هدنة في اشتباكات صنعاء وتسليم المقار الحكومية اليوم

اليمن: انهيار مؤسسات الدولة سبق المواجهات العسكرية

تاريخ الإضافة الأحد 29 أيار 2011 - 5:45 ص    عدد الزيارات 2804    التعليقات 0    القسم عربية

        


اليمن: انهيار مؤسسات الدولة سبق المواجهات العسكرية
السبت, 28 مايو 2011
صنعاء - خالد الهروجي

لم يعد الحديث عن انهيار وشيك لليمن، مجرد فزاعة لأغراض التوظيف السياسي، الذي يخدم هذا الطرف أو ذاك، في معركة مشرعة الأبواب لكل أشكال الانفجار، ولكنها الحقيقة التي بات يدركها اليمنيون جيداً ويعايشون مؤشراتها وتأثيراتها لحظة بلحظة، ويخشون مخاطرها المقبلة على حياتهم، بخاصة ان الانهيار الذي نتحدث عنه، لا يكمن فقط في الجانب الاقتصادي، وإن كان الأكثر تأثيراً ومباشرة، ولكنه سيكون انهياراً شاملاً لكل مكونات الدولة.

وكانت مؤشرات انهيار الدولة اليمنية، بدأت منذ وقت مبكر، غير أنها تفاقمت خلال الأربعة أشهر الأخيرة بسرعة غير متوقعة، وهو انعكاس طبيعي لحالة الشلل التام التي تعيشها البلاد، منذ بدء الاحتجاجات الشبابية الشعبية المطالبة بإسقاط النظام الحاكم، ورحيل الرئيس علي عبدالله صالح عن الحكم، بعد 33 عاماً من حكمه لليمن، التي قادته إلى هذا المنحدر الخطير بفعل السياسة التي أتبعها في تعامله مع حركة الاحتجاجات المناهضة لحكمه.

فالرئيس اليمني الذي يدرك حجم وطبيعة المعاناة التي يكابدها الناس منذ سنوات، يعلم جيداً أيضاً أن هذه المعاناة، ستدفع الجميع للوقوف صفاً واحداً في وجه النظام، بخاصة إذا أحسن الخصوم استغلالها وتوظيفها، لذلك بادر مع بداية الاحتجاجات الشبابية الشعبية في اليمن، الى اتخاذ جملة من التدابير التي تحول دون احتكاك المواطنين بأجهزة الدولة بأي شكل من الأشكال، وفي الوقت ذاته جمد الأدوار التي تلعبها الدولة في الحياة العامة، وتراجعت مستويات الخدمات التي تقدمها للمواطنين إلى أدنى مستوياتها، وبعضها توقف تماماً، بهدف تحميل المحتجين مسؤولية ما يحدث في البلاد ودفع الناس للوقوف ضدهم، وعدم اللحاق بهم في هذه الاحتجاجات.

مدير مالي في أحد المجالس المحلية بالعاصمة صنعاء قال لـ «الحياة»: «تلقينا توجيهات صريحة وصارمة في بداية الاحتجاجات، بالتوقف عن تحصيل كل إيرادات المجالس المحلية، بما فيها الإيرادات الزكوية ورسوم البناء والتراخيص وغيرها، وألغينا الرقابة الميدانية لملاحقة المخالفين في البناء ومن يقومون بالبناء بغير تراخيص مسبقة»، وأوضح المدير الذي طلب عدم كشف هويته، أن الهدف كان «تحاشي غضب الناس حتى لا يلتحقوا بالمحتجين، ولهذا لم يعد لدينا ما نعمله في مقار أعمالنا».

هذا الجمود لا يقتصر على المجالس المحلية فحسب، بل يمتد ليطاول المؤسسات الإيرادية السيادية مثل مصلحتي الجمارك والضرائب وغيرها، حيث انهارت عملية التحصيل للإيرادات الجمركية والضريبية بشكل غير مسبوق، ووفق مصدر عليم في وزارة المال، فإن إيرادات هذه المصالح وصلت خلال الأشهر الماضية إلى أدنى مستوياتها، بفعل توقف الاستيراد للكثير من المواد والسلع التي كانت تدخل اليمن، وقال المصدر الذي تحدث الى «الحياة» أن ما يتم استيراده حالياً مواد ضرورية وبشكل محدود جداً، هذا بالنسبة للجمارك أما الضرائب فتوقف نشاطها تماماً بسبب الأزمة الراهنة في البلاد، كما أكد المصدر ذاته أن الإيرادات النفطية التي تشكل قرابة 90 في المئة من دخل البلاد، توقفت هي الأخرى نظراً لانقطاع عملية الضخ من الحقول النفطية إلى موانئ التصدير ومصافي التكرير أيضاً، نتيجة بعض الأعمال التخريبية التي عجزت الدولة عن مواجهتها، وهو ما سبب أزمة حادة في مادة الغاز المنزلي والبنزين والديزل في عموم البلاد، ودفع السلطات إلى طلب هذه المواد بكميات محدودة من خارج اليمن وبالسعر الآجل.

