مبادرة الأسد السريعة بالتهنئة كشفت أبعاد الدور السوري في تسريع عملية التشكيل

ميقاتي يشرب <الكأس المرّة>: لا مراجعة للمحكمة بلا إجماع ودعم عربي

تاريخ الإضافة الأربعاء 15 حزيران 2011 - 5:32 ص    عدد الزيارات 2391    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

4 ساعات من الضغوط والتسويات أخرَجَت الحكومة من العدم إلى الوجود
ميقاتي يشرب <الكأس المرّة>: لا مراجعة للمحكمة بلا إجماع ودعم عربي
الأسد أول المهنّئين وواشنطن تنتظر الأفعال··· و14 آذار تستعدّ للمعارضة  
 الرئيس ميقاتي يتحدث في بعبدا بعد إصدار مراسيم تأليف الحكومة
وأخيراً ابصرت الحكومة الميقاتية النور ، وتجرّع الرئيس نجيب ميقاتي <الكأس المرّة> بعد ولادة قيصرية شابها الكثير من الاخذ والرد بين الرئيس المكلف واطراف 8 آذار، وانتهت الى صيغة جمعت بين الوسطية والتشدد من جهة وبين المواجهة والاعتدال من جهة ثانية·
وادت الاتصالات الاخيرة التي جرت بين قيادات 8 آذار في الداخل ودمشق في الخارج الى تسريع الولادة الحكومية، وتوفير كل <التسهيلات> اللازمة للرئيس نجيب ميقاتي حتى يتمكن من اعلان حكومته باسرع وقت ممكن، ومهما تطلب الامر من تنازلات·
وهذا ما حصل فعلاً عندما توافق الرئيس نبيه بري والامين العام لـ<حزب الله> السيد حسن نصر الله على اعطاء رئيس الحكومة المقعد الوزاري السني السابع على حساب المقعد الشيعي السادس، في سابقة لم تكن الاولى في تاريخ لبنان الحديث، وان كانت خالفت العرف المتبع للمرة الاولى منذ اتفاق الطائف·
وبغض النظر عن الثمن الذي يمكن ان يكون قد تكبده الرئيس ميقاتي - مقابل حصوله على مثل هذا التنازل، فقد اصبح واضحاً ان هذه الصيغة هي التي انقذت الولادة الحكومية من الاجهاض الحتمي، خصوصاً وان التشكيلة الاولى التي عرضها الرئيس ميقاتي على رئيس الجمهورية ميشال سليمان لم تحظ برضى الرئيس بري الذي تمسك بتوزير فيصل عمر كرامي، في مقابل اصرار ميقاتي على احمد كرامي، كاد ان يذهب تمثيل بيروت <فرق عملة> بوزير واحد وهو وليد الداعوق، الى ان ظهرت تسوية اللحظات الاخيرة <فضحى> بري بوزيره الثالث من اجل الابقاء على حسان دياب وبالتالي تمثيل بيروت بوزيرين·
وكان لافتاً مسارعة الرئيس السوري بشار الاسد الى تهنئة نظيره الرئيس سليمان، وكذلك الرئيس بري باعلان الحكومة، مباركاً ما تم التوصل اليه بين الفرقاء لاخراج الازمة الحكومية من عنق الزجاجة·
علماً ان اوساط سياسية قريبة من 14 آذار لم تستبعد الدور السوري الفاعل لانضاج الطبخة الحكومية والاسراع بإعلانها، رداً على موقف رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان الذي اهدى انتصاره في الانتخابات التشريعية التركية الى بيروت ودمشق·
التشكيلة الحكومية مهما كان من امر، فإن الحكومة تشكلت بحسب الموازين التي كان وضعها الرئيس ميقاتي، بعد خروج قوى 14 آذار من التأليف، على اساس 11 وزيراً للفريق الوسطي الذي يمثله مع الرئيس سليمان والنائب وليد جنبلاط، في مقابل 19 وزيراً لقوى 8 آذار·
