تظاهرات الثلثاء الأضخم ضد مبارك والانتفاضة تتسع وسليمان يحذّر: لا يمكننا تحمّل استمرار الإعتصام طويلاً

تاريخ الإضافة الخميس 10 شباط 2011 - 4:33 ص    عدد الزيارات 2860    التعليقات 0    القسم عربية

        


القاهرة – من جمال فهمي:
واشنطن – الوكالات:
بلغت الانتفاضة الشعبية على نظام الرئيس المصري حسني مبارك امس ذروة لم تصل اليها منذ تفجرها في 25 كانون الثاني الماضي، متجاهلة سياسة التنازل البطيء "قطعة قطعة" للنظام الذي استبق نزول الحشود وتمددها من ميدان التحرير في وسط القاهرة الى مقرات مجلسي الشعب والوزراء ووزارة الداخلية، ببيان اذاعه نائب الرئيس عمر سليمان وضمنه اعلاناً عن تأليف لجنة لتعديل الدستور.
ومع التنامي غير المسبوق لاعداد المتظاهرين الذين ألهبت حماستهم دموع مدير المنتجات والتسويق الاقليمي لدى "غوغل" في الشرق الاوسط وائل غنيم (30 سنة) الذي اعتقلته شرطة امن الدولة مدة 12 يوماً وافرجت عنه الاثنين، اطلق سليمان في وقت متقدم امس ما يشبه التحذير عندما قال في لقاء ورؤساء تحرير الصحف المصرية ان لا رحيل فورياً لمبارك وانه لن يكون هناك انهاء للنظام، مؤكداً انه لا يمكن تحمل استمرار الاعتصام في ميدان التحرير وقتاً طويلاً وانه "لا بد من انهاء هذه الازمة في اقرب وقت ممكن". وسبق هذا التحذير موقف لواشنطن اعتبرت فيه ان تصريح مدير المخابرات المصرية العامة السابق الاثنين بأن مصر ليست مهيأة للديموقراطية "ليس مفيداً" ودعت الى توسيع قاعدة الحوار مع المعارضة.
وتضخمت الكتل الشعبية التي خرجت الى الشوارع والساحات في محافظات ومدن القاهرة والاسكندرية والمنصورة والزقازيق والمنيا واسيوط وسوهاج وأسوان، وانتج الغضب مزيداً من الاصرار على تلبية قائمة المطالب التي كانت عنوان الانتفاضة منذ بدايتها ألا وهي "اسقاط النظام" ورئيسه وكل شخصياته ورموزه ، وهو أمر بدا واضحاً عندما لم تكتف الحشود التي تدفقت الى ميدان التحرير باحتلال ساحته الرحبة وكل الطرق المؤدية اليه بل تعمد عشرات الآلاف محاصرة مقرات مجلسي الشعب والشورى ورئاسة الوزراء ووزارة الداخلية حتى ساعة متقدمة من الليل.

 

"هيئة دعم الثورة"

الى ذلك، انتخب المعتصمون في ميدان التحرير وجلهم من الشباب هيئة قيادية ائتلافية سموها "هيئة دعم الثورة" وتضم، الى ممثلي الحركات الشبابية، التي تمثل عصب التحركات الاحتجاجية، 22 شخصية سياسية واعلامية ومثقفين ورجال قضاء ينتمون الى طائفة واسعة من القوى السياسية من بينهم المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي.
وعقدت الهيئة الجديدة اجتماعا تحضيريا قررت فيه اعتماد فاعليات "جمعة الاصرار" (بعد غد) التي سبق الاعلان عنها باعتبارها ختام "اسبوع الصمود" الجاري.
وكانت الحركات الشبابية التي تقود الإحتجاجات قررت تحديد ثلاثة ايام (الاحد والثلثاء والجمعة) من كل اسبوع للمظاهرات المليونية، على أن يبقى الاعتصام مفتوحا باقي الايام في ميدان التحرير وساحات وميادين أخرى في الاسكندرية وعدد من مدن البلاد.
وقررت الهيئة اعلان بيانها السياسي الاول في مؤتمر صحافي غداً.

