أخبار وتقارير...ماذا سيحدث إذا غزت روسيا أوكرانيا؟ (سؤال وجواب)... ​​​​​​​CBS عن المخابرات الأميركية: الأوامر صدرت للقادة الميدانيين الروس لبدء غزو أوكرانيا..هل يقوم بوتين «العقلاني» بخدعة استراتيجية أم تحوَّل إلى زعيم متهور؟...البيت الأبيض: روسيا قد تشن هجوماً على أوكرانيا في أي وقت... الرئيس الأوكراني يقلب الطاولة على حلفائه الغربيين..الروس أمام خيارين... «قوة عظمى» أم دولة «طبيعية» تمتلك اقتصاداً ناجحاً؟..مناورات «الردع الاستراتيجي» الروسية تفاقم التوتر... التقارب الروسي - الصيني يُقلق الغرب.. «حرب بلا رصاص»... بوتين يضعف الاقتصاد الأوكراني؟.. (تحليل إخباري): الحرب الباردة الثانية: أوكرانيا بدلاً من برلين؟..زوجان أميركيان يعترفان بمحاولة بيع أسرار غواصات نووية لـ«دولة أجنبية»..

تاريخ الإضافة الأحد 20 شباط 2022 - 6:10 ص    عدد الزيارات 1722    التعليقات 0    القسم دولية

        


ماذا سيحدث إذا غزت روسيا أوكرانيا؟ (سؤال وجواب)...

موسكو: «الشرق الأوسط أونلاين»... على الرغم من تأكيد روسيا مؤخراً أنها لا تخطط لغزو أوكرانيا، وإعلانها عن سلسلة عمليات سحب لقواتها من حدود أوكرانيا في الأيام الأخيرة، ما زال الغرب يتوقع حدوث هجوم روسي على كييف في أي وقت. وفي هذا السياق، ناقش تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية كيفية حدوث هذا الغزو الروسي، والنتائج التي ستترتب عليه، وفقاً لآراء السياسيين والمحللين والخبراء.

كيف يمكن أن تنفذ روسيا غزواً واسع النطاق؟

من خلال استغلال تفوقها الساحق برياً وبحرياً وجوياً، من المتوقع أن تهاجم روسيا أوكرانيا على عدة جبهات في وقت واحد، من منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، ومن بيلاروسيا في الشمال، ومن شبه جزيرة القرم في الجنوب، وعندها سوف يضطر الجيش الأوكراني المحاصر إلى الاستسلام. ويتوقع الخبراء أن تقود القوات البرية الروسية المتمركزة في بيلاروسيا جهود الاستيلاء على العاصمة كييف.

ما الأهداف الرئيسية التي تريد روسيا السيطرة عليها في أوكرانيا؟

سيكون الهدف الأساسي هو الاستسلام السريع للحكومة الأوكرانية في كييف و«تحييد» قادتها المنتخبين، وفقاً للخبراء. وتشمل الأهداف الرئيسية الأخرى التي تسعى روسيا للسيطرة عليها القصر الرئاسي والبرلمان والوزارات ووسائل الإعلام وميدان الاستقلال، وهو الموقع الرمزي للثورات المؤيدة للديمقراطية في أوكرانيا.

ما الخطة التي يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتنفيذها بعد الغزو؟

يريد بوتين أن يحوّل أوكرانيا إلى دولة ضعيفة مؤسسياً، تابعة لروسيا، ومنفصلة عن الغرب -مثل بيلاروسيا.

ويتوقع الخبراء أنه قد يعيِّن سياسيين موالين لموسكو لتولي زمام الأمور في كييف، في الوقت الذي سيقضي فيه على المعارضين، حيث يعتقد المسؤولون الأميركيون أن الكرملين قد وقّع قائمة بالشخصيات العامة التي سيتم اعتقالها أو اغتيالها.

هل لدى بوتين خطة بديلة لغزو أوكرانيا؟

يقول المحللون إن روسيا يمكن أن تختار هجوماً محدوداً وأقل خطورة يستهدف الاستيلاء على المزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا ودونباس، مع التأكيد على استقلال الجمهوريات الانفصالية الموالية لموسكو هناك عن أوكرانيا. وقد تحاول موسكو أيضاً الاستيلاء على موانئ ماريوبول على بحر آزوف وأوديسا على البحر الأسود، وإنشاء «جسر بري» لشبه جزيرة القرم.

ما التكلفة الإنسانية المتوقعة للغزو الروسي لأوكرانيا؟

تقدر الولايات المتحدة أن الضربات المدفعية الروسية والصواريخ والقنابل والاشتباكات البرية يمكن أن تقتل 50 ألف مدني، وهو رقم قد يزيد كثيراً إذا طال القتال. قد يفر مئات الآلاف أيضاً من أوكرانيا، مما يعرّض أوروبا لحالة طوارئ إنسانية ضخمة. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع الخبراء حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بعد الغزو الروسي، ووقوع فظائع بسبب الأسلحة الكيماوية، كما هو الحال في سوريا.

