الإضراب العام يشل مدنا سورية.. وناشطون يعتبرونه استراتيجية جديدة لإسقاط النظام

الأسد يلتقي وفد الجامعة العربية.. والشيخ حمد: اتفقنا على التعاون وزيادة الاتصالات

تاريخ الإضافة الجمعة 28 تشرين الأول 2011 - 4:44 ص    عدد الزيارات 2227    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الأسد يلتقي وفد الجامعة العربية.. والشيخ حمد: اتفقنا على التعاون وزيادة الاتصالات
المجلس الوطني السوري: الجامعة تساوي بين الضحية والجلاد.. وأوغلو: ما يحصل في سوريا «أليم جدا»
القاهرة: صلاح جمعة دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
بينما تتصاعد عمليات قتل المحتجين السوريين، إلى وتيرة كبيرة، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد الوفد الوزاري العربي الذي وصل إلى دمشق أمس، بنية التمهيد لبدء وساطة بين النظام السوري والمعارضة في ظل دعوة إلى عصيان مدني أطلقها ناشطون وواجهها موالون للرئيس السوري بمسيرة تأييد له.
وقتل في سوريا أمس 22 شخصا هم 9 مدنيين وطفلان أثناء عمليات عسكرية وأمنية شنتها السلطات و11 عسكريا بينهم عقيد إثر إطلاق مسلحين يعتقد أنهم «منشقون» قذيفة «آر بي جي» على حافلة كانت تقلهم وسط البلاد.
وأكد رئيس الوفد رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في تصريح صحافي بثته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «اللقاء مع الرئيس السوري كان صريحا ووديا»، مضيفا أن اللجنة العربية والقيادة السورية ستواصلان «الاجتماع في الثلاثين من هذا الشهر». وتابع «لمسنا حرص الحكومة السورية على العمل مع اللجنة العربية للتوصل إلى حل»، بحسب الوكالة.
واعتبر المجلس الوطني السوري المعارض أن الجامعة العربية تساوي بين الضحية والجلاد، فيما أعرب الناشط السوري محمد مأمون الحمصي في القاهرة عن اعتقاده بأن وقف سفك دماء السوريين وسحب قوات الجيش من شوارع سوريا يمثل التحدي الحقيقي والأكبر أمام اللجنة المعنية بالملف السوري.
وكان مجلس جامعة الدول العربية قد قرر، في اجتماع طارئ له على مستوى وزراء الخارجية قبل 10 أيام، تشكيل لجنة وزارية برئاسة دولة قطر وعضوية كل من مصر وسلطنة عمان والجزائر والسودان والأمين العام للجامعة العربية لإجراء اتصالات مع القيادة السورية بهدف إطلاق حوار وطني بين الحكومة والمعارضة السورية خلال 15 يوما لوضع حد للأزمة الدائرة في سوريا منذ ما يقرب من 7 أشهر.
وأعرب الحمصي في تصريح له أمس عن أمله أن يكون للجنة موقف حاسم في الأزمة، قائلا «إننا الآن أمام منعطف خطير بعد أن مضى نحو 8 أشهر من عمر الثورة السورية، سقط خلالها آلاف القتلى والجرحى إلى جانب آلاف المعتقلين». وحول كيفية الخروج من الأزمة الحالية، قال الحمصي إن الشعب السوري يستطيع بالتعاون مع الشرفاء في الأمة العربية أن يجد مخارج لأزمته.
وتنظم الجالية السورية اعتصاما مفتوحا أمام مقر جامعة الدول العربية منذ 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وأوضح الحمصي أن الاعتصام سيبقى مفتوحا حتى يتم التوصل إلى حل بما أن مجلس الجامعة العربية أعلن أنه في حال انعقاد دائم لبحث الوضع في سوريا.
ومنذ الصباح الباكر من أمس أغلقت الكثير من المحال التجارية المنتشرة في مدن سورية مختلفة كالبوكمال وحوران وحرستا وإدلب وسراقب وكفر عميم، وكذا الحال في دير بعلبة التابعة لحمص، وجاءت الدعوة للإضراب بالتزامن مع زيارة وفد الجامعة العربية أمس إلى سوريا.
واعتبر المجلس الوطني السوري أن المبادرة العربية تساوي بين الضحية والجلاد وفق بيان له أمس. وأضاف المجلس أن المبادرة العربية تعطي مهلة أخرى للنظام السوري لسفك المزيد من الدماء وارتكاب المزيد من القمع بحق المواطنين السوريين، محملا الجامعة العربية مسؤولية أمن الشعب السوري.
ودعت منظمة هيومان رايتس ووتش في بيان لها أمس جامعة الدول العربية لمطالبة الحكومة السورية بالسماح بإرسال مراقبين مستقلين على أرض الواقع للوقوف على سلوك الأجهزة الأمنية. وقالت المنظمة إن «مثل هذه المراقبة ستكون خطوة ضرورية لإنهاء العنف في سوريا واستعادة مناخ الثقة».
من جهتها، اعتبرت تركيا على لسان وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو أمس في عمان أن ما يحصل في سوريا «أليم جدا»، مؤكدا ضرورة وقف العمليات «غير الإنسانية» ضد المدنيين. وأضاف أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة «نحن سعينا بكل ما بوسعنا لحل هذه المشاكل لكن الحكومة السورية لم تستجب لمطالبنا وما زالت مستمرة في استخدام أساليب قاسية ضد مواطنيها».
 
