لإبعاد شبح الفتنة عن الوطن وبيروت ·· والمقاومة!

تاريخ الإضافة الإثنين 30 آب 2010 - 7:48 ص    عدد الزيارات 2924    التعليقات 0    القسم محلية

        


لإبعاد شبح الفتنة عن الوطن وبيروت ·· والمقاومة!
صلاح سلام

ليس الكلام عن بيروت مدينة آمنة وخالية من السلاح صرخة في وادٍ، بقدر ما هو مطلب وطني، ليس لأهل العاصمة وسكانها وحسب، بل لكل اللبنانيين الذين يقصدون المدينة كل يوم للقيام بأعمالهم، أو لمتابعة قضاياهم، أو إنجاز معاملاتهم، والذين أصبحوا يشعرون بالخوف والقلق ليس فقط على عاصمتهم، بل وعلى لقمة عيشهم، وعلى مصيرهم، كلما تحول السلاح ال? أداة نارية لحسم الخلافات السياسية·
 

وليس من السهل على بيروت، ومعها الوطن كله، تجاوز تداعيات الاشتباكات الدامية في ذلك اليوم الأسود، الذي انتهكت فيه القذائف الصاروخية حرمة الشهر الفضيل، ونكأت جراحاً كنا نعتقد اننا شفينا منها، وأعادت الى الذاكرة مشاهد كنا نسيناها الى الأبد، وأثارت من الإنقسامات والحساسيات ما كنا نتصور اننا طويناها مع تلك الحقبة المظلمة من تاريخ البلد·

  

وبانتظار معرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود في التحقيقات الجارية، لتحديد ما اذا كان الحادث المفجّر فردياً أم <شيئاً آخر>، لا بد من الاعتراف بأن سرعة توسع الاشتباكات، وكثافة الظهور المسلح، وهذا الكم من الأهداف والمواقع التي دارت حولها المواجهات، تكشف، وبشكل مخيف، حجم النيران الكامنة تحت الرماد، والجاهزة للإندلاع بأسرع من كبسة زر، ولو كانت الكبسة نتيجة خطأ فردي!

وبغض النظر عما أسفرت عنه تلك المواجهات من تصدعات سياسية، وأضرار إنسانية ومادية، فقد أكدت الوقائع مرة أخرى، إن السلاح لا يحل مشكلة في لبنان، ولو كانت إشكالاً فردياً طارئاً، بل يزيد الأمور تعقيداً، ويُفاقم الانقسامات والصراعات بين أبناء الوطن الواحد، وحتى بين أطراف الخط السياسي الواحد، على نحو ما حصل بين حزب الله وجمعية المشاريع في اشتباكات برج أبو حيدر، غروب يوم الثلاثاء الماضي·

فهل يجوز الاحتكام الى السلاح في شوارع بيروت كلما دق كوز الخلافات بجرّة الأحزاب والقوى السياسية المتنافسة؟

  

لا ندري لمصلحة من يحاول البعض أن يضع سلاح المقاومة في كفة، مقابل الأمن والاستقرار في الكفة الأخرى!

فالمسألة تتجاوز في منطلقاتها وأبعادها السلاح المقاوم للاحتلال، والموجه الى العدو الإسرائيلي، والذي يحظى بدعم كثير من اللبنانيين، لأن المشكلة تتمحور حول السلاح المتجول في الداخل، والذي يُستخدم علىطريقة الميليشيات ضارباً بأبسط قواعد الأمن والاستقرار، ليتحول الى وسيلة تهديد لفرض خيارات فريق معين على بقية الأفرقاء اللبنانيين·

وتاريخ بيروت النقي والحاضن للمقاومات، اللبنانية منها والفلسطينية، العربية والإسلامية، لا يحتاج الى شهادة بالوطنية من أحد، وصفحات المدينة الصامدة تزخر بالمعارك التي خاضتها، وبالتضحيات التي تحملتها في مقاومة الاعتداءات الاسرائيلية، وفي الدفاع عن قضايا الوطن والأمة·

