تحليل سياسي

من يعوّق الإصلاح في الأردن؟

تاريخ الإضافة الإثنين 27 حزيران 2011 - 6:11 ص    عدد الزيارات 3543    التعليقات 0    القسم عربية

        


الملكية الدستورية صارت الحد الأدنى لمطالب الشارع
من يعوّق الإصلاح في الأردن؟

بات واضحا للرائي في الأردن أن لا أحد من أركان النظام يريد إصلاحا، سواء أكان الملك أم الحكومة أم الأجهزة الأمنية، إلا بالقدر الذي يعتقدون أنه يكفي لتنفيس الاحتقانات داخليا وتحسين الصورة المتزايدة القتامة للمملكة خارجيا.
 

عمان - "النهار"
ومرد ذلك الى أن النظام الأردني لا يزال محكوما من الداخل للمنظور الأمني في التعاطي مع الأزمات المتلاحقة والمتراكمة، وغير قادر على معالجتها سياسيا، ولا على النظر خارج الدائرة  الضيقة التي يحصر الأمنيون أنفسهم داخلها، أو تجاوزها.
والثابت للأردنيين أن أيا من الهياكل الحالية للدولة، أكان القصر أم الحكومة أم الأجهزة الأمنية أم البرلمان أم الأحزاب، ليس مؤهلاً للتعامل مع ملف الإصلاح والنهوض بأعبائه أو يقدر عليه.
ويبرز بقوة  كذلك ضيق أفق النظام السياسي الذي لا يستطيع التعامل مع الأزمات التي تواجهه وفق منظور استراتيجي، وإنما يتعاطى معها "بالقطعة"، و"كل يوم بيومه"، وهو ما يؤجل حلها لتتعقد أكثر على نحو يصعّب الحل لاحقا.
ويتبدى هذا في الأزمات الاقتصادية القائمة دائما على مبدأ التأجيل والترحيل، لعل وعسى أن تتصدق دولة خليجية أو غربية صديقة بإبر تخدير تحل جزئيا بعض المشكلات لاقتصاد دولة تضاعفت مديونيتها في أربع سنوات عدة مرات لتقارب العشرين مليار دولار.
وحتى هذا الحل صار صعبا في الفترة الأخيرة، خصوصا مع تراجع الدور الإقليمي للأردن، وسأم الدول "الشقيقة" و"الصديقة" من ترقيع نظام ينخره الفساد المالي والإداري.
هذه الحقائق أظهرها للعيان الحراك  الإصلاحي الدائر منذ مطلع السنة، المشتبك بنعومة وأحيانا بخشونة مع قوى الشد العكسي في الدولة وعلى رأسها النظام.
تداعيات هذا الحراك  أظهرت للأردنيين أنه في عهد المملكة الرابعة تجذّرت بقوة ومتانة مؤسسة راسخة لا يقوى أحد حتى الآن على مواجهتها، أو القضاء عليها أو حتى حصرها والإمساك بها، وهي مؤسسة الفساد، التي توحد الشارع على رفضها ونقدها واختلف على بقية القضايا، وخصوصا الدعوة المتنامية لإحلال الملكية الدستورية. وهذه كانت قبل أشهر غاية المنى وأقصى الطموحات، لكنها بفضل العناد الدائم من المحيطين بمؤسسة العرش ورفضهم التحاور مع دعاتها، وسعيهم لإجهاضها والالتفاف عليها بمناورات لحلول جزئية، صارت تشكل الحد الأدنى لمطالب الشارع الذي يطالب كذلك بتفكيك مؤسسة الفساد ومحاكمة الفاسدين.
هذه الحقائق كانت قبل تفتح أزهار ربيع الثورات العربية، من المسكوت عنها والممنوع الخوض فيها، غير أنها بفعل تأثير الجوار العربي والداخل الذي يئن تحت وطأة الجوع والفقر والبطالة، باتت الشغل الشاغل للشارع الأردني الذي صار يتجرأ على انتقاد رأس الدولة. وهي أظهرت للأردنيين أن المشكلة ليست في  بطء أو تباطؤ أو تلكؤ حكومة معروف البخيت، ولا في أي من الحكومات الأربع والتسعين التي تشكلت عبر 90 سنة هي عمر الدولة، وإنما في مجمل النظام السياسي الذي يفرز حكومات كهذه، وطبيعة تركيبه.
وهم مقتنعون، حتى الآن، بأن هذا النظام يمكن، ويجب إصلاحه وإحداث تغييرات جذرية في تركيبته تتيح لهم مساحة أكبر في الحكم والمشاركة السياسية، وتوفر قدرا أكبر من العدالة الاجتماعية والشفافية والمحاسبة الحقيقية.

 

الإصلاحيون

وفي المقابل، فإن الشارع الأردني، وتحديدا القوى الشبابية الصاعدة والتيارات المطالبة بالإصلاح (من خارج قوقعة الأحزاب)، لا يبدو قادرا على التعامل مع الملفات الشائكة العالقة أو التي ستلدها مستقبلا عملية الإصلاح والتغيير، إذا قدر لها أن ترى النور. وعلى رأس هذه القضايا ملف العلاقة مع الفلسطينيين المقيمين على الأرض الأردنية، وإشكالية المواطنة والهوية، ومستقبل العلاقة مع الدولة الفلسطينية المنتظرة في ظل المخططات الإسرائيلية لجعل الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين.
وهي، وإن حاولت، وتحاول، رسم تصورات وصوغ حلول لهذه الأزمات، إلا أنها تنحصر في طور التنظير، ولم يقدَّر لها التجريب بعد.
ويلاحظ مراقبون أن هناك قصوراً في الرؤية لدى هذه القوى، وخصوصا على المستوى التكتيكي. حتى أن الأمر تطلب منها خمسة أشهر لتجميع نفسها في إطار عام لتوحيد الجهود تبلور تحت مسمى "اللجنة الشعبية للإصلاح"، ولم يصدر عنه بعد أي فعل إجرائي.
وهو إطار ينظر إليه من داخله وخارجه بارتياب وشك في قدرته على الصمود والنضج، خصوصا أن ما يجعل المواطنين يرفضون الوضع القائم ويطالبون بالتغيير والإصلاح ليس حراك الشباب  بقدر ما هو أخطاء النظام المتواصلة.
ويعيب مراقبون على التيار الصاعد، حدته وعدم قدرته على التواصل والتشبيك مع الآخر، حتى لو كان هذا الآخر يسير معه في الاتجاه عينه. فهي (أي القوى الصاعدة) ترفض بحدة وشراسة التعاون مع القوى التقليدية المطالبة بالإصلاح.
ولكن، إلى أي درجة يمكن النظام أن يراهن على هذا الافتراق بين قوى الإصلاح؟ وإلى أي درجة يمكن هذه القوى أن تصبر وتغض النظر عن مراوغات النظام ومراوحاته الهادفة الى كسب الوقت بأقل قدر من التنازلات؟


المصدر: جريدة النهار

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,080,588

عدد الزوار: 6,933,975

المتواجدون الآن: 86