هل يغامر ميقاتي بحكومة <اللون الواحد>؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 9 شباط 2011 - 4:44 ص    عدد الزيارات 2950    التعليقات 0    القسم محلية

        


محاولة لإرضاء سليمان بإسناد الداخلية للبستاني ··· ولقاء عاصف بين الرئيس المكلف وباسيل
هل يغامر ميقاتي بحكومة <اللون الواحد>؟
الجميل: المفاوضات في طريق مسدود { إحياء ذكرى الرئيس الشهيد الإثنين في البيال

هل يغامر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة اللون الواحد؟

بدا واضحاً، عشية دخول التكليف اسبوعه الثالث، ان عملية التأليف بلغت مرحلة دقيقة، تجاوزت الهيكلية الى الاسماء وتوزيع الحقائب والحصص، بين القوى السياسية التي ستشارك فيها، بعدما رجحت المواقف المعلنة عدم مشاركة قوى 14 آذار فيها، واضطرار الرئيس المكلف الى تشكيل حكومة من لون واحد، وإن كان هو شخصياً لا يعتبرها كذلك، على اعتبار انه مع الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط في موقع وسطي، وليسوا من ضمن قوى 8 آذار، وإن كانت هذه النظرة موضع التباس من قبل الفريق الآخر.

وبحسب ما نقل عن اوساط الرئيس ميقاتي الذي غاب امس عن السمع لليوم الثاني على التوالي، نظراً لحراجة الموقف ودقته، فإن عملية تأليف الحكومة تحتاج الى اقل من اسبوع، وان <الطبخة> وضعت على نار حامية، بعدما بدأ البحث في الاسماء وتوزيع الحقائب، مشيرة الى ان اسماء الوزراء الذين سيعودون إلى التشكيلة الجديدة ستكون قليلة وان هناك اسماء جديدة لكنها ليست استفزازية للفريق الآخر.

واوضحت هذه الاوساط ان الرئيس ميقاتي سيستمزج آراء كل الاطراف، بالنسبة الى الاسماء والحصص والحقائب، لكن عملية التأليف ستكون عنده، بعدما رفض التعاطي مع اي من الفريقين بشروطه، مع حفظ الدور الرئيسي لرئيس الجمهورية سواء بالنسبة الى تمثيله في الحكومة او في التأليف.

غير ان زواراً للرئيس المكلف كانوا نقلوا عنه انه لا يزال يتعامل مع مسألة تشكيل الحكومة بهدوء وروية للوصول الى حكومة جامعة تتمثل فيها كل المكونات اللبنانية، مؤكدين تمسكه بوسطيته وعدم استسلامه للشروط التعجيزية ولسياسات السقوف العالية والاملاءات وكذلك لحكومة اللون الواحد.

ولاحظ الزوار ان المنحى الذي اخذته الاتصالات بلغت مرحلة حرجة ودقيقة تجعل من الصعوبة بمكان الوصول الى تشكيلة وزارية في وقت قريب، وفق ما اعلن من قطر رئيس مجلس النواب نبيه بري إلا اذا اعادت قوى الغالبية الجديدة النظر في مواقفها وتخلت عن شروطها التي لا تؤسس لقيام حكومة الانقاذ الوطني التي يعمل لها الرئيس المكلف.

وفي هذا السياق، توقفت اوساط سياسية عند الكلام الذي ادلى به النائب تمام سلام اثر لقائه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وكشف فيه عن صعوبات وضغوط يتعرض لها الرئيس المكلف في عملية تشكيل الحكومة، الى درجة ان الرئيس ميقاتي قد يضطر الى اعادة النظر ببعض المواقف السابقة.

14 آذار

مهما كان من أمر، فان بداية الأسبوع أمس تميزت بحدثين:

الاول: عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، الأمر الذي يؤشر إلى دقة المرحلة، خصوصاً بالنسبة إلى عملية تأليف الحكومة، واقتراب الاحتفال بذكرى 14 شباط في الأسبوع المقبل.

والثاني: إعلان رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل أن المشاورات بينه وبين الرئيس المكلف وصلت إلى طريق مسدود بفعل الشروط التي وضعها فريق 8 آذار، من دون ان يفصح عن ماهية هذه الشروط، لكنه استدرك بأن <يدنا تبقى ممدودة إذا كانت هناك نية في معاودة الاتصالات>.

