حمص والقصير تحت الحصار.. وتحذيرات من كارثة إنسانية

المجلس الوطني السوري يدعو لإضراب عام وتوفير حماية دولية عشية وصول الوفد العربي

تاريخ الإضافة الخميس 27 تشرين الأول 2011 - 5:21 ص    عدد الزيارات 2835    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حمص والقصير تحت الحصار.. وتحذيرات من كارثة إنسانية
ناشط حمصي لـ «الشرق الأوسط»: النظام يحضر لمظاهرة تأييد بالتزامن مع زيارة الوفد العربي
بيروت: «الشرق الأوسط»
تكاد تكون مدينتا حمص والقصير السوريتان، الأكثر معاناة بعد «جمعة شهداء المهلة العربية»، بسبب الحصار العسكري والأمني المفروض عليهما، عقابا لهما على المظاهرات الحاشدة التي اعتاد المعارضون على تنظيمها بشكل دائم ومتواصل للمطالبة بإسقاط النظام، وخصوصا أن المتظاهرين استلهموا في جمعتهم الأخيرة ما حصل في ليبيا والنهاية التي بلغها العقيد معمر القذافي وأبناؤه والمقربون منه.
وفي حين أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قتل المدنيين برصاص الأمن مستمر في أحياء حمص، بالتزامن مع المظاهرات الليلية التي تخرج في أحياء عدة من مدينة حمص على الرغم من العمليات الأمنية والعسكرية، أعلن الناشط في منسقية حمص أبو جعفر الحمصي، أن «مدينة حمص تعيش أياما صعبة للغاية، بفعل الحصار المفروض عليها من قبل الجيش والأمن السوريين». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش الموجود داخل حمص أكثر من عدد السكان، بحيث إن الحواجز منتشرة بشكل غير مسبوق والهدف من ذلك خنق أي تحرك شعبي أو مظاهرات محتملة إلى حين انتهاء اللجنة العربية من مهمتها في دمشق». وقال إن «الأمن طلب من جميع موظفي الدولة وعائلاتهم ضرورة الانتقال يوم الأربعاء (اليوم) إلى دمشق لتنظيم مظاهرة مؤيدة للنظام، بالتزامن مع الاجتماعات التي ستعقدها اللجنة العربية، كما أن الأمن حجز كل الحافلات الخاصة والأوراق الثبوتية العائدة لها ولأصحابها لإلزامهم بالنزول إلى المظاهرة في دمشق». ووصف أبو جعفر حمص بأنها «مدينة جريحة وتنزف دما، وهي تتعرض للقصف وللعمليات الأمنية والعسكرية، وكأنها إحدى مناطق فلسطين المنكوبة، وأهلها يفتقدون حاليا الخبز والماء والكهرباء ووسيلة الاتصال»، مشيرا إلى أن «المحال التجارية التي يؤيد أصحابها النظام تفتح بشكل طبيعي وتبيع المواد الغذائية بثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي، أما المحال والمتاجر التي يملكها المعارضون فتعرضت للنهب والإحراق».
ولفت إلى أن الجيش «يفرض حظرا للتجول داخل المدينة، ولا يسمح لأحد بالخروج إلا ما بين الساعة الثامنة صباحا والثالثة بعد الظهر، وسيرا على الأقدام لأنه يحظر استعمال السيارة أو الدراجات النارية، كما أن المنزل الذي يضيء الكهرباء ليلا بواسطة مولد يتعرض للقصف فورا»، موضحا أنه «لا يسمح لأكثر من عشرة أشخاص بالسير في موكب الجنازة كي لا تتحول إلى مظاهرة». وأضاف أنه «حتى المساجد لم تسلم من اعتداءات النظام، فكل مسجد يرفع فيه الأذان يتعرض للقصف بواسطة الدبابات مباشرة».
أما مدينة القصير القريبة من الحدود اللبنانية، فمأساتها لا تقل عن مأساة حمص، كما يقول عضو منسقية المدينة محمود خليل الذي لفت إلى أنها (القصير) مطوقة من ثلاثة محاور، وهي المشتل - المحطة، والمدخل الرئيسي والطريق الدولي المؤدي إلى العقربية لجهة الحدود اللبنانية. وأكد خليل في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «ما يزيد على عشرة آلاف عنصر من الجيش النظامي السوري ومن الأمن والشبيحة، مع عشرات الدبابات والمدرعات يضربون طوقا محكما حول القصير، بعد حملة المداهمات والاعتقالات التي بدأت منذ يوم الجمعة الماضي، وما زالت مستمرة رغم سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، واعتقال عشرات الرجال». ولفت المنسق إلى أن «الجيش والأمن لم يكتفيا بالحصار الخارجي، بل عمدا مع الشبيحة إلى تقطيع أوصال المدينة وعزل حاراتها عن بعضها البعض، عبر إقامة 22 حاجزا في داخلها، وفرض منع للتجوال، بحيث إن أي شخص يتحرك يطلق عليه النار فورا». وقال: «الكهرباء واتصالات الهاتف الثابت والجوال مقطوعة عن المدينة منذ الجمعة، باستثناء من لديه خط هاتف يعمل عبر الثريا، كما أن الشبيحة أطلقوا النار على خزانات المياه، فضلا عن أن المواد الغذائية فقدت من معظم البيوت والناس لا تستطيع الذهاب إلى المتاجر؛ لأنها مغلقة بفعل منع التجوال ليلا نهارا، الأمر الذي ينذر بوقوع كارثة إنسانية في القصير، إن لم يرفع الحصار عنها خلال ساعات، خصوصا مع فقدان المياه والأدوية للمرضى وحليب الأطفال والمواد الغذائية». أضاف أن «الحصيلة الأولية للضحايا الذين سقطوا منذ ثلاثة أيام في القصير ستة شهداء هم رئيف العتر الذي قتلوه أمام ولده، وإبراهيم السمرة وعبد القادر مطر، والثلاث فتيات اللاتي قتلن عندما كن مع والدتهن التي أصيبت إصابة خطيرة، فضلا عن اعتقال ما يزيد على 80 شخصا بينهم ثمانية مشايخ (رجال دين) لأنهم يواظبون على رفع الأذان والصلاة في المساجد»، مشيرا إلى أن «معظم شباب القصير يبيتون في البساتين وفي العراء لأن كل شاب يبقى في منزله مصيره الاعتقال أو القتل». وأعلن أن «الأمر وصل بجماعة الأمن والشبيحة إلى إطلاق النار على الأبقار وقتلها في بلدتي سرقجة والبرهانية من دون أي سبب، وهذا قمة الإجرام».
 