 

الموقف الأميركي

• في واشنطن، لم يشأ الناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس التعليق مباشرة على الخطوات الاولية التي يتخذها مبارك لارضاء معارضيه، الا انه اشار الى ان المحتجين يعتقدون ان هذه الخطوات غير كافية. وقال ان واشنطن لا تزال ترغب في حصول تطورات في مصر تؤدي الى اجراء انتخابات حرة ونزيهة "في عملية تجري من دون تأخير وتؤدي الى نتائج فورية ولا رجعة فيها". واضاف: “لن اتحدث كما لن تتحدث هذه الادارة عن كل التطورات التي تمثل حصول تطور في مصر... سنعلم اذا احرز تقدم بوتيرة ترضي الشعب المصري". ولاحظ ان عدد من شاركوا في الاحتجاجات في مصر امس فاق عددهم في الايام السابقة. و"لا اعتقد انه من المنطقي بالنسبة الينا ان نكون حكماً في ما اذا كان ما حدث اليوم تقدماً جيداً او تقدماً كافياً... سنعرف جميعاً عندما تكون وتيرة التقدم تلبي المطالب".
ورأى ان "على الحكومة ان تكف عن اعتقال المحتجين والصحافيين، وعن التحرش والضرب والاحتجاز للصحافيين والناشطين والعاملين في المجتمع المدني... ندعو – كما فعلنا – الى الافراج فوراً عن كل هؤلاء السجناء".
وتعليقاً على تصريح لنائب الرئيس المصري عمر سليمان الاثنين جاء فيه ان مصر ليست جاهزة للديموقراطية، قال غيبس: "لا اعتقد ان هذا يتماشى بأي طريقة مع ما يرى اولئك الساعون الى فرحة وحرية اكبر" ووصف كلامه بأنه "ليس مفيداً".
الى ذلك، أفاد البيت الابيض في بيان ان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن حض سليمان خلال اتصال هاتفي على اجراء انتقال منظم للسلطة في مصر، "يكون فورياً وذا مغزى وسلمياً وشرعياً". واضاف ان بايدن دعا الى رفع فوري لقانون الطوارئ في مصر، وكرر الموقف الاميركي بأن اي حكومة مقبلة في هذا البلد يجب ان يقررها الشعب المصري".
وفي تعليق علني اول على الاحداث في مصر، قال وزير الدفاع الاميركي روبت غيتس بعد استقباله نظيره الفرنسي ألان جوبيه ان الاضطرابات في مصر تؤكد الحاجة الى اصلاحات سياسية واقتصادية في المنطقة، و"املي ان تتخذ الحكومات الاخرى في المنطقة اجراءات للبدء بالتحرك في اتجاه ايجابي نحو معالجة الشكاوى السياسية والاقتصادية لشعوبها".
ورأى ان الجيش المصري تصرف "بأسلوب مثالي" بوقوفه على الهامش الى حد كبير خلال الانتفاضة. واضاف: "اقول انهم قدموا اسهاماً لتطوّر الديموقراطية وما نشهده في مصر".
اما جوبيه، فقال ان فرنسا تدعو الى "انبثاق قوى ديموقراطية" في مصر خلال عملية انتقالية يجب ان تحصل "من دون عنف وفي اسرع وقت ممكن".
 


 

