المدارس تتحول إلى مراكز للتجمع والتظاهر.. وطلبة فصلوا بعد تمزيق صورة الأسد

باريس والأمم المتحدة: نظام الأسد ارتكب جرائم ضد الإنسانية..ناشطون سوريون يعلنون اليوم «ثلاثاء الوفاء لحسين هرموش»

تاريخ الإضافة الأربعاء 21 أيلول 2011 - 4:34 ص    عدد الزيارات 3158    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

باريس والأمم المتحدة: نظام الأسد ارتكب جرائم ضد الإنسانية
مصدر دولي: عدد القتلى تخطى 2700 بينهم 100 طفل * عمليات عسكرية في حمص ودرعا.. والطلاب يمزقون صور الرئيس * الوفد الروسي زار مناطق علوية في حمص وأخرى لم تشهد احتجاجات * مصدر عربي لـ «الشرق الأوسط»: السيناريو الليبي مستبعد
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
في خطوة لافتة، أكدت فرنسا والامم المتحدة امس، ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد، ارتكب جرائم ضد الانسانية، خلال قمع الاحتجاجات المتواصلة في سوريا منذ 6 أشهر، وطالب الجانبان بمحاسبة قادة النظام السوري.
جاء ذلك بينما واصل الأمن السوري عملياته العسكرية والأمنية في حمص وحماه ودرعا، ضد المحتجين، موقعا 8 قتلى على الأقل، بينهم جنديان منشقان في حمص.
وأكد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وقوع جرائم ضد الانسانية في سوريا ودعا إلى محاسبة الذين يرتكبونها، معلنا أن الحملة التي يقوم بها النظام السوري على المحتجين المطالبين بالديمقراطية زادت حدة، وارتفع عدد القتلى إلى 2700، وهو ما يعني زيادة 100 قتيل في الأسبوع الأخير.
وقالت كيونغ وا كانغ، نائبة مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: «حتى اليوم قتل 2700 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 100 طفل، على أيدي قوات الجيش والأمن منذ بدء الاحتجاجات الجماهيرية في أواسط مارس (آذار)». وتزامن ذلك مع تاكيد وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، في نيويورك، أمس على وقوع جرائم ضد الانسانية في سوريا معلنا ادانة باريس لمثل تلك الانتهاكات، وعبر عن استيائه من «الصمت غير المقبول» لمجلس الأمن إزاء ما وصفه بـ«جرائم ضد الإنسانية» في سوريا.
وميدانيا، قال نشطاء وسكان: «إن القوات السورية قتلت بالرصاص 6 قرويين على الأقل، وجنديين منشقين، في حملة مداهمة في منطقة الحولة شمال مدينة حمص أمس».
ونظم عشرات الطلاب مظاهرات عديدة انطلاقا من مدارسهم في أنحاء سوريا. وقال ناشطون إن طلاب إحدى المدارس، قاموا بتمزيق صورة بشار الأسد المطبوعة على غلاف دفتر التفقد.
من جانبها، نظمت السلطات زيارة ميدانية للوفد البرلماني الروسي، الذي يزور البلاد حاليا، لتفقد الأوضاع في درعا وحمص وحماه. وقال ناشطون إن الوفد لم يزُر في حمص سوى شارع الحضارة، حيث تتركز الطائفة العلوية، وأضافوا أن الوفد الذي رافقته قوات الأمن السورية، زار ايضا مناطق لا تشهد احتجاجات.
إلى ذلك، كشفت مصادر عربية بارزة في القاهرة لـ«الشرق الأوسط»، عما سمته اتجاها تركيا «غير مباشر» لدعم الثوار في سوريا، وتفكيك جيش الأسد، محذرة من أن عدم الاستقرار في دمشق يصب في مصلحة إيران.
وحول احتمال تدخل عسكري خارجي في سوريا، قالت: «إن هناك دفعا بالتدخل التركي غير المباشر في سوريا، وتقديم دعم فني وسلاح للثوار حتى يسقط نظام الأسد»، لكن هذه المصادر استبعدت تكرار السيناريو الليبي في سوريا.
ودانت منظمات حقوقية دولية مقتل العشرات من المتظاهرين، وقالت منظمة العفو الدولية (امنستي) إن اليمن «على حافة الهاوية» وإن «الجمود السياسي ضاعف من إحباط أولئك الذين ظلوا يحتجون سلميا من أجل التغيير»، من جانبها، أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن أسفها لـ«مقتل وإصابة الكثير من الأشخاص»، ودعت واشنطن، في بيان، كافة الأطراف إلى التحلي بـ«ضبط النفس». وأضاف البيان الأميركي أن الولايات المتحدة تواصل دعمها لـ«انتقال سلمي ومنظم للسلطة في اليمن، يلبي طموحات الشعب اليمني للسلام والأمن»، وأعربت عن أملها في أن «يتم التوصل إلى اتفاق يفضي إلى التوقيع على المبادرة الخليجية في غضون أسبوع واحد». من جهتها، قالت حورية مشهور، الناطقة الرسمية باسم «المجلس الوطني» للمعارضة: إن مصير «بقايا النظام في اليمن هو محكمة الجنايات الدولية».
 
باريس تدعو إلى محاسبة قادة دمشق عن «الجرائم ضد الإنسانية».. وارتفاع حصيلة القتلى إلى 2700
عمليات عسكرية في حمص ومقتل 8.. والوفد الروسي يزور أحياء فيها تسكنها أغلبية علوية وأخرى لم تشهد احتجاجات
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
لقي 8 سوريين حتفهم على الأقل أمس خلال عمليات أمنية وعسكرية نفذتها قوات الأمن السورية في تجمع قرى الحولة في محافظة حمص، وسط البلاد، التي بدأت منذ أول من أمس مستهدفة المتظاهرين المناوئين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وبينما دعا وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إلى محاسبة قادة النظام في دمشق عن «الجرائم ضد الإنسانية» التي ترتكب أثناء حملتهم ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، كشف مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن الحملة التي تقوم بها سوريا على المحتجين المطالبين بالديمقراطية زادت حدة، وارتفع عدد القتلى إلى 2700، وهو ما يعني زيادة 100 قتيل في الأسبوع الأخير.
وقالت كيونغ وا كانغ نائبة مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس: «حتى اليوم قتل 2700 شخص من بينهم ما لا يقل عن 100 طفل على أيدي قوات الجيش والأمن منذ بدء الاحتجاجات الجماهيرية في أواسط مارس (آذار)»، وأضافت: «أختتم حديثي بالتشديد على أهمية محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. وقد وجد المكتب أن من المحتمل أن مثل هذه الجرائم ارتكبت في سوريا».
وتزامنت تلك الدعوة لمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية مع دعوة مماثلة أطلقها جوبيه الذي أدان في نيويورك «الصمت غير المقبول» لمجلس الأمن الدولي إزاء ما وصفه بـ«جرائم ضد الإنسانية» في سوريا، أثناء كلمة أمام مجلس العلاقات الخارجية ومركز الأبحاث الأميركي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي منقسمون إلى حد كبير في مواقفهم إزاء القمع في سوريا، فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تدعو الأسد للتنحي، كما تريد أن تدين الأمم المتحدة النظام السوري. في المقابل تعارض روسيا الحليف المقرب من سوريا وكذلك الصين هذا الأمر.
ميدانيا، قال نشطاء وسكان: إن القوات السورية قتلت بالرصاص 6 قرويين على الأقل وجنديين منشقين في حملة مداهمة في منطقة الحولة شمالي مدينة حمص أمس.
يأتي الهجوم على الحولة التي تضم عدة قرى إلى الشمال مباشرة من حمص على بعد 165 كيلومترا شمال دمشق بعد احتجاج ضخم في الليلة قبل الماضية يطالب بتنحي الأسد، كما أفاد النشطاء بأن 12 جنديا حكوميا يحرسون نقاط تفتيش ريفية انشقوا.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن أن خمسة سوريين قتلوا أمس خلال عمليات عسكرية وأمنية في تجمع قرى الحولة في محافظة حمص منذ مساء أول من أمس.
وقال المرصد إن «خمسة مواطنين استشهدوا اليوم الاثنين (أمس) خلال عمليات عسكرية وأمنية مستمرة في تجمع قرى الحولة»، موضحا أن القتلى هم «سيدة وثلاثة شبان وعسكري»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. كما أكد المرصد أن «عدة مظاهرات مسائية خرجت في حي الإنشاءات والخالدية، حيث تعرض المتظاهرون لإطلاق نار كثيف»، وأضاف أن مظاهرات كثيرة خرجت في الغوطة وشارع الحمرا وحي البياضة وبابا عمرو والقصير وتلبيسة.
من جانب آخر ذكر المرصد أن «شابا من مدينة سقبا يبلغ من العمر 26 عاما استشهد فجر اليوم الاثنين (أمس) متأثرا بجروح أصيب بها مساء (أول من) أمس خلال تشييع شهيد في بلدة عربين» في ريف دمشق، وتابع أن «شهيد عربين أصيب خلال ملاحقات أمنية في بساتين مدينة حرستا وسلم أمس جثمانه لذويه».
كما ذكر ناشطون أن قوات الأمن السورية انتشرت بأعداد كبيرة أمس في داعل في محافظة درعا بينما جرت مظاهرات ليلية تدعو إلى إسقاط الأسد في عدد من المدن السورية.
وقال المرصد إن «أكثر من ثلاثين حافلة كبيرة محملة بقوات الأمن اقتحمت داعل مساء الأحد وبدأت الانتشار في المدينة التي خرجت فيها مساء اليوم (أمس) مظاهرة حاشدة تطالب بإسقاط النظام».
وقال ناشطون إن التيار الكهربائي ما زال مقطوعا لليوم الثالث على التوالي في بلدة بصر الحرير في درعا، وإن هناك تحشيدا عسكريا كبيرا في اللواء الـ12، حيث شوهد وصول الدبابات وحافلات الأمن والشبيحة، تأهبا لعملية اقتحام واسعة، كما رجح الناشطون، حيث تم قطع الطريق بين بلدتي ازرع وبصر الحرير، وهو الطريق الرئيسي الواصل بين محافظتي درعا والسويداء. كما قالت مصادر محلية في ريف درعا إنه تم اعتقال الدكتور محمد يعقوب أبو حوية عند منفذ نصيب الحدودي وذلك بعد قدومه من السعودية.
من جانبه أعلن النظام السوري عن مقتل 4 من عناصر قوات حفظ النظام وجرح 18 آخرون في كمين مسلح نصبته لهم «مجموعة إرهابية مسلحة» مساء أول من أمس أثناء عودتهم إلى وحدتهم بالقرب من مفرق الضاهرية بحماه.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول في المحافظة أن «العناصر كانوا يستقلون حافلتين في طريق العودة إلى وحدتهم عندما فاجأهم المسلحون بإطلاق النار عليهم من مرتفع بالقرب من المفرق، ما أدى إلى تدهور إحدى الحافلتين».
ونقلت عن الدكتور عامر سلطان مدير صحة حماه أنه «تم إسعاف الجرحى إلى مشفى حماه الوطني وقامت الفرق الطبية بتقديم العلاجات اللازمة وإجراء العمليات الجراحية الضرورية، وأحيل بعضهم إلى المشافي التخصصية لاستكمال العلاج»، وأضاف أن «معظم الجرحى مصابون بعيارات نارية في مناطق متفرقة من الجسم».
وفي تلك الأثناء قام الوفد البرلماني الروسي الذي وصل إلى البلاد مؤخرا لتفقد الأوضاع ولقاء القادة السوريين بزيارة إلى درعا، ومن ثم توجه إلى مدينتي حمص وحماه، حيث سجل في حماه خروج مظاهرات طلابية من مدارس حي المدينة ومن حي غرب المشتل، تمت بعدها استضافته في مطعم بيت الشرق واجتمع معهم هناك المحافظ وفعاليات ووجهاء في المدينة من الموالين للنظام. وفي حمص قال ناشطون إن الوفد لم يزُر في المدينة سوى شارع الحضارة حيث تتركز الطائفة العلوية، وهذا الشارع لم يشهد خروج مظاهرات مناهضة للنظام. وقال ناشطون إن الوفد الروسي رافقته قوات الأمن السورية وأخذته إلى مناطق لا تشهد احتجاجات.
 
