ما هي خلفية مبادرة بري المدعومة جنبلاطياً ولماذا رفضها الحريري؟

سليمان يعطّل لغم التصويت ··· والمعارضة تعطّل عمل الوزارات

تاريخ الإضافة الجمعة 17 كانون الأول 2010 - 5:14 ص    عدد الزيارات 2956    التعليقات 0    القسم محلية

        


مجلس الوزراء: إستعادة منقحة للمبارزة حول الشهود الزور ··· والجيش يفكك منظومتي تجسس في صنين والباروك
سليمان يعطّل لغم التصويت ··· والمعارضة تعطّل عمل الوزارات
نصر الله يتوعّد المحكمة <بأسوأ من ويكيليكس> ويتهم غيرهارد ليمان بالرشوة
  مجلس الوزراء المجتمع بعد طول انقطاع في بعبدا بمواجهة جبل الملفات العالقة (تصوير: جمال الشمعة)

بهدوء ومن دون صخب، سارع الرئيس ميشال سليمان الى اقفال النقاش برفعه جلسة مجلس الوزراء، عندما وصلت الامور الى نقطة التصويت، فأنقذ مجلس الوزراء وإن لم ينجح في تعطيل لغم تعطيل المجلس عندما ردت عليه المعارضة برفضها اقتراحاً قدمه يقضي بنقل 50 اعتماداً لكل الوزارات، من اجل تسيير مصالح البلاد والعباد، بعيداً عن ازمة المحكمة والقرار والشهود الزور، الامر الذي دفع وزير بارز في قوى 14 آذار الى ابلاغ <اللواء> ان فريق 8 آذار يختطف مجلس الوزراء ويجعل من مصالح الناس رهينة للضغط السياسي.

وبصرف النظر عما تخبئه الايام المقبلة من تطورات باتت محط انظار المراقبين السياسيين والدبلوماسيين في الداخل والخارج، فإن الكلام الذي اعلنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عشية احتفال عاشوراء، حيث سيلقي خطاباً تقدر اوساط الحزب انه سيكون مفصلياً وحاسماً، من دون ان تجزم عما اذا كان يتضمن معلومات جديدة عن المحكمة، والذي خفت عنه حدة النبرة والمواقف المغلقة، سيكون مدار ردود فعل داخلية ومن المحكمة الدولية، لا سيما بعد اتهام نائب رئيس لجنة التحقيق الدولية ايام ديتليف ميليس الالماني غيرهارد ليمان بأنه تقاضى مبلغ 50 الف دولار بدل بيع وثيقة من وثائق التحقيق، اعلن السيد نصر الله انها وصلت اليه، وانه رفض شراء وثائق عن كامل التحقيق بمليون دولار، مقترحاً تحييد الوضع الداخلي عن لجنة التحقيق بان يترك فريق الاكثرية المشكلة <بيننا وبين المحكمة الدولية>، متسائلاً: لماذا تدافعون ليلاً نهاراً عن التحقيق وعن شهود الزور وتضعون انفسكم طرفاً في المشكل، داعياً الى ايجاد صيغة تخرج لبنان والشعب من هذه المواجهة، مجدداً الآمال على المسعى السعودي - السوري للوصول الى معالجة قبل صدور القرار، مؤكداً انه بعد صدور القرار <لا استطيع الكلام عن اي شيء، وعندها لكل حادث حديث>، مشيراً الى وجود قرار كبير يستهدف البلد، ونحن معنيون بمواجهة هذا القرار لحماية البلد، نافياً القلق على المقاومة، ومؤكداً ان الفتنة السنية - الشيعية لن تحصل، متوعداً المحكمة الدولية بيوم اسوأ من <ويكيليكس>.