هل يمكن أن تفشل خطط روسيا لغزو أوكرانيا؟

نعم. لن تتم هزيمة القوات المسلحة الأوكرانية بسهولة، وفقاً للمحللين. فقد ينضمّ المدنيون إلى القتال، وحينها يمكن أن تقوم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتسليحهم، كما حدث في أثناء الاحتلال السوفياتي لأفغانستان. ويتوقع الوزراء البريطانيون أن الغزو الروسي لأوكرانيا سيكون «مستنقعاً» لموسكو، حيث سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد الروسي وسيتسبب في إراقة الكثير من الدماء بين أفراد القوات الروسية، وسيؤدي إلى فرض عقوبات كبيرة على روسيا. وفي مثل هذا السيناريو، قد ينقلب الرأي العام الروسي ضد بوتين.

ماذا سيفعل الغرب في حال وقوع الغزو؟

سيتم تقديم المساعدة العسكرية بسرعة من بعض دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسيشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والأسلحة مثل الصواريخ المحمولة. وإذا طال أمد القتال وتصاعدت الخسائر في صفوف المدنيين، فإن الضغط على الغرب للتدخل بشكل مباشر عن طريق إرسال القوات لأوكرانيا سيزداد بسرعة. بالإضافة إلى ذلك، سيتم فرض عقوبات اقتصادية كبيرة على روسيا، أهمها عزلها عن نظام «سويفت SWIFT» الدولي المالي، وهو عبارة عن شبكة اتصالات مصرفية عالمية تربط آلاف البنوك والمؤسسات المالية حول العالم.

 

وإذا تمت بالفعل إزالة روسيا من نظام «سويفت»، فإن ذلك سيجعل من المستحيل تقريباً على المؤسسات المالية إرسال الأموال داخل أو خارج البلاد، ما يؤدي إلى أزمة كبيرة للشركات الروسية وعملائها الأجانب -خصوصاً مشتري صادرات النفط والغاز. وقدّر وزير المالية الروسي السابق أليكسي كودرين، أن استبعاد روسيا من «سويفت» سيؤدي إلى انكماش اقتصادها بنسبة 5%. وقبل نحو أسبوعين، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، في البيت الأبيض، بـ«وضع حد» لخط الأنابيب «نورد ستريم 2» الذي بُني لاستجرار الغاز الروسي إلى أوروبا عبر ألمانيا، إذا أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا.

المخاوف من «عملية وهمية» تؤجج التوترات في أزمة أوكرانيا

موسكو: «الشرق الأوسط أونلاين».. قال انفصاليون موالون لروسيا أمس (السبت)، إنهم اكتشفوا خطة وضعتها كييف للاستيلاء على الأراضي التي يسيطرون عليها في شرق أوكرانيا بالقوة وعرضوا رجلاً قالوا إنه جاسوس أوكراني. ورفضت السلطات في العاصمة الأوكرانية، بسرعة، الخطة المزعومة بوصفها مزيفة وتجاهلت مزاعم التجسس في الماضي، ولكن مثل هذه التقارير تسهم في تصعيد التوتر. وتتزايد المخاوف في كييف والغرب من افتعال عملية وهمية في شرق أوكرانيا واستخدام روسيا لها كذريعة لشن هجوم. ونفت روسيا، التي حشدت قوات بالقرب من أوكرانيا، وجود خطط للغزو ورفضت الحديث عن القيام بعمليات وهمية. لكنها قالت إنها تشعر بقلق من الوضع وبدأت السلطات الانفصالية في شرق أوكرانيا عملية إجلاء جماعي يوم الجمعة متذرعةً بمخاوف من شن هجوم أوكراني. وتنفي السلطات الأوكرانية التخطيط لأي نوع من الاعتداء وتخشى من تزايد المحاولات لخلق ذريعة لغزو روسي. وقال الانفصاليون في جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد أمس، إنهم اكتشفوا خطة «لتطهير» المنطقة الموالية لروسيا من الناطقين بالروسية في إطار عملية تستمر خمسة أيام للسيطرة على المنطقة بالقوة. وفي مقابلة بُثَّت على القناة التلفزيونية الحكومية الأولى الروسية، ذكر رجل قال الانفصاليون إنهم احتجزوه في مدينة دونيتسك، أنه ساعد أوكرانيا في تفجير سيارة جيب تابعة لقائد انفصالي الليلة السابقة، وأنه قام بتهريب أسلحة ومتفجرات. وقال: «تم تجنيدي في 2018». وأضاف أن الشخص الذي تولى تدريبه طلب منه الابتعاد عن المباني السكنية الشاهقة في مدينة دونيتسك لأن المدفعية ستستهدفها وأنه سيعرّض نفسه للخطر. وكان مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، قد أعلنوا، أمس، أنّهم سجلوا خلال 24 ساعة أكثر من 1500 خرق لوقف إطلاق النار، وهو العدد الأعلى هذا العام. وقال المراقبون إنّهم سجّلوا بين مساء (الخميس) ومساء (الجمعة) 591 خرقاً في دونيتسك و975 في لوغانسك المجاورة، وهما منطقتان خاضعتان جزئياً لسيطرة انفصاليين مدعومين من موسكو. وأظهرت خريطة تفصّل الخروقات أنّ القتال الأعنف يدور حالياً في منطقة تقع في شمال غربي لوغانسك، على بُعد نحو 20 كلم جنوب شرقي مدينة سفرودونتسك التي تسيطر عليها الحكومة، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