ناشطون سوريون يعلنون اليوم «ثلاثاء الوفاء لحسين هرموش»
الجيش السوري الحر يعلن انضمامه للجبهة الوطنية للإنقاذ والتغيير
بيروت: بولا أسطيح
تعلن الصفحة الرسمية لـ«الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» من خلال «فيس بوك» اليوم «ثلاثاء الوفاء لحسين هرموش» وهو أول ضابط سوري أعلن انشقاقه عن الجيش، وذلك في بداية يونيو (حزيران) الماضي لتتوالى الانشقاقات من بعده. وكان هرموش الذي تمكن من مغادرة سوريا وتشكيل «لواء الضباط الأحرار» الذي يضم عشرات الضباط الذين حذوا حذوه وانشقوا عن الجيش من بعده، ظهر مؤخرا في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي عبر التلفزيون السوري بما عرف بـ«اعترافات حسين هرموش»، لينفي أن يكون قد تلقى أوامر بإطلاق النار على المدنيين. وكان قد تردد أن المخابرات التركية شاركت في تسليم هرموش للنظام السوري بعدما تم استدراجه إلى أحد مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية.
ويطالب الناشطون عبر صفحات «فيس بوك» بـ«فك أسر المقدم هرموش، حتى إن أمكن اختطاف أحد الضباط الموالين للنظام لتتم مبادلته بالمقدم هرموش»، مناشدين الحكومة التركية «التدخل لوضع حد لعملية أسره لاعتبارهم أن هناك يدا لبعض من في المخابرات التركية في تسليمه للنظام».
في هذا الوقت، أطلق القائمون على «الصفحة الرسمية للثورة» نقاشا بين الناشطين لتحديد نقاط ضعف النظام التي لم يتم ضربها بعد للاستفادة من اقتراحات الشارع السوري في هذا الصدد. وقد توالت المواقف والدعوات التي أجمعت في معظمها على أهمية توحيد صفوف وجهود المعارضة في الداخل والخارج لكونها ستشكل عنصر القوة الذي سيضرب أي نقطة ضعيفة في جسد النظام.
ويشدد قيس العبدالله على أهمية «القيام بعصيان مدني في المحافظات السورية كافة يستمر لأسابيع يتم خلاله دحر الجيش من المدن السورية». بدوره، يعتبر محمد سعيد أن النظام «يحتمي اليوم بالأقليات التي قد تشكل 30 في المائة من السوريين وبالتالي يجب تبديد مخاوف وهواجس هذه الأقليات من أي تطرف مقبل من خلال التوافق على وثيقة وطنية تؤسس لمرحلة ما بعد سقوط النظام».
ويقول آدم سليمان: «النظام السوري يرتعد من فكرة التدخل الخارجي وبالتالي فعلى المعارضة ألا تعطيه ورقة الأمان بإعلانها رفض هذا النوع من التدخل»، داعيا إلى إعلان يوم الجمعة المقبل جمعة «الدعوة لتدخل مجلس الأمن». ويدعو مصطفى حسن إلى تركيز الجهود على «الجيش السوري الذي يبدو ظاهريا متماسكا ولكنه في الحقيقة مفكك ويشهد تضعضعا كبيرا في صفوفه وهو يجبر على قتل المدنيين»، ويضيف: «يجب الضغط على النظام للسماح للإعلام الأجنبي بالدخول إلى سوريا وهو الأجدر بكشف حقيقة ما حصل ويحصل، وهو ما نحتاج إليه لإطلاق الرصاصة الأخيرة الكفيلة بإسقاط النظام».
ولا يتردد وائل مازن في التعبير عن «خيبته لكون نقاط الضعف متمركزة في الجسد المعارض وليس في جسد النظام»، ويضيف: «تمسكنا بالسلمية التي لم تكن إلا بمثابة ماء أخمدت نار الثورة فينا.. فلنحيي الثورة ولننتفض بالقوة، فهي السبيل الوحيد لإسقاط الأسد». وفيما يصر البعض على ضرورة «الضغط على أهالي حلب لكونهم سيشكلون العنصر الفاصل في المعركة، يدعو آخرون لـ«ضرب الإعلام السوري الرسمي الذي يشوه الحقائق ويظهر المعارضة كجماعة إرهابية تهدف إلى تدمير البلد».
إلى ذلك، أصدر الجيش السوري الحر، بقيادة العقيد المنشق رياض الأسعد، بيانا أعلن فيه تأييده وانضمامه لما سمي «الجبهة الوطنية للإنقاذ والتغير بسوريا» لما فيها من «أهداف نصرة الشعب السوري ويضع يده يدا بيد لإسقاط النظام الفاسد»، وقال البيان المقتضب إن «الجيش الحر سينسق مع الجبهة لوضع العمل، في أول تحالف يعقد بين قوى عسكرية منشقة وقوى من الحراك الشعبي في البلاد».
 
