حكومة ميقاتي تحت مجهر المراقبة والمتابعة لبنانياً وعربياً ودولياً

نواب 14 آذار يطلقون حملتهم على حكومة الانقلاب

تاريخ الإضافة الخميس 7 تموز 2011 - 6:26 ص    عدد الزيارات 2865    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

نواب 14 آذار يطلقون حملتهم على حكومة الانقلاب
المحكمة والسلاح نجما اليوم الأول من جلسات الثقة
لم تخرج جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، عما كان متوقعاً لها، إذ لم يصعد نواب المعارضة من فريق 14 آذار فوق سقف "بيان البريستول"، وخصوصاً في التركيز على نقطتين محوريتين هما: الحكومة الانقلابية وتعاطيها مع المحكمة الدولية، والسلاح غير الشرعي، فيما ذهب بعض نواب الأغلبية من فريق 8 آذار الى المطالبة بسحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الخاصة بلبنان ووقف تمويلها.
لكن وإن كانت المحكمة الدولية هي العنوان الأبرز لوقائع جلسة أمس بشقيها، الأمر الذي لاحظه بغضب واضح رئيس المجلس نبيه بري عندما أشار لنواب 14 آذار إلى أنهم لا يناقشون البيان الوزاري وإنما المحكمة..
فإن اللافت كان انضباط المداخلات على إيقاع هادئ برغم ارتفاع سقف المواقف من قبل نواب المعارضة والموالاة على حدّ سواء.
النائب مروان حمادة، كان أول المتحدثين حاجباً الثقة، فرأى أنه "في خضم التهويل والترعيب المتواصل في كل الاتجاهات حتى الحليفة أو المتآلفة مع الحزب الحاكم نطالب الرئيس ميقاتي بالتخلي فوراً عن الصيغة المعتمدة في البيان حول المحكمة والعودة الى ميثاق الوفاق الوطني وتسوية الدوحة فيعود الالتزام مكان الاحترام ويحل التعاون محل المتابعة وتحذف نهائياً عبارة "مبدئياً"".
وتوجه حمادة إلى "الصديق ورفيق العمر وليد جنبلاط، أن المحكمة التي لم تكن آنذاك لتحمي الشهيد الكبير كمال جنبلاط، قد تكون قد حمتك عندما أُدرجت في رأس لائحة المغضوب عليهم اقليمياً. ويا سماحة السيد حسن نصرالله كل ما نتطلع اليه ونتمناه أن يأتي يومٌ نستطيع معك إنشاء محكمة خاصة بفلسطين بكل أراضينا المحتلة في لبنان وسوريا لنصرة حقوق شعوبنا ومقاومينا وشهدائنا(..)".
وبدوره أكد النائب تمام سلام الذي لم يمنح الثقة، أن "الأيّام ستثبتُ أنّ صيفَ الحكومة وشتاءَها لن يصمدا على سطح واحد... وأنّ تدويرَ الزوايا في البيان الوزاري لن يصمدَ في مجلس الوزراء أمام الانقسامِ داخل الحكومة نفسها"، وأشار إلى أن البيان "تجنّب الالتزامَ بما ستؤول إليه المحكمةُ الخاصّة فجاءت العباراتُ حمّالةً لعدّة أوجه"، ورأى أن "هذه الحكومة متواضعةٌ في وعودِها... ليس لأنّها لا تطمحُ لتحقيق الكثير، بل لأنَّها أسيرةُ ما جمعتْ من تناقضات، وما يسيطرُ عليها من هواجس في توازناتها بدأت طلائعُها على المحكّ"، معتبراً أن "المسؤولية كبيرة، وهذه الحكومة لا تفي بمتطلبات المرحلة الراهنة، لذلك سأحجب الثقةَ عنها(..)".
الجسر
وكانت كلمة النائب سمير الجسر في الجلسة المسائية هي الأبرز شكلاً ومضموناً خصوصاً عندما ذكّر الرئيس ميقاتي بأنه "نبهه أكثر من مرة إلى خطورة ما يدبر وأثره على البلد وعلينا وعليه. وعلى ضوء ما كنت أسمع منه والذي أحتفظ لنفسي به احتراماً لأدب المجالسة(...) ولا داعي لأكرر ما نبّهت منه فهو يعلمه وأنا أعلمه والله خير الشاهدين".
