شلل في الحكومة الإيرانية نتيجة النزاعات المشتعلة في رأس النظام

تاريخ الإضافة الثلاثاء 3 أيار 2011 - 6:02 ص    عدد الزيارات 3256    التعليقات 0    القسم دولية

        


شلل في الحكومة الإيرانية نتيجة النزاعات المشتعلة في رأس النظام

مراقبون إيرانيون: أحمدي نجاد تورط في خلاف لن تكون له الغلبة فيه على الأرجح

 
طهران - لندن: «الشرق الأوسط»
جلس وزير الاستخبارات ووزراء آخرون في أحد اجتماعات مجلس الوزراء في طهران انتظارا لمحمود أحمدي نجاد، لكنه لم يحضر.

كان هذا مشهدا آخر على الساحة السياسية الأسبوع الماضي في ظل صراعات القوى الحالية، والمعقدة للغاية، بين وزير الاستخبارات حيدر مصلحي الذي يشعر بثقة متزايدة، وأحمدي نجاد الذي تحول فجأة إلى موقف دفاعي. وحسب تقرير أوردته وكالة «أسوشييتد برس» أمس، فإن أحمدي نجاد لا يزال يتحدى ويرفض قبول مصلحي ويقاطع جلسات مجلس الوزراء رغم صدور قرار من أعلى سلطة في البلاد.

العراك السياسي في إيران ليس بالشيء الجديد، حيث يتشاحن البرلمان بانتظام ويسود التوتر أحيانا العلاقات بين أحمدي نجاد ورجال الدين الحاكمين، لكن هذه المرة يتعلق الأمر بوتر حساس ومؤشر خطير يصل إلى أعلى المستويات التي توضح شكل نظام الحكم في إيران. ثمة مجموعة كبيرة من الأمور يجب أن توضع في الحسبان، منها مكانة أحمدي نجاد السياسية خلال العامين الأخيرين له في فترة رئاسته، وقدرته على مواجهة التحديات المتنامية من البرلمان ومنتقدين آخرين، وما إذا كان المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، يسعى نحو المزيد من السيطرة نظرا لمواجهة سوريا، التي تعد أهم الدول الحليفة له، ثورة.

كان يمكن لأحمدي نجاد أن يختار خصما أكثر فعالية من مصلحي، الذي أعاده خامنئي إلى منصبه في المخابرات بعد ساعات فقط من تقديم استقالته في 17 أبريل (نيسان) تحت ضغط من أحمدي نجاد على ما يبدو. ونتيجة لهذه الصفعة المحرجة ظهرت تكهنات تفيد بأن الدعم الشامل الذي كان يقدمه خامنئي لأحمدي نجاد، ولا سيما خلال الشهور الحرجة من الفوضى عقب إعادة انتخابه المثيرة للجدل عام 2009، يمكن أن ينتهي بسبب محاولاته المتكررة لتوسيع نطاق سلطاته.

كما تظهر هذه الصفعة الأهمية التي يمثلها وزير الاستخبارات بالنسبة لطبقة رجال الدين الحاكمة للبلاد. ويتدخل وزير الاستخبارات في سياسات إيران الدولية وشبكات التجسس الداخلية، التي تعد ركائز السيطرة على النظام.

فتوقف دعم خامنئي من شأنه، من دون شك، أن يقلل من سلطة أحمدي نجاد ويجعله زعيما مهزوما يقوم بأعباء مهامه لحين تولي زعيم جديد، كما يعد ذلك بمثابة اختبار لولاء أنصاره الرئيسيين، بما في ذلك الحرس الثوري التي سيكون له دور محوري في اختيار المرشحين لخلافته عام 2013. وفي الوقت نفسه استغل خصوم أحمدي نجاد هذا التوقيت، حيث أحيا عدد من المشرعين عريضة تطالب باستدعاء أحمدي نجاد للاستجواب، مما أعطى الفرصة لمنتقديه لطرح سيناريو اتهامه بالتقصير والذي لا يزال حدوثه غير مرجح.

وبعثت مجموعة من 216 نائبا - أي أكثر من ثلثي البرلمان الذي يضم 290 عضوا - برسالة إلى أحمدي نجاد تحثه فيها على التوقف عن مقاطعة حضور اجتماعات الحكومة لأن ذلك يهدد مصالح البلاد. وكتب النواب: «نتوقع منك أن تتبع المرشد الأعلى».