وبحسب مراسيم تشكيل الحكومة التي اذاعها الامين العام لرئاسة مجلس الوزراء الدكتور سهيل بوجي، فقد كانت حصة الرئيس ميقاتي ستة وزراء وهم اليه: محمد الصفدي للمالية، وليد الداعوق للاعلام، وحسان دياب للتربية ونقولا نحاس للاقتصاد، واحمد كرامي وزير دولة·
فيما اقتصرت حصة الرئيس سليمان على وزيرين، وهما سمير مقبل لنيابة رئاسة الحكومة، ومستشاره ناظم الخوري للبيئة، وتشارك مع رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون بمروان شربل في الداخلية· بينما نال عون حصة الاسد في الحكومة بـ10 وزراء وهم: شربل نحاس للعمل، فادي عبود للسياحة، جبران باسيل للطاقة، شكيب قرطباوي للعدلية، نقولا صحناوي للاتصالات وغابي ليون للثقافة فريج صانوجيان للصناعة، وفايز غصن للدفاع، ووزيرا دولة هما سليم كرم وبانوس مانجيان·
اما <حزب الله> فقد احتفظ بوزيريه وحقيبتيه: حسين الحاج حسن للزراعة ومحمّد فنيش لشؤون التنمية الإدارية، كما احتفظت حركة <امل> بوزيريها وحقيبة الخارجية للسفير المتقاعد عدنان منصور والصحة للمعاون السياسي للرئيس برّي علي حسن خليل، ونجحت في توزير فيصل عمر كرامي عن المعارضة السنية للشباب والرياضة، وتمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي بالوزير السابق علي قانصو بوزارة دولة·
وإلى جانب عون الذي كان الرابح الأكبر في الحكومة، تمكن جنبلاط من الحصول على ثلاث حقائب لوزرائه غازي العريضي للاشغال العامة، ووائل أبو فاعور للشؤون الاجتماعية وعلاء الدين ترو للمهجرين، على حساب حليفه النائب طلال أرسلان الذي لم يرض بوزارة دولة، فأعلن استقالته من الحكومة، بعدما شن على الرئيس ميقاتي هجوماً غير مسبوق، اقترن بدفع أنصاره إلى قطع الطريق الدولية، عند مستديرة خلدة، قبل أن يتدخل الجيش لفتح الطريق واخماد الحرائق تعبيراً عن الاحتجاج·
وفيما أكّد أرسلان انه سيحجب الثقة عن الحكومة، مبدياً استياءه من حلفائه الذين اعتبر انهم تخلوا عنه، اعرب جنبلاط عن ارتياحه لأن الأكثرية الجديدة برهنت انها تستطيع أن تشكّل حكومة، وانها اجتازت الامتحان لمواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المقبلة على البلاد لتأمين الاستقرار للمواطن، معلناً عن تقديره للرئيس برّي، بحيث تنازلت الطائفة الشيعية عن وزير لكي تتشكل الحكومة، نافياً ان يكون سمع مجدداً بمعادلة السين - سين، وقال <عندما يتنازل اللبنانيون من اجل الوطن يستطيعون أن يشكلوا حكومة>، معتبراً بأن الدروز تمثلوا وهم جزء لا يتجزأ من الأكثرية الجديدة، متمنياً على ارسلان ان يعود عن استقالته وأن يتمثل بمن يريد·
ميقاتي اما الرئيس ميقاتي الذي لاحظت اوساطه أن استقالة أرسلان بقيت شفهية، وانه لم يقدمها خطياً، فقد أكّد انه منفتح على معالجة قضية هذه الاستقالة، وتسمية أي شخص يريده، ولا مانع لديه بالنائب فادي الأعور، مستغرباً أن يصدر كلام أرسلان عن رجل سياسي وريث عائلة سياسية كبيرة·
وأعلن الرئيس ميقاتي، في حديث إلى قناة <الجديد> أن اللجنة الوزارية لوضع البيان الوزاري ستتألف في أوّل اجتماع لمجلس الوزراء غداً الأربعاء، وستجتمع بعد الظهر لوضع الخطوط العريضة للبيان·
