الجيش السوري يسد آخر منافذ الهروب من حماه ويحكم قبضته على المدينة

حماه مدينة أشباح.. وحمص ساحة حرب

تاريخ الإضافة الإثنين 8 آب 2011 - 7:25 ص    عدد الزيارات 2997    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حماه مدينة أشباح.. وحمص ساحة حرب
سد منفذ الهروب الوحيد للسكان.. والدبابات تنتشر فيها > مظاهرات ليلية كبيرة في المدن السورية > المعلم يتهم المعارضة بالسلبية ويلتقي السفراء العرب والأجانب لشرح «الإصلاحات» *
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط» القاهرة: محمد عجم وهيثم التابعي الرياض: تركي الصهيل
* دول مجلس التعاون الخليجي تدين العنف ضد المدنيين في سوريا.. ومصادر: الجامعة العربية ستصدر بيانا اليوم > وزير خارجية ألمانيا: الأسد لم يعد له مستقبل سياسي
* في اليوم السابع للحملة الأمنية والعسكرية على حماه، أغلقت قوات النظام السوري آخر منفذ كان يهرب منه الأهالي، بحسب ما قالت مصادر محلية أمس, بينما انتشرت الدبابات في المدينة. وتحولت حماه إلى مدينة أشباح، حيث يقبع سكانها في المنازل خوفا من القنص، بينما كانت حمص أمس أشبه «بجبهة عسكرية». وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن: إن حمص «كانت أشبه بجبهة حتى الصباح». ونقل المرصد عن ناشطين في المدينة أن «إطلاق الرصاص استمر في غالبية أحياء حمص» صباح أمس. جاء ذلك في وقت سجلت فيه المظاهرات في مختلف المناطق السورية تصاعدا في عدد المشاركين مساء أول من أمس الجمعة بعد صلاة التراويح.
ومع استمرار تصاعد العنف في سوريا، أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي، أمس، بيانا يدين الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، في موقف هو الأول منذ اندلاع الأزمة في سوريا. ودعت دول المجلس «إلى الوقف الفوري لأعمال العنف وأي مظاهر مسلحة». وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في القاهرة أن الجامعة العربية ستصدر بيانا حول أعمال العنف في سوريا اليوم.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يعد له مستقبل سياسي.
إلى ذلك، التقى وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، سفراء الدول العربية والأجنبية في دمشق، أمس، بحسب بيان رسمي، وعرض أمامهم الخطوات التي تتخذها الحكومة لتطبيق «حزمة الإصلاحات» التي طرحها الرئيس السوري، واتهم المعارضة بـ«السلبية» التي تسبب غياب الحوار الوطني.
 
الجيش السوري يسد آخر منافذ الهروب من حماه ويحكم قبضته على المدينة
شهادات فارين من حماه: ما يحدث يفوق الوصف.. وحليب الأطفال نفد
القاهرة: محمد عجم وهيثم التابعي دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
أغلق الجيش السوري، أمس، آخر منفذ كان يهرب منه أهالي حماه، وهو الطريق القديم تحت الجسر المؤدي إلى منطقة الضاهرية، بحسب ما قالت مصادر محلية صباح أمس. وأضافت المصادر أن هناك دبابتين تركزتا على المدخل، وأقيم حاجز عسكري يمنع العبور منه.
وكان السائقون من أهالي حماه يستخدمون هذا المنفذ لتهريب العائلات من المدينة المحاصرة، خلال الأيام الأربعة السابقة. وقالت المصادر إنها فقدت الاتصال مع أحد السائقين الذي كان ينقل أخبار ما يجري داخل المدينة. وعن الأوضاع في المدينة، وصفتها المصادر بأنها «مأساوية للغاية».
وحسب ما كان يرد من معلومات حتى فجر السبت، فإن الكهرباء عادت في بعض المناطق في ساعة متأخرة من ليل الجمعة، في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، وبقيت لعدة ساعات فقط ومن ثم عادت للانقطاع. ونقلت المصادر عن سكان في حماه تقديرهم عدد القتلى بالمئات خلال الأيام الأربعة الماضية، وأن هناك سيارات في شارع الأربع نواعير فيها ركاب تعرضت للقصف ولا يعلم شيء عن وضعهم. وأضافت أن هناك جثثا تحت جسر المزارب ولا أحد يتمكن من الاقتراب منها بسبب تمركز الدبابات والجيش فوق الجسر واستهداف كل من يتحرك.
وتحدثت المصادر عن استمرار تقطع أوصال المدينة بالدبابات والمدرعات والحواجز العسكرية، مع وجود قوائم اعتقال مع الجيش، مشيرة إلى أن الاعتقال بدأ على القوائم من يوم الأربعاء الماضي عصرا وتم إحكام السيطرة على كل منافذ المدينة. وتضيف المصادر أن الجيش منع وصول مساعدات من القرى والمدن المجاورة لمدينة حماه، وتم نهب حمولة السيارات من خضار وخبز. وبعد أربعة أيام من الحصار وقطع المياه والكهرباء فسد الطعام في الثلاجات ونفد الخبز، والمياه بدأت تنفد من الخزانات، كما انقطع حليب الأطفال، إضافة إلى أن معظم الصيدليات إما مدمرة أو مغلقة.
ويؤكد أولئك الذين تمكنوا من الفرار من حماه الرواية السابقة، ويتحدثون عن الوضع المأساوي لمدينتهم، ويقولون إن ما يحدث في حماه «يفوق الوصف» بحسب شهادات حية من أهالي المدينة التي تواردت على صفحات الثورة السورية على «فيس بوك».
فجاء على بعض منها كصفحة «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» شهادة من أحد الشباب استطاع الخروج من حماه، حيث يروي أن حماه الآن محتلة من قبل الجيش بشكل كامل، وآخر منفذ كان يهرب منه أهالي حماه وهو الطريق القديم تحت الجسر المؤدي للضاهرية قد سيطرت عليه دبابتان صباح أمس، موضحا أن الكهرباء عادت مساء الجمعة في بعض المناطق بحدود الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وبقيت لعدة ساعات فقط ومن ثم انقطعت ولا تزال مستمرة في انقطاعها. وأضاف الشاب الذي استطاع الهروب ضمن عشرات آخرين: «عدد الشهداء بالمئات ويوجد عدد كبير من السيارات في شارع الأربع نواعير مليئة بالركاب قد قتلوا وقصفوا من قبل الجيش ولا نعلم من كم يوم هم ميتون، الجثث تحت جسر المزارب وبالقرب منه رأيت الكلاب تنهشها فلا يمكن لأحد أن يسحب تلك الجثث بسبب تمركز الدبابات والجيش فوق الجسر واستهداف كل من يتحرك».