واستغل رجل دين متشدد خطبة الجمعة الماضي، التي تم بثها محليا، ليقوم بتحذير أحمدي نجاد بشكل غير مباشر من أنه يتجه نحو حد خطير بسبب تصعيده ضد خامنئي. وقال آية الله أحمد خاتمي: «طاعة المرشد الأعلى واجب ديني، فضلا عن كونها التزام قانوني، دون أي شك». ورغم أنه لم يذكر أحمدي نجاد بالاسم، كان من الواضح أنه يشير إليه. وفي الأسبوع الماضي، وجّه خامنئي توبيخا علنيا نادرا لأحمدي نجاد، قائلا إنه لن يتردد في التدخل في شؤون الحكومة كلما دعت الضرورة إلى ذلك.

وقال مصطفى العاني، محلل إقليمي في مركز أبحاث الخليج في دبي لوكالة «أسوشييتد برس»: «أحمدي نجاد لا يزال مصرّا على التحدي. ومن وجهة نظر إيران، ليس هذا هو الوقت المناسب لهذا النوع من الجمود الداخلي».

ويحاول الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يعد أهم حليف لدولة إيران، جاهدا أن يقمع ثورة تزداد قوة وتهدد نظام حكمه. أما في الخليج فقد تلقى موقف إيران ضربات موجعة بعد اتهام قادة الدول طهران بدعم ثورات الشيعة في البحرين وفي بلدان أخرى. ودعت غرفة التجارة والصناعة في البحرين يوم السبت الماضي إلى مقاطعة البضائع الإيرانية. وفي الوقت ذاته تورط أحمدي نجاد في خلاف لن تكون له الغلبة فيه على الأرجح، فقد قبل استقالة حيدر مصلحي على خلفية خلافات بشأن قرارات اتخذها مصلحي، رجل الدين الوحيد في الحكومة الإيرانية، بطرد حلفاء مقربين من أحمدي نجاد في الحكومة.

لكن يبدو أن مصلحي لديه علاقة مباشرة قوية مع خامنئي الذي لديه اليد العليا والقول الفصل في شؤون الدولة. وقال سامي الفراج، مدير مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية: «ربما تمادى أحمدي نجاد هذه المرة. يبدو أنه لم يكن يتوقع هذا الرد من خامنئي». لكن كانت هناك مؤشرات توضح ذلك، حيث أثنى المرشد الأعلى أكثر من مرة على مصلحي البالغ من العمر 54 عاما، والذي كان يوما ما ممثل خامنئي في قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني، والتي تعد ممثلا للنظام الحاكم في كل دول الجوار تقريبا. عندما تم تعيين مصلحي وزيرا للاستخبارات عام 2009 في إطار التغيير السياسي بعد الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، قال أمام البرلمان إن المنصب الوزاري سيرسم البسمة على شفاه المرشد الأعلى.

وفي مارس (آذار) نقل مصلحي رسالة من خامنئي إلى الوزراء مفادها أنه عليهم عدم الالتفات إلى «التوجهات السياسية أو الأفراد»، بل العمل بحسب توجيهات المرشد الأعلى. ورأى الكثيرون أن تلك الرسالة دعم للمقترحات المقدمة بتحويل أجهزة الاستخبارات إلى مؤسسة خاصة تتبع المرشد الأعلى مباشرة مثل الحرس الثوري الإيراني. لقد ظل أحمدي نجاد يعتمد لسنوات طويلة على الحرس الثوري كقوة داعمة أساسية له، لكن يبدو أن هناك شرخا فيه هو الآخر. فبعد يوم من تدخل خامنئي للإبقاء على مصلحي في المنصب، هاجمت صحيفة «جافان» التابعة للحرس الثوري أحمدي نجاد ومساعده المقرب. وأشارت إلى أن «العناصر البغيضة» التي تحالفت مع أحمدي نجاد سعت إلى استغلال وزارة الاستخبارات في تحقيق مكاسب سياسية، في إشارة واضحة إلى محاولات تقويض الخصوم السياسيين استباقا للانتخابات البرلمانية العام القادم والانتخابات الرئاسية عام 2013. ورد موقع «باكري أونلاين» الإلكتروني الذي على صلة بأحمدي نجاد، مشيرا إلى أن مصلحي أراد بيع الوزارة للحرس الثوري الإيراني. وقال الفراج: «إن الأمر يزداد تعقيدا بالنسبة إلى أحمدي نجاد. لقد سعى إلى تقديم مصلحي ككبش فداء ويشعر أن عليه الالتزام بذلك. لقد أوقع نفسه في ورطة».


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,153,422

عدد الزوار: 6,937,133

المتواجدون الآن: 106