نازحون سوريون إلى تركيا يؤكدون إطلاق جنود إيرانيين النار عليهم

كل سوريا تنتفض

تاريخ الإضافة الأحد 12 حزيران 2011 - 5:37 ص    عدد الزيارات 2857    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

كل سوريا تنتفض
المظاهرات تجتاح المدن.. و28 قتيلا في إدلب واللاذقية ودمشق.. وحمص تعيش حالة حرب في «جمعة العشائر» * سوريون نازحون إلى تركيا يتحدثون عن جنود إيرانيين أطلقوا النار على المحتجين
واشنطن: هبة القدسي اسطنبول: ثائر عباس دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
عاشت المدن السورية أمس، انتفاضة حقيقية، هي الأضخم منذ بدء الاحتجاجات، ضد النظام، حيث خرج مئات الآلاف في دمشق وحلب واللاذقية ودرعا وحماه، وحمص التي تعيش أجواء حرب, تحت شعار «جمعة العشائر»، وهتف المحتجون برحيل النظام ورئيسه، بشار الأسد، بينما أكدت منظمات حقوقية مقتل ما يزيد على 28 مدنيا على الأقل بنيران رجال الأمن، وجرح المئات.
وجاء معظم القتلى في محافظة إدلب المنتفضة منذ أيام، والتي أعلن النظام بدء عملية عسكرية موسعة فيها. وقال ناشط حقوقي إن قوات الأمن أطلقت النار على مظاهرة كبيرة في معرة النعمان قرب جسر الشغور في محافظة إدلب مما أدى إلى سقوط 11 قتيلا على الأقل. وأفاد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن بأن «حشود المحتجين قطعت الطرقات لمنع إيصال التعزيزات العسكرية». وأشار إلى «مروحيات تحلق فوق المدينة». وأكد ناشط حقوقي ثالث أن «المروحيات تقصف المدينة».
وأعلن التلفزيون الحكومي أن «وحدات الجيش السوري بدأت تنفيذ مهامها في منطقة جسر الشغور». وتحدث شاهد إلى وكالة الصحافة الفرنسية، قائلا إن القوات العسكرية تقصف القرى المحيطة بجسر الشغور لدى تقدمها نحو المدينة. وأضاف أن «الجنود أضرموا النار في حقول القمح في قرية الزيارة» جنوب شرقي جسر الشغور. واجتاح الجيش ثلاث بلدات هي السرمانية وشيخ سنديان والقنية خلال تقدمه إلى جسر الشغور. وقال ناشط «إنهم يدكون بالمدفعية في اتجاه جسر الشغور لكن المدينة شبه مقفرة». وقتل 6 أشخاص في اللاذقية (غرب) و2 بمحافظة درعا، و3 في حي القابون في دمشق بعد مظاهرات تم خلالها إحراق صورة الرئيس بشار الأسد، بحسب تسجيل مصور بثه ناشطون حقوقيون.
تأجيل التصويت على قرار مجلس الأمن حول سوريا سعيا لضمان أكبر عدد من الأصوات المؤيدة
ودفعت هذه الممارسات برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يوصف دائما بأنه «صديق» للرئيس السوري, إلى الخروج عن تحفظه، متهما النظام السوري بارتكاب «فظاعات» عبر قتل نساء. وقال أردوغان في مقابلة تلفزيونية «للأسف لا يتصرفون بشكل إنساني». وأضاف أنه في هذا الإطار لا يمكن لتركيا أن تدافع عن سوريا (في مجلس الأمن). وكرر أردوغان التأكيد أن تركيا ستبقي حدودها مفتوحة أمام اللاجئين السوريين، الذين تدفقوا إلى البلاد ووصل عددهم إلى أكثر من 4 آلاف أمس. وتساءل أردوغان «إلى أين سيصل ذلك؟». وأكد عدد من الجرحى السوريين الذين لجأوا إلى تركيا لتلقي العلاج أنهم تعرضوا لنيران جنود إيرانيين يشاركون في قمع الاحتجاجات، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي أقوى تصريح أميركي ضد الأسد، أدان وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أمس، «المذابح ضد الأبرياء». وقال: «أعتقد أنه بات على الجميع التفكير في ما إذا كان الأسد يملك الشرعية ليحكم في بلده».
من جانبه، قال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأميركية أمس إن واشنطن تريد «زيادة الضغوط» على الرئيس الأسد لدفعه إلى وقف أعمال العنف. وقال تونر: «سنواصل البحث عن طريقة لمضاعفة الضغوط عليه».
وفي نيويورك تأجل التصويت على قرار في مجلس الأمن، يدين العنف ويدعو إلى منع تسليح سوريا، سعيا للحصول على أكبر عدد من الأصوات المؤيدة.
 
 
المظاهرات تجتاح المدن السورية.. و28 قتيلا في «جمعة العشائر» صديق حمزة الخطيب
السلطات نقلت تمثالا ضخما لحافظ لأسد في حماة تجنبا لقيام المتظاهرين بتحطيمه.. والاحتجاجات خرجت في 180 موقعا
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
عاشت المدن السورية انتفاضة كبرى، أمس، واجتاح المتظاهرون الغاضبون، الشوارع في دمشق وحلب وحماه وحمص التي تشهد أجواء حرب، ودرعا واللاذقية، ومحافظة ادلب.
ولم تفلح التعزيزات العسكرية والأمنية التي نشرها النظام السوري في عدة مناطق من البلاد، بعد أسبوع دموي في جسر الشغور (شمال غرب)، واستعدادا ليوم «جمعة العشائر»، فإن المظاهرات المضادة للنظام قد خرجت في أكثر من 180 موقع احتجاج، في جميع أنحاء البلاد، ما ادى الى مقتل ما يزيد على 28 قتيلا، وسقوط مئات الجرحى، بعد ان فتحت قوات الامن والجيش النيران عليهم.
ومع إعلان التلفزيون السوري مواصلة وحدات الجيش منذ فجر أمس ما سماه عملية «تطهير» القرى المحيطة بمنطقة جسر الشغور التابعة لمحافظة أدلب شمال سوريا، خرجت مظاهرات في عدة قرى في ريف محافظة أدلب، أهمها بنش وسرمين ومدينة معرة النعمان. وجرى إطلاق نار كثيف لتفريق المتظاهرين في معرة النعمان، كما قامت قوات الأمن بعملية تمشيط واسعة في قرية سرمين. وقتل 11 متظاهرا بنيران قوات الأمن بحسب رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال عبد الرحمن إن ثلاثة مدنيين قتلوا في حي القابون بدمشق، فيما قتل اثنان آخران في بصر الحرير بمحافظة درعا جنوب سوريا، وقتل سادس بمدينة اللاذقية الساحلية. وقال ناشط آخر لحقوق الإنسان لوكالة الصحافة الفرنسية، من دون الكشف عن اسمه، إن متظاهرا آخر قتل في السرمانية بمحافظة أدلب بشمال غربي البلاد.
وفي قرية الجيزة في درعا، شيع متظاهرون من عدة قرى محيطة الطفل تامر الشرعي (15 عاما) الذي قضى تحت التعذيب، وسلم جثمانه إلى ذويه قبل يومين بعد شهر من اعتقاله. وتامر هو صديق الطفل حمزة الخطيب (13 عاما) الذي أثارت قضيته الرأي العام الدولي، وقد اعتقلا معا.
وقال التلفزيون السوري «إن التنظيمات المسلحة في منطقة جسر الشغور قامت بتفخيخ بعض المناطق ونشر عناصر مسلحة تم إلقاء القبض على عدد كبير منهم وهم رهن التحقيق حاليا»، مشيرا إلى أن قوات الجيش لم تدخل حتى الآن منطقة جسر الشغور، نافيا ما تم ترويجه حول حدوث انشقاق في صفوف القوات العسكرية هناك، مؤكدا أن «هذه القوات تقوم بمهامها في تطهير الأماكن من المسلحين والتنظيمات المسلحة التي تقيم الحواجز المدروسة في بعض المرافق باستخدام آليات للشرطة والأمن تم الاستيلاء عليها في جسر الشغور».
كما قال التلفزيون السوري عن «مئات من المسلحين ينتشرون في منطقتي بنش وتفتناز في أدلب، ويقومون بترويع الأهالي». وفي ما يخص السماح لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام الخارجي بالذهب إلى محافظة أدلب، قال مندوب التلفزيون السوري إنه «تمت دعوة عدد من وسائل الإعلام الخارجي، إلا أنه غالبيتها لم تلب الدعوة»، ولم يذكر مندوب التلفزيون ما هي القنوات التي تمت دعوتها، إلا أن «الشرق الأوسط» علمت أن عدد من دعوا من وسائل الإعلام كان محدودا جدا، ومنتقى بعناية.