CBS عن المخابرات الأميركية: الأوامر صدرت للقادة الميدانيين الروس لبدء غزو أوكرانيا..

الكرملين: التطورات في دونباس قد تؤدي إلى عواقب غير قابلة للإصلاح..

العربية.نت.. نقلت شبكة CBS الإخبارية عن مصدر في المخابرات الأميركيةأن الأوامر صدرت للقادة الميدانيين الروس لبدء غزو أوكرانيا. يأتي ذلك فيما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الأحد، لوقف فوري لإطلاق النار في شرق البلاد حيث تزايدت الاشتباكات بين الانفصاليين المدعومين من روسيا والقوات الأوكرانية في الأيام الأخيرة. وقال زيلينسكي إن أوكرانيا تؤيد إجراء محادثات سلام في إطار مجموعة الاتصال الثلاثية التي تضم كييف إلى جانب روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وأضاف على تويتر: "نؤيد تكثيف جهود السلام. ندعم انعقاد مجموعة الاتصال الثلاثية بشكل عاجل ووقف إطلاق النار على الفور". وازدادت مؤخراً حدة التوتر والمعارك على الجبهة في شرق أوكرانيا بينما يتبادل الانفصاليون المدعومون من موسكو وكييف الاتهامات بتصعيد النزاع.

أسلحة محظورة

وفي هذا السياق، أعلن الكرملين أن "التطورات في دونباس قد تؤدي إلى عواقب غير قابلة للإصلاح". وفي وقت سابق، أعلن "المركز المشترك لمراقبة نظام وقف إطلاق النار في جمهورية دونيتسك"، الموالي للانفصاليين، صباح اليوم الأحد، أن "قوات المدفعية الأوكرانية قصفت أهدافاً جديدة" في دونيتسك "باستخدام أعيرة 120 ملم". وأصدر المركز بياناً نقلته وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء جاء فيه: "تم إطلاق 12 قذيفة من عيار 120 ملم على منطقة سبارتاك في جمهورية دونيتسك وبعدها تم إطلاق 8 أعيرة من عيار 120 ملم على مصنع دونيتسك الحكومي للمنتجات الكيمياوية". وأشار بيان المركز الموالي لموسكو إلى أن الأسلحة المستخدمة من قبل المدفعية الأوكرانية "تُعد محظورة بموجب اتفاقيات مينسك" الموقعة من قبل كل أطراف النزاع في شرق أوكرانيا.

وقف العمل بنقطة تفتيش

في المقابل، قال الجيش الأوكراني إن البلاد علقت العمليات في واحدة من سبع نقاط تفتيش في منطقة دونباس الشرقية التي يسيطر عليها الانفصاليون بسبب قصف مكثف. وقال الجيش الأوكراني إن الانفصاليين أطلقوا النار ثلاث مرات على نقطة تفتيش شاستيا أمس السبت باستخدام قذائف المورتر والقواذف الثقيلة المضادة للدبابات وزادت انتهاكات وقف إطلاق النار من جانب الانفصاليين إلى 136 من 66 يوم الجمعة. وقد قُتل جنديان أوكرانيان وأصيب أربعة أمس السبت في المنطقة. وقال الجيش إنه نظراً "لتصعيد الموقف.. وعدم القدرة على ضمان سلامة السكان المدنيين" الذين يستخدمون نقطة التفتيش، أوقفت القيادة استخدامها اعتباراً من اليوم الأحد "خلال فترة التهديد". يذكر أن مسؤولون من الانفصاليين كانوا قد أوكرانيا لى بقصف مناطق يسيطرون وقالوا إنهم "اضطروا للرد".

