ميقاتي يتخوف من قرار جديد بعد رفض التجاوب مع طلب المحكمة

وفي ظل حالة الانتظار، يخرج <حزب الله> عن صمته اليوم، قبل اقل من عشرة ايام من مهرجان 14 آذار في 13 الجاري الذي سيشكل محطة مفصلية في مسار الاشتباك الحاصل حول الموقف السياسي في لبنان، قبل ان يكون حول الحكومة التي ما تزال قيد التأليف، وذلك عبر المؤتمر الصحفي الذي يعقده رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في المكتبة العامة في المجلس النيابي، من دون ان توضح العلاقات الاعلامية في الحزب الغاية من المؤتمر، إلا ان مصادر توقعت ان يخصص للرد على مؤتمر قوى 14 آذار في البيال، والمواقف الاخيرة التي اطلقها رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الذي غادر مساء امس متوجهاً الى الرياض في المملكة العربية السعودية في زيارة قصيرة.

ولاحظت المصادر ان خروج <حزب الله> عن صمته ليس له علاقة بموضوع الحكومة، وإن كان من شأنه ان يشكل رافعة لتسريع عملية التأليف، فيما لو اردف المؤتمر بحركة قصيرة لحلحلة العقد التي تحول دونها، إلا ان الحزب وجدها مناسبة للانقضاض على الاكثرية السابقة، مستفيداً من تفاعل قضية رفض الوزراء الاربعة في حكومة تصريف الاعمال التعاون مع الطلبات التي تقدم بها المدعي العام في المحكمة الدولية القاضي دانيال بيلمار، بخلفية ان هذه الطلبات والتي تتعلق بالتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تشكل <فضيحة> من وجهة نظر الوزراء الاربعة، وتصل الى حد انها <تثير الريبة والشك> بحسب تعبير وزير الاشغال غازي العريضي.

يضاف إلى ذلك ما كشفه رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي في حديث إلى قناة <المنار> من معلومات وصلت إليه عن سعي بعض الأفرقاء لدى جهات دولية إلى استصدار قرار دولي تحت الفصل السابع، انطلاقاً من طريقة التعامل مع الطلبات الأخيرة للقاضي بيلمار، مبدياً استغرابه لهذه الطلبات، مشيراً إلى أنه على حدّ ما هو معلن، فالقرار الاتهامي تم تسليمه إلى المعنيين بانتظار اصداره، الأمر الذي يعني انتهاء مرحلة التحقيقات والطلبات.

وإذ لم يوضح الرئيس ميقاتي هوية هؤلاء، فإن معلومات ذكرت أن وزير العدل ابراهيم نجار ينتظر توضيحات من مكتب بيلمار حول ما كان عدم استجابة وزراء لبنانيين لطلباته يشكل عائقاً لسير العدالة، وما إذا كان ينطبق على ذلك مفاعيل القرار 1757، أم أنه يحق لهؤلاء الوزراء أن يتصرفوا تجاه هذه الطلبات وفق الأنظمة والقوانين اللبنانية.

وكان وزير الاتصالات شربل نحاس كشف بأن مكتب بيلمار طلب <داتا> جميع الاتصالات الخليوية في لبنان منذ نهاية العام 2003 حتى نهاية العام 2010، مشيراً إلى أن وفداً من التحقيق سيزور الوزارة الأسبوع المقبل.

كذلك كشفت مصادر وزير الداخلية زياد بارود أن الأخير أبلغ محققي بيلمار أنه لا يستطيع تلبية طلبهم بتزويدهم كل بصمات الشعب اللبناني، مكتفياً باتفاق على نحو 1000 بصمة لبناني.

<كرة النار> وفي تقدير مصادر مطلعة أن قضية طلبات بيلمار مرشحة للتفاعل سياسياً، عشية صدور القرار الاتهامي فضلاً عن كونها <كرة نار> ألقيت في وجه الحكومة الجديدة، من أجل تصويرها بأنها حكومة <مارقة على الشرعية الدولية> بحسب تعبير عضو الأمانة العامة في قوى 14 آذار سمير فرنجية الذي استبعد في حديث لـ <اللواء>، أمس، إمكانية تشكيل حكومة في لبنان يسيطر عليها <حزب الله>، لأن وجود مثل هكذا حكومة يعني تحويل لبنان إلى <دولة مارقة وخارجة عن الشرعية الدولية>، وهذا يعني بكلام آخر الاصطدام بالضوء الأحمر الأميركي الذي رمى شروطاً هي بمثابة ضغوط