وقال وزير النفط في حكومة تصريف الأعمال أمير العيدروس أمام البرلمان أن وزارة المال أصبحت عاجزة عن سداد فاتورة المشتقات النفطية التي تم استيرادها من الخارج، حيث أصبح «الأمر في غاية الخطورة»، وحذر وزير النفط من «انهيار اقتصادي وشيك» في اليمن، مشيراً إلى أن «توقف تدفق النفط من الأنبوب تسبب في تراجع ثقة الشركات النفطية في اليمن وانسحاب عدد منها، إلى جانب توقف مصافي عدن عن إنتاج مختلف المشتقات النفطية»، حيث تعرض أنبوب النفط في وادي عبيدة بمحافظة مأرب (شمال شرقي اليمن) للتفجير في منتصف آذار (مارس) الماضي، من قبل رجال قبائل انتقاماً لمقتل نائب محافظ مأرب جابر الشبواني وأربعة من مرافقيه في عملية نفذتها طائرة أميركية من دون طيار قيل أنها كانت تستهدف عناصر تنتمي للـ «قاعدة»، ولم تتمكن الدولة من إصلاح الأنبوب الذي يستنزف كميات كبيرة من النفط إلى الصحراء.

التحذير من الانهيار أطلقه المستشار السياسي للرئيس اليمني الدكتور عبدالكريم الإرياني، الذي أكد في تصريحات صحافية أن «اليمن لا يمكنه أن يتحمل أسابيع أخرى من الاحتجاجات، (...) وإذا لم ينتهِ كل ذلك قريباً، فإن اقتصاد البلد وأمنه سيتحطمان»، كما توقع رئيس الكتلة البرلمانية في حزب المؤتمر الحاكم سلطان البركاني، انهيار النظام في حال عدم وضع الحلول لأزمة المشتقات النفطية التي تشهدها اليمن حالياً، وأكد أن الدولة فقدت هيبتها، ولم تعد قادرة على تأمين نقل الغاز من محافظة مأرب إلى العاصمة صنعاء، وفي حال «استمرت الأزمة النفطية فإن الدولة ستنهار قريباً وسينقلب الجميع على الشرعية».

وتتعاظم المخاطر التي تتكالب على اليمن، ليس فقط بسبب توقف موارد الدولة الرئيسية، بل أيضاً وتوقف المنح والمساعدات والقروض الخارجية التي كانت تحصل عليها اليمن من قبل، ذلك أن الدول الغربية والخليجية التي تقدم منحاً ومساعدات لليمن، تحجم عن مد يد العون في الوقت الراهن لهذا البلد، الذي يشهد احتجاجات متواصلة منذ منتصف شباط (فبراير) الماضي للمطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس صالح عن الحكم، وتربط هذه الدول مساعدتها لليمن بنجاح التسوية السلمية والآمنة للأزمة الراهنة في اليمن، التي حددتها المبادرة الخليجية، وتقضي بتخلي الرئيس صالح عن الحكم سلمياً مقابل ضمانات تجنبه وأفراد عائلته ومعاونيه الملاحقة القضائية.

ويؤكد خبراء اقتصاد أن «عدم ضخ الأموال من الخارج إلى اليمن سيؤدي من دون شك إلى انهياره»، ويرون في تصريحات بها إلى «الحياة» أن الحكومة اليمنية في غضون شهر أو شهرين على الأكثر، ستصبح عاجزة عن صرف مرتبات الموظفين في القطاعين العام والمختلط، وما تأخر صرف المرتبات في الكثير من مرافق الدولة، إلا مؤشرات أولية تظهر بوضوح خطورة الوضع الراهن، ويعتقد الخبراء أن اليمن في بداية النصف الثاني من العام الجاري سيعجز عن شراء احتياجاته من المواد الغذائية الأساسية، في الوقت الذي أخذ المخزون الغذائي في البلاد مرحلة العد التنازلي، ولن يكفي للشهرين القادمين، ويرون أن درجة المخاطر ترتفع، بفعل ارتفاع نسبة التضخم، والتراجع الحاد في سعر الريال اليمني مقابل الدولار الذي تقترب قيمته من 240 ريالاً، وما ترتب عن ذلك من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، الأمر الذي زاد من معاناة اليمنيين وأصبح معظمهم عاجزاً عن توفير الغذاء الضروري للحياة.