منسق الائتلاف العلماني الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط»: نتعاطى مع موضوع «الإخوان» بإيجابية والهدف إسقاط النظام
الائتلاف عين لجنة تنفيذية وانتخب منسقا عاما وأرسى آليات عمله وخطة تحركه الدولية
باريس: ميشال أبو نجم
عين الائتلاف العلماني الديمقراطي السوري في نهاية مؤتمره التأسيسي الذي دام يومين في باريس، نزار قصاص، رئيس حزب الحداثة، منسقا عاما له كما أصدر بيانا ختاميا ضمنه توصياته وخطة تحركه ودعوة موجهة للمجتمعين العربي والدولي من أجل «القيام بواجبهما لحماية المتظاهرين السلميين والمدنيين وفقا للمواثيق الدولية»، متبنيا بذلك الدعوات المتزايدة التي تحث الأسرة الدولية على التحرك وعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة أو التدابير التي لم تظهر بعد جدواها في وقف العنف.
غير أن البيان من جهة وتصريحات نزار قصاص والدكتور هاشم سلطان وهو معارض سوري مقيم في الولايات المتحدة ويرأس حزب الانفتاح إلى «الشرق الأوسط» تبين «غموضا» ما زال يكتنف مفهوم «الحماية الدولية». وكشف سلطان أن نقاشا واسعا حصل بين الأحزاب والهيئات المنضوية تحت لواء الائتلاف العلماني أبرز وجود خلافات بين جناح يرفض التدخل الدولي وآخر لا يمانع في حصوله. ونتيجة لذلك، اكتفى البيان بصيغة عامة تطالب بحماية المدنيين.
وأكد قصاص لـ«الشرق الأوسط» أن المؤتمرين يلتزمون بـ«السقف الوطني» الذي حددته الثورة السورية وهو طلب الحماية. ولذا، فالمطلوب عمليا، «البحث عن أي وسيلة تجعل النظام يتوقف عن قمع شعبه». وفي أي حال، يشدد قصاص على ضرورة أن «تتناسب الحماية الدولية وأساليبها مع تعقيدات المشهد السياسي السوري والبيئة السورية» مما يترك الباب مفتوحا أمام كثير من التفسيرات.
وبالنظر إلى الضجة التي أثيرت حول العلاقة بين العلمانيين والأحزاب ذات التوجهات الدينية وعلى رأسها الإخوان المسلمون، حرص قصاص على توضيح الصورة ليؤكد أن الائتلاف «يؤمن بحق الآخر في الوجود مهما اختلف لونه السياسي شرط أن يقبل الاحتكام إلى صندوق الاقتراع». وقال قصاص: «نحن في موقع واحد من أجل إسقاط النظام الحالي»، غير أن هاشم سلطان أخذ على المبادرات السابقة التي جرت في أنقرة واسطنبول والدوحة أنها سعت إلى «تهميش» الآخرين وتحديدا الأحزاب العلمانية مما حدا بهذه الأخيرة إلى الرغبة في إسماع صوتها وإثبات حضورها. غير أنها لا تريد معارك جانبية مع أي جهة كانت وتريد تكريس عملها من أجل توحيد الصفوف والتسريع بإسقاط النظام.
وقال سلطان الذي شارك في إدارة أعمال المؤتمر لـ«الشرق الوسط» إن خطة التحرك تشمل الاتصال بالحكومات التي أيدت الثورة السورية وبالمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني من أجل توفير الدعم للثورة وتشديد الضغط على السلطة لوقف العنف وحماية المدنيين.
وشدد البيان الختامي على دحض دعاية الحكومة التي تقدم الثورة على أنها سلفية تعصبية طائفية معتبرا أن ما تعرفه سوريا هو «ثورة الشعب السوري بكل أطيافه الإثنية والدينية والسياسية» وداحضا ما سماه «أكاذيب النظام». وكدليل على التزام الائتلاف مفهوم التعددية، أكد البيان أن الشعب السوري «شعب متعدد يتشكل من العرب والكرد والأشوريين السريان وبقية المكونات الإثنية فيه متنه المادي والسوسيولوجي... ولكل منهم تاريخه ا|لأصيل..». وبناء عليه، أقر المؤتمرون الذين قدموا من أنحاء العالم ويمثلون نحو 15 حزبا وهيئة إضافة إلى وجود شخصيات مستقلة، حق الشعب الكردي في «تقرير المصير ضمن حدود الوطن الجغرافي» كما شدد على «الإقرار الدستوري بالشعب الأشوري السرياني واعتباره شعبا أصيلا وضمان كافة حقوقه القومية واعتماد اللغة السريانية لغة وطنية رسمية وذلك في إطار وحدة الوطن السوري».
وجدد الائتلاف تمسكه بسلمية الثورة رافضا بذلك دعوات اللجوء إلى السلاح للدفاع عنها وعن المتظاهرين.
ورسم الائتلاف صورة لسوريا كما يراها ويريدها وأولى معالمها العلمانية التي عرفها بأنها «تكرس الحياد في المجال العام وتفصل الروحي عن الزمني والمؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة». وربط العلمانية بالديمقراطية جاعلا من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان «مرجعية عليا للعقد الاجتماعي السوري».
وإزاء تكاثر المجالس والهيئات التي تدعي تمثيل الثورة السورية، دعا الائتلاف إلى تأسيس «منتظم تمثيلي يحظى بشرعية الثورة والثوار ولا يقصي أحدا ولا يمر من خلال علاقات الكولسة والأبعاد الشخصية والحزبية الضيقة» منددا بكل محاولات «الهيمنة» على المشهد السياسي ومعتبرا إياها بمثابة «خيانة للثورة».
ورغم اعتراف الائتلاف بـ«بعض الخطوات التركية» لمساعدة الثورة، فإنه أبدى شعوره بـ«الصدمة» نتيجة لبعض المواقف والتصريحات التركية ومنها التضييق على اللاجئين السوريين في تركيا متهما أنقره بكلام شبه مباشر عن المسؤولية في وقوع المقدم المنشق حسين هرموش بأيدي أجهزة الأمن السورية فيما كان يقيم في أحد المخيمات التركية.
وأفضى المؤتمر التأسيسي للائتلاف إلى تشكيل لجنة تنفيذية تنبثق من المؤتمر العام الذي سيتحول بطبيعة الحال إلى جمعية عمومية. وفي لائحته التنظيمية، فتح باب الانضمام إلى الائتلاف أمام «جميع الأحزاب والتنظيمات والشخصيات الوطنية المؤمنة بالمبادئ الأساسية للائتلاف».
 
المدارس تتحول إلى مراكز للتجمع والتظاهر.. وطلبة فصلوا بعد تمزيق صورة الأسد
أثرياء ومحسوبون على النظام يسحبون أولادهم منها.. وشائعات عن تغريم ذوي الطلبة المتخلفين
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
استمر توتر الأوضاع في سوريا، أمس، مع بدء العام الدراسي الجديد، حيث تحولت المدارس إلى أماكن للتجمع والتظاهر، في تحد جديد بدأ يفرض نفسه على النظام. وما بين دعوات المحتجين إلى الإضراب والامتناع عن إرسال أولادهم إلى المدارس، وبين موقف النظام الذي لا يريد تنفيذ الإضراب المدني، وفي الوقت ذاته غير قادر على منع التظاهر في حرم المدارس، ولا حتى في محيطها، سحب عدد كبير من الأثرياء والموالين للنظام، وحتى مسؤولين في النظام، أبناءهم من المدارس الخاصة التي افتتحت في سوريا بكثافة خلال السنوات القليلة الماضية، وتعود ملكيتها لمسؤولين أو لمقربين من النظام.
ويقدر عدد التلاميذ في سوريا بـ5.6 مليون طالب، أي ما يعادل ربع سكان البلاد، وهناك نحو 390 ألف مدرس يتوزعون على 22.500 مدرسة.
وقالت مصادر محلية في دمشق، إن عددا غير قليل، وبالأخص من يحمل جنسيات أجنبية، أرسل أبناءه إلى الخارج لمتابعة الدراسة، ومنهم من بقي في دمشق لكنه، لدواع أمنية، وخشية استهداف تلك المدارس، لم يرسل أبناءه إليها، مشيرة إلى أن نسبة كبيرة من صفوف تلك المدارس فارغة.
وعلى صعيد الشارع الذي يشهد حراكا عاصفا، لا سيما في المناطق الساخنة، فإن الأهالي، لأسباب أمنية، متخوفون من إرسال أبنائهم خشية تعرضهم لرصاص القناصة المنتشرين على الأبنية، أو اعتقالهم من المدارس. وسرت شائعات في الشارع السوري عن نية الحكومة تغريم ذوي كل طالب يتخلف عن الالتحاق بالمدرسة بمبلغ ألف دولار، الأمر الذي نفته مصادر تدريسية في دمشق، وقالت إن ذلك عار عن الصحة، لافتة إلى أن أساس الشائعات هو وجود مواد في القانون السوري تخص التعليم الإلزامي، وتنص على فرض عقوبات بحق الولي الممتنع عن إرسال ولده إلى المدرسة، بعد إنذار من قبل مكتب التعليم الإلزامي، وتبليغه رسميا خلال عشرة أيام، وغرامة قدرها 500 ليرة سورية (أكثر من 10 دولارات)، وفي حال التكرار بالحبس مدة لا تتجاوز الشهر وبغرامة لا تتجاوز 1000 ليرة (أكثر من 20 دولارا)، كما يؤكد القانون السوري متابعة الطفل واستمراره في التعليم، وحمايته ومنعه من التسرب، ويمكن تحريك الدعوى العامة بطلب من الوزير بناء على اقتراح مكتب التعليم الإلزامي بالمحافظة.
وقال ناشطون إن طلاب إحدى المدارس في حي الإنشاءات، قاموا بتمزيق صورة الرئيس المطبوعة على غلاف دفتر التفقد، وعندما لم تتمكن إدارة المدرسة تحديد أسماء من قام بذلك، قامت بمعاقبة طلاب الشعبة التي حصلت فيها الحادثة، بالفصل لمدة ثلاثة أيام.
وفي دوما التي رفض أهلها إرسال أبنائهم إلى المدارس، سموا العطلة الصيفية التي انتهت بعطلة حتى إسقاط النظام. ولم تتردد قوات الأمن في اقتحام مدارس في حي برزة في دمشق، لاعتقال طلاب تظاهروا لمدة خمس عشرة دقيقة في ثلاث مدارس في وقت واحد، كما لم يتوقف إطلاق الرصاص في منطقة الحولة في حمص (وسط)، يوم أمس، حتى على المظاهرات الطلابية.
كما خرجت مظاهرات طلابية من مدارس الحولة، ضد الذهاب إلى المدارس قبل سقوط النظام، وفي مدينة حمص خرجت مظاهرات طلابية من عدة مدارس، وفي حي دير بعلبة توجهت الدبابات للمرة الثانية خلال يومين نحو مدرسة عبد الرحمن بن عوف لتفريق مظاهرة طلابية، وفي منطقة البياضة قال ناشطون إن مديرة مدرسة إحدى ثانويات البنات، قامت بطرد عدد من الطالبات بعد أن أعطتهن الأضابير الخاصة بهن، والقول لهن ابحثن عن مدرسة أخرى «تحويكم».
وعلى الرغم من الحملة الشرسة التي تشنها قوات الأمن والجيش في ريف درعا، فإن طلاب المدارس خرجوا في بلدة الحراك، يوم أمس، في مظاهرة، وهتفوا: «لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الخسيس»، وفي حي السبيل خرجت مظاهرة طلابية من مدرسة المتفوقين، نادت بإعدام الرئيس، ونصرة لحمص والمدن السورية، واستمرت على الرغم من تهديد مدير المدرسة عبر مكبرات الصوت.
كما خرجت مظاهرات طلابية كثيرة في عدة مناطق في البلاد، من محافظة إدلب إلى ريف دمشق وحي برزة في دمشق، وقال ناشطون إن طلابا تظاهروا في ثلاث مدارس في برزة في وقت واحد، وهتفوا: «لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس»، واستمرت المظاهرات نحو 15 دقيقة، بعدها اقتحمت قوات الأمن المدارس وقامت باعتقال عدد من الطلاب بعد ضربهم بشدة.
 