المجلس الوطني السوري يدعو لإضراب عام وتوفير حماية دولية عشية وصول الوفد العربي
الشيشكلي لـ «الشرق الأوسط»: لا تعنينا الزيارة ونرفض مبدأ الحوار مع النظام بالمطلق
بيروت: بولا أسطيح
تستقبل المعارضة السورية اليوم، بالداخل والخارج، وفد جامعة الدول العربية، الساعي لوقف الاقتتال والبحث عن طريقة عاجلة لإقرار برنامج الإصلاحات السياسية المطلوبة، ولإطلاق عجلة الحوار بين المعارضة والنظام، بإضراب عام يشمل كل المحافظات السورية كخطوة أولى باتجاه إعلان العصيان المدني.
وقد دعا المجلس الوطني السوري «جميع أبناء الشعب في المحافظات والمدن والقرى السورية كافة إلى مشاركة إخوانهم في درعا وحمص ودير الزور وغيرها من المناطق من خلال إعلان الإضراب العام مقدمة لإضرابات أشمل وأكبر وصولا إلى العصيان المدني القادر على إسقاط النظام بالقوى الذاتية للشعب السوري». واعتبر المجلس أن «تنفيذ هذا الإضراب العام في مختلف أنحاء سوريا هو إيذان بأن ثورة الكرامة والحرية المجيدة تدخل مرحلة جديدة من نضالها لتحقيق أهدافها، وللتعبير عن الاستمرار في المقاومة السلمية حتى تحقيق النصر».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أكد المعارض السوري عضو المجلس الوطني أديب الشيشكلي أن «قرار الإضراب العام اتُخذ من قبل الأمانة العامة للمجلس بغضّ النظر عن زيارة وفد جامعة الدول العربية»، لافتا إلى أن «هذا الإضراب هو النشاط الثوري الأول للمجلس وتجربة لنجاح التنسيق بين المعارضة في الخارج والناشطين في الداخل، كما أنه بمثابة أول مسعى لتوحيد الصفوف والقرارات».
وأوضح الشيشكلي أن «الإضراب العام سيكون مقدمة لسلسلة من الإضرابات المتوقع أن ترتفع وتيرتها، التي ليس مستبعدا أن تتحول لأسبوعية، وصولا لإعلان العصيان المدني».
وإذ جزم الشيشكلي بأن «المجلس الوطني يرفض مبدأ الحوار مع النظام بالمطلق»، أوضح أن «الشعب السوري قال كلمته خلال المظاهرات، رافضا الحوار مع نظام مجرم يفتقد لحد أدنى من المصداقية». وأضاف: «زيارة وفد الجامعة العربية لا تعنينا لأننا نرفض دعوتهم للحوار، ونحن لا نحملهم أي رسالة للأسد، بل نستغيث بهم للسعي لتوفير الحماية الفورية للمدنيين، ووقف العنف، وسحب الجيش من المدن والقرى، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، والطلب بدخول مراقبين عرب ودوليين، والسماح لكل وسائل الإعلام بدخول الأراضي السورية».
وشدد الشيشكلي على أن «كل من يقبل محاورة النظام لا يمثل المعارضة السورية ولا الشعب السوري»، مستغربا ما يحكى عن دعوة الرئيس السوري لمؤتمر حوار في الداخل، وقال: «أشبعنا النظام لفا ودورانا وألاعيب سياسية ومراوغة، ولو كان صادقا لأقرن وعوده منذ البدء بأفعال، وهو ما لم ولن يحصل».
وأصدر المجلس الوطني السوري المعارض بيانا عشية وصول وفد الجامعة العربية، جدد فيه رفض الحوار مع النظام، ودعا إلى توفير حماية دولية للمتظاهرين، والسماح بدخول مراقبين دوليين وعرب إلى سوريا.
وقد انكب الناشطون السوريون عبر صفحات التواصل الاجتماعي للتعبئة للإضراب، وعمموا أكثر من اقتراح لضمان نجاح الإضراب وأهدافه، ومنها: «عدم الذهاب إلى العمل إن كان ممكنا، وإن لم يكن بالإمكان فالتأخر قدر المستطاع صباحا، وإلقاء اللوم على الإضراب الذي قام به بعض سائقي التاكسي، وعدم التوجه للمدارس والجامعات، والامتناع كليا أو جزئيا عن استخدام الأجهزة الجوالة، والامتناع عن شراء الحاجيات والتبضع، وعدم ارتياد المقاهي وأماكن اللهو..».
ومن الشعارات التي اقترح الناشطون عبر صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على «فيس بوك» رفعها اليوم: «اذهب لعملك تقتل شعبك.. أغلق دكانا تغلق قبرا، الإضراب الإضراب حتى يسقط الكذاب، أغلقت محلي لأني لا أشعر بالأمان بوجود الشبيحة»، وغيرها. وقد وزعت الهيئة العامة للثورة السورية بيانا أيدت فيه الإضراب على أن يحمل شعارين أساسيين: «أيها العرب لا توغلوا أيديكم في دمائنا أكثر.. ولن نرضى بأقل من تنحي بشار الأسد ومحاكمته». ودعت الهيئة جميع التنسيقيات وتجمعات الحراك الثوري والشعب السوري «للالتزام بالإضراب العام وملازمة المنازل باستثناء العاملين في المستشفيات والمراكز الطبية».
 
اشتباكات دامية بين قوات الأسد ومنشقين تسفر عن مقتل 7 من عناصر الأمن
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
وقعت اشتباكات دامية أمس بين قوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد ومجموعة من المنشقين عند حاجز مقام على المدخل الجنوبي لبلدة معرة النعمان، مما أسفر عن مقتل 7 من عناصر الأمن بينهم ضابط. وجاء ذلك بينما انطلقت مظاهرة في سوق الحميدية العريقة في مدينة دمشق أمس شارك فيها محامون وطلاب في كلية الحقوق.
وتؤوي بلدة معرة النعمان جنودا انشقوا خلال هجوم عسكري استهدف محافظة حمص في وسط البلاد في إحدى أكبر الهجمات التي تستهدف الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ سبعة أشهر وانشقاقا في صفوف الجيش.
وقال أحد السكان قدم اسمه على أنه رائد في مكالمة هاتفية مع وكالة رويترز «لقد اندلعت معركة بالأسلحة النارية عصرا عند الحاجز الكبير الذي يحرسه جنود وأفراد من المخابرات العسكرية. هناك أيضا دبابات منتشرة»، وقال إن الحاجز هوجم ردا على عملية عسكرية الليلة الماضية استهدفت المنشقين الذين يقيمون حول مصنع للدجاج على مشارف معرة النعمان.
وتقع البلدة في منطقة زراعية على الطريق السريع الرئيسي في شمال البلاد على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال من مدينة حمص وعلى بعد 70 كيلومترا من مدينة حلب المركز التجاري الرئيسي في سوريا.
وكانت معرة النعمان معقلا لمقاومة الرئيس السابق حافظ الأسد في الثمانينات عندما سحقت قواته معارضين إسلاميين ويساريين لحكمه وقتلت عشرات الآلاف.
من جانبه أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن منشقين شنوا هجوما على قافلة أمنية، مما أسفر عن مقتل سبعة من عناصرها بينهم ضابط.
وأوضح المرصد أن القافلة كانت مؤلفة «من أربعين حافلة أمن وسيارات رباعية الدفع وسيارات مكافحة الإرهاب»، وتعرضت للهجوم نحو الساعة 13,00 (10,00 ت.غ).
وأضاف المرصد أن «سيارات الأمن الموجودة في داخل معرة النعمان بالإضافة إلى ثلاث سيارات إسعاف هرعت إلى المكان حيث تم إغلاق المنطقة بشكل كامل»، مشيرا إلى أن «إطلاق النار ما يزال مستمرا حتى الآن».
وفي حمص (وسط) أكد المرصد العثور على «جثمان رجل مسن متحدر من حي الإنشاءات ومؤذن بأحد مساجدها على طريق تدمر (ريف حمص)»، مشيرا إلى أن «مجموعة من الشبيحة (عناصر مدنية موالية للنظام) كانت قد اختطفته فجر اليوم (أمس)»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف المرصد «سمع قبل قليل أصوات إطلاق رصاص في أحياء البياضة والخالدية والقرابيص في حمص حيث احترق محل تجاري صباح اليوم (أمس) في شارع الزير نتيجة إصابته بقصف رشاشات ثقيلة»، كما أكد «اعتقال تسعة أشخاص على حواجز في مدينة حمص بالإضافة إلى اعتقال سبعة مواطنين من قبل حاجز على مدخل بلدة تلبيسة (ريف حمص)».
وفي ريف حمص، أشار المرصد إلى وصول «تعزيزات أمنية إلى بلدة الحولة بعد اشتباكات يوم أمس التي سقط فيها عدد من الجرحى وإحراق أربعة منازل نتيجة القصف بالرشاشات الثقيلة من قبل الجيش».
وتشهد سوريا منذ منتصف مارس (آذار) حركة احتجاجية لا سابق لها سقط خلالها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل بينهم 187 طفلا على الأقل بحسب الأمم المتحدة التي حذرت من مخاطر وقوع «حرب أهلية».
وفي سياق متصل، انطلقت على نحو مفاجئ مظاهرة في سوق الحميدية العريقة في مدينة دمشق، وذلك بعد ظهر يوم أمس ورغم الوجود الأمني الكثيف في السوق منذ انطلقت أول مظاهرة في هذه السوق في شهر مارس الماضي، وقال مشارك في المظاهرة إن أغلبية رفاقه كانوا محامين وطلاب حقوق، وعند الساعة الثالثة من بعد الظهر بدأ الشباب بالهتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» ويا «حمص نحن معاكي للموت». وخلال دقائق هجمت عناصر الأمن بملابس مدنية والشبيحة بالعصي وانهالوا بالضرب على من يمسكون به من الشباب، وجرى اعتقال أكثر من خمسة عشر شابا، كما تمت ملاحقة المشاركين الهاربين إلى الحارات، حيث وصلت تعزيزات من قوى الشرطة وتم نشر الشبيحة على مداخل السوق. وقال ناشطون إن الشابة كندة العامود تم اعتقالها في مظاهرة الحميدية، لدى مبادرتها إلى تخليص زميلها من أيدي الشبيحة، وعندما أخبرتهم أنه خطيبها تم اعتقالهما معا. وكندة العامود طالبة علم اجتماع بالسنة الثانية، وهي من أهالي السلمية التابعة لمحافظة حماه، وأنشأ رفاقها صفحة لها على موقع «فيس بوك» للتضامن معها.
وتكتسب مظاهرة الحميدية أهميتها بأنها تأتي في مكان سبق وشهد أولى المظاهرات التي انطلقت في سوريا منذ ما قبل اندلاع الأحداث في درعا، كما أن لسوق الحميدية العريقة أهمية رمزية كبيرة لتاريخها الطويل الذي شهد أهم المظاهرات الشبابية التي شهدتها دمشق أثناء فترة الانتداب الفرنسي من أجل نيل الاستقلال والحرية.
على صعيد آخر قام شباب سوريون بتنفيذ ما أطلقوا عليه وصف «عملية نوعية» وهي وضع مجسمات رمزية لمشانق علقت فيها صور الرئيس بشار وهو يعدم، وتم توزيع المجسم في عدة مناطق وسط العاصمة، وتأتي تلك «العملية» ضمن سلسلة من العمليات السلمية المبتكرة للتعبير عن الاحتجاج إذ سبق وقام مجموعة من الشباب بوضع مسجلات صوت يتم تشغيلها عن بعد على حاويات القمامة في بعض الأحياء الراقية وتتضمن التسجيلات صوت الرئيس الأسد يدلي بأحد الخطابات، وقال الشباب الذين قاموا بالعملية إنه يلقي بخطابه في المكان اللائق.
إلى ذلك، حذر ناشطون في محافظة درعا، من قيام النظام بإدخال قوات من الفرقة الرابعة في الجيش خلال اليومين الماضيين إلى مدينة درعا تمهيدا للقيام بعملية عسكرية موسعة هناك، ترافقت مع حملة تمشيط للأحياء والمزارع. وفي قرية خربة غزالة اقتحمت قوات الأمن والشبيحة مدعومة بالجرافات القرية صباح أمس، ووسط إطلاق نار كثيف مدينة خربة غزالة، بهدف فك الإضراب المستمر منذ عشرة أيام، ويعد هذا الاقتحام الخامس خلال الأيام العشرة الأخيرة، وجرى خلالها مصادرة الدراجات النارية وإحراقها.
 