أكثر من 1500 خرق لوقف النار

يأتي هذا بينما أعلن مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أمس السبت أنّهم سجلوا خلال 24 ساعة أكثر من 1500 خرق لوقف إطلاق النار، وهو العدد الأعلى هذا العام. وقال المراقبون إنّهم سجّلوا بين مساء الخميس ومساء الجمعة 591 خرقاً في دونيتسك و975 في لوغانسك المجاورة، وهما منطقتان خاضعتان جزئياً لسيطرة الانفصاليين المدعومين من موسكو. وأظهرت خريطة تفصّل الخروقات أنّ القتال الأعنف يدور حالياً في منطقة تقع في شمال غرب لوغانسك، على بُعد حوالي 20 كلم جنوب شرق مدينة سفرودونتسك التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية. من جهته، قال مصدر دبلوماسي لوكالة "رويترز" إن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا سجلوا نحو 2000 انتهاك لوقف إطلاق النار بشرق أوكرانيا السبت. ازدادت حدّة القصف في النزاع المستمر منذ ثماني سنوات هذا الأسبوع، في ظل المخاوف من أنّ روسيا تمهّد لغزو أوكرانيا ردّاً على تقارب الأخيرة مع الغرب. وسارع وزير الداخلية الأوكراني دينيس موناستيرسكي للاختباء السبت عندما سقطت قذائف هاون على بُعد مئات الأمتار عن مكان وجوده بينما كان يتفقّد خط الجبهة خلال جولة مع الصحافيين.

"خطة" اكتشفها الانفصاليون

في سياق متصل، قال الانفصاليون الموالون لروسيا السبت إنهم اكتشفوا "خطة وضعتها كييف للاستيلاء" على الأراضي التي يسيطرون عليها في شرق أوكرانيا بالقوة وعرضوا رجلاً قالوا إنه جاسوس أوكراني. من جهتها، أكدت السلطات الأوكرانية أن هذه الادعاءات مزيفة. وتتزايد المخاوف في كييف والغرب من افتعال عملية وهمية في شرق أوكرانيا واستخدام روسيا لها كذريعة لشن هجوم. ونفت روسيا، التي حشدت قوات بالقرب من أوكرانيا، وجود خطط للغزو ورفضت الحديث عن القيام بعمليات وهمية. لكنها قالت إنها تشعر بقلق من الوضع، وقد بدأت السلطات الانفصالية في شرق أوكرانيا عملية إجلاء جماعي يوم الجمعة متذرعة بمخاوف من شن هجوم أوكراني. وتنفي السلطات الأوكرانية التخطيط لأي نوع من الاعتداء وتخشى من تزايد المحاولات لخلق ذريعة لغزو روسي. كما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء السبت أنه لن "يرد" على "الاستفزازات" الروسية في شرق أوكرانيا، مشددا على استعداده "للحوار" مع موسكو.

هل يقوم بوتين «العقلاني» بخدعة استراتيجية أم تحوَّل إلى زعيم متهور؟...

الجريدة... نشرت «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً يتساءل عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استراتيجياً ماكراً أم زعيماً مظلوماً ومتهوراً؟. .... وأورد مدير مكتب الصحيفة بموسكو، أنطون ترويانوفسكي، في التقرير، أن بعض المحللين يشعرون بالحيرة بشأن نوايا بوتين الكامنة وراء الحشد الضخم لقواته حول أوكرانيا، ويقولون إنه مخادع ولن ينفذ غزواً، لكنهم يفترضون أيضاً إنه قد يكون تغيّر خلال جائحة كورونا. ويضيف الكاتب، أن العديد من المحللين مقتنعون بأن بوتين عقلاني في الأساس، وأن مخاطر غزو أوكرانيا ستكون كبيرة جداً إلى درجة أن حشده الضخم لقواته لا يكون منطقياً إلا باعتباره خدعة مقنعة جداً، لكن بعضهم أيضاً ترك الباب مفتوحاً لفكرة أنه قد تغير تغيراً جذرياً وسط الوباء الذي ربما جعله أكثر جنوناً بالعظمة وأكثر حزناً وتهوراً. ودلّلوا على ذلك بالطاولة التي يبلغ طولها 20 قدما التي استخدمها بوتين لإبعاد نفسه اجتماعياً هذا الشهر عن القادة الأوروبيين الذين يسافرون لإجراء محادثات بشأن الأزمة، وهو فعل وصفوه بأنه يرمز إلى انفصاله عن بقية العالم. فمنذ ما يقرب من عامين، غرق بوتين في شرنقة خالية من الفيروسات على عكس أي زعيم غربي، فقد أظهر التلفزيون الحكومي أنه يعقد معظم الاجتماعات الرئيسة عبر الهاتف بمفرده في غرفة مع إبقاء وزرائه على مسافة، ونادراً ما يستدعيهم شخصياً. وقال الكاتب، إن التكهنات إزاء الحالة العقلية للزعيم دائماً ما تكون مقلقة، ونقل عن إيكاترينا شولمان، أستاذة العلوم السياسية والعضوة السابقة في مجلس حقوق الإنسان التابع لبوتين، قولها عن المظاهر العلنية الأخيرة للرئيس، إن هناك انطباعا عن انزعاجه، وقلة اهتمامه، وعدم رغبته في الخوض في أي شيء جديد، إذ يُظهر للجمهور أنه كان في عزلة عملية، مع فترات راحة أقل من أي وقت مضى، منذ ربيع عام 2020. ونقل عن فيودور لوكيانوف محلل السياسة الخارجية البارز في موسكو الذي يقدم المشورة للكرملين قوله، إن هدف بوتين الآن هو «فرض مراجعة جزئية لنتائج الحرب الباردة»، لكنه على الأغلب سيتوقف عن الغزو الشامل، وبدلاً من ذلك سيستخدم «وسائل خاصة أو غير متكافئة أو مختلطة»، منها جعل الغرب يعتقد أنه مستعد حقاً للهجوم؛ «فالخداع يجب أن يكون مقنعاً جداً»، وأضاف أن الولايات المتحدة، بتصويرها القوي لروسيا بأنها عدوانية وتستعد للغزو «تجاري لعبة بوتين %200». وقال ديمتري ترينين رئيس مركز أبحاث مركز كارنيغي في موسكو، إن بوتين ناجح جداً في استخدام الصورة السلبية التي أنشئت حوله كشيطان، واصفاً إياه بأنه يستغل المخاوف من أنه كان مستعداً لإطلاق العنان لحرب مروعة؛ «كانت الخطة هي خلق تهديد، لإيجاد شعور بأن الحرب يمكن أن تحدث». ويعود الكاتب ليقول، إن الخبراء كانوا مخطئين من قبل. ففي عام 2014، استولى بوتين على شبه جزيرة القرم، على الرغم من أن قلة من محللي موسكو كانوا يتوقعون تدخلاً عسكرياً، مضيفا أن المتشككين في الرأي القائل، إن السيد بوتين يخدع، يشيرون إلى أنه خلال الوباء اتخذ بالفعل إجراءات بدت في وقت سابق غير مرجحة. على سبيل المثال، تتناقض حملته القاسية ضد شبكة أليكسي نافالني مع وجهة النظر السائدة بأن بوتين كان سعيداً بالسماح لبعض المعارضة المحلية كصمام هروب لإدارة الاستياء. وقال مايكل كوفمان مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث «سي إن إيه» (CNA) -مقره في أرلينغتون بولاية فرجينيا- الأسبوع الماضي «لقد تخطى بوتين في العام الماضي توقعات كثيرين بأنه لن يفعل شيئاً بهذه الدراماتيكية، لكنهم ربما لم يكونوا قد لاحظوا هذا التحول النوعي في العامين الماضيين».