وعن وجود 5 وزراء من طرابلس في الحكومة الجديدة، رأى ميقاتي أن طرابلس تستحق ليس فقط العدد بل أيضاً المزيد من الاهتمام ووجود 5 وزراء منها سيعطي حافزاً لطرح أي موضوع يتعلق بطرابلس على مجلس الوزراء·
وأكّد انه سيكون لكل لبنان، اعلن أن زيارته الأولى ستكون إلى الجنوب لزيارة القوات الدولية والجيش اللبناني المتواجد على الحدود·
وقال: <أردنا من هذه الحكومة وتشكيلها بهذا الوقت لتكون إشارة لكل الأخوة العرب أن لبنان بلد آمن ووجود حكمة هو مؤشر للاستقرار والأمن وأهلاً وسهلاً بكم ونريد لبنان أن يكون في هذا الصيف عروساً للأمة العربية>·
وإذ شدد على أنه حريص على الأعراف وأعداد الوزراء لكل طائفة، أكد أنه قبل بوزير ناقص للطائفة الشيعية بتضحية من الرئيس بري بعد نقاش مسهب لأكثر من ساعة·
وكان الرئيس ميقاتي، قد حدد الخطوط العريضة للبيان الوزاري لحكومته، في البيان الذي أذاعه بعد إعلان مراسيم الحكومة، مؤكداً <أن وفاء لبنان بالتزاماته العربية والاقليمية والدولية، هو من الثوابت في سياسة الحكومة التي ستحترمها بالتوازي مع التمسك بالكرامة وحرية القرار النابع من المصلحة الوطنية العليا التي لا تهاون فيها أو مساومة>، مشدداً على أن الحكومة ستكون حكومة كل لبنان وستعمل من أجل جميع اللبنانيين دون تفريق أو تمييز بين من سيوليها ثقة أو من سيحجبها عنها، ودون مسايرة لفريق على حساب آخر، وستكون حريصة على المحافظة على العلاقات الأخوية المتينة التي تجمع لبنان مع كل الدول العربية الشقيقة دون استثناء·
وفي حديث آخر له إلى وكالة <فرانس برس> أكد الرئيس ميقاتي أن حصول <حزب الله> وحلفائه على 18 وزيراً في الحكومة لا يعني أن لبنان سيغرق في الخط المتطلب في مواجهة المجتمع الدولي، وقال في شأن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أنه <سيسعى جاهداً لإخراج هذا الموضوع بطريقة تعني أن لبنان يحترم القرارات الدولية، وفي الوقت نفسه نحن معنيون بالاستقرار>·
وحول سلاح <حزب الله> قال: <هذا السلاح لا يمكن معالجته لا بالإعلام ولا بالكلام، فالإعلام والكلام لن يؤديا إلى سحب هذا السلاح>، مضيفاً:
<نريد أن نتحدث إلى الحزب، بحيث لا يكون هذا السلاح موجوداً في المدن، ويكون فقط للمقاومة على الحدود، وأن نبحث في هذا الموضوع بهدوء وروية>، مشيراً إلى أن تسمية <حزب الله> له في الاستشارات النيابية لا تلزمه في الوقت الحاضر بأي موقف سياسي سوى التمسك بحماية المقاومة·
وتعليقاً على التحركات الاحتجاجية التي تشهدها سوريا منذ منتصف آذار الفائت، تمنى ميقاتي أن <يجري إصلاح بقيادة الرئيس بشار الأسد>·
تسوية اللحظات الأخيرة قبل إعلان المراسيم، كانت الاجواء التي سادت اليومين الماضيين تؤشر إلى موقف حاسم على الصعيد الحكومي، حيث كان من المفترض أن يلتقي الرئيس ميقاتي الخليلين بعد ظهر أمس، لإعطاء الجواب النهائي، لكن الرئيس بري فوجئ باتصال من رئيس الجمهورية صباحاً يدعوه للانضمام إلى الاجتماع المنعقد بينه وبين الرئيس ميقاتي·