اتجاه اليمن نحو الانهيار، ساهم فيه أيضاً الاستنزاف الواسع لمدخرات البلاد واحتياطاتها، لمواجهة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام الحاكم ورحيل الرئيس صالح عن الحكم، إضافة إلى تجميد أغلب المشاريع التي كانت معتمدة في الموازنة وتمولها الحكومة أو تساهم في تمويلها، وتحويل مخصصاتها لمصلحة المواجهة مع الخصوم. يقول مصدر مطلع في الحكومة اليمنية، إن الدولة أنفقت قرابة ثلاثة بلايين ريال - ما يعادل قرابة (9 ملايين دولار) -، خلال الأشهر الماضية من عمر الاحتجاجات، مقابل تغذية وإيجار مخيمات ونفقات تنقل ولافتات قماشية وغيرها لمؤيدي الرئيس صالح.

وأكد المصدر لـ «الحياة» أن هذا المبلغ لم يتضمن المبالغ النقدية، التي تدفع لشراء الولاءات، وهي مبالغ كبيرة جداً، ووفق تقدير المصدر الحكومي، فقد تصل إلى ثلاثة أضعاف ما أنفق على أنصار صالح، إلى جانب حوالى 10 ملايين دولار صرفت لشراء أكثر من 200 سيارة (تويوتا لاند كروزر وبرادو) تم توزيعها خلال الشهرين الأولين من الاحتجاجات، على شخصيات يعتقد أنها مؤثرة، وقادرة على حشد الناس لدعم الرئيس في مواجهة الثورة، وقدر اقتصاديون خسائر الاقتصاد اليمني عموماً خلال الأزمة الراهنة بقرابة 5 بلايين دولار.

وانتقد مصدر في حكومة تصريف الأعمال، الأسلوب الذي واجه به النظام الحاكم في اليمن الاحتجاجات المتصاعدة ضده، وقال: «منذ بداية الأزمة حاول الرئيس احتواء الاحتجاجات، التي أعتقد أنها نابعة من احتياجات مطلبيه، من خلال إجراءات خاطئة لم تنجح في تحقيق هدفها، على رغم استنزافها مبالغ كبيرة لم تكن مرصودة ضمن الموازنة العامة للدولة للعام الجاري». وأوضح المصدر أن من بين تلك الإجراءات التوجيه باستيعاب 60 ألف موظف جديد، وتنفيذ المرحلة الثالثة من إستراتيجية المرتبات والأجور التي توقفت منذ خمس سنوات، وصرف العلاوات السنوية لجميع موظفي الدولة في القطاعين العام والمختلط، والمجمدة أيضاً منذ بداية تنفيذ الإستراتيجية العام 2004، ورفع عدد الحالات المستفيدة من الضمان الاجتماعي.

يقول عبداللطيف محمد وهو أحد خريجي كلية التجارة بجامعة صنعاء عام 2007: «أخيراً حصلت على درجة وظيفية ضمن التوظيف الجديد بعد أربع سنوات من التسجيل في وزارة الخدمة المدنية، ولكن ذلك لا يعني مغادرتي ساحة التغيير في صنعاء، أو التوقف عن الاحتجاجات والتخلي عن أهداف الثورة الشبابية الشعبية»، ويرى عبداللطيف أن الدرجة الوظيفية التي حصل عليها، «لا فضل فيها للرئيس»، الذي يتصرف في البلاد وكأنه «المانح الأوحد الذي يملك كل شيء في البلاد، وهو ما تسعى الثورة إلى تغييره»، وأوضحت المدرسة في مديرية شعوب عبير عبدالله، أنها مع ثورة الشباب، واستفادت كثيراً من تنفيذ المرحلة الثالثة لإستراتيجية الأجور والمرتبات وصرف العلاوات السنوية، وقالت إن مقدار الزيادة في راتبها، بلغ أكثر من (21) ألف ريال، ما يعادل 100 دولار، غير أن هذه الفائدة لم تثنها عن دعم ومناصرة الثورة، وأكدت «أن إيقاف الإستراتيجية والعلاوات بأوامر من الرئيس خلافاً للقانون، وصرفها بأوامر منه أيضاً لأغراض سياسية، توجب مناصرة الثورة والانخراط فيها، لإيقاف عبث الفرد وتفعيل دور المؤسسات والنظام والقانون المغيبين في اليمن».

