما انني لا اتهم من اتخذ الاجراء في حقهم بعمليات السلب والسرقة التي تقع في المنطقة، واؤكد ان ما يجري لا يعدو كونه عمليات تنظيم للمحلة، وقد أخذت علما بالامر للمساعدة، وأشدد على أنني لن أقبل بأي اجراءات في حقهم تحمل ابعاداً سياسية".

أحد الاكراد في المنطقة لم يذكر اسمه "لأسباب امنية" وفق قوله، أشار الى ان "هذه الاجراءات ناتجة من احتقانات طويلة بين الطرفين، وقد اتخذت منحى تصعيدياً بعد مشاركة شبان أكراد في التظاهرة المناوئة للنظام السوري امام السفارة في الحمراء، فما ان عاد الشبان من التظاهرة الاخيرة، حتى وقع خلاف بين أكراد وأرمن، أطلق بعده مجهولون النار على محل لبيع الهواتف الخليوية يملكه احد الاكراد واسمه "مسد كول"، لكن الحادث لم يسفر سوى عن خسائر مادية"، وبعد تلك الليلة يتابع "اتخذ حزب الطاشناق قرارا بطرد جميع الاكراد من المنطقة". ووضع ما يجري في خانة "الاجراءات الثأرية" التي يدفع ثمنها الاوادم، واطلاق النار على المحال التجارية العائدة الى الاكراد تكرر اكثر من 3 مرات بحجج عديدة.

وينفي ان يكون القرار اتخذ بطرد الشبان العازبين ممن يتجمعون باعداد كبيرة في غرفة واحدة، بالقول "هذا الامر غير صحيح، لان معظم من تلقوا انذارات الطرد يعيشون مع عائلاتهم في شقق مستقلة، ونحن نستثمر محال تجارية في المنطقة، ولدينا عقود ايجار رسمية مصادق عليها من البلدية، وثمة ساعات كهرباء بأسماء مستأجري الوحدات السكنية والمحال التجارية، ومع ذلك انذرونا باخلاء الماجور في مهلة اقصاها خمسة ايام، والان نحن خائفون من الآتي ونطالب الدولة بالتدخل، ونعزف عن شراء بضاعة لمحالنا لاننا لا ندري كيف ستكون الحال بعد مدة. وعن وجود "الشبان الزعران" الذين تسببوا بهذه الاجراءات يقول: "ان الزعران موجودون عند كل الفئات ونحن على استعداد لنحاسب الزعران منا في حال وجودهم، لكن ليقولوا لنا من هم وماذا فعلوا؟

سوري يقطن في المحلة ايضا رفض ان يذكر اسمه للاسباب نفسها قال: "ان العرب والاكراد السوريين مستهدفون بهذه الاجراءات، وليس صحيحاً انها شملت كل الغرباء. السوريون حصرا هم المستهدفون سواء كانوا عرباً او اكرادا، وقد انذرونا جميعاً بإخلاء بيوتنا".

وأضاف: "اذا كانت المعادلة كذلك فإن لدينا اعداد كبيرة من الارمن يعيشون في سوريا ولا احد يتعرض لهم، في مدينة القامشلي وحلب يعيش الارمن والاكراد والعرب معا من دون ان يتعرض احد للآخر، وحين تحصل اي مشكلة، فان الدولة هي التي تتولى حلها ولا تحل عن طريق "الزعران والزعرنات" كما يحصل هنا.

كردي آخر يملك محل احذية في المحلة أكد ان خلافاً وقع "بيني وبين احد المواطنين الارمن المنتمين الى حزب الطاشناق بسبب كلبه، فحضر ليلا واطلق 43 طلقة من كلاشنكوف على محلي متسبباً بخسائر كبيرة فيه، وحين تقدمنا بدعوى تدخل حزب الطاشناق طالبا مني سحب الدعوى من دون ان يعوّضني الخسائر التي منيت بها، وعندما رفضت التراجع عن الدعوى قالوا لي: "نحن منعرف شغلنا"، فأخفوا كاميرات التصوير التي تدين الشاب وهو يطلق النار، وعملوا على تحوير كل التحقيق معه لدى الشرطة القضائية، واخرجوه من المخفر. الآن جاءني انذار شفهي من حزب الطاشناق بوجوب اخلاء المحل والمنزل، علماً ان صاحبة الملك، وهي غير ارمنية، ابلغتني بانها لا توافق على تركي لمنزلها، وتفضل ان ابقى فيه". وبينما كنا نهم بالانصراف من محله تدخل احد الموجودين معلقا "ان تصرفات الطاشناق في برج حمود والجوار تشبه تماما تصرفات حزب البعث في سوريا".