داود أوغلو: ما يحصل في سورية أليم جداً وغير إنساني
الخميس, 27 أكتوبر 2011
 

عمان - أ ف ب - اعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في عمان أن ما يحصل في سورية «أليم جداً»، مؤكداً ضرورة وقف العمليات «غير الإنسانية» ضد المدنيين.

وقال أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة «نحن جيران لسورية ونتأثر بجميع الأحداث التي تحدث في سورية وأوضحنا موقفنا تجاه ما يحصل في هذا البلد في شكل واضح، نحن نرى أن ما يحدث أليم جداً والعمليات التي تحدث هي غير إنسانية ووجود قتلى مدنيين هو أمر مؤسف حقاً».

وأضاف: «نحن سعينا بكل ما بوسعنا لحل هذه المشاكل لكن الحكومة السورية، لم تستجب لمطالبنا وما زالت مستمرة في استخدام أساليب قاسية ضد مواطنيها».

وتابع: «نتمنى ان يكون هناك نجاح للجهود التي نسعى إليها في أن يتوقف سيل الدماء في الشارع السوري»، مؤكداً أن «على الحكومة اتخاذ خطوات جادة لإيقاف هذا بدلاً من زيادته وسحب قواتها العسكرية من مختلف المدن».

وأوضح أوغلو أنه «منذ شهر آب (أغسطس) ونحن نحاول التواصل مع الجامعة العربية والدول العربية ووزرائها لكي نجدد التفاعل في هذا الموضوع، فنحن لا نستطيع أن نغض النظر عن هذا الموضوع الهام والحساس للمنطقة ولنا ولكم».

وأضاف: «يجب علينا جميعاً أن نفعل ما بوسعنا لإيقاف الأحداث المستمرة يومياً»، مؤكداً أن بلاده «تسعى لتنسيق التعاون مع الأردن وبقية دول المنطقة كي لا نسمح بحدوث أي نوع من الظلم في سورية، سواء تجاه الحكومة أو المواطنين ونسعى للوصول إلى حل جذري في هذا الموضوع».

وأكد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أن «تركيا هي الجار الشمالي لسورية ونحن الجار الجنوبي لها ومصلحة سورية هي مصلحتنا»، معرباً عن أمله في أن يتوصل وفد اللجنة العربية الوزارية التي زارت دمشق أمس لبدء وساطة بين النظام السوري والمعارضة إلى «نتائج طيبة».