وبانتظار كلمة السيد اليوم في ملعب <الراية> والتي دعا الى اكبر حشد شعبي لها رجالاً واطفالاً ونساءً، لايصال رسالة ضخمة عشية تحويل القرار الاتهامي إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، في محاولة للتأثير على محاولات استهداف الحزب، استناداً إلى أوساط قريبة من الحزب، فانه كان لافتاً للانتباه دخول إسرائيل أمس، على خط التوتير الأمني، حيث لم تكتف بالخروقات الجوية الروتينية للأجواء اللبنانية، بل صعدت ذلك بخرق الطائرات الإسرائيلية لجدار الصوت فوق منطقة صيدا واقليم التفاح والزهراني والنبطية، وعلى علو منخفض، ما أدى إلى دوي انفجار، أحدث ذعراً، فيما كان الجيش اللبناني يوجه ضربة جديدة لعمليات التجسس الإسرائيلي، ونجح في تفكيك منظومة تجسس وتصوير كان زرعها الجيش الإسرائيلي في منطقتي صنين والباروك، الامر الذي وصفته مصادر <حزب الله> بأنه <انجاز وطني غير مسبوق في دقته ونوعيته تحقق بتضافر جهود الجيش والمقاومة>.

وأوضح بيان قيادة الجيش أن منظومة التجسس هي عبارة عن خمسة اجزاء تحوي نظاماً بصرياً ونظام إرسال الصورة ونظام استقبال إشارات التحكم بالمنظومة وادارة التحكم بها ومصادر تغذيتها بالطاقة، مشيراً إلى انها تعمل بتقنية فنية عالية، تصل إلى حدّ كشف أهداف بعيدة المدى وتحديدها بشكل دقيق، بما يؤمن تغطية كامل السلسلة الشرقية ومنطقتي صنين والباروك والمناطق المجاورة.

مجلس الوزراء وإذا كانت جلسة مجلس الوزراء لم تخرج عن سابقتيها من حيث الرتابة في مناقشة ملف شهود الزور، ورفض وزراء المعارضة البحث في بعض المشاكل والقضايا الحياتية للناس، ولا سيما في أعقاب الحرائق والعواصف والاضرار الجسيمة التي لحقت بهم، الا بعد بت ملف شهود الزور، طرح تساؤلات كبيرة، عن مصير مجلس الوزراء، وعما إذا كان قادراً على مواكبة هذه القضايا والمشاكل، بسبب ذلك، وهل دخل فعلاً في إجازة قسرية قد تمتد إلى ما بعد عطلتي الميلاد ورأس السنة، بحسب ما توقعت مصادر وزارية؟.

بحسب مصادر المعارضة، فان الجواب هو أن وزراءها ما زالوا مستعدين لحضور أي جلسة أخرى، ولكن من دون أن نناقش أي بند إذا لم يبت البند الأساسي المعلق بملف شهود الزور.

وكانت الجلسة التي استمرت قرابة الثلاث ساعات ونصف الساعة، قد انتهت كما سابقتها بأن رُفعت بطلب من رئيس الجمهورية، من دون التصويت على ملف شهود الزور، ومن دون الخوض في أي بند آخر على جدول الأعمال الذي ارتفع الى 335 بنداً، رغم أن الرئيس ميشال سليمان استهلها بعرض موضوع التعويض على الناس جراء أضرار العاصفة إضافة الى دراسة موضوع رفع الدعم على أسعار المازوت على أبواب الشتاء الذي رفضه الوزير جبران باسيل، فيما توقف الرئيس سعد الحريري عند الكلام السياسي الذي رأى أنه ذهب بعيداً في حدّته، وأنه كلام يلحق الضرر بمصالح الناس، ومن شأنه تعريض الوحدة الوطنية للاهتزاز، داعياً الى تجنيب لبنان أي فتنة، وأن تتحمل القوى السياسية مسؤوليتها كاملة بانتهاج سبيل الحكمة والحرص على استقرار لبنان ووحدة أبنائه، وإذ شدد على أهمية المسعى الذي تقوم به المملكة العربية السعودية وسوريا، اعتبر أنه لا يعفينا كلبنانيين من مسؤوليتنا في التهدئة التي تسهم في خلق المناخ المؤاتي.