اللاذقية تقطعها الحواجز العسكرية والأمن والشبيحة يحكمون قبضتهم عليها
تعتبر ثاني مدينة تخرج للتظاهر بعد درعا.. والنظام سعى لإحداث فتنة طائفية
بيروت: «الشرق الأوسط»
بعد الضربة العسكرية الشرسة التي وجهتها دبابات الجيش السوري إلى مخيم الرمل الجنوبي في مدينة اللاذقية، صارت المدينة الساحلية، التي لا تتجاوز مساحتها 58 كيلومترا مربعا ويبلغ عدد سكانها 650 ألف نسمة، خاضعة لحصار أمني مشدد؛ فالأحياء التي كانت تخرج منها المظاهرات المطالبة برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الصليبة والعوينة والقلعة والرمل والسكنتوري والطابيات وقنينص، تم تقطيعها بحواجز أمنية وعسكرية؛ حيث يخضع كل من يمر على هذه الحواجز من السكان إلى تفتيش دقيق ويتعرض للإهانة والإذلال على يد عناصر الأمن والشبيحة الذين يحملون قوائم بأسماء المطلوبين من ناشطين ومشاركين في المظاهرات المطالبة بالحرية.
ويلفت مهند، أحد منظمي المظاهرات في حي الصليبة، إلى أن «اللاذقية كانت المدينة الثانية التي تخرج بعد درعا للمطالبة بالحرية والديمقراطية؛ حيث شهدت مظاهرات حاشدة وحضارية، إحداها ضمت ما يقارب 15 ألف متظاهر»، موضحا أن «الشعارات كلها كانت تنادي بالوحدة الوطنية وتدعو العلويين والمسيحيين للمشاركة في طلب الحرية والعدالة، لكن الأمن تعامل مع هذه المدينة بشراسة ودموية وارتكب الكثير من المجازر بحق المتظاهرين السلميين».
كانت اللاذقية قد شهدت، منذ اندلاع الانتفاضة السورية، الكثير من المجازر، أبرزها مجزرة المحطة التي يقدر ناشطون عدد ضحاياها بما يتجاوز 50 ضحية، كما شهد حي الطابيات المحاذي للبحر مجزرة مروعة. وأظهرت أشرطة فيديو تم بثها على مواقع الإنترنت منذ فترة جثثا مدماة أمام قهوة العلبي وسط حي الصليبة، إلا أن المجزرة الكبرى التي شهدتها المدينة، وفق ما يرويه ناشطون، كانت أثناء الهجوم على حي الرمل، الذي تقطنه أعداد كبيرة من الناس وشهد قصفا عنيفا وعشوائيا من جهة البحر، مخلفا الكثير من الضحايا والجرحى.
ويشير مهند، المختبئ في مكانه منذ 3 أشهر، إلى أنه «لم تتوقف في المدينة حملات الاعتقال والمداهمة بحق ناشطين شبان جامعيين شاركوا بالمظاهرات المطالبة بالحرية، وأحيانا يقوم الأمن والشبيحة بحملات اعتقال عشوائية تطال جميع الناس الموجودين في المكان من أجل ترويع السكان وإخافتهم». وينتقد غياب وسائل الإعلام عن تغطية أخبار المدينة بشكل جيد، قائلا: «هناك من يموت تحت التعذيب، وهناك مظاهرات تخرج بشكل صغير على الرغم من الحصار الأمني المشدد، وذلك كله لا يخرج في الإعلام بسبب اهتمام الفضائيات بأماكن يرتفع فيها منسوب التوتر أكثر».
وعن الوضع الطائفي في المحافظة التي تبعد نحو 385 كم من الشمال الغربي للعاصمة دمشق، يقول مهند: «شهدت المدينة، منذ بداية الأحداث، بعض المناوشات الطائفية، لكنها انتهت بسرعة؛ فقد سعى النظام حينها إلى تحريض طرف ضد طرف وإشعال الفتنة بينهما، لكنه فشل». ولا يخفي الناشط، الذي ينتمي إلى الطائفة السنية ويعيش في حي ذات غالبية سنية، مخاوفه من اشتعال الوضع الطائفي في المدينة، والتي يتقاسم أحياءها السنة والعلويون مع توزع لأقلية مسيحية في جميع الأحياء. ويقول في هذا الإطار: «لا يمكن نكران المشهد العام للمدينة، كل الأحياء المحاصرة التي تشهد اعتقالات ومداهمات وتصفيات جسدية هي سنية الانتماء، في وقت تعيش الأحياء العلوية حياة طبيعية، لكن ذلك ليس معناه أن العلويين ضد السنة أو العكس، هناك أسباب معقدة وعميقة لهذا المشهد، لكن لا يمكن ضبط التأثيرات المباشرة وهذا ما يخيف».
ويعتب الناشط، الذي ينسق مع أصدقاء علويين معارضين من أجل تنظيم مظاهرة مشتركة، على مثقفي الطائفة العلوية في المدينة، خصوصا المعارضين منهم، ويسأل: «لماذا لم نقرأ لهم بيانا أو تصريحا أو مقالا يحرج النظام الحاكم الذي يتلاعب بالورقة الطائفية ويحاول أن يوحي أنه يحمي الطائفة؟ لماذا قرأنا مثلا مقالا للمعارض ميشيل كيلو بعنوان (دعوة المسيحية إلى العقل)، انتقد فيه موقف المسيحيين من الثورة ولم نقرأ مقالا لأحد مثقفي الطائفة العلوية يدعوها أيضا للعقل كما يدعوها للانضمام إلى الثورة؟».
يُذكر أن اللاذقية شهدت في اليومين الأخيرين حملة اعتقالات واسعة تركزت في أحياء الرمل الجنوبي وشارع أنطاكية، كما تم اقتحام حي قنينص من قبل الأمن والشبيحة، وقتل إثر الاقتحام الشاب عامر فؤاد زرطيط (24 سنة)، وهو خريج معهد صناعي، وذلك بعد أن تعرض لضرب وحشي ومبرح من قبل قوات الأمن والشبيحة الذين انتشروا بكثافة في الحي.
 