واشنطن تريد "المباركية" بلا مبارك واختيار ويزنر مبعوثاً أثار الدهشة

اتسمت المواقف الاميركية من الانتفاضة الشعبية المصرية منذ بدايتها بالتردد والحيرة والتناقض والغموض، وكانت تتغير وتتضح او تتطور الى حد كبير تبعاً للتطورات والمستجدات "الميدانية" في الشوارع الملتهبة في القاهرة والاسكندرية والسويس وغيرها من المدن المصرية. وبين التأرجح بين دعم النظام الحليف للرئيس حسني مبارك الصديق القديم لواشنطن، من جهة، والمطالبة بان يبدأ عملية تخليه عن السلطة "الآن" من جهة اخرى، وصلت واشنطن مع بداية الاسبوع الثالث للانتفاضة المصرية الى مباركة عملية انتقالية في اشراف نائب الرئيس عمر سليمان، وهو أحد ابرز اقطاب النظام المصري، في موقف يمكن وصفه من دون مبالغة بأنه قبول لـ"المباركية" من دون مبارك.
في البدء كانت الكلمة الاولى والتلقائية لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بان النظام المصري "مستقر".
وتبعها نائب الرئيس جوزف بايدن الذي قال ان الرئيس مبارك هو "حليف مسؤول"، ورفض وصفه بانه "ديكتاتور"، لا بل تساءل عما اذا كان بعض مطالب المتظاهرين شرعياً ام لا.
ولكن بعدما تبين ان التظاهرات هذه المرة مختلفة نوعيا عن تظاهرات السنوات السابقة وخصوصاً خلال الدورات الانتخابية التي كانت الحكومة المصرية تزورها دوريا، بدأت واشنطن تدعو الى التعجيل في الاصلاحات التي يطالب بها المتظاهرون وخصوصاً اصلاح قانون الانتخابات والغاء قانون الطوارئ وغيره. وعندما تحولت التظاهرات في نهاية الاسبوع الاول  انتفاضة تهدد باقتلاع نظام مبارك، سارعت واشنطن الى اللحاق بالشارع المصري، ودعت بلسان كلينتون الى "البدء بعملية انتقالية منظمة وسلمية الى نظام ديموقراطي يلبي الحاجات الشرعية للشعب المصري..". وحذرت من أي انتخابات غير شفافة على الطريقة الايرانية في 2009 . وحين تبين من خطاب مبارك انه لا يعتزم الاستقالة قبل نهاية ولايته في ايلول المقبل، شدد الرئيس باراك اوباما ضغوطه على مبارك من طريق مطالبته ببدء عملية نقل السلطات "الآن". وفي اليوم التالي اوضح الناطق باسم البيت الابيض ان كلمة "الان" لا تعني فقط الان، بل انها "تعني امس" في اشارة الى نفاد صبر ادارة اوباما التي أوضحت من خلال هذه المواقف انها بدأت عمليا التحضير لحقبة ما بعد مبارك.
لكن الرسائل الاميركية الى مصر بحلول نهاية الاسبوع الثاني للانتفاضة، بدأت توحي بالتضارب وتنطوي على تلميحات الى ان ادارة اوباما مستعدة للتعايش مع عملية انتقالية يبقى فيها مبارك في السلطة بعد تقليم اظافره.