ويستطرد: «توجد امرأة بيتها مقابل لجسر المزارب لها 4 أطفال وفي أول يوم للقصف والاجتياح هربت بطفلين عندما سمعت صوت القصف، وعندما عادت لتنقذ الاثنين الآخرين كانا قد قتلا نتيجة القصف بالمدافع الرشاشة على شقتها».
ويقول الشاب إنه «لا توجد حديقة أو أرض عارية إلا وفيها شهداء، وإن أوصال المدينة مقطعة بالدبابات والمدرعات مع وجود قوائم اعتقال مع الجيش، وما زالت المياه مقطوعة بالكامل مع انقطاع تام لكل أشكال الاتصال»، مضيفا: «حركة النزوح الآن شبه معدومة، فحماه لم يبق من سكانها سوى 5 في المائة فقط علاوة على إحكام السيطرة على كل منافذ الهروب من قبل الجيش، والوضع الإنساني سيئ جدا، فالطعام في الثلاجات فسد وانعدام مادة الخبز والماء في خزانات البيوت بدأ ينفد، ولا يوجد حليب للأطفال حيث إن معظم الصيدليات قد تم تدميرها من قبل الجيش وسرقة محتوياتها».
وبرزت من خلال تعليقات أعضاء صفحة شبكة حماه (H.N.N)، التي تعنى بجمع ونشر جميع المعلومات الواردة من مدينة حماه، قول أحد الفارين من المدينة قبل يومين إنه خرج منها بواسطة طريق رملي لأن القصف يكون باتجاه أي فرد يمشي في الشارع. وأضاف: «عمارتنا ما كان فيها إلا أنا، نصف عمارات حماه مضروب عليها برصاص، وفي عمارات بالقصور نزلت على الأرض».
إلى ذلك، قال المعارض السوري البارز ياسين حاج صالح، تعقيبا على هذه الشهادات، إن ما يحدث في حماه هو «إعلان حرب على الشعب السوري»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إنها محاولة مستميتة من النظام لتقطيع البؤر الاحتجاجية الأكثر نشاطا، كذا محاولة لتذكير الشعب السوري بما حدث في حماه عام 1982». وتابع حاج صالح «أن ما حدث قبل 29 عاما في حماه ضمن للنظام السوري الاستقرار لثلاثة عقود لاحقة عبر بث الرعب وخلق جدار عال من الخوف في قلوب السوريين عبر الاستخدام المفرط للقوة»، مضيفا: «اليوم يحاول النظام فعل الشيء نفسه وبالوسيلة نفسها». واستبعد حاج صالح، الذي قدر عدد القتلى في حماه بما يزيد على 300 قتيل، أن يصل الوضع الحالي إلى حد وضع حماه عام 1982، حيث قال: «النظام أصلا يفتقد للإبداع وللتفكير السياسي الخلاق، فهو يريد أن يكسب نفس المعركة بالطريقة ذاتها مرتين.. وهذا مستحيل».
وتابع حاج صالح: «هناك متغيرات كثيرة في المشهد الآن، أولها أن البؤر الاحتجاجية اليوم متعددة ومنتشرة على كل التراب السوري، ثانيها، أن العالم كله يشاهد ما يحدث اليوم عكس ما حدث عام 1982 عندما ذبح الأسد الأهالي في الظلام». وتابع حاج صالح قائلا «الأكثر أهمية أن القضية السورية اليوم أكثر عدالة وإقناعا للعالم، فليس هناك أي أبعاد آيديولوجية أو دينية وراء ما يحدث، فالاحتجاجات خرجت تطالب بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية وهي الحد الأدنى لمتطلبات الحياة الكريمة عالميا بالأساس».
 
حمص تتحول إلى «جبهة عسكرية».. والسوريون تابعوا مظاهراتهم بعد صلاة التراويح ليل الجمعة
عشرات الدبابات تنتشر في الأحياء الطرفية لدير الزور.. واستمرار حركة النزوح الكثيفة
لندن ـ دمشق: «الشرق الأوسط»
انتشرت عشرات الدبابات والآليات العسكرية في الأحياء الطرفية لمدينة دير الزور (شرق)، بينما تحولت مدينة حمص (وسط)، التي شهدت انتشار تعزيزات عسكرية، إلى جبهة، بحسب ما قال ناشطون أمس. وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «نحو 250 دبابة ومدرعة انتشرت في 4 مناطق في مدينة دير الزور». جاء ذلك في وقت سجلت فيه المظاهرات في مختلف المدن والبلدات والقرى السورية تصاعدا في عدد المشاركين مساء أول من أمس الجمعة بعد صلاة التراويح.
وأوضح عبد الرحمن أن الآليات العسكرية توزعت «خلف حي بور سعيد وفي حي الحريقة وبجانب الحريقة وجانب مقر الأمن السياسي وفي منطقة المطار». كان المرصد قد أكد، أول من أمس، أن مدينة دير الزور في شرق سوريا تشهد، منذ الأربعاء، حركة نزوح واسعة النطاق تكثفت الخميس، وذلك خوفا من هجوم وشيك قد تشنه قوات الجيش على المدينة المحاصرة.
كان شيوخ القبائل في دير الزور قد تعهدوا بمواجهة أي اعتداء ينفذه الجيش على منطقتهم، بحسب ما أظهر شريط فيديو نشر على «يوتيوب» بدا فيه شيوخ القبائل يتحدثون حول مواجهة عملية عسكرية محتملة. ويظهر الشريط ما يبدو أنه اجتماع لشيوخ القبائل يتحدثون فيه عن مفاوضات مع السلطات لإطلاق المعتقلين وسحب الجيش الذي يحاصر مدينتهم.