وقالت مصادر محلية إن الجيش السوري قام بقتحام القرى القريبة من مدينة جسر الشغور قبل بدء عمليته العسكرية، وإن الآلاف من أبناء المدينة فروا منها باتجاه اللاذقية وبعض مناطق محافظة أدلب الآمنة وإلى تركيا. وقدرت أعداد الذين نزحوا إلى تركيا بأكثر من 3000 شخص، علما بأن عدد سكان مدينة جسر الشغور يبلغ نحو 70 ألف نسمة.
وقام التلفزيون السوري أمس بتغطية مباشرة لأخبار المظاهرات في البلاد، مع التأكيد على وصفها بـ«تجمعات صغيرة ومحدودة خرجت بعد صلاة الجمعة وتفرقت بسرعة». وبخصوص درعا، قال مندوب التلفزيون هناك «إن المتظاهرين أطلقوا النار على رجال الأمن والشرطة لأنهم طلبوا من المتظاهرين العودة إلى منازلهم». وقال إن «نحو 200 شاب تجمعوا عند جامع الحسين في المنطقة الشرقية وبدأوا في ترديد شعاراتهم المشينة. وجاءت الشرطة وقوات الأمن لتفريقهم، فقام المتظاهرون بإطلاق النار (نحو 30 طلقة) وضرب الحجارة على عناصر الأمن والشرطة التي لم تفعل شيئا سوى محاولة تفريقهم، وطلبت منهم العودة إلى المنازل». وأشار مندوب التلفزيون درعا إلى خروج «مسيرة سلمية مؤيدة في قرية طفس».
إلا أن ناشطين قالوا إن مظاهرات خرجت في درعا المدينة والحراك وأنخل، وشهدت بصر الحرير مظاهرة سقط فيها قتيلان وثلاثة جرحى. وتجمع أمس متظاهرون من قرية أم ولد والقرى الشرقية، في قرية المسيفرة، ثم توجهوا إلى قرية الجيزة، لتقديم العزاء في الطفل تامر، وفي منطقة بصر الحرير في درعا جرى إطلاق نار على المتظاهرين أسفر عن مقتل واحد من المتظاهرين. وقال التلفزيون السوري إن «قتيلين سقطا في منطقة بصر الحرير أحدهما مدني وآخر من قوى الأمن». وفي بلدة الحراك في محافظة درعا قالت مصادر محلية إن مظاهرة انطلقت من أحد المساجد رغم الوجود الأمني الكثيف و«سرعان ما بدأ إطلاق النار بشكل كثيف ومن كل الاتجاهات».
وشهدت العاصمة دمشق وريفها مظاهرات، فخرجت في حي الميدان مظاهرة في محيط جامع الحسن، تم تفريقها بسرعة. كما خرج المئات في أحياء أخرى منها مساكن برزة وركن الدين. وفي ريف دمشق خرجت مظاهرات في الحجر الأسود والمعضمية وداريا والكسوة والقابون وبرزة ودوما والتل وعربين. وفي برزة، تظاهر نحو 2000 شخص بعد الصلاة وقام الأمن على الفور بإطلاق الرصاص في الهواء وإلقاء القنابل المسيلة للدموع بحسب مصادر محلية، وكذلك الأمر في المظاهرات التي شهدها حي القابون والحجر الأسود والقدم، وقام المتظاهرون في الحجر الأسود برشق عناصر الأمن بالحجارة.
وفي ريف دمشق خرجت مظاهرة حاشدة في مدينة الزبداني بعد صلاة مباشرة، وفي بلدة بقين خرجت مظاهرة كبيرة من جامع بقين الرئيسي شاركت فيها أعداد كبيرة من شباب مضايا، ثم اتجهت إلى مضايا، وتجمع المتظاهرون في الشارع الرئيسي قبل أن يتم تفريقهم.
وفي دوما، خرجت عدة مظاهرات من عدة جوامع (حوى الآغا وقاقيش وفوال والريس) رغم انتشار عناصر الأمن ومحاصرة تلك المساجد. وفي مدينة الضمير خرجت مظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة، وقال ناشطون إنه تم اعتقال إمام جامع فاضل عبد العظيم خلف والصيدلي عباس سوار. وفي مدينة جديدة عرطوز خرجت مظاهرة كبيرة من جامع عمر بن الخطاب، لكن لم يحصل احتكاك هناك مع الأمن. والمظاهرات الأكبر في ريف دمشق كانت في بلدة الكسوة، وفي مدينة قطنا التي خرجت فيها مظاهرات عارمة من جامع الغلايني والتقت بمصلي الجامع العمري، وجابت شوارع المدينة، فيما قام المسيحيون من الأهالي برش الأرز على المتظاهرين مع رذاذ الماء.
وفي حمص، قال التلفزيون السوري إن نحو 200 شخص تجمعوا في حي الخالدية في حمص وعند دوار 8 آذار، وإن مسلحين أطلقوا النار على المواطنين في باب عمرو وأصيب أحد عناصر حفظ النظام. فيما قالت مصادر محلية إن مظاهرات حاشدة خرجت في عدة مناطق وأحياء في مدينة حمص، من شارع أبو العوف والبياضة والخالدية وباب السباع وباب عمرو. وجرى إطلاق نار لتفريق المتظاهرين في باب عمرو. وقالت المصادر إنه رغم انتشار الدبابات خرج الحماصنة في مظاهرات غاضبة يوم أمس وغنوا «علي الطير علي الطير.. باي باي يا بشار تصبح على خير». وفي حي الخالدية لم يجر احتكاك مع عناصر الأمن كما جرت العادة، مما دفع الحماصنة للتندر وإرسال مناشدة للاتصال مع الأجهزة الأمنية لأن المتظاهرين أصابهم الضجر والملل إذ لم يطلق عليهم أحد الرصاص.
وفي ريف حمص خرجت أكثر من مظاهرة في تلبيسة وجوبر وفي مدينة القصير من دون أن يحصل أي احتكاك مع عناصر الأمن. وفي حماة، قالت مصادر محلية إن الأهالي حصلوا على وعد من محافظ حماة بألا يقترب الأمن من المتظاهرين، وذلك بعد أن تمت إقالة رئيس فرع الأمن السياسي محمد مفلح على خلفية مقتل أكثر من 80 متظاهرا في حماة الجمعة الماضية، حيث تم تشكيل لجنة للتحقيق في ما جرى، وتعويض عائلات القتلى. ومع أن أهالي حماة يتحاورون مع المحافظ محمد عبد العزيز الذي يعد أكثر رجال السلطة اعتدالا في التعامل مع الاحتجاجات وتمسكه بالحلول السياسية، فإنهم رفضوا لقاء للجنة الأمنية كما رفضوا مقابلة وزير الداخلية الذي قيل إنه زار حماة للوقوف على حقيقة الوضع هناك. وقالت المصادر إن المحافظ وعدهم بالمباشرة في إنهاء ملف المفقودين من الثمانينات والذين يقدر عددهم بـ15 ألف مفقود.
وخرج في حماة أمس مئات الآلاف من المتظاهرين من عدة أحياء وجوامع، منها مظاهرة جامع السرجاوي، وقدرت بـ15 ألفا، وأخرى من جامع بلال وجامع الشيخ محمد الحامد.. وهتفوا «ارحل ارحل». وتجمع متظاهرون قدر عددهم بمائة ألف متظاهر في ساحة العاصي حيث اعتصموا من دون أي احتكاك مع الأمن الذي لم يكن ظاهرا للعيان في الشارع، وهتفوا «يا مشمش طاب قطافك يا مشمش»، في إشارة إلى موسم المشمش الفاكهة التي تشتهر بزراعتها محافظة حماة، وقد حان وقت قطافها، في إسقاط على مطالب إسقاط النظام.
كما قالت مصادر محلية في حماة إن السلطات بادرت منذ الصباح إلى نقل التمثال الضخم للرئيس حافظ الأسد الموجود عند مدخل المدينة تجنبا لقيام المتظاهرين بتحطيمه، وخشية أن يحصل على خلفية ذلك استفزاز لأي طرف.
وفي مدينة حلب التي لم تسجل بعد سوى انخراط محدود في حركة الاحتجاجات، خرجت مظاهرات في أحياء سيف الدولة وصلاح الدين والصاخور والأشرفية. كما خرج طلاب المدينة الجامعية، لتكون مشاركة حلب في جمعة العشائر هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات. وقالت وكالة «سانا» إن بعض أهالي محافظة حلب يتلقون تهديدات على هواتفهم الجوالة وتهديدات شخصية بسبب عدم مشاركتهم في المظاهرات. إلا أن المظاهرة الأهم في ريف حلب كانت في بلدة إعزاز، حيث دأبت على الخروج قرية عين عرب الكردية كل أسبوع.