وإلى جانب التدهور الاقتصادي الحاد في اليمن، والإجراءات الخاطئة، وتجميد مهام وأعمال المجالس المحلية، يؤكد الكثير من اليمنيين في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية، أن أجهزة الأمن هي الأخرى توقفت عن ممارسة مهامها الأمنية المرتبطة بالمـــواطن منذ بداية الاحتجاجات، ويقولون إن أقســــام الشرطة لا تتفاعل مع شكاواهم ولا تستجيــــب لتظلماتهم، يقول طه العنسي «لجـــأت الى قسم شرطة المدينة السكنية بحي سعوان شرق العاصمة صنعاء، لأشكو تعرضي لاعتداء وسرقة، وأبلغت مدير القسم أنني أعرف الجناة، ولكنه رفض إرسال من يلقي القبض عليهم، بحجة أن لديهم توجيهات بعدم الخروج من أقسام الشرطة»، ويؤكد أحد ضباط الأمن وجود مثل هذه التوجيهات، «بالفعل تلقت أقسام الشرطة توجيهات بعدم الخروج لتنفيذ المهام الأمنية المعتادة»، لكن الضابط نفسه رفض الكشف عن الأسباب أو المبررات لهذه التوجيهات، وقال: «نحن ننفذ أوامر فقط».

ويعتقد مراقبون أن تعطيل مهام الدولة اليمنية، سواء في الجانب الأمني أو عدم توفير احتياجات الناس من المشتقات النفطية، والاتهام المتكرر للمعتصمين في ميادين وساحات التغيير في العاصمة والمدن الأخرى وأحزاب المعارضة، بقطع الطرقات وإعاقة وصول النفط والغاز إلى أنحاء البلاد، والانقطاع المتكرر للكهرباء لفترات طويلة في اليوم الواحد، كان يهدف إلى فرض المزيد من الضغوط على المواطنين وزيادة معاناتهم، وبالتالي دفعهم بصورة غير مباشرة للانسحاب من ساحات الاحتجاج التي تجلب المعاناة، والابتعاد عن أحزاب المعارضة وما تدعو إليه، والتفرغ تماماً لملاحقة احتياجاتهم من الغاز المنزلي والوقود وغيرها من المواد الضرورية التي ارتفعت أسعارها في شكل غير مسبوق، وهو السبب الذي دفع الرئيس إلى تخصيص 60 ألف درجة وظيفية للخريجين الشباب، وتنفيذ المرحلة الثالثة من إستراتيجية الأجور والمرتبات وصرف العلاوات السنوية، وفي الوقت ذاته مناصرة النظام والرئيس صالح في معركته مع المحتجين.

غير أن كل تلك الإجراءات لم تجد نفعاً، ولم تحقق ولو الجزء اليسير من أهدافها، على رغم أنها فاقمت معاناة اليمنيين الذين يعيش أكثر من 40 في المئة منهم على أقل من دولارين في اليوم الواحد، بسبب ارتفاع سعر اسطوانة الغاز المنعدم في الأسواق من 1200 إلى 4000 ريال، ما يعادل (5 - 17) دولاراً، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية بنسبة تتراوح بين 20 و25 في المئة، إلى جانب تضاعف سعر صهريج المياه، ويرى المراقبون أن عدد أنصار الرئيس هو الذي أخذ في التراجع، في مقابل ارتفاع أعداد المحتجين ضده، ويرون أن المعاناة الاقتصادية كانت جزءاً من قوة الدافع التي حفزت الكثير من اليمنيين للتظاهر ضد النظام، لأنهم لا يتعاملون بجدية مع ما تقوله السلطة، وخبرتهم معها طوال السنين الماضية، تجعلهم لا يصدقونها.