 
الإضراب العام يشل مدنا سورية.. وناشطون يعتبرونه استراتيجية جديدة لإسقاط النظام
الغضبان لـ«الشرق الأوسط»: هناك توجه عام ليصار لإضرابات أسبوعية.. ومقتل 22 بينهم 11 مدنيا في مظاهرات احتجاجية
بيروت: بولا أسطيح
شل إضراب عام معظم المحافظات السورية، دعا إليه نشطاء الداخل والأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، بينما التزام آلاف السوريين به، فأغلقت المحال التجارية، وخلت الشوارع من المارة، وأظهر أكثر من فيديو تم تحميله عبر الـ«يوتيوب» وصفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» عبر الـ«فيس بوك» - التزام معظم المدن السورية الرئيسية بالإضراب من حمص إلى ريف دمشق وحلب وريف حماه، جبلة، إدلب، حوران، حرستا، معرة النعمان، دوما وغيرها، تحت عنوان «الإضراب استراتيجيتنا الجديدة لإسقاط النظام».
وبينما خرج العشرات في البوكمال لتشييع جاسم الخليفة الذي سقط أول من أمس، سارت أكثر من مظاهرة طلابية في دير الزور ودرعا - طريق السد. وكشف عضو المجلس الوطني المعارض السوري نجيب الغضبان أن هناك «توجها عاما ليصار لإضرابات أسبوعية»، مشددا على أن «المقررات في هذا الإطار تخضع لتعاطي النظام مع ناشطي الداخل ومجريات وتطور الأمور على أرض الواقع».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أوضح الغضبان أن «فكرة اللجوء للإضراب خرجت من رحم الداخل السوري، واعتمدها المجلس الوطني بعدما أثبتت نجاحها في درعا ومناطق أخرى»، وأضاف: «وجدنا أنه حان الوقت للارتقاء بإطار تحركاتنا السلمية باتجاه التصعيد من التظاهر إلى الإضراب، خاصة أن للإضراب مفاعيل مباشرة على الوضع الاقتصادي للنظام الذي يشكل نقطة ضعف أساسية لديه، كما أن الالتزام به (أي بالإضراب) لا يعرض حياة الناشطين للخطر، ويخفف من التكلفة في ما يخص عدد الشهداء والجرحى».
وعن إمكانية الانتقال لمرحلة العصيان المدني، قال الغضبان: «الخطوات اللاحقة يحددها الحراك بالداخل واستعداد النشطاء للقيام بخطوة بهذا الحجم. التنسيق بين المجلس الوطني والتنسيقيات بالداخل قائم وبأفضل حالاته، خاصة أن التنسيقيات الأساسية ممثلة بالمجلس الوطني وجزء من عملية صنع القرار».
ولفت الغضبان إلى أن «التطورات الإقليمية المتسارعة من سقوط عميد طغاة العرب القذافي إلى الانتخابات التونسية، كلها تؤكد أن الربيع العربي يسير بالاتجاه الصحيح، وبالتالي هو سينعكس إيجابا على الحراك السوري». وأضاف: «الخط العام في سوريا يسير وبنجاح باتجاه الهدف الأساسي بإسقاط النظام».
بدوره، أكد ناشط حقوقي في الداخل السوري لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم المناطق السورية التزمت بالإضراب، وخاصة مناطق ريف دمشق»، لافتا إلى أن «الكرنفال الذي أراده النظام في ساحة الأمويين لاستقبال وفد جامعة الدول العربية شكل حافزا للمترددين، للبقاء في منازلهم والتضامن مع الناشطين السوريين بدعوتهم للإضراب».
في هذا الوقت، نشطت عملية التصويت لتسمية يوم الجمعة المقبل على «صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» وقد حازت تسمية «جمعة جا دورك» على أكبر عدد من الأصوات في مقابل تسميات «جمعة أحفاد المختار»، «استغاثة الأبرياء»، «نخوة الشعوب العربية» وغيرها.
وقد طالب عدد كبير من الناشطين خلال النقاشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بوجوب «إسقاط شعار سلمية الثورة وتسليح الناشطين للدفاع عن أنفسهم بالحد الأدنى». وقال أحد الناشطين عبر الـ«فيس بوك»: «نريد السلاح، نريد أن نموت ونحن نقاوم وبكرامة». بدورها، شددت إحدى الناشطات على «وجوب إعلان العصيان المدني وبأسرع وقت ممكن قبل الامتثال للدعوة لتسليح الثورة.
إلى ذلك، أفادت مصادر سورية معارضة بأن 11 شخصا قتلوا، بينهم طفلان، كما قتل 11 عسكريا بينهم ضابط، في اشتباكات جرت أمس. وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن «مسلحين أطلق قذيفة آر بي جي على حافلة كانت تقل عناصر من الجيش في قرية الحمرات الواقعة على طريق حماه - السلمية (وسط)، مما أسفر عن مقتل 9 عسكريين بينهم ضابط». وذكرت مصادر أخرى أن القتلى من العسكريين وصل إلى 11. وفي ريف إدلب (شمال غرب) ذكر المرصد أن «مواطنا قتل في مدينة سراقب وأصيب ثلاثة بجروح إثر إطلاق الرصاص من حاجز عسكري جنوب المدينة بشكل عشوائي». وأشار المرصد إلى إصابة «خمسة أشخاص بجروح، أحدهم إصابته حرجة إثر إطلاق الرصاص من قبل قوات الأمن لتفريق مظاهرة حاشدة خرجت في ساحة الجامع الكبير بمدينة معرة النعمان، يشارك فيها الطلاب الذين رفضوا الذهاب لمدارسهم». كما أصيب «ثلاثة أشخاص بجراح، أحدهم بحالة حرجة إثر إطلاق الرصاص من قبل قوات أمنية وعسكرية تمركزت على سطح البريد في بلدة كفرومة»، بحسب المرصد.
وفي شرق البلاد، ذكر المرصد أن «رجلا قتل برصاص قوات الأمن في مدينة البوكمال». وفي حمص (وسط) تابع عبد الرحمن «أسفر إطلاق نار عشوائي من قبل رجال الأمن أثناء عملية مداهمة في حي كرم الزيتون عن مقتل شخص». وأضاف «قتلت طفلة وأصيب أفراد أسرتها بجراح إثر سقوط قذيفة على منزلهم في حي البياضة، وقتل مواطن بإطلاق رصاص من قبل قوات الأمن في حي باب الدريب».
كما أشار إلى مقتل «مواطن في شارع الستين برصاص قناصة من الشبيحة» (عناصر مدنية موالية للنظام). وتابع «وأصيب أكثر من 17 شخصا بجراح، بعضهم إصابته حرجة بحي البياضة نتيجة القصف بالرشاشات الثقيلة، كما نتج عنه تهدم جزئي لبعض المنازل، كما هز انفجار حي كرم الزيتون».
وفي ريف حمص، أقدم رجال الأمن على «إطلاق النار من حاجز أمني في قرية الغاصبية قرب مدينة الرستن، مما أسفر عن مقتل مدني». وفي ريف درعا (جنوب)، ذكر المرصد «أصيب سبعة أشخاص بجراح إثر إطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الأمن في مدينة الصنمين».
وفي ريف دمشق، قال المرصد «استشهد طفل متأثرا بجراح أصيب بها الظهر (أمس) إثر إطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الأمن خلال مداهمات في مدينة دوما».
 