وفتحت مداخلتا الرئيسين سليمان والحريري نقاشاً مقتضباً حول أضرار العاصفة الأخيرة ومطالبة بعض الوزراء لتفعيل الدفاع المدني وقيام تعاون بين الوزارات والعمل على معالجة الأضرار التي حصلت بشكل طارئ، لكن هذا النقاش انتهى من دون اتخاذ قرارات سوى اتفاق على عقد لجنة وزارية اليوم في السراي الكبير لمتابعة أضرار العاصفة.

وأوضحت المصادر الوزارية أن وزير العمل بطرس حرب أخذ المبادرة، بطلب من رئيس الجمهورية لشرح اقتراحه بالتفصيل، بالنسبة لإحالة دعوى اللواء جميل السيّد الى القضاء اللبناني، فيما تولى الوزير حسن الحاج حسن شرح موقف الحزب من قضية شهود الزور، رافضاً تحميل المعارضة مسؤولية التعطيل، داعياً الى فك أسر البلد من الشهود الزور.

وردّ وزراء 14 آذار بتوضيح موقفهم، بما في ذلك اقتراح الرئيس الحريري بتشكيل اللجنة القضائية السداسية.

مداخلة خليفة واوضح محمد جواد خليفة انه قدم مداخلة اكد فيها ان الاستمرار في المراوغة في موضوع شهود الزور تزيد الضرر ضرراً، وان الاستمرار في الدخول في التفاصيل يؤجج الخلافات ويهدد الحكومة.

قال: صحيح اننا طرحنا ملف شهود الزور لكننا طرحناه دون تنسيق مع حلفائنا في المعارضة وهذا ما يؤكد نوايانا الحسنة واننا لا نضع مجلس الوزراء في موضع حرج، فنحن طرحنا شهود الزور بعيدا عن القرار الظني والمحكمة الدولية، وبعد ان رأينا الاجماع عليه من رئيس الحكومة وغيره، وقد وصلنا الى مبادرة طرحها الرئيس بري وهي اصبحت معروفة لحل مشكلة وليس كما يقول البعض انها فخ بل تعبر عن حسن نوايا ويمكن ان نقول عنها انها مبادرة نصف الطريق التي تحقق قاعدة لا غالب ولا مغلوب.

اضاف هذه مبادرتنا ومنفتحون على التوافق، واذا لا فإننا نطلب التصويت.

فسارع الرئيس سليمان الى رفع الجلسة تجنبا لانسحاب وزراء المعارضة.

وعن مرحلة ما بعد جلسة مجلس الوزراء اكد خليفة لـ <اللواء> على ضرورة السير بمبادرة الرئيس بري او اعادة تبادل الافكار فإن ازمة بهذا الحجم تطلب حسم الامور حماية لمجلس الوزراء، وان الغوص في التفاصيل ليس محبباً، معولاً على الجهد السوري - السعودي في هذا المجال.

وهل هذا يعني ان لا مجلس وزراء بعد اليوم، اجاب: <موقف المعارضة اصبح معروفا وهو مرتبط ببت ملف شهود الزور>.

ولفتت مصادر الاكثرية ان عددا من الوزراء حاولوا تمرير بعض البنود المتعلقة بنقل اعتمادات لكنه جوبه باصرار المعارضة على بت ملف شهود الزور قبل اي ملف آخر.

واجمعت المصادر على ان ايا من الوزراء لم يبد نية بالانسحاب من الجلسة، مشيرة الىان قرار رفع الجلسة بدا وكأنه كان متفقا عليه بين المعنيين تمهيدا لانضاج حل يأتي الى الحكومة التي تعمد الى اقراره.

مبادرة بري الى ذلك قال المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل <للواء> إن <لبنان امام فرصة حقيقية للتسوية بمعزل عن الإشتباكات الجانبية هنا او هناك وبمعزل عن سير الأمور اليوم (أمس) داخل مجلس الوزراء، أو ما يمكن أن يصدر من تصريحات ومواقف، فهناك مناخات تجاوب مهمة لمستها خلال مناقشات الايام الماضية تشجع على التفاؤل بإمكانية إنتاج معادلات تخدم تثبيت الإستقرار>.

