المجلس الوطني السوري يهدد بطلب التدخل الخارجي لحماية المدنيين..دبلوماسي أوروبي في دمشق: الجيش السوري منهك.. وبدأ يمثل مشكلة للأسد

المعارك بين القوات السورية ومنشقين تتصاعد في حمص وتمتد إلى درعا.. وتعزيزات أمنية في دمشق وريفها

تاريخ الإضافة الجمعة 21 تشرين الأول 2011 - 6:41 ص    عدد الزيارات 2740    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

المعارك بين القوات السورية ومنشقين تتصاعد في حمص وتمتد إلى درعا.. وتعزيزات أمنية في دمشق وريفها
تمزيق صورة الأسد في المدرسة التي تعلم فيها.. ومقتل 3 شقيقات بعد سقوط قذيفة على منزلهن في القصير
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
تصاعدت وتيرة الأحداث، أمس، في سوريا مع استمرار النظام في تنفيذ عمليات أمنية شرسة في أكثر من منطقة في البلاد، وقالت «الهيئة العامة للثورة السورية» إن 16 قتيلا سقطوا أمس برصاص القوات السورية، في الوقت الذي فصل فيه 3 طلاب نهائيا من مدرسة الـ«لاييك» التي سبق ودرس فيها الرئيس بشار الأسد مراحل تعليمه الأولى على خلفية تمزيق صورة للرئيس الأسد والكتابة مكانها على الجدار «ارحل يا بشار»، بحسب معلومات تم تناقلها على موقع «فيس بوك».
وفي درعا، وعقب تشييع القتلى رأفت الديك، ومحمد فايز بلوط ومحمد القداح في بلدة الحراك، تحدثت مصادر محلية عن إضراب عام في مدينة درعا، وسقوط قتيلين أمس. وكانت قوات من الجيش السوري قد اشتبكت مع نحو عشرين جنديا انشقوا عن الجيش بالقرب من بلدة الحراك خلال ليل أول من أمس، الذي شهد أيضا إطلاق نار من قبل قوات الأمن على متظاهرين احتجوا على اعتقال الشيخ وجيه القداح إمام مسجد أبو بكر. وجاء هذا الاقتتال في حين دخل هجوم بالمدرعات على الأحياء القديمة لمدينة حمص بوسط سوريا يومه الثالث. وقال سكان لوكالة «رويترز» إن 32 شخصا على الأقل قتلوا في اليومين الماضيين في أحياء سُنية بالمدينة التي يعيش فيها مليون نسمة والتي قاتل فيها سكان مسلحون ومنشقون عن الجيش القوات الحكومية.
وقالت مصادر محلية في حمص، إن سيارة نظافة كان يستقلها مسلحون قاموا منها بإطلاق النار عشوائيا في حي النازحين، ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى والكثير من الجرحى. ولفتت المصادر إلى أن عناصر الأمن والشبيحة، بالتعاون مع اللجان الشعبية الموالية للنظام، قاموا بنصب حواجز أمنية مكثفة في أحياء الخالدية وباب السباع وعشيرة والعباسية ومناطق أخرى. وأكدت المصادر قيام عناصر الأمن والشبيحة عند تلك الحواجز بإهانة السكان بالشتائم والاعتداء عليهم بالضرب وإذلالهم والدوس على أجسادهم، وممارسة أفعال انتقامية، لا تتوقف عن حد تشليح الأهالي للمال وسلب كل ما يمكن سلبه، وتحطيم السيارات والمحال التجارية ونهب محتوياتها. وتحدث مصدر محلي عن سماع إطلاق النار من الرشاشات ورمي قنابل صوتية بكثافة، مشيرا إلى أنها اشتدت بعد ظهر أمس في أحياء الخالدية والبياضة ودير بعلبة.
وقال ناشطون إن عناصر من الحرس الجمهوري وقوات الفرقة الرابعة التي تخضع لقيادة ماهر شقيق الأسد قامت بتمشيط الضواحي الشرقية للمدينة في عملية واسعة لضبط المنشقين عن الجيش والناشطين.
وفي منطقة القصير بحمص، استمرت محاصرة المنطقة ومنع الدخول إليها والخروج منها، مع قطع للكهرباء وقطع جزئي للاتصالات، حيث تقوم وحدات من الجيش لليوم الثالث على التوالي، حيث تم اقتحام قرية النيزارية القريبة من الحدود مع شمال لبنان.
وقالت مصادر محلية إن 3 أخوات من آل الزعبي؛ ناريمان (17 عاما)، وربا (11 عاما)، ونور (15 عاما)، قتلن إثر سقوط قذيفة على منزلهن نهار يوم أمس حيث تم قصف عشوائي، وإحراق أحد المنازل ترافق مع حملة اعتقالات للرجال الموجودين في القرية وسط إطلاق رصاص كثيف.
كما تم اقتحام قرية عين السمك غرب مدينة القصير، في حملة مداهمات للمنازل واعتقالات رافقتها أعمال تخريب ونهب للمحلات والبيوت، ومصادرة الدراجات النارية وإطلاق للرصاص وتخريب للمزارع والبساتين. وأضافت المصادر المحلية أن عمليات مداهمة جرت أيضا في قرى الحميدية وأبو حوري وعرجون، وجميعها ترافقت مع إطلاق كثيف للرصاص، وعمليات تخريب ونهب، وأسفرت عن مقتل مغيزل العمر (45 عاما) برصاصة بالخاصرة من قرية عرجون التي تمت مداهمتها صباح يوم أمس.
وفي السياق ذاته، أعلن ناشطون في المنطقة أن «كتيبة الفاروق» التابعة للجيش الحر قامت بتدمير مدرعة للجيش في قرية جوسية، جنوب مدينة القصير القريبة من الحدود مع شمال لبنان. وأصدر «الجيش السوري الحر - كتيبة عمر بن الخطاب» بيانا نشره أمس على صفحته في موقع التواصل «فيس بوك» جاء فيه «إن مجموعة من كتيبة عمر بن الخطاب قامت بتدمير مدرعة على الحدود السورية اللبنانية في قرية جوسية». وأضاف البيان «وحصل انشقاق 30 عنصرا من الجيش مع أربع دبابات وتم تبادل إطلاق نار بينهم وبين الجيش الأسدي مما أدى إلى سقوط نحو 40 قتيلا من عصابات الأسد وذلك على طريق تل النبي مندو - حاجز صوامع القمح عند مدخل المدينة (جوسية)».
من جانب آخر، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أربعة عسكريين موالين للنظام سقطوا في محافظة إدلب بالقرب من الحدود مع تركيا في شمال غربي البلاد.
وفي مدينة حلب، وعقب خروج مسيرة تأييد قال النظام إنها مسيرة «عفوية مليونية»، خرجت في أكبر ساحات المدينة لتأييد الرئيس بشار الأسد، قال معارضون إن مظاهرات خرجت في حلب وريفها ردا على المسيرة المؤيدة، تطالب بإسقاط الأسد، وتم تفريقها بالقوة. كما جرت حملة اعتقالات للمشاركين، وخرجت مظاهرات طيارة مناهضة للنظام في منطقة صلاح الدين، وسيف الدولة كما تظاهر أعالي قرى عندان ومارع استنكارا لمسيرة التأييد.
وفي دمشق وريفها، استمرت التعزيزات الأمنية والعسكرية حيث سجل إطلاق نار عشوائي في مدينة المعضمية بجانب جامع الروضة لإرهاب السكان. وفي مدينة حرستا، شوهد بعد ظهر أمس نحو 100 حافلة وسيارة زيل عسكرية مع سلاح كامل تنتشر عند طريق عام دمشق - حمص.
وفي درعا، نقلت وكالة «رويترز» عن سكان وناشطين أمس، أن القوات السورية قاتلت منشقين عن الجيش بالقرب من بلدة الحراك، في أعقاب مقتل ثلاثة محتجين على الأقل كانوا يتظاهرون احتجاجا على اعتقال إمام مسجد معروف. وأضافوا أن 20 جنديا على الأقل تركوا مواقعهم حول بلدة الحراك التي تبعد 80 كيلومترا إلى الجنوب من دمشق، واشتبكوا مع قوات الأسد وذلك في أحدث انشقاق لمجندين معارضين للحملة العسكرية على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في سوريا.
وقال سكان إنه قبل ساعات من الانشقاقات في الحراك أطلقت قوات الأمن النار على متظاهرين يحتجون على اعتقال الشيخ وجيه القداح إمام مسجد أبو بكر وهو بؤرة لاحتجاجات منتظمة تطالب بتنحي الأسد.
