ناشطون سوريون يتهمون حزب الله والأمن السوري بممارسة «الإرهاب» لقمع الانتفاضة

ريف دمشق تحت الحصار وسوريا تتأهب لجمعة «صمتكم يقتلنا»

تاريخ الإضافة الجمعة 29 تموز 2011 - 6:39 ص    عدد الزيارات 2803    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

ريف دمشق تحت الحصار وسوريا تتأهب لجمعة «صمتكم يقتلنا»
المحامون بعد الأطباء يعتصمون في حلب
دمشق - لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»باريس: ميشال أبو نجم القاهرة: هيثم التابعي
شنت القوات السورية حملة أمنية على ريف دمشق أمس، وقتلت 11 شخصا في مدينة الكناكر التي اجتاحتها، بينما اعتقلت مئات آخرين في مدن محيطة. وقال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الأمن العسكري نفذ عمليات مداهمة قتل خلالها 11 شخصا واعتقل أكثر من 250 شخصا». وأكد قربي أن «عملية المداهمة جرت في كناكر كرد انتقامي لأنها أدت دورا بتزويد مدينة درعا (جنوب) بالمؤن».
وجاء ذلك في وقت دعا فيه الناشطون على موقع «فيس بوك» إلى مظاهرات جديدة غدا الجمعة، التي اختاروا لها عنوان «صمتكم يقتلنا»، في إشارة إلى الصمت العربي حول إدانة جرائم النظام السوري ضد شعبه.
وبعد يوم من اعتصام للأطباء في مستشفيين في مدينة حلب، طالبوا فيه بإطلاق سراح المعتقلين، نفذ أمس مئات المحامين اعتصاما في قصر العدل في حلب. وقال ناشط حقوقي من حلب إن «المحامين اعتصموا للمطالبة باستقلالية النقابة والتأكيد على حرمة الدم السوري وهم يهتفون: النقابة حرة حرة.. والشبيحة تطلع بره».
وشهدت حلب أمس أيضا إغلاق جامع آمنة بنت وهب، الذي شهد مظاهرات في الأسابيع الأخيرة، من قبل مديرية أوقاف حلب. وجاءت الخطوة مع اقتراب شهر رمضان، وتزايد إجراءات الحد من التظاهر في المدينة. ونفت مديرية أوقاف حلب أن يكون إغلاق جامع آمنة بنت وهب سببه الخوف من المظاهرات، وقالت إن الإغلاق كان بهدف «تنفيذ أعمال صيانة تنتهي خلال الأيام القليلة المقبلة».
من جهة أخرى، انطلق في اسطنبول أمس الملتقى التنسيقي الأول لنشطاء ومجموعات عمل الثورة في سوريا، والذي يعقد على مدار أربعة أيام بهدف تطوير التنسيق بين نشطاء ومجموعات عمل الثورة السورية في الداخل والخارج. وقال الناشط السياسي الشاب معاذ السباعي، المنسق العام لملتقى النشطاء السوريين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف الاستراتيجي للقاء الذي شارك فيه نحو 200 شخص، هو خلق «نواة لمؤسسات المجتمع المدني التي ستسهم في مرحلة البناء بعد إسقاط النظام».
إلى ذلك، قالت مصادر فرنسية إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عبرا عن «الذهول» إزاء ارتفاع أعداد ضحايا أعمال القمع في سوريا و«أسفهما» لكون الوعود الإصلاحية التي يطلقها النظام لا تترجم عمليا على أرض الواقع. وجاء ذلك في إطار غداء العمل بقصر الإليزيه الذي جمع ساركوزي والملك عبد الله الثاني بمناسبة الزيارة التي قام بها العاهل الأردني إلى فرنسا أمس.
 
قوات الأمن تجتاح مدينة الكناكر وتقتل 11 شخصا بينهم طفل.. ومحامو حلب يتظاهرون بعد أطبائها
ناشطون يدعون الشعب لسحب أمواله من المصارف السورية «لاستنزاف النظام اقتصاديا»
لندن: «الشرق الأوسط»
اجتاحت القوات الأمنية السورية أمس مدينة كناكر الواقعة غرب العاصمة دمشق، وقتلت أحد عشر شخصا على الأقل، بينهم طفل في السابعة من العمر، وذلك أثناء عمليات مداهمة في المدينة، بينما استمرت الحملات الأمنية في عدد من مدن ريف دمشق حيث تم اعتقال مئات فيها.
وجاء ذلك في وقت دعا فيه الناشطون على موقع «فيس بوك» إلى مظاهرات جديدة يوم غد الجمعة، التي اختاروا لها عنوان «صمتكم يقتلنا»، في إشارة إلى الصمت العربي حول إدانة جرائم النظام السوري ضد شعبه.
وفي خطوة تصعيدية، دعا الناشطون السوريين إلى سحب أموالهم من المصارف السورية، وقالوا في بيان موقع من «شباب الثورة السورية»، ونشر على صفحة الثورة السورية على موقع «فيس بوك»، إن من «واجب كل السوريين أن يسحبوا مدخراتهم وأموالهم من البنوك السورية.. للضغط بقوة أكبر وأقصى على النظام لإنهاكه واستنزافه اقتصاديا». وأضاف البيان أن «النظام يستغلنا لتمويل السجون والمعتقلات والشبيحة والأمن والمخابرات.. كل ذلك يتمول بأموالنا التي هي في البنوك حاليا، لذا فإنه واجب علينا سحبها وتحويلها إلى عملة صعبة.. لأن الليرة في طريقها إلى الانهيار».
وشهدت حلب أمس مظاهرة للمحامين - بعد يوم من اعتصام للأطباء في مستشفيين في المدينة - طالبوا فيها بإطلاق سراح المعتقلين. وقال ناشط حقوقي من حلب فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مئات المحامين قاموا بالاعتصام داخل منتدى النقابة في قصر العدل في حلب».
وأضاف الناشط أن «المحامين اعتصموا للمطالبة باستقلالية النقابة والتأكيد على حرمة الدم السوري وهم يهتفون (النقابة حرة حرة.. والشبيحة تطلع بره)». وأشار الناشط إلى أن «أمين فرع النقابة قرر إغلاق المنتدى لأجل غير مسمى داعيا المحامين إلى فض الاعتصام».