وفي وسط البلاد، أضاف مدير المرصد أن مدينة حمص «كانت أشبه بجبهة حتى الصباح». وقال إن المدينة «شهدت انتشارا مكثفا لمدرعات الجيش وعربات مدرعة وسيارات تابعة للأمن في حي باب السباع»، مشيرا إلى أن «السكان يسمعون أصواتها في الطرقات». ونقل المرصد عن ناشطين في المدينة أن «إطلاق الرصاص استمر في غالبية أحياء حمص من دوار باب الدريب والفاخورة الإنشاءات والفوطة والقرابيص حتى الساعة الثامنة صباحا (5.00 تغ)». وتابع: «كما استمر إطلاق النار بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة في حي بابا عمرو حتى الصباح».
وأكد أحد سكان مدينة حمص لـ«الشرق الأوسط» حدوث إطلاق نار عشوائي على البيوت، وقال: «أذهلني خروج مظاهرة كبيرة في حي باب السباع يوم الجمعة بعد صلاة الظهر وبعد صلاة التراويح، على الرغم من أن الحي ما زال محاصرا بالدبابات». وأضاف أنه بعد يوم حافل بالمظاهرات في مختلف الأحياء، تعرضت حمص، مساء الجمعة قبل منتصف الليل بساعة، إلى قصف عشوائي على المنازل، مشيرا إلى أن إطلاق نار كثيفا استمر حتى ساعة متأخرة. وقال إن تشييع حمزة درويش في باب السباع الذي قتل يوم جمعة «الله معنا»، تحول إلى مظاهرة أمس.
وفي مدينة الرستن، التابعة المحافظة حمص القريبة من مدينة حماه، تظاهر أهالي الرستن، مساء أول من أمس، وهتفوا لنصرة حماه ودير الزور، داعين لإسقاط النظام. وفي مدينة السلمية، القريبة من الرستن، اعتصم الأهالي بمشاركة نسائية كبيرة عند قبة تامر، دون أي وجود أمني واحتجوا على محاصرة حماه ودير الزور ودعوا لإسقاط النظام.
وفي ريف دمشق بث ناشطون مقطع فيديو عن إضراب عام في بلدة عربين، أمس، حدادا على سقوط 7 قتلى يوم جمعة «الله معنا». وفي دمشق خرجت مظاهرات في الميدان عقب صلاة التراويح في جامع منجك بحي الجزماتية.
يأتي ذلك بينما قال ناشطون إن عدد قتلى جمعة «الله معنا» ارتفع إلى 22 شخصا، بينهم سبعة سقطوا أثناء المظاهرات التي جرت بعد صلاة التراويح، بينما جرح أكثر من 50 برصاص رجال الأمن. وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، عبد الكريم ريحاوي، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن مظاهرات جمعة «الله معنا» أسفرت عن «مقتل 22 شخصا، بينهم 15 قتيلا سقطوا في مظاهرات ظهر أمس و7 قتلى سقطوا مساء أمس عقب صلاة التراويح».
وأشار ريحاوي إلى أن «عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب وجود حالات خطرة بين الجرحى الذين تجاوز عددهم العشرات». وأوضح أنه «سقط أثناء تفريق مظاهرات ظهر أمس 15 قتيلا بينهم 7 في عربين (ريف دمشق) و3 في حمص (وسط) و3 في الضمير (ريف دمشق) وشخص في المعضمية (ريف دمشق) وشخص في نوى (جنوب)» في ريف درعا معقل حركة الاحتجاجات.
وأضاف أن «7 متظاهرين قتلوا برصاص الأمن الذين قاموا بتفريق مظاهرات، بينهم شخصان من حي نهر عيشة في العاصمة و4 أشخاص في حمص واثنان في الخالدية وشخص في حي العدوية وآخر في الفاخورة بالإضافة إلى شخص في دوما (ريف دمشق)».
يأتي ذلك بعد دعوة وجهها ناشطون للتظاهر وإلى اعتبار أن كل يوم في شهر رمضان هو يوم جمعة الذي كان موعد التظاهر الأسبوعي في البلاد. ونادى ناشطون على صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إلى تنظيم «الليلة وكل ليلة مظاهرات الرد في رمضان، كل يوم هو يوم الجمعة». وكتبوا على موقعهم «الله معنا فهل أنتم معنا؟».
 
المعلم متهما المعارضة بـ«السلبية»: حل الأزمة لا يكون إلا بالحوار
دعا السفراء العرب والأجانب وعرض أمامهم التقدم في حزمة الإصلاحات
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
اتهم وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم المعارضة السورية بـ«السلبية» التي تسبب غياب الحوار الوطني، وقال إن «القيادة السورية ما زالت تؤكد أن الطريق لحل الأزمة الراهنة هو طريق الحوار الوطني، وفي غياب مثل هذا الحوار بسبب سلبية موقف المعارضة، فإنه ليس أمامنا إلا السير في طريق الإصلاح دون ترك الإصلاح رهينة لأي عامل مانع لذلك».
ويأتي كلام المعلم عن الحوار الوطني كحل للأزمة الراهنة في سوريا، في الوقت الذي تحاصر فيها الدبابات عدة مدن سورية، وتفرض حصارا خانقا على مدينة حماه وقطع كل من المياه والكهرباء والاتصالات منذ نحو أسبوع، وسط معلومات عن سقوط قتلى بالمئات نتيجة قصف المدينة والحصار.
ووسط استنكار وإدانة دولية لاستخدام العنف المفرط في سوريا، التقى المعلم سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين في دمشق يوم أمس، وبحسب بيان رسمي عرض المعلم أمام السفراء «حزمة الإصلاحات» التي طرحها الرئيس بشار الأسد في خطابه في 20 من يونيو (حزيران) الماضي، «مركزا بشكل خاص على قانوني الأحزاب السياسية والانتخابات العامة اللذين أصدرهما الرئيس الأسد مؤخرا وما نص عليه القانونان من جوانب مهمة تستجيب للمطالب الشعبية».