استغراب ودهشة
وشملت هذه التحولات احراجا كبيرا للادارة تمثل في اختيار  ايفاد السفير الاميركي السابق في مصر فرانك ويزنر – وهو اقتراح جاء من وزارة الخارجية – الى مبارك لتسلميه رسالة قوية من اوباما تطالبه بالاسراع عمليا في عملية تنحيه عن السلطة.  لكن ويزنر، الذي اخفق في مهمته، ما ان عاد حتى سارع الى نسف موقف اوباما حين قال للمؤتمر الامني في ميونيخ ان بقاء مبارك في السلطة هو أمر ضروري للعملية الانتقالية.
وكان اختيار ويزنر الذي يعمل في مؤسسة Patton Boggs التي تقوم باعمال اللوبي لحكومات اجنبية بينها مصر، قد اثار استغراب ودهشة اوساط المراقبين في واشنطن. وقال المسؤول الاميركي السابق سكوت كاربنتر، الباحث في مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الادنى، لـ"النهار" ان "الديبلوماسيين في وزارة الخارجية، الذين تعودوا مبارك والتعامل معه يقاومون أي تحوّل جذري في تفكيرهم التقليدي حول مصر ونظام مبارك".
وشكك كاربنتر وغيره من المختصين في الشؤون المصرية في صدقية او استعداد عمر سليمان او رئيس الوزراء الجديد أحمد شفيق لادخال أي اصلاحات جذرية لانهما مقربان جدا من مبارك ولانهما  ينتميان الى  مؤسسة عسكرية مستفيدة من الوضع الراهن ولها امتيازات ومصالح اقتصادية تتعارض مع التغيير الجذري والديموقراطي الذي تدعو اليه الانتفاضة.
والسبت الماضي بعثت كلينتون بمؤشر اول منها لوجود تحوّل في موقف واشنطن، حين قالت لمؤتمر ميونيخ: "من المهم ان ندعم العملية الانتقالية التي اعلنتها الحكومة المصرية، والتي يرأسها الان نائب الرئيس عمر سليمان". والاحد الماضي كررت كلينتون ان دور مبارك ومصيره  في أيدي المصريين.
واللافت هنا، هو ان اوباما واصل توجيه الرسالة عنها الى مبارك والتي ضمنها خطابه الذي تلا خطاب مبارك، وان ادخل عليها تعديلا طفيفا. وهذا ما كرره الاحد ايضا حين قال: "ما قلناه هو ان عليكم ان تبدأوا العملية الانتقالية الآن". لكنه اضاف ان مبارك وحده يعرف ما سيفعله، وان اميركا لا تستطيع الاملاء".
كيف يمكن تفسير هذه المواقف الغامضة وحتى المتضاربة؟ ربما اعطت كلينتون الجواب في مؤتمر ميونيخ اذ قالت في اشارة ضمنية الى مخاوف واشنطن من استغلال جماعة "الاخوان المسلمين" للانتفاضة: "هناك قوى فاعلة في أي مجتمع، وخصوصاً مجتمع يواجه مثل هذه التحديات، تسعى الى عرقلة او السيطرة على عملية (التغيير) للسعي الى تطبيق اجندتها". ومنذ تفجر الانتفاضة برزت اصوات مختلفة في واشنطن تحذر من "البعبع الاسلامي"، وهو البعبع الذي كان يلوح به ليس فقط مبارك بل نائبه سليمان وفقا لتسريبات ويكيليكس، وتنبه واشنطن الى خطأ التخلي عن مبارك بسرعة. طبعاً، في المقابل، نشر الكثير من المقالات التي تدحض هذه الادعاءات. وتزامنت التحذيرات مع تحذيرات مماثلة صدرت عن المسؤولين الاسرائيليين، وعن مسؤولين عرب في بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة.
اللافت في الامر، هو ان واشنطن لا تزال عند موقفها الجديد بدعم العملية الانتقالية في ظل سليمان، على رغم الاعتقالات المستمرة التي تقوم بها الحكومة، وعلى رغم ادعائه كما فعل في مقابلة الاحد مع شبكة "إي بي سي" الاميركية للتلفزيون ان "التيار الاسلامي" هو وراء التظاهرات التي تؤثر عليها على حد قوله "قوى خارجية". وقال سليمان انه يؤمن بالديموقراطية، لكنه شكا من ان المصريين يفتقرون الى "ثقافة الديموقراطية".
ويحذر الخبراء في الشؤون المصرية، من ان وقوف واشنطن مع الوضع القائم، وعدم اصرارها على تغييرات جذرية وفورية في مصر "هما خطأ ضخم، لانه اذا احبطت الديموقراطية الحقيقية في مصر هذه المرة، فان ذلك سيعزز الاسلاميين المتشددين ويدفع الآخرين الى التطرف، مع ما يعنيه ذلك من ازدياد المشاعر المعادية لاميركا " في مصر كما قالت لـ"النهار" الخبيرة في الشؤون المصرية ميشيل دان المسؤولة السابقة في مجلس الامن القومي  والتي تشرف الان على نشرة الاصلاح العربي الالكترونية، التي تصدرها مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي.

واشنطن – من هشام ملحم     



 

الانتفاضة المصرية تدحض المشكّكين في قدرتها على التعبئة وتكتسب زخماً جديداً
مبارك يؤلف لجنة لتعديل الدستور وسليمان مع التفكير في "مواصفات" الرئيس المقبل