درعا الأولى بين المدن السورية في أعداد الضحايا.. ومعارضون: ماضون حتى النهاية
شاب «درعاوي» على صفحته في «الفيس بوك»: أي مواطن تعود أصوله لتلك المدينة يعتبر متهما في نظر النظام
بيروت: «الشرق الأوسط»
تعتبر مدينة درعا التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة قبل أن تنتقل إلى بقية المدن السورية، والتي تم اقتحامها مرات عديدة، واجتاحتها دبابات الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، الأخ الأصغر للرئيس السوري، من أكثر المدن التي قدمت قتلى للانتفاضة بعد أن قارب عددهم الـ627 شخصا ما عدا آلاف الجرحى الذين وقعوا في ساحات التظاهر. وبالإضافة إلى الأضرار المادية التي لحقت بالمدينة وشملت الحقول والمزارع والبساتين والمنازل والسيارات الزراعية، حيث أشعلت عناصر فرقة ماهر الأسد النار في تلك الممتلكات بقصد التخريب والانتقام من الأهالي المطالبين بحريتهم، فرض النظام السوري حصارا قاسيا عليهم، شمل المواد الغذائية والأدوية وغيرها من مستلزمات الحياة، محولا المدينة إلى ثكنة عسكرية تنتشر فيها دبابات الجيش وسيارات الأمن وحواجز للتفتيش.
ويكتب شاب «درعاوي» غادر المدينة في منصف شهر مايو (أيار) الماضي على صفحته على موقع «فيس بوك»: «أصبحت المواطن الذي تعود أصوله إلى مدينة درعا، متهم في نظر النظام السوري لمجرد امتلاكه هذا الانتماء». ويضيف: «لقد تم إلقاء القبض علي، على أحد الحواجز في ريف دمشق فقط لأن بطاقة هويتي التي قام عنصر الأمن بالاطلاع عليها تحتوي على مكان ولادتي، مدينة درعا، مع العلم أني لست مطلوبا واسمي لم يكن على القوائم التي يحملها هذا العنصر».
المدينة التي تعد من أقدم المدن العربية، وتقع في جنوب سوريا بالقرب من الحدود الأردنية - السورية، استمرت في التظاهر ضد نظام الأسد رغم كل الجراح والآلام التي مرت بها. هذا ما يجعل خبراء متابعين للثورة السورية يجدون فيها «مؤشرا لصمود الشارع السوري المنتفض واستمراره في مواجهة آلة القمع الشرسة التي يستخدمها النظام ضده». ويشير معارض سوري يعيش في الداخل إلى أن «الحل الأمني الذي اتبعه الرئيس بشار الأسد لم يجدِ نفعا، فالمتظاهرون لم يتعبوا ولم ييأسوا رغم شعور التخلي الذي يشعرون به تجاه الدول العربية والمجتمع الدولي، وإنهم مصرون على متابعة ثورتهم حتى سقوط النظام».
ويرجع المعارض الذي رفض الكشف عن اسمه هذا الإصرار عند المتظاهرين إلى عدة عناصر أبرزها «القمع المتمادي الذي مارسه النظام السوري ضد شعبه لما يزيد على 40 عاما، سواء في عهد الأسد الأب (حافظ) أو في عهد بشار الابن، مما جعل المجتمع السوري يملك طاقة هائلة للانتفاض على النظام الاستبدادي، ومن ثم فإن المجازر الراسخة في ذاكرة الشعب السوري وآلاف المفقودين في أقبية السجون، هذا كله تراكم مع الوقت وانفجر في لحظة واحدة، ولا يمكن إخماده أبدا». ويضيف المعارض: «السوريون يعلمون جيدا أنهم في حال تراجعوا عن احتجاجاتهم سيعود النظام أقسى مما كان وسيذيقهم أبشع صنوف الإذلال وسوء المعاملة».
كما يلفت المعارض السوري إلى أن «المتظاهرين لم يعد لديهم ما يخسروه، فهم يقدمون أرواحهم في سبيل ثورتهم، أما النظام، ففي كل يوم يخسر الكثير، سواء بالاستنزاف الاقتصادي أو العسكري أو بنفاد رصيده السياسي لدى معظم دول العالم، حيث أعلن بعضها، أن بشار الأسد فقد الشرعية وعليه أن يرحل».
 