 
عشائر سوريا بدأت بالتململ.. وشيوخها يقمعون الشباب بالقوة... يشكلون أكثر من 60% من السكان.. وولاؤهم سر بقاء النظام
بيروت: سوسن الأبطح
«نار تخبو تحت رماد في المناطق السورية الشمالية الشرقية، لا بل ومختلف المحافظات ذات الطابع العشائري التي لا تزال هادئة، ولم تنخرط في الثورة. فمن محافظة دير الزور والحسكة شرقا مرورا بالرقة وصولا إلى حلب، لا انتفاضة بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ وإن خرجت بعض المظاهرات هنا وهناك كما حصل في دير الزور، فإنها سرعان ما تخبو»، هذا ما يؤكده شباب من عشائر سورية كبيرة ووازنة لجأوا مؤخرا إلى لبنان. هذا لا يعني أن العشائر غير معنية بالثورة، لكن النظام السوري لا يزال يمسك بزمام الأمور في هذه المناطق بسبب تحالفه المتين مع رؤساء العشائر الذين يمارسون ضغطا كبيرا بفعل نفوذهم على أبناء عشائرهم، ويردعونهم عن أي تحرك. ويشرح لـ«الشرق الأوسط» شباب سوريون من أبناء هذه العشائر: «إن الوضع بات متوترا بين الشباب المعارضين الراغبين في الالتحاق بالثورة وشيوخ عشائرهم الذين يؤيدون النظام، مما يتسبب في خلافات شديدة داخل العشيرة الواحدة». عبد الرحمن عدوان ترك الحسكة هربا، بعد أن عرف عنه نشاطه المعارض، وهو من عشيرة كبيرة في سوريا لها امتداد واسع في الأردن وصولا إلى منطقة الخليج العربي. ويؤكد عدوان أن «النظام أفلح إلى الآن في تحييد العشائر التي تشكل نسبة أكثر من 60 في المائة من سكان سوريا بسبب المغريات والرشى التي يقدمها النظام لشيوخ هذه العشائر». ويشرح عدوان أن «المبالغ التي دفعت لهم مع بداية الثورة تبدأ من 150 ألف دولار لتصل إلى 250 ألفا للشيخ الواحد، وقد تزيد، وكل يقدر المبلغ الذي يدفع له بحسب حجم عشيرته، فثمة عشائر تبلغ ما يقارب مليوني شخص، مثل عشيرة البقارة الموجودة بشكل أساسي في حلب، وهناك عشائر لا تبلغ أكثر من آلاف قليلة». «المبالغ قليلة»، يضيف عدوان، «لكن الحقيقة أن هذه المناطق التي تعتبر من أغنى المحافظات السورية على الإطلاق وفيها البترول والخصب الزراعي، تعمد النظام أن يفقرها ويجهلها ليسهل عليه حكم أهلها. وهو ما نجح فيه بشكل واضح».
العشائر العربية الموجودة بشكل أساسي في المناطق الشرقية أو ما يعرف بالجزيرة، استمالها تقليديا النظام، للإمساك بالوضع هناك، وللوقوف في وجه أكراد سوريا بحكم وجودهم الجغرافي معهم، من جهة أخرى. وقد لعبت القبائل العربية دورا حاسما ضد الأكراد عندما ثاروا عام 2004. ويقول كادار بيري، أحد مؤسسي «حركة حرية كردستان» والناطق الرسمي باسمها، لـ«الشرق الأوسط»: «إن النظام سلح شيوخ العشائر، ورشاهم بالعطايا والخدمات منذ عام 2004 ليقفوا في وجه الانتفاضة الكردية، وها هو يستخدمهم الآن، ليردعوا أفراد عشيرتهم نفسها، ويقمعوهم كي لا يشاركوا في الثورة». ويقول بيري: «إن رشوة شيوخ العشائر ليست بالأمر الجديد، وأنا أتحدث عن منطقتي وما رأيته بأم عيني. فشيوخ عشائر طي، تمت مكافأتهم عام 2004 بأن أصبح الشيخ محمد الفارسي عضوا في مجلس الشعب، وقدمت له كهدية سيارة (مرسيدس 500) كان يتباهى بها في المنطقة، تحمل رقما يعود إلى القصر الرئاسي. هذه الرشى لشيوخ القبائل لا تزال هي السياسة التي يتبعها النظام، ولهذا استطاع حتى هذه اللحظة تحييد عدد كبير من السوريين العرب بسبب إلزام شيوخ عشائرهم لهم، بعدم المشاركة في الثورة». ويضيف بيري: «عدد شباب العشائر الذين يتمردون يتزايد، ويشارك بعض من هرب منهم إلى لبنان في المظاهرات التي ننظمها أمام السفارة السورية في بيروت، وهؤلاء يتحدثون عن تململ كبير، مما يفرضه الشيوخ على باقي أفراد العشيرة».
عبد الرحمن عدوان يقول: «لا تزال القيم والتقاليد العشائرية مما يتوجب احترامه، وهو ما يلعب على أوتاره النظام. فشيخ العشيرة مسموع الكلمة، وقيمته المعنوية كبيرة، وبالتالي فإن موقفه من السلطة الحاكمة يقيدنا بشكل كبير، والآباء باتوا يضغطون على أولادهم، ولو عن غير اقتناع، كي يلتزموا بما يقوله الكبار، لذلك فإن تحركات شباب العشائر، تبقى في غالبيتها سرية وغير معلنة».
يرى عدوان أن هذا الواقع لا يدفع فقط الشباب إلى التمرد على كبارهم «وهو ما ليس من شيمنا»، لكنه أيضا بات يتسبب في اشتباكات بين أفراد القبيلة الواحدة؛ ففي دير الزور قتل 12 شخصا منذ نحو الشهرين، لأن هناك بينهم من يؤيد النظام وآخرون يتظاهرون ويثورون. «لقد حول النظام السوري شيوخ العشائر والمتحلقين حولهم إلى (شبيحة) مسلحين يستقوون على أفراد عشيرتهم، ويفرضون عليهم بالقوة ما لا يستطيعونه بسلطتهم التقليدية».
وضع يزداد صعوبة، ويشعر شباب العشائر بشيء من المرارة، وهو ما يدفع بالعديد منهم إلى الحديث عن رغبتهم في التسلح. وهم يقولون: «إن السلاح موجود، لكنه بيد من تحالف مع السلطة ويؤدي لها الخدمات».
درعا العشائرية حتى النخاع هي الاستثناء. والانفجار الدموي الذي شهدته، ما كان ليحدث لولا الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها مسؤول الأمن السياسي عاطف نجيب، والتي مست كرامة العشائر وأخرجتهم عن طورهم. يشرح لنا شباب من هناك أنه عندما تم اعتقال الأطفال، وصادف أنهم من قبائل مختلفة، زار وفد له وزنه ووجاهته عاطف نجيب ليحل معه المشكلة. وكنوع من الالتزام على الطريقة العربية، وضع أحد هؤلاء عقاله على الطاولة. فما كان من نجيب إلا أن طلب من أحد أعوانه وضع عقال الرجل الذي له قيمته في قبيلته، في سلة المهلات، وبادر الوفد بكلمات نابية. هذا الاستهتار بالقيم القبائلية، وسوء معاملة الوجهاء، هو الذي أشعل مجزرة في درعا. ودون هذه الحادثة لربما كان ينطبق اليوم على درعا ما نراه في القامشلي والحسكة وحلب. ففي حلب نحو 7 ملايين نسمة، هؤلاء لا يشاركون في الثورة بسبب مصالحهم التجارية من ناحية، ولكن بسبب الوضع القبلي بشكل خاص.
شباب العشائر المعارضون مقتنعون أن النظام له سلطته ونفوذه على المناطق الساحلية، أما المناطق الداخلية فاعتماده فيها على ولاء العشائر، وبما أن هؤلاء باتوا ممسوكين فقط بكلمة رئيس العشيرة، هم حوله، فإن الرهان الحقيقي، اليوم، هو على إقناع هؤلاء الشيوخ بأن النظام لن يدوم لهم، وعليهم أن يغيروا مواقفهم، قبل فوات الأوان. كادار بيري يرى أن الأمر سيتغير بشكل تلقائي، مع ازدياد الحصار على النظام، ويقول: «عندما تشح الموارد، ولا تكون هناك أموال لرشوة شيوخ العشائر والقبائل فإن هؤلاء لن يبقوا على مواقفهم الحالية». ويضيف بيري: «ليس أمامنا سوى الاستمرار في الثورة، والوقت كفيل بتغيير الأمور وقلب المعادلة».
يتحدث الشباب عن سطوة شيوخهم على أنها السر الذي يوقف النظام على قدميه إلى اليوم، رغم الضربات التي يتلقاها. فهؤلاء مسؤولون حاليا عن تأمين أكثر من نصف سوريا دون أن يحمل الأمن هذا العبء الثقيل. وتشكل العشائر بهذا المعنى حزاما واقيا للسلطة، بحكم امتدادها ووجودها على طول الحدود التركية شمالا والعراقية شرقا مع سوريا. ويتساءل الشبان ماذا لو غير نخب عشيرة البقارة التي تضم مليوني نسمة موقفهم، أو وجهاء عشيرة الفواعرة التي هي من كبريات قبائل حمص؟ وماذا لو كان لشيوخ عشيرة العقيدات التي تضم مليون شخص على الأقل، وتعد من أشرس العشائر، موقف مناهض للنظام. المعادلة ستتغير كليا لصالح الثوار، يؤكد هؤلاء الشبان، لكن من يمكنه إقناع شيوخ العشائر أن النظام باق اليوم بفضلهم، وبمقدورهم أن يتخلوا عنه دون خوف.
 