في الوقت الذي صعدت فيه الأجهزة الأمنية السورية حملة الاعتقالات في ريف دمشق، اعتبر الرئيس السوري بشار أن الجالية السورية في المغترب «تشكل ركيزة أساسية في عملية الإصلاح» وذلك خلال استقباله يوم أمس وفدا من الجالية السورية في المملكة العربية السعودية. وقال بيان رسمي إن الحديث خلال اللقاء دار حول «الأحداث التي تشهدها سوريا ودور كل فرد سواء داخل البلد أو في المغترب في دعم مسيرة الإصلاح وتوضيح حقيقة ما يجري ونقل هذه الحقيقة إلى الخارج». ونقل البيان عن الرئيس الأسد إعرابه عن «التقدير الكبير» للجالية السورية في المغترب التي «سارعت إلى دعم بلدها بشتى الوسائل والتي تشكل ركيزة أساسية في عملية الإصلاح».
من جهة أخرى، قال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الأمن العسكري نفذ عمليات مداهمة قتل خلالها 11 شخصا واعتقل أكثر من 250 شخصا». وأورد قربي للوكالة لائحة بأسماء القتلى. وأكد قربي أن «العملية الأمنية التي تمت في كناكر (25 ألف نسمة) تقدمها تركس (جرافة) ترافقه دبابات من الجيش واستهدفت الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و40 عاما». وأوضح أن «نحو إحدى عشرة حافلة قامت بنقل المعتقلين» من البلدة التي «قطع عنها التيار الكهربائي والمياه والإنترنت». وأكد قربي أن «عملية المداهمة جرت في كناكر كرد انتقامي لأنها أدت دورا بتزويد مدينة درعا (جنوب) بالمؤن».
وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان لائحة بأسماء ثمانية قتلى في البلدة نفسها. وقال المرصد إن «قوات الأمن والجيش التي كانت في محيط الكسوة اتجهت فجرا نحو كناكر وقامت بدهم المدينة مع إطلاق نار كثيف». وأضاف أن «أهالي كناكر قاوموا الدبابات بالحجارة وإحراق الإطارات والتكبير». وأشار إلى «وجود سبع دبابات على الجهة الغربية من البلدة وسبع أخرى عند مدخل البلدة وأربع دبابات من الجهة الشرقية دخلت البلد يتقدمها تركس كبير (جرافة)». وأكد أن «أربع دبابات تراجعت حتى مدخل البلدة الشرقي تحت وابل الحجارة الذي انهمر عليها من الثوار الذين أعادوا وضع الحواجز التي أزالها التركس». وقال المرصد إن «مساجد البلدة تحولت إلى مستشفيات ميدانية».
من جهته، أكد رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي أن مدينة درعا (جنوب) معقل الاحتجاجات ضد النظام السوري «تخضع منذ السبت لحظر تجول يومي.. مع التشديد (الإجراءات الأمنية) على مداخل المدينة وانتشار حواجز للجيش». وأكد أن «المدينة في حالة غليان».
وأكد «اعتقال نحو 300 شخص مساء أمس وأول من أمس في مدينة السيدة زينب والمئات في مدينة الحجر الأسود (ريف دمشق)». كما لفت إلى «استمرار حملات الاعتقالات في حي برزة في دمشق في الزبداني». وأشار المرصد إلى «توجه العديد من سيارات الأمن والجيش من الصبورة (ريف دمشق) نحو الزبداني التي شهدت خروج مظاهرة مسائية» يوم أول من أمس. وأضاف «كانت هناك سيارات أمن وجيش تسير في الشوارع ترافقت مع حملة اعتقالات للناس من الشوارع والحواجز ومصادرة لأجهزة الكومبيوتر المحمولة، مع ازدياد ملحوظ في عدد الحواجز الأمنية المنتشرة في المدينة».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان نقل عن تنسيقية تجمع أحرار دمشق وريفها للتغيير السلمي أن «شابا من مدينة حرستا قتل أمس الثلاثاء على أحد الحواجز في المدينة، ثم تم نقله إلى مشفى حرستا العسكري». وأشار المرصد إلى أن حملة أمنية بدأت فجر أمس في حي برزة حيث انتشرت قوات من الأمن والجيش في كل شوارع الحي». وأوضح المرصد أن «نحو 14 حافلة خضراء اللون مليئة بعناصر مدججة بالسلاح وسيارات فيها عناصر مسلحة بأسلحة رشاشة شوهدت في الشارع العام»، معربا عن «تخوف من بدء حملة مداهمات للبيوت واعتقالات».
 
لجان التنسيق المحلية في سوريا.. تحالف يضم عشرات المجموعات التي تنظم التحركات الشعبية
تضطلع بالتواصل بين منسقيات المناطق
بيروت: ليال أبو رحال
منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية السورية في منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، نشأ الكثير من التجمعات الشبابية والتشكيلات المعارضة للنظام السوري والمطالبة بالانتقال إلى نظام جديد أكثر ديمقراطية وحرية. وإلى جانب نشاطاتها الميدانية، نجحت هذه المجموعات في إحداث ثورة «افتراضية» على شبكة الإنترنت، لاعبة دور الوسيط في نقل المعلومات وأخبار التحركات من الشارع إلى وسائل الإعلام حول العالم أجمع.
وتشكل لجان التنسيق المحلية في سوريا واحدة من الجبهات الضاغطة والفاعلة على امتداد معظم المحافظات السورية. فبعد أن تشكلت العشرات من المجموعات الصغيرة التي أخذت على عاتقها منذ انطلاق التحركات مهمة الاجتماع والتخطيط وتنظيم التحركات والمظاهرات على الأرض وفي نطاقها المحلي، سعت هذه المجموعات ومع تطور سير الاحتجاجات إلى تنظيم أكبر فيما بينها لتحقيق التواصل والتنسيق في حراكها الميداني وموقفها السياسي تحت اسم «لجان التنسيق المحلية في سوريا»، التي تضم اليوم ناشطين ميدانيين وإعلاميين وحقوقيين ومفكرين سوريين في معظم المدن السورية.
ومن أجل جعل عملها أكثر تنظيما، أنشأت هذه اللجان، كما يوضح أحد الناشطين في إطارها لـ«الشرق الأوسط»، مكتبا إعلاميا، لا سيما أن معظم الناشطين الأوائل في صفوفها هم من العاملين في الحقل الإعلامي والحقوقي، ليصار بعدها إلى تشكيل مكتب ممثلي اللجان الذي يضم ممثلا عن كل مجموعة تنسيقيات في المناطق، إضافة إلى مكتب اللجان الخارجي المخصص لتنسيق عمل الشباب السوري المعارض في دول الاغتراب وتشكيل صلة وصل بين معارضي الداخل والخارج.
