تقرير «شبكة الانتخابات في العالم العربي»: استغلال كبير للمواقع الحكومية وحضور للمال السياسي

المرجعيــات الدينيــة مارســت دوراً مباشــراً فــي التأثيــر علــى خيــارات الناخبيــن

تاريخ الإضافة الأربعاء 10 حزيران 2009 - 6:44 ص    عدد الزيارات 4139    التعليقات 0    القسم محلية

        


وزعت شبكة الانتخابات في العالم العربي تقريرها الأولي عن «انتخابات مجلس النواب اللبناني 2009»، واستهلته بـ«تقديم التهنئة والتقدير العالي لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، وكذلك الى الحكومة والمؤسسات اللبنانية الاهلية والرسمية، والى الشعب اللبناني الشقيق على النجاح في اجراء هذا الحق الدستوري الكبير، حق المشاركة في ادارة شؤون الحكم من خلال انتخابات حرة ونزيهة، الذي نصت عليه المواثيق الدولية كافة، كأحد حقوق الانسان الاساسية التي ينبغي التمتع بها دونما تمييز».
وشكرت وزارة الداخلية اللبنانية «على السماح لها بالمشاركة في مراقبة انتخابات مجلس النواب اللبناني، بشكل رسمي، من خلال وفد مراقبين دوليين عربي، يمثلها في رصد هذا الحدث الهام، فشبكة الانتخابات في العالم العربي، والتي تأسست في العام 2006، هي منظمة اقليمية عربية، تتخذ من العاصمة الاردنية عمان مقرا لها. يشارك في عضويتها اكثر من خمسين منظمة مجتمع مدني غير حكومية من ست عشرة دولة عربية».
وجاء في القسم الاول من التقرير :
اولا: تقييم الحالة القانونية،
قام لبنان في نهاية عام 2008 بإقرار قانون جديد للانتخابات، عرف بقانون رقم 25 للعام 2008، وبعد ذلك مباشرة تم تحديد يوم الاحد الموافق 7/6/2009 موعدا لاجراء الانتخابات، وبلغ عدد المترشحين 702 مرشح انسحب منهم اكثر من 200 مرشح، يتنافسون على 128 مقعدا، لمدة ولاية اربع سنوات. ويبلغ عدد من يحق لهم الانتخاب في لبنان وفق السجلات 3,257,230 ناخبا، بزيادة بلغت 253,578 ناخبا، أي ما نسبته 8,44 في المئة عن عام 2005 حيث بلغ حينها عدد ناخبي لبنان 3,003,652 ناخبا. تتوزع مقاعد مجلس النواب على حسب عدد نواب كل طائفة في كل منطقة او قضاء في الدوائر الانتخابية، الا ان جميع الناخبين في الدائرة الانتخابية على اختلاف طوائفهم يقترعون للمرشحين عن تلك الدائرة.
وبهذا الخصوص تؤكد الشبكة على مساندتها للجوانب الايجابية التالية التي تضمنها قانون الانتخاب الجديد رقم 25 للعام 2008، وهي:
يسجل ايجابيا للحكومات اللبنانية اجراء هذا الحق الدستوري بشكل دوري وفي موعده.
اجراء الانتخابات النيابية في يوم واحد على جميع الاراضي اللبنانية تعتبر خطوة متقدمة وبالغة الاهمية، بعد ان كانت تجري على مدى اربعة ايام خلال شهر كامل.
تثمن عاليا الاجراءات الجديدة للحد من فوضى الانفاق المالي، وتفشي استخدام المال لشراء أصوات الناخبين والتي تمثلت بإصدار قانون يضع ضوابط على عملية الإنفاق على الحملات الانتخابية، تلزم المرشّح التقيد بها، وإذا ما كانت هناك مخالفات فهي تعد بمثابة مستند يساعد على الطعن في نتائج الانتخابات.
ترحب شبكة الانتخابات في العالم العربي باقرار مجلس النواب خفض سن الاقتراع في الانتخابات الى 18 عاما بدلا من 21 عاما. ليكون بمقدور هذه الفئة العمرية المشاركة في اول استحقاق انتخابي في العام 2010 وهو الخاص بالانتخابات البلدية.
5ـ وتقدر عاليا الاقرار بدور منظمات المجتمع المدني في عملية مراقبة الانتخابات بشكل رسمي، وقد نص عليها القانون الجديد، في المادة 20 من قانون الانتخابات 25/2008.
6ـ تشكيل هيئة مستقلة وفق القانون، للاشراف على الحملات الانتخابية، من شخصيات مستقلة، من ذوي الاختصاص والخبرة، وهي المرة الاولى التي ينص القانون فيها على آليات لمراقبة الانفاق والاعلام والاعلان الانتخابيين.