وخاطبه قائلاً "أخذت خيارك، فخرجت على عهدك ووعدك(...) وبرّرت لنفسك هذا الخروج بأنه من أجل إنقاذ البلد".
كما خاطبه قائلاً "سأكتفي بأن أطرح عليك سؤالاً لا أريد جواباً منك عليه في العلن، أريد جواباً منك في سرّك ولنفسك، في بيتك قبل أن تغمض عينيك، أستحلفك بالله وبعزّة رسوله وبرحمة والديك، هل أنت تؤمن بأنه لو قبل الرئيس سعد الحريري بالإغراءات وبضغوط الداخل والخارج وساوم على دم الشهداء كما تزعم، هل كنت أنت اليوم في رئاسة الحكومة وتطرح لك الثقة"؟.
باريس
في باريس قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن النقاش في البرلمان خطوة مهمة. وترغب فرنسا في أن تتمكن الحكومة الجديدة من التصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه لبنان، وأن تضمن أمن واستقرار البلد ضمن إطار احترام القانون والدستور وحيادية الدولة. ومن الضروري أن تلتزم هذه الحكومة بواجبات لبنان الدولية ولا سيما في ما يتعلق بالتعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتمويلها. ونحن سنحكم على الحكومة الجديدة من خلال طريقة تعاطيها مع هذه المواضيع". أضاف "إن استمرار الحوار بين جميع الأطراف ضروري لحماية صيغة التفاهم والعيش المشترك في لبنان".
وعن رفض "حزب الله" تسليم المتهمين إلى القضاء قال فاليرو "أفضل خدمة تُمنح للعدالة الجنائية الدولية هي احترام استقلاليتها وتطبيق قراراتها. أذكركم أن المحكمة الدولية هيئة مستقلة وتعمل من أجل تبيان الحقيقة والعدالة وإنهاء الإفلات من العقاب، وكلها أهداف يطمح إليها اللبنانيون". أضاف "الأهم بالنسبة للمجتمع الدولي هو التزام الحكومة اللبنانية وتصرفاتها في ما يخص المحكمة". واختتم فاليرو "أكرر مجدداً: نحن ننتظر من الحكومة اللبنانية الاحترام الكامل للواجبات الدولية وأن تتعاون مع المحكمة بما يتطابق والقرار الدولي رقم 1757 والالتزامات التي أخذها على عاتقه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي".
 
جلسة.. محكمة منع الاغتيال السياسي
عمر حرقوص
موضوع المحكمة الخاصة بلبنان كان من أبرز القضايا التي ناقشتها قوى 14 آذار في جلسة الثقة للحكومة في المجلس النيابي، فهذه المحكمة التي أتت بعد نضال طويل قام به الشعب اللبناني دفاعاً عن الحرية ورفضاً للاغتيال السياسي، كانت من ابرز ما طرحته المعارضة في اليوم الأول من جلسات الثقة. الأبرز بداية أتى مع الكلمة التاريخية للنائب مروان حمادة والذي افتتح الجلسات في كلمة هادئة خارج إطار التشنج ولكنها تحمل تأكيداً على حق اللبنانيين جميعاً في حماية العدالة، حماية تطال الجميع من دون استثناء بما فيهم قادة قوى الثامن من آذار.
فعلاقة لبنان بالمحكمة والقرارات الدولية كما جاءت في البيان الوزاري حمّالة لأوجه عدة غامضة وعامة، ولكنها أيضاً لا تحمل تأكيد الانسجام مع المحكمة والقرارات الدولية، وخصوصاً في كلمات مثل مبدئية المحكمة، والتي تعني تهرباً من محاسبة المجرمين ووقف الجريمة السياسية في لبنان، ولذلك أتت مواقف المعارضة بوضوحها لمنع استخدام اسم الشرعية اللبنانية للقيام بمواجهة مع الشرعية الدولية نيابة عن دول إقليمية، وكذلك دفاعاً عن إرادة اللبنانيين التي تظهرت في صناديق الاقتراع والتي تم السطو عليها في مراحل عدة ابرزها أيام أصحاب القمصان السود.