ونقل البيان عن المعلم تأكيده «إصرار القيادة السورية على السير في طريق الإصلاح وإنجاز الخطوات التي سبق أن أعلن عنها الرئيس الأسد». وقال إن «الانتخابات العامة سوف تجرى قبل نهاية هذا العام وسوف يكون صندوق الانتخاب هو الفيصل ويترك لمجلس الشعب الذي سيتم انتخابه أن يراجع القوانين التي اعتمدت ليقرر ما يراه بشأنها».
كما أكد المعلم للسفراء الذين يتلقى بعضهم دعوات من شعوبهم وحكوماتهم لمغادرة سوريا، «حرص سوريا على الأمن والاستقرار ووقف أعمال التخريب والسير بالبلاد في طريق الديمقراطية والتقدم». وفي رده على أسئلة وجهها سفراء، قال وزير الخارجية إن «سوريا سوف تجري انتخابات حرة ونزيهة تفضي إلى برلمان يمثل تطلعات الشعب السوري من خلال التعددية السياسية التي يتيحها قانون الأحزاب والضمانات العديدة التي نص عليها قانون الانتخابات، وإن القيادة السورية ما زالت تؤكد أن الطريق لحل الأزمة الراهنة هو طريق الحوار الوطني، وفي غياب مثل هذا الحوار بسبب سلبية موقف المعارضة فإنه ليس أمامنا إلا السير في طريق الإصلاح دون ترك الإصلاح رهينة لأي عامل مانع لذلك». وكان النظام السوري شكل هيئة للحوار الحوار الوطني برئاسة فاروق الشرع. وقد عقدت مؤتمرا تشاوريا بهدف التمهيد للحوار الوطني، إلا أن انتقادات كثيرة طالت هذا اللقاء من قبل رؤساء نقابات مهنية ومنظمات شعبية، التي قيل إنها تمثل وجهة نظر فريق من النظام الذي يرفض مبدأ الحوار مع الشارع وتقديم أي تنازلات تحد من صلاحيات النظام أو الاستمرار في الحكم.
 
مسؤولون أميركيون سابقون: واشنطن تتمهل في دعوة الأسد للرحيل لأنها لا تملك الأدوات اللازمة
واشنطن – لندن: «الشرق الأوسط»
في مؤتمر صحافي يوم الخميس، تحدثت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون باستفاضة عن حملة القمع الوحشية التي تشنها الحكومة السورية على المحتجين، لكنها تحفظت عندما وجه لها صحافي سؤالا مباشرا عما إذا كان يجب على الرئيس السوري أن يترك السلطة. وقالت كلينتون: «أعتقد أنني قلت كل ما يمكنني أن أقول. أنتمي إلى مدرسة أن للأفعال صوتا أعلى من الأقوال». وأسهب البيت الأبيض ووزارة الخارجية في التعليق على الأحداث في سوريا في الأسابيع الأخيرة، بينما يصعد نظام الرئيس بشار الأسد جهوده لإخماد الانتفاضة. لكن واشنطن لم تطالب الأسد بأن يترك السلطة على الفور في دمشق، في تناقض واضح مع موقفها الذي تبنته مع حكام عرب مستبدين آخرين مثل المصري حسني مبارك الذي أطيح به في فبراير (شباط) والليبي معمر القذافي الذي لا يزال متشبثا بالسلطة. ويغلب الحذر على اللغة التي تستخدمها إدارة أوباما.
وتقول «رويترز» في تقرير لها: إن ذلك ترك بعض المراقبين يتساءلون عن موقف واشنطن الحقيقي من الأسد وبدد الآمال حاليا للمعارضة السورية الوليدة وسلط الضوء على أن الثورات العربية ليست متساوية على الأقل في حسابات صناع السياسة الأميركيين. ويقول محللون ومسؤولون أميركيون سابقون إن البيت الأبيض لم يطالب في واقع الأمر الأسد بالتنحي لأنه لا يمتلك وسيلة تحقيق مثل هذا الطلب. ولا تمتلك واشنطن التي تصارع أزمة مالية لا القوة العسكرية الفائضة للإطاحة بحكومة الأسد بالقوة ولا النفوذ الذي أعطته إياها في مصر سنوات من العلاقات العسكرية أو التحالف الدولي الذي أيد الضربات الجوية على دعائم سلطة القذافي.
وقال أندرو تابلر، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ومؤلف كتاب عن سوريا سيطرح قريبا في الأسواق، في تصريح لـ«رويترز»: إن مطالبة زعيم بأن يرحل «تقال عندما يكون النظام على وشك الانهيار». وقال مسؤول أميركي سابق له علاقات وثيقة بالإدارة: إن مسؤولين داخل إدارة أوباما يؤيدون الموقف الحذر يجادلون بأنه «إذا قلنا إن على الأسد أن يرحل، وارتفع عدد القتلى، ألن ينظر إلينا على أننا ضعفاء حقا؟».
وأضاف المسؤول السابق الذي تحدث لـ«رويترز» وطلب عدم الكشف عن هويته: «في نهاية اليوم ماذا يمكننا أن نفعل؟ لن نقصفه». وشددت الإدارة الأميركية سياستها تجاه الأسد، خاصة منذ يوم الأحد الماضي، عندما حاصرت الدبابات السورية وقوات الأمن مدنية حماه فقتلت ما يصل إلى 300 شخص. لكنها فعلت ذلك على مدى الشهور الثلاثة الماضية في تصعيد محسوب للهجة الخطاب والعقوبات الاقتصادية. وفي خطاب كبير عن الشرق الأوسط في 19 مايو (أيار)، أشار الرئيس باراك أوباما إلى أنه لا يزال يرى بعض الأمل للزعيم السوري الذي حاول أن يخطب وده في وقت من الأوقات قائلا إن على الأسد أن «يقود انتقالا إلى الديمقراطية أو يفسح الطريق». لكن بعد شهر واحد ومع زيادة حدة الأزمة قال وزير الدفاع في ذلك الوقت روبرت غيتس إن شرعية الأسد «عرضة للتساؤل»، وبعد يومين فقط في 12 يونيو (حزيران)، أعلن البيت الأبيض أن شرعيته كزعيم تبددت بالفعل. بل إن البيت الأبيض اقترب أكثر من نقطة اللاعودة يوم الثلاثاء دون أن يصلها فعليا؛ حيث قال المتحدث جاي كارني: «سوريا ستكون أفضل حالا من دون الأسد».