ويوضح الناشط السوري أن هيئة استشارية تضم عددا كبيرا من المعارضين والمفكرين والمثقفين السوريين المعروفين ومن كل الأطياف، تعمل إلى جانب لجان التنسيق المحلية من خلال تقديم المشورة لهم في المواضيع التي تحتاج إلى البحث والنقاش.
وينشط مكتب التنسيق الإعلامي المنبثق عن لجان التنسيق المحلية في التواصل مع ممثلي اللجان في المناطق بشكل مستمر، من أجل تحديد خطة السير في مختلف الميادين السياسية والإعلامية والميدانية. كما يتلقى المعلومات والأخبار عن التحركات الشعبية ويتأكد من دقتها وصياغتها قبل ترجمتها ونشرها على صفحة «فيس بوك» وتوزيعها عبر البريد الإلكتروني إلى وسائل الإعلام ووكالات الأنباء. كما يضع المكتب الإعلامي الناطقين باسم لجان التنسيق في صورة ما يحدث ويقدم لهم معلومات دقيقة للتصريح بها.
ولا ينكر الناشط السوري أن لجان التنسيق لا تختصر وحدها الشارع السوري، بل هي جزء من حركة هذا الشارع لا سياسيا وإعلاميا فحسب، بل ميدانيا أيضا، ذلك أن الناشطين في إطارها كانوا في طليعة من خرج في انتفاضة الكرامة في منتصف شهر مارس. ويشير إلى أن «التنسيق قائم بالحد الذي نرضى عنه مع بقية التشكيلات السورية المعارضة المشاركة في التحرك الميداني، وكذلك الأمر مع التشكيلات السياسية الفاعلة داخل سوريا وخارجها».
وفيما تتابع مجموعات وأعضاء لجان التنسيق المحلية نشاطها الدؤوب في سوريا، كل ضمن إمكانياته وفي مجاله، فإن أسماء أبرز القيمين عليها والناشطين فيها تبقى طي الكتمان «حفاظا على سلامتهم وأمنهم الشخصي من جهة، وضمانا لاستمرارية عمل اللجان بما يخدم الانتفاضة وبلوغها أهدافها من جهة ثانية» على حد تعبير الناشط السوري، الذي يؤكد أن معظم الأسماء «يعرفها الشارع السوري جيدا ولها باع طويل في مقارعة الاستبداد».
 
إغلاق جامع في حلب شهد مظاهرات.. ووزير الأوقاف: علماء سوريا أكدوا حرمة التظاهر
مديرية الأوقاف تنفي أن يكون سبب الإغلاق الخوف من المظاهرات مع اقتراب شهر رمضان
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
قالت مصادر محلية في مدينة حلب أمس، إن مديرية أوقاف حلب قامت بإغلاق جامع آمنة بنت وهب، الذي شهد مظاهرات في الأسابيع الأخيرة، في خطوة جاءت مع اقتراب شهر رمضان، وتصاعد الحملات الأمنية لاعتقال الناشطين في المظاهرات، وتزايد إجراءات الحد من التظاهر في المدينة. ومن المتوقع تصاعد حركة الاحتجاج والتظاهر خلال شهر رمضان لا سيما عقب صلاتي التراويح والفجر، إذ توعد الناشطون السوريون النظام السوري بأن يكون كل يوم في شهر رمضان يوم جمعة. ونفت مديرية أوقاف حلب أن يكون إغلاق جامع آمنة بنت وهب سببه الخوف من المظاهرات، وقالت إن الإغلاق كان بهدف «تنفيذ أعمال صيانة تنتهي خلال الأيام القليلة القادمة». ونقل موقع «عكس السير» الإلكتروني عن معاون مدير الأوقاف حلب الشيخ محمد عبد الله السيد، قوله إن «المسجد لم يغلق على الإطلاق، وإنما يخضع لعملية صيانة لن تتعدى أياما قلائل وذلك بغية تجهيزه لشهر رمضان المبارك». وأكد السيد أن «المسجد سيكون جاهزا لاستقبال المصلين طيلة أيام الشهر الفضيل بما في ذلك صلاة التراويح»، نافيا أن تلجأ مديرية الأوقاف لإغلاق أي مسجد في حلب بحجة المظاهرات التي يمكن أن تشهدها. إلا أن أهالي الحي قالوا «إن إغلاق المسجد جاء نتيجة المظاهرات التي تنطلق بعيد صلاة الجمعة وإمكانية أن يتكرر ذلك خلال شهر رمضان وصلاة التراويح». وكان إمام مسجد آمنة، الشيخ عبد اللطيف الشامي، قد أشار في تصريح قبل أيام إلى أن «مسجد آمنة أغلق منذ يوم السبت بقرار من مديرية الأوقاف في حلب». ويتهم الناشطون في مدينة حلب إمام مسجد آمنة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، لتسليم المتظاهرين. ويوم الجمعة الماضي (جمعة أحفاد خالد) تم إقفال الباب الخلفي للجامع بإيعاز من إمام الجامع، واحتجز المتظاهرون في الداخل، ليهجم عليهم عناصر الأمن والشبيحة بالضرب مستخدمين الهراوات والعصي والسكاكين. وقال ناشطون في منتدى «شباب مستقبل سوريا» إن «شابا استشهد هناك بطعن السكاكين على يد الشبيحة»، كما تم اعتقال نحو مائة شاب. وكان ناشطون في المنتدى حذروا من اتخاذ جامع آمنة مكانا للتظاهر بسبب الوجود الأمني المكثف في محيط المسجد. إلى ذلك، نفى وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد ما تناقلته وسائل الإعلام عن انعقاد اجتماع في دمشق تم فيه «تدارس موضوع صلاة التراويح وانتهى بقرار بمنع صلاة التراويح في المساجد». وقال «كل ما نشر عن هذا الاجتماع عار عن الصحة، وأن هذا الاجتماع لم يحدث قط إلا في ذهن من فبركه».