وتشارك الشبكة العديد من الجهات السياسية والأهلية والنقابية اللبنانية في ملاحظاتها على التعديلات المحدودة التي اجراها مجلس النواب على قانون الانتخاب، والتي لم تشمل الاصلاحات الاساسية التى كانت مقترحة على آلية اجراء الانتخابات.
عدم اقرار اشراك المغتربين بالتصويت وأرجئ هذا الاجراء الى العام 2013.
عدم تخفيض سن الاقتراع لهذه الدورة الانتخابية الى 18 عاما وأبقاه على عمر 21 سنة.
اسقاط المجلس اقتراحا بإقرار الورقة الموحدة للمرشحين التي يفترض ان تقلص من احتمالات التزوير،
عدم سماح قانون الانتخاب اللبناني الجديد للعسكريين، ومن هم في حكمهم على اختلاف الرتب، بحق المشاركة في عملية الاقتراع. وبذلك تحرم فئة من المجتمع، من ممارسة حق أساسي، من الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الانسان.
ابقاء قانون الانتخاب اللبناني رقم 25 الصادر بتاريخ 8/10/2008، على وزارة الداخلية الجهة المسؤولة عن ادارة الانتخابات، وهي احدى الملاحظات السلبية على القانون، الذي لم يسند هذه المسؤولية لهيئة مستقلة لادارة الانتخابات، ليتواءم القانون اكثر مع المعايير الدولية للانتخابات.
6- عدم تضمين التعديلات اقرار الكوتا النسائية، حيث يلاحظ المتتبع لتاريخ مجالس النواب اللبنانية غياب النساء عن المشهد الانتخابي، ترشيحا، باستثناء اعداد قليلة جدا، لا تعبر عن مستوى ودور المرأة اللبنانية في الحياة العامة او الدور الكبير المميز الذي وصلت اليه المرأة في الحياة الاقتصادية والثقافية. وترى الشبكة أن غياب النساء، عن الترشيح، يفقد الانتخابات بشكل مسبق قدرتها على تمثيل كل اللبنانيين كما يفترض. علما بان المرأة اللبنانية حصلت على حق الاقتراع بشكل مبكر، ابتداء من عام 1952، ولكن للاسف البرلمان اللبناني دخله عدد قليل من النساء البرلمانيات، لم يتجاوز «6» من 128 نائبا، وهو الامر الذي يبرر مطالبة عدد من الهيئات الحقوقية والنسائية، بكوتا نسائية تضمن تمثيل النساء في البرلمان بشكل معقول.
الملاحظات
ثانيا ـ الملاحظات التي رصدتها الشبكة خلال فترة الحملة الانتخابية:
1 ـ جرت الحملة الانتخابية في ظروف تسودها اجواء من التشنج والاحتقان بين الاطراف اللبنانية المتنافسة في الانتخابات، مما ادى الى حدوث عدد من الصدامات المحدودة بين انصار المرشحين. ففي بعض المناطق تم تشويه وتمزيق للوحات الاعلانية للمرشحين.
2 ـ المؤسسات والمرجعيات الدينية مارست دورا مباشرا في التأثير على خيارات الناخبين، واظهرت تحيزا في عملها ودعواتها الواضحة الى انتخاب مرشحين دون غيرهم.
3 ـ لوحظ استغلال كبير للمواقع الحكومية، ودور العبادة في الدعاية الانتخابية، حيث شهدت الحملة الانتخابية في لبنان استخداما واسعا لاجهزة الدولة، والامكانات التي توفرها هذه الاجهزة، لصالح مرشحين يشغلون هذه المناصب. ورصد مراقبو الحملة الانتخابية حالات تمرير لمعاملات رسمية تخص انصار بعض المرشحين. وكذلك هو الحال بالنسبة الى دور العبادة، فقد اقيمت لقاءات انتخابية في دور العبادة لصالح مرشحين للانتخابات النيابية، وتلقى قائمون على ادارات بعض دور العبادة تبرعات مادية مباشرة من مرشحين للانتخابات، مما يؤكد على ان استخداما غير مشروع قد تم للمرافق العامة في عملية الترويج الانتخابي.
4ـ تلقت الشبكة معلومات تفيد بأن المال السياسي، كان له حضور واضح وقوي في الحملات الانتخابية، حيث كشفت تقارير اعلامية لبعض وسائل الاعلام اللبنانية عن حركة تدفق اموال من دول عربية الى حساب مرشحين معينين، لمساندتهم في كسب اصوات الناخبين، مما يعد ذلك تدخلاً سافراً في شؤون الانتخابات اللبنانية.