بيروت التي أسقطت حلف بغداد في الخمسينات، وعاشت فرحة الوحدة بين مصر وسوريا في مطلع الستينات، وعانت من جراح الهزيمة في حرب حزيران ودعمت المنتصرين في حرب تشرين، وتحملت أعباء المقاومة الفلسطينية على مدى عقدين من الزمن··، ها هي بيروت اليوم تحتضن المقاومة اللبنانية والإسلامية، وتحاول حمايتها من الإنزلاق الى مهاوي الفتنة، والصراعات الداخلية القاتلة·

بيروت الجامعة التي استقبلت معاهدها طلاب العلم والمعرفة من لبنانيين وعرب وعجم، يحق لها ان تدافع عن قلاعها العلمية والحضارية، رافضة تحويل مناطقها الى غابات للسلاح المتفلت من كل قيد تحت وطأة أي <حادث فردي>!

بيروت أم الشرائع وواحة الحرية في هذا الشرق، يحق لها أن تحمي منابر الديمقراطية من فوضى السلاح غير الشرعي، وان تصون مناخات الحوار والوفاق الوطني من مخاطر اللجوء الى العنف، ومحاولات التلاعب بالمعادلات الوطنية عبر استخدام القوة·

  

إن بيروت، حافظة الهوية الوطنية، وصاحبة الدور القومي الناصع، رفضت بالأمس، وهي ترفض اليوم اللجوء الى سلاح الجاهلية الأولى لحسم الخلافات السياسية، والعودة الى حروب داحس والغبراء التي تستنزف الإمكانيات والطاقات، وتزرع الحقد والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد··· ويخرج منها الجميع خاسراً!

ومن قال ان انتشار السلاح في شوارع العاصمة يحافظ على هوية بيروت الوطنية والعروبية، ويعزز دورها النضالي كخط أمامي في المواجهة المستمرة مع العدو الاسرائيلي؟

من حق بيروت أن ترفض مثل هذه المزايدات، التي تحاول تغطية <السماوات بالقبوات>، لتؤكد من جديد ان مدينة الوحدة الوطنية، وعاصمة العروبة الصامدة، لا تحتاج الى غير سلاح الشرعية للحفاظ على أمنها واستقرارها، ولصون كرامة وممتلكات أهلها وسكانها·

وكل سلاح خارج إطار المؤسسات الشرعية، من جيش وقوى أمن، يشكل هاجس قلق وحذر لبيروت التي ما زالت تخشى اندلاع نيران الفتنة في غفلة من الزمن، ويصيبها ما أصاب بغداد الرشيد في زمن الاحتلال الأميركي البغيض·   

مرة أخرى··، <بيروت مدينة آمنة وخالية من السلاح <ليس شعاراً ضد المقاومة وسلاحها الموجه للعدو، والذي هو موضوع نقاش على طاولة الحوار··،

ولا هي صرخة أهل العاصمة وسكانها وحدهم، بعدما شاركتهم فيها الأكثرية من اللبنانيين موالين ومعارضين··،

ولا هي مناورة سياسية لاستغلال إشكالً أمني في بازار السياسة المحلية،

بل هي دعوة وطنية، يجب أن تكون جامعة لكل الأطياف السياسية، لمواجهة مخططات الفتنة، والعمل على وأدها في المهد، حفاظاً على العروة الوثقى بين المسلمين، وتعزيزاً للوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، والى جانب ذلك كله، دفاعاً عن المقاومة المستهدفة إسرائيلياً وأميركياً بمخططات التآمر، والاستدراج الى الزواريب والمستنقعات الخلفية، لأبعادها عن خطوط المواجهة الأمامية،·· وهذا ما حصل في السبعينات مع المقاومة الفلسطينية ·· التي دفعت غالياً أثمان تورطها في الوحول اللبنانية·

فهل نستفيد من دروس الماضي، البعيد والقريب، ونسارع بابعاد شبح الفتنة عن بيروت حماية للوطن والشعب والجيش ·· ومعهم المقاومة؟!

صلاح سلام

 


المصدر: جريدة اللواء

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,080,361

عدد الزوار: 6,933,972

المتواجدون الآن: 85