كان اللافت منذ بداية كلمات نواب قوى الرابع عشر من آذار، أن هناك موقفاً حازماً يتصف بالهدوء والحكمة لبداية مواجهة سياسية مع الحكومة، وتم تظهير هذا التوجه بداية مع كلمة النائب مروان حمادة الشاملة للموقف السياسي لقوى 14 آذار، وكذلك موقف المتضررين من الاغتيال السياسي في لبنان.
إذاً، فتحت أبواب المجلس النيابي هذه المرة لمناقشة البيان الوزاري لحكومة "حزب الله" وحلفائه، تحضّر الفريقان كل على قراءته للظروف المحلية والإقليمية والدولية، إضافة إلى أبرز البنود التي لا يمكن تأجيلها أو التهرب منها، أي موضوع القرار الإتهامي الصادر عن المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان.
نجح مروان حمادة في أول جلسة بتمرير موقف سياسي قاس جداً في مواجهة قوى الأكثرية الجديدة، ولكن من خلال خطاب هادئ وغير استفزازي، بدأه بالتوجه إلى رفاقه السابقين الموجودين في الحكومة بالقول "أسألهم أليس للعدالة مكانٌ اليوم حيال الشهداء الذين هم شهداؤكم، رؤساء كانوا أم زملاء أم رفاق أم مواطنين؟"، وتوجه أيضاً إلى قادة الأكثرية الجديدة منبهاً على التخلي عن المحكمة التي حمت قيادات قوى الثامن من آذار كما حمت كل الطاقم السياسي اللبناني.
نموذج كلام حمادة الهادئ كما يبدو لم يكن متوقعاً من قوى الثامن من آذار، ولكنه انسحب على كل خطابات نواب قوى 14 آذار الذين تحدثوا بعده، فهم حضروا إلى الجلسة متسلحين بإرادة جمهور كبير انتخبهم وانتخب غيرهم وسرقت اصواته تحت تهديد السلاح والقمصان السود، هذا الجمهور كما اتضح من الكلمات ينتظر من نوابه إظهار مسؤوليتهم الكبيرة في مواجهة الإنقلابيين.
نواب المجلس الذين تبدلت أحجام مشاركتهم خلال ساعات النهار لم يتفاجأوا بالخطاب الناري للنائب عن كتلة "الوفاء للمقاومة" علي عمار الذي استُفز من تميز خطاب نواب 14 آذار الهادئ والهادف، فحاول جرّهم إلى معارك جانبية معه، وكان لافتاً أن موقف عمار جاء من ضمن أجواء الاحتدام السياسي التي رافقت مؤتمر الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، حيث رفع سقف الكلام الاتهامي وقال عن موضوع القمصان السود "إذا كان اللون الأسود مزعجاً إلى هذا الحدّ أفيدكم علماً بأن قلنسوة الأنبياء سوداء اللون ومن المستحب أن يكون اللباس باللون الأسود أيضًا لأنها تفضي إلى طهر العفة الانسانية". كما هاجم النائب مروان حمادة بطريقة أعادت التذكير بالمرحلة التي سبقت اتفاق الدوحة وإغلاق المجلس النيابي والخطابات النارية التي تميز بها عدد من سياسيي تلك المرحلة.
قوى 14 آذار ركزت خلال خطبها على عدد من النقاط كان أبرزها شرعية "حكومة ميقاتي" وموقفها من القرار الاتهامي للمحكمة الخاصة بلبنان وموضوع سلاح حزب الله، الذي قال عنه عضو كتلة "المستقبل" النائب عاطف مجدلاني إن "بعض الوطن يحتل الوطن بقوة السلاح وسيسقط هذا الإحتلال (..) فلا وألف لا لهذا السلاح".