5ـ وشهدت فترة الحملة الانتخابية لحظات حرجة، تمثلت بتدخل دولي خارجي، عبر بتصريحات ذات معانٍ سلبية، يقصد منها التأثير على نتائج الانتخابات، وزعزعة الثقة بالخيارات الانتخابية لدى الناخب من جهة، والتخويف من عواقب نتائج الاختيار من جهة ثانية، إن لم تأت النتائج وفق مصلحة ورغبة تلك الدول.
6ـ اتسمت آخر ايام الحملة الانتخابية بتصعيد الاتهامات بين الاطراف المتنافسة، وقد خرجت في بعض الحالات عن المألوف الى درجة تجريح وتخوين الخصوم، مما ادى الى زيادة التوتر السياسي ورفع مستوى الاحتقان الحاضر أصلاً بقوة في الانتخابات اللبنانية. كما واستندت دعاية بعض المرشحين على مطالب ذات نزعة طائفية.
7ـ لوحظ منذ بداية الحملة الانتخابية وجود دعاية انتخابية تستند الى التحريض الطائفي والمذهبي، وترى الشبكة انها وصلت الى درجة شكلت انتهاكاً واضحاً لقانون الانتخابات اللبناني، وعملت على اضعاف روح المواطنة وتغذية الفتن والصراعات المذهبية. الامر الذي تعتبره الشبكة من القضايا التي لا يمكن السكوت عنها او تبريرها.
8ـ التغطية الاعلامية مع الأسف لم تكن متوازنة لدى بعض وسائل الاعلام، وهذا الامر لم يقتصر على تغطيات لمؤسسات اعلامية محلية، بل شاركت فيه بقوة مؤسسات اعلامية عربية واجنبية، حيث ساهمت وبتوسع بنشر كل ما من شأنه، اثارة الفتن الطائفية، وزيادة الاحتقان، وتمزيق وحدة الشعب اللبناني.
وجاء في القسم الثاني:
اولاًـ ملاحظات رصد عملية الاقتراع والفرز:
تابعت الشبكة عملية الاقتراع في الانتخابات اللبنانية، وادناه نص التقرير الذي أعده مراقبو الشبكة في لبنان عن عملية الفرز واعلان النتائج:
1ـ انطلقت عملية الاقتراع منذ ساعات الصباح بالتوافق مع الوقت الذي حدد لها، وكانت هناك درجة عالية من الالتزام بفتح مراكز الاقتراع في اغلب المناطق اللبنانية. وفي هذا الخصوص لم يسجل المراقبون المحليون او الدوليون اية انتهاكات او احتكاكات، تشكل خطورة على مسار العملية الانتخابية. الا ان بعض الناخبين شكوا من تلكؤ او بطء في آلية تدفق الناخبين، وكان ذلك نتيجة اجراءات احترازية اتخذها القائمون على الانتخابات في ظل اجواء تنافسية عالية الحساسية، فمن الواضح ان الموظفين القائمين على الانتخابات لم يكونوا على مستوى واحد من الإعداد والتدريب.
2ـ لوحظ في بعض مراكز الاقتراع تجول أشخاص في المراكز الانتخابية من غير المصرح لهم بالتواجد فيها، وافاد بعض الناخبين انهم شاهدوهم يقومون بالدعاية الانتخابية داخل المراكز لمصلحة لوائح مرشحين.
3ـ تمت ملاحظة وجود تجمهر لمناصري مرشحين على مسافة قريبة جداً من مراكز الاقتراع، حيث لم يكن الالتزام بالمسافات المحددة أمراً يحظى بالاحترام في اغلب المناطق.
4ـ شكا عدد من المناطق الانتخابية ان لون الحبر المستعمل كان خفيفاً، مما ساعد البعض على مسحه واعادة الانتخاب مرة اخرى.
5ـ تم تسجيل حالات عدم ورود بعض الاسماء في السجل الانتخابي، بالرغم من وجود بطاقات انتخابية لدى اصحابها.
6ـ تم رصد ظاهرة تساهل بعض مدراء مراكز الاقتراع مع ظاهرة التصويت الجماعي، مما اشاع نوعاً من الفوضى داخل قاعات الاقتراع.
7ـ لوحظ وجود ملصقات دعائية على جدران بعض المراكز الانتخابية، وكذلك ممارسة دعاية انتخابية من مناصري المرشحين على مقربة من مراكز الاقتراع.
8ـ سمح لبعض مندوبي القوائم الانتخابية، بمساعدة بعض الناخبين أثناء الادلاء بأصواتهم، مما اثار حفيظة المندوبين الآخرين.
9ـ بعض كبائن الاقتراع كانت قريبة من بعضها، مما اتاح تداول الاحاديث الجانبية بين المقترعين.
