كتائب القذافي تصعِّد هجماتها على المعارضة في الجبل الغربي

مجموعة الاتصال" تجتمع في روما غداً لإيجاد حل سياسي للنزاع الليبي

كتائب القذافي تصعِّد هجماتها على المعارضة في الجبل الغربي

صعَّدت القوات الموالية للزعيم الليبي معمَّر القذافي من وتيرة هجماتها على المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في الجبل الغربي (جبل نفوسة)، حيث يفيد لاجئون بأن سكان تلك المنطقة المعزولة قد أضحوا "على حافة المجاعة". فيما تجتمع مجموعة الاتصال حول ليبيا غدا في روما للتوصل الى حل سياسي للنزاع القائم والذي يشهد مأزقا في مستوى الوضع العسكري ومخاطر من تدهور الوضع الانساني.
وقال الناطق باسم المعارضة في الجبل الغربي، عبد الرحمن، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه كاملا "لقد سقط على الزنتان على الأقل عشرة صواريخ من طراز غراد، أطلقتها قوات القذافي المتمركزة شمال البلدة".
وقامت قوات القذافي بقصف مدن وبلدات البربر في منطقة الجبل الغربي النائية، والقريبة من الحدود مع تونس، وذلك بعد انضمام سكان تلك المنطقة إلى المعارضة المناوئة لنظام القذافي في الخامس عشر من شهر شباط (فبراير) الماضي.
وكما هي عليه الحال بالنسبة للمجموعات المناهضة للقذافي في أنحاء أخرى من ليبيا، فإن المعارضين في الجبل الغربي يقولون إنهم يحتاجون إلى المزيد من الدعم والمساعدة من طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وحول ما إذا كانت الضربات التي يشنها طيران "الناتو" على القوات الموالية للقذافي حول الزنتان ذات فاعلية، قال عبد الرحمن: "كلا. نعم، الوضع أفضل من عدم وجود غارات جوية بالمرة، لكن بإمكانهم القيام بفعل أفضل من ذلك." أضاف "إن الأهداف واضحة. فإن كان بإمكان مقاتلي المعارضة رؤيتها، فبالتأكيد يمكن لطائرات الناتو تحديد مكانها ومن ثم تدميرها."
وتأتي هذه التطورات بعد أن كانت القوات الموالية للقذافي قد قصفت اول من امس بالأسلحة الثقيلة مدينة مصراتة الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط عند الحافة الغربية لخليج السدرة.
وذكر ناطق باسم قوات المعارضة ان ما يقرب من مئة صاروخ سقطت على المدينة خلال اليومين الماضيين.
كما ذكرت تقارير بأن الدبابات التابعة لقوات القذافي حاولت اقتحام المدينة من جهة الجنوب.
يُشار إلى أن الحكومة الليبية كانت قد أعطت قوات المعارضة مهلة أربعة أيام لتسليم أسلحتهم مقابل العفو عنهم، "وإلا واجهوا هجوما كاسحا".
وفي طرابلس، واصل حلف "الناتو" غاراته الجوية على أهداف في المدينة، حيث قال شهود عيان إن ثلاثة انفجارات دوت في وقت متأخر من ليل الأحد ـ الاثنين شرق العاصمة بعد تحليق كثيف لطائرات الناتو.
اعتبارات أمنية
من ناحية أخرى، أعلنت تركيا امس أنها بصدد إجلاء العاملين في سفارتها في طرابلس بعد هجمات من جانب حشود غاضبة على سفارات أجنبية في العاصمة عقب غارة شنتها طائرات "الناتو" على باب العزيزية و قتل فيها سيف العرب، النجل الأصغر للقذافي، وثلاثة من أحفاد الزعيم الليبي.
وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو: "قررنا إخلاء سفارتنا في طرابلس مؤقتا لاعتبارات أمنية." أضاف: "لقد غادر سفيرنا لدى طرابلس سالما إلى تونس في الصباح، وتركيا تراقب عن كثب تغيرات الأوضاع الأمنية في ليبيا".
وكانت الأمم المتحدة قد قررت الاحد سحب موظفيها الدوليين من طرابلس عقب تعرض مكاتبها للنهب والاعتداء من قبل جموع غاضبة ردا على مقتل سيف العرب.
وتعقد مجموعة الاتصال حول ليبيا غدا اجتماعا في روما للتوصل الى حل سياسي للنزاع القائم والذي يشهد مأزقا في مستوى الوضع العسكري ومخاطر من تدهور الوضع الانساني.