كما تعد الإدارة عقوبات على قطاعي النفط والغاز في سوريا، اللذين قال تابلر إنهما يمثلان ما يتراوح بين ربع وثلث الدخل الحكومي. ويقول الخبراء إن مثل هذه العقوبات من غير المرجح أن يكون لها تأثير كبير من دون مساهمة قوية من أوروبا التي تشتري أغلب صادرات الطاقة السورية. وعلى مستوى أعمق، يرجع تردد الإدارة في مطالبة الأسد بالرحيل، فيما يبدو، إلى الخوف مما قد يحدث بعد ذلك في دول مهمة من الناحية الجغرافية ويسكنها خليط عرقي وطائفي. ومما يعزز هذه المخاوف، على الأرجح، المشهد في ليبيا؛ حيث فشلت المعارضة التي دعمتها في البداية بعض الحكومات الأوروبية ثم الولايات المتحدة في الإطاحة بالقذافي، وهي الآن منقسمة إلى فصائل متشاحنة. وذلك كله يترك انطباعا بأن أوباما وكلينتون لا يعارضان بقاء الأسد إذا كان من الممكن بقاؤه لمجرد فترة قصيرة أخرى يجري خلالها ترتيب انتقال سلس للسلطة.
ويقول آخرون إن الدرس في ليبيا مختلف؛ حيث يظهر أنه إذا انتظر المجمع الدولي لفترة طويلة قبل التحرك، فإن ذلك يجلب الفوضى.
 
مجلس التعاون الخليجي يدين الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين السوريين
مصدر لـ «الشرق الأوسط»: الموقف الخليجي ضد النظام السوري صدر بالتشاور بين وزراء الخارجية
الرياض: تركي الصهيل
في موقف خليجي هو الأول منذ اندلاع الأزمة في سوريا، أصدرت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بيانا يدين الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، الأمر الذي أوقع أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. ويأتي هذا الموقف الخليجي، ليكسر قاعدة ما سماه المتظاهرون السوريون «الصمت القاتل»، في إشارة إلى الصمت العربي الذي رافق الأزمة السورية منذ بدايتها. وقالت دول مجلس التعاون في بيان بثته أمس، إنها تتابع بقلق بالغ تدهور الأوضاع في سوريا، والاستخدام المفرط للقوة هناك. وكان البيان الخليجي الصادر أمس، مفاجأة لكثير من المراقبين، لأن هناك تأكيدا رسميا من قبل أمين مجلس التعاون الخليجي، بأن أي موقف تجاه سوريا سيتم بحثه على مستوى مجلس وزراء خارجية الدول الخليجية، حيث سبق للدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن صرح في وقت سابق بأن أي موقف تجاه الأزمة السورية سيتم بحثه على مستوى المجلس الوزاري. إلا أن مصدرا مقربا من أمين عام مجلس التعاون قال لـ«الشرق الأوسط» بأن الموقف الخليجي الذي صدر أمس ضد النظام السوري، تم بالتشاور مع وزراء خارجية السعودية، والكويت، والإمارات، والبحرين، وعمان، وقطر، وهو ما يعني أن بيان الأمس يمثل وجهة نظر جماعية لدول مجلس التعاون للأزمة السورية الحالية. وكان لافتا عدم نسبة البيان لأمين مجلس التعاون الخليجي، حيث كان في صيغته أشبه بـ«بيان وزاري» من دول مجلس التعاون تجاه الأزمة السورية الحالية، طبقا لتوصيف المصدر. وجاء في البيان الخليجي ما نصه «تتابع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بقلق بالغ وأسف شديد تدهور الأوضاع في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتزايد أعمال العنف، والاستخدام المفرط للقوة، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من أبناء الشعب السوري الشقيق، وإذ تعرب دول المجلس عن أسفها وحزنها من استمرار نزيف الدم في سوريا، لتؤكد حرصها على أمن واستقرار ووحدة سوريا، وتدعو إلى الوقف الفوري لأعمال العنف وأي مظاهر مسلحة، ووضع حد لإراقة الدماء واللجوء إلى الحكمة، وإجراء الإصلاحات الجادة والضرورية، بما يكفل حقوق الشعب السوري الشقيق ويصون كرامته، ويحقق تطلعاته».
من جهة أخرى، من المنتظر أن تصدر جامعة الدول العربية بيانا شاملا اليوم، بشأن الأوضاع في سوريا. وقالت مصادر بالجامعة لـ«الشرق الأوسط» إن البيان يتضمن إدانة للممارسات ضد المدنيين والمطالبة بإصلاحات، وأشارت إلى أن الجامعة لا تريد أن يتكرر السيناريو الليبي في سوريا.
 
الإعلام الرسمي يدعي « انقاذ حماه».. ويتجاهل ذكر القتلى من المدنيين
المعارض لؤي حسين: العصابات المسلحة التابعة للحكومة تجوب الشوارع.. لا لشيء سوى الأخذ بالثأر
بيروت: ندى بكري وأنتوني شديد*
بثت وسائل الإعلام الإخبارية الحكومية في سوريا صورا صارخة للدمار الذي حل بمدينة حماه المحاصرة، للمرة الأولى يوم الجمعة، تظهر مباني محترقة ومتاريس مؤقتة وشوارع مهجورة تكسوها الأنقاض التي بدت وكأنها تظهر أن القوات الحكومية قد قمعت انتفاضة في المدينة. وكانت الصور بما لا يدع مجالا للشك لمدينة حماه، رابع أكبر مدينة سورية وبؤرة الانتفاضة التي بدأت منذ خمسة أشهر وتركت قيادة الرئيس بشار الأسد في حالة عزلة وضعف. وتشير الصور إلى أن الجيش قد أعاد إحكام قبضته على مدينة انتزعت نفسها لفترة قصيرة من أربعة عقود من الحكم الاستبدادي لأسرة الأسد وتمتعت بقدر غير مسبوق من الحرية.