وأكد وزير الأوقاف خلال لقائه يوم أمس مع علماء الدين الإسلامي والأئمة والخطباء في محافظتي دمشق وريفها في جامع العثمان أن «المساجد في رمضان ستعمر بالقرآن الكريم والذكر والتهجد في ظلال واحة من الأمن والأمان والسكينة». وأضاف موضحا أن «كل ما يتعلق بالعبادات والفرائض ليس خاضعا للنقاش، وأنه في رمضان المقبل وكما جرت العادة سيختم القرآن الكريم كاملا، وسيتم نقل صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت وتشجيع إقامة الدروس الفقهية ودروس التلاوة والسيرة النبوية في المساجد كافة». وأشار محمد عبد الستار السيد إلى الدور «الكبير» للعلماء والأئمة والخطباء في سوريا في «العمل على وأد المؤامرة التي تتعرض لها سوريا وتوعية المواطنين بأبعاد هذه المؤامرة»، لافتا إلى أن «علماء سوريا أكدوا حرمة التظاهر». وقال إن «العلماء كانوا لهؤلاء المغرضين بالمرصاد وحصنوا البلاد والعباد ومنعوا التحريض وهدأوا النفوس ومنعوا انجرار البلاد إلى ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى عنه، ومنعوا من يريدون الإساءة للعلماء ولبيوت الله من تحقيق أهدافهم المشبوهة».
من جهته، حذر الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، رئيس الحلقات العلمية في الجامع الأموي، من «الحركات الهدامة التي تهدف لاجتثاث الإسلام قبل أي شيء آخر وهي الآن تفعل أي شيء بغية الوصول إلى أهدافها المشبوهة ولو عبر القتل واستباحة الحرمات وتخريب البلاد».
 
ناشطون سوريون يتهمون حزب الله والأمن السوري بممارسة «الإرهاب» لقمع الانتفاضة
نظموا مسيرة في القاهرة لوقف «حرب الإبادة الجماعية» قبل شهر رمضان
القاهرة: محمد عجم وصلاح جمعة
انطلقت من أمام مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة أمس مسيرة حاشدة تضم عائلات وأسرا وشبابا وأطفالا سوريين مقيمين بالقاهرة من المناوئين لنظام بشار الأسد، إلى جانب عدد من النشطاء السوريين المقيمين في دول أوروبية وعربية من الموجودين بالقاهرة حاليا، استنكارا للصمت الدولي إزاء ما يحدث في سوريا، والمطالبة بوقف «حرب الإبادة الجماعية» ضد السوريين قبل شهر رمضان.
ردد المشاركون في المسيرة هتافات معادية للنظام السوري، واتهموا كلا من الأمن السوري وإيران وحزب الله «بممارسة أبشع أشكال العنف والإرهاب» لقمع الانتفاضة في جميع أنحاء سوريا.
وقال المعارض والنائب السوري السابق محمد مأمون الحمصي لـ«الشرق الأوسط» إن المسيرة تعد الأضخم منذ بدء الانتفاضة في سوريا في 15 مارس (آذار) الماضي، حيث تطوف شوارع القاهرة على مدى يومين وسيكون لها وقفات أمام مقر الجامعة العربية ومكتب الأمم المتحدة بالقاهرة وسفارات عدد من الدول العربية والأجنبية، لتشكيل حركة شعبية ورسمية تفتح الأفق لإنقاذ سوريا وتلعب دورا لصالح النشطاء.
وأكد الحمصي أن المسيرة مكونة من عدد من الباصات والسيارات عليها أعلام سوريا وصور الشهداء من النساء والشيوخ والأطفال الذين سقطوا برصاص الأمن السوري والشبيحة خلال خروجهم للمطالبة بالحرية في كافة المدن والبلدات السورية، كما تحمل السيارات الطبول والإذاعات التي تمكن السوريين من نقل وجهة نظرهم للحصول على مؤازرة المصريين لإنقاذ الشعب السوري.
وقال الحمصي: «التاريخ لن يسامح الصمت المتواطئ والفاضح من قبل الإعلام العربي والدولي على مجازر بشار الأسد تجاه الشعب السوري، لذا فالمسيرة تهدف إلى إرسال رسالة للمجتمع العربي والدولي بأن عليه الوقوف بجوار ثورة الشعب السوري من أجل إسقاط هذا النظام الفاشل والفاسد»، موضحا أن اللافتات والشعارات التي تم رفعها بالمسيرة كلها تطالب بدعم الثوار داخل سوريا، والإسراع باتخاذ إجراءات فورية لحمل النظام السوري على وقف ممارساته القمعية ضد الشعب الأعزل.
وأشار إلى أن المسيرة تكتسب أهميتها من كونها تأتي قبيل أيام من حلول شهر رمضان المبارك وما يمثله من قدسية ومناسبة لحقن الدماء وحفظ الأرواح وتقديم المساعدة للمحتاجين.
وأوضح بيان صادر عن المسيرة وتم تسليمه إلى مكتب الأمم المتحدة بالقاهرة وسفارات عدد من الدول العربية والأجنبية، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن المجازر المرتكبة ضد أبناء الشعب السوري واضحة المعالم وأن النظام السوري وكلا من إيران وحزب الله متورطون في ارتكابها وتنفيذها. وانتقد البيان موقف جامعة الدول العربية إزاء ما يجري في سوريا واصفا صمتها بـ«صمت القبور»، مشيرا إلى أن الزيارة التي قام بها الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي مؤخرا إلى دمشق تمثل تحديا لتطلعات شعب سوريا وتضفي شرعية على النظام السوري لا يستحقها. وطالب البيان دول مجلس التعاون الخليجي بالتحرك لمناصرة ثورة سوريا والقيام بدور فاعل من أجل حماية الشعب السوري بعد أن أغلقت أبواب جامعة الدول العربية أمام الثوار.
وحذر البيان من أن «النظام السوري أعد خطة تعتمد على أسلوب إرهابي سيتم تنفيذها خلال شهر رمضان المبارك لإجهاض الثورة تتضمن منع المصلين من أداء صلاة التراويح بالمساجد والتضييق على ممارسة الشعائر الدينية والتهديد باعتقال كل من يخالف ذلك»، داعيا «كل الشرفاء من أجل التحرك لإنقاذ شعب سوريا».
يذكر أن المسيرة تأتي استكمالا لجهود الجالية السورية والمعارضين السوريين بالقاهرة، التي تزامنت منذ بداية الانتفاضة، حيث ينظمون الكثير من الوقفات الاحتجاجية أمام سفارتهم للمطالبة بطرد السفير السوري يوسف أحمد، إلى جانب مظاهراتهم المتعاقبة أمام مقر جامعة الدول العربية بهدف تشكيل ضغط على مسؤولي الجامعة لاتخاذ قرار وموقف إيجابي يحقن دماء السوريين.