الرئيس المصري حسني مبارك لدى استقباله وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في القصر الرئاسي بالقاهرة أمس. (أ ب)) متظاهرون مناهضون للرئيس المصري حسني مبارك يطلقون هتافات أمام مبنى البرلمان المصري في القاهرة أمس. (أ ب)
مع بدء التشكيك في قدرة الثورة المصرية على التعبئة في ظل مضي النظام المصري في سياسة التسويف والمماطلة، ووسط اشارات خارجية متناقضة حيال الرئيس المصري حسني مبارك، استعادت الاحتجاجات الشعبية دفعاً كبيراً أمس، وخرجت أضخم تظاهرات منذ بدء الانتفاضة في 25 كانون الثاني، مكتسبة زخماً كبيراً وخصوصاً بعد الاطلالة المؤثرة مساء الاثنين للناشط وائل غنيم الذي أطلقه أمن الدولة المصري بعد خطفه 12 يوماً، ونزوله أمس الى ميدان التحرير للمرة الاولى، ليساند "أبطال الثورة" ويضخ في الحشود عصباً جديداً لمواصلة تحركهم الى حين تحقيق مطلبهم الاساسي، وهو رحيل الرئيس مبارك. واتخذ النظام خطوة اضافية في اتجاه استيعاب الغضب المتصاعد، معلناً تأليف لجنة لتعديل الدستور، وتحدث نائب الرئيس المصري اللواء عمر سليمان الى رؤساء تحرير الصحف الحكومية عن خطة وجدول زمني لانتقال سلمي للسلطة، وأن "الرئيس مبارك يؤيد التداول الحقيقي للسلطة" ولكن لا بد من التفكير في "مواصفات وتوجهات" الرئيس المقبل للبلاد.
واحتشد آلاف المتظاهرين حول وائل غنيم بمجرد وصوله بعد الظهر الى ميدان التحرير في صحبة والدة خالد سعيد، الشاب المصري الذي ضربته الشرطة في الاسكندرية حتى الموت في الطريق العام، مما اثار موجة عارمة من الغضب دفعت غنيم الى تأسيس صفحة "كلنا خالد سعيد" في موقع "فايسبوك" على الانترنت التي تضم اكثر من 650 الف عضو.
وما أن أطل هذا الشاب الثلاثيني الذي يعمل مدير التسويق لمنطقة الشرق الاوسط في شركة "غوغل" على المحتجين، حتى دوى التصفيق في الميدان، واغرورقت عيون كثيرين بالدموع ، وهم يهتفون:"تحيا مصر تحيا مصر"، كما ارتفعت هتافات "الشعب يريد اسقاط النظام"، "الشعب يريد اسقاط الرئيس".
وخاطب غنيم المتظاهرين قائلاً: "لست بطلاً، انتم الابطال، انتم الذين بقيتم هنا في الميدان... لازم تفضلوا مصرّين على مطالبنا، علشان خاطر شهدائنا لازم نفضل مصرين على مطالبنا". وأفرج عن وائل الاثنين بعدما احتجز 12 يوماً في مقر جهاز مباحث امن الدولة التابع لوزارة الداخلية، امضى 11 يوما منها معصوب العينين. وبعد اطلاقه بثلاث ساعات، ظهر على شاشة "قناة دريم2 "المصرية الخاصة، فبكى، عندما عرضت على الشاشة صور شبان وشابات من ضحايا القمع الامني للتظاهرات.

التظاهرات الأضخم
وفي اليوم الخامس عشر للانتفاضة، كان مئات الآلاف يشاركون مساء في تظاهرة في ميدان التحرير. واكد مصورون وصحافيون أنها الاضخم منذ 25 كانون الثاني.
كذلك، روى شهود أن مئات الآلاف شاركوا في تظاهرة في ميدان سيدي جابر في شرق الاسكندرية، هي الاضخم منذ بدء حركة الاحتجاج.
وجاءت التظاهرات الحاشدة رداً على الاسئلة عما اذا كان المحتجون لا يزالون متحمسين بعد أسبوعين من الضغوط الشعبية التي لم تؤد الى تحقيق مطلبها الاساسي وهو رحيل مبارك. وانضم الى الاحتجاجات أمس موظفون حكوميون، بينهم نحو خمسة آلاف أستاذ جامعي كان رجال الامن منعوهم من التظاهر قبل أيام.
وللمرة الاولى منذ أيام، خرج نحو الف شخص من ميدان التحرير وساروا نحو مبنى البرلمان القائم على مسافة قريبة، وراحوا يهتفون: "غير شرعي، غير شرعي" ويطالبون بحله. وقال مئات منهم إنهم سيمضون الليل أمام المبنى وهم يقرعون الطبول.
وأكد شهود أن وزير النقل المصري السابق عصام شرف تزعم المسيرة التي وصلت الى محيط مجلسي الشعب والشورى ومجلس الوزراء ووزارات أخرى.
ولا يزال المعتصمون يعربون عن تصميمهم على البقاء الى حين رحيل مبارك، وتضامنهم مع مطالب الشباب الرافضين لنتائج الحوار الذي تم بين نائب الرئيس اللواء عمر سليمان وممثلين للمعارضة المصرية وخصوصاً جماعة "الاخوان المسلمين". وهم لا يزالون يقفلون ميدان التحرير منذ التظاهرة الحاشدة الاولى في 25 كانون الثاني الماضي.
وخوفاً من تقدم دبابات الجيش لاخلاء الميدان من المتظاهرين وفتحه امام حركة السير، لا يزال عشرات المعتصمين ينامون في العراء امام سلاسل الدبابات لمنعها من التحرك.
وشهدت مدن الاسكندرية والمنيا وسوهاج واسيوط والمنصورة والسويس والاسماعيلية تظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف من الاشخاص.