المعارضون والناشطون السوريون يختلفون في قراءة الخطوة الأميركية بسحب السفير من دمشق
زيادة لـ«الشرق الأوسط»: هي رسالة تحذير أميركية شديدة اللهجة ولا نتوقع عودته قريبا
بيروت: بولا أسطيح
اختلفت مواقف الناشطين السوريين من الخطوة الأميركية المفاجئة بسحب السفير الأميركي روبرت فورد من دمشق، إلا أن التوجه العام اعتبرها مقدمة لإمكانية تدخل دولي في سوريا لحماية المدنيين، وأنها تطور في موقف واشنطن إزاء الأحداث.
وفي أول موقف رسمي عن المجلس الوطني السوري من الموضوع، اعتبر رئيس المركز السوري للدراسات الاستراتيجية، عضو المجلس الوطني رضوان زيادة أن «سحب السفير يعد رسالة تحذير أميركية شديدة اللهجة لدمشق ومقدمة لتصعيد أميركي قريب للحد من المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري بعد الانتهاء من المسألة الليبية والتفرغ للملف السوري»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لعل التصريحات الأميركية العالية اللهجة التي نسمعها مؤخرا أكبر دليل على تطور الموقف الأميركي باتجاه التصعيد».
وتوقع زيادة «ألا يعود السفير الأميركي قريبا إلى دمشق على الرغم من تأكيدات الخارجية الأميركية بأنه عائد»، وأضاف: «شهدنا سحب السفير الأميركي من دمشق مع اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري وهو لم يعد إلا بعد 5 سنوات من القطيعة السورية الأميركية وبالتالي الحال اليوم ليس أفضل بكثير».
وإذ شدّد زيادة على أن «لا المعارضة السورية ولا المجلس الوطني السوري طالبوا بسحب السفراء الأجانب من دمشق»، لفت إلى أن «من مصلحة المعارضة اليوم بقاء هؤلاء ليكونوا شهود عيان على ما يجري في سوريا وليراقبوا ما يقترفه النظام السوري بحق المتظاهرين»، وأضاف: «السفير فورد أظهر شجاعة استثنائية من خلال تحركاته باتجاه المعارضة بالداخل السوري. نحن كنا نأمل بقاءه ليمارس دوره المتميز ولكن حملة التحريض الواسعة التي يشنّها عليه النظام وضعت على ما يبدو سلامته الشخصية بخطر».
واستبعد زيادة أن تسحب باقي الدول الغربية سفراءها من دمشق، داعيا بعض الدول العربية «لاتخاذ خطوة مماثلة وقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا خاصة بعض الدول التي تتخذ مواقف غير مشرفة بحق الشعب السوري كلبنان»، وقال: «موقف الحكومة اللبنانية يسيء للعلاقات التاريخية بين الشعبين وهي يجب أن تحاسب على تواطئها مع النظام».
وردا على سؤال عن إمكانية أن تكون الخطوة الأميركية مقدمة لتدخل دولي في سوريا، قال زيادة: «هذا الموضوع تتم مناقشته جديا في دوائر صنع القرار ونحن كمجلس وطني بتنا ندفع باتجاه صدور قرار عن مجلس الأمن يحمي المدنيين من خلال فرض حظر جوي وإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية تضم الجنود المنشقين».
وقد أثار سحب السفير الأميركي، سلسلة من ردود الفعل المتضاربة بين الناشطين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي. فاعتبر أحد الناشطين أن «سحب السفير الأميركي من دمشق يمكن ربطه بحديث السيناتور الأميركي جون ماكين وللمرة الأولى عن إمكانية للتدخل العسكري في سوريا لحماية المدنيين»، مضيفا: «وهذا يعني أن التدخل العسكري أصبح قريبا جدا لإنهاء حكم الديكتاتورية الأسدية في سوريا».
وقد ردّ عدد من الناشطين على هذه القراءة، معتبرين أنه «لو صح هذا السيناريو لكانت الولايات المتحدة الأميركية أغلقت سفارتها في دمشق أو على الأقل طردت السفير السوري من واشنطن أو حتى اعترفت بالمجلس الوطني السوري».
 