المعارض جورج صبرا بعد 60 يوما على اعتقاله: المعتقلون بالآلاف.. وكثيرون تعرضوا للتعذيب
قال لـ«الشرق الأوسط»: ظروف الاعتقال كانت بالغة السوء
بيروت: بولا أسطيح
أطلق قاضي التحقيق في مدينة قطنا في ريف دمشق سراح المعارض السوري عضو حزب الشعب الديمقراطي، جورج صبرا، بعد 60 يوما على اعتقاله واحتجازه في أقبية الأمن العسكري في العاصمة السورية دمشق.
وقال صبرا لـ«الشرق الأوسط»: «جرى اعتقالي من منزلي منتصف ليل 19 يوليو (تموز) الماضي بتهمة الحض على التظاهر وتم نقلي بعدها إلى العاصمة دمشق؛ حيث تم التحقيق معي لمدة شهرين. بالأمس وقفت أمام قاضي التحقيق في مدينة قطنا وهو أقر بإطلاق سراحي مع استمرار المحاكمة، وبالتالي بوجوب محاكمتي طليقا».
ولفت صبرا إلى أنه: «ومن ضمن التهم التي سيقت إلي: إعطاء تصريحات لفضائيات ووسائل إعلام أجنبية توهن عزيمة الأمة»، وعما إذا كان قد نفى التهم الموجهة إليه، قال صبرا: «نحن لا ندعو للتظاهر، بل نؤيد المتظاهرين ومطالب الشعب. هذه المرة الثالثة التي أدخل فيها سجون بلادي بإطار التعبير عن حقنا وحق الشعب السوري بالديمقراطية والحرية وبتقرير مصيره، وأنا لن أتخلى عن هذه الثوابت التي أؤمن بها والتي تشكل أهدافا كبرى لمعظم السوريين. أنا عضو في حزب الشعب الديمقراطي السوري، وبالتالي في المعارضة السورية وملتزم بدعواتها ومقرراتها».
وتحدث صبرا عن المعاملة التي تعرض لها وظروف اعتقاله فقال: «أنا شخصيا لم أتعرض للتعذيب، والمعاملة بالإجمال كانت جيدة، لكن ظروف الاعتقال كانت بالغة السوء، فقد تم احتجازي مع آلاف المعتقلين السياسيين في أقبية الأمن العسكري»، موضحا أن «الكثير من المعتقلين يتعرضون لمعاملة سيئة وفي بعض الأحيان للتعذيب».
كان المحامي خليل معتوق، رئيس المركز السوري للدفاع عن المعتقلين، أول من أعلن عن عملية الإفراج عن صبرا المتهم «بالمساس بمعنويات الدولة وتحريض الناس على التظاهر» ضد نظام الرئيس بشار الأسد. يُذكر أن المعتقلين السياسيين في سوريا يقدمون للمحاكمة أمام محاكم عسكرية عملا بقانون الطوارئ، وهناك عدد آخر منهم ممنوع من السفر، وعموما فإن الحكومة السورية تقول إن ملف المعتقلين السياسيين قد أغلق بالكامل بعد صدور عفو عام عن جميع هذه «الأفعال الجرمية» حسب القانون السوري في 1 يونيو (حزيران) ثم 20 يونيو 2011. كان الرئيس السوري بشار الأسد قد أعلن في يونيو الماضي عفوا عاما يشمل الإخوان المسلمين والمعتقلين السياسيين، وقد تم الإفراج عن المئات، بينما يبقى الآلاف يقبعون في أقبية الأمن العسكري.
 
الأمم المتحدة: أكثر من 3500 لاجئ سوري سجلوا أسماءهم في لبنان
بعضهم قرر عدم العودة ما دامت حكومة الأسد في السلطة
بيروت - لندن: «الشرق الأوسط»
ذكر تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من 3500 لاجئ سوري فارين من الحملة العسكرية ضد المحتجين المؤيدين للديمقراطية سجلوا أنفسهم مع الأمم المتحدة في لبنان؛ حيث وصل أكثر من 600 لاجئ جديد الأسبوعين الماضيين.
وذكر تقرير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الذي نشر الجمعة الماضي، أن 3580 نازحا سوريا سجلوا أسماءهم في شمال لبنان منذ أن نزل المحتجون أول مرة إلى الشوارع للمطالبة بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد منتصف مارس (آذار).
وقال التقرير، الذي بثته وكالة «رويترز» أمس: «إن معظم السوريين الذين نزحوا من قراهم في الأسابيع الأخيرة دخلوا لبنان من المعابر الحدودية الرسمية منذ فرض حراسة مشددة على المعابر الحدودية غير الرسمية من جانب السلطات السورية»، وأضاف: «عبَّر البعض عن قلقهم من أن انخفاض عدد المعابر التي يمكنهم استخدامها قد يمنع أشخاصا من مغادرة سوريا خوفا من تقديم أسمائهم إلى السلطات السورية عند النقاط الرسمية التي بقيت مفتوحة».
ويعرف وادي خالد، وهو منطقة جبلية في شمال لبنان يبقى فيها لاجئون، بأنه قاعدة تهريب؛ لأن البنزين وسلعا غذائية معينة أرخص سعرا في سوريا.
وقال سكان: إن التحركات غير الرسمية عبر الحدود كانت غير واضحة قبل الأزمة، لكن بعض اللاجئين السوريين يشكون من تقطع السبل بهم في وادي خالد؛ حيث يمكن أن يراهم الجيش السوري عبر الحدود. ويقول كثيرون إنهم يخشون الاعتقال إذا حاولوا العودة.
وأفاد التقرير بأن معظم النازحين السوريين يقيمون مع أسر مضيفة، لكن نحو 100 شخص يقيمون في مدارس.
وتقول الأمم المتحدة: إن 2600 شخص قُتلوا منذ أن ثار السوريون على الأسد قبل 6 أشهر، مستلهمين انتفاضات أطاحت برئيسي مصر وتونس وأطاحت الآن بالعقيد الليبي معمر القذافي.
وتلقي السلطات السورية باللائمة في أعمال العنف على جماعات مسلحة وتقول إن 700 جندي وشرطي قتلوا.
وتمنع سوريا غالبية وسائل الإعلام الدولية من العمل في البلاد، مما يجعل من الصعب التحقق من مصادر مستقلة من روايات الشهود والمسؤولين. وقال الجيش اللبناني: إن جنود الجيش السوري عبروا الحدود مسافة 200 متر داخل الأراضي اللبنانية الأسبوع الماضي أثناء ملاحقة سوريين فارين، وذكر بيان للجيش اللبناني أن الجيش توجه، على الفور، إلى المنطقة ليجد أن وحدة الجيش السوري عادت إلى الأراضي السورية، مضيفا أن الجنود السوريين واصلوا إطلاق النار داخل لبنان بعد تراجعهم.
ويقول بعض اللاجئين، خاصة الرجال، إنهم لن يعودوا إلى سوريا ما دامت حكومة الأسد في السلطة.
 