يطالب السوريون في برج حمود والنبعة، اكرادا وغير اكراد، الدولة اللبنانية بحمايتهم، ويسألون "كيف لنا ان ننفذ أمرا صادرا عن حزب يحكم المنطقة على قاعدة دولة داخل الدولة؟ ولا ندري الان بماذا نتصرف ازاء ما يهدد بيوتنا ومحالنا ولقمة عيشنا، علما ان معظمنا لديه عقود رسمية ومصادق عليها، لكنهم يهددوننا بانهم سيستعملون القوة في اخراجنا من المنطقة، ولن يلجأوا الى القانون، ونحن نصدق انهم سيفعلون ذلك لان لدينا تجارب سابقة معهم في هذا الاطار، فهم اطلقوا النار على المحال التجارية مرات ويلجأون الى المضايقات على الشخص غير المرغوب به، من قبيل وضع لاصق "التيكو" على أقفال المحال والبيوت، وغير ذلك من المضايقات".

مصدر مسؤول في حزب الطاشناق قال لـ"النهار" ان الحملة التي تطلق عليه سياسية، وان حجم الفلتان زاد في المنطقة بعد إيواء السوريين المقيمين في برج حمود عدداً كبيراً من أقاربهم الهاربين، وهم شبان عازبون ويفتشون عن عمل، لكنهم عاطلون في الوقت الحالي، ويمضون أوقاتهم في البيوت والشوارع، ونحن في الحزب لا نتخذ أي اجراء من عندنا، بل بواسطة البلدية، ونحن ندعمها حماية لأهلنا وناسنا. وعن التوقيت قال "نحن نحارب المخالفات منذ أشهر، وقد طلبنا الى المحافظ اقفال ثلاث محال مخالفة منها اثنان يملكهما أرمن. والتوقيت ترافق مع ازدياد عدد الوافدين وازدياد المخالفات، وليس لأسباب سياسية، لأن أكثر المقيمين أصلاً مع النظام السوري وليسوا ضده".

عباس صالح    

 

أثار تحقيق تلفزيوني لبناني عن محلة برج حمود وخليطها السكاني وكثافة نزول العمال الأجانب فيها وما تبعثه من معضلات، مروحة من الردود المؤيدة والشاجبة للاختلاط. لكن في الحالين يجري إغفال القوانين والإجراءات الادارية المتخلفة الجائرة لاستقدام العمال والعاملات وتشغيلهم في لبنان.

قبل مدة قصيرة بثت محطة (MTV) تحقيقاً تلفزيونياً نقل تذمر أهالي برج حمود وسكانها "الأصليين" (الأرمن ضمناً)، من التسيب الذي تعيشه منطقتهم جراء اكتظاظها بخليط بشري سكاني "غريب" أو "أجنبي"، يتسبب تضخمه – وفقاً لشهادات المستجوبين الكثيرين في التحقيق المصور – بفوضى أمنية واجتماعية وأخلاقية عارمة، تُشعِرُ "السكان الأصليين" بأنهم مهددون في وجودهم ومحاصرون ومستباحون، وعلى حافة الاختناق والانفجار.

مصدر التهديد والاستباحة، هو ضخامة أعداد العمال الأجانب الذين يقيمون في المنطقة في غرف يستأجرونها ويقيمون فيها إقامة مشتركة، فتكتظ بنزلائها الكثيرين. ويزداد الاكتظاظ ويتضاعف الخليط البشري "الأجنبي" في برج حمود في عطل نهايات الأسابيع (السبت والأحد)، عندما يتوافد الى المنطقة العمال الأجانب، للتلاقي والتعارف والتسوق والترفيه، حيث نشأت لحاجاتهم أسواق ومطاعم "اتنية" (وفقاً لمصطلح فرنسي في علم اجتماع المهاجرين)، تتوافر فيها سلع رخيصة ومآكل من بلدانهم.

والمعروف في لبنان أن جنسيات العمال الجانب كثيرة ومتنوعة: سوريون (أكراد وسواهم)، ومصريون، وسودانيون، وأثيوبيات وسري لانكيات وحبشيات وفيليبينيات وبنغلادشيات، من خدم المنازل. أما سكك وشبكات وصول هؤلاء العمال والعاملات الى لبنان، والقوانين والاجراءات الإدارية التي تنظم وصولهم وإقامتهم وعملهم، فتشكل مرآة ضخمة لتعامل اللبنانيين والادارات اللبنانية الرسمية مع العمالة الأجنبية التي يستقدمونها لخدمتهم وفقاً لقوانين وإجراءات بدائية تجافي أبسط قواعد حقوق الانسان، ثم يروحون يتذمرون من تبعات حلول العمال الأجانب وإقامتهم في بلدهم ومجتمعهم.