بعد اكتظاظ السجون.. ملاعب ومدارس ومؤسسات عامة تتحول إلى فروع أمنية
ناشط حقوقي: شل حركة الناشطين أسلوب جديد في التعذيب
بيروت: صهيب أيوب
لا يخفى على أحد ما تنقله منظمات حقوق الإنسان عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة لعمليات القتل والتعذيب بحق المدنيين والمتظاهرين السوريين. «الملاعب والحدائق العامة والمدارس الشرعية تحولت إلى (فروع) أمنية للتعذيب» هذا ما يؤكده ناشط حقوقي سوري لـ«الشرق الأوسط»، مضيفا أن «السجون لم تعد تتسع للمعتقلين، فصارت كل الأبنية الحكومية والرسمية التابعة للجهاز الرسمي أمكنة متاحة للتعذيب».
يشير الناشط إلى أن «النظام السوري يتعامل مع المحتجين والمتظاهرين بعد اعتقالهم بطرق فجّة».
يروي ما جرى للصحافي عامر مطر، الذي اعتقل منذ 3 سبتمبر (أيلول) للمرة الثانية، ولا يزال قابعا في فرع تنظيم «كفرسوسة» التابع مباشرة لإشراف اللواء رستم غزالي والواقع قرب وزارة التعليم. يؤكد أنه يعذب بآلات حادة ولديه فجوة في رأسه من جراء التعذيب كهربائيا». موضحا أن «رأسه فجت مرات عدة بالحائط أثناء التحقيق معه». وقال إنه يتعرض مثله مثل عدد كبير من الصحافيين لشتى أعمال التعنيف والضرب والتعذيب بأبشع الطرق، «حيث إن بعضهم يهان ويضرب إلى حد الإغماء، لمجرد أنه شارك في تظاهرة أو كتب عنها أو صوّر حوادث القمع فيها عبر الهواتف النقالة».
الشاب العشريني الذي يتابع التطورات السورية عن كثب يتحدث عن «محاولات بشعة للنظام لضرب الحركة الثورية غير المسلحة عبر وسائل إرهابية هدفها القضاء على حركة الشباب المتظاهرين من خلال اعتقالهم وتعذيبهم داخل السجون»، مشيرا إلى أن «أحدث أعمال التعذيب السورية داخل مراكز الاعتقال هو عطب المعتقلين لشل حركتهم ولإبقائهم أحياء يتعذبون من دون القدرة على القيام بأي شيء». موضحا أن «النظام السوري يتبع سياسة تعذيب متطورة لترك آثار تعذيب دائمة تعيق الشباب عن الحركة بدلا من قتلهم نهائيا، حتى لا يرتفع عدد القتلى». معتبرا إن «بشار الأسد تعلم من التجربة الليبية عبر استعمال (البواري) (آلات حديدية) لضرب المعتقلين على أرجلهم وأيديهم حتى يتم إعاقة حركتهم لفترة طويلة وهي أساليب جديدة من قبل قوات الأمن السورية للقمع والتعذيب القسري».
يوضح الشاب الذي يعمل في مؤسسة إعلامية عربية أن «المعتقلين موزعون في فروع أمن المحافظات، ومستشفى تشرين العسكري ومقر الفرقة الرابعة على اتوستراد السومرية القريب من بلدة المعضمية». مشيرا إلى أن «معمل السكر الموجود في منطقة جسر الشغور قد تحول إلى فرع أمني. وتحقيق واعتقال منذ 3 أشهر، وكذلك الأمر بالنسبة للمدرسة الشرعية في الرستن، حيث تحولت إلى فرع أمني للاعتقال يضم نحو 4500 معتقل من الرستن وحدها».
 