ولاحظ أن فريق 8 آذار انقلب على منطق الديمقراطية التوافقية عندما كان أقلية، ولم يعد يقبل اليوم بالتوافق وبانتظام اللعبة السياسية ضمن الإطار الذي حدده هو نفسه لمرحلة طويلة من الزمن، على الأقل في فترة الحكومتين السابقتين. محذراً من مغبة تشكيل حكومة من لون واحد، وأحادية تفرض رأيها على الجميع، محملاً الفريق الذي يسعى إليها المسؤولية.

ومساء، عقدت قوى 14 آذار اجتماعاً مصغراً في <بيت الوسط> اقتصر على الرؤساء الحريري والجميل وفؤاد السنيورة ورئيس الهيئة التنفيذية في <القوات اللبنانية> سمير جعجع، عرضوا خلاله الأوضاع العامة في البلاد مع اقتراب الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005.

وصدر عن الاجتماع بيان، كان اللافت فيه عدم اتخاذ قرار بالامتناع عن المشاركة في الحكومة الجديدة، والاكتفاء بدعوة الرئيس المكلف بإعلان موقفه النهائي من ثوابت ثورة الأرز، وترجمته الفعلية لإرادة الشراكة الحقيقية، بالإضافة إلى الدعوة للمشاركة في ذكرى 14 شباط في <البيال>.

وفُهم أن اتصالاً تمّ بين الرئيس ميقاتي والرئيس السنيورة لم يسفر عن نتيجة.

وهنا نص البيان:

اولاً: تؤكد قوى 14 آذار التزامها بالثوابت التي قامت عليها ثورة الأرز وفي مقدمها التمسك باستقلال لبنان وسيادته وحريته وبمطلب معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة في جرائم الاغتيال الإرهابية التي تعرضت لها قيادات لبنان السياسية والإعلامية والأمنية والعسكرية ودعم عمل المحكمة الخاصة بلبنان لتحقيق هذا الهدف.

ثانياً: استعرضت قوى 14 آذار نتائج المبادرة التي قامت بها قياداتها بالتنسيق والتضامن في ما بينها لبحث موقف الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من هذه الثوابت واستعداد الحكومة العتيدة لتبنيها بصفتها الضمانة الوحيدة لحماية الثوابت التي يتمسك بها اللبنانيون والترجمة الفعلية لإرادة الشراكة الحقيقية، مؤكدة انه بات يعود للرئيس المكلف اعلان موقفه النهائي منها.

ثالثاً: قررت قوى 14 آذار، وبمناسبة الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، احياء ذكرى جميع شهداء ثورة الأرز، وذلك في قاعة البيال، يوم الاثنين المقبل 14 شباط 2011، عند الساعة الرابعة من بعد الظهر. وقد دعت في هذه المناسبة جميع اللبنانيين إلى استذكار أرواح الشهداء، وذلك عند الساعة 12.55 من اليوم نفسه، ورفع الصلوات كل على طريقته.

نصائح عربية وإقليمية

من جهة ثانية علمت <اللواء> أن عواصم عربية وإقليمية متابعة للوضع اللبناني، نصحت كلاً من دمشق والرئيس المكلّف، الابتعاد عن حكومة اللون الواحد، والعمل على تشكيل حكومة اتحاد وطني، لافتين إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة في أكثر من بلد عربي والتي باتت تفرض تشكيل حكومات جامعة تشارك فيها جهات معارضة لم تكن تخطر ببال أحد، خاصة بعدما رفعت واشنطن الحظر عن مشاركة الإخوان المسلمين في الحكومات ليس في مصر بل في تونس والأردن واليمن، وقد تكون هناك بلدان أخرى.

واعتبرت أوساط سياسية، في هذا السياق، أن تشكيل حكومة من قوى 8 آذار فقط بمثابة <الذاهب إلى الحج والناس راجعة>، لأن دقة المرحلة الحالية في المنطقة تفرض اعتماد صيغة الحكومة الاتحادية الجامعة، وليس التفرد على طريقة الحزب الحاكم في بعض الأنظمة التي تواجه حالياً اضطرابات شعبية وسياسية.