والرئيس بري الذي كان باشر استقبالاته خارج اطار التغطية الاعلامية ارتدى ثيابه الرسمية وانتقل إلى قصر بعبدا، حيث بادره ميقاتي بالقول بأنه قرر إنجاز الحكومة الآن، وأنه اتفق مع رئيس الجمهورية على ذلك، وإلا فأنها لن تبصر النور أبداً· وحين أبدى بري موافقته على المبدأ، سحب ميقاتي من جيبه لائحة وزارية من 24 إسماً، قرأها بري سريعاً ووجد أنها خالية من اسم فيصل كرامي وكذلك طلال أرسلان، فأبدى تحفظه على الفور لناحيتين:
الأولى أن الحكومة ليست ثلاثينية، وهو ما يخل بالاتفاقات التي أنجزت سابقاً مع الأطراف المشاركة بالتشكيل، والثانية بعدم توزير فيصل كرامي وأرسلان·
وبعدما اشار الرئيس ميقاتي بأنه لا يستطيع تدوير الزوايا اكثر، نهض الرئيس بري قائلاً انه ذاهب الى مكتبه وهو لن يعلن شيئا في انتظار الاخذ بهاتين النقطتين، واذا لم يحصل ذلك، فسيكون له موقف فوري بأن الحكومة هي حكومة امر واقع، وهي مرفوضة·
وبعد وصوله الى عين التينة، تشاور بري مطولا مع السيد حسن نصر الله، قبل ان يتلقى من جديد اتصالا من الرئيس ميقاتي الذي اعلن انه قادر على الالتزام بالحكومة الثلاثينية، لكن يجد استحالة في توزير نجل الرئيس كرامي بسبب حسابات التوزيع المناطقي المعقدة··
عندها بادره الرئيس بري بالقول بأنه يستطيع ان يمنح مقعداً من الحصة الشيعية لصالح كرامي، فسأله ميقاتي اذا كان ذلك لا يطعن بميثاقية الحكومة، فنفى بري ذلك كونه يحصل بموافقة الممثلين عن الطائفة الشيعية·
ردود الفعل على ان قوى 14 آذار لم تنظر الى <تضحية> الفريق الشيعي بارتياح، بل بتوجس من هذه السابقة التي يمكن ان تفتح المجال للاخلال بالتوازنات القائمة، واشارت اوساطها الى ان هذه <التضحية> لم تكن <كرم اخلاق> بقدر ما جاءت في اطار الضغط لتشكيل حكومة تملك فيها قوى 8 آذار اكثرية واضحة·
وكانت هذه المسألة، الى جانب التشكيلة الحكومية، موضع دراسة في مجلس الرئيس فؤاد السنيورة، استعدادا للموقف الذي ستتخذه كتلة نواب <المستقبل> اليوم، فيما اشارت اوساط في قوى 14 آذار ان هذه القوى عكفت امس على وضع ردها على الحكومة انطلاقاً من قناعة لديها، ان هذه الحكومة تعتبر حكومة الرئيس الاسد في لبنان، وان قرارها بالمواجهة سيكون من هذا المنحى الذي لا بد من رسم معالم هذه المواجهة في الاطار الديموقراطي·
وفيما ألمح عضو كتلة <المستقبل> النائب احمد فتفت الى اننا ذاهبون الى معارضة واضحة وصريحة، عبر حزب الكتائب في بيان لمكتبه السياسي عن معارضته للحكومة، معتبرا بأنها <مشروع ازمة اكثر مما هي مشروع حل>، مؤكدا بأن الحل الانسب كان تأليف حكومة انقاذ وطني·
وجدد الحزب معارضته لحكومة اللون الواحد، مطالبا اياها بعدم العبث بالثوابت الوطنية وعدم نقض القرارات الدولية وخاصة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والقرار 1701، مشيرا الى انه في انتظار البيان الوزاري·
اما واشنطن، قد اعلنت ان موقفها من الحكومة الجديدة يتحدد وفقا لافعالها، وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر ان واشنطن ستقيم الحكومة اللبنانية الجديدة عن طريق افعالها، وستحدد موقفها منها على اساس بيانها الوزاري ومدى التزامها بدعم المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري·