وفي المنطقة الشرقية، خرج المئات في القامشلي وعامودا يطالبون بالحرية وفك الحصار عن درعا وجسر الشغور، بينما تكفلت الحرارة المرتفعة بفض مظاهرات في مدينة البوكمال. وفي دير الزور، خرجت مظاهرات حاشدة كان لافتا خلالها غياب أي انتشار أمني ومشاركة النساء لأول مرة. وفي اللاذقية، خرجت مظاهرات في الرمل الجنوبي وحي السكنتوري وشارع أنطاكية في ظل وجود أمني كبير. كما شهد حي الصليبة مظاهرات طيارة وعمليات كر وفر بين المتظاهرين وعناصر الأمن. وهتف المتظاهرون لنصرة مدينة جسر الشغور وفك الحصار عنها، كما خرجت مظاهرة كبيرة في منطقة الحولة في اللاذقية، وفي مدينة جبلة على الساحل السوري. ورغم التعزيزات الأمنية فقد خرجت مظاهرات في الأدهمية هتفت «عشائر سوريا إحنا معكم للموت» و«مية في المية فاقد الشرعية».
 
ريم حداد.. الوجه السوري الناعم الذي يقدمه نظام الأسد للغرب
الصحافة البريطانية شبهتها بمحمد سعيد الصحاف.. وبالممثلة الأميركية جوليان مور
لندن: راغدة بهنام
في محاولة لتجميل صورته في الغرب، لجأ النظام في سوريا الى وجها جميلا هو متحدثة تتكلم الانجليزية بلكنة بريطانية بدأت تظهر منذ ايام في قنوات التفزيون البريطانية والناطقة بالانجليزية لتنفي كل مايذكر عن أعمال قمع , وشبهتها صحف بريطانية بمحمد سعيد الصحاف وزير الأعلام العراقي في اخر أيام صدام حسين الذي اشتهر في الحرب في 2003 بأسلوبه الفكاهي التهكمي، وحديثه الاعلام الغربي لنفي كل «الشائعات» حول تقدم الأميركيين وانهزام الجيوش العراقية.
وهكذا بدأت ريم حداد، المتحدثة باسم وزارة الإعلام، بالظهور على قنوات «سكاي نيوز» و«بي بي سي» و«الجزيرة» الناطقة بالإنجليزية.. لتنفي وجود قتلى مدنيين، وهروب سكان جسر الشغور خوفا من الحملة العسكرية المنتظرة، والتأكيد عوضا عن ذلك على أن أهالي المدينة يعبرون الحدود لزيارة أقاربهم. وحداد الحائزة على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة أكسفورد في عام 1987.
وفي تصريحات لتلفزيون «بي بي سي»، أول من أمس، قالت حداد، التي عينت مؤخرا أيضا مديرة التلفزيون السوري، ردا على سؤال حول نزوح مئات اللاجئين السوريين إلى تركيا: «أنا مذهولة من (قصص) أن اللاجئين يهربون، أريد فقط التوضيح أن هذه القرى هي الحدود، والكثير من السكان هناك لديهم أقارب يعيشون في القرى المجاورة على الجانب التركي، هذا تفصيل، ولكنه مهم لتوضيح الصورة». وتابعت تقول بثقة كبيرة: «العبور سهل جدا بالنسبة إليهم لأن لديهم أقارب هناك. الأمر أشبه بأنه لديك مشكلة على الشارع الذي تعيش فيه، وأمك تعيش في الشارع المقابل، فتذهب لزيارة أمك لفترة.. الأمر الثاني، الجيش لم يتحرك إلى المنطقة، وهذا واقع. لذلك ممن هم يهربون؟ هم يهربون من الجماعات المسلحة التي ذبحت 120 شخصا. ليس هناك جيش في جسر الشغور».
وعندما ذكّرها المذيع الذي كان يتحدث إليها بأن السلطات السورية أعلنت أن الجيش السوري يتحضر لبدء عملية عسكرية في جسر الشغور، بينما هي تنفي ذلك، ردت: «لا أعرف إذا كان الجيش سيدخل، ما أعرفه أن الجيش يحيط بالمنطقة، ولم يدخل بعد. لقد طلب منا من السكان في جسر الشغور، الذين ليس لديهم أقارب في تركيا، الدخول، لإعادة السلام والهدوء وإعادة الحياة إلى طبيعتها.. الطرق الدولية قطعت في المنطقة من قبل هذه الجماعات المسلحة، لا بلد في العالم يسمح بذلك أن يحدث له، الحكومة لديها حضور».
ما لم يسألها عنه المقدم، هو سبب وجود مخيمات للاجئين شيدت في جنوب تركيا خصيصا لاستقبال السوريين الهاربين من العنف في بلادهم، ووصول عددهم إلى أكثر من 2400 لاجئ، بحسب ما أعلن وزير الخارجية التركي، أحمد داود أغلو، أول من أمس.
وعن القتلى المدنيين الذين بلغ عددهم 1100 قتيل سقطوا برصاص الأمن وهم يتظاهرون سلميا، بحسب منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ردت حداد أيضا بالنفي، وقالت: «أين هذه المظاهرات السلمية؟ ما هو المسالم بذبح 120 شخص؟»، في إشارة إلى الرواية السورية الرسمية التي تزعم أن 120 جنديا قتلوا على يد عصابات مسلحة في جسر الشغور، مطلع الأسبوع، وهو ما اعتبره الناشطون حجة للانقضاض على المدينة.
وتابعت الناطقة السورية تقول: «سمعت ما قالته منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن سوريا، من جنيف، أعلم أنه ليس لديها أحد داخل سوريا، لا أعرف من أين أتوا بالرقم 1100 شخص. نحن في الحكومة حاولنا التحدث إليهم لطلب تأكيد هذا الرقم. أعطونا أسماء هؤلاء الأشخاص لكي نتأكد من ذلك، أعطونا تفاصيلهم.. لا يمكن فقط اختيار رقم والقول: هذا العدد من الأشخاص قتل».
وفي تصريح آخر أدلت به لـ«سكاي نيوز»، أصرت حداد على أن القوى الأمنية لم تطلق النيران إلا بعد أن «أطلق النار عليها»، وقالت: «المثال الوحيد حيث أطلقت قوات الأمن النيران هو عندما أطلقت عليها النيران، ولهذا السبب هناك نحو 500 شخص من قوى الأمن والجيش قتلوا. كيف قُتل هؤلاء الأشخاص إن لم يطلق أحد النار عليهم؟».
ولكن محاولات حداد رسم هالة فوق رأس النظام، لا يبدو أنها تنطلي على الصحافيين الغربيين، الذين بدأوا يشبهونها بالصحّاف، الذي عُرف بإدلائه بتصريحات يستحيل تصديقها. وكتبت صحيفة الـ«غارديان» على موقعها الإلكتروني، ضمن التغطية الخبرية المتتابعة عن المظاهرات في العالم العربي: «الناطقة باسم وزارة الإعلام السورية، ريم حداد، بدأت تبرز كعلي الكوميدي». وكانت الصحافة البريطانية قد أطلقت لقب «علي الكوميدي» على الصحّاف، نسبة إلى علي الكيميائي.
وأفردت صحيفة الـ«تايمز» البريطانية في طبعتها الورقية الصادرة أمس، نصف صفحتها الثالثة، لصور حداد، وتحت عنوان: «يهربون؟ يا إلهي.. لا.. هم فقط يزورون الماما، تقول الناطقة»، كتبت: «بينما تظهر الصور المقبلة من سوريا مشاهد رعب، الوجه الذي يقدمه النظام للعالم، هو وجه امرأة (تتحدث) بلكنة بريطانية مصقولة، تنفي الاعتداءات بشدة. الظهور الإعلامي المتكرر لريم حداد، واحدة من المسؤولين السوريين القلائل التي تأخذ أسئلة من الصحافيين، يبدو أنها محاولة لوضع وجه مقبول للقمع الوحشي».
وأضاف الكاتب جايمس هايدر يصف حداد: «بشرتها فاتحة اللون، وشعرها أحمر، المذيعة السابقة ابنة سليمان حداد، مسؤول كبير في المخابرات السورية، تشبه الممثلة جوليان مور. نكرانها لفتح رجال الأمن النار على المتظاهرين، هدفها من الواضح التأثير على المجتمع الدولي. ولكن ادعاءاتها بأن كل شيء جيد في سوريا، لا تحمل الكثير من الوزن أمام أشرطة الفيديو التي يتم تسريبها من داخل سوريا عبر (فيس بوك) و(يوتيوب)، بينما اتهاماتها للمتظاهرين بأنهم يقتلون رجال الأمن تبدو مصداقيتها حتى أقل». وتابع يقول: «حتى إنها أوحت بأن مئات السوريين الذين يهربون عبر الحدود التركية - خوفا من اعتداء من الجيش - يمكن أن يكون أشبه بمجرد زيارة أقارب في الجهة المقابلة من الحدود». النظام السوري، وقبله النظام الليبي، عبر موسى إبراهيم، المتحدث باسمه، الذي يتحدث أيضا الإنجليزية بطلاقة وعاش لمدة 15 عاما في بريطانيا، يحاول استغلال واقع عدم السماح للصحافيين بدخول سوريا لرسم الصورة التي يشاء، للإعلام الغربي والعربي. ولكن السؤال يبقى؛ هل هذه السياسة فعلا ناجحة؟ لعل الإجابة.. في الصحاف.