أما النائب تمام سلام فقد حذر من تمديد الأزمة والانقسام الداخلي بعد هذا البيان الوزاري حيث اشار إلى أن "الإنقسام سيزيد من الشحن والنكايات في ممارسة السلطة، والأيام ستثبت ان تدوير الزوايا في البيان الوزاري لن يصمد داخل مجلس الوزراء أمام الإنقسام داخل الحكومة نفسها".
وحول شرعية حكومة ميقاتي كان ملفتاً ما قاله عضو كتلة "المستقبل" النائب هادي حبيش "إن النواب يأتون الى المجلس النيابي لا لمنح سلاحٍ ثقة مفقودة من شعب، ولا لمنح شرعية لسلطة مفروضة خارج اطر الشرعية، وطالما اننا في مجلس الشعب فللشعب نتوجه".
فالمعركة السياسية اليوم هي الدفاع عن نضال مئات آلاف اللبنانيين منذ اللحظة التي استشهد فيها الرئيس رفيق الحريري، وباقي الشهداء، وصولاً إلى الانتخابات النيابية في العامين 2005 و2009، وانشاء المحكمة في مواجهة تشريع الانقلابات في زمن تطير فيه حكومات الانقلاب في العالم العربي وتحضر مكانها إرادة المواطنين المطالبين بالحرية.
إذاً، هي معركة سياسية بامتياز بين من أصروا رغم كل الظروف على رفض جرّ لبنان باتجاه "حروب أهلية" وبين من يستعمل السلاح في كل الظروف متخلياً عن أي قيمة للوطن، معركة، قد تستمر المعركة السياسية فيها طويلاً من اجل إسقاط حكومة الانقلاب ديموقراطياً كعادة ابناء 14 آذار.
نواب المعارضة شددوا على أن المطلوب من ميقاتي التزام تنفيذ الخطوات العملية مع المحكمة بشكل يمنع تجدد الاغتيال السياسي، فيما ذهب بعض نواب الفريق الأكثري الى المطالبة بسحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الخاصة بلبنان ووقف تمويلها، في توجه يؤكد تخوفات المعارضة من توجهات حكومة "حزب الله" وحلفائه.
موقف المعارضة من ميقاتي كان واضحاً من كلام عضو كتلة "المستقبل" النائب خالد زهرمان الذي ذكّر بموقف لميقاتي بأنه سيموّل المحكمة وسيدعمها، "ولكنه وعدنا قبل ذلك بالكثير ولكن تبين أن فريق حزب الله هو قائد الاوركسترا وهو المقرر وهو الذي يتحكم بمسار هذه الحكومة".
 
كلمة النائب مروان حمادة
النائب حمادة الذي استهل كلمته بالقول: "أتوجه اليكم والى الزملاء الكرام وعبر الشاشات الى المواطنين الأعزاء آسفا آسفا، أولا للمشهد في مقاعد الحكومة، وثانيا من المحكمة التي يتنكر لها مبدئيا بيانكم الوزاري، وللمنطق الذي يسود هنا في مناقشة حكومة سبقتها اطلالات جليلة كبلت رئيس الحكومة وبيانها الوزاري، وكأن الشخص حل مكان الحكومة كما كنا نتوقع ونعلم، حيث محا الخطاب بعجل ما حاولتم ايحاءه بخجل، وآسف ايضاً لتحويل مناسبة برلمانية عريقة نتوق اليها منذ سنوات الإقفال والحصار، فالانقلاب الى شبه جلسة تمهيدية للمحكمة الخاصة بلبنان، تنقلب فيها الأدوار بين منصة الادعاء وقفص الاتهام. آسف للمشهد حيث في مقاعد الحكومة بعض الضمائر الحية التي تربطني بها، نعم لا تزال تربطني بها، أواصر الصداقة ومشاعر الموّدة، واسأل هؤلاء الأصدقاء وانا اثمّن لكل واحد منهم اعتراضه على اكثر البنود دقة في البيان الوزاري، أليس للعدالة مكانٌ اليوم حيال الشهداء الذين هم شهداؤكم، رؤساء كانوا أم زملاء أم رفاق أم مواطنين؟".