واضاف تونر في تصريح له <سنقيم الحكومة اللبنانية عن طريق افعالها، ومن الواضح ان هذه بداية عملية تحتاج الى تصديق البرلمان، والمهم بالنسبة لنا هو ان تلتزم الحكومة اللبنانية الجديدة بالدستور اللبناني، وان تتخلى عن العنف وتلتزم بكل الاتفاقات الدولية بما فيها قرارات مجلس الامن الدول والتزامات المحكمة الدولية الخاصة لبنان>·
 
 
مبادرة الأسد السريعة بالتهنئة كشفت أبعاد الدور السوري في تسريع عملية التشكيل
محاولة للإيحاء باستمرار إمساك النظام السوري بالورقة اللبنانية في مواجهة الخارج
<أراد الرئيس السوري بعث أكثر من رسالة إلى الغرب في مواجهة كل الضغوطات التي تُمارس على سوريا بأن بإمكانه اللعب بالورقة اللبنانية متى شاء>
بعد الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة وأسماء الوزراء وتوزيع الحقائب الوزارية على الكتل النيابية والشخصيات السياسية المنضوية تحت لواء ما يسمى بالأكثرية الجديدة، تساءل اللبنانيون عن كيفية تجاوز الصعوبات والعُقد العديدة التي حالت دون تشكيل الحكومة العتيدة حتى اليوم وأبقت لبنان بلا حكومة طوال الأشهر الماضية، وما هي الدوافع المستجدة التي ساهمت في تقريب وجهات نظر الاطراف المعنيين بعملية التشكيل هكذا فجأة، لا سيما وأن جميع الشروط والمطالب التوزيرية المطروحة من قبل التيار الوطني الحر، كانت توصف بالتعجيزية وغير القابلة للتنفيذ لأنها مخالفة لاتفاق الطائف وتجاوز الصلاحيات الدستورية للرئيس ميقاتي كما تردّد أكثر من مرّة من قبل مصادره في وسائل الإعلام حسب توصيفها ولم تعد كذلك بسحر ساحر، بعدما تمّت تلبيتها بالكامل، مع تبديل شكلي في بعض الأسماء والحقائب الوزارية لم يتناول جوهر المطالب المطروحة، لا من قريب ولا من بعيد، في حين هدفت خطوة رئيس المجلس النيابي بالتنازل عن مقعد شيعي لحل معضلة توزير <الكراميين> في أول سابقة من نوعها، لتذليل آخر العُقد، لئلا تنزلق الأمور باتجاه، إما إقدام الرئيس المكلّف على تقديم حكومة أمر واقع أعدّ تشكيلتها مسبقاً أو الاعتذار عن التشكيل لأنه لم يعد يحتمل المراوحة في دوامة التشكيل إلى وقت إضافي·
ولعل مبادرة الرئيس السوري بشار الأسد بالاتصال برئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي بعد الإعلان عن التشكيلة الوزارية مباشرة للتهنئة، تعطي الجواب الشافي للبنانيين عن التساؤلات المطروحة والدوافع التي أدّت إلى ولادة الحكومة الجديدة في هذا الوقت بالذات، بعد شهور من العرقلة المنظمة، تبادل ادوارها حلفاء النظام السوري وإيران بجدارة لإبقاء لبنان في حالة فراغ سياسي بانتظار اللحظة المؤاتية لمصلحة النظام السوري في لبنان والمنطقة على حدّ سواء·