 
أردوغان: الأسد يستخف بالموقف ويصر على استخدام الوحشية ضد شعبه
أنقرة تتأهب لـ«الخيارات المدنية والعسكرية» .. ومصدر تركي لـ «الشرق الأوسط»: يبدو أن القمع والعنف الخيار النهائي للنظام
إسطنبول: ثائر عباس
لم يحجب غبار المعركة الانتخابية في تركيا، الأنظار عن حدودها الجنوبية؛ حيث «خرجت الأمور عن السيطرة»، كما قال مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط». وقال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه إن الوضع في سوريا، وتحديدا في جسر الشغور يمثل «كابوسا أمنيا وسياسيا لتركيا، التي لن تقبل باستمرار الوضع القائم وتحتفظ بكل خياراتها مفتوحة».
 وفي تغير كبير في الموقف التركي شن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان هجوما شديدا على الرئيس السوري بشار الأسد, ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» الجمعة عن أردوغان قوله «للأسف فإنهم لا يتصرفون بطريقة إنسانية»، واصفا التعامل مع جثث النساء اللاتي يقتلن على يد قوات الأمن السورية بأنه «من الفظاعات». وأضاف أردوغان الصديق الشخصي للرئيس السوري بشار الأسد «تحدثت مع الأسد قبل أربعة أو خمسة أيام، لكنهم (السوريين) لا يقدرون خطورة الوضع». وأكد أنه «بناء على ذلك لا يمكننا أن نصر على الدفاع عن سوريا».
وكرر رئيس الوزراء التركي «الالتزام بإبقاء الحدود مفتوحة أمام كل الأشقاء السوريين». وقال معلقا على ما يحدث من حشود عسكرية سورية قرب جسر الشغور: «إن تركيا لا يمكن أن تقبل بحماة أخرى» في إشارة إلى ما حصل أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 1982 والذي أسفر عن سقوط آلاف القتلى. وأشار إلى أنه تحدث مع الرئيس بشار الأسد الذي أبلغه بأمور مختلفة للغاية وسط معلومات استخبارات متضاربة حول قتل رجال الشرطة. ورأى أن الأسد يستخف بالموقف ويصر على استخدام الوحشية ضد شعبه. وأكد أردوغان سعيه للتوصل إلى حل لتسوية الأزمة السياسية في البلاد. لكنه أوضح أن الأسد لا يستجيب لمطالب الإصلاح ولا يقوم بما تم الاتفاق عليه مع الحكومة التركية، مبديا استياءه من استمرار استخدامه للوحشية ضد شعبه.
وحذر الرئيس التركي عبد الله غول بدوره النظام السوري من «التمادي في استخدام العنف ضد المحتجين». ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن غول قوله: «إن تركيا تنظر إلى السوريين على أنهم جيران وإخوة يرتبطون مع تركيا بروابط أسرية». وأضاف غول: «نتابع الوضع في سوريا يوميا من خلال وكالات الأنباء بدقة، بل بدقة قصوى». مؤكدا أن بلاده «متأهبة لأسوأ السيناريوهات من الناحية المدنية والعسكرية». وتابع غول: «لا نرغب بطبيعة الحال أن تحدث هذه السيناريوهات السيئة، لكن الأمور لا تتطور في الاتجاه الصحيح».
ومع تدفق المزيد من اللاجئين إلى حدودها، وجدت تركيا نفسها مقحمة مجددا في «اللعبة السورية»، وأكدت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» أن عدد اللاجئين القادمين إليها اقترب من 4000 لاجئ بعضهم مصاب. وتحدثت المصادر عن إطلاق النار من قبل قوات الأمن السورية على اللاجئين خلال محاولتهم الفرار عبر معابر غير رسمية على الحدود. وقالت المصادر إن «التقارير الاستخبارية التي وصلت إلى المسؤولين الأتراك عما يحدث في جسر الشغور «أكثر فظاعة مما يتداوله الإعلام». وقد أنشأت السلطان التركية مخيما ثانيا لاستقبال اللاجئين عند الحدود، وتم تحويل مبالغ مالية إلى الهيئات المحلية والهلال الأحمر التركي لتزويد اللاجئين ببطانيات وثلاث وجبات طعام ومساعدات إنسانية وطبية.
وفيما أكد مسؤولون أتراك أنه «من غير الوارد على الإطلاق إقفال الحدود بوجه اللاجئين»، يشكل هذا الملف هاجسا أمنيا ولوجستيا كبيرا للقيادة التركية التي تخشى من «العامل الكردي» الذي لا يمكن ضبط جوانبه في حال ارتفعت نسبة اللجوء. ورغم أن وزير الخارجية التركي أكد أمس أن تركيا ليست «حاليا» في وارد التدخل المباشر في سوريا بإقامة منطقة عازلة آمنة، فإنه قال إنها «تحتفظ لنفسها باستعمال كل الخيارات اللازمة في التعامل مع الأزمة». وقال: «إن تركيا تشعر بقلق تجاه ما يحدث ولديها موقف واضح يتمثل في ضرورة تحقيق السلطات السورية الإصلاحات والمطالب الشرعية للشعب، ووقف المواجهات عبر جدول زمني ينهي هذا التوتر». وأضاف: «نحن نعمل بجد لتحقيق عملية الإصلاح دون الإضرار بالاستقرار في سوريا.. الوقت حان لسوريا كي تتصرف بحسم أكبر بشأن الإصلاحات السياسية».
وكشفت مصادر تركية أن داود أوغلو سوف يزور دمشق بعد الانتخابات التركية الأحد في محاولة أخيرة لحض الرئيس السوري بشار الأسد لسلوك «درب الإصلاحات»، وإذا لم يحصل التجاوب، فإن «تغييرا استراتيجيا سوف يطرأ على الموقف التركي من الأزمة». وإذ رفضت المصادر تحديد طبيعة هذا «التغيير»، فإنها قالت إنه سيكون متلائما مع المواقف الدولية الرافضة للقمع.
ولم يبد المسؤول التركي «تفاؤلا كبيرا بالموقف السوري»، قائلا: «للأسف كل الجهود التي بذلناها حتى الآن لن تأتي بنتائج، لقد اختاروا العنف والقمع، وهذا هو على ما يبدو القرار النهائي للنظام».
وكانت ألمانيا تعهدت بتقديم الدعم والمساعدة لتركيا على خلفية تدفق آلاف المواطنين السوريين إلى تركيا. ووعد وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله الحكومة التركية «بتقديم مساعدات إنسانية». وأعرب فيسترفيله في الوقت نفسه عن قلقه الشديد من الأوضاع في سوريا كما ناشد الدول الأعضاء في مجلس الأمن باتخاذ قرار مشترك حول سوريا. وقال الوزير الألماني: «يتعلق الأمر أيضا بالسلطة الأخلاقية للأمم المتحدة لذا يتعين على كافة الشركاء في مجلس الأمن التعامل بشكل مشترك والعثور على رد واضح».
 
 
المعارض ياسين صالح: النظام لم يترك لنفسه أي ممر للنجاة
قال لـ«الشرق الأوسط»: الأسد لم يتكلم منذ 50 يوما.. وتعرضنا لأكثر بكثير مما حدث للمصريين والتونسيين والليبيين
كغيره من المعارضين السوريين، يتوارى ياسين حاج صالح عن الأنظار حاليا في مكان آمن في الأراضي السورية، بعيدا عن متناول الأجهزة الأمنية التي تضعه على قوائم المطلوبين.. وهو يرى أن المعالجة الأمنية للحياة في سوريا كانت وراء انتفاضة المواطنين الذين «تم إذلالهم بطريقة قاسية ومزرية»، على حد قوله.
حاج صالح، الذي اعتقل لفترة كبيرة منذ عام 1980 وحتى عام 1996، يخشى أن تنتهي الأحداث في سوريا بالتعادل بين الطرفين، وهو وضع سيترك البلاد غير قابلة للحكم بالأساس.
وكونه ممنوعا من السفر، وترفض السلطات السورية إصدار جواز سفر باسمه، أشار حاج صالح إلى أن ذلك الوضع يجعله حرا في سجن سوريا الكبير.. وأضاف أن السلطات السورية تتعامل مع السوريين سياسيا كالعبيد، قائلا–بصوت خفيض – عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الصيف سيكون ساخنا جدا في سوريا على الأرجح، ولا نعلم إطلاقا ماذا يحمل لنا من تطورات». وإلى نص الحوار..
* كيف ترى المشهد السوري الحالي؟ وكيف يتعامل النظام مع المظاهرات ومع تبعاتها؟
- المشهد في سوريا الآن قاسٍ للغاية؛ فمشاهد الرقص المشين على جثث الضحايا تكشف عن تكوين وحشي لجنود الفرق العسكرية والأمنية لحماية النظام.. فهي على ولاء مطلق للنظام وعداء مطلق للشعب، وتتعامل معه على أساس أنه عدو يجب سحقه بلا رحمة. وبرأيي أن النظام أسر نفسه في مربع سحق الشعب مهما كلفه الأمر ومهما كان الثمن، الآن لا توجد خيارات على الرواق، وما يقوم به بشار الآن هو محاولة مستحيلة وفاشلة لإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 15 مارس (آذار).