وقالت مصادر سياسية مواكبة لمبادرة الرئيس بري إن <إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي من دون تصويت وكفرع للقضية الأصل اي قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري المحالة على المجلس ليست أكثر من مخرج شكلي لأزمة ستصبح وراءنا خلال الاسابيع القليلة المقبلة بعد صدور القرار الاتهامي عن مدعي عام المحكمة الخاصة بلبنان، بالاضافة الى أن رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي غالب غانم أي الرئيس الحكمي للمجلس العدلي سيحال على التقاعد في التاسع من كانون الثاني وبعدها لكل حادث حديث>.

في المقابل إعتبرت مصادر رئيس الحكومة أن الحريري لن يدخل في <مناورات تخلط السياسي بالدستوري والموقف من هذه الأمور لا يتغير بالإقناع أو الالحاح لأن الحلال بيِّن والحرام بينِّ في هذا الشأن>. وشرحت المصادر أن قضية ما يسمى شهود الزور لا ينطبق عليها أي من مواصفات القضايا التي نص المشرع على إحالتها على المجلس العدلي كما أن الحديث عن إحالة ملف ما يسمى شهود الزور كفرع لأصل على إعتبار أن جريمة 14 شباط 2005 محالة على المجلس العدلي هو <هرطقة قانونية لأنه في اللحظة التي رفع فيها القاضي صقر صقر بصفته آخر محقق عدلي عين لقضية الاغتيال يده عن الملف أصبح ملف الدعوى برمته في عهدة المحكمة الخاصة التي نصت المادة الرابعة من نظامها الاساسي ان للمحكمة الخاصة والمحاكم الوطنية في لبنان اختصاصا مشتركا، وتكون للمحكمة الخاصة ضمن اختصاصها اسبقية على المحاكم الوطنية>.

نصر الله وكان نصر الله قد استهل خطابه في الليلة الأخيرة من عاشوراء، بالحديث عن الموضوع الإسرائيلي مؤكداً أن مشروع إسرائيل الكبرى إنتهى، وكذلك إسرائيل العظمى بفعل صمود المقاومة في لبنان وغزة، مشيراً إلى أن إسرائيل تفضل حالياً بقاء الوضع على حاله، أي لا تسوية ولا حرب بانتظار متغيرات اقليمية ودولية، مؤكداً أن الولايات المتحدة لا يعنيها الوجود المسيحي في الشرق، داعياً المسيحيين في لبنان الى عدم الرهان على حسابات خاطئة، بأن يتوهموا بأن الصراع السني - الشيعي في المنطقة يجعل منهم الرقم الصعب في لبنان.

وبالنسبة لموضوع المحكمة الدولية، نفى نصر الله أن يكون <حزب الله> يفتش عن ذريعة سياسية للإنقلاب على السلطة أو اتفاق الطائف، معلناً بأنه تبلغ باتهام مجموعة مخترقة في الحزب بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري منذ العام 2008، لكننا لم نحرك ساكناً لأننا حريصون على أمن البلد واستقراره. أما اليوم فانه لم يعد من المنطقي أن ننتظر صدور القرار الإتهامي بعدما وجدنا ان الأمر اخذ منحى جدياً ويركب عليه مؤامرة تستهدف المقاومة والحزب ولبنان، واعداً المحكمة الدولية بأن يأتي يوم سيكون لها أصعب من <ويكيليكس> حيث يتبين الخيط الأبيض من الأسود.

واتهم المحكمة بانها تحمي شهود الزور، وان المحقق السابق ميليس ونائبه ليمان شريكان في تصنيع هؤلاء بالإشتراك مع قيادات سياسية وأمنية في ذلك الحين. كما اتهم الحكومة بحماية هؤلاء الشهود الذين اخذوا البلد الى فتنة، متسائلاً عن اسباب عدم احالة هؤلاء الى المجلس العدلي، مع ان الحكومة سبق ان احالت جريمة الزيادين وقضية الأخوين انطانيوس خشية من الفتنة.