وتصور التقارير التي يبثها التلفزيون السوري ووكالة «سانا» الإخبارية الرسمية الجيش بوصفه منقذ مدينة حماه. ويبدو الهدف من الأخبار هو التأكيد على رسالة القيادة إلى المعارضين الداخليين والتي مفادها أنها تعتبرهم عصابات من المتمردين المسلحين المدعومين من قوى خارجية معادية، وأنه سيتم التعامل معهم بالصورة الملائمة. غير أن المشاهد التي بثها التلفزيون للدمار الذي حل بحماه أوضحت أيضا بشكل ضمني أن العنف هناك أكثر خطورة بدرجة كبيرة من الصورة التي تصر حكومة الأسد على نقلها حتى الآن.
كما جسدت أيضا إرثا من الأعمال الهجومية الوحشية. كانت حماه تنعم بالسلام بشكل ملحوظ بعد انسحاب قوات الأمن في يونيو (حزيران). ولم تندلع أعمال العنف بها إلا عندما بدأت الحكومة، مدفوعة بخوفها من الزخم الذي يحتمل أن تزود به المدينة الانتفاضة، في هجومها الوحشي على المدينة يوم الأحد. وعلى الرغم من أن المسؤولين الحكوميين يصرون على أن المتظاهرين كانوا مسلحين، فإنه لم ير أي سلاح في الشوارع في زيارة أجريت مؤخرا للمدينة، بحسب رواية أكدها دبلوماسيون أثناء زياراتهم للمدينة. وتم إنشاء متاريس ولكن فقط للحيلولة دون عودة القوات العسكرية وقوات الأمن.
«نحن نعيش الآن، ولكن لا نعرف ماذا سيجري لنا غدا»، قال أحد سكان حماه، ذكر أن اسمه فادي، في مكالمة عبر الهاتف. وأضاف: «الموقف الإنساني يزداد سوءا يوما بعد يوم».
وتناول المسؤولون الحكوميون أحداث العنف في حماه بصورة مختلفة تماما، من خلال تقارير واردة من دمشق العاصمة، بدت بعيدة تماما عن الحقيقة. «وحدات الجيش العربي السوري تعمل من أجل إعادة الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية لحماه بعد ارتكاب جماعات إرهابية مسلحة أعمال تخريب وحوادث قتل بإنشاء متاريس وقطع الطرق ومهاجمة محطات الشرطة وحرقها، باستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة»، هذا ما جاء في خبر أذاعته وكالة أنباء «سانا» عن العنف في حماه.
وتشير التقارير السورية أيضا إلى أن 20 جنديا على الأقل لقوا مصرعهم إبان هذه الأحداث، ولكنها لم تنشر أخبارا عن إصابات المدنيين. وقد ذكرت مجموعات نشطاء تنقل أخبارا من حماه - مصدر معظم المعلومات عن حالة الدمار هناك منذ بداية حصار القوات السورية المدينة نهاية الأسبوع الماضي - أن 200 مدني على الأقل قد لقوا مصرعهم جراء القصف من قبل قوات الجيش والقناصة. وقد أشاروا إلى وقوع سلسلة جديدة من أعمال القصف يوم الجمعة.
وذكر الساكن الذي تم الاتصال به هاتفيا أن 200 دبابة قد دخلت المدينة قبل الفجر وأن قوات الأمن كانت تمنع السكان من التجمع في مساجد المدينة.
«لقد تخلت الحكومة عن مسؤولياتها وتركت كل شيء في أيدي قوات الأمن»، قال لؤي حسين، أحد أبرز رموز المعارضة في دمشق. وأضاف: «لقد فقدوا صوابهم. إنهم يتصرفون من دون أي هدف استراتيجي أو سياسي. العصابات المسلحة التابعة للحكومة تجوب الشوارع، لا لشيء سوى الأخذ بالثأر».
ومع زيادة الحكومة أعمال القمع الوحشية في حماه بدت قوات الجيش والأمن وكأنها تستعد لشن هجوم آخر على دير الزور، المدينة الواقعة شرق سوريا، التي تقطنها عشائر مخلصة استمد منها المتظاهرون قوتهم طوال الشهر الماضي. وقصفت تلك القوى المدينة بشكل متواصل من عشية الخميس إلى صباح يوم الجمعة، بحسب قول سكانها.
وقال ناشط في دير الزور ذكر أن اسمه طارق إن آلاف الضباط ومئات الدبابات والعربات المصفحة كانت تحاول تقسيم المدينة إلى أجزاء صغيرة، وهو الأسلوب الذي اتبعه الجيش في أماكن أخرى. وقال إن المتظاهرين ما زالوا محتشدين في بعض الميادين. «نحن نحاول إغلاق الطرق»، قال أحد السكان، وهو يعمل بقالا وذكر أن اسمه محمد. وأشار إلى أن عدد المتظاهرين يوم الجمعة بلغ عشرات الآلاف، وقال إن المتظاهرين كانوا يرددون: «لا نريد الجيش داخل مدننا». وأشار بعض السكان الآخرين الذين تم الوصول إليهم عبر الهاتف إلى نقص الغذاء والماء.
وقد زادت عمليات الانشقاق داخل الجيش السوري منذ أسابيع، خصوصا في دير الزور، ولكن يبدو أنها لم تصل إلى المستوى الذي يهدد سيطرة الأسد على الجهاز الأمني.
وخرج سوريون في أماكن أخرى إلى الشوارع بعد أول صلاة جمعة في شهر رمضان المعظم في تحدٍّ آخر جريء لقمع الحكومة السورية. وأشار النشطاء إلى أن عشرات الآلاف من المتظاهرين انضموا إلى المسيرات في شوارع الكثير من المدن السورية، من بينها درعا في الجنوب، وحمص ثانية كبرى المدن السورية.
وذكرت لجان التنسيق المحلية، مجموعة من اللجان سعت لتنظيم المظاهرات وتسجيلها، أن قوات الأمن قتلت 14 شخصا يوم الجمعة، من بينهم 11 في ضواحي دمشق المهتاجة واثنان في حمص وشخص واحد في درعا، حيث بدأت الانتفاضة في مارس (آذار).