 
ناشط من درعا بعد هروبه: المنطقة لا تزال ثكنة عسكرية.. وما حصل من «فظاعات» يحتاج إلى مجلدات
«الشرق الأوسط» تقدم قصة الطيار المدني الذي شغل أجهزة الأمن السورية وكان نجم الفضائيات العالمية
إسطنبول: ثائر عباس
بعد طول تخفّ، قرر «شاهد العيان» السوري عبد الله أبا زيد أن يكشف عن شخصيته، بعد أن غادر سوريا بطريقة غير مشروعة إلى الأردن، ومنه إلى تركيا، مقر إقامته الجديد حتى إشعار آخر. يسمونه «شاهد العيان» ويسمي نفسه أحد «الأشخاص الذين كانوا يحاولون نقل الحقيقة من درعا وإيصالها إلى العالم الخارجي». أما اسمه الحقيقي فهو عمر عللوه، طيار مدني كان يعمل في شركة طيران أردنية خاصة، امتهن في الفترة الأخيرة تصوير المظاهرات واقتحام برادات الجثث في المستشفيات في درعا التي بات ممثلا لتنسيقياتها في الخارج الآن بعدما عمل منذ اندلاع المواجهات متخفيا فيها.
عللوه، شرح لـ«الشرق الأوسط» من إسطنبول التي يمثل فيها تنسيقية درعا، ما حصل معه منذ 15 مارس (آذار) وحتى الأول من يوليو (تموز) عندما تمكن من مغادرة البلاد تاركا فيها «نسائم الحرية التي هبت ولم يعد أحد قادرا على إخمادها» كما يقول. يشير عللوه إلى أن «الثورة السورية بدأت في درعا يوم الجمعة في 18 مارس عندما خرج الناس للمطالبة بإصلاحات، ولم يكن هناك أي سقف عال يطلب إسقاط النظام أو ما شابه. لكن تسلط النظام والتصرفات العنجهية التي قام بها مسؤولوه والتي أدت إلى مقتل صديقين لي في درعا، حسام عبد الله عياش ومحمود قطيش جوابرة، ومن يومها بدأت الشرارة». ويقول: «أنا لم أكن أنتمي إلى أي حزب موال أو معارض، ولم يكن لدى أهلي أية ميول سياسية. أنا طيار مدني، كنت متوقفا عن العمل لأسباب شخصية لها علاقة بشركة الطيران التي أعمل لديها، لكن ما حصل في درعا أجبرني، ومن معي، على التواصل مع وسائل الإعلام العربية والعالمية لنقل الصورة. كانت البداية كتابيا، عن طريق الرسائل الإلكترونية وبرامج التحادث. لكن الأمر تطور إلى أن أخذوا أرقام هواتفنا السورية وتواصلوا معنا. في البداية كنا شهود عيان من دون أي اسم، وكنا ننقل الخبر بمصداقية وشفافية عالية. كنا نتأكد من الخبر ونقاطعه مع أخبار أخرى. وكنا لا نعطي أعداد الشهداء إلا بعد أن نتأكد منها. ونذكرها بالاسم الثلاثي حتى لا يحصل أي تكذيب».
بعد قطع الاتصالات والإنترنت بدأ الناشطون ومن ضمنهم عللوه باستحضار أجهزة الثريا، ويقول: «أنا كان لدي جهاز أصلا كوني كنت طيارا مدنيا وكنت أستعمله كثيرا، وكان لدي خط إماراتي ولدي فواتير، حتى لا يقال إننا مدعومون خارجيا». ويضيف: «ما دفعنا إلى ركوب المخاطر وسلوك هذا الدرب، هو الدماء التي رأيناها، والتي سالت فقط لأنها طالبت بالحرية. لم أكن وحدي، بل من ضمن مجموعة من الشباب الذين تحركوا من مختلف الانتماءات الاجتماعية لأننا بدأنا نشعر أن نسائم الحرية بدأت تهب على وطننا الحبيب».
بدأ عمر عمله تحت اسم «شاهد عيان» ثم سمى نفسه عبد الله أبا زيد، وكان عمل في الخفاء. حتى أهله، لم يكن أحد منهم يعرف أنه يعمل مع القنوات الفضائية، وأنه كان يرسل إليها الصور ومقاطع الفيديو مستعينا بخط إنترنت سريع غير سوري. ويقول: «كنت أمتلك كاميرا، هي صديقتي المفضلة، أصور بها كافة المظاهرات، وأصور مقاطع عن الشهداء. وقد دخلت بها أكثر من مرة إلى مستشفى درعا الوطني وإلى براد الجثث فصورتها وصورت ما حل بها من إصابات. وتكلمت مرة مع قناة (بي بي سي) من داخل المستشفى، وخاطرت بذلك بحياتي وحياة المريض الذي كان معي. كانت يومها مجزرة إزرع كما تسمى، وقد تحدث أحد المصابين عن ما جرى معه، وهذا المصاب استشهد في مظاهرة لاحقة».
أما لماذا ركوب المخاطر، الجواب بسيط عند عللوه: «كنا نريد أن نرسل الصوت والصورة إلى الخارج حتى نفضح ممارسات النظام الذي تفنن إعلامه في تفنيد وتكذيب كل من خرج مناديا بالحرية».
اللافت أن الكثير من مقاطع الفيديو التي حصل عليها عللوه وأرسلها إلى القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، هي مقاطع صورت بكاميرات أجهزة الأمن التي باع عناصرها لعللوه ورفاقه المقاطع بأسعار زهيدة، وأبرزها تلك المشاهد المروعة التي بثت على الهواء وهي تظهر جنودا يتنقلون فوق جثث على سطع مسجد الكرك في درعا، وهو مقطع اشتراه عللوه بمبلغ 40 دولارا أميركيا فقط من جندي يقول إنه ظهر في الشريط. ويشرح قائلا «اشترينا الكثير من مقاطع الفيديو من رجالات النظام، وبمبالغ زهيدة. ومن هذه المقاطع تلك التي ظهرت فيها الدبابات تسحق الدراجات النارية. ومنها مجزرة الكرك التي حصلت عليها من شخص هو عضو في وحدة (المهام الخاصة) وهي تابعة للمخابرات والجيش. وحصلت على أسماء الضباط بالكامل، والشاب موجود اسمه لدي. هؤلاء الشباب الذين قتلوا كانت مهمتهم إيصال الأغذية والحليب والأدوية إلى المحاصرين في درعا، وتم قتلهم على سطح مسجد الكرك، ثم التفنن في التمثيل بجثثهم على سطح المسجد. ومن غباء هذا النظام وأجهزة المخابرات أنهم كانوا يصورون أنفسهم يضعون الأسلحة والذخائر على الجثث. هذا الفيديو دفعت ثمنا له 2000 ليرة سورية (40 دولارا فقط) من جندي يظهر في الشريط (طلال الأحمد ظهر في الفيديو يرفع شارة النصر ويضع في يده اليسرى مشدا طبيا بلون أزرق) وهو لم يبعه تعاطفا معنا، بل لحاجته إلى المال، وهذا ما يظهر نوعية المرتزقة التي يضعونها في هذا الجيش الذي يضم الكثير من الشرفاء».