شهادات عن عنف
والى معلومات تنشرها الصحف المحلية عن ثروات بالمليارات جمعها وزراء ومسؤولون سابقون، بمن فيهم وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، ساهمت الشهادات عن العنف الذي استخدمته اجهزة الامن مع المتظاهرين في اثارة تعاطف شعبي واسع مع مطالب الشباب برحيل الرئيس المصري.
وروى احد اكبر جراحي القلب في مصر طارق حلمي، على قناة "دريم2 " كيف انه عالج ولداً في الثالثة عشرة من عمره، وبعد بضع ساعات رآه مقتولاً برصاصة في رأسه. وقال ان العديد من مصابي ميدان التحرير في الثاني من شباط، الذي بات المصريون يطلقون عليه "الاربعاء الدامي"، راوحت جروحهم بين فقء إحدى العينين وكسور في الارجل والاذرع، اضافة الى المصابين بالرصاص المطاط والرصاص الحي.
واعلنت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الاميركية غير الحكومية المدافعة عن حقوق الانسان ان 297 شخصا على الاقل قتلوا خلال الاحداث الاخيرة في مصر، الا انها قالت ان هذه الحصيلة قد تكون اعلى.

الأقباط
وفي تطور لافت، قدمت مجموعة من الشخصيات القبطية مذكرة الى نائب الرئيس المصري تطلب فيها المشاركة في الحوار الوطني الذي بدأه مع عدد من قوى المعارضة المصرية. وقال الناشطون، وبينهم رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان نجيب جبرائيل ومنسق التيار القبطي العلماني كمال زاخر واستاذ القانون ايهاب رمزي، في مذكرتهم: "لما كان أقباط مصر قد عانوا مناخا شديد الظلم، مما أدى الى اقصائهم عن المشاركة في صنع القرار، نرجو تحديد موعد لطرح رؤية الناشطين الاقباط من خلال قاعدة المشاركة الوطنية المصرية".
ويطالب الاقباط، الذين يمثلون ما بين ستة و10 في المئة من الـ 80 مليون مصري، بتعديل المادة الثانية من الدستور التي تنص على ان "الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع".
وكان الرئيس المصري السابق أنور السادات ادخل عام 1980 تعديلا على المادة الثانية من الدستور لتصير الشريعة "المصدر الرئيسي للتشريع" بعدما كانت في النص السابق "احد مصادر التشريع".

لجنة التعديلات الدستورية
وفي اطار المساعي لاستيعاب النقمة الناتجة من قمع التظاهرات، اصدر الرئيس المصري قراراً بتأليف لجنة "تتولى دراسة واقتراح ما تراه من التعديلات الدستورية للمواد 76 - 77 - 88 وغيرها من المواد الأخرى اللازمة لتحقيق إصلاح سياسي وديموقراطي يلبي طموحات أبناء الشعب في مجال الإنتخابات الرئاسية وما يرتبط بها من أحكام، وما تتطلبه التعديلات الدستورية المقترحة من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور ذات الصلة".
وتطالب المعارضة بتعديل المادة 76 لالغاء الشروط التعجيزية على الترشح لرئاسة الجمهورية والمادة 77 لتحديد مدة البقاء في الرئاسة بحيث لا تتجاوز ولايتين وبالعودة الى النص في المادة 88 على الاشراف القضائي الكامل على الانتخابات.
وتضم اللجنة، بموجب القرار، عشرة أعضاء جميعهم من القضاة الكبار في محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة، اضافة الى خبراء قانونيين.
ويقضي القرار بأن "تنتهي اللجنة من مهمتها في موعد أقصاه آخر شهر شباط الحالي وترفع الى نائب رئيس الجمهورية تقريراً بالنتائج التي أسفرت عنها واقتراحاتها في شأن التعديلات الدستورية والتشريعية اللازمة، وذلك للعرض على رئيس الجمهورية لاتخاذ ما يلزم لطلب تعديل الدستور".
كذلك، أمر مبارك باجراء تحقيق في المواجهات التي دارت الاسبوع الماضي بين المحتجين وأنصار للحكومة، اضافة الى اعتقال ناشطين في مجال حقوق الانسان وصحافيين.