اتهامات بالتقصير في متابعة شؤون النازحين السوريين في لبنان.. وتحذيرات «مما لا تحمد عقباه»
ممثل الهيئة العليا للإغاثة لـ«الشرق الأوسط»: معيارنا في الرعاية الطبية أن يكون النازح مسجلا وبحاجة إلى مساعدة فعليا
بيروت: ليال أبو رحال
حملت أوساط ميدانية متابعة لشؤون النازحين السوريين في شمال لبنان على ما اعتبرته «مماطلة في متابعة شؤون بعض النازحين الصحية والاستشفائية»، معددة حالات عدة «اضطر فيها المرضى إلى الانتظار على الرغم من أوضاع صحية حرجة يعانون منها، وذلك نتيجة الإجراءات الروتينية التي تتبعها الهيئة العليا للإغاثة، التي يفترض الحصول على موافقة مسبقة منها، وهي الهيئة المكلفة رسميا من الحكومة اللبنانية، متابعة شؤون النازحين».
وأبدت هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» خشيتها من أن «يؤدى هذا التأخير في علاج بعض الحالات إلى ما لا تحمد عقباه، لا سيما أنه ليس بمقدور النازحين التوجه بأنفسهم إلى المستشفيات القريبة للمعالجة، بسبب عدم توفر الأموال ووسائل النقل»، منتقدة «تقاعس الهيئة العليا للإغاثة عن القيام بواجباتها كاملة في هذا السياق».
وبينما لا تنكر مصادر في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، «وجود بعض النواقص في فترات سابقة وحصول انتظار طبيعي بسبب هذا النقص والغياب في الطاقات»، فإنها تجزم في الوقت عينه بأن «كل من يحتاج إلى عناية طبية يحصل عليها وفق الأصول». وكانت المنظمة وبهدف تلافي أي تقصير من الناحية الطبية، وللتنسيق بين كل الهيئات المعنية بالرعاية الصحية، تعاقدت مع منظمة (IMC) العالمية، وهي منظمة طبية متخصصة، لإدارة الشؤون الصحية للنازحين بدءا من مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.
وأشار التقرير الدوري الذي تصدره مفوضية شؤون اللاجئين ويلخص وضع النازحين في الفترة الممتدة بين 8 و16 سبتمبر إلى أنها أطلقت وشركاؤها التنفيذيون بالتعاون مع منظمة «IMC» مشروعا في عكار لتحسين حصول النازحين على الدرجة الثانية والثالثة من الرعاية الصحية في المستوصفات والمستشفيات والمنظمات غير الحكومة المتخصصة. وأوضحت أن «الهيئة العليا للإغاثة تواصل تغطية تكلفة الرعاية الصحية للدرجتين الثانية والثالثة، بينما تتكفل المفوضية ومنظمة (IMC) ببعض النفقات التي لا تغطيها الهيئة العليا للإغاثة».
وذكر التقرير أن الشركاء الـ3 تعاقدوا مع مستشفى السلام في القبيات (وهو المستشفى الأقرب إلى الحدود السورية)، ومع عدد من المستشفيات في حلب وطرابلس، لتقديم خدمات الرعاية الصحية من الدرجة الثانية للنازحين. في موازاة ذلك، يجزم منسق أنشطة الهيئة العليا للإغاثة لمتابعة شؤون النازحين في شمال لبنان، محمد مملوك، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بأن «الهيئة لم ترد حتى اللحظة أي أحد من النازحين في موضوع الاستشفاء، من المسجلين في سجلاتها»، مؤكدا أن «الهيئة تقوم بواجباتها كاملة وتتابع فرقها الوضع الميداني عن كثب».
ويشير إلى أن «الهيئة تقدم العديد من الخدمات الطبية وتوفر مستلزمات العناية الصحية الأولية للنازحين السوريين (أدوية الحرارة والألم والإسهال...)، فضلا عن التعاقد مع مستوصف تابع لجمعية المقاصد يؤمن معاينات مجانية وأدوية بأسعار رمزية».
وتعليقا عن اتهام الهيئة بالتقصير في التعاطي مع بعض الحالات المرضية للنازحين، يوضح مملوك «إننا نأخذ بعين الاعتبار تاريخ دخول المسجلين إلى لبنان»، ويقول في هذا السياق: «للأسف يحاول البعض إساءة استخدام المساعدات الطبية، بمعنى أنه يدخل نازح إلى لبنان ويسجل اسمه لدينا، ثم يحضر في اليوم الثاني ويبلغ عن معاناته من مشكلة صحية وأنه بحاجة إلى استشفاء». ويلفت إلى أنه «إذا كانت الحالة عبارة عن إصابة بكسور نتيجة إصابته أثناء عبوره الحدود يبدو ذلك بوضوح، لكن ما يحصل هو دخول نازحين وتسجيل أسمائهم لدى الهيئة، ثم يتقدمون في اليوم التالي ليبلغوا عن حاجتهم إلى عمليات سريعة كالقلب أو الكلى وما شابه ذلك...». ويؤكد في الوقت عينه أن «مستشفى رحال في منطقة حلبا في عكار عالج وحده نحو 60 حالة استشفاء من ولادات وعمليات جراحية».
ويختصر مملوك معايير التعاطي من الناحية الصحية مع النازحين بمعيارين اثنين: «أن يكون مسجلا لدى الهيئة العليا للإغاثة، وأن يكون بحاجة فعليا إلى هذه المساعدة»، مثنيا على الاتفاق الذي تم عقده مع منظمة «IMC» من أجل المساعدة في تقديم الخدمات الطبية ولمساعدة المستوصفات والمراكز الطبية في تقديم العناية الطبية اللازمة للمرضى.
وعن عدد النازحين المسجلين لدى الهيئة العليا للإغاثة، يلفت إلى أن الأرقام شبه متوافقة مع مفوضية شؤون اللاجئين، أي قرابة 3500 نازح، مشيرا إلى أن «ائتلاف الجمعيات الخيرية في الشمال يتحدث عن وجود قرابة 5000 نازح في لبنان، ونحن نسعى في الوقت الحالي إلى مقارنة الأسماء مع جداول ائتلاف الجمعيات لمعرفة عدد غير المسجلين فعليا لدينا وأماكن وجودهم». وكان عدد النازحين السوريين إلى لبنان بلغ وفق الإحصاء الأخير لمفوضية شؤون اللاجئين 3580 نازحا حتى الرابع عشر من الشهر الحالي. ورصدت المفوضية في تقريرها الأخير حول أوضاع النازحين «دخول نازحين جدد إلى لبنان في الأسبوعين الأولين من الشهر الحالي، وتحديدا من قرى هيت وتلكلخ في حمص»، موضحة أنهم «دخلوا بمعظمهم من خلال المعابر الحدودية بعد تشديد الجانب السوري حراسته على نقاط العبور غير الشرعية».
وذكر التقرير أن المفوضية والهيئة العليا للإغاثة وسعا نطاق عملهما إلى طرابلس، حيث يعيش عدد من النازحين السوريين في ظل ظروف صعبة. ولا يزال نحو 100 نازح سوري يعيشون في مدرستين في وادي خالد، بعد أن أعيد تأهيلهما لاستقبال النازحين وتوفير الحاجيات الأساسية. يوضح التقرير أنه «انطلاقا من مناقشات مع عدد من النازحين في قرية الهيشة في وادي خالد، تبين أن واحدة من الاحتياجات الأكثر إلحاحا لدى الرجال كانت الحصول على إذن بالتنقل للتحرك بحرية وتحسين أحوالهم المعيشية، مما دفع الهيئات والمنظمات الناشطة إلى تنظيم عدد من الأنشطة النفسية والاجتماعية، كالحوارات والنشاطات الترفيهية والمهنية، تستهدف النازحين».
من ناحيتها، توزع الهيئة العليا للإغاثة حصصا غذائية لكل عائلة شهريا، تزن 75 كيلوغراما، وتم تعديل مكوناتها لناحية تنوعها وفق احتياجات النازحين. كما يحصل النازحون على حصص نظافة وعناية صحية أولية.
 
مصادر عربية بارزة: توجه تركي غير مباشر لدعم الثوار وتفكيك الجيش السوري
قالت لـ «الشرق الأوسط»: الأذرع الإيرانية في سوريا ولبنان وفلسطين ستنتقل إلى العراق إذا سقط الأسد
القاهرة: سوسن أبو حسين
تحدثت مصادر عربية بارزة في القاهرة، عما سمته اتجاها تركيا «غير مباشر» لدعم الثوار في سوريا، وتفكيك جيش الرئيس بشار الأسد، محذرة من أن عدم الاستقرار في دمشق يصب في مصلحة إيران، ويؤثر بالسلب على مستقبل المنطقة، خاصة في الخليج العربي.
وأفادت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أمس، مشترطة عدم تعريفها، بأن الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، ما زال «متمسكا بالحل السلمي» للأحداث الجارية في سوريا، ومنع أي تدخل أجنبي، إلا أن المصادر نفسها قالت في المقابل: «إن المبادرة العربية (لحل الأزمة) فشلت بامتياز، نظرا لاحتجاج دمشق أكثر من مرة على البيانات الصادرة عن اجتماعات وزراء الخارجية العرب، المتعلقة بالوضع الداخلي في سوريا، مع استمرار استخدام العنف المسلح ضد المدنيين هناك».
ومع ذلك لم تستبعد المصادر أن يتناول اجتماع وزراء الخارجية العرب الملف السوري، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد غد الخميس، في نيويورك لبحث تدابير جديدة تساعد في الحل، مشيرة إلى أنه ينبغي على دمشق أن لا تتجاهل الحوار مع المعارضة السورية، وألا تعتبر بيانات الجامعة العربية تدخلا في شأنها «لأن من بين مهام الجامعة الحفاظ على أمن واستقرار الدول الأعضاء في الجامعة».
وقالت هذه المصادر إن ما يحدث في سوريا يؤدي إلى توتر الأجواء السياسية في العراق؛ «لأن تغيير النظام وسقوط الأسد سيكون له تداعياته في تغيير الخريطة السياسية»، وذكرت المصادر أن «هناك انزعاجا كبيرا من شيعة العراق لما يحدث في سوريا، وفي المقدمة نوري المالكي».
وحول هذا الموضوع أضافت المصادر أن «المتضرر الأساسي مما يحدث في سوريا هو العراق، لعدة أسباب، في مقدمتها أن كل الأذرع الإيرانية الممتدة في سوريا ولبنان وفلسطين سوف تنتقل إلى كامل العراق، وتحمله أعباء توتر جديدة قد تنطلق إلى دول بالخليج».
وردا على سؤال عما إذا كانت تتوقع تصعيدا أوروبيا وأميركيا يدفع لتدخل عسكري (غربي) في سوريا، على غرار السيناريو الليبي، قالت المصادر: «إن هناك دفعا بالتدخل التركي غير المباشر في سوريا، من خلال (محاولة) تفكيك الجيش السوري، وتقديم دعم فني وسلاح للثوار حتى يسقط نظام الأسد»، لكن هذه المصادر استبعدت تكرار السيناريو الليبي في سوريا، مشيرة إلى أن «التدخل الأجنبي له تداعيات سلبية على كل دول المنطقة، وأن القرارات الدولية تنحرف عن طريقها وبنودها في التطبيق».
وقالت المصادر إنه في حالة ليبيا، على الرغم من استبعاد دخول قوات برية، فإن قوات برية من بريطانيا وفرنسا (لتقديم دعم لوجيستي) دخلت بالفعل وفتحت الطريق لدخول ثوار ليبيا باب العزيزية (مقر القذافي في طرابلس).
ووفقا للمصادر نفسها، من المتوقع مشاركة وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، في الاجتماع العربي الذي سيعقد على هامش اجتماع الأمم المتحدة، خاصة أن المعلم سوف يترأس وفد بلاده إلى الجمعية العامة، مشيرة إلى أن دمشق سوف تسعى في اجتماع الأمم المتحدة لحماية نفسها من مزيد من العقوبات الدولية، وتحاول الخروج من العزلة الدولية، التي أصبحت تحيط بها بسبب الممارسات القمعية ضد أبناء الشعب السوري، المطالبين بإسقاط حكم الأسد.
 