10ـ عدم وضوح آلية الانتخاب لدى عدد كبير من الناخبين، مما ادى الى عدم تمكن بعضهم من استنفاد حقه الكامل من الاختيار لقائمة كاملة، لانعدام قدرته الذاتية بسبب عدم توعيته بالشكل المطلوب.
11ـ رصد مراقبونا الميدانيون تواجداً لبعض رجال الامن داخل المراكز المخصصة لعملية الاقتراع.
12ـ رصد حالة ازدحام سير شديد امام بعض مراكز الاقتراع، كما لوحظ عدم وجود مواقف سيارات تخدم حركة الناخبين، بسبب سوء اختيار بعض مواقع مراكز الاقتراع، مما شكل عائقاً لعملية الاقتراع.
ثانيا ـ خلاصة التقييم
يسر شبكة الانتخابات في العالم العربي، ان تسجل بكل فخر، نجاحاً لبنانياً جديداً، ودرساً آخر من الديموقراطية، يصنعه الشعب اللبناني الشقيق في اجراء الاستحقاق الدستوري بنجاح، وقد توصل مراقبوها، بعد تحليل كافة مراحل رصد العملية الانتخابية الى الاستنتاجات التالية:
تفيد الشبكة ان النتائج التي اعلنت، تمثل الى درجة كبيرة، انعكاسا طبيعيا لخيارات الناخبين، ولم تكن بعيدة عن توقعات المتتبعين لحالة الانتخابات في لبنان، حيث لم تنجح كثيرا محاولات التأثير على نتائج الانتخابات، بسبب الدرجة العالية من الوعي، بالحق السياسي، وبحق المشاركة في السلطة من خلال عملية الانتخابات، لدى الشعب اللبناني الشقيق.
تجد الشبكة بأن وزارة الداخلية اللبنانية المشرفة على الانتخابات، قد استكملت جزءا كبيرا من المعايير الدولية المتعارف عليها في الجانب الاجرائي من عملية الانتخاب، الا ان الشبكة تجد ان الاطار القانوني الحالي الذي يحكم العملية الانتخابية في لبنان، لا يستجيب بدرجة كافية للمعايير الدولية للانتخابات، بالرغم من توفر المعايير الديموقراطية المتعارف عليها، مثل توفر الحريات ذات العلاقة والتي كانت مضمونة بشكل كاف قانونياً. لكن الاطار القانوني بقي قاصرا، امام ضمان تمثيل مقبول للنساء، وتوفير ظروف مشاركة المواطنين اللبنانيين في الخارج، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
تتوفر لدى الشبكة بعض الدلائل على حدوث ممارسات عملية، هدفت الى التأثير على نتائج الانتخابات، غير ان مراقبي الشبكة، لم يستطيعوا الحصول على ادلة قاطعة وكافية في هذا الشأن، لغاية اعداد هذا التقرير الاولي. وانهم سوف يستمرون في تلقي الشكاوى، وجمع الادلة الى حين الانتهاء من إعداد التقرير النهائي. مع العلم أن الشبكة تحتفظ بتوثيق كامل، لكافة مصادر الملاحظات التي اعتمدت عليها في صياغة هذا التقرير الاولي، عن الانتخابات التشريعية اللبنانية.
4ـ تفتخر الشبكة بالمستوى العالي والمهني، لاداء منظمات المجتمع المدني اللبنانية غير الحكومية، في رصدها لمجريات الحملة الانتخابية، والتغطية الاعلامية للانتخابات. فقد شملت عملية الرصد الجوانب المهمة من مجريات العملية الانتخابية. بالاضافة الى ان عمليات الرصد اشارت الى عدد كبير من الانتهاكات التي سادت ابان فترة الحملة الانتخابية، ولكن بقيت نتائج تلك العمليات محدودة، بسبب عدم كفاية التعديلات الاخيرة على قانون الانتخاب، الذي لم يعالج موضوع الظواهر السلبية العديدة، ومنها ظاهرة شراء الاصوات، هذا الامر الذي لم يقلل من اهمية الرصد الدقيق الذي قدمته تلك المنظمات، على الرغم من وجود انتقادات على تقاريرها. فقد اشارت تقارير صحافية الى وجود قصور في عملها، حيث انها لم تتناول بملاحظاتها كافة الفرقاء اللبنانيين بشكل متوازن، وكانت التقارير الاعلامية قد اشارت الى ان المنظمات اللبنانية التي سمح لها بممارسة الرقابة، قد تجاهلت انتهاكات بعض السياسيين، واظهرت حماسا واضحا في الرقابة على الآخرين».

 


المصدر: جريدة السفير

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,763,778

عدد الزوار: 6,913,733

المتواجدون الآن: 110