الأسلوب الذي اعتمده معدو التحقيق مستهدفين الإثارة والسبق الاعلاميين، إضافة الى النبرة المتوترة الساخطة في التعليق على المشكلة، والجهل بمقدماتها وبواعثها، والتركيز على استصراخ الأهالي الغاضبين ونقل تذمراتهم وحساسياتهم ونعراتهم الأهلية، وصولا الى الفقر الثقافي والسوسيولوجي في طرح جوانب المشكلة وتشعباتها، واستعمال لغة ومفاهيم شعبوية نافرة ومنفرة في الموضوع واختصاره في عنوان واحد: التلوث الاجتماعي والأخلاقي الذي يحدثه حضور عمال أجانب في بيئة أهلية محلية والتهديد الأمني الذي يتعرض له السكان المحليون جراء هذا الحضور الكثيف الملوث – إن هذا الأسلوب، حوّل التحقيق الى صرخة لبنانية (أرمنية ضمناً) شوفينية ضد الأجانب. وذلك بالإستعلاء عليهم، وتحويلهم خليطاً من كائنات غريبة منحلة أخلاقياً وشبه إجرامية، حلت فجأة بيننا وفي مناطقنا (برج حمود)، من دون أي اشارة الى أسباب وفادتها والقوانين والإجراءات التي ترعى هذه الوفادة وتنظمها. هذا مع العلم بأن الصور والمشاهد الصامتة التي نقلها التحقيق لهذه الكائنات الغريبة في شوارع برج حمود وأسواقها، تظهرهم كائنات مسالمة خجولة وضاحكة وفي حال من التنزه والترفيه الأحديين، وخصوصاً النسوة الآسيويات منهن. وقد تقصدت معدة التحقيق أن تظهر هؤلاء النسوة في نزهتهن ولقاءاتهن، وكأنهن فتيات رصيف أو بائعات هوى، وهي أشارت الى هذا صراحة في تعليقها على الصور والمشاهد. وهذا ما أكده المستجوبون من أهالي المحلة، فتحدث أحدهم عن "الفحش"، وقال آخر إن المنطقة تحولت "سوق دعارة". وتعليقاً على صور هذه اللقاءات والنزهات راح المستجوبون من سكان المنطقة وأصحاب متاجرها يتحدثون عن السرقة والنشل و"تلطيش البنات"، وحبوب الهلوسة، وإبر المخدرات وبيوت الدعارة... الخ، على نحو ساخط ومعمم.

وفي الخلاصة ذكرت معدة التحقيق أن اهالي المنطقة، ومجلسها البلدي ومخاتيرها، تقدموا بعريضة احتجاجية لمحافظ جبل لبنان، مختتمة تعليقها بعبارة تشير الى "الإهمال وسوء الإدارة"، بعد حديثها عن أن المنطقة فقدت مميزاتها أو صفاءها أو تجانسها اللبناني.

ليس الهدف نفي المشكلة التي يتصدى لها أهالي برج حمود. فنفي مثل هذه المشكلات عن بيئة سكانية مثل برج حمود وسواها من مثيلاتها، وإن على نحومختلف ومتفاوت، كصبرا وشاتيلا والرمل العالي والأوزاعي، وغيرها الكثير من الأحياء البيروتية والضواحي، تكذبه أخبار الحوادث اليومية التي تنقلها الصحف وغيرها الكثير مما تصمت عنه ويبقى طي الكتمان وفي منأى عن المتابعة، في بلد تتناهبه الفوضى والتفلت والنعرات الأهلية والتجمعات السكانية والعمرانية العشوائية، والاختلاط السكاني الفوضوي البائس، وسوء إدارة وتنظيم مزمنان.

غالباً ما يتناسى اللبنانيون المتذمرون من حلول جيش العمال والعاملات الاجانب في احيائهم ومنازلهم، انهم استقدموا هذا الجيش اللجب لخدمتهم، وأن جوازات سفر هؤلاء المستقدمين من بلدانهم (النساء منهم خصوصاً)، تُنزع منهم او تصادر، فور وصولهم الى مطار رفيق الحريري في بيروت، ليصيروا حبيسي المنازل التي يعملون فيها. وقليلة هي الاسر والعائلات التي تسمح لخادماتها بمغادرة البيوت في عطلة نهاية الاسبوع. لذا يبلغ عدد العاملات الاجنبيات الفارات من منازل مخدوميهن، اكثر من 5 آلاف عاملة، اضافة الى عدد كبير من العاملات اللواتي "يعتقهن" أرباب عملهن ويبقونهن مسجلات على "ذمتهم" في الادارات الحكومية، لقاء عملهن نهاراً في البيوت. وهذا العدد الكبير من العاملات يقيم في أحياء برج حمود وسواها من امثالها اقامة جماعية في غرف بائسة. وفي هذه الاحياء تختلط العاملات الفارات بغيرهن من العمال السوريين والمصريين والسودانيين، الذين يصل عدد كبير منهم الى لبنان عبر طرق حدودية غير شرعية، طلباً لأعمال كثيرة يحتاج اليها اللبنانيون. فينشأ عن هذه الظواهر خليط بشري في الأحياء الفقيرة، تنجم عنه المشكلات والمعضلات. وهكذا يظهر اهالي برج حمود وامثاله من الاحياء، كأنهم ضحايا جيش من العمال الاجانب "الغزاة" او "المجرمين"، فيما الحقيقة هي ان هؤلاء العمال هم الضحايا الفعليون لقوانين وإجراءات ادارية تذكر بملامح عبودية واحتجاز للحرية، يتواطأ على سريانها المستفيدون من العمالة الاجنبية (أي فئات واسعة من اللبنانيين)، والاجهزة الامنية والادارية اللبنانية الغارقة في الفوضى والتخلف.

محمد أبي سمرا