وتابع: "ألا تطرحون بينكم وبين أنفسكم أي سؤال حول "المتى" و"الكيف" و"اللماذا"؟ وألا تنتظرون من المحكمة التي يتنكّر لها مبدئياً بيانكم الوزاري اجوبةً على هذه الأسئلة المصيرية لترسيخ استقرار لبنان وضمان مستقبل أبنائه؟. آسفٌ ثانياً للمنطق الذي يسود هنا في مناقشة حكومةٍ وتمحيص بيان، وآسف أخيرا لكوننا نأخذ لبنان الى حيث يعود منه العرب الى حكم الحزب الواحد، حزب السلاح ممهدين لمناخات مجلس للشعب بدل مجلس النواب، ولنظام شمولي تناضل الشعوب العربية وعلى رأسها الشعب السوري البطل للتحرر منه".
وأردف: "أن مآخذنا على الحكومة قد تبدأ بطريقة تشكيلها، ولا تنتهي بصياغة بيانها الوزاري، وأن قلقنا من هكذا حكومة على البلد هو اعمق بكثير من تحفظنا على بعض اعضائها، او اعتراضنا على بعض ما تقدمت به لمجلسنا، أن قلقنا هو على لبنان وعلى اللبنانيين، وعلى صيغة الوطن الأساسية، وعلى مواثيق الوطن التأسيسية، وعلى طبيعة الوطن التعددية، وهو ليس نابعاً من تفصيلٍ او بندٍ او فقرة، أن قلقنا على البلد مما نشهده من ارتهان كلّي لهيمنة السلاح ومنطق القوة، ونحن هنا اليوم بالكاد نقوّم حكومةً او نناقش بياناً، نحن نواجه سيطرة تتسّلل من خلالها الى لبنان انماطُ انظمة متهاوية عند اشقّاء لنا، وقلقنا على لبنان من تغييب العدالة وتشريع الجريمة وإحلال شريعة الغاب، مكان سلطة القانون وتفريغ المؤسسات من مضمونها، والدولة المطروح بناؤها هي اللادولة بعينها، مشلولة الإرادة والذراع، وتابعة بالمطلق الى الدويلة بمرجعيتها الحزبية والاقليمية".
وقال: "طبعاً، دولة الرئيس، نحن لسنا هنا لمساءلة احد سوى الحكومة برؤسائها الظاهرين والفعليين، ونحن لم نأت من أجل تحريك مقصلة القضاء الدولي الخاص، الذي نترك له مهمات اصدار القرارات الظنية، وتسمية المتهمين، وإدارة النزاع بين الادعاء والدفاع، وصولاً الى الحقيقة الكاملة والحكم القاطع، ولكن لنا في هذا المجال بالذات، ومع الحكومة بالتحديد، بالحقيقي منها والخفي حساباً ثقيلاً باهظاً حول المبدئية وخفاياها. لا يا دولة الرئيس ميقاتي، صديقك (الرئيس الشهيد) رفيق الحريري لم يستشهد مبدئيا، لقد اغتيل فعلياً بطنين من المتفجرات، ومعه وبعده اغتيلت كوكبة من زملائك ورفاقك واصدقائك ومواطنيك، لهم كلهم عليك حقٌ مقدس سيتابعك بل سيلاحقك، ولو مثقلُ بثقة المجلس، الى دهر الداهرين".
اضاف: "ان ابشع مسلسل لأبشع الجرائم في تاريخ لبنان يوشك، بعد ثلاثين عاماً ونيف من اللامبالاة واللاتحقيق واللامساءلة واللاعقاب، يوشك ان ينكشف بمنفذيه وان شاء الله بمقرريه، فبالمناسبة سألت نفسي ولا ازال لماذا هذه الشراسة في معارضة المحكمة ومحاولة تعطيلها؟ اهي فعلاً اميركية ـ صهيونية؟ اهي فعلاً فاسدة ومنحازة ومتآمرة؟ ام تحت أبط احدٍ مسلة في لبنان او محيطه؟".