واشنطن: سفيرنا سيعود لدمشق للاستماع للشعب السوري.. ولإقناع الأسد بالرحيل
الخارجية الأميركية: صحيفتا «البعث» و«الثورة» وجهتا تهديدات لفورد وشجعتا العنف ضده من مواطنين وبلطجية
واشنطن: محمد علي صالح
بعد استدعاء السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد، واستدعاء سوريا لسفيرها في واشنطن عماد مصطفى، قالت الخارجية الأميركية إنها لا تريد قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، لحرصها على «الاستماع مباشرة لآراء الشعب السوري. ولمواصلة محاولة إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل». وقالت الخارجية إن فورد لم يستدع نهائيا، لكن هناك خوفا على حياته بسبب التهديدات، وخاصة من الإعلام السوري.
وقال مراقبون في واشنطن إن الخارجية الأميركية تريد التأكيد على عدم قطع العلاقات مع سوريا في هذا الوقت بالذات. ورغم أن فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، قالت إن الاستدعاء كان بسبب الخوف على حياة السفير، فإنها أشارت إلى أنه سوف يعود «بعد نهاية المشاورات التي يجريها هنا»، وإنه، عندما يعود، ستحمّل الحكومة الأميركية الحكومة السورية مسؤولية المحافظة على أمنه، حسب قوانين جنيف.
وقال المراقبون إن تركيز الخارجية الأميركية في البداية كان على «أمن» السفير فورد، لكن، حسب تصريحات نولاند، صارت الخارجية الأميركية تركز على «مشاورات» يجريها السفير في واشنطن. ويبدو أن هذا تمهيد لعودة السفير، رغم أن نولاند اعترفت، في مؤتمرها الصحافي اليومي، أنه لا يوجد تهديد معين يستهدف حياة السفير. وركزت على هجوم نشر في صحيفتي «البعث» و«الثورة» السوريتين.
وقال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إنه «ربما كان قرار استدعاء السفير خطأ. ربما صدر أمر من هنا له بالعودة شفقة عليه وخوفا على حياته، من دون مراجعة شاملة لأصداء الأمر».
وقال المصدر إنه لا يعرف إذا كان القرار صدر من هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، أم من مسؤول أقل منها. وأضاف «ربما قال له شخص هنا: إذا شعرت أن الهجوم زاد عليك، تعالَ إلى هنا».
وقال المصدر إن المسؤولين عن الشأن السوري في الخارجية قضوا «كل اليوم تقريبا» يحاولون إقناع الصحافيين بأن هناك فرقا بين «استدعاء» و«قطع علاقات» و«مشاورات». وأضاف: «ربما سيتم التحقيق في هذا الموضوع. يبدو أن ناسا هنا لم يخططوا كثيرا لما بعد استدعاء السفير فورد». وانتقد المصدر توقيت سحب السفير في وقت تتفاقم فيه الأوضاع في سوريا، وقال «كيف نقول إنه استدعي للراحة في هذا الجو المتوتر، وبينما يتحدث مسؤولون أميركيون في الكونغرس عن عمليات عسكرية في سوريا؟»، في إشارة لتصريحات أدلى بها مؤخرا السيناتور البارز جون ماكين، التي رجح فيها خيار العمليات العسكرية، خصوصا بعد انتهاء العمليات في ليبيا.
وقالت نولاند إنها لا تملك وثيقة عن خطة معينة لإيذاء السفير الأميركي، ولكن «نحن نشعر بالقلق إزاء حملة التحريض التي تستهدف السفير فورد شخصيا في وسائل الإعلام التي تديرها الحكومة السورية. ونحن قلقون إزاء الوضع الأمني العام الذي تعيش فيه سوريا». وأضافت: «لهذا، أود أن أغتنم هذه الفرصة، وأدعو الحكومة السورية إلى أن تنهي فورا الحملة التشويهية الدعائية الخبيثة والمخادعة ضد السفير فورد».
ورغم استدعاء السفير السوري في واشنطن، فإن نولاند قالت إن السفير فورد سيعود إلى دمشق بعد «استكمال المشاورات التي يجريها هنا». وعندما يعود «سوف يتعين على حكومة سوريا توفير الأمن له، والوفاء بالتزاماتها حسب اتفاقية فيينا، تماما كما فعلنا نحن لحماية السفير مصطفى هنا». وأضافت أن «النقطة الأساسية» هي أن الحكومة الأميركية تحمي السفير مصطفى هنا، وتتوقع نفس الشيء من الحكومة السورية فيما يتعلق بالسفير فورد.
ورغم أن المتحدثة باسم الخارجية الأميركي ركزت على التهديدات الإعلامية، فإنها رفضت الحديث عن معلومات ربما جمعتها وكالات الاستخبارات الأميركية عن تهديدات معينة.
وفي إجابة عن سؤال إذا كانت تهديدات الصحف والإذاعات والتلفزيونات السورية «تهديدات بالاعتداء على السفير» أو مجرد «هجوم قوي على سياساته»، قالت إنها لا تريد أن تهبط إلى مستوى الإعلام السوري، وتنقل أشياء يقولها. لكنها أشارت إلى تهديدات في صحيفة «البعث» يوم 3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وفي صحيفة «الثورة» يوم 18 من الشهر نفسه.
وكانت صحيفة «البعث» قد ذكرت في مقال نشر بذلك التاريخ أن «الهجمة على سوريا التي يقودها داخليا السفير الأميركي بدمشق روبرت فورد، تستخدم أداة محلية ذات بنية فكرية وتنظيمية طائفية إرهابية، وبدعم أطلسي (تركي - فرنسي) ورجعي عربي».
وأضافت نولاند أن الخطر هو «أن أنواع الأكاذيب التي تنتشر حول السفير فورد يمكن أن تؤدي إلى العنف ضده، سواء من مواطنين أو بلطجية من نوع أو آخر». وأن هذا الهجوم الإعلامي «محاولة لصرف الانتباه داخل سوريا بعيدا عن المطالب المشروعة للمتظاهرين المسالمين».
وردا على أسئلة انتقادية ومتشككة من كثير من الصحافيين خلال المؤتمر الصحافي حول أسباب سحب فورد، قالت نولاند إنه لا يوجد شرط معين لإعادة السفير، وإنه كان قد استدعي «لإجراء مشاورات.. إننا نريد أيضا أن نمنحه فترة راحة. وإننا ننوي أن يعود. ولكن أيضا نغتنم هذه الفرصة ونقول للحكومة السورية إنها يجب أن توقف هذا النوع من التحريض الإعلامي».
وعن استدعاء السفير السوري في واشنطن، قالت إن الخارجية السورية لم تبلغ ذلك للخارجية الأميركية، وإن الأخيرة تزود السفير السوري عماد مصطفى «بالحماية والأمن في إطار اتفاقية فيينا». وفي نفس الوقت «تستدعيه من وقت لآخر لتقول له إن سلوك النظام غير مناسب، كما فعلنا قبل بضعة أسابيع». وكانت واشنطن قد استدعت مصطفى في وقت سابق احتجاجا على الهجمات المتكررة التي تعرض لها السفير الأميركي في دمشق.
وردا على سؤال إذا كانت اجتماعات السفير فورد مع قادة المعارضة في سوريا، ونشره لآرائه في الإنترنت، تعد خرقا لاتفاقية جنيف وأنه «تعدى حدوده»، قالت نولاند: «سفراؤنا في جميع أنحاء العالم صرحاء جدا حول سياسة الولايات المتحدة. ونحن نشجع سفراءنا لاستخدام، ليس فقط الاتصالات الرسمية، وليس فقط الخطب، وليس فقط التصريحات الصحافية، ولكن، أيضا، وسائل الإعلام التكنولوجية الجديدة، وأن يشتركوا عبرها في حوارات مع مواطني الدول التي هم فيها». وأضافت: «من الشائع جدا أن للسفراء الأميركيين في الدول الأخرى مواقع وصفحات في الإنترنت، بهدف تأسيس علاقات تفاعلية مع شعوب تلك الدول».
«لم يتغير موقفنا. وذلك لأن الأغلبية العظمى من المعارضة السورية ما زالت تتحدث لصالح احتجاجات سلمية، وغير عنيفة، وضد التدخل الأجنبي من أي نوع، وخاصة التدخل العسكري الأجنبي». وأضافت: «نحن نحترم ذلك».
وكررت نولاند الانتقادات لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقالت: «نحن نرى أن الوقت قد حان للأسد ليتنحى جانبا. حان الوقت لوضع حد لأعمال العنف، حان الوقت لإجراء حوار حول مستقبل ديمقراطي في إطار سلمي حقيقي».
وفي إجابة عن سؤال حول الانتظار لسحب السفير منذ أن أرسل إلى سوريا، بعد قطيعة دبلوماسية دامت 6 سنوات، قالت نولاند: «عندما جاءت هذه الإدارة، بذلت جهدا كبيرا وبحسن نية لإجراء إصلاحات داخلية، وللتعبير عن مبادئنا، حتى مصالحنا، وقيمنا، وتوقعاتنا. كان ذلك في سوريا، أو في إيران، أو في كوريا الشمالية. وقد أثمرت هذه الاستراتيجية في أماكن أخرى. لكنها لم تثمر في إيران وفي سوريا. ليس لأن الولايات المتحدة لم تكن ترغب في تحقيق أهدافها، ولكن لأن هذين النظامين اختارا مسارا مختلفا، اختارا مسارا سلبيا، ومسارا عنيفا».
وعن المجلس الوطني السوري المعارض، قالت نولاند إنه «يبدو أنه يقوم بتوحيد الجماعات الأخرى. لكن، حتى هذا الأسبوع، قال المجلس نفسه إنه لا يدعي أنه يمثل جميع الفئات». وقالت إن الولايات المتحدة تجري اتصالات مع المجلس، وأيضا، مع الكثير من الجهات المعارضة الأخرى وجماعات المعارضة في سوريا. وإن واشنطن تود أن ترى هذه المجموعات وقد توحدت، أو تعاونت قدر الإمكان. وإنها تركز على هذه الوحدة أو التعاون بصرف النظر عن الانتماءات. وعلى أهمية توحيد كلمة «السوريين من جميع مشارب الحياة، سواء كانت علوية، أو سنية، أو درزية، أو مسيحية».
وعن وفد الجامعة العربية الذي سيصل إلى دمشق هذا الأسبوع، قالت نولاند: «نحن طبعا نؤيد جهودهم، وإعلانهم أن رسالتهم رقم واحد لنظام الأسد هي وقف العنف بجميع أشكاله، ووقف التخويف، والوحشية، والاعتقالات، والتعذيب». وأضافت: «ثانيا: شعب سوريا ينبغي أن يسمح له بممارسة حقه في الاحتجاج. ثالثا: ينبغي أن يبدأ تحول سلمي، بما في ذلك الحوار». وأضافت: «سنرى إذا كان الأسد سوف يستمع هذه المرة. لكننا، لا نتوقع الكثير».
وعن الاتهامات التي وجهت إلى السفير السوري في واشنطن بأنه يهدد المعارضين السوريين الموجودين في الولايات المتحدة، قالت نولاند: «احتججنا أكثر من مرة وبشدة. ودعوناه إلى هنا لهذا السبب. والموضوع الآن في يد السلطات الأمنية والقضائية. وهناك شخص اتهم، والقضاء سوف يأخذ مجراه».
 