وفي بعض المظاهرات ردد المتظاهرون هتافات تدعم حماه، المدينة التي تثير ذكريات أليمة، خصوصا في نفوس السوريين. ففي عام 1982 أمر حافظ الأسد، والد بشار، الجيش بقمع الانتفاضة الإسلامية هناك، مما أودى بحياة 10 آلاف شخص وربما أكثر. والآن ليس باستطاعة الصحافيين تغطية الأحداث هناك، مما أعمى أعين العالم كله عن حقيقة العنف الدائر في حماه.
وأتت التغطية الإعلامية الإخبارية السورية لما يحدث في المدينة مع إعلان النشطاء عن سلسلة جديدة من أعمال القصف في المدينة طوال الليل، التي قالوا إنها تحول دون دخول المعونات الغذائية والطبية إلى المناطق السكنية، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة نقص الإمدادات ويزيد من حدة المخاوف بين الكثيرين من احتمال ارتفاع معدل الوفيات هناك إلى مستوى مخيف.
ومكنت الاتصالات عبر الأقمار الصناعية إحدى القنوات القليلة المتبقية من الحصول على معلومات عن المدينة المحاصرة، مع أن بعض النشطاء ذكروا أن الحكومة تتدخل في الاتصالات عبر الأقمار الصناعية بالمثل.
وقال وسام طريف الناشط الحقوقي إنه تحدث مع طبيب في حماه أخبره أن الإصابات هناك قد ازدادت بشكل ملحوظ منذ يوم الخميس. وقال الطبيب إنه وزملاءه يحاولون تحديد أولويات للتعامل مع حالات الإصابة والوفيات نظرا لمواجهتهم مشكلة النقص في الإمدادات والأجهزة الطبية. وقال طريف: «كل الموارد قد نفدت في المدينة». وأشار إلى الخبز والغذاء ولبن الأطفال والماء، على سبيل المثال لا الحصر.
وقد زادت حدة الإدانة الدولية للأسد بسبب القمع في سوريا، مع انتقادات حادة من أقوى حليفين لسوريا، وهما تركيا وروسيا. وفي واشنطن اتهمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يوم الخميس القيادة السورية بتحمل المسؤولية عن مقتل ما يزيد عن 2000 سوري منذ بدء الانتفاضة بمختلف أنحاء سوريا، وأكدت على موقف إدارة أوباما الممثل في أن الأسد «قد فقد تماما شرعية حكمه للشعب السوري».
كما وسعت إدارة أوباما نطاق عقوباتها الجزائية يوم الخميس ضد مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، بحيث تشمل أمين أسرار أسرة الأسد وأحد كبار رجال الأعمال السوريين، محمد حمشو، وهو عضو في البرلمان السوري، وعلى مجموعة الشركات التي يملكها «مجموعة حمشو الدولية». وتقضي تلك العقوبات بتجميد أي أصول لحمشو بموجب القانون الأميركي وتمنع الأميركيين من التعامل مع أية شركة من شركات حمشو.
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
آلاف المصلين يتظاهرون في طرابلس بعد صلاة التراويح منددين بقتل الأبرياء في سوريا
نددوا بصمت الأنظمة العربية والإسلامية وانحياز الحكومة اللبنانية لنظام الأسد
بيروت: يوسف دياب
لبى الآلاف من أبناء مدينة طرابلس دعوة التجمع العلمائي في شمال لبنان إلى مظاهرة ليلية حاشدة دعما للشعب السوري، و«تنديدا بما يتعرض له الأبرياء من قتل وإبادة وتنكيل في حماه وحمص ودير الزور ودرعا ومختلف المحافظات السورية، وعلى مرأى من العالم كله الذي لا يحرك ساكنا». وخرج نحو 20 ألف شخص بعد صلاة التراويح من مختلف مساجد طرابلس، وتجمعوا في ساحة التل؛ حيث تقدمهم أعضاء التجمع العلمائي وممثلون عن القوى السياسية والتيارات الإسلامية التي تشكل عصب الثقل الشعبي في المدينة. وألقيت كلمات خلال المظاهرة أدانت ما سمته «انحياز الحكومة اللبنانية إلى جانب نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد، وتشجيعه على المضي في جرائمه من خلال الموقف الذي اتخذه لبنان في مجلس الأمن الدولي». وندد الخطباء بـ«الصمت العربي حيال ما يجري في سوريا، وهو ما يشجع استمرار قتل المسلمين في سوريا وتزايد عدد الضحايا من الأطفال والأبرياء في شهر رمضان المبارك».
ولفت رئيس «هيئة علماء الصحوة الإسلامية» في لبنان، الشيخ زكريا المصري، إلى أن «العلماء وضعوا برنامجا للتحرك في رمضان، يهدف إلى مساندة الشعب السوري وتخفيف المآسي التي يتجرعها يوميا»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحشد الشعبي الذي حصل ليل أمس (أول من أمس) في ساحة التل في طرابلس، الذي قدر عدد المشاركين فيه بما بين 20 و30 ألف شخص، أراد أن يوجه رسالة مدوية تعلن رفض المسلمين للظلم والقتل والتنكيل الذي يتعرض له المسلمون في سوريا على يد هذا النظام المجرم». وشدد على «تفعيل هذه التحركات، ليس في طرابلس فحسب بل في لبنان كله، وفي الدول العربية والإسلامية كلها، لعل ذلك يحرك الأنظمة في هذه الدول، وأن تمارس ضغطها على نظام بشار الأسد لوقف جرائمه أولا ومن ثم إسقاطه». وأكد أن «أئمة المساجد هم من يتولون الدعوة إلى التجمعات بحسب المنطقة التي يجري اختيارها والتي يعلن عنها في حينه». وأشار إلى أن «الناس كلها معبأة وغاضبة لما تشاهده في سوريا وهي تلبي الدعوة إلى التحركات والتظاهر باندفاع كبير». وقال: «نحن نرى أن هذا الإجرام الكبير، والطغيان الذي يمارسه حزب البعث ضد أهلنا وإخوتنا في سوريا الأسيرة، يحمل دلالات قرب سقوط هذا النظام الذي بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، وما حركته العنيفة إلا كحركة المذبوح الذي لا يلبث أن يفارق الحياة».