و،بالنسبة إلى ما أعلنه الرئيس الجميّل من وصول مشاوراته مع الرئيس المكلّف إلى طريق مسدود، وأسباب ذلك، كشفت مصادر قيادية مطلعة على مضمون الحوارات السياسية التي كان قادها رئيس حزب الكتائب وسمير جعجع، أن <ردود الرئيس ميقاتي لم تكن جدية، ولا تحقق مبدأ الشراكة الذي يسمح بتشكيل حكومة تطمئن الجميع>.

وقالت إن <المفاوضات واجهت في الاساس صعوبة في الاتفاق على البرنامج السياسي للحكومة المقبلة وما سيتضمنه البيان الوزاري، لا سيما حيال بندي السلاح والمحكمة، إذ يبدو أن الرئيس ميقاتي يميل الى إسقاط الصياغات الدقيقة في هذا الشأن والتي تم التوصل اليها في البيان الوزاري لحكومة الحريري، لا سيما البند الثالث الذي يؤكد على - وحدة الدولة وسلطتها ومرجعيتها الحصرية في كل القضايا المتصلة بالسياسة العامة للبلاد، بما يضمن الحفاظ على لبنان وحمايته وصون سيادته الوطنية - أو البند السادس الذي يؤكد على - العمل لتوحيد موقف اللبنانيين بالاتفاق على إستراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه تقر في الحوار الوطني - تاكيداً للطبيعة الخلافية لسلاح حزب الله>.

وأضافت المصادر القيادية أن ميقاتي يميل الى تفادي اي اشارة الى المحكمة الخاصة بلبنان، مع الاكتفاء بالاشارة الى أن لبنان <يحترم القرارات الدولية> من دون التأكيد على إلتزامات بهذه القرارات، وهو ما ترى فيه المصادر <محاولة لتمييع حقيقة ان المحكمة الدولية قد حظيت بإجماع اللبنانيين في ثلاث محطات جامعة الاولى هي طاولة الحوار ثم في بياني حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة الثانية والحريري وهما حكومتا وحدة وطنية>.

وقالت المصادر القيادية المطلعة على مضمون هذه المباحثات إن <النتائج لم تشجع على الإنتقال الى البحث الجاد في شكل وحجم مشاركة قوى الرابع عشر من آذار في الحكومة العتيدة وإن كانت اللقاءات قد تطرقت الى هذه الجزئية>. ولفتت الى أن <ميقاتي أُبلغ أن الحد الأدنى الذي يمكن أن تشارك قوى الرابع عشر من آذار على اساسه هو من خلال حصولها على ثلث اعضاء الحكومة زائداً واحداً>.

عون في حلب

إلى ذلك، أوضح مصدر واسع الإطلاع لـ <اللواء أن توزيع الحصص الوزارية لا تزال تشكل عقبة رئيسية أمام تظهير الحكومة العتيدة، وكان هذا الشأن في صلب اللقاءات غير المعلنة التي أجراها أمس الرئيس المكلف، لافتاً إلى أن الخلاف يتركز خصوصاً على حقيبتي الداخلية والعدل، ولا سيما مع العماد ميشال عون الذي لوّح إلى إمكانية اعتذار ميقاتي وتسميته شخص آخر، عندما قال بعد إجتماع تكتل <التغيير والإصلاح> أن <الرئيس ميقاتي ما زال مرشحنا>، عازياً سبب التعثر الحاصل في تأليف الحكومة إلى <الحاجة لبناء جديد إن سقطت كل أماكن النفوذ دفعة واحدة أسقطوا حكومة (الرئيس سعد الحريري)، مشيراً إلى أن <الترميم لن ينفع لأنه سيكون بمثابة عودة إلى الوراء>، في إشارة إلى رفضه مشاركة الفريق الآخر في الحكومة.