عمر سليمان
وفي حديث الى رؤساء تحرير الصحف الحكومية، قال اللواء سليمان إن"الرئيس مبارك يؤيد التداول الحقيقي للسلطة وليست لديه مشكلة في تحقيق ذلك، ولكن لا بد من التفكير في مستقبل مصر، ومن يقود المسيرة في المرحلة المقبلة، ليس شخص الرئيس ولكن ما هي مواصفاته وتوجهاته".
واضاف أن "ثورة الشباب كان لها ايجابيات ولكن لا يجب ان تنزلق الى سلبياتها، ونحن حرصاء على المجتمع المصري، كما ان الآثار والضغوط لن تكون، أبداً في مصلحة المجتمع، لكنها دعوة الى المزيد من الفوضى وخروج خفافيش الليل لترويع المجتمع... نحن على يقين من أن مصر مستهدفة، وهذه فرصة لهم ليست للتغيير، ولكن كل ما يهمهم هو اضعاف مصر وخلق فوضى لا يعلم مداها الا الله". ولفت الى ان احد عناصر الازمة الحالية في مصر هو "التدخلات الخارجية ومنها ما هو سياسي ومنها ما هو خاص ببعض العناصر التي تحاول التدخل وتوفير سلاح او تهديد الامن القومي في شمال سيناء"، مضيفاً: "اننا قادرون ولن نسمح لاحد بان يتدخل في شؤوننا الداخلية على الاطلاق".
وسئل هل يمكن أن يتوجه الرئيس المصري الى ألمانيا للعلاج، فأجاب: "ان الرئيس في حال صحية جيدة، ولم يحدث اتفاق على اي شيء" مع اي جهة المانية، وما قيل في هذا الشأن "تدخل سافر في شؤوننا الداخلية".

سعر الجنيه المصري
وفي الترددات الاقتصادية للازمة المصرية، أفاد المصرف المركزي المصري انه تدخل للمرة الاولى منذ سنتين في سوق صرف العملات الأجنبية، وضخ كميات كبيرة من الدولار الأميركي، بعدما تأكد من وجود مضاربات منذ الصباح الباكر لتحقيق مكاسب وقتية لمصلحة المضاربين، مما كاد أن يلحق خسائر كبيرة بسعر الجنيه المصري.
وصرح نائب محافظ المصرف هشام رامز بأن "تدخل البنك المركزي أدى إلى خفض في سعر الدولار الأميركي بنحو تسعة قروش حيث كان قد سجل اليوم 5٫96 جنيهات، وأصبح بعد تدخل المركزي 5٫87 جنيه مما ألحق خسائر كبيرة بالمضاربين".
• في برلين، قال الملياردير المصري نجيب ساويرس في مقابلة نشرتها صحيفة "سودويتشه تسايتونغ" ان استمرار الاضطراب السياسي في مصر قد يعجل في تدخل "الاخوان المسلمين" او الجيش. وأكد انه يدعم الحراك الديموقراطي في بلاده، لكنه يرى ان تغيير النظام يجب ان يتم بهدوء من طريق انتخابات حرة.
وقال ساويرس الذي يعتبر من ممثلي المعارضة الذين يتحاورون مع السلطة المصرية، ان "شباب ميدان التحرير" في القاهرة "حصلوا على نتائج لا تصدق خلال اسبوعين": الرئيس حسني مبارك "لن يترشح" للانتخابات التي ستجرى في الخريف المقبل و"نجله جمال انسحب من السياسة".

و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ، ي ب أ     


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,066,734

عدد الزوار: 6,751,093

المتواجدون الآن: 118