وفي حمص أظهر شريط فيديو على «يوتيوب» دبابة محطمة تقطرها قوات من حي باب السباع بينما كان السكان يهتفون قائلين «الخائن هو من يقتل شعبه».
وسبق عملية حمص هجوم على بلدة الرستن القريبة وهي في العادة مركز لتعبئة المجندين السنة. وقالت مصادر المعارضة إن 100 من المتمردين والمنشقين عن الجيش قتلوا ووقعت خسائر فادحة في صفوف قوات الجيش. وقالت السلطات إنها فقدت سبعة جنود.
إلى ذلك، احتشد عشرات الآلاف من السوريين تأييدا للأسد في مدينة حلب أمس، وجاءت مظاهرة التأييد التي نظمتها السلطات في حلب وهي المركز التجاري لسوريا، بعد أسبوع من تنظيم مظاهرة مماثلة في العاصمة دمشق. ورفع مشاركون في مظاهرة التأييد لافتات كتبت عليها عبارة «منحبك» في إشارة للأسد وحملوا صورا للرئيس السوري ولوحوا بالأعلام السورية والروسية والصينية في تعبير عن تأييدهم لاستخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في الأمم المتحدة كان سيؤدي إلى فرض عقوبات من المنظمة الدولية على دمشق.
وعلقت أعلام كبيرة على مبان من سبعة أدوار حول الميدان الذي نظمت فيه المظاهرة حيث احتشد المتظاهرون للاستماع إلى الأغاني الوطنية ومتابعة خطب تأييد للأسد الذي تحدى دعوات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تطالبه بالتنحي. وقال سكان إن مدارس حلب أغلقت أبوابها أمس لزيادة فرص المشاركة في المظاهرة.
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن السلطات السورية تمكنت خلال ملاحقتها «للمجموعات الإرهابية المسلحة» في حمص من إلقاء القبض على عدنان بوطة وياسين قدور ومجموعة تطلق على نفسها اسم أبو شام. وأضافت الوكالة أن هذه المجموعة كانت تقوم «بعمليات خطف وقتل وترويع وتعذيب للمواطنين وأطلقت قذائف آر بي جي على المناطق السكنية». ونقلت الوكالة عن مسؤول في حمص، «أن الجهات المختصة ألقت القبض أيضا على مجموعة مسلحة تستقل سيارة (..) في حي الغوطة وعثرت بداخلها على قاذفي آر بي جي وعدد من بنادق كلاشنيكوف وقناصة ومنظار ليلي للقاذف وآخر عادي وكميات من الذخائر». كما عثرت على «جعب وبزات خاصة بالجيش يستخدمها المسلحون لانتحال صفة عناصر الجيش وارتكاب الجرائم لتشويه سمعة الجيش الوطني»، بحسب الوكالة.
وأضافت الوكالة أن الجهات «ضبطت سيارة بالقرب من دوار تدمر يستقلها مسلحون وعثرت بحوزتهم على ثلاثة رشاشات أوتوماتيكية متطورة مجهزة بمناظير للرؤية الليلية بالإضافة لقنبلتين و3 قذائف آر بي جي وكميات من الذخائر المتنوعة».
 
خرق سوري جديد للأراضي اللبنانية.. ولا موقف رسميا من حكومة ميقاتي
حوري لـ«الشرق الأوسط»: صمت مجلس الوزراء يؤكد أن لسوريا حكومة تواجه المصاعب في الداخل وثانية تنفذ رغباتها في بيروت
بيروت: ليال أبو رحال
أثار تكرار حوادث انتهاك الجيش السوري للسيادة اللبنانية سيلا من ردود الفعل المنتقدة، خصوصا بعد إطلاق قوة من الجيش السوري أول من أمس النار على مواطنين سوريين هما أحمد وعامر أبو جبل، ما أدى إلى مقتلهما قرب مزرعة الدورة، في منطقة متداخلة حدوديا بين أقصى شمال شرقي الأراضي اللبنانية والأراضي السورية المجاورة لبلدة القصير، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني.
وكانت أصوات طلقات رشاشة نارية ثقيلة ومتوسطة سمعت في مزرعة «دير العشائر» السورية الواقعة على الحدود اللبنانية السورية، والمتاخمة لبلدة «دير العشائر» اللبنانية في وقت متأخر من ليل أول من أمس، فيما أفيد أمس عن مواجهات حصلت داخل الأراضي اللبنانية في مشاريع القاع بين عناصر من الجيش السوري ومنشقين عنه.
وأكدت مصادر ميدانية من بلدة دير العشائر اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع داخل الأراضي اللبنانية هادئ جدا ولم يتم التبليغ عن أي خرق سوري للحدود»، مشيرة إلى أن «دورية من الجيش اللبناني حضرت إلى البلدة بعد الأنباء عن حصول مواجهات قريبة للاستفسار عن الموضوع». وأوضحت أن ما نقلته بعض وسائل الإعلام عن مواجهات في خراج الجانب اللبناني من البلدة أمر عار عن الصحة.
وفي حين اطلع رئيس الجمهورية ميشال سليمان من قائد الجيش العماد جان قهوجي على «الوضع الأمني في البلاد، وبشكل خاص مسألة الخروقات والتجاوزات على المعابر والتدابير الواجب اتخاذها لضبط الوضع، لا تزال الحكومة اللبنانية غائبة عن معالجة هذه الخروقات وإصدار موقف رسمي منها». وحملت قوى في 14 آذار على «الصمت الحكومي المستغرب»، وقال النائب عن كتلة المستقبل عمار حوري لـ«الشرق الأوسط» أمس إن تكرار حوادث الاعتداء على السيادة اللبنانية من دون صدور أي تعليق عن الحكومة «يؤكد مرة جديدة أن النظام السوري هو النظام الوحيد الذي يملك حكومتين، واحدة تواجه المتاعب في الداخل السوري وتحاول التقليل من حجمها وثانية منضبطة تحاول تنفيذ رغباتها في بيروت».
ورأى حوري أنه «لا يعول على الحكومة اتخاذ أي خطوة أو موقف لأن الأمر ليس بيدها»، مبديا أسفه «لانحياز وجهات النظر كلها لمنطق النظام السوري، من دون أن تأخذ بعين الاعتبار وجهة النظر اللبنانية أو تقف على الحياد»، وتعليقا على احتجاج السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي على ما أدلى به مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي حول تورط السفارة في خطف معارضين سوريين من لبنان والتداول أمس بنية سوريا تقديم ملف عن تهريب الأسلحة إلى الجانب اللبناني، اعتبر حوري أنه «ينطبق على هذه الواقعة المثل الشعبي اللبناني: ضربني وبكى، سبقني واشتكى»، لافتا إلى أنه «عوض أن تقوم وزارة الخارجية باستدعاء السفير السوري احتجاجا وتوجه اللوم به، إذ بالأخير يتوجه إلى الوزارة ويؤنب الجانب اللبناني على تجرئه في كشف تفاصيل عملية اختطاف». وأكد أن كل ذلك «يؤكد مدى سقوط قرار الحكومة اللبنانية بيد النظام السوري، الذي يتمسك بورقة الحكومة من خلال الانقلاب الذي بدأه عبر حزب الله منذ يناير (كانون الثاني) الفائت، وهو يحاول تقليل خسائره».
وفي هذا السياق، أشار نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري إلى أن «الاختراقات السورية لأمن لبنان وسيادته تكررت سواء عبر الحدود، من خلال ممارسات الجيش السوري، أو من الداخل، من خلال ممارسات ما يمكن تسميته (النسخة الدبلوماسية من عنجر) أو (البوريفاج بصيغته المنقحة)»، معتبرا أن هذا الأمر «بدأ يتخذ منحى خطيرا مرشحا لأن يتفاقم ما لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى وضع حد له». وانتقد «تصرف الحكومة اللبنانية إزاء كل ذلك وكأنها لا ترى ولا تسمع، وهذا أمر مهين لكرامة لبنان وشعبه، ومسيء إلى هيبة الدولة ومؤسساتها، ومعيب في حق مسؤوليها».
ولفت إلى أنه «حتى لو كان صحيحا أن ثمة تهريب أسلحة يتم إلى سوريا عبر الحدود، وأن لدى سوريا ملفا مفصلا في هذا الشأن، فضبط الحدود والتهريب مسؤولية الدولة اللبنانية، وليس للقوات السورية أن تتوغل وتتصرف على هواها وكأنها في أراضيها».
أما النائب في كتلة المستقبل خالد الضاهر فلفت إلى أن «النظام السوري أجهض كل محاولات الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري لترسيم الحدود وتحديدها»، موضحا أن «الأهالي في المناطق التي يتم خرقها من قبل النظام السوري في حالة يرثى لها، يريدون ويطلبون من الدولة اللبنانية ومن الجيش حمايتهم». ووصف «التعاطي اللبناني مع الخروقات السورية بأنه غير مسؤول، وهناك استسلام كامل وحالة من الخضوع أمام النظام السوري».