وسأل: "لماذا كلمة صدر خبر عنها او بيان منها او رواية حولها، بفضولية صحافية بفذلكة قضائية او حتى بمناورة استخبارية، تقوم الدنيا ولا تقعد اعتصاماً في الساحات واقفالاً للمؤسسات، واطاحة بالحكومات وامعاناً في الاغتيال، وتمادياً في التهديد والتهويل والتخوين، واشهاراً للوجود المسلح، وصولاً الى الضغط على رئيس الجمهورية لكي يتراجع عن ابرز فقرات خطاب قسمه، ويتخلى عن موقعه التوافقي وخياره الوسطي".
وقال: "في خضم التهويل والترعيب المتواصل في كل الاتجاهات، حتى الحليفة او المتآلفة مع الحزب الحاكم، نطالب الرئيس ميقاتي بالتخلي فوراً عن الصيغة المعتمدة في البيان حول المحكمة، والعودة الى ميثاق الوفاق الوطني وتسوية الدوحة، فيعود الالتزام مكان الاحترام، ويحل التعاون محل المتابعة، وتحذف نهائياً عبارة مبدئياً، التي لا تعني الا التخلي عن المبدئية الحقيقية لحساب الإذعان لغير المبدأ".
واكد ان "المحكمة ليس عدوة، انها حليفتكم لإخراج لبنان من براثن الجريمة المنظمة والطليقة اليدين، وأكثر من ذلك، أؤكد ان المحكمة الدولية حمتك في السنوات الاخيرة من كل متربصٍ اسرائيلي كان او غير اسرائيلي، وقد تكون هي التي تحميك اليوم، وانت يا دولة الرئيس ميقاتي الذي اسست للمحكمة بلجنة التحقيق الدولية مشكوراً، اتمنى ان لا تحتاج يوماً الى هكذا جهاد لردع أي مسيء او حاقد او معتد، ولـ(رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال) عون اقول للذكرى فقط، ان المجتمع الدولي الذي يسخرُ به حالياً، انقذه وحماه عند ما شرّع انقلاب موازين القوى في المنطقة ابواب بعبدا وقصرها، وأزيد لصديق ورفيق العمر (رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب) وليد جنبلاط، ان المحكمة التي لم تكن آنذاك لتحمي الشهيد الكبير كمال جنبلاط، قد تكون قد حمتك عندما ادرجت في رأس لائحة المغضوب عليهم اقليميا".
وقال: "ويا سماحة (الأمين العام لـ"حزب الله") السيد حسن نصرالله كل ما نتطلع اليه ونتمناه ان يأتي يومٌ نستطيع معك انشاء محكمة خاصة بفلسطين، بكل اراضينا المحتلة في لبنان وسوريا، لنصرة حقوق شعوبنا ومقاومينا وشهدائنا، ونقولها بكل وضوح، نحن لا نُضمر شراً لاحد، نريد للبنان الامن والسلام والازدهار والعدالة، وفي الوقت نفسه لا نقبل تجريحاً او تهويلاً او تخويناً من أحد، ولا نخاف احداً مهما علا شأنه واشتدت ذراعه، ونكرّر بكل وضوح، نحن لا نتهم هنا احداً، ولا نعمم اقراراً ظنياًً، ولا نقرّ اضبارة قبل وخارج المحكمة، ولكننا نريد ونصّر ان نعلم، وبالتأكيد قبل مهلة الثلاثماية عام، من قتل رفيق حريري وباسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي، لأن الشعب اللبناني لن ينتظر ثلاثماية سنة لكشف قتلة جبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وانطوان غانم ووسام عيد، وبالإذن من مديرية التوجيه (في الجيش اللبناني) و(اللواء) فرنسوا الحاج، ولا نقبل من جهة ان يُجزم بان فلان قتل ولا احد آخر، كما لا نقبل في المقابل ان يقال كل الناس قتلت الاّ فلان، فالمعادلة الحقيقية، ان رضي القتيل أن يرضى القاتل ايضاً".
وختم: "في العام 1978، اثر الاجتياح الاسرائيلي الأول للبنان، قال السفير غسان تويني امام الامم المتحدة اتركوا شعبي يعيش، وفي العام 2003 قال رفيق الحريري لأهله وجمهوره ما حدا اكبر من وطنه، واليوم يمكن القول جمعاً واستنباطاً في جملة واحدة، اتركوا شعب لبنان يعيش، وما حدا يفكر حاله اكبر منوّ، من هنا نقول لحكومة كلنا للعمل، كلنا للوطن، لا تتحولي الى حكومة كلنا للعمل ضد الوطن".