وعلى جدول اعمال الاجتماع احتمال مد المعارضين بالاسلحة وتمويل حركتهم من خلال شراء النفط من شرق ليبيا الواقع تحت سيطرتهم.
وقال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني: "ان هدف اللقاء تشجيع بداية عملية سياسية تسمح للشعب الليبي باختيار مستقبله بحرية". اضاف "انه يرمي ايضا الى ايجاد حل متماسك لتقديم مساعدة انسانية ودعم طويل الامد للشعب الليبي".
والمجموعة التي شكلت في لندن في نهاية اذار (مارس) الماضي، تضم دولا غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وعربية لا سيما قطر والاردن والمغرب ومنظمات دولية منها الامم المتحدة والجامعة العربية وحلف "الاطلسي".
وكان الاجتماع السابق والاول لمجموعة الاتصال عقد في الدوحة، عاصمة قطر وهي واحدة من الدول الثلاث التي اعترفت حتى الان بـ"المجلس الوطني الانتقالي"، الذي يمثل المعارضة لنظام القذافي، كمحاور شرعي لليبيا الى جانب ايطاليا وفرنسا.
وبحسب ديبلوماسي اوروبي رفيع المستوى فان مسألة الموارد لتمويل الثوار ستكون احد الرهانات الذي سيسمح الاجتماع "باحراز تقدم فيه".
واقترحت قطر مساعدة الثوار في استثمار الموارد النفطية في المناطق التي يسيطرون عليها "لكن هناك علامات استفهام قانونية حول ما اذا يمكن للثوار بيع النفط الليبي في السوق بشكل شرعي".
وتطرح المشكلة نفسها حول استخدام الثوار ارصدة المسؤولين الليبيين المجمدة لاغراض انسانية. وقال الديبلوماسي "من صاحب هذه الارصدة؟. الامر غير واضح". اضاف اذا كان بيع النفط معقدا "يمكن ايضا منح مساعدة مالية موقتة لبنغازي يتم تسديدها لاحقا على شكل نفط مثلا".
وقال رئيس اللجنة "المالية التابعة للمجلس الوطني الانتقالي" علي الترهوني: "ان المعارضين ينفقون بين 50 مليون و100 مليون دينار ليبي (43 مليون الى 86 مليون دولار) يوميا". اضاف "ان السيولة المالية التي لديهم محليا ستكفيهم بهذا المعدل لمدة ثلاثة اسابيع أو على الاكثر اربعة اسابيع".
وتوقع رئيس اللجنة من حكومات أجنبية مثل فرنسا وايطاليا والولايات المتحدة تقديم خطوط ائتمان وان الاموال يجب ان تصل خلال فترة تتراوح بين اسبوع الى عشرة ايام.
وتابع الترهوني للصحافيين في بنغازي معقل المعارضة في الشرق "انهم يحتاجون الى ما بين ملياري وثلاثة مليارات دولار ويأملون في الحصول على معظم او كل هذا المبلغ"، لافتا الى ان المبلغ سيكفيهم لمدة ثلاثة أشهر.
ومع تردي الاقتصاد الليبي بعد أكثر من شهرين من الحرب الاهلية فان الاموال اللازمة لسداد تكاليف الطعام والدواء ورواتب موظفي الحكومة، التي يعتمد عليها معظم السكان بدأت تنفد.
وعلى الارض يتدهور الوضع الانساني. ففي مصراتة ثالث مدن البلاد، المستشفيات مكتظة ويصعب تأمين المياه كما علقت عمليات نقل الاغذية والادوية بحسب المنظمات الانسانية، بسبب حصار الميناء ووجود لغم في المياه.
كل هذه القضايا الشائكة ستبحث في روما من قبل وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ونظيره الفرنسي الان جوبيه.
وستمثل في الاجتماع 22 دولة في مقدمتها البلدان المشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا اضافة الى سبع منظمات دولية منها الاتحاد الافريقي.
وسيشارك المجلس الوطني الانتقالي الليبي في الاجتماع الذي سيتولى رئاسته فراتيني ورئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني.
ويأتي الاجتماع في وقت صعب بالنسبة الى العمليات العسكرية التي يقودها "الاطلسي" وفشلت في اقصاء القذافي من السلطة.

(ا ف ب، ا ش ا، بي بي سي، رويترز)