وتوقفت الأمانة العامة لقوى 14 آذار عند «ما ينبغي تسميته التمدد الأمني للنظام السوري في لبنان، وهو تمدد لا يتجسد فقط في استباحة هذا النظام للحدود اللبنانية، أو في التلويح بإمكان إقامة نقاط داخل لبنان ولا في الملاحقات داخل الأراضي اللبنانية أو في مزيد من التسليح للفصائل الموالية في معسكراتها والمخيمات فحسب، بل تتجسد بشكل أساسي بدور السفير السوري وسفارة نظامه في عمليات قمع أي تضامن مع الشعب السوري، وفي عمليات خطف النشطاء السوريين المعارضين من لبنان إلى سوريا بسيارات السفارة». وحيت «الموقف الشجاع لريفي، الذي كشف الحقائق في هذا المجال متحملا مسؤولياته الكاملة»، مؤكدة أنها «تقف بجانبه في مسيرته المهنية وكفاءته وأخلاقيته وترفض التهديدات الموتورة له من أي جهة أتت».
 
المجلس الوطني السوري يهدد بطلب التدخل الخارجي لحماية المدنيين
بريطانيا تبحث فرض عقوبات جديدة على نظام الاسد
طرابلس - لندن: «الشرق الأوسط»
هدد المجلس الوطني السوري المعارض، أمس، في طرابلس، بطلب تدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين من القمع «غير المسؤول» الذي يمارسه النظام السوري. وقال أحد أعضاء المجلس الوطني نجيب غضبان «إذا ظل النظام غير مسؤول، وقد لاحظنا أنه خلال الساعات الـ48 الأخيرة رد على المبادرة العربية بمزيد من المجازر مع سقوط 35 قتيلا في حمص، في هذه الحال فإن هدفنا الأساسي سيكون الدعوة إلى حماية المدنيين». واعتبر أن هذه المساعدة الخارجية يمكن أن تتخذ شكل منطقة عازلة أو منطقة حظر جوي على غرار تلك التي أعلنتها الأمم المتحدة في ليبيا لحماية المدنيين من القمع الدامي الذي مارسه نظام معمر القذافي.
وأضاف غضبان خلال زيارة لليبيا، البلد الوحيد الذي اعترف بالمجلس الوطني كممثل شرعي وحيد للشعب السوري، أن «الأمر لا يشبه الدعوة إلى تدخل عسكري تقوم به قوات أجنبية».
ودعا وزراء الخارجية العرب الأحد إلى مؤتمر حوار وطني بين النظام السوري والمعارضة يعقد خلال 15 يوما في القاهرة، لوضع حد لأعمال العنف، إلا أن النظام السوري تحفظ على هذه الدعوة. وتابع غضبان أن «هناك ضغطا متناميا من داخل سوريا، وخصوصا من النظام (...) الذي يدفع المعارضين إلى حمل السلاح». وقال أيضا «نعتقد، وهذه مسألة مبدئية، أن الحفاظ على الطابع السلمي للثورة هو السبيل الأفضل لإسقاط هذا النظام».
والتقى وفد المجلس الوطني السوري رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل. وأكد حسن الصغير، عضو المجلس السوري، أن السلطات الليبية الجديدة ستقدم «كل أشكال الدعم» لضمان نجاح «الثورة» السورية. من جهتها، أشارت بريطانيا إلى أنها ستدرس ما هي العقوبات الأخرى التي يمكنها فرضها على سوريا، مع بقية أعضاء الاتحاد الأوروبي. وقال ويليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني، للصحافيين في موريتانيا أول من أمس، ثالث محطة في جولته التي شملت ليبيا والمغرب وسيزور خلالها الجزائر «لا أريد التظاهر بأن لدينا وسيلة ضغط سحرية على سوريا. إن لدينا وسيلة ضغط أقل مما كان لدينا في حالة ليبيا، ولن نؤيد التدخل العسكري». وسئل هيغ: هل تدرس بريطانيا الاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض، فرد بقوله «لم نصل إلى هذه المرحلة بعد». وقال إن بريطانيا تكثف اتصالاتها مع النشطاء السوريين الذين يتصدرون المظاهرات المطالبة بالديمقراطية «ولكننا لم نصل نحن ولا أي دولة أخرى لمرحلة الاعتراف بالمجلس الوطني السوري».
وكانت سوريا هددت بالتعامل بحزم مع أي دولة تعترف رسميا بالمجلس. ورحبت دول غربية، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا، بتشكيل المجلس، لكن الحكومات الغربية لم تعترف رسميا بالمجلس الوطني السوري المعارض خلافا لما فعلته مع المجلس الانتقالي الذي شكلته المعارضة الليبية وأطاح بمعمر القذافي، وذلك خوفا من حرب أهلية قد تزعزع استقرار المنطقة.
 
دبلوماسي أوروبي في دمشق: الجيش السوري منهك.. وبدأ يمثل مشكلة للأسد
خبير عسكري لـ«الشرق الأوسط»: الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري لديهما ولاء تام للنظام ويدافعان عنه بشراسة
بيروت: بولا أسطيح
قال دبلوماسي أوروبي كبير في دمشق إن الجيش السوري بات منهكا، وإن هذا الأمر بدأ يتسبب في مشكلة للرئيس السوري بشار الأسد الذي يحاول القضاء بالقوة على انتفاضة شعبية للإطاحة به، منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وقال الدبلوماسي لوكالة «رويترز»: «زاد الإنهاك في صفوف الجيش وبدأ يمثل مشكلة للأسد. المنطقة الجغرافية للاحتجاجات كبيرة والنظام مجبر على استخدام جنود من السنة لدعم قواته الأساسية». وأضاف: «تحتاج القوات الموالية للأسد إلى المزيد والمزيد من الوقت للسيطرة على مناطق الاحتجاجات. أجزاء كبيرة من ادلب خارج نطاق السيطرة بالفعل كما أن السيطرة على بلدة صغيرة مثل الرستن استغرقت عشرة أيام»، في إشارة إلى قتال تقول مصادر في المعارضة إنه أسفر عن مقتل مائة من المتمردين والمنشقين كما أوقع خسائر كبيرة في صفوف قوات الأسد.
وقال نشطاء لـ«رويترز» أيضا إن الآلاف من أفراد الحرس الجمهوري وقوات الفرقة الرابعة التي تخضع لقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس، قامت بتمشيط الضواحي الشرقية للمدينة في عملية واسعة لضبط المنشقين عن الجيش والنشطاء. والحرس الجمهوري هو وحدة في الجيش السوري مؤلفة من 10 آلاف عنصر، مهمته حماية العاصمة دمشق.
ويقول الخبير العسكري الاستراتيجي العميد إلياس حنا، حول وضع الجيش السوري بعد أشهر من اندلاع الانتفاضة السورية، إن عناصر هذا الجيش باتت بحاجة ماسة «للراحة وإعادة الجمع والتدريب والتأهيل»، ويضيف: «لا شك أن هناك إنهاكا جسديا ومعنويا في صفوف الجنود والضباط خاصة أن طبيعة المهمة مشكلة بحد ذاتها. وقد جاءت العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا لتشكل عامل ضغط إضافي على النظام الذي يتوجب عليه أن يؤمن الأكل والشرب والنفط والسلاح للجنود، مع العلم أن الأعباء والتكاليف في وقت الأزمات هي أكبر وبكثير منها بوقت السلم». ويشرح أن إدخال الفرقة الرابعة والفرق 13 و14 من الحرس الجمهوري على خط الأزمة لقمع المتظاهرين هو لأن «هذه الفرق لديها ولاء تام للنظام يدفعها للقتال دفاعا عنه بشراسة بخلاف باقي فرق الجيش التي قد لا ترى حافزا أساسيا يدفعها لدفع دمائها فداء للأسد».
ويشدّد حنا على أن «غياب القضية التي يدافع بسبيلها الجيش تضعفه كثيرا كونه معدا أصلا لقتال العدو وليس للدفاع عن نظام ما»، لافتا إلى أن ذلك ودون أدنى شك يضعفه معنويا. ويضيف: «لكننا وعلى الرغم من كل ذلك لا يمكننا الحديث عن وصول الجيش السوري إلى نقطة اللاعودة، فهو لا يحارب جيشا نظاميا وبالتالي الضغط الذي يفرضه هكذا واقع غير موجود حاليا».