أو الغام قابلة للانفجار. ولعل الحوادث الأمنية التي بدأت تحدث على صعيد تمزيق صور وملصقات قوى 14 آذار في العاصمة والمناطق، فضلا عن قنبلة المولوتوف التي ألقيت على مكتب تيار <المستقبل> في رأس النبع قبل يومين، اشارة واضحة الى التأزم الخطير الذي بلغه لبنان، عشية الاحتفال بذكرى 14 آذار في ساحة الشهداء، خصوصاً وانه سيرفع شعار <حماية لبنان من خطر السلاح>، والذي سيكون عنوان الوثيقة السياسية التي سيطلقها هذا الفريق في مؤتمره العام يوم الاحد المقبل في البريستول، والتي ستكون عبارة عن قراءة صريحة وواضحة مع جمهور 14 آذار للمرحلة السابقة، ورؤية للمرحلة المقبلة والتي ستقوم على معارضة مدنية على غرار الثورات الشعبية التي يشهدها العالم العربي.

وأوضح فرنجية ان السلاح التي تنص الوثيقة على رفضه بات سلاحاً اقليمياً ولم يعد سلاحاً لبنانيا، بل اصبح عبئا على اصحابه في ظل حالة التغيير التي تطال المنطقة، وان اصحابه قد يتبلغون في لحظة ما ان هذا السلاح لم يعد صالحاً لا للاستخدام ولا للتخزين ولا للتهديد، مؤكداً لشعب 14 آذار ان هذه المعركة ستكون آخر معركة من معارك لبنان.

المربع الاول أما على صعيد تأليف الحكومة، فقد لفت الانتباه الاعلان رسمياً عن لقاء عقد مساء امس بين الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، خصص بحسب ما قال المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية <لعرض آخر المشاورات المتعلقة بتأليف الحكومة>، علماً انه سبق هذا الاجتماع ثلاثة لقاءات تمت من دون اعلان رسمي.

واوضح مصدر مطلع ان الكشف عن الاجتماع جاء من باب تأكيد العلاقة الجيدة التي تربط الرئيسين، ولا يعني ان تقدما ما قد حصل على صعيد تأليف الحكومة، نافياً ان يكون قد جرى طرح صيغ معينة، موضحا في الوقت عينه انه لم تحدث بعد نقلة نوعية، حيث اننا ما نزال في المربع الاول، لكنه لفت الى ان دائرة المشاورات توسعت، الأمر الذي يمكن أن يساعد في إيجاد ثغرة تؤدي في مكان ما إلى تسوية معينة للعقد الموجودة.

أما مصادر الرئيس المكلف فقد لفتت من جهتها إلى أن إجتماع بعبدا تداول في أكثر من صيغة حكومية، مشيرة إلى أن الصيغة الأكثر رجحاناً هي المؤلفة من 24 وزيراً، والتي يفضلها الرئيس ميقاتي على صيغة الـ 30 إلى أنها أكدت أن العقدة مع العماد ميشال عون لم تحل بعد.

وقال مصدر واسع الاطلاع لـ <اللواء> ان المشاورات الحكومية تتابعت في الساعات الاخيرة بحثا عن حل للعقد المتراكمة، في مقدمتها عقدة وزارة الداخلية او الحصة العائدة الى العماد عون.

واوضح ان الجهود المبذولة متواصلة لرأب الصدع بين الرئيس ميشال سليمان وعون على حقيبة وزارة الداخلية الرئيسية، لافتا الى ان الحل الاكثر قبولا ومنطقية يتمثل في ان تعطى وزارة الداخلية لشخصية مستقلة في محاولة لتجاوز واحدة من العقبات الرئيسية التي تؤخر تشكيل الحكومة الجديدة.

وكشف ان عون رفض هذا الاسبوع اقتراحا تقدم به الرئيس سليمان لتعيين العميد المتقاعد في الجيش اللبناني فارس صوفيا على رأس وزارة الداخلية، في حين سارعت اوساط <التيار الوطني الحر> في اتصال بـ <اللواء> الى الاعلان ان عون تجاهل الاقتراح <لأن صوفيا من المقربين من سليمان وهو ليس خيارا حياديا>.