* ما قراءتك لخطابات الأسد المختلفة، وكذلك لمرسوم العفو الذي أصدره؟
- الرئيس بشار لم يتكلم منذ 16 أبريل (نيسان)، أي منذ ما يزيد على خمسين يوما. وخطابه الأول كان خارج الموضوع؛ فهو لا يتطرق إلى جوهر المشكلة السياسية في سوريا، لا يتحدث عن أن النظام لا يتيح للشعب السوري الكرامة والعزة والتمثيل. ومرسوم العفو هو إجراء شكلي، ويمكن اعتباره عملية إخلاء مؤقتة للسجون الممتلئة؛ حيث قام النظام، ببساطة، باعتقالات جديدة شملت عشرات الآلاف من البشر.
* ما لُب المشكلة مع النظام؟
- ليس من المعقول أن نُحكم بالأسلوب نفسه الذي حُكمنا به منذ الستينات عبر الإعلام التابع للدولة والأجهزة الأمنية التي تحصي النسمات على المواطنين. هذا دخل إلى متحف التاريخ في العالم كله الآن.. أعني أن الأجهزة الأمنية غير قادرة إطلاقا على فهم أن الحياة تغيرت، وغير قادرة على استيعاب الحرية التي تتيحها الإنترنت.. فهي بعيدة كل البعد عن قيم المدنية الحديثة، وأقسم إنهم لو استطاعوا قطع الهواء عنا لفعلوها دون تردد، ولِمَ لا؟ فهم فعلوها في درعا وغيرها من المدن حين قطعوا المياه عن الأهالي لتركيعهم وإذلالهم.
* برأيك، ما الذي أشعل الانتفاضة السورية بهذا الشكل؟
- نحن في سوريا تعرضنا لدرجة قاسية ومرعبة من الإذلال.. أكثر بكثير مما تعرض له المصريون والليبيون والتونسيون. لقد عاملونا بطريقة غير إنسانية وبقسوة وباحتقار شديد ومزرٍ، كما لو كنا عبيدا سياسيا. كانت هناك حصانة مطلقة للأجهزة الأمنية: تقتل من تشاء، تعتقل من تشاء، تعذب من تشاء، وهو أمر فوق القانون بطريقة لا يتصورها بشر.
* ما الذي سيشكل نقطة اللاعودة في الانتفاضة السورية؟
- ربما نقطة التحول الأهم، برأيي، ستكون الضائقة الاقتصادية التي تمر بها سوريا الآن. فآلاف الأسر السورية، حتى المناصرة لنظام بشار، تعاني ضائقة مادية اقتصادية كبيرة ومرهقة، وهو ما يضع النظام السوري تحت مزيد من الضغط، فالاقتصاد السوري مختنق بشدة جرَّاء الاحتجاجات، لكنه لا يستطيع أن يعد السوريين بشيء على الإطلاق. كذلك الدم الذي يسيل يوميا يزيد الأمور تعقيدا ويصنع المزيد من الثأر بين الأهالي والنظام، دعني أقُل: إنه يغرس سيكولوجية غاضبة من الشعب تجاه نظام بشار، تلك السيكولوجية ستزداد رقعتها في المستقبل.
* وما خيارات الأطراف لحل الأزمة؟
- يصعب التكهن إطلاقا بمستقبل الاحتجاجات، لكن كل ما أخشاه هو أن تنتهي اللعبة في سوريا بوضع الـ«Stalemate»، وهو الوضع في لعبة الشطرنج، حين لا يستطيع أحد التحرك، فتنتهي اللعبة بالتعادل، وهو ما يجعل البلد غير قابل للحكم ويصبح تحت وطأة نظام غير قادر على إيقاف الانتفاضة، والانتفاضة غير قادرة على الإطاحة بالنظام.
ولا يبدو لي أن هناك حلا في الأفق على الإطلاق، هي معركة حياة أو موت بالنسبة للنظام السوري؛ فهو لم يترك لنفسه أي ممر جانبي للتحرك والنجاة.. فهناك ضيق أفق غريب يصوغ المعادلة، وكأنها أنا ومن بعدي الطوفان.
* الحركة الاحتجاجية في سوريا تبدو عفوية إلى حد ما، فما دور المعارضة في تنظيم حراك الشارع؟
- عفوا هي غير عفوية بالمرة، فهناك تنسيقيات الثورة، وهي شبكة كبيرة من الناشطين، قادرة على تحريك وتنسيق الاحتجاجات والتعبير عن مواقفها ومطالبها، فهناك نوع من التنظيم الظاهر هنا على الأرض. والانتفاضة السورية تنتج تنظيماتها الخاصة، وربما ستنتج قيمها وأحزابها السياسية في المرحلة المقبلة.
* هل غيَّر «مؤتمر أنطاليا» من شكل المعارضة أمام العالم؟
- مؤتمر أنطاليا كان خطوة جيدة، لكنه خرج في صورة مرتجلة إلى حد ما. وربما كان يستحق الأمر بناء إطار معارض أقوى، لكن في المحصلة هو خطوة للأمام نحو إعطاء جسم معارض صلب.
* هل تعتقد أن حلفاء النظام وأصدقاءه الجدد سيلعبون أي دور في بقائه؟
- هناك خلاف كبير في الدول المؤيدة لنظام بشار؛ فدمشق خسرت فرنسا ساركوزي، الذي أعاد تأهيله عام 2007.. وواشنطن وباقي الدول الغربية أصبحت أكثر نقدا لنظام بشار، وتستعد لفرض مزيد من العقوبات عليه. ولم يتبقَّ له سوى روسيا والصين، ويبدو أنهما مستعدتان لتقديم تنازلات في دعمهما لنظام بشار. ومن هنا أعتقد أن الدعم الوحيد له الآن يأتي من إيران وحزب الله.
* ما تعليقك على المزاعم القائلة بوجود قناصة إيرانيين في سوريا؟
- قيل إن هناك مساعدات لوجيستية تأتي من طهران، كالهراوات الكهربائية والأجهزة القمعية الأخرى.. وشخصيا لا أستطيع تأكيد وجود أي أفراد تابعين لإيران على الأرض.
* وما تقديرك لموقف حزب الله في دعم النظام السوري؟
- حزب الله خسر في أيام كل التعاطف والاحترام الذي اكتسبه في قلوب الشعب السوري عبر عقود.. وهو يتصرف من موقف الحليف للنظام السوري، الذي يتيح بدوره لحزب الله عمقا استراتيجيا يخشى أن يخسره في حال سقوط نظام بشار. والشعب السوري لا يريد من حزب الله أن يعضد آماله وطموحاته، لكنه لا يطيق أن يقف في وجه مستقبله أبدا.. وخطاب حسن نصر الله كان مستفزا إلى أبعد حد للشارع السوري.
* ما الرسالة التي تريد توجيهها للرئيس بشار؟
- لا أود أن أوجه أي رسالة للرئيس بشار، لكن رسالتي للشعب السوري الشجاع، وأقول له: «كفاحكم من أجل الحرية مشرف للغاية».
 
تأجيل التصويت على قرار مجلس الأمن حول سوريا سعيا لضمان أكبر عدد من الأصوات المؤيدة
نيويورك: «الشرق الأوسط» واشنطن: هبة القدسي
تأجل التصويت على قرار مجلس الأمن حول سوريا، والذي وضعته فرنسا وبريطانيا، سعيا للحصول على أكبر عدد من الأصوات المؤيدة. وأفادت مصادر مطلعة على المناقشات الدائرة في نيويورك لـ«الشرق الأوسط» أن هناك اختلافا في وجهات النظر بين الولايات المتحدة والأعضاء الأوروبيين حول الطريقة الأمثل للتعامل مع المعارضة داخل مجلس الأمن للقرار. وبينما تريد الدول الأوروبية الحصول على أكبر عدد من الأصوات المؤيدة للقرار من الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، تعتبر الولايات المتحدة أن الهدف الأهم هو طرح مشروع القرار للتصويت في أقرب وقت ممكن لتوضيح الموقف السياسي للدول المؤيدة للقرار بأسرع وقت ممكن.
وبعد أن انتهى أسبوع العمل في الأمم المتحدة، يبقى مشروع القرار في انتظار المشاورات خلال الأسبوع المقبل، مع توقع طرحه للتصويت. واجتمع الخبراء من البعثات الـ15 للدول الأعضاء في مجلس الأمن أمس لمراجعة مسودة مشروع القرار الذي تنشره «الشرق الأوسط». وقال مصدر غربي في مجلس الأمن لـ«الشرق الأوسط»: «الروس يعارضون القرار بحجة أن أحداث سوريا لا تؤثر على السلم والأمن الدوليين ولكن ذلك غير صحيح، إننا نرى تأثير ما يحدث مع توافد اللاجئين إلى تركيا وإمكانية التأثير على النزاع العربي - الإسرائيلي بعد ما شهدناه على الحدود السورية وغيرها من تطورات تؤثر على السلم والأمن الدوليين».