وعن أسباب تماسك الجيش على الرغم من تركيبته الطائفية المعقّدة، يقول حنا: «عناصر الجيش تعلم تماما أنّه إذا ما سقط النظام فهي ستحاسب أشدّ حساب؛ لذلك تحارب كي لا يسقط خاصة في ظل غياب مأوى تذهب إليه العناصر المنشقة. تركيا هي الدولة الحدودية الوحيدة التي فتحت أبوابها للعناصر المنشقة فيما أغلقها لبنان والعراق والأردن، علما بأن الظروف التي تؤمنها تركيا لهؤلاء ليست ظروفا يحسدون عليها». ويضيف حنا: «عمليات الانشقاق تبقى مضبوطة وصغيرة على الرغم من الحديث عن عشرات آلاف المنشقين الموجودين في الداخل» لافتا إلى أنه «طالما هؤلاء لا يملكون موقعا محددا يلجأون إليه، سلاحا وعتادا وقيادة عسكرية وسياسية متجانسة وطرفا إقليميا داعما لهم فهم لن يكونوا مؤثرين على غرار ما يسمى بالجيش السوري الحر غير القادر على الحراك».
 
أسير سوري من بين الأسرى المحررين.. أضرب عن الطعام خلال سجنه تضامنا مع المتظاهرين
شعارات منددة بنظام الأسد خلال استقباله في بلدة بقعاتا.. والإعلام الرسمي تغاضى عن الخبر
بيروت: «الشرق الأوسط»
من بين الأسرى المحررين غير الفلسطينيين، الذين شملتهم صفقة التبادل بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية، كان الأسير السوري وئام عماشة الذي قضى في السجون الإسرائيلية عشر سنوات، على خلفية اتهامه في عام 2005 بتشكيل خلية لمناهضة إسرائيل والارتباط بمنظمات محظورة، والتخطيط لعملية اختطاف جندي إسرائيلي، وصدور حكم لاحق بسجنه لمدة 21 عاما ونصف العام.
وكان عماشة، المتحدر من هضبة الجولان المحتلة، وصل أول من أمس إلى قرية بقعاتا، بعد أن أطلق سراحه من مركز شرطة كتسرين، وكان في استقباله الكثير من أهالي الجولان في ساحات القرية، مرددين شعارات وهتافات مؤيدة للثورة السورية «الله سوريا حرية وبس»، و«حرية حرية حرية»، و«يا درعا إحنا معاكي للموت».
ويظهر شريط فيديو تم تنزيله على موقع «فيس بوك» حجم الأعداد التي استقبلت عماشة أول من أمس، وترديد المستقبلين لشعارات منددة بمعظمها بالنظام السوري وممارساته القمعية ضد المدنيين المطالبين بحريتهم. وعلق الناشط السياسي السوري المعارض محمود طيبة على صفحته على «فيس بوك» بسخرية لاذعة، قائلا: «يخرج أسير من سجون الاحتلال الصهيوني، ويهتف مستقبلوه ضد احتلال النظام السوري.. لا نعرف أي الاحتلالين مجرم أكثر من الآخر، لكن يبدو أن الأولوية للشعب السوري هو التخلص من احتلال النظام السوري».
وتجاهل الإعلام الرسمي السوري حدث إطلاق سراح الأسير، فوضعت صحيفة «تشرين» الحكومية عنوانا رئيسيا عن «ستة عشر أسيرا فلسطينيا وصلوا إلى دمشق بموجب الصفقة المتفق عليها»، متجاهلة الأسير السوري الذي خرج من السجون الإسرائيلية. وكان عماشة قد أعلن من سجنه في 23 مايو (أيار) الماضي إضرابا عن الطعام «احتجاجا على ما يمارسه النظام السوري من اعتقال تعسفي وسفك دماء السوريين العزل وصل إلى حد المجازر الجماعية، وتضامنا مع المحتجين ودعما لمطالبهم بالحرية والكرامة الوطنية، وانطلاقا من قناعتي الراسخة بأن الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والانتقال السلمي للسلطة وبناء الدولة المدنية الحديثة لهي أهم توازن استراتيجي يمكن أن تحدثه سوريا على الإطلاق في مواجهة تحديات العصر، وفي مواجهة العربدة والبطش الإسرائيلي لاستعادة الأراضي العربية المحتلة».
وبينما تخوف ناشطون سوريون من أن يتعرض الأسير المحرر إلى ضغوط من قبل النظام السوري لتغيير موقفه المساند للثورة السورية المندلعة منذ 15 مارس (آذار) الماضي ضد نظام الرئيس بشار الأسد، لفت مراقبون إلى أن «خروج عماشة من الأسر وتحول الاحتفالات باستقباله إلى مظاهرة منددة بالنظام السوري، سيحرجان كثيرا النظام في دمشق». وتساءل أحدهم: «كيف يمكن أن يدعي النظام السوري أن هناك مؤامرة إسرائيلية عليه، وثمة أسير خرج للتو من سجون إسرائيل، يندد بهذا النظام وممارساته الوحشية ضد شعبه». وأضاف: «استبعاد خبر تحرير الأسير عماشة عن الإعلام الرسمي السوري يؤكد حالة الحرج الذي أصيب بها نظام الأسد، وخاصة أن وئام رفض وفقا لمصادر مقربة منه أن يتحول استقباله إلى مسيرة مؤيدة للنظام السوري، مصرا على موقفه المؤيد للثورة السورية في لحظة استقباله».
ولا يستبعد مراقبون أن «يؤثر موقف عماشة على الشارع الدرزي الذي ينتمي الأسير المحرر إليه، متوقعين أن تنخرط مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، في المظاهرات المطالبة برحيل الأسد بشكل أوسع».
وأنشأ ناشطون على موقع «فيس بوك» صفحة بعنوان «رسائل محبة إلى الأسير وئام عماشة المتضامن مع حرية شعبه»، ضمت رسائل من سوريين تهنئه على خروجه من سجون إسرائيل، وتتمنى خروج المعتقلين السوريين في سجون نظام بشار الأسد».
وكانت الأسيرة المحررة سها بشارة، قد أعلنت في وقت سابق موقفا مؤيدا لثورة الشعب السوري، وأكدت في حوار نشرت أجزاء منه على صفحات «فيس بوك» أن «سوريا والشعب السوري هم بالتأكيد ضمن سياق ثورات (الربيع العربي)، والسؤال هو إلى متى سيستمر الشعب السوري تحت سلطة نظام ديكتاتوري فاسد يضطهد شعبه تحت حجة المقاومة والممانعة».
 
صحيفة سورية حكومية تتهم الجامعة العربية بالعمل وفق أجندة أميركية ـ إسرائيلية
ليبيا تعترف رسميا بالمجلس الوطني السوري.. وصحيفة «حرييت»: لقاء أوغلو بممثلي المجلس طريق مختصر للقول: إن على الأسد أن يرحل
لندن: «الشرق الأوسط»
اعترف المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا أمس رسميا بالمجلس الوطني السوري المعارض كسلطة شرعية في سوريا، في بيان أصدرته الحكومة الليبية الجديدة.
وجاء ذلك في وقت شنت صحيفة «الثورة» الحكومية السورية هجوما عنيفا على الجامعة العربية متهمة إياها بالعمل وفق أجندة قوى دولية «عدوانية» تمارس «فعلا تخريبيا» مضادا للمصالح العربية. ورأت الصحيفة أن قرار الجامعة «لطالما كان أسير تلك القوى المتسلطة المهيمنة التي لا تعمل وفق أجندة العمل العربي المشترك بل وفق أجندة كلفتها بتنفيذها قوى دولية عدوانية كأميركا وإسرائيل وحلفائهما من الدول الأوروبية الغربية».
وكان وزراء الخارجية العرب دعوا مساء الأحد في بيان صدر في ختام اجتماع طارئ عقدوه في القاهرة إلى عقد مؤتمر حوار وطني يضم الحكومة السورية و«أطراف المعارضة بجميع أطيافها خلال 15 يوما»، إلا أن سوريا تحفظت على هذا البيان.
ودعا البيان أيضا إلى «الوقف الفوري والشامل لأعمال العنف والقتل ووضع حد للمظاهر المسلحة والتخلي عن المعالجة الأمنية تفاديا لسقوط المزيد من الضحايا والانجراف نحو اندلاع صراع بين مكونات الشعب السوري وحفاظا على السلم الأهلي وحماية المدنيين ووحدة نسيج المجتمع السوري».
واعتبرت الصحيفة أن الجامعة بذلك انتقلت «من حالة العجز المزمن التي عاشتها طويلا إلى حالة الفعل التخريبي المضاد للمصالح العربية»، مشيرة إلى أنها تحولت إلى «سوط إضافي يسوط الجسد العربي بيديه دون الحاجة إلى أياد خارجية».