لقد أراد الرئيس السوري من خلال الإسراع بالاتصال الهاتفي للتهنئة بتشكيل الحكومة الجديدة في هذا الظرف بالذات وخلافاً لما كان يحدث في السابق كما يلاحظ معظم متتبعي الشأن السياسي، إظهار استمرار تحكمه بالمسار السياسي الداخلي في لبنان كما كان الوضع عليه لدى اقدامه على إسقاط حكومة الوحدة الوطنية نهاية العام الماضي وللدلالة أيضاً على ان كل الأحداث والتطورات التي حدثت في سوريا طوال الشهرين الماضيين لم تؤثر في اضعاف قبضته على الواقع الداخلي اللبناني وتأثيره في مسار الاحداث كما يذهب البعض في تحليلهم للاوضاع السائدة حالياً في سوريا·
كما اراد الرئيس السوري كذلك، بعث اكثر من رسالة الى الغرب والدول الاقليمية والغرب عموماً، بأنه ما يزال قادراً على الامساك بالورقة اللبنانية بيده في مواجهة كل الضغوطات التي تمارس على سوريا من اكثر من اتجاه في الوقت الحاضر، وبإمكانه اللعب بهذه الورقة متى شاء من خلال حلفائه المخلصين في حال استمرت هذه الدول بانتهاج سياسة التضييق على النظام السوري من اكثر من اتجاه، وقد يكون من ضمن خياراته المطروحة تعميم الفوضى وعدم الاستقرار في هذا البلد كما كان يفعل في كثير من الاوقات· ولكن بالرغم من كل هذه الوقائع والتطورات التي ادت الى ولادة الحكومة الميقاتية الثانية بعد المخاض الصعب التي مرت به، يلاحظ بوضوح لدى اكثرية السياسيين حتى المنضوين تحت لواء الاكثرية الجديدة، ان تشكيل الحكومة الجديدة بالشكل الذي حصل فيه يخفي مناقشات حادة بين كافة مكونات هذه الحكومة، لن تنفع كافة الوسائل التجميلية والضغوط السورية القسرية في طمس مؤثراتها السلبية ومضاعفاتها على انطلاقة الحكومة الجديدة، بعد ان أتت التباينات الحادة بين اطرافها واستهداف رئيسها بعبارات الاتهام للخارج وما شابه الى تآكل جزء كبير من فاعليتها وتأثيرها في اعطاء الصدمة المطلوبة لانتشال الواقع السياسي من كبوة التجاذبات الحادة التي عصفت بلبنان طوال الأشهر الماضية وأدّت الى تآكل هيبة الدولة وتراجع ثقة المواطنين بمؤسساتها ومسؤوليتها الى أدنى حدٍ ممكن·
فإذا كان اتصال التهنئة الذي اجراه الرئيس الاسد بالحكومة الجديدة، يؤشّر لاعطاء انطباع لمدّ الحكومة بعامل قوة سوري لتولي زمام السلطة في لبنان كما كان يحدث من قبل، كي تتمكن من مواجهة الاستحقاقات الداهمة لا سيما التي تخص منها النظام السوري كالقرار الاتهامي المرتقب صدوره قريباً في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري او اي اجراءات دولية تصدر رداً على الاحداث الجارية في الداخل السوري حالياً، فإن تركيبة الحكومة الهشّة والتناقضات الحادة في توجهات المشاركين فيها ليست مؤهلة للقيام بمثل هذه المهمات المعقدة، كما ان إضفاء الصبغة السورية عليها سيشكل نقطة ضعف كبيرة في مسارها ويجعلها عرضة للانتقادات والاستهداف السهل للمعارضة من كل إتجاه، لا سيما وان معظم اللبنانيين يعارضون تكرار تجارب الماضي وهذا المنحى لأي حكومة كانت·
معروف الداعوق
 
..أنصار مراد أقفلوا طرقاً في البقاع
البقاع - <اللواء>: احتجاجا على تشكيل الحكومة الجديدة قام انصار النائب السابق عبد الرحيم مراد باقفال الطريق الدولية عند مفارق بلدات عدة باشعال النار في اطارات مطاطية اضافة الى طرق فرعية اخرى·· وعلى الفور حضرت وحدات من الجيش والقوى الامنية وعملت على فتح الطرق·
 