المغرب يعلن موقفا تجاه التطورات في سوريا ويأمل في مؤتمر سوري جامع
الفهري: الحل عقد مؤتمر برعاية الجامعة العربية
الرباط:«الشرق الأوسط»
أعلن المغرب للمرة الأولى عن موقفه إزاء التطورات المتلاحقة في سوريا مع استمرار الثورة ضد نظام بشار الأسد. وفي هذا الصدد قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، إن المغرب مع لقاء يجمع جميع الأطراف السورية (المعارضة والنظام) في القاهرة تحت رعاية جامعة الدول العربية. وقال الفاسي الفهري، أول من أمس، للصحافيين في الرباط: «نحن نأمل أن تقبل جميع الأطراف السورية فكرة عقد اجتماع في مقر الجامعة العربية في مصر بهدف إيجاد حل للوضع الراهن في سوريا».
وعبر الطيب الفاسي الفهري عن اعتقاده أن تضطلع جامعة الدول العربية عبر المبادرة التي أطلقتها بموافقة جميع الدول العربية باستثناء سوريا «بدور إيجابي ومهم من أجل استقرار الأوضاع في سوريا». وقال الفاسي الفهري إن «سوريا بلد عربي والشعب السوري شعب شقيق لنا، لذلك يتعين على الدول العربية أن تعمل على إيجاد حل نهائي من شأنه ضمان الاستقرار في سوريا وحياة هادئة للشعب السوري». وكان الفاسي حذرا في تناوله الأوضاع الحالية في سوريا، وتجنب الإشارة إلى نظام بشار الأسد، وألح على ضرورة أن تكون جميع المبادرات عبر جامعة الدول العربية، وقال في هذا الصدد: «المغرب يولي أهمية كبيرة للمبادرات التي يمكن اتخاذها على صعيد الجامعة العربية من أجل حل هذه القضية» (الوضع في سوريا)، ومضى يقول: «المغرب على اتصال مع الدول العربية حول إرسال لجنة تابعة للجامعة العربية إلى سوريا».
يشار إلى أن عدة مظاهرات خرجت في المغرب مساندة للشعب السوري في ثورته ضد النظام، ودأبت «حركة 20 فبراير» الشبابية المطالبة بإصلاحات سياسية في المغرب على رفع شعارات ضد بشار الأسد تطالب برحيله من الحكم.
 