وأضافت الصحيفة: «إن قراءة ما فات من زمن يجعلنا أكثر قناعة بأن الأزمة ستنتهي على الأرض ولكن المؤامرة الخارجية ستستمر وبأشكال وألوان مختلفة وستأخذ أكثر من طابع اقتصادي وسياسي وإعلامي شرس».
من جهتها، اعتبرت صحيفة «حرييت» التركية أمس أن «اعتراف تركيا بالمجلس الوطني السوري إثر لقاء وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بأعضاء من المجلس للمرة الأولى قبل يومين هو طريق مختصر للقول: إن على (الرئيس السوري بشار) الأسد أن يرحل»، وهو ما دعت إليه واشنطن والاتحاد الأوروبي قبل أسابيع.
ورأت الصحيفة أن ضغوط تركيا على نظام الأسد، من الأرجح أن ترتفع خلال الأشهر المقبلة، خصوصا بعد زيارتين متوقعتين لمسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، هما وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جو بايدن في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) المقبلين. وذكرت الصحيفة التركية أن اللقاءات مع كلينتون وبايدن، ستركز أيضا على إيران التي تراجعت علاقتها بشكل حاد مع أنقرة بعد موافقة الأخيرة على السماح لحلف شمال الأطلسي، الذي ينتمي إليه، بنشر نظام رادار للإنذار المبكر على أراضيها.
وتصادم البلدان مؤخرا حول 3 قضايا دبلوماسية، أولاها الأزمة الحاصلة في سوريا، وثانيتها رادار الإنذار المبكر، وثالثتها قتال تركيا ضد حزب العمال الكردستاني، وحزب الحياة الحرة في كردستان التابع لحزب العمال الكردستاني في إيران. وقالت الصحيفة إنه «لا شك أن من ضمن خطط واشنطن، تجميد العلاقات بين تركيا وإيران عبر الفوضى في سوريا».
وقالت الصحيفة إن استقبال أوغلو للمجلس الوطني السوري، ومسؤولين من حماس زاروه من دون موعد مسبق لترتيب تفاصيل وصول الأسرى العشرة المحررين من السجون الإسرائيلية، في اجتماعين منفصلين «يؤشران على أن أياما حاسمة بانتظار تركيا». واعتبرت «حرييت» أن لقاء داود أوغلو بأعضاء من المجلس الوطني السوري هو «رسالة ملموسة» للنظام السوري الذي يرفض وقف استخدام العنف ضد شعبه. وقالت إن اللقاء هو «ثمرة أشهر طويلة من عملية بناء المعارضة التي بدأت في الصيف بأنطاليا»، وإنه يدل «على أن تأسيس فريق تحت مظلة واحدة يمكن أن يوحد المعارضة السورية لشن حملة فعالة أكثر ضد نظام الأسد».
 
حيرة في الشارع العراقي حيال دعم حكومة المالكي لنظام الأسد
أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: هل المؤامرة على سوريا تشمل الدوري والضاري؟
بغداد: حمزة مصطفى
يتميز الشارع العراقي بكونه شارعا سياسيا بامتياز. صحيح أن الحديث في السياسة على عهد النظام السابق كان محكوما بالخطوط الحمراء المعروفة لجميع العراقيين وأهمها عدم توجيه النقد للنظام السياسي وبخاصة رئيسه بأي شكل من الأشكال مع إمكانية توجيه نقد واضح للوزراء والمسؤولين التنفيذيين خصوصا على صعيد الخدمات لكن مع الإشارة الدائمة - إذا كان الحديث يدور في مقهى أو سيارة نقل عام - إلى أنه لو «يسمع السيد الرئيس بمثل هذه الأمور لما قبل» أو «أتمنى أن أقابل القائد وأنقل له ما تفعل الدائرة الفلانية».
اليوم اختلفت الأوضاع في العراق وهو ما يمكن أن يحسب للهامش الواسع من الحرية الذي تحيطه هذه المرة خطوط حمراء من نمط آخر تجعل من الصعوبة فهم ما هو مقبول وما هو غير مقبول في المعادلة السياسية الداخلية والإقليمية. وينطبق هذا على الموقف من إيران أو من سوريا التي تشهد الآن انتفاضة شعبية يمكن أن تؤدي إلى تغيير النظام، لا سيما مع بدء تبلور مفهوم واضح للمعارضة وتشكيل مجلس انتقالي وبدء التعاطي الدولي معه فضلا عن متغيرات عربية باتت حاسمة ومنها الموقف العراقي الرسمي مما يحصل في سوريا اليوم. فهذا الموقف شكل مفارقة لافتة للنظر، لا سيما أن الحكومة العراقية كانت حتى العام الماضي تضع سوريا في خانة أكثر الدول تهديدا للأمن الوطني العراقي من زاويتين؛ الأولى هي إيواؤها لقيادات بعثية وأمنية وسياسية وعشائرية وفصائل مسلحة وهو ما كان يعلنه كبار المسؤولين العراقيين بدءا من رئيس الوزراء نوري المالكي، والثانية هي أن الأراضي السورية تحولت إلى ممر لدخول الإرهابيين إلى داخل العراق.
مع ذلك فإن الموقف الحكومي تغير خلال الشهور الماضية باتجاه دعم نظام الرئيس بشار الأسد رسميا. فكيف ينظر العراقيون البسطاء إلى مثل هذا الأمر؟ «الشرق الأوسط» أجرت استطلاعا لعينات مختلفة من بسطاء الناس بشأن الكيفية التي تتعامل بها الحكومة العراقية مع الحكم في سوريا فكانت هذه الحصيلة.. أم علي (متقاعدة) تسكن حي العامل وهو حي ذو غالبية شيعية تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أتعامل مع السياسة لا من قريب ولا من بعيد ولكني كنت أؤدي العمرة خلال شهر رمضان الماضي وكانت تقف إلى جانبي نساء سوريات كن يرفعن أيديهن بالدعاء الحار لإسقاط نظام بشار الأسد». وتضيف أم علي قائلة «شعرت أنهن صادقات حيث كانت الدموع تنزل من عيونهن وهو ما يعني أن هناك اضطهادا وقد ذكرني بما كان العراقيون يعيشونه أيام صدام حسين». وحول ما إذا كانت تخشى سيطرة متشددين على الحكم في سوريا بعد الأسد، استغربت الحاجة أم علي قائلة «أنا لا أعرف نوع الحكم في سوريا أو من يأتي المهم أن تتحقق العدالة».
لكن حمزة ياسين (متقاعد) الذي يقطن حي البلديات وهو الآخر ذو غالبية شيعية يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «سوريا تحمي العراقيين من دخول تنظيم القاعدة إلى العراق ودعم الجماعات الإرهابية في العراق وتوتر الوضع الأمني في البلاد يمكن أن يشكل تدهورا للنظام السوري».
أما الشيخ فرهاد دويخ من وجهاء قبيلة آل غزي (قبيلة شيعية كبيرة) فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام السوري صاحب فضل على السياسيين الشيعة وهو آواهم وحضنهم في أيام النظام السابق»، مشيرا إلى أن «دعم سوريا للجماعات المسلحة في الأعوام السابقة لم يكن واضحا، لأن سوريا تعاني من إرهاب الجماعات التي تدعي أنها إسلامية».
من جانبها تقول السيدة أم أفراح (ربة بيت) وتقطن حي الإسكان غرب بغداد، إن «الناس لم تعد تعرف الصالح من الطالح، فسوريا ومثلما نسمع ونشاهد بالتلفزيون هي التي ترسل الإرهابيين والمفخخات مثلما كانوا يقولون اليوم الأمر اختلف.. هل كان ما يقال تهمة فقط أم أن المصالح غيرت النفوس؟».
أما المواطن هادي سوادي (كاسب) فيقول إن «السياسة جعلتنا نضرب أخماسا في أسداس بالأمس كانوا يخوفوننا من سوريا لأنها تؤوي عزة إبراهيم وحارث الضاري وغيرهما من المسؤولين السابقين واليوم يقولون سوريا تتعرض إلى مؤامرة أريد أن أسأل سياسيينا أين الدوري والضاري الآن.. هل هما مشمولان بهذه المؤامرة؟».
بدورها تقول المواطنة أم رعد (معلمة) وتقطن حي الشهداء «أعتقد أن الدعم السياسي من قبل حكومتنا لنظام بشار الأسد مرتبط بأجندة غير عراقية، وهو أمر يشكل خطورة على الأوضاع في العراق لأنها ما زالت هشة وما زال الإرهابيون قادرين على الضرب ومصدر الكثير منهم سوريا مثلما كانت الحكومة تقول وهي صادقة، ولكن ما الذي حصل اليوم بحيث تغيرت الصورة.. الناس تتحدث عن أصابع إيرانية وراء هذا الدعم، وهو يأتي على حساب المصلحة العراقية».