لم يكتشف أمر عمر، إلا عندما ظهر مفتي درعا الشيخ رزق أبا زيد على التلفزيون متراجعا عن استقالة أعلنها قبل مدة. الشيخ أبا زيد، قال إن عمر هو نفسه عبد الله أبا زيد، واتهمه بأنه كان من «غرر به» وأقنعه بالاستقالة مقابل جهاز اتصالات متطور. يؤكد عللوه أن المفتي «استقال من تلقاء نفسه ومن دون أي تدخل من قبلنا. أنا في الشارع لم يكن لدي ثقل، كوني كنت أعمل متخفيا ومن تلقاء نفسي، لكن الشيخ - سامحه الله - بعد أن رأى أن الحصار اشتد على درعا ظن أن الكفة رجحت إلى جانب النظام فأراد أن يعود عن استقالته، وهكذا كان يجب أن يقدم تنازلات، وتنازله كان تقديم لائحة بأسماء النشطاء الذين كانوا يتواصلون مع الإعلام العالمي، وكان اسمي على رأس القائمة التي تلاها في لقائه على تلفزيون (الدنيا) الموالي للنظام. قائلا إن عبد الله أبا زيد هو عمر عللوه، وادعى أنني وعدته بجهاز ثريا إذا استقال. هو استقال أمام الناس جميعا، وأنا لم أعده بشيء، وهو على أية حال يدين نفسه بذلك إذا صدقنا أنه استقال طمعا بجهاز ثريا». ويضيف: «بعد التصريح باسمي، تواريت مباشرة، فاعتقلوا إخوتي الثلاثة. وذهبت إلى إحدى القرى القريبة من درعا. وكنت أتنقل لأنام في بيت وأقضي النهار في بيت آخر، وكنا على الغالب ننام في السهول وبين الأشجار. وفي إحدى المرات داهموا مزرعة لوالدي، وكنت أراقبهم دائما من بعيد، وأسجل أرقام سياراتهم ثم أبثها على الهواء مباشرة».
تواريت فترة، وخلال هذه الفترة بث الشباب خبر اعتقالي حتى يخففوا من حملة البحث عني، لأنه لا يوجد تنسيق بين أجهزة المخابرات المختلفة، فغالبا ما نرى أن جهازا يبحث عن شخص هو معتقل لدى جهاز آخر. مشيت اللعبة وصدقت أجهزة الأمن، فخرجت إحدى مذيعات قناة «الدنيا» لتقول على الهواء «اليوم نفد الشحن من موبايل عبد الله أبا زيد». وهكذا تمكنت من الخروج بطريقة غير مشروعة، فاتخذ البلد الذي دخلت إليه الإجراءات القانونية بحقي لكنهم كانوا طيبين للغاية، ومن ثم رحلوني إلى تركيا بناء على طلبي.
في منفاه الجديد يقول عللوه: «ما حدث من فظائع في درعا يعجز اللسان عن وصفه ويحتاج إلى مجلدات لنشره. درعا لا تزال بمثابة ثكنة عسكرية، وهي في الأساس كانت منطقة حرجة. الجنود الذين دخلوا إلى درعا 30 ألفا، وهذا رقم مؤكد نقله إلي أحد الضباط الشرفاء ال ذين لا يزالون في مواقعهم. وأنا أبشر الجميع أن هناك من الشرفاء من ينتظرون إشارة والانشقاقات كثيرة وهي انشقاقات بالفرق وليست فردية. هذا تكتيك، هم عسكر وهم أدرى بما يفعلونه».
 
ساركوزي وعبد الله الثاني «مذهولان» من ارتفاع أعداد ضحايا القمع في سوريا
العاهل الأردني التقى بالرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة.. وباريس تشيد بطريقة تعامله مع المظاهرات وبالإصلاحات
باريس: ميشال أبو نجم
نقلت مصادر قصر الإليزيه عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والملك الأردني عبد الله الثاني تعبيرهما عن «الذهول» إزاء ارتفاع أعداد ضحايا أعمال القمع في سوريا و«أسفهما» لكون الوعود الإصلاحية التي يطلقها النظام لا تترجم عمليا على أرض الواقع. وأعرب رئيسا الدولتين في تحليلهما لمجريات الأحداث في سوريا، عن «المخاوف» المترتبة على التطورات الجارية على «الاستقرار الإقليمي» بما في ذلك على الأردن جار سوريا الجنوبي.
جاء ذلك في إطار غداء العمل بقصر الإليزيه الذي جمع ساركوزي وعبد الله الثاني بمناسبة الزيارة التي قام بها العاهل الأردني إلى فرنسا أمس. والتقى عبد الله الثاني، إضافة إلى الرئيس الفرنسي، برئيس الحكومة فرنسوا فيون، حيث تركز البحث على العلاقات الثنائية وكيفية تعزيزها، كما جرى التوقيع على اتفاقية تعاون بين الوكالة الفرنسية للتنمية والأردن، حيث تحصل عمان بموجبها على مساعدات سنوية قيمتها 200 مليون يورو وفق برنامج من ثلاث سنوات.
وكان الملف السوري أحد الملفات الرئيسية في محادثات العاهل الأردني في باريس. وشارك في غداء الإليزيه وزيرا الخارجية ألان جوبيه وناصر جودة ومستشارو الزعيمين وكذلك وزير الصناعة إريك بيسون بسبب بحث ملف التعاون النووي ومشاركة شركة «أريفا» الفرنسية المتحالفة مع شركة «ميتسوبيشي» اليابانية في المنافسة للفوز بعقد بناء مصنع نووي في الأردن.