واشار المصدر ان انه في حين يفضل ميقاتي <جهدا جديا ومكثفا> للإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة طالبا من الأطراف المعنية تقديم أسماء مرشحيها، لا يتفق عون مع هذا النهج <وهو يود معرفة المزيد عن شكل الحكومة الجديدة والوزارات المتاحة قبل ان يكشف عن مرشحيه>.

وقال المصدر الواسع الاطلاع ان لقاء عون بالنائب سليمان فرنجية تتطرق الى تشكيل مجلس الوزراء وامكان ان يوزر فرنجية شخصيا في الداخلية، غير ان رئيس تيار <المردة> لا يزال متحفظا عن هذا الطرح، ويفضّل، في حال كان لا بد من ان يوزر، ان يدخل حكومة اقطاب لا حكومة سياسيين مطعمة بتكنوقراط.

ولفت المصدر الى ان الوجهة غير المعلنة للزيارة كانت بغية اعادة ترتيب الاوراق بين الرجلين، خصوصا في ظل تمايزات غير قليلة في مقاربة الملف الحكومي.

وفي هذه الأثناء تبقى المراوحة سيدة الموقف في لبنان ، وتبقى العصي في دواليب التأليف تعيق حركتها وتقدمها، حيث الصفقات والمصالح الشخصية تعلو فوق المصلحة العامة، وتذهب كل وعود 8 اذار بتسهيل عملية التأليف والإنطلاقة لحكومة <متماسكة> قادرة على الانتاج بعيداً عن التعطيل ··· هباء نزوات وعناد بعض الأطراف، الذين امتهنوا التعطيل في الآونة الأخيرة· ومع هذا التمادي في شلّ البلاد ومصالح العباد، تضيع الفرصة تلو الأخرى على البلد الصغير حتى يتجاوز أزماته العديدة ويكون بأتم الجهوزية لاستيعاب التطورات الحاصلة في المنطقة وتداعياتها على دول الجوار·

في حين استطاع لبنان التغلب على الأزمة المالية العالمية بأقل ضرر ممكن، بل على العكس، أضحى فسحة استثمارية لا يُستهان بها من خلال سوقي العقارات والنقد، نرى اليوم العين الخارجية على القطاع المصرفي، تزرع الشكوك وتثير تساؤلات بعضها مشروع، والأغلب في غير محله، في محاولة واضحة لتعطيل استفادة لبنان من التحولات الجارية من حوله·

·· وتبقى المراوحة سيّدة الموقف، تقطع كل سبل الخلاص وتعمّق الإنقسامات، مجردة الدولة من مؤسساتها والشعب من وحدته وقدرته على مواجهة التحديات بدءاً من عدو على الحدود، مروراً بثورات في المنطقة وصولاً إلى داخل سياسي منقسم تحت نظر مطامع خارجية غير مسبوقة!

· ولفت ميقاتي في حديث لـ<المنار> الى معلومات وصلت اليه عن سعي بعض الافرقاء لدى جهات دولية الى استصدار قرار دولي تحت الفصل السابع انطلاقا مع طريقة التعامل مع الطلبات الاخيرة لمدعي العام الدولي دانيال بلمار·

وابدى استغرابه لطلبات بلمار، مشيرا الى انه على حد ما هو معلن فالقرار الاتهامي تم تسليمه الى المعنيين بانتظار اصدار الامر الذي يعني انتهاء مرحلة التحقيقات·

واكد ميقاتي ان امور تشكيل الحكومة تسير وفق المخطط والمرسوم بلا تسرع·

اما عن المواعيد، فلفت الى انه وحده معني بتحديدها ويعمل على بلورة تشكيلة تكون الافضل على مواجهة ما يواجه لبنان من تحديات، مشددا على انه لن ينجر الى اي سجال <فما ينتظرني من عمل اهم بكثير>·

واذ اشار الى تحديات كثيرة تواجهه، اعلن انه يتعامل بجدية مع هذه التحديات و<لا يظنن احد ان الاتصالات العربية والدولية حكر عليه>، كاشفا عن خطوط اتصالات له مع المملكة العربية السعودية·

ولفت الى ان المرحلة دقيقة وتستوجب التصرف بحكمة ومنطق بعيدا عن العصبيات المذهبية، مجددا القول انه متفائل <فالأجواء الايجابية واللقاءات تسير بطريقة ممتازة>·

واكد انه لا يؤمن بكلمة عقدة <وما نواجهه طلبات متنوعة كما الحال في تأليف الحكومات>·