وزير خارجية فرنسا: النظام السوري سيسقط لا محالة
جوبيه يحدد محاور التحرك الفرنسي الـ4 إزاء دمشق
باريس: ميشال أبو نجم
خطت باريس خطوة إضافية في حملة الضغوط السياسية والاقتصادية التي تقوم بها ضد النظام السوري والتي يقودها وزير الخارجية آلان جوبيه بينما الرئيس ساركوزي منهمك في معالجة أزمة اليورو والديون في أوروبا، وذلك قبل أيام من قمة كان لدول مجموعة العشرين الاقتصادية التي ستلتئم يومي الخميس والجمعة المقبلين.
وبعد أن اتهم جوبيه، في الكلمة التي ألقاها في نيودلهي، بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها للهند في 21 الحالي، النظام السوري بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية»، ذهب أمس في تصريحات إذاعية صباحية أبعد من ذلك إذ اعتبر أنه «زائل لا محالة»، مؤكدا، في الوقت عينه، أن باريس ماضية في تحركها في مجلس الأمن الدولي، رغم الفشل الذي منيت به المجموعة الغربية في استصدار قرار يدين سوريا.
ووصف الوزير الفرنسي الذي تدفع بلاده باتجاه عقوبات إضافية أوروبية ضد الشركات والأشخاص الذين تعتبرهم من الداعين للنظام، الممارسات القمعية بأنها «همجية» و«لا يمكن قبولها» حيث إن قوات الأمن «تمارس العنف بحق الأطفال وتعذب وتقتل العشرات يوميا من بين المتظاهرين المسالمين». وخلاصة الوزير الفرنسي أن هذا الوضع «سينتهي بسقوط النظام وهو أمر لا مفر منه».
غير أن جوبيه لا يتوقع انهيارا سريعا للنظام بل يرى أن ذلك «سيأخذ للأسف بعض الوقت لأن الوضع معقد ولأن هناك تهديدا باندلاع حرب أهلية بين الطوائف السورية ولأن الدول العربية المحيطة لا تريد لنا أن نتدخل».
وشرح الوزير جوبيه استراتيجية التحرك الفرنسية التي تدور على أربعة محاور: استمرار العمل في مجلس الأمن الدولي، وعقوبات أوروبية متصاعدة ضد النظام السوري ومصالحه وأعمدته، والتشاور والتنسيق مع الدول العربية والمجاورة لسوريا وعلى رأسها تركيا وأخيرا توفير الدعم للمعارضة السورية وخصوصا المجلس الوطني. وختم الوزير الفرنسي كلامه متوجها للسوريين مباشرة بقوله إن فرنسا «لن تتخلى عن السوريين الذين هم ضحايا قمع لا يمكن قبوله».
وفي المحور الأول، ترى باريس أن الموقف الذي التزم به مجلس الأمن الدولي إزاء سوريا «معيب» بل يشكل «لطخة» على وجه المنظمة الدولية العاجزة عن اتخاذ موقف يكون بمستوى خطورة الوضع في سوريا. وفي هذا السياق، تقول المصادر الفرنسية إنه رغم الصعوبات الناتجة عن موقف روسيا والصين، فإن الأمور «يمكن أن تتحرك» في الأيام والأسابيع المقبلة. وتقدر باريس أن موقف موسكو يعود بالدرجة الأولى لاعتبارها أنها «غرر بها» في الملف الليبي وأن الغربيين تذرعوا بحجة «حماية المدنيين» من بطش القذافي ليتدخلوا بشكل سافر وبغرض إسقاط نظامه. ولذا، فإن الجانب الروسي «متردد» رغم التطمينات والتنازلات التي قبل الغربيون (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، والبرتغال وبدعم أميركي) بتقديمها لإرضاء بكين وموسكو ودفعهما ليس إلى تأييد مشروع القرار بل الامتناع عن التصويت كما فعلت أربع من الدول غير دائمة العضوية (البرازيل، والهند، وجنوب أفريقيا ولبنان».
وأفادت مصادر دبلوماسية في باريس بأنه بدأ البحث في أروقة مجلس الأمن بين ممثلي الدول الغربية الأربعة لتقديم نص قرار جديد سيطرح قريبا على الدول الأعضاء في المجلس حتى تتوفر الفرصة للمجلس أخيرا ليتحمل مسؤولياته إزاء سوريا.
وفي موضوع العقوبات الأوروبية، ترى المصادر الدبلوماسية أنها «بدأت تفعل فعلها لكنها تحتاج لمزيد من الوقت لكي تصبح قادرة على التأثير على دعائم النظام» من البورجوازية التجارية والخدماتية والصناعية الذين وقفوا حتى الآن إلى جانبه. وتقدر هذه المصادر أن المنتفعين من النظام بدأوا يلمسون أن استمراره «غير مؤكد»، وبالتالي فإن ضمان مصالحهم «لا يمر حتما به».
ويسعى الاتحاد الأوروبي بعد أن منع التعامل بالخامات النفطية السورية والاستثمار في هذا القطاع إلى استهداف القطاع المصرفي على نطاق واسع بعد أن فرض عقوبات المصرف التجاري السوري والغرض من ذلك الضغط ماليا على النظام وإعاقة معاملاته الخارجية. لكن لم يذهب الاتحاد الأوروبي بعد إلى حظر التعاملات التجارية مع سوريا لأنه لا يريد كما يقولون الدبلوماسيون المشار إليهم إصابة عامة الناس بل التصويب على رأس النظام والشركات التي توفر له عناصر القوة والديمومة.
وتنظر باريس ببعض الإيجابية إلى بدء التحرك العربي الفعلي باتجاه سوريا الأمر الذي تمثل في اجتماع مجلس الجامعة العربية مؤخرا في القاهرة وبإرسال وفد يمثلها إلى دمشق. غير أن فرنسا ليست بالضرورة على «نفس الموجة» مع الجامعة العربية إذ إنها ترى أن النظام فقد شرعيته وعليه بالتالي أن يرحل وأن سقوطه «قادم لا محالة» كما قال جوبيه، وهو ما لا يتوافق تماما مع معنى الوساطة العربية. لكن بين الجانبين بعض نقاط التلاقي وأولها إصرارهما على وضع حد للعنف والقتل والانتقال إلى نظام ديمقراطي. لكن باريس ترى أن تحرك العرب ولو بهذا الشكل البطيء والخجول يبقى أفضل من غيابهم وصمتهم التامين.
يبقى موضوع الاعتراف بالمعارضة السورية وتحديدا بالمجلس الوطني. واللافت أن جوبيه تحاشى الحديث عن هذا الموضوع مكتفيا بالقول إن باريس «تحاور» المعارضة «مستخدما صيغة الجمع» وتدعمها في «نضالها السلمي» ما يفهم منه أن الوضع «لم ينضج بعد»، من أجل الاعتراف الرسمي الذي تقول باريس إن المعارضة السورية «لم تطلبه بعد».
 
