قراءة سياسية

هل يُلاقي <السيّد>···<ولي الدم> في منتصف الطريق؟

تاريخ الإضافة الإثنين 26 تموز 2010 - 6:39 ص    عدد الزيارات 3075    التعليقات 0    القسم محلية

        


هل يُلاقي <السيّد>···<ولي الدم> في منتصف الطريق؟
مرّة أخرى يتطلّع الوطن الصغير إلى الأشقاء والأصدقاء، لمساعدته على تجنّب الوقوع في أتون الصراعات الداخلية، على إيقاع موجات التشنج والتصعيد والتوتير، التي أطلقتها السجالات السياسية على خلفية القرار الاتهامي للمحكمة الدولية، واحتمال توجيه <اتهام ما> إلى عناصر من حزب الله·

··· ومرة أخرى، يُظهر اللبنانيون عجزهم عن معالجة خلافاتهم المتناسلة بسرعة مخيفة، وعدم قدرتهم على تحكيم العقل والمنطق، وقبلهما المصلحة الوطنية العليا، لحل أزماتهم المستجدة مع كل طلعة شمس!·

··· ومرة أخرى، وطبعاً ليست الأخيرة، يُثبت اللبنانيون عدم استيعابهم لدروس وعِبر الأزمات السابقة، الأمر الذي يجعل انزلاقهم إلى صراعات الداخل الطائفية والمذهبية، وحتى المناطقية، عملية سهلة، وتتصف بكثير من السذاجة والاعتباط لدى شعب يدّعي التفوّق بالحنكة والذكاء!·

فهل تنجح مساعي الأشقاء هذه المرة في التوصّل إلى صيغة إنقاذ تحافظ على الاستقرار والانفراج، وتحول دون وصول البلد إلى حافة الانفجار والانهيار؟·

* * *

يبدو أن التسريبات المبرمجة عن مضمون القرار الاتهامي المتوقع صدوره عن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما رافقها من كلمات تهويل وتهديد من جانب حزب الله، تجاوزت ردود فعلها الساحة اللبنانية المفعمة بعوامل القلق والتوتر، إلى المحيط العربي والإقليمي، الذي يعتبر أمن واستقرار الوطن الصغير جزءاً اساسياً من حالة الأمن والاستقرار التي تحتاجها المنطقة حالياً، في ظل سياسة التعنت الإسرائيلية من جهة، وتصاعد التوتر على خلفية الملف النووي بين إيران والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي·

وثمة قناعة عربية مفادها أن أي اهتزاز للأمن في لبنان، سواء بسبب الصراعات الداخلية وتفجير الفتن المذهبية، أو عبر حرب جديدة انطلاقاً من الحدود الجنوبية، من شأنه أن ينعكس سلباً على الوضع العربي، الذي ما زال في طور النقاهة من مرحلة الانقسامات السابقة، والذي ما زال يُعاني من تأخر عودة القاهرة إلى <المثلث الذهبي> مع الرياض ودمشق، لاستعادة العافية الكاملة للنظام العربي·

وانطلاقاً من تلك القناعة، فقد كانت مفاجأة عواصم القرار العربي كبيرة بنبرة خطابات السيّد حسن نصر الله الأخيرة، والتي ابتعدت عن لهجة الحوار العقلاني الهادئ الذي تحتاجه مسألة الاحتمالات المطروحة في توجهات المحكمة الدولية، بعيداً عن أساليب التصعيد والتهديد، التي من شأنها أن تزيد الأجواء توتراً، ولا تساعد على معالجة الأزمة المستجدة وتعقيداتها المختلفة!·

* * *

ولعلنا لا نذيع سراً أن أجواء التوتر المحيطة بتسريبات القرار الظني، وتداعياتها المثيرة للقلق، كانت حاضرة بقوة في الزيارة الخاطفة التي قام بها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما كانت هذه المسألة في صلب المحادثات المستفيضة التي أجراها الرئيس سعد الحريري مع الرئيس بشار الأسد نهاية الاسبوع الماضي، بمشاركة وحضور الامير عبد العزيز بن عبد الله الممسك بملف العلاقات السعودية مع سوريا ولبنان، ووزير الخارجية التركي أحمد داوود اوغلو، مخطط سياسة الانفتاح التركي على المنطقة العربية·

وستبلغ المشاورات العربية حول الوضع اللبناني المتأزم ذروتها في الأيام المقبلة، خلال الزيارات المتتالية لكل من الرئيس السوري بشار الأسد إلى بيروت، والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى بيروت ودمشق، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة إلى بيروت، وقد يُعرّج في طريقه إلى دمشق أيضاً، فضلاً عن الجهود التركية التي تُبذل في أكثر من اتجاه، من طهران شرقاً، إلى باريس وواشنطن غرباً، بهدف لجم التدهور الاقليمي من جهة وضمان عدم دخول إيران وإسرائيل على خط الوضع اللبناني، فضلاً عن المساعدة على إطفاء نار التوتر الداخلي!·

* * *

الأشقاء والأصدقاء يدركون جيداً مخاطر الانزلاق اللبناني نحو الانفجار ويبذلون كل هذه المساعي لمنع الوصول الى الانهيار··· فماذا يفعل أهل <الحل والربط> في لبنان لتجنيب هذا الشعب المعذب جولة جديدة من المواجهات والحروب العبثية؟

· لا يكفي ما يقوم به <ولي الدم> الرئيس سعد الحريري من اتصالات ومشاورات محلية وخارجية، إلى جانب ما يُظهره من وعي ومسؤولية عالية، إذا لم يلاقِه أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله في منتصف الطريق، لترجيح كفة التحاور والتنسيق والتفاهم، على كل ما عداها من أساليب التوتير والتهويل، ومفردات التهديد والتخوين، لأن صيانة السلم الأهلي ليست مسؤولية الحريري وحده، بقدر ما هي مسؤولية مشتركة تعني الجميع وخاصة حزب الله·

لقد أكدت أزمة السنوات العجاف الأخيرة، أن لا أحد يستطيع أن يُلغي أحداً، ولا أحد يستطيع أن يأخذ دور أحد، ولا أحد يستطيع أن يُصادر إرادة أو قرار أحد، وأن لا أحد يستطيع أن يخرج عن حدود المعادلة الداخلية، وقواعدها الخارجية، لأن البلد ليس متروكاً من الأشقاء والأصدقاء، وأن لا أحد يقدر أن يُغيّر قواعد اللعبة وحده، مهما بلغت قوته الداخلية أو الإقليمية·

وإذا كان من حق حزب الله أن يدافع عن نفسه، وعن عناصره، فإن أفضل طرق الدفاع، ليس الهجوم على الأخ والشريك في الوطن والمصير، بل باللجوء إلى الحوار وتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وتدعيم أواصر التعاون والثقة، حتى يبقى الجميع في خندق واحد بمواجهة ما يُخطط للبلد من فتن واضطرابات·

هل يجوز أن يصبح كلام وزير حرب العدو الإسرائيلي مقياساً لتطورات المرحلة المقبلة بكل ما <يُبشّرنا> به من حروب وفتن، ونتغاضى عن اتخاذ الخطوات اللازمة لاستعادة مناخات الثقة وتعزيز الجبهة الداخلية وتصليب تماسكها، لإسقاط ما يُخطط له العدو··· ويتمناه؟!·

 

صلاح سلام


المصدر: جريدة اللواء

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,050,709

عدد الزوار: 6,749,961

المتواجدون الآن: 113