ويؤكد المراقبون أن العد التنازلي لانهيـــار الدولة بدأ مع اشتعال فتيل القتال الدائر منذ الأثنين الماضي، بين القوات الحكومية وأتباع زعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر في العاصمة صنعاء والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، ودفعــت المئات من الأسر اليمنية التي تسكـــن حي الحصبة والأحياء المجاورة لها، للنزوح من منازلهم التي تضرر الكثير منها نتيجة القصف المتبادل بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، حفاظاً على حياة هذه الأسر، إضافة إلى أن المخاوف من اتساع رقعة المواجهات وصعوبة الحصول على الاحتياجات اليومية للسكان في العديد من الأحياء، وارتفاع تكاليف الخدمات نتيجة هذه المواجهات وانعدام الغاز والوقود، دفعت الكثير منهم أيضاً للنزوح من العاصمة متظاهر في تعز (رويترز).jpg والاتجاه نحو المدن والمحافظات الأخرى.

ويخشى اليمنيون في حال استمرار المواجهات وعدم السيطرة عليها، من انفلات الأوضاع في البلاد وانحدارها نحو الحرب الأهلية، التي طالما حذر منها الرئيس اليمني وتخشاها القوى الإقليمية والدولية، وما سيرافق ذلك من انفلات شامل، يصعب السيطرة عليه ويكون له تأثيراته الخطيرة ليس على اليمن فحسب، بل وعلى محيطها الإقليمي، وهو ما زاد من الضغوط الدولية على الرئيس صالح، وحضه للتوقيع على اتفاق المبادرة الخليجية، غير أن هذه الضغوط لم تثمر بعد، بخاصة والرئيس اليمني وفق مراقبين وسياسيين، يسعى من خلال هذه المواجهات إلى إجهاض الثورة الشبابية الشعبية، وإدخال البلاد في حالة من الصراع المسلح، يعتقد الجميع بأنه لن يكون في مصلحة أي طرف من الأطراف، لتبقى الأوضاع في اليمن مفتوحة على كل الاحتمالات.
 

 

 

 

 

هدنة في اشتباكات صنعاء وتسليم المقار الحكومية اليوم
السبت, 28 مايو 2011
صنعاء - فيصل مكرم

نجحت لجنة وساطة قبلية برئاسة رئيس جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) اللواء غالب مطهر القمش وعضوية عدد من شيوخ القبائل والنواب في تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار في العاصمة اليمنية صنعاء بين القوات الحكومية والمسلحين التابعين لزعيم قبائل حاشد الشيخ صادق الأحمر، بعد أربعة أيام من الاشتباكات العنيفة التي هددت بالتحول الى حرب مفتوحة بين الطرفين.

وعلمت «الحياة» من مصادر متطابقة أن الاتفاق ينص على انسحاب المسلحين القبليين من المباني الحكومية التي احتلوها وبينها مقر شرطة النجدة ووزارة الداخلية ووكالة الإنباء اليمنية الرسمية، وتسليمها الى لجنة الوساطة اليوم.

وفي حين علق حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم أمس مهرجان التأييد للرئيس علي عبدالله صالح المعتاد في يوم الجمعة من كل أسبوع، والذي يحشد له مئات الآلاف، واكتفى بتوجيه الحشود المؤيدة الى جامع الرئيس الصالح المجاور لميدان السبعين لأداء صلاة الجمعة، شارك مئات آلاف اليمنيين في إحياء «جمعة سلمية الثورة» التي دعت إليها «اللجنة التنظيمية لشباب الثورة» في شارع الستين بالعاصمة صنعاء بالقرب من «ساحة التغيير»، ورفع المشاركون شعارات تندد بالنظام وتتهمه بالاعتداء على منزل الشيخ الأحمر والعمل على جر البلاد الى حرب أهلية.

وفي مشهد يؤكد على تحدي صالح، حضر الشيخ صادق الأحمر فعاليات «جمعة سلمية الثورة» واستقبله مئات الآلاف من المشاركين بالتصفيق وبشعارات منددة بالرئيس تعبيراً عن تضامنهم معه في التصدي للقوات الحكومية.

وألقى الأحمر خطاباً قال فيه إن الاشتباكات توقفت بناء على جهود وساطة جديدة، مؤكداً التزامه التوصل إلى حل سريع ينهي المواجهات، ومشدداً على التزام قبائل حاشد الهدنة ورغبتها في التزام السلم في حال التزام النظام بذلك. لكنه جدد التأكيد على أن القبائل لن تقف متفرجة إذا عاودت «عصابات صالح» مهاجمة منزله الواقع في حي الحصبة بصنعاء. وقال: «ثمة هدنة بيننا وبين قوات علي عبدالله صالح وثمة وساطة جارية»، لكنه أضاف: «إذا كان صالح يريد ثورة سلمية، فنحن مستعدون لذلك، وإذا كان يريد الحرب فسنقاتله حتى آخر قطرة من دمنا».