المعارض السوري هيثم بدرخان: روسيا تخلت عن كل حلفائها ولن تهتم كثيرا إذا سقط الأسد
قال لـ «الشرق الأوسط»: موسكو انتقدت بثينة شعبان بعد إدلائها بنصائح وكأن الروس في الحقبة السوفياتية
القاهرة: هيثم التابعي
اعتبر المعارض السوري هيثم بدرخان أن الموقف الروسي حيال الأزمة في سوريا تغير كثيرا منذ بداية الاحتجاجات الواسعة التي ضربت المدن السورية منذ 6 أشهر.
ووصف بدرخان، الذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الدولية لفيدرالية المغتربين لعموم روسيا، الموقف الروسي الحالي بأنه قريب إلى ما يسمى المعارضة المعتدلة في سوريا وأنه لا يهتم كثيرا بسقوط النظام السوري بعكس ما يعتقد الكثيرون، فبدرخان يعتقد أن موسكو التي تخلت عن كل حلفائها من قبل، لن تضحي كثيرا من أجل نظام بشار الأسد.
ويعتقد بدرخان أن أولى علامات التغيير في الموقف الروسي تكمن في تنظيم المعارضة السورية مظاهرة رمزية أمام السفارة السورية في موسكو كانت مقررة أمس، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ فترة كان من المستحيل السماح للمعارضة السورية بالتظاهر أمام السفارة السورية؛ لكن السلطات الروسية سمحت الآن وهو دليل كبير على حدوث تغيير في سياساتها».
وأرجع بدرخان ذلك لرغبة موسكو في الانفتاح على جميع الأطراف في سوريا، مضيفا: «باعتقادي أن أكبر الدلائل على ذلك، كان التعليق القاسي الذي أدلى به رئيس لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الروسي بعد لقائه مع بثينة شعبان المستشار السياسي للرئيس الأسد»، حيث قال بدرخان: «انتقد تصرفاتها علانية»، واصفا مباحثاتهما بـ«أنها أرادت تقديم النصائح للنظام الروسي وكأنهم في الفترة السوفياتية».
وكان وفد نيابي روسي قد وصل إلى دمشق الجمعة الماضية على أن يلتقي في وقت لاحق الرئيس السوري بشار الأسد وممثلين للمعارضة في محاولة لبدء عملية تفاوض بشأن الأزمة في سوريا، وهو ما علق عليه بدرخان قائلا: «الوفد البرلماني الذي وصل إلى سوريا يصر على التجول في سوريا بناء على طلبه وليس كما تريد السلطة». واستشهد بدرخان بتصريحات السيناتور زياد السبسبي الذي يزور سوريا ضمن الوفد، وهو من أصل سوري، الذي قال فيها: «إن موسكو مفتوحة أمام السلطة والمعارضة السورية من أجل الحوار البناء وتحقيق مطالب الشعب السوري».
وكان بدرخان قريبا من وفد المعارضة السورية الذي زار موسكو قبل أسبوعين ممثلا للمؤتمر السوري التغير، وهو اللقاء الذي يعتقد بدرخان أنه شهد حوارا بناء في جو من التفاهم والارتياح بين الطرفين وتفهم لمطالب المعارضة السورية. وكشف بدرخان أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ ميخائيل مارغيلوف أكد أنه خلال شهر ربما سيحدث تغير ما في الموقف الروسي.
لكن بدرخان يرى أن التغير في الموقف الروسي ليس فارقا بالدرجة التي تحدث تغييرا على الأرض، حيث قال: «روسيا تلعب الدور المخصص لها وسيتغير هذا الدور وفقا لضرورة المرحلة فعلاقاتها مع الغرب وارتباط اقتصادها الأساسي مع الدول الأوروبية وأميركا يلعب الدور الأكبر في تشكيل توجهها». وأضاف قائلا: «خاصة أنها ليست بمكان من القوة لتفرض سياستها في كثير من الأمور، فهي لا تمتلك إلا حق الفيتو كونها من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن»، لكنه استدرك قائلا: «لكن موقفها اليوم قريب إلى ما يسمى المعارضة المعتدلة في سوريا، على الأقل هي تستمع لكل الأطراف».
ورغم ذلك، يعتقد بدرخان أن روسيا اليوم في الدرجة الأولى مهتمة بترتيب بيتها الداخلي بشكل يفوق اهتمامها الخارجي. وقال بدرخان: «أرى أن موسكو تتجه في سياستها الخارجية نحو رابطة الدول المستقلة وهي لا تهتم كثيرا بسقوط النظام في سوريا بقدر ما هو موقف دعاية لها، بمعنى أنها لا تتخلى عن أصدقائها بسهولة»؛ لكنه تابع قائلا: «سوريا هي ورقة التوت الأخيرة من حلفاء روسيا، فموسكو تخلت عن العراق ويوغسلافيا وليبيا، لذا فسوريا لن تكن هذه الدولة التي ستضحي من أجلها».
ويعتقد بدرخان أن موسكو ستتخلى عن نظام بشار الأسد حينما تشعر أنه قارب على الانتهاء؛ لكنه يقول: «إن ذلك سيعتمد على ضغط المعارضة وحجم الضمانات التي ستقدم لها لضمان مصالحها في سوريا».
وقال بدرخان: «أرى أن الثورة السورية ستكون بوضع أفضل من باقي ثورات الربيع العربي، فهي اليوم تهز أركان النظام من القاعدة إلى القمة بعكس ما حصل في دول الربيع العربي».
وعلى عكس الكثير من المراقبين السياسيين يرى بدرخان أن المعارضة السورية بدأت تتقارب أكثر في مواقفها، وأن الضغط الدولي الذي تمارسه على النظام سيؤتي ثماره في النهاية، رغم القتل البشع الذي تمارسه القوى الأمنية وأجهزة النظام من وجهة نظره، قائلا إن «المعارضة هي التي تجبر المجتمع الدولي ليغير رأيه ورغم التباين الكبير بينها فهي مصرة على مطالبها، ولا أحد يستطيع الوقوف أمام شعب أعزل يريد انتزاع حريته وكرامته ولا يكمن للمجتمع الدولي أن يصمت أمام قتل المواطنين العزل في أي مكان».
ولا تزال روسيا تعارض صدور أي قرار عن مجلس الأمن يدين نظام بشار الأسد على قمعه العنيف للانتفاضة وتكتفي بدعوة النظام والمعارضة إلى ضبط النفس، لا بل أشارت روسيا إلى وجود «إرهابيين» ناشطين داخل المعارضة السورية ولا تجد ضرورة لممارسة «أي ضغط إضافي» على دمشق، وتطالب النظام في المقابل ببدء تطبيق إصلاحات.
 