البيت الأبيض: روسيا قد تشن هجوماً على أوكرانيا في أي وقت... بايدن يجتمع بمجلس الأمن القومي لبحث الأزمة...

واشنطن: «الشرق الأوسط أونلاين»... قال البيت الأبيض، اليوم، إن روسيا قد تشن هجوما على أوكرانيا في أي وقت، وإن الرئيس الأميركي جو بايدن سيعقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأحد لمناقشة الوضع. وأجرت القوات النووية الاستراتيجية الروسية تدريبات أشرف عليها الرئيس فلاديمير بوتين يوم السبت، واتهمت واشنطن القوات الروسية المحتشدة بالقرب من الحدود الأوكرانية بالتقدم والاستعداد لشن هجوم. وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أن الرئيس الأمريكي يراقب التطورات واطلع على محادثات نائبة الرئيس كامالا هاريس مع حلفائها بمؤتمر الأمن في ميونخ. وحذرت القوى الغربية منذ أسابيع من أن المنطقة قد تكون على شفا حرب، قائلة إن الوضع قد يتصاعد بسرعة وبشكل كبير. ونفت روسيا مراراً وجود اي نية لمهاجمة جارتها.

بايدن مقتنع بأن بوتين «اتخذ قراره» بغزو أوكرانيا... حديث عن عملية عسكرية «محدودة» تطيح حكومتها

الشرق الاوسط... واشنطن: إيلي يوسف... رغم «اقتناع» الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد «اتخذ قراراً نهائياً» برفض المبادرات الدبلوماسية وغزو أوكرانيا، فإنه ناشده «اختيار الدبلوماسية»، لافتاً إلى أن «الأوان لم يفُت بعد». وفيما تشير كل التقديرات والمعلومات الاستخبارية إلى أن بوتين في طريقه لتنفيذ هجومه على أوكرانيا، فإن الغموض لا يزال يلف طبيعة العملية التي سينفذها ومداها. وقال بايدن في مؤتمر صحافي خصصه للحديث عن الاتصالات التي أجراها الجمعة، مع قادة الناتو والاتحاد الأوروبي والكونغرس الأميركي، حول آخر التوقعات بالنسبة لأوكرانيا، إن الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية تظهر أن بوتين اتخذ قراره، وأنها ستكون «حرباً كارثية لا داعي لها» في أوروبا الشرقية. وأضاف: «لدينا سبب للاعتقاد بأن القوات الروسية تخطط وتعتزم مهاجمة أوكرانيا في الأسبوع المقبل... في الأيام المقبلة»، و«نعتقد أنهم سيستهدفون العاصمة الأوكرانية، كييف، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون شخص بريء». ورداً على سؤال عما إذا كان يعتقد أن بوتين لا يزال متردداً بشأن الغزو، قال بايدن: «أنا مقتنع بأنه اتخذ القرار». لكنه أضاف: «لم يفُت الأوان بعد للتهدئة والعودة إلى طاولة المفاوضات»، في إشارة إلى المحادثات المزمعة بين وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الخميس المقبل. لكنه أكد: «إذا قامت روسيا بعمل عسكري قبل ذلك التاريخ، فسيكون من الواضح أنها أغلقت الباب أمام الدبلوماسية».