 
 
الفقرة الخاصة بلبنان في كلام الفيصل (جريدة اللواء)
طالب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني ويليام هيغ اللبنانيين بتحقيق العدالة وتحكيم العقل، آملا الا يتركوا القرار الاتهامي يعيد عدم الاستقرار الى لبنان خاصة ان الجميع صوّت لصالح انشاء المحكمة بمن فيهم من يعترض عليها الآن، معلناً <اننا رفعنا اليد في لبنان بسبب وجود من ناور على استخدام الخارج لعمل غير مقبول>·
 
صيف وشتاء تحت سقف واحد في البيان الوزاري: إلتزام بالقرار 1701 وتنكّر لـ 1757..(جريدة اللواء)
حكومة ميقاتي تحت مجهر المراقبة والمتابعة لبنانياً وعربياً ودولياً
<بعد نيل حكومته الثقة في مجلس النواب هل ينجح ميقاتي بوضع خارطة طريق آمنة وسالكة لها؟>
تُواجه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ظروفاً وأوضاعاً حرجة جداً يعيشها لبنان وتتعرّض لها أكثر من ساحة عربية، ففي لبنان يمكن القول أنه يعيش حالة من الانقسام لم يشهدها سابقاً منذ اتفاق الطائف عام 1989 الذي وضع حدّاً لحرب أهلية كادت أن تُطيح بجميع مقوّمات العيش فيه، كبلد وكوطن طالما تغنى بالتعددية الطائفية والسياسية والتي طالما رأى فيها اللبنانيون مصدر غنى لإبراز دور مختلف عما هو سائد في الدول الشقيقة، ولكن هذه التعددية التي منحت لبنان تمايزاً خلال العقود الماضية باتت اليوم تشكل حالة انقسام خطير بعد تراجع العمل السياسي وتدهور مفاهيم وعمل الأحزاب فيه·
وفي ذات الوقت لا يمكن تجاهل تداعيات ما يجري في بعض الساحات العربية عليه وخصوصاً داخل الشقيقة سوريا، نظراً للترابط التاريخي والثقافي والجغرافي بين البلدين·
فالرئيس ميقاتي وأعضاء حكومته وهم يستمعون اليوم إلى مناقشة النواب لبيان الحكومة، فعلى رغم إدراكهم أن حكومتهم ستنال الثقة، وهي مؤمّنة من الأكثرية الجديدة التي كلّفت الرئيس ميقاتي تشكيل الحكومة، لم تظهر على وجوههم ملامح وأسارير فرح الوصول إلى السلطة التنفيذية، وهو الموقع الذي يأمل الوصول إليه أي مواطن لبناني يتعاطى في الشأن العام·
وفي هذا الإطار أفاد مصدر مقرّب من الرئيس ميقاتي أن الأخير يعيش حالة صعبة جداً ناتجة عن ضغوط الحلفاء من جهة ومن ضغوط الأخصام من جهة ثانية، فالحلفاء بشروطهم وهو قبلها وإن على مضض، والخصوم ما يحملونه من تبعات التكليف والتأليف والالتزام·
ويتابع المصدر المقرَّب بأن ضغوط الحلفاء أطاحت بالوسطية التي جهد الرئيس ميقاتي لتأكيدها كنهج سياسي ينسجم مع مسيرته الأخلاقية والسياسية، كما أن ظروف تكليفه وطريقة تشكيله للحكومة من فريق واحد دفعته لمواجهة فريق سياسي آخر كان لغاية الأمس القريب أحد رموزه وقياداته، بل جمهور هذا الفريق منحه ثقته في الانتخابات التي جرت منذ سنتين مضت وفقاً لمعايير سياسية لا علاقة لها بتاتاً في الموقع الذي انتقل إليه·
 
الفريق الخصم يأخذ على الرئيس ميقاتي خضوعه كلياً لضغوط الفريق الأكثري الجديد الذي كلّفه بمهام تشكيل الحكومة، وأن هذا الفريق لم يراعِ مطلقاً الموقف الحرج الذي يعيشه ميقاتي، ففرض الأسماء التي رشحها وحصل على الوزارات التي طلبها، ولذلك رأى فيه أحد الخصوم أثناء مناقشة البيان الوزاري <أنه بات صندوق بريد بصفة رئيس حكومة>·