وكان عون جمع تكتله أمس، عوضاً عن اليوم بسب مغادرته إلى حلب في سوريا للمشاركة في إحتفالات مار مارون ولقاء المسؤولين السوريين، وفي مقدمهم الرئيس بشار الأسد، حيث تعول مصادر مراقبة على أن يتطرق إلى الشق المتعلق بالتركيبة الحكومية وحصة <التيار الوطني الحر>، متوقعة أن ينخفض في ضوء هذا اللقاء سقف المطالب العونية، باعتبار أن الأسد يأخذ في الإعتبار الوضع الإقليمي وتداعياته المحتملة على دول أخرى في المنطقة.

لقاء عاصف

تجدر الإشارة إلى أن اللقاء الذي تم بين الرئيس المكلف وموفد <التيار العوني> الوزير جبران باسيل، أمس الأول، لم يكن إيجابياً، وسادته نقاشات مستفيضة حول التشكيلة الحكومية والحقائب وأسماء المرشحين لدخول الوزارات والحصص، من دون أن يتوصل إلى نتائج مشتركة، حيث إحتفظ كل طرف بموقفه، وخصوصاً الوزير باسيل الذي أكد إصرار الرابية على الحصول على حقيبة الداخلية مع وزارتي خدمات، إضافة إلى 4 حقائب وزارية أخرى.

وأوضح المصدر الواسع الإطلاع، أن خلافاً آخر يسجل حول الداخلية، بين عون الذي يسمي لها صهره باسيل، وبين الرئيس ميشال سليمان والرئيس ميقاتي اللذين يبدوان متفقين على أن تكون من حصة رئيس الجمهورية الذي يرشح لها مستشارة المحامي ناجي البستاني، وقد يؤدي هذا التباين عملياً إلى إعادة تسمية الوزير زياد بارود. وأشار إلى أن كلاً من ميقاتي وعون متفقان على تسمية النقيب شكيب قرطباوي لوزارة العدل، نظراً إلى المناقبية التي يتمتع بها، لكن عون يعتبر أن قرطباوي يصبح تلقائياً من حصة ميقاتي بمجرد أن سماه الأخير للعدلية، لذلك يطلب المحافظة على حصته (11 وزيراً) كما هي مستثنياً قرطباوي.

وتحدث المصدر الواسع الاطلاع عن كباش آخر على وزارة الدفاع التي يسمي لها عون الوزير السابق يعقوب الصراف، في حين ثمة توافق في الجهة المقابلة على ان تكون هي الاخرى حصة رئيس الجمهورية.

واوضح المصدر ان عون طلب 11 وزيرا لتكتل الاصلاح والتغيير، موزعين كالآتي: 7 وزراء لـ <التيار الوطني الحر> و2 لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية و2 لحزب الطاشناق.

وكشف ان ثمة خلافا على حصة رئيس الجمهورية من الوزراء المسيحيين، اذ ان ميقاتي يتجه الى ان يتقاسم سليمان وعون الوزارات التي كانت في الحكومة المستقلة من حصة مسيحيي الرابع عشر من آذار، ولفت الى توجه يجمع عليه كل من سليمان وميقاتي، على ان يكون نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، في الحكومة الجديدة، وفي منصب نائب رئيس الحكومة ووزيرا للخارجية، باعتبار انه يتمتع بصفات الحيادية وقربه من الجميع الى جانب علاقاته الجيدة من كل الاطراف.

واوضح المصدر ان عون منزعج جدا من الحديث الاخير الذي ادلى به ميقاتي الى صحيفة <الحياة>، كما هو يستغرب كيفية تعاطي الرئيس ميقاتي مع حصة رئيس الجمهورية. ويرى انه يكفي سليمان وزير ماروني واحد، او وزيران (الثاني من الروم الملكيين الكاثوليك) حدا اقصى في حال ارادت قوى الثامن من آذار ان <تكرمه>.

ومهما كان من امر، فإن المعلومات ترجح ان تكون التشكيلة من 24 وزيرا وربما تكون من 30 وزيرا اذا تبين ان ثمة حاجة الى تمثيل سياسي واسع بالاضافة الى التكنوقراط.

واللافت بروز ما يسمى بالسلة الواحدة بين حقائب الصحة والاشغال والطاقة، بمعنى اذا حصل تبديل بهذه الحقائب بين ما كان يشغلها في السابق، فيجب ان يشمل الثلاث معا. بمعنى انه اذا تخلى جنبلاط عن الاشغال فإنه يطالب بالطاقة مكانها، وكذلك بالنسبة للرئيس بري اذا فرضت التسويات تخليه عن الصحة.

