إيران بدأت تنفيذ "جراحة اقتصادية" بإلغاء الدعم لأسعار الوقود

إيران بدأت تنفيذ "جراحة اقتصادية" بإلغاء الدعم لأسعار الوقود

بدأ امس في ايران تطبيق ما وصفه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بـ"جراحة اقتصادية" من طريق الغاء الدعم لأسعار الوقود التي ارتفعت اربعة أضعاف، في خطة تمهد لالغاء الدعم الحكومي لباقي السلع. ورافق هذه الخطة انتشار واسع للشرطة عند المفترقات الاساسية في طهران خوفاً من ردود فعل شعبية ضدها.
ومنذ أشهر تعمل الحكومة على تحضير الرأي العام للخطة، التي ترمي الى جعل اسعار السلع الاساسية أقرب من الاسعار الحقيقية،  على رغم من التحذيرات التي اطلقها قسم من المحافظين المتخوفين من تداعيات سلبية على صعيد ارتفاع معدلات التضخم والبطالة واحتمال حصول اضطرابات اجتماعية، كما جرى في حزيران 2007 اثر الاعلان عن تطبيق نظام حصص الوقود.
وشكا سائقو سيارات الاجرة الغاضبين من ارتفاع اسعار الوقود في بلد من اكثر بلدان العالم انتاجاً للنفط. وقال سائق امتنع عن ذكر اسمه خوفاً من انتقام السلطات منه:" لا اعرف ماذا افعل... ليس مسموحاً لي بزيادة التعرفة على الركاب في حين انني أدفع اليوم خمسة اضعاف ما دفعته البارحة".
  وأفاد سائق شاحنة يدعى منصور عباسي (43 سنة) انه دفع الاحد عشرة اضعاف  ثمن الغاز الطبيعي لشاحنته و"اذا ما رفعت اسعاري، فإن الناس لن يتحملوها، او سيبلغون عني".
 ومساء السبت، اعلن احمدي نجاد في مداخلة تلفزيونية تطبيق خطة وصفها بانها " جراحة اقتصادية"، مشدداً على ان هذه هي "الخطة الاقتصادية الكبرى والاكثر شعبية في البلاد".
 واكد رئيس مجلس الشورى المحافظ علي لاريجاني، الذي ضاعف خلال الاشهر الاخيرة انتقاداته لاحمدي نجاد،  ان "تطبيق الخطة يحتاج الى ارادة وطنية والى تعاون الجميع".
وبموجب هذه الخطة، ارتفع سعر البنزين المدعوم اربعة اضعاف، فيما ارتفع سعر البنزين غير المدعوم بنسبة 75 في المئة.
أما حصة الـ60 لتراً من البنزين شهرياً المخصصة لكل سائق، فارتفع سعرها من 0,10 دولار لليتر الى 0,40 دولار. ولكل استهلاك يفوق هذه الحصة، يتعين على السائقين شراء ليتر البنزين بسعر 0,70 دولار عوض عن 0,40 دولار كما كان الحال سابقا.
   كذلك ارتفع سعر المازوت تسعة اضعاف، من 0,0165 دولار لليتر الى 0,150 دولار.
ولفتت الحكومة الى ان سعر الخبز "لن يرفع في الوقت الحاضر"، بل في الاسابيع المقبلة.
 وفي اطار الخطة ايضا، سيرتفع سعر الكهرباء والماء والغاز بنسبة ثلاثة الى خمسة اضعاف، ولكن تدريجاً ومع أخذ استهلاك العائلات في الاعتبار.
 وصرح الناطق باسم الخطة محمد رضا فارزين بان "اولئك الذين يستهلكون أقل سينفقون اقل". ويكلف الدعم المباشر الذي توفره الدولة لبعض السلع نحو 100 مليار دولار سنوياً، استنادا الى التقديرات الرسمية.
وأمس وجه 175 نائباً من اصل 290 يشكلون مجلس الشورى رسالة الى الرئيس شكروا له فيها  هذه الخطة. وجاء فيها: "ان تطبيق هذا القانون في الوقت الذي يحاول اعداء الثورة ان يظهروا ان العقوبات (الدولية) اضرت بالاقتصاد، يبرهن عن الاستقرار الاقتصادي" للبلاد.
 ورحبت صحيفة "دوناي اقتصاد" الاقتصادية الاولى في البلاد  بالاجراءات، وفي افتتاحية عنوانها "التحرر من مخدر الحمائية". وكتبت :"علينا ان نقلع عن عادة استمرت نصف قرن" عندما "كنا ننفق مقدرات البلاد لابقاء الاسعار مخفوضة بشكل مصطنع".
 وقبل اسابيع اتخذت الحكومة اجراءات عدة لتجنب انفلات الاسعار، في حين اعلنت بلدية طهران ان تعرفة النقل المشترك لن ترفع.
 ونقلت وكالة "مهر" الايرانية عن رئيس شرطة طهران حسين ساجدينيا انه "لم يسجل اي حادث منذ الاعلان عن تطبيق الخطة". وصباح الاحد انتشرت الشرطة حول جميع محطات الوقود تجنبا لاعمال عنف. ووقفت ليل السبت صفوف طويلة من السيارات امام محطات الوقود لتزود البنزين قبل ان يبدأ سريان قرار رفع الدعم اعتباراً من منتصف ليل السبت - الاحد.
 ولتعويض ارتفاع اسعار هذه المواد، قررت الحكومة استخدام جزء من الوفر الذي ستحققه الخطة لزيادة المساعدة المالية المباشرة التي تقدمها للسكان.
  وبموجب الارقام الرسمية هناك 60,5 مليون ايراني (من اصل 74 مليوناً) سيتلقى كل منهم كل شهرين معونة حكومية مقدارها 890 الف ريال (89 دولارا)، مما يعني ان هذه المعونة تكلف الخزينة 2,5 ملياري دولار شهرياً.