القوات الروسية في مواقع هجومية

ونقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين وأشخاص مطلعين، أن تصميم بايدن على أن بوتين قرر غزو أوكرانيا جاء «جزئياً بناء على أحدث التقييمات الاستخباراتية التي تظهر أن ما يقرب من 40 في المائة من القوات الروسية المحتشدة على الحدود قد تحركت إلى مواقع هجومية». وأضافت تلك المصادر، ومع ذلك، لم يكن بايدن يخطط في البداية للإعلان خلال خطابه، «أنه يعتقد أن بوتين اتخذ قراره»، ولم يتضمن خطابه أي إيحاء بذلك. لكن عندما سأله أحد المراسلين عمّا إذا كان يعتقد أن بوتين قد اتخذ القرار، أجاب في البداية بالإيجاب فقط ورفض التوسع. وجاءت تصريحات بايدن بعدما دعا الانفصاليون المدعومون من روسيا في شرق أوكرانيا، إلى عمليات إجلاء جماعية في المناطق التي يسيطرون عليها، زاعمين من دون أدلة واضحة، أن الجيش الأوكراني على وشك شن هجوم واسع النطاق، وهو ما عدّ تأكيداً للتحضير لغزو روسي وشيك. وقال بايدن إن الإعلام الروسي يكرر المزاعم بشأن حدوث مذابح في دونباس، وخططاً أوكرانية للهجوم على روسيا. وقال: «ببساطة لا يوجد دليل على هذه التأكيدات، وهو يتحدى المنطق الأساسي للاعتقاد بأن الأوكرانيين سيختارون هذه اللحظة، مع وجود أكثر من 150 ألف جندي روسي محتشدين على حدودهم، لتصعيد الصراع». وأكد بايدن أنه تبادل مع حلفاء الولايات المتحدة في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي آخر المعلومات الاستخبارية، والتأكد من استمرار التوافق بيننا، «رغم الجهود الروسية لتقسيمنا». وكرر أن بلاده لن ترسل قوات للقتال في أوكرانيا، لكنه تعهد مواصلة تقديم الدعم للأوكرانيين، مشدداً على أن الولايات المتحدة وحلفاءها مستعدون للدفاع عن كل شبر من أراضي حلف الناتو. وعدت تصريحات بايدن أوضح المؤشرات على مدى احتمال حصول أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. غير أن إصراره على تأكيد التنبؤ بالإطار الزمني ومناطق العمليات ومعايير الغزو، عد مخاطرة غير عادية، رغم احتمال أن يكون ذلك خطأ. وقال بايدن: «نحن نكشف خطط روسيا بصوت عالٍ وبشكل متكرر». «ليس لأننا نريد صراعاً، ولكن لأننا نفعل كل ما في وسعنا لإزالة أي سبب قد تقدمه روسيا لتبرير غزو أوكرانيا ومنعهم من التحرك». وقال مسؤولون أميركيون إن «نيات بوتين كان من الصعب تمييزها، لأنه يخفي خططه حتى عن كبار مستشاريه، ويكشف عن قراراته فقط عند اتخاذها». ويوم السبت، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن الجيش الروسي على استعداد لضرب أوكرانيا، لكنه أعرب عن أمله في أن يتراجع الرئيس الروسي عن «حافة الحرب». وتعهد أوستن خلال زيارة إلى ليتوانيا، بأن تقف بلاده مع حلفائها في دول البلطيق، حيث «تتعرض المنطقة لمخاطر الغزو المحتمل». وأضاف في مؤتمر صحافي بالعاصمة فيلنيوس، بعد محادثات أجراها مع قادة ليتوانيا: «أريد أن يعلم الجميع في ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، وأريد أن يعلم الرئيس بوتين، أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حلفائها». في هذا الوقت أعلن السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أنه انضم إلى نظرائه في بريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان في إصدار بيان مشترك بشأن «التهديدات المتزايدة للسلام والأمن الإقليمي لأوكرانيا». وقال البيان: «نحن رؤساء لجان الشؤون الخارجية البرلمانية لمجموعة السبع، نشعر بقلق عميق إزاء التوترات المستمرة التي تنطوي على روسيا وأوكرانيا والتهديدات للسلام والأمن الإقليمي لأوكرانيا، وندين بشدة أي محاولة من أي بلد لتغيير الوضع الراهن بالإكراه أو بالقوة». وأضاف البيان: «نحث حكومة روسيا على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن تنفيذ أي عمليات عسكرية ضد أوكرانيا»، و«سنواجه أي غزو آخر من قبل روسيا لأوكرانيا بعقوبات سريعة وشديدة». كما نحث حكومة روسيا على تجنب جميع المبادرات الرامية إلى الاعتراف بجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية المعلنة ذاتياً، فالاعتراف بهذه الجمهوريات يعد انتهاكاً خطيراً جداً لسيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية. وختم البيان بدعوة «المجتمع الدولي وحكوماتنا وحكومة روسيا وحكومة أوكرانيا إلى مواصلة الانخراط في الحوار واستخدام جميع الخيارات الدبلوماسية للتوصل إلى حل سلمي لهذه الأزمة».