اتهامات أميركية لسوري متهم بالتجسس على معارضي النظام بأنه على صلة بسفير دمشق
الادعاء قال إن سويد يعمل لصالح المخابرات في دمشق وأبلغها باجتماع عقده مناوئون للنظام في فرجينيا
واشنطن - لندن: «الشرق الأوسط»
كشف ممثلو ادعاء أميركيون عن أن رجلا سوري المولد متهما بالتجسس على المحتجين المناهضين للحكومة السورية في الولايات المتحدة كان على صلة بسفير دمشق في واشنطن عماد مصطفى.
وتزايدت التوترات بالفعل بين واشنطن ودمشق مع استدعاء السفير الأميركي لدى سوريا بسبب ما قالت عنه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس، إنه تهديدات ضده بتحريض من الحكومة.
وأعقبت الخطوة الأميركية استدعاء دمشق لسفيرها لدى الولايات المتحدة عماد مصطفى للتشاور.
واعتقل محمد سويد (47 عاما) في فرجينيا الشهر الحالي بتهمة التجسس لصالح سوريا على محتجين في الولايات المتحدة في إطار مؤامرة لترهيبهم واحتمال إلحاق الضرر بهم أو بأسرهم في سوريا.
وقال ممثلو الادعاء في مذكرة أصدروها في وقت متأخر من مساء الجمعة (نشرت أمس) ويطلبون فيها أن يبقى سويد قيد الاحتجاز إلى حين محاكمته «يجري المدعى عليه (سويد) اتصالات منتظمة مع مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة السورية منهم السفير السوري لدى الولايات المتحدة».
وأضافوا أن سويد عمل لصالح المخابرات السورية وأجرى اتصالات مع السفير وأرسل له رقم هاتفه الشخصي وأنجز له بعض المهام لكنهم لم يحددوها. كما ذكرت لائحة الاتهام أن سويد بعث برسالة مشفرة في أبريل (نيسان) الماضي إلى جهاز المخابرات السورية عبر البريد الإلكتروني ذكر فيها تفاصيل اجتماع لمحتجين في فرجينيا.
وقال ممثلو الادعاء «لم يكن ينبغي للسفير السوري لدى الولايات المتحدة أن يعرض بقاءه في أميركا للخطر بتلقيه تقارير ومعلومات من مجرد عميل»، ليس من الكوادر العليا. وقال محامي سويد إن موكله كان على اتصال بالسفير وبدبلوماسيين آخرين مثله مثل الأعضاء البارزين في الجالية السورية وإنه ليس هناك ما يشوب مثل هذه الاتصالات. وذكر المحامي هيثم فرج «ولد السيد سويد في سوريا وهو فخور بأصله السوري وتقيم عائلته في سوريا ولديه مخاوف على وطنه خلال فترة شديدة الاضطراب». وأضاف «يتعرض السيد سويد للاضطهاد بسبب آرائه، ولأن هذه الآراء تتعارض مع السياسة السائدة الآن»، حسبما أوردته وكالة «رويترز».
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من أحد ممثلي السفارة السورية، وفي وقت سابق هذا الشهر نفت السفارة أن سويد يعمل لحسابها أو أنه أمد أي شخص في السفارة بمعلومات عن «محتجين أميركيين أو غير ذلك».
ويواجه الرئيس السوري بشار الأسد ضغوطا في سوريا من متظاهرين يطالبون بإنهاء حكمه في اشتباكات قدرت الأمم المتحدة أنها خلفت 3 آلاف قتيل. وجرى تقديم مذكرة الادعاء بعدما حكم قاض أميركي بإمكانية إطلاق سراح سويد إلى حين محاكمته. وطعن ممثلو الادعاء في الحكم خشية أن يهرب. وتشير مذكرة الادعاء إلى أن سويد حصل على جوازي سفر جديدين من السفارة السورية وسعى للحصول على جواز سفر فنزويلي مزور وتحدث عن الهروب عبر الحدود التي يسهل اختراقها بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وتوضح أوراق القضية أن زوجته عملت بالقنصلية السورية في واشنطن لعامين مما قد يساعده في استخراج جواز سفر للهرب من الولايات المتحدة. وكشفت الوثائق أيضا عن أن الشرطة عثرت على بندقية «كلاشنيكوف» نصف آلية و500 قطعة ذخيرة بمنزله في فرجينيا. وقال محامي سويد إن السلاح مرخص ومسجل في الولاية.
 
الصين تحث النظام السوري على تنفيذ وعود الإصلاحات
قبل يوم واحد من وصول مبعوثها إلى دمشق
بكين - لندن: «الشرق الأوسط»
في تطور لافت، دعت بكين أمس السلطات السورية إلى تلبية مطالب السوريين المناهضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وتنفيذ وعود الإصلاح التي كان النظام السوري قد أطلقها. وجاء هذا «الضغط» من بكين قبيل زيارة مبعوث بكين الخاص للشرق الأوسط إلى دمشق.
ويرى مراقبون أن التحذير الصيني الجديد للسلطات السورية يأتي كرسالة لها بأن حق النقض (الفيتو) الذي كانت قد صوتت بكين به ضد قرار يدين النظام في مجلس الأمن في وقت سابق من الشهر الحالي لا يعني أن بكين تقف بشكل مطلق مع النظام.
ولم تلعب الصين دورا بارزا في انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لكنها تحركت سريعا لتطبيع علاقاتها مع حكومات أطاحت بها تلك الانتفاضات مثلما جرى في ليبيا. ومعروف أن الصين تلحظ في علاقاتها الدولية مصالحها الاقتصادية قبل كل شيء.
وقالت جيانغ يو المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية أمس «نأمل أن تتمكن كل الأطراف في سوريا من وضع مصالح البلاد والشعب أولا، وأن تنبذ العنف وتتفادى إراقة الدماء والاشتباكات، وأن تحل خلافاتها عبر حوار يجري بطريقة سلمية»، حسبما أوردته وكالة «رويترز». وأضافت في إفادة صحافية تدلي بها بانتظام «نرى أنه يتعين على الحكومة السورية أن تسارع بتنفيذ وعودها بالحرية، وأن تستجيب لمطالب الشعب المعقولة»، ومضت قائلة إن مبعوث الصين الخاص للشرق الأوسط وو سيكه سيزور سوريا ومصر من 26 (اليوم) إلى 30 أكتوبر (تشرين الأول)، دون أن تدلي بمزيد من التفاصيل. وقاومت الصين وروسيا في الآونة الأخيرة مسعى غربيا لاستصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يدين حملة الحكومة السورية على المحتجين المؤيدين للإصلاح، التي بدأت منذ 6 أشهر.
 