وفي تطور آخر، قصف الطيران الحربي مواقع يتمركز فيها مسلحون من قبائل منطقة نهم التابعة لمحافظة صنعاء (30 كلم شمال شرقي العاصمة) كانوا تمكنوا من السيطرة على ثلاثة مواقع تابعة لقوات الحرس الجمهوري.

وقالت مصادر محلية أن قوات اللواء 26 في الحرس الجمهوري قصفت بعض مناطق نهم مساء الخميس من دون سابق إنذار، ما أثار غضب رجال القبائل الذين احتشدوا واشتبكوا مع تلك القوات المتمركزة في منطقة «فرضة نهم» الجبلية الوعرة التي يمر فيها الطريق الرئيسي الذي يربط بين صنعاء ومأرب. وقتل في المواجهات خمسة مسلحين قبليين وسبعة عسكريين أحدهم قائد اللواء العميد ركن علي القراري.

على صعيد آخر، قتل ثلاثة عسكريين ومدني واحد في هجمات عدة في مدينة زنجبار كبرى مدن محافظة أبين بجنوب اليمن أمس. وقال مسؤول أمني أنه تم استهداف معسكر للجيش ومقر لقوات الأمن وبنك، وتمكن المهاجمون من الاستيلاء على مبالغ مالية.

وفي جنيف، أعربت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن تخوفها من أن تغرق السلطات اليمنية البلاد «في حرب أهلية» من خلال القمع الدامي للتظاهرات السلمية.

وقال الناطق باسم المفوضية العليا روبرت كولفيل: «تلقينا معلومات تتحدث عن عشرات القتلى، ومنهم نساء وأطفال، خلال مواجهات في الأيام الأخيرة»، وأضاف إن «تصعيد العنف في الأيام الأخيرة يثير القلق البالغ، طالما أن الحكومة والمعارضة كانتا على وشك التوصل الى اتفاق». وأوضح: «نتخوف فعلاً من أن تغرق الحكومة البلاد في الحرب الأهلية».

ودعا الناطق الحكومة اليمنية الى «التوقف عن الاستخدام غير المناسب للقوة ضد تظاهرات سلمية»، ودعاها أيضاً الى «التوقف عن اعتقال الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان أو الصحافيين «والتحقيق

في الادعاءات التي تفيد أن قوات الأمن ارتكبت جرائم».

وقال إن المفوضية «حصلت على موافقة السلطات لإرسال بعثة الى اليمن في حزيران (يونيو)، لكننا نريد أن نصل بطريقة أسرع»، مشيراً الى استمرار المفاوضات حول وسائل هذه المهمة.

على صعيد آخر، شهدت مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين اليمنية (جنوب البلاد) مواجهات عنيفة صباح أمس بين قوات الامن ووحدات من الجيش من جهة، وعشرات المسلحين يعتقد بأنهم من تنظيم «القاعدة».

وأكدت لـ»الحياة» مصادر محلية متطابقة سقوط عدد من القتلى والجرحى من الطرفين، غالبيتهم من القوات الحكومية بينهم ضابط أمن برتبة مقدم وأربعة جنود على الأقل. واستمرت الاشتباكات ساعات تمكن المسلحون بعدها من فرض سيطرتهم على انحاء في المدينة، وفرضوا حصاراٌ حولها.

وأضافت المصادر أن القوات الحكومية في زنجبار كانت بأعداد محدودة، في حين ان المسلحين يعدون بالمئات وفي حوزتهم أسلحة رشاشة وقذائف (آ ربي جي)، ويستقلون سيارات رباعية الدفع، وأن بعض المهاجمين كانوا يستقلون دراجات نارية.

وأشارت المصادر إلى أن اللجنة الأمنية في المحافظة طلبت تعزيزات أمنية وعسكرية لمواجهة المهاجمين. وتوقعت جولة جديدة من المواجهات بين الطرفين، في حين تعيش مدينة زنجبار حالا من القلق والتوتر الشديد نتيجة هذه التطورات التي تزامنت مع اندلاع مواجهات مماثلة في مديرية لودر أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة اثنين آخرين.


المصدر: جريدة الحياة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,491,579

عدد الزوار: 7,030,586

المتواجدون الآن: 68