الرئيس ميقاتي بدوره يُدرك أنه بعد نيل حكومته ثقة غالبية مجلس النواب أمامه استحقاقات هامة وكبيرة، في مقدمها كيفية التوصل إلى وضع خارطة طريق لوضع حكومته على طريق آمنة وسالكة داخلياً وخارجياً·
وجود معارضة واسعة وكبيرة تشغل حيّزاً كبيراً من مساحة الوطن على الصعيدين السياسي والشعبي، وهذه المعارضة وفقاً لوثيقة <البريستول> وضعت شرطاً لاستقرار حكومته لا رجعة عنه وهو أن يُدرج في بيان حكومته التزاماً علنياً وصريحاً بالقرار 1757 الخاص بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ويؤكد التزامه بالتعاون معها سياسياً وإجرائياً ومالياً، ورفضت ما ورد في صيغة البيان الحكومي الذي غيّب الالتزام بالقرار 1757 واستبدل ذلك بصيغة <رمادية> فبدل الالتزام الصريح ذكر مصطلحات <المراقبة> و<المتابعة> و<الاحترام> وشرط كل ذلك بالمحافظة على السلم الأهلي، هذا في الوقت الذي ذكر فيه نصاً واضحاً خاصاً بالقرار 1701 والالتزام بجميع مندرجاته، وهذا ما دفع بعض المعارضة ليقول لا يجوز أن يكون هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد، هذا إضافة الى أن البيان لم يغيّر في فقرة <حق لبنان الدفاع عن أرضه جيشاً وشعباً ومقاومة>·
كذلك يدرك الرئيس ميقاتي أن المجتمعين الإقليمي والدولي يراقبان سير التزامات الحكومة وتعاونها في ما يخص القرار 1757، فالالتزام يعني الالتزام والتعاون يعني التعاون الجدي والحقيقي ولا شيء آخر·
وكما المعارضة اللبنانية لن تتهاون في هذا الشأن، كذلك المجتمع الدولي، خاصة وأن القرار 1757 صدر تحت الفصل السابع من نظام مجلس الأمن الذي يُلزم جميع الدول التعاون على تنفيذه، وإلا فإن لبنان سيتعرّض لعقوبات دولية ومقاطعة عربية، وهو لا يستطيع تحمّل نتائج وعواقب أن يقول لا للقرار الدولي·
ولكن ووفقاً لمصدر سياسي فإن حزب الله الذي يملك قرار الحكومة والذي يملك أيضاً حرية الرفض المطلق لقرار يراه ظالماً، سيجد صيغة <ما> تخفف الضغوط عن الرئيس ميقاتي وحكومته، عبر موافقة الحكومة على التعاون مع جميع طلبات المحكمة الدولية بما فيها دفع لبنان لما يتوجب عليه من مال، كل ذلك مقروناً باعتراض شكلي من وزراء حزب الله، فيكون حزب الله بذلك حافظ على رفضه التعاون معها وأبعد الحكومة عن الوقوع في مخالفة لا يستطيع البلد تحمّل نتائجها·
على العموم حكومة ميقاتي دفعتها الظروف الداخلية وتطورات الحراك العربي وتداعياته، لتكون مساحة حرية تحركها ضيقة جداً، والجهات المحلية والعربية والدولية التي تراقب مسيرتها ستجعل مساحة هذه الدائرة أقل حجماً فيما لو أقدمت هذه الحكومة على الوقوع في المحظور الذي بات معروفاً وليس مجهولاً·
 
حسن شلحة
 
 
 

المصدر: جريدة المستقبل

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,214,803

عدد الزوار: 6,940,797

المتواجدون الآن: 127