ونددت باريس أمس مجددا بعمليات القمع المستمر للمظاهرات الاحتجاجية في سوريا، واصفة إياها بـ«الهمجية». وقالت «الخارجية» في مؤتمرها الصحافي الإلكتروني إن ما يجذب الانتباه اليوم هو «واقع القمع الهمجي الذي يصيب المدنيين يوما بعد يوم و(نهج) الهروب إلى الأمام الذي يسلكه النظام مما يقود إلى طريق مسدود من شأنه تهديد الاستقرار في المنطقة».
وجددت الخارجية الفرنسية ثقتها بسفيرها في دمشق إريك شوفالييه في ما اعتبر ردا على كتابات ظهرت في الفترة الأخيرة بالصحافة اللبنانية تحدثت عن «فقدان الثقة» بالسفير شوفالييه بسبب الزيارة التي قام بها إلى حماه والتي أثارت أزمة حادة بين باريس ودمشق. وقالت الخارجية إن شوفالييه «يعبر عن موقف فرنسا ويحظى بكامل الثقة».
وتدفع باريس مجددا باتجاه سلة عقوبات أوروبية إضافية على سوريا. وقالت مصادر فرنسية معنية بالملف السوري إن المهم أن تكون العقوبات «فعالة من غير أن تصيب المواطنين العاديين». ومن الأفكار التي يتم البحث فيها في الوقت الحاضر فرض عقوبات على قطاع الغاز والبترول السوري بحثا عن تجفيف مداخيل النظام وزيادة الضغوط السياسية والاقتصادية عليه لدفعه إلى تغيير سلوكه ووقف القمع وإجراء الإصلاحات التي يطالب بها المتظاهرون. لكن المصادر ترى أن العقوبات لا يمكن أن تأتي بنتائج حاسمة قبل مرور عدة أشهر. بيد أنها تمثل «رسائل واضحة» إلى السلطات السورية التي «تزيد من عزلتها» السياسية والدبلوماسية، كما أنها تصيب عددا من أركان النظام. وبأي حال، ترى باريس أن عودة «سوريا إلى الوراء» غير واردة.
وفي حين تستمر باريس في جهودها لإحداث تغيير في مواقف الدول المعارضة لإدانة سوريا في مجلس الأمن الدولي، فإنها تبدي اندهاشها من مواقف الدول العربية التي لا يبدو أنها «تكترث» لما يجري في سوريا. وكان ينتظر أن ينقل وزير الخارجية ألان جوبيه هذا الشعور إلى أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي استقبله في مقر الوزارة أمس بمناسبة زيارته الرسمية الأولى للعاصمة الفرنسية.
وحرص الرئيس الفرنسي، كما قالت مصادره، على «تهنئة» الملك عبد الله الثاني لطريقة تعامله السلمية مع المظاهرات في بلاده، التي تفادت وقوع ضحايا «بعكس ما هو حاصل في الجوار» في إشارة إلى سوريا. كما أشاد ساركوزي بإرادة الملك في إجراء إصلاحات وبالخطوات التي انتهجها لهذا الغرض.
واحتل موضوع مسار السلام وعزم الفلسطينيين التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف أممي بدولتهم وتقديم طلب انتساب إلى المنظمة الدولية، قسطا وافرا من محادثات العاهل الأردني عبد الله الثاني. وسعت باريس، عبر إعلان استعدادها للدعوة إلى مؤتمر مانحي الدولة الفلسطينية وعزمها على إعطائه بعدا سياسيا، إلى تفادي «المأزق» المتوقع في الأمم المتحدة وتحاشي انقسام الاتحاد الأوروبي وزيادة حرج واشنطن وعزلة إسرائيل. لكن المصادر الرئاسية تعترف أن نتائج الاتصالات الفرنسية ليست مشجعة، وبالتالي، فإن المؤتمر الموعود يرجح أن لا يتم لغياب شرطين أساسيين: وجود عملية تفاوضية، وغياب حكومة وحدة فلسطينية وفق تفاهم القاهرة. وبأي حال، لا تريد باريس أن تربط نفسها بموقف نهائي منذ الآن من موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن، وحجتها الأولى أنها تنتظر نص مشروع القرار الفلسطيني - العربي. أما موقفها المبدئي، فهو أنها «ستتحمل مسؤولياتها»، مما يعني أنها تترك نفسها حرة التصرف في انتظار التطورات.
 
ملتقى نشطاء الثورة السورية ينطلق في إسطنبول.. وهدفه خلق مجتمع مدني يؤسس لما بعد إسقاط النظام
ناشط سياسي لـ «الشرق الأوسط» : نهدف للتنسيق بين كل السوريين عبر العالم
القاهرة: هيثم التابعي بيروت – لندن: «الشرق الأوسط»
انطلق في اسطنبول أمس الملتقى التنسيقي الأول لنشطاء ومجموعات عمل الثورة في سوريا، والذي يعقد على مدار أربعة أيام بهدف تطوير التنسيق بين نشطاء ومجموعات عمل الثورة السورية في الداخل والخارج، بالإضافة إلى زيادة التعارف والتعاون بين النشطاء، كما يحتوي على دورات تدريبية في خمسة مجالات مختلفة يتبعها ورشات عمل متخصصة.
وحضر المؤتمر نحو 200 ناشط سوري من داخل وخارج سوريا، فيما شهد برنامج اليوم الأول عرض الشباب المشارك لتجاربهم ومشاهداتهم على الحدود السورية-التركية وكيفية تواصل الناشطين مع بعضهم البعض، ويومياتهم بين اللاجئين السوريين في معسكرات الإيواء في تركيا، وهو الجزء الذي كان مؤثرا بدرجة كبيرة.
وعلى عكس المؤتمرات الأخرى، التي نظمت في تركيا وشهدت خلافات بين المشاركين فيها، ساد التناغم والتنسيق التام في مناقشات الأمس، حيث حاول الجميع التنسيق فيما بينهم دون وجود خلافات في الرأي.
وقال الناشط السياسي الشاب معاذ السباعي، المنسق العام لملتقى النشطاء السوريين وعضو الهيئة التأسيسية لمؤتمر أنطاليا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الملتقى تعارفي تنسيقي تدريبي، يحضره نشطاء سوريون حول العالم، فالهدف الرئيسي له أن ننسق بين كل السوريين حول العالم».