غزو شامل أو عملية محدودة

وأشارت أوساط أميركية إلى أن بوتين قد يدرس خيارات عدة، تتراوح بين شن هجوم شامل، وهو ما قد يكون أمراً صعباً، أو القيام بعملية عسكرية محدودة، قد تؤدي إلى انهيار الحكومة الأوكرانية، وتشكيل حكومة موالية أو على الأقل «محايدة». وأضافت أن هذا الخيار سيعرضه لخطر عقوبات، لكنه يراهن على إمكانية رفعها في وقت قريب، والدخول في مفاوضات مع الغرب، بما يؤدي إلى تأمين مخرج ملائم له. وحذر مسؤول كبير في البيت الأبيض، الجمعة، من أنّ العقوبات التي ستفرضها الولايات المتّحدة وشركاؤها على موسكو، إذا قرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا، ستجعل من روسيا دولة «منبوذة». وقال نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض لشؤون الاقتصاد الدولي داليب سينغ للصحافيين، إنّ روسيا «ستصبح دولة منبوذة بالنسبة إلى المجتمع الدولي. سيتمّ عزلها من الأسواق المالية الدولية وحرمانها من المدخلات التكنولوجية الأكثر تطوراً». وقال: «نحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على حزمة العقوبات على روسيا في حال غزوها أوكرانيا، ولن يكون بوسع الصين تعويض روسيا عن أضرار العقوبات الاقتصادية في مجال التكنولوجيا المتقدمة». وشدّد سينغ على أنّ العقوبات التي تعتزم بلاده فرضها على روسيا «تمّ إعدادها بطريقة مسؤولة، لتجنّب استهداف الشعب الروسي والحدّ من أضرارها الجانبية على الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي». وأوضح أنّ هذه العقوبات «ستعرّض روسيا لخطر هروب رساميل كبيرة ولضغوط مزدادة على عملتها، ولارتفاع في معدلات التضخّم، ولتكاليف اقتراض مرتفعة، ولانكماش اقتصادي، ولتآكل قدرتها الإنتاجية». وأكد أن الولايات المتحدة «مستعدة» في حال حاولت روسيا استخدام موارد الطاقة «سلاحاً» ووسيلة ضغط. وقال: «لقد اتخذنا إجراءات للتنسيق مع أكبر مستهلكي الطاقة ومنتجيها لنضمن أن لدينا إمدادات طاقة متواصلة وأسواق طاقة مستقرة». وقال إن العقوبات التي ستواجهها روسيا ستكون أقسى بكثير من عقوبات عام 2014، مشيراً إلى أن الإجراءات العقابية لا تهدف إلى المس بقدرة روسيا على تزويد العالم بالطاقة. وكانت واشنطن قد أكدت في وقت سابق أنّ خط أنابيب «نورد ستريم 2» لنقل الغاز، الذي يربط روسيا بألمانيا عن طريق البحر، لن يبدأ تشغيله إذا تم اجتياح أوكرانيا. وخلال المؤتمر الصحافي نفسه، حمّلت الولايات المتحدة، روسيا المسؤولية عن الهجمات الإلكترونية التي استهدفت، الثلاثاء، كثيراً من المواقع العسكرية الرسمية الأوكرانية ومصرفين حكوميين. وقالت آن نويبرغر مستشارة البيت الأبيض لعمليات القرصنة المعلوماتية: «نرى أنّ الدولة الروسية هي المسؤولة عن الهجمات السيبرانية التي استهدفت مصارف أوكرانية هذا الأسبوع». لكنها أضافت أنه ليست هناك معلومات حول هجوم سيبراني روسي وشيك ضد الولايات المتحدة، «لكننا مستعدون لجميع الحالات الطارئة».