وقال: القرار والمحكمة لا يعنينا، ونحن لن نسلم ولن نستسلم، لافتاًً إلى ان المعركة التي خاضها الحزب ضد المحكمة والقرار الاتهامي أدت إلى إحباط محاولة القرار تشويه صورة المقاومة، كما تم إحباط محاولة عزل الحزب والرهان على إضعافه، ودعا الفريق الآخر إلى مراجعة في مجلس الوزراء عن الحقيقة والعدالة، مقترحاً عليه ترك المشكل بيننا وبين المحكمة، والتلاقي للخروج من هذا الموضوع، ولو ارتفعت نبرتنا في بعض الأحيان، بسبب الظلم الذي لحق بنا.

 
 
المبادرة السورية - السعودية مستمرة ولا حلول قبل صدور القرار الإتهامي
ما هي خلفية مبادرة بري المدعومة جنبلاطياً ولماذا رفضها الحريري؟
<هكذا طُبخت الحلول وهكذا تمّ إفشالها>

بينما تستمر مواقف الأطراف على حالها من القضايا الخلافية، لا سيما في موضوع المحكمة الدولية ومتفرعاتها كالقرار الاتهامي و ملف شهود الزور، شهد الوسط السياسي في المقابل مساعٍ حثيثة، من أجل بلورة حل لهذه القضايا الخلافية، ولا يكون على حساب المحكمة بكل ما تعنيه على صعيدي الحقيقة والعدالة، ولا يكون أيضاً على حساب الاستقرار في البلاد·

وكان من المؤمل التوصل الى هذا الحل، قبل يوم أمس الأربعاء موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء، بحيث يتوقف الشلل الحاصل، وتتفعّل أعمال الحكومة بعقد جلسات استثنائية لمجلس الوزراء قبل بدء عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، لإقرار قائمة المشاريع والاقتراحات والمواضيع الملحّة والمؤجّلة بسبب التعطيل الممنهج الذي اعتمدته المعارضة لجلسات مجلس الوزراء وربط الافراج عنه بإحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي وليس الى أية هيئة قضائية أخرى كما جاء في التقرير التقني لوزير العدل والذي وضعه بناء لقرار اتخذه مجلس الوزراء بهذا الخصوص·

وقد تولى رئيس مجلس النواب نبيه بري تسويق هذا الاقتراح عند رئيس الحكومة سعد الحريري منذ الخميس الماضي عندما أوفد إليه معاونه السياسي النائب علي حسن خليل وأطلعه على تفاصيل اقتراح الرئيس بري الذي تبيّن أن النائب وليد جنبلاط فاتح به الرئيس الحريري وتمنى عليه أن يقبل به لأسباب شرحها جنبلاط للحريري على الشكل التالي:

أولاً: إن الإحالة على المجلس العدلي تُنهي حالة الاحتقان في البلاد، وتضع الأمور على السكة التي تؤدي الى إعادة فتح قنوات الحوار بين رئيس الحكومة وأمين عام حزب الله للاتفاق على كل التفاصيل الأخرى سواء تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية أو تلك المتعلقة بالوضع الحكومي، وإعادة تفعيل عمل الحكومة بإطلاق عجلة الإدارات والمؤسسات الرسمية بدءاً بملء المراكز الشاغرة لا سيما في المراكز القيادية·

ثانياً: إن الإحالة الى المجلس العدلي، لا تعني أن المجلس العدلي وضع يده على ملف الدعوى وأصبحت الفرصة القانونية والدستورية متاحة أمام حزب الله وحلفائه للتمسك بطلب إسقاط المحكمة الدولية كونها مسيّسة وإعادة الملف برمّته الى المجلس العدلي، وعلى افتراض أن هذا الأمر يبقى وارداً عند المعارضة، فحتى تصبح إثارته ممكنة ومقبولة يكون قد صدر القرار الاتهامي، واتهم من اتهم وبرّأ من برّأ، ومر ذلك بسلام ومن دون أية ردة فعل كما يهدد حزب الله في حال صدر هذا القرار قبل إحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي·