«الوطني السوري» يلوم الأسرة الدولية على التردد في الاعتراف به
باريس: سنتخذ القرار الملائم عندما يقدم إلينا طلب الاعتراف رسميا بالمجلس
باريس: ميشال أبو نجم
في الوقت الذي يصل فيه إلى دمشق، اليوم، وفد لجنة الجامعة العربية لمناقشة المبادرة التي أطلقتها الجامعة في اجتماعها الأخير بالقاهرة مع السلطات السورية، طالب أعضاء في المجلس الوطني السوري المجتمع الدولي بالإسراع في الاعتراف بالمجلس وبكونه يمثل الشعب السوري على غرار ما حصل مع المجلس الانتقالي الليبي.
وفي لقاء حصل في معهد العلوم السياسية في باريس وشارك فيه عبد الحميد الأتاسي، عضو السكرتارية العامة للمجلس، وشادي جنيد والدكتور أسامة شربجي وهما عضوان فيه، شدد الثلاثة على أهمية الاعتراف الدولي الآن بالمجلس الذي «من دونه لن يستطيع المجلس أن يحقق الكثير»، وفق ما قاله جنيد.
ولام الأخير المجتمع الدولي الذي يكثر من الشروط قبل أن يخطو الخطوة المطلوبة أحيانا بحجة المطالبة ببلورة برنامج مفصل لمستقبل ما ستكون عليه سوريا بعد قلب النظام وتفاصيل مثل موقع سوريا والنظام السياسي وحجم كل طرف فيه ووضع المرأة وخلاف ذلك. وانتقد جنيد ضمنا الدول الغربية التي تريد للدول العربية أن تخطو الخطوة الأولى باتجاه الاعتراف بالمجلس قبل أن تقدم بدورها على ذلك. وفي رأيه أن العرب «لن يتحركوا من غير أن تتحرك الدول الكبرى»، وهو يعني بذلك البلدان الغربية، وعلى رأسها فرنسا التي كانت أول من سارع إلى الاعتراف بالمجلس الليبي المؤقت وعملت على دفع الآخرين إلى الاحتذاء بحذوها، وهو ما فعلته تباعا جاذبة وراءها الكثير من الدول العربية، وعلى رأسها قطر والإمارات العربية المتحدة وغيرها.
وأبدى جنيد دهشته لما يعتبره التردد في المسارعة للاعتراف بالمجلس وللحجج التي ترفع هنا وهناك. وقال: «بداية، اتهمونا بأننا لا نمثل أحدا. والآن وبعد أن قام المجلس وأعطانا الثوار والمتظاهرون الشرعية واعتبرونا ممثلين لهم، فإذا بمسائل أخرى تثار لتبرير الانتظار».
وطالب الأتاسي الأسرة الدولية بتوفير حماية للمدنيين السوريين وإيقاف عمليات القتل الجارية منذ سبعة أشهر. غير أنه امتنع عن تفسير ما يعنيه تحديدا، مكتفيا بالقول إن هناك «وسائل كثيرة متوافرة للمجتمع الدولي من غير أن تعني التدخل الأجنبي في الشؤون السورية».
ونبه الأتاسي إلى أن غياب «أفق الحل» سيعني دفع الشباب إلى خيار العنف وهو ما تدفع إليه السلطة.
وإزاء الإشاعات التي تطلق من هنا وهناك حول حصول المجلس على تمويل خارجي، شدد المشاركون الثلاثة على دحض هذه الإشاعات، مؤكدين أن المجلس لم يحصل على أموال من أحد، وأن أعضاءه يمولون نشاطاتهم ذاتيا أو بمساهمات من الناشطين.
وفي موضوع الاعتراف، قالت الخارجية الفرنسية أمس، إن باريس «لا تطرح شروطا» للقيام بهذه الخطوة، لكنها في المقابل طالبت بـ«أخذ وضع المعارضة السورية بعين الاعتبار»، في إشارة واضحة إلى انقسامها بين الداخل والخارج وحاجتها إلى الاتفاق على برنامج واضح تنضوي تحته جميع مكوناتها. وأفاد الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو بأن باريس «مستمرة في الحوار» مع المعارضة السورية بكل فئاتها، وهي «تواكبها» وتشجعها على تنظيم صفوفها، وأنها «ستعمد إلى اتخاذ قرار عندما يأتيها طلب رسمي من المجلس الوطني للاعتراف به». وخلاصة فاليرو هي الدعوة لترك المعارضة لتقوم بعملها مع مواكبتها وتوفير الدعم لها.
وكانت مصادر فرنسية رفيعة المستوى قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن باريس «ليست لديها مشكلة من حيث المبدأ» للاعتراف بالمجلس الوطني. ورغم أنها تسعى للتوافق مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي، فإنها «ستقدم عليها منفردة إذا وجدت أن الأمور نضجت لذلك».
 
دمشق تضيف عملتي الروبل واليوان إلى تعاملاتها تحسبا لـ«عقوبات أوروبية أشد»
كشفت عن نقص احتياطي الدولار الأميركي لتمويل مشاريع أحجم الاتحاد الأوروبي عن تمويلها
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
وسط سلسلة العقوبات التي فرضت مؤخرا على النظام السوري جراء قمع المظاهرات المناوئة للنظام منذ منتصف مارس (آذار) الماضي والتي أخذ أغلبها طابعا اقتصاديا، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميالة أن العملتين الروسية والصينية أضيفتا إلى قائمة أسعار صرف العملات الصادرة عن المصرف تحسبا لاتخاذ الاتحاد الأوروبي عقوبات أشد على سوريا.
ونقلت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطة عن أديب ميالة أن «العملة الروسية (الروبل) والعملة الصينية (اليوان) قد أضيفتا منذ يومين اثنين إلى قائمة أسعار صرف العملات العربية والأجنبية الصادرة عن مصرف سوريا المركزي (...) لبدء التعامل بالروبل واليوان كعملة قابلة للتحويل»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح الحاكم للصحيفة أن هذا القرار تم «تحسبا لاتخاذ الاتحاد الأوروبي عقوبات أشد بحق سوريا وشعبها»، وأضاف أن «الولايات المتحدة قد سبق لها أن طبقت عقوبات بحق سوريا وشعبها منعت بموجبها التعامل بالدولار الأميركي إلى جانب منع تعامل السوريين ببطاقتي الاعتماد العالمية الفيزا والماستر كارد»، وأشار إلى أن هذه العقوبات هي «في حقيقتها عقوبات موجهة ضد الشعب السوري، بعكس ما يقولون»، لافتا إلى أن «الحكومة السورية والسلطة السورية تحاولان حماية الشعب السوري من هذه العقوبات».
وأكد ميالة أن الاحتياطي الاستراتيجي من الدولار الأميركي يبلغ 18 مليار دولار إلا أنه نقص بمقدار 1.2 مليار دولار لتمويل مشاريع أحجم الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي وبعض المؤسسات الأوروبية عن تمويلها بسبب العقوبات المفروضة. وأوضح ميالة أنه من الطبيعي ألا توقف سوريا تمويل هذه المشاريع، ولفت إلى أن هذه المشاريع التي تم البدء بتنفيذها «هي مشاريع حيوية» وأن إيقافها «هو أذى موجه للشعب السوري عكس ما تدعي دول الغرب».
وقد أعلن الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الماضية حظرا على الأسلحة وحظرا على عمليات تسليم النفط ومنع الاستثمارات الجديدة في القطاع النفطي وتزويد البلاد بالقطع النقدية والأوراق المالية.
ومن جهة أخرى، منع عدد كبير من أركان النظام ومنهم بشار الأسد من الحصول على تأشيرات دخول إلى الاتحاد الأوروبي وفرض تجميد على أرصدتهم.
وحذر رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي الأحد الماضي في بروكسل من أن الاتحاد مستعد لاتخاذ عقوبات جديدة بحق سوريا إذا لم يكف نظامها عن قمع المظاهرات. وتشهد سوريا منذ منتصف مارس حركة احتجاجية لا سابق لها سقط خلالها أكثر من 3 آلاف قتيل بينهم 187 طفلا على الأقل منذ 15 مارس بحسب الأمم المتحدة التي حذرت من مخاطر وقوع «حرب أهلية». ويتهم النظام السوري «عصابات إرهابية مسلحة» بزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.
 