من جانبه يرى المواطن بركات حمادي (طالب جامعي) أن «التحول باتجاه دعم الأسد من قبل الحكومة العراقية أمر ربما يرتبط بالمصلحة المشتركة للطرفين باتجاه مواجهة خصم واحد وهذا الخصم قد يكون سياسيا مرة أو دينيا بأي لبوس من ألبسة الدين مرة أخرى، وفي كل الأحوال فإنه يدل على عدم وجود استراتيجية واضحة تحكم السياسة الخارجية العراقية الآن وفي المستقبل المنظور على الأقل».
السيدة ربيعة عبد الحسين (موظفة) ترى أن «المفروض بالحكومة العراقية أن تنظر إلى مصلحة العراقيين، خصوصا أن السياسيين العراقيين يقولون إن العراق كان سباقا في التغيير أو الربيع العربي، والسؤال الذي لا بد من الإجابة عنه هو لماذا نؤيد بلا حدود ثورات مصر وليبيا واليمن ونتوقف عند سوريا؟».
 
أمين الجميل لـ«الشرق الأوسط»: من يمسك الآن بجزء من الورقة اللبنانية هو حزب الله وإيران وليس سوريا
الرئيس اللبناني السابق قال إن جنبلاط من موقعه داخل الحكومة يدافع عن أمور غير مقتنع بها
أحمد الطاهري
يبقى الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل وحزبه الكتائب اللبنانية رقما مهما في المعادلة السياسية اللبنانية شديدة التعقيد وصاحبة الموزاييك الطائفي الفريد، وفي حواره مع «الشرق الأوسط» وضع الجميل النقاط فوق الحروف في كافه القضايا اللبنانية محل الساعة، وتحدث بوضوح عن المخاطر التي تحيط بلبنان الآن في خضم اللحظة الإقليمية الراهنة.
وبينما يرى الجميل أن الربيع العربي سيكون ذا نتائج إيجابية على العالم العربي بأسره، فإنه يحذر من مرحلة الفراغ العربي التي تشهد اختفاء القيادات القادرة على دفع الثورات العربية للأمام، كما حذر أيضا من قوى مضادة يمكن أن تتسلل وسط هذا الفراغ وتعيد الأمور إلى الوراء وتؤسس لفوضى أو تبدل ديكتاتورية بديكتاتورية.
ودافع الجميل، الذي فقد أخاه الرئيس بشير الجميل عام 1981 وابنه بيار عام 2006 في اغتيالات سياسية، عن مواقف تحالف 14 آذار، موضحا أن التحالف ضغط من أجل انسحاب الجيش السوري من لبنان، كما ضغط من أجل وجود محكمة دولية لمحاكمة قاتلي الحريري وهو ما قال إنه تحقق رغم وجود ضغوطات.
واعتبر الجميل أن حزب الله فصيل يتحرك بقوة السلاح والمال، مقيما دولة في قلب الدولة اللبنانية حيث قال إنه «أقام سيادة له على حساب السيادة الوطنية». كما اتهم حزب الله بأنه يعمل على مصادرة كل السلطات في لبنان مختزلا في شخصه قرارات السلم والحرب وقرارات التفاوض مع إسرائيل، كما حدث في تبادل الأسرى دون أي إمعان للمؤسسات الدستورية مثل مجلس النواب والحكومة.
واتهم الجميل حزب الله بالعمل على تحقيق مصالح غير لبنانية وتغليب مصالح أجنبية على المصالح الوطنية، مشيرا إلى الترابط العضوي بين حزب الله وإيران.
ويعتقد الجميل أن النظام السوري لم يعد ممسكا بزمام الأمور في لبنان من لحظة انسحاب جيشه من لبنان عام 2005، وبالتالي فهي ليست «كارت» تلعب به دمشق لإخماد الثورة التي تضربها منذ 7 أشهر. وفيما يلي نص الحوار:
* ما رأيك فيما ذهبت إليه بعض التحليلات من أن الربيع العربي قد يكون خريفا على لبنان إذا توجه الغضب اللبناني تجاه سلطة الأمر الواقع ممثلة في سلاح حزب الله؟
- الربيع العربي لا يميز بين ناس وناس، وبرأيي أن هذه الحركات تؤسس لعصر جديد في العالم العربي، فنحن أملنا أن تؤدي إلى ربيع حقيقي وهذا ما نسعى إليه، وهذا ما طالبنا به من خلال مبادرات للجامعة العربية لا سيما من مصر التي لديها تقاليد قيادية في العالم العربي خاصة في هذه المرحلة، مرحله الفراغ في العالم العربي فمطلوب من مصر أن تلعب دورها بالكامل حتى تساعد هذه الحركات العربية لكي تنتقل من مرحلة الثورة إلى مرحلة النظام، وهذا النظام يجب أن يكون مبنيا على الحرية والديمقراطية والشراكة الحقيقية بين كل مكونات المجتمع في الدول العربية في الحكم ورسم مستقبل البلاد، وتقدمت بمقترحات عملية في هذا المجال للدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية وكذلك لوزير خارجية مصر محمد كامل عمرو.
* ماذا تقصد بمرحله الفراغ العربي الراهنة؟
- أعني بها وجود فراغ على صعيد القيادات في بعض الدول التي عندها حالة غياب في السلطة، وكذلك الأمر في دول أخرى في خضم هذا الحراك الشعبي ولم تفرز بعد، حتى نكون صرحاء، قيادة مميزة. وما هو أكثر تعقيدا أن معظم الحركات الشعبية لا تزال صورتها ضبابية في توجهاتها، ولم تعلن بعد عن توجهاتها الحقيقية، ولا سيما وأن واقعها تعددي، وهذه الثورات التي تنطلق في العالم العربي تنطلق ضد السلطة، ولكن لم تعبر بعد عن مشروعها المستقبلي في معظم تلك الدول، فلذلك هناك ضرورة في دعم هذه الحركات حتى تحقق أولا أهدافها من أجل التغيير، وكذلك المساعدة من أجل التغيير للأفضل وليس تغييرا للوقوع في الفوضى أو بديكتاتورية جديدة.
* الربيع العربي أظهر حضورا قويا للتيارات الإسلامية على المشهد السياسي سواء في مصر أو تونس أو ليبيا وكذلك سوريا فهل تخشى مما يسمى «أسلمة» الربيع العربي؟
- يتبين مما نشاهده عدم وجود فريق واحد مسيطر، هذه الحركات تعبير عن مشاعر بالغبن والقمع من قبل الشعوب المعنية، لذلك هي ردة فعل عفوية. صحيح أن بعض الحركات منظمة أكثر من حركات أخرى، إنما هذا الحراك شعبي أكثر من كونه مبادرة من هذا الفصيل أو ذاك، وهناك ضرر على الدول المعنية فيما لو استبدلنا بديكتاتورية ديكتاتورية أخرى، وبنظام متسلط نظاما متسلطا آخر، هذا يُغرق العالم العربي بظلام دامس، إذن فمن الضرورة على صعيد الشعب المعني أن يعي مسؤولياته وأن يعمل كل ما في وسعه من أجل تجنب الوقوع في ديكتاتورية جديدة، وكذلك الأمر على كل الأطراف الخارجية أن تدعم التيارات الليبرالية وأن تدعم التوجه نحو الديمقراطية والشراكة الحقيقية.
* كيف ترى الصدام الإقليمي الدائر على أرض لبنان، وكيف تقيم موقف حزب الله منه؟
- عبر الزمن، كان لبنان في وضع سياسي لا يحسد عليه، فمنذ القدم لبنان كان يقع ضحية صراع «الفيلة» على أرضه، وهذا ليس بجديد، من فتره الصراع السوفياتي الأميركي، لفترة الصراع بين الأنظمة الإقليمية والدولية، ودائما نأخذ نصف الزجاجة الممتلئ وليس الفارغ، ولبنان تمكن من أن يصمد في كل الحقبات سواء في الخمسينات أو الستينات أو الثمانينات، وحتى اليوم.