وأوضح السباعي أن المؤتمر يهدف «مبدئيا إلى تكوين شبكة تضم الناشطين السوريين لمساندة السوريين في الداخل في المجالات الإعلامية واللوجستية والتقنية والحقوقية والإغاثية والسياسية»، مشيرا إلى أن الملتقى من خمس لجان هي: المجال الإعلامي، والمجال السياسي والاستراتيجي، والمجال الحقوقي، والمجال الإغاثي، ومجال التنسيق مع الداخل، إضافة إلى الدعم اللوجستي، ويمكن للمشارك الاختيار بينها.
وأشار السباعي إلى أن «الهدف الاستراتيجي للملتقى أن تكون جهود الناشطين الآن نواة لمؤسسات المجتمع المدني التي ستسهم في مرحلة البناء بعد إسقاط النظام»، موضحا أنه تمت مناقشة العديد من المشاريع الجديدة وكذلك تمت مناقشة نقاط الضعف وأساليب التطوير.
ولفت السباعي إلى أن الملتقي سيقدم جائزة «إبداع» لأفضل مشروع لدعم الثورة السورية، كما أعلن أن اجتماع النشطاء السوريين سيستمر في المستقبل حتى بعد إسقاط النظام بعيدا عن الحزبية وتحت مظلة خدمة الوطن.
وقال أحد منظمي الملتقى محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء هو «لمجموعة من الناشطين الشباب الذين يعملون في خدمة الثورة السورية»، مشيرا إلى أن قرارا اتخذ بإبعاده عن وسائل الإعلام بهدف حماية بعض الشخصيات التي تعمل في الداخل السوري. وأوضح سرميني أن هؤلاء الشباب كانوا يعرفون بعضهم من خلال «العالم الافتراضي» وكانوا بحاجة إلى اللقاء المباشر، مشيرا إلى أن الملتقى الذي سيدوم 4 أيام ستتخلله دورات تدريبية على وسائل الاتصال الإلكتروني والإعلام الاجتماعي حول كيفية تسخير هذه الوسائل في خدمة الثورة السورية.
وأمل سرميني أن ينتج عن هذا الملتقى «مؤسسة» تسهم في إغناء مؤسسات المجتمع السوري بعد سقوط النظام. موضحا أن الملتقى ليس مؤتمرا ولن تتخلله أية انتخابات أو تصدر عنه توصيات، وهدفه الأساس هو دعم الثورة السورية والانطلاق بفاعلية كبيرة في خدمتها. وكشف سرميني أن اللقاء عقد بدعوة من ناشطين سوريين وأنه بتمويل من مركز لندن للدراسات الاستراتيجية والإعلامية، وهو مركز بحريني مديره العام سوري.
ويهدف الملتقي، وهو أول اجتماع لناشطين سوريين على الإطلاق، عبر أربعة أيام من اللقاءات والدورات التدريبية للخروج بالآليات لتنسيق الجهود وتطوير أداء المجموعات العاملة وكذلك دعم التخصصية في عمل الناشطين لإعطاء أكبر قوة وزخم لعمل الناشطين من أجل الوصول لسوريا تعمها الحرية والديمقراطية والمساواة، حسب قول القائمين على الملتقى.
ودعا الدكتور عماد الدين رشيد، أحد قادة حركة الاحتجاج في سوريا والذي وصل مؤخرا إلى تركيا، الشبان الناشطين إلى «بناء مجتمع مدني يتخطى الانقسامات الآيديولوجية والعشائرية والدينية، ويكون شفافا ومستقلا». وعلق عقبة، وهو ناشط في الثامنة والعشرين من عمره يقيم في السعودية، لوكالة الصحافة الفرنسية بالقول «قد تبدو هذه المناقشات بالنسبة لأجنبي عديمة الفائدة! لكنها بالنسبة إلينا مهمة جدا لأن كل هذه العبارات جديدة كليا بالنسبة إلينا». ويضم الاجتماع أيضا عشرات الناشطين المقبلين من سوريا - نحو أربعين بحسب السباعي.
وأكد جمال الوادي، المتحدث باسم تنسيقية الثورة في درعا «في سوريا نريد إنشاء لجان تمثيلية في كل مدينة تترأسها جميعا لجنة وطنية. نريد الاستفادة من التدريبات المقترحة لتحديد سبل بلوغ هدفنا». وتمنى الوادي أيضا أن يسمح هذا الاجتماع بـ«ردم الهوة» بين الناشطين في سوريا وأولئك الموجودين في الخارج الذين «لا يدركون تماما مستوى المعاناة التي يعيشها الشعب في الداخل».
من جانبها قالت بهية مارديني، الناشطة السورية البارزة ورئيسة اللجنة العربية لحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط» إنها قدمت ورقة تخص الإعلام شرحت فيها مشاهداتها وتوصياتها، مؤكدة على أهمية الإعلام في دعم الثورات. وأشارت إلى أن الإعلام السوري بات منذ بدء الثورة يمارس «التشبيح» الإعلامي عبر ترويج أن كل من يعارض النظام هو خائن وعميل، وعبر ادعاءاته أن هناك استغاثات من أهالي المحافظات ليبرر دخول الجيش إليها ويبرر التنكيل.
وأشارت مارديني في كلمتها إلى ادعاءات الإعلام السوري عن عمليات نوعية ينفذها الجيش السوري، حيث قالت: «الجيش السوري ينفذ عمليات تنكيلية بامتياز بينما الإعلام السوري لا يدرك أن هناك أزمة حقيقية جوهرها مطلب سياسي اقتصادي، وينصب دوره على التحذير من الفتنة الطائفية بينما هو أول من يشعلها». وانتقدت مارديني وكالات الأنباء السورية، التي درجت على تسمية الإعلام الخارجي بـ«المتواطئ» وشهود العيان من الأهالي بـ«المتآمرين». وكشفت مارديني لـ«الشرق الأوسط» أن هناك اتجاها قويا لرفع قضية ضد القنوات السورية التي تبث على قمر النايل سات أسوة بالليبيين.
وكان العديد من المراقبين والمعارضين السوريين قد رحبوا بالملتقى، الذي اعتبروه أول مؤتمر حقيقي يمتاز بدوره العملي لجمع ناشطين على الأرض ومحاولة التنسيق بينهم لإحداث فارق في الأيام المقبلة، فيما ساد تعتيم كبير على هوية المشاركين الذين أتوا من داخل سوريا ولذلك لم تتم دعوة إلا عدد محدود من الإعلاميين.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,269,179

عدد الزوار: 6,942,937

المتواجدون الآن: 108