خبير اقتصادي سوري: فرض مقاطعة اقتصادية شاملة ضد النظام سيكون موجعا
ماخوس عضو «تجمع 15 مارس» لـ «الشرق الأوسط»: أغلب العلويين لا يؤيدون النظام لكنهم يخشون التنكيل
القاهرة: هيثم التابعي
في الوقت الذي تتواصل فيه العقوبات الأوروبية الاقتصادية على نظام بشار الأسد، اعتبر البروفسور منذر ماخوس، أستاذ اقتصاد الطاقة بجامعة باريس، أن ما سيكون موجعا جدا للنظام السوري، هو فرض مقاطعة اقتصادية شاملة ضد دمشق، مقللا من شأن العقوبات الأخيرة التي يعتقد أن النظام السوري تجاوز آثارها، واعتبر ماخوس، وهو أكاديمي سوري ينتمي للطائفة العلوية، أن الحل الوحيد لإسقاط النظام هو أن ينشق القادة العلويون في الجيش ضد النظام.
ويعتقد ماخوس أن النظام السوري لم يتأثر بالعقوبات الاقتصادية الأخيرة المفروضة عليه، مقللا من أثر العقوبات النفطية بحق دمشق، حيث أوضح أن دمشق يمكنها بسهولة الالتفاف حول حظر استيراد النفط المفروض عليها، قائلا: «يمكن لدمشق بيع النفط عبر المضاربين في الأسواق النفطية، مثلما فعل صدام حسين حين قام ببيع النفط عبر وسطاء، كما يمكنها بيع مصافي النفط نفسها»، وأضاف ماخوس، وهو أكاديمي ومهندس في مجال التنقيب والإنتاج البترولي: «كما أن الدول كثيفة استخدام النفط ستستغل الوضع، مثل الصين التي تستخدم نحو ثمانية ملايين برميل نفط يوميا، ويمكن إغواؤها عبر تخفيض سعر البرميل ولو نصف دولار، لأنه سيشكل رقما كبيرا لها على المدى البعيد».
وأوضح ماخوس أن المقاطعة الاقتصادية الشاملة ستكون موجعة جدا لدمشق، معتبرا أن الأفضل أن تتخذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا قرارات بحظر الاستيراد والتصدير الكامل مع سوريا، وهو ما سيكون موجعا للنظام وسيصيبه بالشلل الاقتصادي التام.
وكشف ماخوس عن أن النظام السوري سحب أغلب أمواله المودعة بالدول الغربية قبل فرض العقوبات عليه، ليتم تحويلها لبلدان أكثر أمنا، لتستقر في مصارف دبي وماليزيا وسنغافورة وعدة بلدان آسيوية أخرى، بالإضافة إلى روسيا، حيث قال ماخوس: «أكدت مصادر خاصة لي في روسيا، أن طائرات تهبط في مطارات صغيرة في موسكو، تحمل أطنانا من الدولارات لتخزينها في المصارف الروسية».
المثير أن البروفسور ماخوس، وهو منتم للطائفة العلوية، يقف في موقف مضاد تماما للنظام السوري، الذي يوصف دوما بالنظام العلوي، كاشفا عن أن معظم العلويين لا يناصرون النظام السوري، وقال ماخوس: «النظام السوري ليس نظاما علويا، ولكنه نظام مافيا يخلط الدين بالسياسية من أجل مصالحه الضيقة، وهم بعيدون كل البعد عن تعاليم الدين الإسلامي والمذهب العلوي، ما يحدث هو عبارة عن استغلال سياسي بامتياز للدين».
وأضاف أن «أغلب العلويين لا يؤيدون النظام السوري، ويقفون ضد أفعاله وتصرفاته بحق الشعب السوري»، لكنه استطرد قائلا: «هم لم يخرجوا في المظاهرات لأن الطائفة العلوية هي أكثر طائفة تعرضت للتنكيل والقمع من قبل النظام، وفقا لنسبة المعتقلين لعدد أفراد الطائفة»، وتابع قائلا: «النظام يعتقد أن العلويين ممنوع عليهم أن يعارضوا النظام، وأن عليهم أن يكونوا دوما في صفه، وأكبر مثال على ذلك هو قيام النظام بسجن الدكتور عارف دليلة لمدة تسع سنوات، على خلفية اشتراكه عام 2000 في الدعوة لتشكيل مجتمع مدني، على الرغم من أن بقية المعتقلين حكم عليهم لسنوات أقل بكثير»، معتقدا أن هذا الخوف هو الذي منع العلويين من الاشتراك في المظاهرات.
لكن ماخوس، عضو تجمع 15 مارس (آذار) من أجل الديمقراطية في سورية، يعتقد أن إثارة الموضوع الطائفي فعلا خطير، حيث قال: «الطائفية فزاعة يستخدمها النظام السوري دائما لتشتيت وحدة السوريين لصالحه، فهو يقوم بعملية تجييش طائفي واسعة، لإيهام الأقليات أنها في خطر، وأنه الحامي الأكبر لهم، وأن نتائج الثورة لن تكون في صالحهم، حيث سيتعرضون لاضطهاد الأكثرية» لكن ماخوس يؤمن بأن سوريا اليوم أصبحت وطنا لكل الطوائف والإثنيات، وهو ما قال إنه يتضح على الأرض بشكل كبير، فلا فارق بين السنة والشيعة، أو العرب والأكراد، الكل أصبح شركاء في الوطن، ويمكن فهم ذلك بوضوح من المظاهرات في الشارع التي ترفع شعار: «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد».
ويعتقد ماخوس أن الجيش السوري لا يزال مؤسسة متماسكة، وهو بالتعاون مع القوى الأمنية والشبيحة يسيطر على زمام الأمور بشكل كبير، وقال ماخوس: «التقسيم الهرمي للقيادة في الجيش السوري طائفي بشكل ساحق، فكل قادة الفرق علويون، الأغلبية الساحقة من قادة الألوية من العلويين، وتم إشراك كل قادة الجيش في التجارة والأعمال والبيزنس، وتوريطهم في القمع الوحشي الذي حدث في الثمانينات في حماه، وبالتالي فهم في شبكة علاقات النظام، ويؤمنون تماما بأنهم سيكونون معرضين لمحاكمات في المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم التي اقترفوها»، وهو ما جعله يقول إن الشكل العام الخارجي للنظام في سوريا طائفي، ولكن أصله داخليا قائم على شبكة المصالح والعلاقات، لا الطائفية.
ولا يعتقد ماخوس أن النظام السوري سيسقط بسهولة وفق توازنات القوى الحالية، ففي رأيه أن الجيش السوري يختلف تماما عن نظيره الليبي، فهو جيش ضخم قوامه ما يفوق الخمسمائة ألف مجند مدربين بشكل جيد، وفي حوزتهم عتاد حربي جيد، بالإضافة للأجهزة الأمنية التي يصل عددها إلى 17 جهازا، فضلا عن جيش الشبيحة، معتبرا أن سوريا دولة أمنية بما تحمله الكلمة من معنى، في مقابل شعب أعزل تماما.
 
سوريا.. معارضة الداخل
طارق الحميد
 
لا يملك المتابع للشأن السوري إلا التوقف أمام البيان الصادر عن مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في ريف دمشق بحضور قرابة 300 معارض بالداخل، حيث انطوى البيان على لغة لم يتعودها النظام الأسدي، ولم نتعود سماعها تصدر من مؤتمر يعقد داخل سوريا نفسها!
فقد جاء في البيان الختامي لمؤتمر المعارضة، الذي عقد في بلدة حلبون في ريف دمشق، أن «العامل الحاسم في حصول التغيير الوطني الديمقراطي بما يعنيه من إسقاط النظام الاستبدادي الأمني الفاسد هو استمرار الثورة السلمية للشعب السوري». وتابع البيان: «لذلك يدعو المؤتمر جميع القوى والفعاليات المشاركة وأصدقاءهم ومناصريهم إلى الاستمرار في الانخراط فيها وتقديم كل أشكال الدعم لها بما يساعد على استمرارها حتى تحقيق أهداف الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية».
فمن الصعب تصور أن النظام الأسدي قادر على تقبل مثل هذه اللغة، خصوصا عندما يتم وصف النظام بمؤتمر داخلي بعبارات مثل «الاستبدادي»، و«الفاسد»، وكذلك الدعوات للانضمام للثورة واستمرارها، والغريب بالطبع أن المؤتمر عقد داخل سوريا وصدر عنه ما صدر دون أن يهاجمه شبيحة النظام الأسدي، أو أن تقتحمه قوى الأمن الأسدية التي تقوم باقتحام حتى سرادق العزاء.
عليه، فإن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو: هل بات النظام الأسدي مرهقا وعاجزا عن ملاحقة المشاركين بمؤتمر المعارضة الداخلي، أم أن النظام سمح لهم بأن يجتمعوا من أجل تحقيق أهداف خاصة بالنظام الأسدي؟
أكثر المؤشرات ترجيحا هي أن النظام الأسدي تعمد غض النظر عن مؤتمر المعارضة الذي عقد بريف دمشق وخرج ببيان يدعو إلى استمرار الثورة، وضرورة إسقاط النظام الفاسد، والاستبدادي، بحسب البيان، من أجل إرسال رسالة إلى موسكو مفادها أن النظام الأسدي يمنح المعارضة السورية في الداخل فرصة للتحرك، عكس ما يقال عنه، وأنه لا يقمع ويقتل الجميع. فهل تساعد هذه الحيل النظام الأسدي من أجل كسب موقف موسكو؟ الإجابة السريعة هي لا، فنظام بشار الأسد أحرق كل الجسور مع الشعب السوري، والثورة السورية اليوم وصلت مرحلة اللاعودة، ولم يعد السوريون يخشون النظام الأسدي البوليسي الذي كان يخيف شباب سوريا قبل كبارها. وها هم طلاب المدارس الصغار يحرقون صور بشار الأسد، وكتب حزب البعث، ويرددون عبارات غير مسبوقة ولم يتوقع أحد أن يسمعها تردد علنا يوما ما في سوريا، بل إن السوريين أحرقوا حتى العلم الروسي.
لذا، فمهما تعددت مؤتمرات المعارضة السورية، داخليا أو خارجيا، وسواء كان للنظام الأسدي يد فيها أو لا، فإن الواقع يقول إن سوريا تغيرت، والتغيير فيها قادم، سواء اليوم أو غدا. فليس بوسع النظام الأسدي اليوم فعل الكثير، فمن يصدق أن نظام الحكم في سوريا يتحداه طلاب المدارس.. أمر كان يعد ضربا من ضروب الخيال، لكن هذا هو الواقع الذي أدركه الجميع باستثناء قلة قليلة داخل سوريا نفسها، وتحديدا النظام الأسدي وأتباعه. يبدو أنه يتعذر عليهم سماع أي شيء، وذلك نظرا لكثافة صوت الرصاص في محيطهم!

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,751,438

عدد الزوار: 6,912,832

المتواجدون الآن: 111