نحن نواجه بعض المصالح الإقليمية التي تتناحر على الساحة اللبنانية، وبرأيي أن المقارنة بين السعودية وإيران في لبنان غير جائزة، فليست السعودية - على حد علمي - تزودنا بالسلاح أو تزودنا بالمعدات العسكرية الثقيلة والصواريخ أو أنها تمول ميليشيات للعبث بنظام الدولة وبمؤسسات الدولة، على النقيض هناك تحالف عضوي بين حزب الله وإيران، وحزب الله يعمل على مصادرة كل السلطات في لبنان، ومن الواضح أنه أقام دولة في قلب الدولة، وأقام سيادة له على حساب السيادة الوطنية، ويختزل في شخصه قرارات السلم والحرب وقرارات التفاوض مع إسرائيل، كما حدث في تبادل الأسرى دون أي إمعان للمؤسسات الدستورية مثل مجلس النواب والحكومة، فهو فصيل يتحرك بقوة السلاح وقوة المال، ونحن نحاول الحفاظ على السيادة الوطنية في وجه قوى تحاول مصادرة أو حتى فلنقل صادرت الإرادة اللبنانية، وصادرت كل طموحات الشعب اللبناني من أجل استراتيجية بنظرنا لا تخدم المصلحة الوطنية العليا، بل هي على حساب المصلحة الوطنية العليا.
* هل خدع تحالف 14 آذار المواطن اللبناني عندما أقنعه بثورة الأرز ووعده بأنه يستطيع إظهار العدالة في لبنان ويكشف مَن وراء الاغتيالات السياسية التي شهدها.. بينما المحصلة هي ستة أعوام من الركض في المكان؟
- نحن لم نخدع أحدا، وعلى كل حال لم نكن نريد هذا الصراع من الأساس.. لم نرد الخصام مع منظمه التحرير الفلسطينية في السبعينات بل فرض علينا، ولم نرد الخصام مع سوريا في الثمانينات عندما كان الجيش السوري مهيمنا على كل الأرض اللبنانية، بل فرض علينا، ولم نرد الصراع مع إسرائيل وكانت تتحكم في العلاقات اللبنانية الإسرائيلية اتفاقية الهدنة لسنة 1949، ولكن إسرائيل فرضته علينا عندما دخلت إلى لبنان.. ولم نرد الصدام لا مع حزب الله ولا مع إيران إلا أن هذا الصراع فرض علينا عندما تعرضت سيادة لبنان للخطر وصودرت معظم مؤسساتنا الدستورية ومؤسسات الدولة اللبنانية من قبل حزب الله وفرض هيمنته وفرض إرادته وفرض سلطته على مجموعة من المؤسسات الوطنية منها الأمنية ومنها العسكرية ومنها الاقتصادية حتى الثقافية أيضا.. فإذا هذا الواقع فرض علينا وليس نحن الذين أردناه، وهذا ليس خداعا لأحد، فنحن نقوم بواجبنا، ممكن ننجح وممكن نفشل وعندما تدعون بأننا غششنا الناس.. فهنا نقول إننا حققنا من خلال ثورة الأرز مجموعة إنجازات ضخمة.
* عفوا، لكن ما هي؟
- دعني أقل لك إنه لولا المظاهرة المليونية في 14 مارس (آذار) 2005، لما انسحب الجيش السوري من لبنان، وهو إنجاز تاريخي لأن مشروع سوريا كان الإقامة الدائمة لجيشها في لبنان، وهذا كان معلنا من قبل السلطات السورية.. «دخلنا حتى لا نخرج من لبنان»، وهذا معروف نظرا لطموح سوريا في لبنان وأطماعها وأهدافها. كذلك حققنا المحكمة الدولية فمن كان يتصور أن بإمكاننا أن نحقق المحكمة الدولية في ظل الضغط على القضاء اللبناني لينوب عنها في هذه المهمة، ثم حققنا انتصارا هائلا في انتخابات 2005 وانتخابات 2009 وكسبنا الأكثرية في ذاك الوقت، ولولا انقلاب وليد جنبلاط للأسباب المعروفة والضغط والتهديد الذي تعرض له لكانت لم تزل الأكثرية النيابية من جانبنا، فإذن هي معركة فرضت علينا ولم نخدع أحدا ولم نغش أحدا وحققنا إنجازات، والآن نواجه حملة شرسة من قبل سوريا وإيران وحزب الله الذين لم يستوعبوا هذه الانتصارات التي حققناها وفوجئوا بها، ويحاولون الآن أن يستعيدوا المبادرة، وتم ذلك من خلال الضغط العسكري المباشر على الساحة اللبنانية في مايو (أيار) 2008 واجتياح بيروت وما حدث في عشية تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي وما يسمى اجتياح القمصان السود، وما يحدث بوضع اليد على مجموعة من المواقع السياسية الجغرافية في لبنان من أجل التأثير على القرار السياسي، هذه معركة مباشرة يقودها حزب الله وحلفاؤه لاستعاده المبادرة ونحن بالمقابل لم نستسلم بالماضي، ولن نستسلم في المستقبل لهذه الضغوطات وهذه المناورات ومنها مناورات عسكرية مباشرة بالسلاح الثقيل، بينما نعتبر مشروع حزب الله هو مشروع مصطنع ضد طبيعة لبنان وضد مصلحة لبنان ويمكن أن نقول إنه ضد مصلحة حزب الله بالذات لأن حزب الله «اللبناني» يعمل لتحقيق مصالح غير لبنانية وبالتالي هذا الأمر ينقلب على حزب الله بالذات في وقت معين، وانطلاقا من كل ذلك فإن هذا البلد هو بلدنا ندافع عنه بالوسائل المتاحة ونعتبر نفسنا جزءا من هذا الشعب لا نغش الشعب ولا نفرض على الشعب شيئا ضد مشيئته ولا الشعب يفرض علينا شيئا ضد مشيئتنا فنحن مسيرة واحدة بالسراء والضراء.
* إذا كان مجمل حديثك أنكم لن تفرطوا في دم رفيق الحريري ومن راحوا معه ومن لحقوا به ومن بينهم ابنك الراحل بيار الجميل. فكيف ستكسرون الجمود الحالي الذي يعانيه ملف المحكمة الدولية؟
- هناك صراع بين الحق والباطل.. هناك صراع بين من يريد مصلحه لبنان وسيادة لبنان، ومن يريد أن يبقى لبنان أسيرا لاستراتيجيات ليس لنا علاقة بها، صراع موجود وليس لدينا خيار آخر، وهناك قسم كبير وشريحة كبيرة من الشعب اللبناني متضامنة معنا بالسراء والضراء في هذا الصراع الموجود والذي من مظاهره محاولة البعض تعطيل المحكمة الدولية، ونحن نصر على أن تحقق المحكمة الدولية أهدافها، يسعى حزب الله وحلفاؤه لتعطيل مسيرة المحكمة من خلال تعطيل تمويل هذه المحكمة، ولحد علمنا فإن لبنان إذا تقاعس في تمويل المحكمة فالمحكمة لن تتوقف وسيتخذ الأمين العام للأمم المتحدة الإجراءات الكفيلة لتمويل المحكمة بوسائل أخرى، فإذن المحكمة مستمرة كما نأمل، أي كانت مناورات حزب الله لتعطيلها.
المؤسف، أن هذا قد تكون نتائجه تأجيج الصراع الداخلي وربما دفع الرئيس ميقاتي للاستقالة، مما يدفع البلد نحو فراغ حكومي جديد، وعلى الصعيد الخارجي اعتبار لبنان دولة مارقة، ويعتبر مجلس الأمن لبنان دولة مخلة بالتزاماتها الدولية ومن ثم قد تكون هناك إجراءات من قبل مجلس الأمن في حق لبنان.
* ما مدى صحة التقارير والتسريبات الإعلامية التي تتحدث عن اتصالات جارية بين رئيس جبهة النضال الوطني والسياسي الدرزي البارز وليد جنبلاط وبين أقطاب تحالف 14 آذار وهو ما فسره البعض بأنه مؤشر لعودة جنبلاط من جديد إلى فريقه القديم؟
- على حد ما نشعر فإن وليد جنبلاط وغيره من القوى المتحالفة مع حزب الله الآن ضمن الحكومة غير مرتاحة لأمرها.
* لماذا يراودك هذا الشعور؟
- الموضوع جد بسيط، لأنهم يدافعون عن شيء غير مقتنعين به.. يدافعون عن مصلحه إيران على حساب مصلحه لبنان، يدافعون عن موقف حزب الله من المحكمة وهم من أكثر المتحمسين لنجاح المحكمة، لذلك فنحن نأمل أن يعود وليد جنبلاط وغيره إلى صوابهم وإلى موقعهم الطبيعي الذي هو بجانب الحق اللبناني وليس بجانب مصالح أخرى على حساب الحق اللبناني.