أما نائب رئيس مجلس الشورى في «الجماعة الإسلامية» في لبنان، علي الشيخ عمار، فأعلن أن «الجماعة الإسلامية لا يمكنها إلا أن تتعاطف مع انتفاضة الشعب السوري، الذي يعاني منذ عشرات السنين من الظلم والاضطهاد والاستبداد والقمع والقهر، وهي تؤيد القرار الذي اتخذه السوريون بالتغيير بعد المعاناة الطويلة وحالة الخوف التي يعيشها، التي أضحت جزءا من ثقافته الاجتماعية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن الشعب السوري أخذ قرارا نهائيا بالتغيير والإصلاح الشامل، وقرر أن يخرج من سجنه ومن حالة الرعب التي يعيشها، ولذلك وأمام هذا العدوان السافر الذي يتعرض له السوريون العزل على يد رجال الأمن والجيش، وإزاء هذه المشاهد من الطبيعي أن نبدي تعاطفنا مع هذا الشعب ونكون جزءا فاعلا من أي تحركات لبنانية داعمة له ومؤيدة لقضيته». وأكد الشيخ عمار أن «كل الأساليب التي تمارس من قبل السلطات الأمنية أو السياسية لإخافة الشعب السوري ومنعه من استكمال مسيرته لن تثمر ولن يكون لها أي أثر على هذه الثورة العظيمة»، مؤكدا أن «المزيد من الدماء والمزيد من القتل لن يؤدي إلا إلى تأجيج الثورة التي تستعر يوما بعد يوم. ونحن لن نكون إلا إلى جانب إخواننا الثائرين في سوريا وأن نشجب الأساليب العدوانية التي تمارس بحقهم وبحق كل أبناء الشعب السوري».
بدوره، وجه مؤسس التيار السلفي في لبنان، الشيخ داعي الإسلام الشهال، دعوة إلى الجميع «للمشاركة في المظاهرات المطالبة بوقف الظلم الذي يمارَس ضد الشعب السوري»، وتوجه إلى حلفاء سوريا في لبنان بالقول: «عليكم واجب أن تقولوا لهذا النظام أن يكف عن ارتكاب المجازر والعنف بحق الشعب السوري لكي لا يلحقكم العار إلى قبوركم». وإذ أعرب عن استغرابه للصمت العربي حيال ما يجري في سوريا، وتطرق إلى موقف لبنان في مجلس الأمن بالنسبة للنأي بنفسه عن البيان الذي أدن العنف بسوريا، قال: «ربما لبنان لديه وضع خاص، لكن الوضع الخاص يتمثل بالحرية التي يتمتع بها لبنان، لكن مثلما يجب أن تكون هناك مراعاة للنظام السوري يجب أيضا أن تكون هناك مراعاة للشعب السوري».
 
إيران تنفي إرغامها العراق على دعم نظام الأسد ماليا
مصدر في سفارتها ببغداد لـ «الشرق الأوسط»: هذه المعلومات غير معقولة
بغداد: حمزة مصطفى
أعلنت السفارة الإيرانية في بغداد أن لا صحة على الإطلاق للمعلومات التي أشارت إلى قيام طهران بحمل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على دفع مبلغ قدره 10 مليارات دولار كدعم مالي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال مصدر رسمي في السفارة، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المعلومات لا صحة لها جملة وتفصيلا وإنها مفبركة وغير معقولة»، مشيرا إلى أن «مثل هذه الأخبار في كثير من الأحيان لا تستحق حتى الرد عليها».
وكان مصدر في التحالف الوطني العراقي الذي يمثل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي قد أبلغ «الشرق الأوسط» أن «إيران ضغطت على حلفائها في العراق من أجل دعم السلطات السورية بمبلغ 10 مليارات دولار»، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء العراقي «رضخ لهذا الطلب وقام بالفعل بدعم الرئيس السوري بشار الأسد ماديا».
وكانت العلاقات العراقية - السورية قد مرت خلال السنوات الثماني الأخيرة بمراحل مختلفة من الانفتاح والتأزم بين قيادتي البلدين، كانت أهمها الاتهامات التي وجهها المالكي إلى دمشق بالضلوع في الأحداث الدامية التي كانت قد وقعت في العراق خلال شهر أغسطس (آب) عام 2009 عندما تمكنت عدة سيارات مفخخة من الانفجار بالقرب من وزارات الخارجية والمالية ومجلس محافظة بغداد، الأمر الذي أدى إلى وقوع مئات القتلى وآلاف الجرحى وذلك بعد يوم واحد من عودته من زيارة إلى سوريا كان أعلن خلالها أن العلاقة بين البلدين ذات طابع استراتيجي. وبينما سحبت كل من بغداد ودمشق سفيريهما في كلا البلدين على خلفية تلك الاتهامات التي نفتها دمشق، فإن معظم القيادات السياسية والأمنية العراقية كانت تعتبر سوريا معبرا مهما لدخول الإرهابيين إلى داخل الأراضي العراقية مع تحميل الجانب السوري مسؤولية حماية عدد كبير من القيادات البعثية البارزة هناك، لا سيما التابعة إلى جناح محمد يونس الأحمد.
لكن صورة العلاقة بين الجانبين العراقي والسوري شهدت تطورا ملموسا خلال العام الحالي، لا سيما على خلفية الأحداث التي عصفت بالعالم العربي، ومنها المظاهرات التي انطلقت في كل من بغداد والمدن السورية. وبينما بقيت المظاهرات العراقية محدودة وذات إطار خدمي إصلاحي، فإن المظاهرات في سوريا سرعان ما انتشرت لتتحول إلى مظاهرات مطالبة بإسقاط النظام. وفي هذه الأثناء فقد تبادل كبار المسؤولين العراقيين والسوريين الزيارات التي بدأت تأخذ فيما بعد طابعا اقتصاديا مثلما تمثل مؤخرا في الزيارة التي قام بها وزير التجارة والاقتصاد السوري الذي وقع على عدة اتفاقيات اقتصادية وتجارية واستثمارية.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,075,413

عدد الزوار: 6,751,583

المتواجدون الآن: 101