الا ان الثابت في التشكيلة هو عودة الوزير السابق اسعد حردان ممثلا المعارضة الحزبية السابقة، وكذلك الوزير السابق عبد الرحيم مراد ممثلا المعارضة السنية، وايضا الوزير محمد الصفدي للمالية، فيما يرجح ان يعود الوزير باسيل الى الطاقة او الاشغال، وكذلك الوزير عدنان السيد حسين من حصة حزب الله الذي يرغب بالاحتفاظ بالعمل، والتخلى عن الزراعة لمصلحة بري الذي يسعى للحصول على الاقتصاد او الزراعة، بالاضافة الى الشؤون الاجتماعية في حال تخليه عن الصحة.

 


 
خيارات الرئيس المكَّلف تضيق بعد رفض قوى 8 آذار خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية
إتجاه لتشكيل حكومة تكنوقراط أو مطعّمة بينما تتعارض حكومة اللون الواحد مع نهج ميقاتي الوسطي
<تستبعد المصادر السياسية لجوء الرئيس المكلّف لخيار حكومة اللون الواحد لأن مثل هذا الخيار سيشكّل ضربة قوية لموقعه الوسطي>

ترى مصادر سياسية مواكبة للمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، أنه بينما كان الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي يقطع شوطاً لا بأس به في الانفتاح على معظم الأطراف السياسيين وتحديداً منهم المعترضين على أسلوب وظروف تسميته رئيساً للحكومة وحقق بعض التقدّم في سبيل تشكيل حكومة موسعة تضم في صفوفها أوسع شريحة سياسية ممكنة تحصّن عمل الحكومة وتدعم مسيرتها، إذا به يفاجأ بسلسلة مواقف تصعيدية من قبل تحالف قوى الثامن من آذار الداعم الأساس لتسميته رئيساً للحكومة فيما يبدو أنه إعتراض مفضوح على الأسلوب الانفتاحي الذي ينتهجه الرئيس المكلّف لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم في صفوفها تحالف قوى الرابع عشر من آذار أو بعض أطرافه على الأقل ورفض قاطع لمحاولاته تركيب تجمع وزاري وسطي يضمه ورئيس الجمهورية والنائب وليد جنبلاط يمسك بزمام الأمور داخل مجلس الوزراء وعدم رضى على مواقفه السياسية المعلنة وخصوصاً في ما يخص المحكمة الدولية الخاصة بلبنان·

وتشير المصادر السياسية المذكورة إلى أن مواقف بعض أطراف تحالف قوى الثامن من آذار التصعيدية تجاه الرئيس المكلّف وتحديداً مواقف رئيس تكتل الاصلاح و التغيير النائب ميشال عون والنائب سليمان فرنجية لا تعبّر عن توجهات هذين الطرفين فقط، بل هي مواقف موحى بها من قبل <حزب الله> تحديداً وتعبّر عن إنزعاج واضح من الأسلوب الذي يتّبعه الرئيس المكلّف في مقاربة عملية تأليف الحكومة الجديدة وإشارة واضحة لوجوب تصحيح هذا الاسلوب باتباع الخطوط العريضة للأسس والمبادئ التي اعلنها هذا التحالف في اكثر من مناسبة، قبل وبعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة، إن كان فيما يخص شكل الحكومة المرتقبة او الشخصيات المطروحة للمشاركة فيها او مسألة توزيع الحقائب الوزارية بداخلها والخطوط العريضة لسياستها في المرحلة المقبلة وتحديداً فيما يخص المحكمة الدولية وسياسة الحكومة وقراراتها المهمة·