وعلى الرغم من أن الفيتو الروسي لأي قرار ضد سوريا بات شبه مؤكد، تعتبر فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أنه من الضروري أن يتم طرح القرار للتصويت وعدم التراجع عن جهود طرحه. ولكن هناك اختلافا حول توقيت طرح القرار وضرورة دعم الدول غير الدائمة العضوية للقرار. فتفضل واشنطن أن يطرح قرار شديد اللهجة حتى وإن قررت دول مثل البرازيل أو لبنان عدم تأييده، بينما تفضل الدول الأوروبية أن يحصل القرار على 11 أو 12 صوتا مؤيدا من الأصوات الـ15 الأصلية. كما أن الصين هي الأخرى من غير المتوقع أن تؤيده.
وبينما تتواصل النقاشات في نيويورك حول مضمون نص القرار، تمت إضافة جمل محددة مثل الإعلان عن احترام عملية سياسية سورية لحل الأزمة الحالية واحترام سيادة سوريا لكسب رأي دول محايدة مثل جنوب أفريقيا والهند. ومن جهته، قال رضوان زيادة المعارض السوري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاتجاه يسير داخل مجلس الأمن إلى التصويت بأغلبية القرار وليس بالإجماع بعد إجراء تعديلات بسيطة على مشروع القرار، وهو إضافة عبارة تنص على حق سوريا في سيادتها الكاملة ووحدة أراضيها وهي عبارة لم تكن موجودة في مشروع القرار الأولي».
وأكد أن ما شهدته جمعة العشائر من مظاهرات غاضبة في سوريا ستزيد من الضغوط على المجتمع الدولي وعلى روسيا والصين لعدم اخذ مواقف معارضة لقرار الإدانة، والوقوف مع الشعوب وليس مع الأنظمة. وقال زيادة: «قابلت المندوب الروسي إلى مجلس الأمن وهو دبلوماسي خدم في السفارة الروسية بدمشق لعدة سنوات، وعلى اطلاع بما يجري ويدرك ممارسات الأجهزة الأمنية القمعية في سوريا، وناقشت معه طبيعة الوضع في سوريا واتفقنا أنه لا يمكن السكوت عما يحدث».
وأكد المعارض السوري أنه من غير المعقول الصمت عن المجازر التي ترتكب في المدن السورية وجسر الشغور، مع ازدياد عدد النازحين لتركيا ولبنان والأردن، مما يفرض على دول الجوار التدخل بشكل سريع لإيجاد حل لوقف عنف السلطات السورية.
ويؤكد زيادة أن القرار في حال التصويت لصالحه يفرض عقوبات على الدول التي تقوم بتوريد الأسلحة للنظام السوري والتي تستخدم في قمع المتظاهرين (دون أن يسمي القرار أسماء دول بعينها) وأشار المعارض السوري أن أحد مواد القرار تطالب الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير عن الأوضاع في سوريا خلال خمسة عشر يوما.
واعتبر رضوان زيادة هذا التحرك الأممي لإدانة سوريا يمثل الحد الأدنى لما تطالب به المعارضة السورية، مطالبة بفرض مزيد من العقوبات على بشار الأسد ورجال نظامه، وإحالة الأسد والملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وانتقد زيادة «سلبية «جامعة الدول العربية وصمتها عما يحدث في سوريا».
من جانب آخر، طالب رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيلينبرغر القوات السورية باحترام الحياة البشرية وتقديم العلاج للمعتقلين المقبوض عليهم تماشيا مع القانون الدولي. وانتقد منع السلطات السورية لقوافل اللجنة الدولية فرص الوصول إلى المصابين في المظاهرات. وأشارت لجنة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تزايد أعداد الفارين إلى تركيا منذ اندلاع الاضطرابات في منطقة جسر الشغور في سوريا ووصل عدد الفارين إلى ثلاثة آلاف لاجئ ويقيمون في مخيمات تديرها الحكومة التركية وحذرت من نشوب مشكلة جديدة مع الارتفاع المتزايد في أعداد اللاجئين للحدود التركية.
روسيا تعلن استعدادها للقاء ممثلي المعارضة السورية
 رغم استمرار تأييد قرار يدين النظام في مجلس الأمن
موسكو: سامي عمارة
أثار التصريح الذي أدلى به ميخائيل مارغيلوف، المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى ليبيا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد، حول استعداد بلاده للقاء وفد المعارضة السورية في موسكو في القريب العاجل، دهشة الكثيرين من المراقبين في الداخل والخارج.
كانت موسكو قد رفضت أكثر من مرة فرض أي عقوبات تجاه القيادة السورية منذ اندلاع الأحداث هناك، بما في ذلك مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا وبريطانيا بتأييد من الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي. وأعلن ألكسندر لوكاشيفيتش، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية، معارضة بلاده لأي قرار حول هذا الشأن بزعم أن الأوضاع هناك لا تهدد الأمن والسلام الدوليين، على حد تعبيره.
وقال لوكاشيفيتش: إن روسيا تدعو المجتمع الدولي إلى إتاحة الفرصة أمام الحكومة السورية لإجراء الإصلاحات التي وعدت بها. وقد تناول الكثيرون من المراقبين هذه التصريحات من منظور ما قاله روديك أسكوجين، رئيس وفد مجلس الاتحاد (الشيوخ)، إلى الجمعية البرلمانية الآسيوية، في حديثه الذي أدلى به إلى صحيفة «إزفيستيا»، وقال فيه: إن روسيا ترى ضرورة الحفاظ على قاعدتها العسكرية البحرية على الشواطئ السورية - في إشارة إلى ميناء طرطوس - فضلا عن رغبتها في عدم إثارة ما من شأنه تأجيج القلاقل والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.
وأردف أسكوجين: «إن الغرب يسعى إلى إسقاط سوريا لكونها حليفة لطهران وإنه في حال تركيع السوريين، فإن الدور سوف يأتي على اليمن»، مؤكدا أن «القلاقل لا بد أن تتزايد عندما تصل موجة الثورات العربية إلى الأراضي الإيرانية، وهو ما لا تريده روسيا». وخلص المسؤول البرلماني إلى أن إيران هي الهدف النهائي للغرب، وليست سوريا أو مصر أو ليبيا.
وذكرت مصادر دبلوماسية في موسكو، لـ«الشرق الأوسط»، أن تناقض موقف موسكو تجاه ما يجري في كل من ليبيا وسوريا يثير الدهشة؛ نظرا لأنها تتسم بـ«الازدواجية» التي طالما انتقدتها ونعتت بها سياسات الدول الغربية تجاه الكثير من القضايا. وأشارت هذه المصادر إلى صعوبة تقبل التقديرات التي تدين شخصية مثل القذافي الذي سبق أن دافعت عنه موسكو ثم انقلبت عليه وأعلنته خارج الشرعية بسبب ما ارتكبه من جرائم في حق شعبه ولاستخدامه الأسلحة الثقيلة في ضرب شعبه، بينما تقف إلى جانب القيادة السورية التي تواصل ضد شعبها في سوريا نفس ما سبق أن قام به القذافي في ليبيا.
كانت موسكو قد بسطت حمايتها على القذافي في إطار الحفاظ على مصالحها الاقتصادية هناك، وهو ما سبق أن تجلت مشاهده في الخلافات بين الرئيس ميدفيديف ورئيس حكومته فلاديمير بوتين وما أسفر لاحقا عن إقالة ميدفيديف للسفير الروسي في طرابلس، في سابقة لم تشهد لها الدبلوماسية الروسية مثيلا من قبل. ويذكر المراقبون كذلك استقبال موسكو لوفد المجلس الوطني الانتقالي الذي أعلنته شريكا شرعيا، بينما أوفد الرئيس الروسي مبعوثه الشخصي للقائه في بنغازي. وحول هذا الموقف نقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» الرسمية ما قاله قسطنطين إيغيرت، الذي قدمته بوصفه محللا سياسيا روسيا على الرغم من كونه مديرا لمكتب «بي بي سي» في موسكو، حول مخاوفه من أن «تبدو روسيا بانحيازها لنظام الأسد في الجانب المظلم من التاريخ؛ نظرا لأن هذا النظام لن يحوز من الآن فصاعدا تلك المكانة أو الإمساك بزمام الأمور اللذين تمتع بهما قبل الأحداث الأخيرة». وقال إيغيرت: إن روسيا تخلق لنفسها بمثل هذه المواقف الكثير من الأزمات.