* ما رأيك في المخاوف التي تتحدث عن كون لبنان آخر ورقة من الممكن للنظام السوري أن يحرقها ويشعل لبنان داخليا قبل سقوطه؟
- خرج لبنان من القبضة السورية منذ فترة، لكن سوريا الآن تحاول أن تموه الأمور وتعطي انطباعا بأنها لا تزال ممسكة ببعض الأوراق اللبنانية، والحقيقة أن الممسك الآن بجزء من الورقة اللبنانية هو حزب الله وإيران وليس سوريا، وسوريا تستفيد من هذا التحالف للإبقاء على الحد الأدنى من مصالحها على الساحة اللبنانية.. هذا هو الواقع، ففي اللحظة التي انسحب فيها الجيش السوري من لبنان فقد الورقة الأساسية التي كانت بحوزته، لأن نفوذه كان مرتبطا بوجود الجيش السوري ولا سيما المخابرات السورية في لبنان.
 
منع الحرب الأهلية السورية
سلمان شيخ
استخدمت روسيا والصين حق الفيتو الأسبوع الماضي للاعتراض على مشروع قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة بشأن سوريا، وهو ما يوجه ضربة لاستقرار هذا البلد وجيرانه، حيث من الممكن أن يؤدي هذا الاعتراض المزدوج إلى اندلاع حرب أهلية.
إن عدم قدرة مجلس الأمن على التصرف خلق فراغا سياسيا خطيرا، وأرسل رسالة واضحة إلى الرئيس السوري بشار الأسد أن بإمكانه الاستمرار في القتل دون أن يخشى العقاب، وأرسلت في نفس الوقت رسالة أخرى إلى المتظاهرين السوريين أنهم يقفون في هذه المواجهة بمفردهم.
وفي حين أن روسيا والصين تؤكدان الحوار بدلا من المواجهة وتقترحان اتخاذ قرار أكثر «توازنا»، فإن الواقع أن الشارع السوري يدعو صراحة لسقوط نظام الأسد طوال عدة أشهر.
ويعد موقف روسيا والصين في العديد من النواحي ردا على تفسير الغرب الفضفاض لقرارات الأمم المتحدة ضد ليبيا، الذي أدى للقيام بعمل عسكري ضد العقيد معمر القذافي. وعلى الرغم من أن هذا الاعتراض قد يشعر موسكو وبكين ببعض الرضا من الناحية السياسية، فإن فشل قرار مجلس الأمن قد جاء على حساب الشعب السوري واستقرار سوريا على المدى الطويل، وهذا الذي حدث يعد نموذجا للسياسة الدولية في أسوأ حالاتها.
وقد تضاعف عدد القتلى منذ بدأ مجلس الأمن يتداول مشروع قرار بشأن الأزمة في سوريا في أغسطس (آب)، حيث ارتفع إلى أكثر من 2900 قتيل، بينما بلغ عدد الأشخاص المفقودين أو المعتقلين عشرات الآلاف.
وعلى الرغم من أن سوزان رايس، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، تأمل أن «شعوب الشرق الأوسط يمكنها الآن أن ترى بوضوح الدول التي اختارت أن تتجاهل نداءاتهم لتطبيق الديمقراطية وتدعم بدلا من ذلك الديكتاتوريين اليائسين القاسيين»، إلا أن أغلب الناس من المرجح ألا ترى في هذا الأمر سوى فشل جماعي من جانب المجتمع الدولي.
وكلما استمر الوضع الحالي في سوريا، زاد احتمال تمزق نسيجها العرقي والطائفي الحساس، حيث تخشى جماعات المعارضة، الذين من ضمنهم جماعة الإخوان المسلمين، من تزايد الأعمال الانتقامية ضدهم من قبل العلويين والنخبة المسيحية، التي لن يكونوا قادرين على منعها.
وقد أصبح من المتعذر بالنسبة للمعارضة الدفاع عن سلمية الاحتجاجات، خاصة مع الجهود التي تبذلها الحكومة لزرع الفتنة، والتي تتضمن سلسلة من اغتيالات الأكاديميين وحملة اغتصاب تستهدف النساء والفتيات في المدن ذات الأغلبية السنية.
وقد ركزت استراتيجية الغرب في الأمم المتحدة حتى الآن على إخضاع سوريا للرقابة الدولية، لتكون شاهدة على الأعمال الوحشية التي ترتكب هناك وتقدم تقريرا عنها، ولكن هناك جدلا متزايدا داخل المجلس الوطني السوري - يتهامس به الأعضاء في الوقت الحالي - حول الحاجة لحماية المدنيين «بأي وسيلة ضرورية»، حيث تشمل هذه الوسائل وجود مراقبين دوليين، ولكنها قد تمتد إلى إنشاء مناطق آمنة للمدنيين، أو منطقة حظر طيران إذا ما تطلب الأمر، أو الاستعانة بقوات أجنبية على الأرض كملاذ أخير.
وقد واصلت واشنطن بدلا من ذلك اتباع استراتيجية «القيادة من وراء الكواليس»، وأحد الأسباب وراء اتباعها هذا النهج هو اعتقادها أن اتباع نهج أكثر تهورا قد يؤدي في الواقع إلى صرف الاهتمام بعيدا عن الجهود التي يبذلها أعضاء المعارضة وإظهارهم كعملاء للغرب، كما تدعي الحكومة. ولكن مع تزايد عمليات القتل، فإن هذه السياسة تزيد من الشكوك حول أن أميركا ليست جادة في دعم الاحتجاجات والإعداد للتعامل مع سوريا جديدة بعد سقوط نظام الأسد.
لقد ثبت فشل هذه الاستراتيجية، ويتعين على أميركا وأوروبا دفع جيران سوريا لدعم اتخاذ تدابير عقابية ضد الأسد وممارسة ضغوط دبلوماسية على روسيا والصين.
ويمثل تحذير روسيا للأسد، بعد تصويت الأمم المتحدة، بأن يبدأ تنفيذ الإصلاحات وإعادة السلام وإلا فسيواجه «بعض القرارات الصارمة» من روسيا - فرصة سانحة، حيث كان الضغط الذي مارسته الدول العربية على روسيا والصين حاسما عندما حان وقت القيام بإجراء فعال من جانب الأمم المتحدة في ليبيا، ويجب عليها أن تفعل الشيء نفسه الآن.
كما يجب على واشنطن أيضا أن تحث تركيا على لعب دور أكثر قوة، فرجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، يبدو أكثر احتمالا الآن للقيام بذلك، خاصة مع شعوره المتزايد بالغضب، حيث ينبغي لتركيا تحديدا أن تقوم بتقليص حجم تجارتها مع سوريا وفرض عقوبات تستهدف الحكومة السورية.
وينبغي للولايات المتحدة أن تعترف أيضا بالمجلس الوطني السوري بصفته القيادة المعارضة الشرعية للشعب السوري، وأن تشجع القوى العربية والإقليمية والأوروبية الرئيسية على أن تحذو حذوها، حيث يعد القرار الذي اتخذه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين للترحيب بتشكيل المجلس الوطني السوري باعتباره «خطوة إيجابية إلى الإمام» ردا مناسبا على التهديدات السورية ضد أولئك الذين سيعترفون رسميا بالمجلس، لكنه لا يعد قويا بما يكفي.
ويمثل المجلس الوطني السوري، الذي يتكون من 230 عضوا، قطاعا واسعا وشاملا، إن لم يكن مثاليا، للمعارضة السورية، حيث يتضمن العلمانيين والإسلاميين، كما يتضمن الأهم من ذلك، وهم جيل الشباب من المتظاهرين في الشوارع الذين يعرضون حياتهم للخطر، وسيجعل الاعتراف الدولي المجلس أكثر فعالية، كما سيرسل إشارة دعم قوية للمعارضة.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للولايات المتحدة دفع المجلس الوطني السوري ليكون شاملا بقدر الإمكان، بحيث يجذب إليه بشكل خاص أعضاء الطوائف العلوية والمسيحية.
ولا يزال بإمكان الدبلوماسية الأميركية، لو أنها صممت على تحقيق هدفها، منع الخطر الوشيك المتمثل في لجوء هذه الطوائف غير القادرة على التعايش مع خسائرها والتي تخاف من المستقبل، إلى العنف.
وقد كان المزيج العرقي السوري القابل للاشتعال أحد أسباب تردد أميركا في دعم المعارضة، أما الآن، ومع خروج أعمال العنف عن نطاق السيطرة، فقد أصبح هذا المزيج سببا لمزيد من التدخل الأميركي.
وإذا لم تتحرك الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون والقوى الإقليمية بسرعة، فإن سوريا سوف تنزلق إلى آتون الفوضى.
* مدير مركز بروكينغز الدوحة وزميل في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,203,002

عدد الزوار: 6,940,291

المتواجدون الآن: 118