ثالثاً: إن الحل المقترح في حال أخذ به الرئيس الحريري يأتي في سياق حل متكامل بالنسبة الى آلية اجتماع مجلس الوزراء، وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء في الدعوة الى الجلسات وفي تحضير جدول الأعمال، بمعنى أن الحل لا يقرّ في مجلس الوزراء إلا بعد أن ينظر المجلس في كل البنود المدرجة على جدول أعمال الجلسة ولا مانع من تأجيل البت في إحالة ملف شهود الزور للمجلس العدلي الى جلسة لاحقة تعقد استثنائياً في الأسبوع المقبل وفي مطلق الأحوال قبل بدء عطلة رأس السنة·

لكن الرئيس الحريري وفق ما نقلت مصادر جنبلاط رفض مشروع الحل المطروح من الرئيس بري، وأبلغ النائب خليل، كما كان قد أبلغ النائب جنبلاط أنه أولاً لا ينطلق من رفضه إحالة ملف شهود الزور من منطلقات سياسية أو بهدف تقطيع الوقت، كما يتهمني حزب الله وميشال عون وباقي المعارضة، بل من منطلق قانوني مستند الى دراسة وزير العدل وإلى دراسات قانونية عدة تُسقط هذه النظرية بل وتُبطلها من أساسها لأنها ليست مبنية على أسس قانونية، ذلك لأن الملف أصبح بيد المحكمة الدولية التي أبرمت معاهدة مع الحكومة اللبنانية بهذا الخصوص وبالتالي لا وجود لما يسمى شهود الزور إلا بعد صدور القرار الاتهامي، وإذا ما تبيّن وجود لهؤلاء يحق لأي متضرر أن يدّعي أمام المحاكم اللبنانية العادية· ولأنه ثانياً إذا اتخذ مجلس الوزراء قراراً بإحالة الملف الى المجلس العدلي تصبح الحكومة أسيرة هذا القرار وتعطى المعارضة الفرصة القانونية للمطالبة بسحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية، ووقف التمويل، وتالياً المطالبة بسحب الملف منها، وإحالته الى المجلس العدلي كونه أصبح المرجع الصالح بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء للنظر في هذه القضية، ويتم ذلك تحت الاستمرار في تعطيل جلسات مجلس الوزراء إلا إذا دعي للبت في هذه الأمور، وبالتالي تعطيل الدولة وشلّ مؤسساتها·

ووفقاً لمعلومات مصادر جنبلاط اقترح الحريري كبادرة حسن نيّة أن يحال الأمر على الهيئة القانونية العليا التي أنشئت كهيئة استشارية للنظر في القضايا الكبرى، فرفض اقتراحه، ما أدى الى تجميد كل الحلول، وعودة الأمور الى نقطة الصفر، من دون أن يعني ذلك عودة الخوف على الاستقرار الداخلي ما دام هذا الاستقرار ما زال يتمتع برعاية التفاهم السوري - السعودي وبتأكيد الطرفين حرصهما على هذا الاستقرار وعلى أن تتعاون القيادات اللبنانية مع بعضها البعض الآخر لإيجاد الحلول للخلاف القائم حول المحكمة الدولية، مع إعادة التأكيد من الجانب السوري على وجه الخصوص على نقطة أساسية أتت هذه المرة بلسان الرئيس بشار الأسد وهو الاعتراض على أي قرار يصدر عن المحكمة الدولية لا يكون مسنداً الى أدلة موثوقة وبراهين واضحة، وموقف الرئيس الأسد يعكس حرفياً موقف الرئيس الحريري وكل قوى الرابع عشر من آذار وهو أن لا إعتراف بالقرار الاتهامي إلا إذا كان مبنياً على وقائع وأدلة دامغة وبراهين ثابتة·

د· عامر مشموشي


 

 


 


المصدر: جريدة اللواء

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,337,672

عدد الزوار: 6,887,141

المتواجدون الآن: 76