ونقلت «ريا نوفوستي» عن إيغيرت قوله: إن النظام السوري أكثر خطرا على الاستقرار في الشرق الأوسط من نظام القذافي. وبرر ذلك بكون هذا النظام يتمتع بدعم مباشر من جانب إيران ويعتبر حصان طروادة للنظام الإيراني في المنطقة. غير أن ما لم تعلن عنه موسكو صراحة قد يتمثل في تمسك الكرملين بنهج البراغماتية في سياساته التي تقول الشواهد إنها طالما اتسمت بالتردد حيال الثورات العربية خشية أن تطال نيرانها أطراف الثوب الروسي في منطقة شمال القوقاز، وهو ما سبق أن أعرب عنه الرئيس ديمتري ميدفيديف في أول أيام اندلاع الثورة في مصر. وكانت الأوساط شبه الرسمية في موسكو قد حاولت تصوير ما جرى في تونس ومصر وكأنه من تدبير قوى أصولية متطرفة تسعى إلى الاستيلاء على السلطة.
 
نازحون سوريون إلى تركيا يؤكدون إطلاق جنود إيرانيين النار عليهم
بعضهم أكدوا حدوث انشقاقات بين الأمن السوري وإطلاق غرباء ملتحين تابعين للنظام النار عليهم
أنطاكيا - لندن: «الشرق الأوسط»
أكد عدد من الجرحى السوريين الذين لجأوا إلى تركيا لتلقي العلاج أنهم تعرضوا لنيران جنود إيرانيين يشاركون في قمع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتعود الوقائع إلى 20 مايو (أيار) الماضي، خلال «أسبوع الحرية» الذي واجهته قوات الأمن بقمع شديد في مدينة أدلب شمال غرب سوريا. وروى مصطفى (23 عاما)، وهو بائع معادن أصيب بالرصاص في ساقه اليسرى وذراعه اليمني ويعالج في أحد مستشفيات أنطاكيا جنوب تركيا «كنا نتظاهر الجمعة لدى الخروج من المسجد، ونهتف بشعارات مثل (ليسقط النظام)، فقطعت قوات الأمن الطرق المؤدية إلى المدينة وأطلقت النار علينا». ويقول «كان هناك شرطيون باللباس المدني، لكن كان هناك أيضا جنود إيرانيون»، مضيفا «رأيتهم بأم عيني، وكنا طلبنا منهم في اليوم السابق عدم مهاجمتنا، لكنهم لا يتكلمون العربية». وأوضح «كانوا ملتحين في حين أن إطلاق اللحى ممنوع في الجيش السوري»، مشيرا أيضا إلى أنهم يرتدون بزات سوداء غير معروفة في سوريا.
وأعطى أكرم (17 عاما)، الطالب الذي يعالج في مستشفى آخر في أنطاكيا، الوصف نفسه لـ«رجال باللباس الأسود» أطلقوا النار على سكان قريته القريبة من أدلب، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال الطالب الذي أصيب برصاصة في ساقه اليسرى «كانوا قناصة تحديدا ولم يكونوا يتكلمون العربية. كما أنهم كانوا يحملون أسلحة من طراز لا نعرفه». وهو يرى أن هوية هؤلاء القناصة لا تترك مجالا للشك «إنهم إيرانيون من الباسيج». والباسيج تابعون للحرس الثوري، الذراع المسلحة للنظام الإيراني، إلى جانب الجيش النظامي.
وفي المقابل، يبدو فيليت (23 عاما)، القادم من قرية أخرى قريبة من أدلب، أكثر حذرا. ويقول الطالب المصاب في ساقه اليمنى «لا يمكنني أن أجزم أنهم كانوا إيرانيين، لكن من المؤكد أنهم لم يكونوا سوريين». كما أكد أنهم لم يكونوا من «الشبيحة» المسلحين السوريين الذين يرتدي بعضهم ملابس سوداء، مضيفا «هؤلاء نعرفهم جيدا». والمهاجمون بحسب وصف الطالب «كانوا يرتدون بزات سوداء وينتعلون أحذية بيضاء، وكانوا ملتحين وحليقي الرؤوس». ويضيف «شاهدت سبعة أو ثمانية منهم وأنا أنتشل الجرحى. هم الذين كانوا يطلقون النار مع الشرطيين باللباس المدني، فيما بقي الجنود السوريون في الخلف»، موضحا «كانوا طويلي القامة، جسيمين، ويحملون بنادق قناصة». ومن الصعب التثبت من صحة هذه الأقوال إذ يحظر على الصحافيين التنقل في سوريا.
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» نقلت في نهاية مايو عن مسؤولين أميركيين لم تكشف هويتهم أن إيران ترسل مدربين ومستشارين إلى سوريا لمساعدة السلطات على قمع المظاهرات التي تهدد أكبر حليف لها في المنطقة. وأكدت الصحيفة أن إرسال المدربين والمستشارين الإيرانيين يضاف إلى المساعدة النظامية التي تقدمها طهران إلى دمشق، ولا تقتصر على معدات مكافحة الشغب بل أجهزة متطورة للمراقبة تسمح لنظام بشار الأسد بملاحقة مستخدمي شبكتي «فيس بوك» و«تويتر». وأضافت أن مراقبة أجهزة الكمبيوتر بفضل المساعدة الإيرانية سمحت على ما يبدو بتوقيف مئات المعارضين في منازلهم في الأسابيع الأخيرة.
وذكرت «واشنطن بوست» أن ضباطا من وحدات القدس، القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني، لعبوا دورا أساسيا في القمع في سوريا منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي. كما تحدثت الصحف عن وجود مسلحين من حزب الله اللبناني في سوريا من دون أن يكون من الممكن تأكيد الخبر.
وندد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، الثلاثاء، أمام البرلمان البريطاني بدور إيران في سوريا. وقال «إن إيران تمارس قمعا وحشيا ضد قادة المعارضة لديها، وفي الوقت نفسه تقدم معدات ودعما فنيا لمساعدة النظام السوري على سحق الاحتجاجات في سوريا، وهذا غير مقبول». ونفت إيران بشكل قاطع الخميس أي تدخل لها في سوريا.
من جانبها، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس أيضا، عن نازحين سوريين مصابين، أن الناس يرون النظام يتهاوى. وقال أبو أمجد (39 عاما)، الذي التقاه مراسل «الغارديان»، إنه فر من جسر الشغور إلى تركيا مع زوجته وأبنائه، لكنه على اتصال بمعارفه الذين بقوا داخل سوريا. واتهم النظام السوري بإثارة النعرات الطائفية من أجل البقاء، قائلا «لم نشعر أبدا في سوريا بمسألة الطائفية، لكن الناس الآن يتحدثون عن السنة والعلويين والشيعة والمسيحيين». وهو يؤكد أن هناك انشقاقات بين الجنود، مشيرا إلى أنه «كان هناك عدد كبير من الرجال الغرباء في بلدتنا يوم السبت الماضي لا أعرف من أين جاءوا. وهم بأجسام ضخمة، وملتحون في ثياب مدنية، وبدأوا في إطلاق النار على الناس، وعندما حاول رجال الأمن الانضمام إلينا قتلوهم». وقال رجل آخر نزح إلى تركيا منذ 3 أسابيع إن «جسر الشغور والقرى السنية كان يعتبرها نظام الأسد غير موالية، لذلك كان سهلا عليهم أن يهاجمونا ويتهمونا بأننا الذين هاجمناهم»، حسب «الغارديان».
 
حرب إعلام و محللين لضرب مصداقية الإعلام غير المتعاطف
جدل بعد إعلان «محلل سياسي» أن مراسل «بي بي سي» رفض دعوة لتغطية أحداث تل الشغور
دمشق ـ لندن: «الشرق الأوسط»
يخوض الإعلام السوري وجموع «المحللين» المدافعين عن النظام، ما يشبه الحرب على وسائل الإعلام الخارجية التي تقوم بتغطية الأحداث الجارية في سوريا، وضرب مصداقيتها بأي وسيلة. ويصف الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، نظيره الخارجي بأنه إعلام «تحريضي مغرض وضالع في المؤامرة». إلا أن طريقة جديدة في ضرب مصداقية الإعلام الخارجي بدأت بالظهور، وإن لم تتضح بعد ملامحها. فما زال الغموض يلف قصة المداخلة الهاتفية التي تورطت قناة فرانس 24 ببثها على أساس أنها لسفيرة سوريا في باريس وهي تعلن استقالتها من منصبها، إذ سرعان ما ظهرت السفيرة السورية لمياء شكور على عدة قنوات إخبارية عربية لتنفي أن تكون قد أدلت بأي تصريحات و تؤكد أنه تم انتحال شخصيتها وتتهم قناة (فرانس 24) بأنها فبركت المكالمة بقصد تشويه الحقائق مهددة بمقاضاتها.