قيادة المستوطنات في الجولان تستغل أوضاع سوريا لجلب مئات المستوطنين الجدد
يعرضون الأراضي السورية مجانا لمن يلتزم ببناء بيت عليها
تل أبيب: «الشرق الأوسط»
أطلقت قيادة المستوطنات اليهودية في هضبة الجولان السورية المحتلة أمس حملة مذهلة لتشجيع المواطنين اليهود على القدوم للاستيطان، وذلك بتوفير أرض مجانية لكل من يقبل التعهد ببناء بيت عليها والسكنى فيه. وبالإضافة إلى الأرض، تعرض المستوطنات اقتراحات عمل وقروض سهلة لبناء البيت أو إقامة مصلحة تجارية أو صناعية.
ويقول منظم هذه الحملة، عميحاي ألبا، وهو نفسه كان قد وصل للسكنى في الجولان فقط قبل سنتين ونصف السنة، إن «المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة من الجنون في منطقة المركز، حيث الأسعار خيالية والناس يعانون. ونحن نوفر لهم حلا نموذجيا لا مثيل له في أي مكان آخر. فالعيش عندنا أرخص بما لا يقاس، وأفضل صحيا ونفسيا. نحن هنا في جنة عدن. ونوفر لكل عائلة أرضا تستطيع بناء فيللا عصرية فسيحة عليها، مع منظر خلاب ساحر وحديقة وجيرة حسنة تتسم بالعلاقات الحميمة بين الناس».
ويقول يسرائيل بن هاروش، مدير مركز المعلومات في مجلس مستوطنات الجولان، إن المشروع الجديد يندرج في سلسلة مشاريع لتشجيع الاستيطان في الجولان، بدأت قبل 7 سنوات وأدت إلى ارتفاع نسبة السكان 60%، حيث أضيفت 1600 عائلة جديدة إليهم.
ويقول إيلي مالكا، رئيس مجلس المستوطنات، إن «الحياة في الجولان هادئة كما في سويسرا. مستوى التعليم ممتاز وكل الخدمات متوفرة والحياة قروية عصرية في قلب الطبيعة. وكل من يريد العيش في أجواء ساحرة كهذه، يترك تل أبيب وصخبها ولا يجد أفضل من السكنى لدينا».
والأرض التي تعرض لإغراء المستوطنين الجدد، تعتبر ثمينة جدا ويتراوح سعرها الرسمي ما بين 180 ألفا و280 ألف دولار. وهي تعرض مجانا. ويضاف إليها قروض سهلة لتمويل بناء البيت ومساعدة لبيع البيت القديم في مركز البلاد ومساعدة في إيجاد عمل. ويقول بن هاروش إن عدد قطع الأرض التي عرضت في بداية الحملة بلغ 200 قطعة ممتدة من جنوب الجولان وحتى شماله. وبعد أن نفدت جميعها، أضيفت 150 قطعة أخرى، ولكن.. «في حال نفدت هذه الكمية أيضا، فإننا سنعرض المزيد من القطع».
وعندما سئل بن هاروش وألبا عن رأيهم في مستقبل الجولان، فهو أرض سورية محتلة وفي حال التوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا سيضطرون إلى إعادته لأصحابه، رد كل منهما على السؤال بسؤال باستخفاف: «من يفكر في سوريا بالجولان اليوم؟ الأسد؟ إنه مشغول بشيء آخر حاليا». الجدير ذكره أن هضبة الجولان السورية تضم حاليا نحو 41 ألف نسمة، بينهم 21 ألف عربي سوري. ويبلغ عدد المستوطنين اليهود فيها 19800 مستوطن، 7 آلاف منهم يعيشون في مدينة «كتسرين» الاستيطانية والباقون يعيشون في 32 مستوطنة.
 
 
 
 
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,381,398

عدد الزوار: 6,989,047

المتواجدون الآن: 66