وفي اعتقاد المصادر المواكبة لعملية تشكيل الحكومة المرتقبة ان حملة التصعيد السياسي المقصودة هذه سيترتب عنها فرملة اندفاعة الرئيس المكلف باتجاه محاولة تشكيل حكومة موسعة او حكومة وحدة وطنية تضم في صفوفها ما امكن من شخصيات سياسية مقبولة تحظى برضى اكبر شريحة من اللبنانيين وتقليص خياراته اذا لم يكن بإستطاعته تخطي هذه الموانع لاسباب اقليمية معروفة باتجاه البحث عن تشكيلة حكومية تكنوقراط من غير السياسيين لتفادي الشروط والشروط المضادة والخروج من دائرة الحصص الوزارية التي لا ترضي اي طرف سياسي في هذا الظرف بالذات وتحديداً الطرفين الرئيسيين في تحالف قوى 8 آذار، وهما <حزب الله> وتكتل الاصلاح والتغيير اللذين يطالبان بوجوب تشكيل حكومة من السياسيين لتكون قادرة على القيام بالمهمات الصعبة الموكولة اليها واتخاذ القرارات السياسية المطلوبة منها كما يدعيان والاعلان عن رفضهما غير المباشر لمثل هذه التشكيلة كما صدر عن اكثر من مسؤول وقيادي من هذين الطرفين خلال الايام القليلة الماضية·

ولا تسقط المصادر السياسية المذكورة من حساباتها ان يتجه الرئيس المكلف الى البحث الجدي في امكانية تشكيل حكومته مختلطة من السياسيين والتكنوقراط على حدٍ سواء في حال لم يستطع تجاوز العقبات والموانع التي يضعها تحالف أطراف الثامن من آذار في طريقه لتشكيل حكومة تكنوقراط بالكامل، وهو الخيار الذي يمكن إعتماده لارضاء هذا التحالف وترجمته رغبة الرئيس المكلف بتوزير شخصيات كفؤة تقف الى جانبه في رسم سياسة الحكومة المالية والاقتصادية وتحريك عجلة الوزارات على اختلافها، في حين تتولى الشخصيات المحسوبة على التحالف المذكور ممارسة مهماتها السياسية انطلاقاً من الحقائب التي تتولاها في الوزارة العتيدة·

إلا ان المصادر السياسية المواكبة لعملية تشكيل الحكومة المقبلة تعتبر أن لجوء الرئيس ميقاتي الي الخيار الاخير المتبقي لديه وهو الاتجاه لتشكيل حكومة سياسية من اللون الواحد وأطراف تحالف قوى الثامن من آذار بمجملها وإن ضمت في بعض صفوفها شخصيات مستقلة معدودة لتجميل صورتها تجاه الرأي العام الداخلي والخارجي، لن يكون خياراً موفقاً على الإطلاق، وإنما سيرسم ملامح صورة غير مريحة للمرحلة السياسية المقبلة ويعبر بوضوح عن مطامح التحالف السوري - الإيراني للاستئثار بمفاصل السلطة السياسية في لبنان ومحاولة تكرار نهج محاصرة واستبعاد القوى السياسية المعارضة في تحالف قوى 14 آذار كما حدث في الحكومة الأولى التي شكلت في عهد الرئيس اميل لحود نهاية عام 1998 وحكومة الرئيس عمر كرامي بعد التمديد ثلاث سنوات لرئيس الجمهورية السابق نهاية العام 2004، وما نتج عنها من تداعيات سياسية سلبية وخطيرة لصالح ترسيخ النفوذ السوري وزيادة حدة الانقسام السياسي بين اللبنانيين وانعكاساته السلبية على الاوضاع العامة في البلاد·

وتستبعد المصادر السياسية أن يلجأ الرئيس المكلف إلى خيار تشكيل حكومة اللون الواحد مهما تصاعدت حدة الضغوط السياسية عليه من الأطراف الداعمة لوصوله تحديداً، لأن مثل هذا الخيار سيشكل ضربة قوية لموقعه التوافقي والوسطي والمعتدل بين كل الأطراف السياسيين ويعطي المعارضة الذرائع الواقعية والمقبولة لانتقاد التركيبة الحكومية أولاً والانطلاق من هذا الواقع لتصعيد حملاتها التدريجية تجاه أي ممارسة خاطئة تنتهجها الحكومة أو أي قرار سياسي أو اقتصادي لا يعبّر عن تطلعات وآمال اللبنانيين وتوجهاتهم·

معروف الداعوق


 

المصدر: جريدة اللواء

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,063,285

عدد الزوار: 6,750,853

المتواجدون الآن: 102