الخارجية الأميركية تطالب سوريا بوقف انتهاكات الأراضي اللبنانية وترسيم الحدود
عبرت عن قلقها من اعتقال وقتل منشقين سوريين قرب الحدود
واشنطن: هبة القدسي
أعربت الخارجية الأميركية عن قلقها البالغ حيال التقارير الإخبارية التي تحدثت عن تعرض معارضين سوريين للقتل والاعتقال عند الحدود مع لبنان، وأدانت توغل الجيش السوري في الأراضي اللبنانية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر «نحن ندين هذه الانتهاكات لسيادة لبنان، ونكرر مطالبنا بأن يقوم لبنان وتقوم سوريا بترسيم الحدود في أقرب فرصة، وفقا لقراري مجلس الأمن 1680 و1701». وأضاف «إننا قلقون للغاية من المؤشرات بشأن تعرض منشقين سوريين للاعتقال، وربما القتل، خلال عمليات قرب الحدود مع لبنان، وندعو دمشق لاحترام سيادة لبنان ووحدته واستقلاله السياسي تحت السلطة الوحيدة لحكومة لبنان، واعتبار قرار مجلس الأمن رقم 1559 هو أساس تحقيق الاستقرار في لبنان، وندعو لبنان للوفاء بالتزاماته الدولية وحماية الفارين من عنف ووحشة نظام الأسد».
وكانت تقارير قد أشارت إلى أن ثلاثة سوريين قد قتلوا برصاص الجيش السوري عند الحدود اللبنانية - السورية في منطقة البقاع، في عملية توغل للجيش السوري في الأراضي اللبنانية لملاحقة الفارين من سوريا. ومنذ بداية الانتفاضة الشعبية السورية المطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد، هرب نحو خمسة آلاف سوري إلى لبنان. والتقى نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، جيك والاس أمس، الرئيس اللبناني ميشال سليمان ونبيه بري ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ومحافظ البنك المركزي رياض سلامة، ووزير المالية السابق محمد شطح. وأكد المبعوث الأميركي خلال اللقاء وجهة النظر الأميركية في ضمان ألا تخلق حالة عدم الاستقرار في سوريا، نوعا من التوتر في لبنان. وجدد التزام الولايات المتحدة بوحدة وسيادة واستقلال لبنان.
كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التحركات التي تقوم بها سوريا داخل الأراضي اللبنانية، ودعا إلى وقف فوري لكل عمليات التوغل واحترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه. وقال مون في تقريره لمجلس الأمن الدولي «أشجب بقوة عمليات التوغل والمداهمة التي تقوم بها القوات الأمنية السورية في المدن والقرى اللبنانية التي نتج عنها قتلى وجرحى». وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه من أن تؤدي هذه التحركات إلى إثارة مزيد من التوتر داخل لبنان وأبعد منه.
من جانبه، طالب رضوان زيادة، عضو المجلس الانتقالي السوري، الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بفرض حظر جوي على سوريا وتكرار سيناريو القضاء على نظام القذافي في ليبيا باستخدام القوة العسكرية. وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «يجب تطبيق فرض حظر جوي على سوريا، لأنه للأسف لا توجد خيارات أخرى، لأن النظام السوري لم يستمع إلى أي نداءات أو مطالبات برحيله، ويصر نظام الأسد على دفع السوريين للمطالبة بالحماية الدولية والتدخل العسكري من خلال استمراره في عمليات القتل والقمع الوحشية، فالوضع في سوريا أصبح غير محتمل، والمتظاهرون يطالبون باستخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم».
واتهم الناشط السوري الحكومة اللبنانية بإعطاء الضوء الأخضر للقوات السورية للتوغل في أراضيها وملاحقة المنشقين السورين الفارين إلى لبنان. وقال «توغل الجيش السوري في الأراضي اللبنانية ليس المرة الأولى، لأن النظام اللبناني متواطئ مع النظام السوري، ويؤكد ذلك موقف الحكومة اللبنانية من عدم تأمين اللاجئين وتوفير الحماية الكاملة لهم وفقا للمعاهدات الدولية».
ويقول إليوت إبرامز، نائب مستشار الأمن القومي السابق والباحث بمعهد العلاقات الخارجية، إن «الهدف الأميركي والأوروبي والتركي هو إنهاء حكم عائلة الأسد، ويمكن لصانعي السياسة الأميركية بلوغ هذا الهدف من خلال أربع خطوات مهمة، أولاها تشجيع المعارضة لإثبات أنها تسعى إلى سوريا غير طائفية وديمقراطية، والثانية عزل نظام الأسد من بقية الطائفة العلوية التي تمثل 10 في المائة إلى 15 في المائة من السوريين الذين يتخوفون من انتقام السنة السوريين منهم إذا سقط نظام الأسد، وأن يتعهد المجلس الوطني السوري الذي تشكل من 140 عضوا في أوائل الشهر الحالي بتوفير الحماية لجميع الأقليات العلوية والأكراد والجماعات المسيحية.
 
سوريا.. خيبة إن صدقت
طارق الحميد
وجه ممثلو الادعاء الأميركيون، بمذكرة أصدروها مؤخرا، تهمة التجسس لرجل سوري مقيم بأميركا يتجسس لمصلحة النظام الأسدي بدمشق، ولو تم إثبات تلك التهمة على المدعى عليه، وصدر حكم قضائي بحقه، فإن تلك تعد خيبة ما بعدها خيبة للنظام بدمشق.
قد يقول قائل: لماذا؟ السبب بسيط جدا، فتهمة التجسس المنسوبة للرجل السوري ليست بسبب محاولته اختراق أسرار وزارة الدفاع، البنتاغون، أو محاولة التعرف على أسرار منظومة الدفاع الصاروخية، أو الحصول على أسرار التكنولوجيا، أو حتى قل خطة عمل شركة «ستار بكس» الخاصة بالقهوة، بل إن السوري الذي يحاكم اليوم بأميركا هو متهم بالتجسس لصالح النظام الأسدي على المعارضين للنظام بأميركا، في إطار مؤامرة لترهيبهم، واحتمال إلحاق الضرر بهم، أو بأسرهم في سوريا! فهل من خيبة أكثر من هذه الخيبة، خصوصا إذا تم إنزال حكم بالمتهم، فمعركة الجاسوسية بأميركا لم تتوقف قط، خصوصا من قبل الصين وروسيا، وحتى إسرائيل، لكن أن يقوم النظام بدمشق بإرسال، أو استخدام، جاسوس فقط ليراقب معارضي النظام، وتحركاتهم، فهذه خيبة حقيقية.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن المتابع لا يملك أيضا إلا الاستغراب وهو يستمع للمسؤولين الأميركيين وهم يطالبون النظام الأسدي بالكف عن الإساءة لسمعة السفير الأميركي بدمشق روبرت فورد، والذي قامت واشنطن بسحبه مؤخرا بسبب ظروف أمنية، حيث قامت حملة إعلامية، وخلافه، منظمة بدمشق، للنيل من سمعة السفير الذي أعلن وقوفه مع الثوار السوريين، بل والمنافحة عنهم إعلاميا. ومصدر الاستغراب هنا، بالطبع، أن واشنطن تطالب نظاما يقوم إعلامه، وكثر ممن يتحدثون باسمه، بالإساءة لمكونات الشعب السوري نفسه، بعدم تشويه سمعة سفير واشنطن بدمشق!
فإذا كان النظام الأسدي لا يتوانى عن وصف معارضيه من أبناء الشعب السوري بأوصاف مختلفة، ومختلقة، فتارة يصفهم بالسلفيين، ومرة بالمندسين، وتارة أخرى على أنهم جماعات إرهابية، وأصوليون، حتى لو كان بعضهم مسيحيين، فكيف يكون المرء سلفيا ومسيحيا بالوقت نفسه؟ هذا عدا عن الحديث عن أنهم، أي الثوار السوريين، جراثيم، وعملاء لإسرائيل، والغرب، وغيره من التهم المعلبة الجاهزة، فكيف بعد كل هذا يمكن أن يكف النظام الأسدي عن تشويه سمعة السفير الأميركي، وهو لم يتوانَ أساسا عن الإساءة لسمعة شريحة عريضة من مواطنيه، ويتجسس عليهم ويرهبهم حتى بالمهجر، مثل الحالة المنظورة الآن أمام القضاء الأميركي، وكما يحدث بحق المعارضين السوريين الفارين إلى لبنان، والذين يتم تتبعهم، وقد نشرت قصص عدة عن عمليات اختراق تمت من على الحدود السورية اللبنانية على يد القوات السورية، ناهيك عن حالات الاختفاء، وغيرها من القصص.
ولذا فإن نظاما يقوم بتعريض نفسه لكل المخاطر، مثل التجسس في داخل الولايات المتحدة الأميركية، فقط لترهيب معارضين، وليس للحصول على ما يستحق التجسس، مثل المعرفة النووية، أو التكنولوجية، على غرار ما تفعله كل من الصين وروسيا، وحتى إسرائيل، من وقت لوقت، فهو نظام يجب أن يقال له: يا لها من خيبة.
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,036,715

عدد الزوار: 6,931,782

المتواجدون الآن: 86