مفارقات في التشكيلة الحكومية 5 وزراء من طرابلس وعون وجنبلاط أبرز الرابحين
شكلت التشكيلة الحكومية الجديدة مادة لدراسة المفارقات التي أحتوتها اضافة الى حسابات الربح والخسارة·
المفارقة الاولى في التشكيلة الحكومية أنها تضم سبعة وزراء من الطائفة السنية وخمسة وزراء من الطائفة الشيعية، في اول خرق للأعراف المتبعة· حيث أشارت المعلومات الى ان الرئيس نجيب ميقاتي أصر على توزير حليفه النائب احمد كرامي في مقابل إصرار <حزب الله> على توزير فيصل عمر كرامي، فما كان من <عرّاب> التشكيلة إلا أن تخلى عن مقعد وزاري شيعي ليقدمه شكلاً للطائفة السنية، خصوصا ان رئيس <جبهة النضال الوطني> وليد جنبلاط أصر على عدم التراجع عن توزير النائب السني عن إقليم الخروب علاء الدين ترو· فكان المخرج على طريقة الرئيس نبيه بري بتوزير <حسان دياب> السني بدلا من علي عبدالله وفقدت الطائفة الشيعية مقعداً، فكرس بري عرفا قد يتم اللجوء اليه في مراحل لاحقة من اعمار الحكومات اللبنانية في حال تأزم التشكيل فيأتي الحل على حساب أحد المذاهب·
واعتبر مراقبون في بيروت ان ما أًعطيَ من الشيعة للسنة لا يعدو كونه هبة شكلية، خصوصا ان تركيبة الحكومة ومفاتيح الحكم في الوزارات الرئيسية معقود لواؤها لحزب الله والحلفاء، فكل ما اعطي للرئيس ميقاتي بالمفرق أُخِذَ منه بالجملة·
المفارقة الثانية في التشكيلة الحكومية الجديدة هي علامات <الويكيليكسية> فيها، والتي أدت الى استبدال وزير الصحة <محمد جواد خليفة> بمستشار الرئيس نبيه بري، <علي حسن خليل>، بعد ان ابلغ حزب الله نبيه بري رفضه التام إستمرار <خليفة> في الحياة السياسية، <نائباً او وزيراً>، بعد ما نُشِر على لسان <خليفة> في وثائق الويكيليكس!
المفارقة الثالثة، وتتعلق بحسابات الربح والخسارة، تشير الى ان النائب ميشال عون والنائب وليد جنبلاط هما اول الرابحين، في حين ان الرئيس بري هو اول الخاسرين بفقدانه مقعدا وزاريا، في مقابل محافظة حزب الله على المقعدين الذين كان يشغلهما في الحكومة السابقة·
أما ابرز المفارقات فهي الخلل المناطقي في التمثيل الوزاري· ففي حين تمثلت طرابلس بـ 5 وزراء هم اربعة من الطائفة السنية ووزير من طائفة الروم الارثوذكس هو نقولا نحاس· تمثلت العاصمة بيروت بثلاثة وزراء هم عن الطائفة السنية حسان دياب ووليد الداعوق وثالث ارثوذكسي هو نقولا الصحناوي· كما كان لافتا تمثيل <بلدة> عمشيت مسقط رأس رئيس الجمهورية ميشال سليمان بوزيرين هما ناظم الخوري ومروان شربل·
تجدر الاشارة الى ان اكبر الخاسرين فهو الرئيس ميشال سليمان الذي تقاسم وزارة الداخلية مع العماد عون من خلال توزير العميد المتقاعد مروان شربل! وتخلي سليمان عن وزارة الدفاع لصالح الوزير فايز غصن المحسوب من حصة سليمان فرنجية، مقابل توزير <ناظم الخوري>، مستشار الرئيس سليمان، في وزارة البيئة، وتسمية الوزير سمير مقبل نائبا لرئيس الحكومة·
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: جريدة اللواء

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,627,941

عدد الزوار: 6,904,708

المتواجدون الآن: 104