وثمة قصة أخرى في السياق ذاته ظهرت يوم أمس، حين ظهر «محلل سياسي» سوري من الموالين للنظام السوري على شاشة «بي بي سي» العربية، ليقول إن مراسلهم في دمشق رفض دعوة وزارة الإعلام السورية للذهاب إلى منطقة جسر الشغور لتغطية الأحداث هناك. بعدها خرج مراسل «بي بي سي» في دمشق عساف عبود ليوضح أنه تلقى دعوة من وزير الإعلام للذهاب إلى منطقة جسر الشغور، إلا أن مصور «بي بي سي» متواجد في القاهرة حاليا، وقد حاول أن يستعين بأي مصور آخر لقاء أجر، بعد أن منحته إدارته هامشا ماليا كبيرا ليتصرف، إلا أنه «لم يقبل أي مصور من نحو 10 اتصل بهم بالذهاب معه إلى جسر الشغور رغم العرض المالي المرتفع الذي قدمه». وأضاف عبود أنه أبلغ بذلك وزير الإعلام عدنان محمود وعرض أن يستعين بمصور من التلفزيون السوري، ولكن وكما قال عبود إن أمورا تقنية حالت دون ذلك.
وكان مندوب التلفزيون السوري عبدو حليمة قال خلال نشرة أخبار يوم الخميس إن وزارة الإعلام وجهت دعوات إلى وسائل إعلام خارجية لكن غالبيتها رفضت الذهاب، وهو أمر استهجنه المراسلون في دمشق إذ أن عددا كبيرا منهم لم توجه إليه أي دعوة، ولا حتى وسائل إعلام محلية. وعلموا لاحقا أن الدعوات وجهت إلى عدد محدود جدا من وسائل الإعلام، بينها وسائل لبنانية معروفة بتأييدها للنظام، وقد دأبت السلطة السورية على دعوتها حتى قبل دعوة التلفزيون السوري، ومن تلك القنوات التي تصنف بأنها ملكية أكثر من الملك.
والأسباب التقنية التي حالت دون ذهاب مراسل «بي بي سي» إلى جسر الشغور كانت فرصة لضرب مصداقية إحدى القنوات المصنفة بين قنوات «التحريض» ودحض انتقادها الدائم لعدم السماح للصحافة بالوصول إلى المناطق الساخنة. وهناك من يظن أن الأمر مرتب مسبقا، لأن السلطات تعلم مسبقا أن مصور «بي بي سي» غادر سوريا منذ نحو شهرين، لعدم قدرته على العمل في سوريا في ظل التضييق الشديد الممارس على المصورين. وما يعزز الشكوك في أن الأمر ليس بريئا، هو كيف علم «محلل سياسي أستاذ علاقات دولية»، بتفاصيل إدارية لم يعلم بها الموظفون في وزارة الإعلام. ومن قال له إن مراسل «بي بي سي» تحديدا رفض الذهاب، خاصة أن مندوب التلفزيون السوري في تقريره لم يأت على ذكر اسم أي من المراسلين الذين دعوا ومن قبل ومن رفض منهم الدعوة.
وكانت قناة «فرانس 24» أعلنت الخميس أنها قررت رفع دعوى قضائية أمام الادعاء العام الفرنسي تتهم فيه «سيدة» بتهمة «انتحال شخصية وظيفية» فيما يخص المداخلة الهاتفية على شاشتها الثلاثاء الماضي، لامرأة حددتها على أنها السفيرة السورية لدى باريس، لمياء شكور.
وفي بيانها، قالت «فرانس 24» إنها دعت شكور للمشاركة في برنامج حواري: «هذه الدعوة تمت عبر السفارة (السورية)، التي زودتنا، عند الاتصال بها هاتفيا وبالبريد الإلكتروني، برقم هاتف قالت إنه يعود للسفيرة، كما زودتنا بصورة لها». وتابعت «(فرانس 24) لا يسعها إلا أن تأخذ علما بالتصريحات التي نفتها السيدة السفيرة وهي قامت بالتحليل المقارن الذي أظهر أننا بصدد صوتين مختلفين: صوت المداخلة على (فرانس 24) مساء يوم الثلاثاء صوت مداخلة تكذيب الخبر على القناة الفرنسية (BFM TV)».
لكن نائب مدير تحرير قناة «فرانس 24»، رينيه كابلان، كان قد صرح للصحافة بأن الوضع «مربك للغاية»، مضيفا «لقد حلت ضيفة علينا في السابق، وإن القناة أضافت رقم الهاتف الجوال لشكور لديها. وإنه الذي كانت قد ردت عليه سابقا». وأضاف: «نحن واثقون من أن الشخص الذي خاطبناه على الهواء مباشرة كان هي.. ولا يوجد سبب يدفعنا للاعتقاد أن شخصا آخر يمكنه أن يرد على رقم الهاتف نفسه».
 
شبلي العيسمي أحد مؤسسي «البعث» السوري.. اختفى في لبنان
ابنته تتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن مماطلة وعدم جدية في التعاطي مع الملف.. وتناشد الأسد التدخل
بيروت: بولا أسطيح
قرابة الحادية عشرة من ليل 24 مايو (أيار) الماضي، اختفى السوري شبلي العيسمي (86 عاما) أحد مؤسسي حزب «البعث العربي الاشتراكي» الذي شغل منصب نائب أمين عام الحزب عام 1965، في مدينة عالية (جبل لبنان)، أثناء ممارسته رياضة المشي قرب منزل ابنته في شارع الزهور بالمدينة.
بعد مرور نحو 18 يوما على الحادثة، لا جديد في التحقيقات، وابنته رجاء شرف الدين، زوجة رجل الأعمال اللبناني رجا سعيد شرف الدين، تتحدث عن مماطلة وعدم جدية في التعاطي مع الملف، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نستنكر هذه الخفة في التعاطي مع قضية الوالد من قبل كل الجهات دون استثناء، فهم لا يعطون أي أهمية لوزن وقيمة شبلي العيسمي»، لافتة إلى أن «والدها ناهز التسعين عاما، وبالتالي تتحول القضية هنا أيضا إلى قضية إنسانية تتوجب معالجتها بأسرع وقت ممكن». وتلفت شرف الدين إلى أن «هناك، دون أدنى شك، رسالة وراء عملية الاختطاف»، رافضة توجيه أصابع الاتهام لأي جهة، وتضيف: «نحن لا نشك بطرف محدد، فالمنطقة هنا مفتوحة، ووالدي رجل له وزنه وقيمته، لكنه في الفترة الأخيرة، كأي رجل في سنه، فضَّل الانصراف لشؤون عائلته، غير آبه بمشاغل السياسة».
وتعتبر شرف الدين أن «كل ما بإمكان العائلة القيام به مناشدة المسؤولين والقادة الأمنيين اللبنانيين إعطاء المزيد من الاهتمام للقضية»، مناشدة، كذلك، الرئيس السوري بشار الأسد الالتفات إلى الملف. وتتابع: «ما حصل لا يليق بلبنان ولا بعالية، خاصة أننا دخلنا موسم الاصطياف، والحادثة قد تؤثر بشكل دراماتيكي على السياحة في المنطقة والبلد عموما».
كان العيسمي قد وصل إلى لبنان قبل 5 أيام من اختطافه، آتيا من الولايات المتحدة الأميركية، حيث يعيش ولداه. وهو لا يمارس أي نشاط سياسي منذ عام 1992 بعد أن تخلى عن منصب الأمين العام المساعد في حزب البعث العربي في العراق، الذي شغله طوال 26 عاما. وفي الستينات، عمل في سوريا وزيرا للإصلاح الزراعي ثم وزيرا للمعارف، ثم وزيرا للثقافة والإرشاد القومي قبل أن يصبح نائبا للأمين العام لحزب البعث 1965. ووصف وزير المهجرين اللبناني، أكرم شهيب، العيسمي بأنه «مناضل من مناضلي الأمة»، معتبرا أنه لا يجوز أن يبقى اختفاؤه لغزا من دون حل. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المؤسف أن هذا الرجل في آخر حياته السياسية يبحث عن (غرين كارد) للإقامة في الولايات المتحدة بقرب أحفاده، ثم يختفي وكأن شيئا لم يحصل». وأوضح أنه منذ اختفاء العيسمي «راجعنا السلطات الأمنية، وتواصلنا مع معظم القيادات السياسية ولا جواب». وإذ قال إن العيسمي «قدم الكثير للقضية الفلسطينية وكان رافدا من روافد الأمة، وسواء التقينا معه أم لا، فلا بد من أن نحترم عقله وتاريخه».
العيسمي أحد مؤسسي حزب «البعث»، وله أكثر من 17 كتابا بين دراسة وتحليل، أهمها عن «عروبة الإسلام وعالميته» و«الوحدة العربية»، فهو كان واحدا من مهندسي الوحدة بين مصر وسوريا، وأجرى لقاءات طويلة مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وقد طبعت بعض مؤلفاته مرارا وترجمت إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية.
اليوم يحمل أفراد عائلته وسكان عالية ورأس الجبل الشموع في مسيرة صامتة ومستنكرة للامبالاة في التعاطي مع الملف، آملين أن «تكون عملية الكشف عنه خير جواب لمن يرغب في توريط لبنان والنيل من سمعته في نزاعات ضيقة وتصفيات لحسابات سياسية لا تأخذ في الاعتبار القيم الإنسانية».

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,725,498

عدد الزوار: 6,910,578

المتواجدون الآن: 108