الرئيس الأوكراني يقلب الطاولة على حلفائه الغربيين

«الضيف الملك» في مؤتمر ميونيخ يشن هجوماً لاذعاً عليهم ويتهمهم بعدم تقديم ضمانات أمنية كافية

الشرق الاوسط... ميونيخ: راغدة بهنام... قلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الطاولة على حلفائه الغربيين، وشن هجوماً لاذعاً عليهم لعدم تقديم ضمانات أمنية كافية لأوكرانيا لحمايتها من روسيا. ورغم أن زيلينسكي كان «الضيف الملك» في مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، خصوصاً أن روسيا غابت كلياً عن المؤتمر، إلا أنه لم يتردد بانتقاد الأوروبيين والأميركيين بشكل قاسٍ. واعتلى الرئيس الأوكراني بعد الظهر منبر المؤتمر بعد كلمات لزعماء غربيين منذ الصباح تتعهد بإنزال أشد العقوبات بروسيا في حال غزت أوكرانيا، لينتقد الدعم العسكري الغربي المقدم لبلده وتردد حلف الناتو بضم أوكرانيا له. ورغم التصفيق الحار الذي استقبله به الحضور الذي كان بمعظمه غربياً، فقد بدأ زيلينسكي بتذكير الأوروبيين بأن أي حرب على بلاده ستكون حرباً على أوروبا، ليضيف بأن أوكرانيا لا تريد أن «تترجى» الدول لإرسال أسلحة إليها لكي «تحمي بها حدود أوروبا». وفي هذا انتقاد مباشر لألمانيا التي ما زالت ترفض توريد السلاح لأوكرانيا «لأسباب تاريخية» كما كرر المستشار الألماني أولاف شولتز ووزيرة خارجيته أنالينا بيربوك قبله أول من أمس. ووجه زيلينسكي كذلك انتقادات حادة للناتو الذي قال بأنه لا يعطي أوكرانيا رداً واضحاً ولا تاريخاً محدداً حول ضمه. وكذلك اتهم الأطراف الغربية بعدم الجدية في الكلام عن العقوبات لأنها «تنتظر لاندلاع حرب» قبل أن تخضع روسيا لها. وكانت ألمانيا المتلقي الأكبر للكدمات من الرئيس الأوكراني، كون مستشارها قال صباحاً بأن مسألة ضم أوكرانيا للناتو غير مطروحة اليوم في محاولة لمد يده لروسيا وإقناعها بالتجاوب مع الدبلوماسية. وكذلك الانتقادات وجهت لألمانيا لعدم إعطائها إشارات واضحة حول استعدادها لوقف مشروع نورد ستريم ٢ الذي يصل الغاز الروسي مباشرة إليها مع تفادي خطوط العبور الأوكرانية. وقبل كلمة زيلينسكي، وفيما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعرض قوته العسكرية البرية والبحرية بإشرافه شخصياً على تدريبات عسكرية روسية - بيلاروسية مشتركة، حشدت الدول الغربية أشد التحذيرات لهجة حتى الآن موجهة لسيد الكرملين وهددته بعقوبات مؤلمة ستخرج روسيا من السوق المالية العالمية وتبعات عسكرية لا يتوقعها، في حال نفذت «مغامرتها» العسكرية وغزت أوكرانيا. وتداول زعماء غربيون على منبر مؤتمر ميونيخ للأمن لتوجيه التحذيرات لموسكو، وفيما خرجت أقساها من رئيس الحكومة البريطاني بوريس جونسون اعتمد المستشار الألماني أولاف شولتز لجهة أقل تهديداً محاولاً التركيز على الجهود الدبلوماسية لتفادي حرب «على أوروبا». والتقى الزعماء في تقديرات بأن الحشود العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا، هي الأكبر منذ نهاية الحرب الباردة، وهو ما كرره أمين عام حلف الناتو يانس شتولتنبيرغ ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي بدت في كلمتها كأنها عادت لتلبس رداء وزيرة الدفاع، وهو المنصب الذي تركته في برلين لتستلم منصبها كرئيسة المفوضية الأوروبية في بروكسل. واتهمت فون دير لاين روسيا والصين بسعيهما لتغيير نظام الأمن العالمي، وقالت إن أوروبا يجب أن تكون مستعدة للرد، مضيفة أنه «إذا قرر الكرملين توجيه ضربة عسكرية فسنفرض عليه عقوبات موجعة ستهدد تطور روسيا الاقتصادي». وألمحت فون دير لاين كذلك إلى ضرورة تخفيف أوروبا عن اعتمادها على الغاز الروسي، وقالت: «لا لا يمكننا أن نبقى معتمدين على غاز يأتينا من بلد يهدد بحرب ضدنا». وأشارت إلى أن شركة غازبروم الروسية التي تصدر الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا حالياً، تبيع الأوروبيين «أقل كمية ممكنة من الغاز» ووصفت هذا التصرف من قبل شركة بأنه «غريب»، لتضيف بأنه من الواضح أن روسيا تتلاعب بسوق الغاز الأوروبية. ورغم أن فون دير لاين لم تشر تحديداً إلى مشروع غاز نورد ستريم ٢ الذي يصل الغاز الطبيعي مباشرة من روسيا إلى ألمانيا وانتهى العمل به ولكنه لم يبدأ ضخ الغاز عبره بعد، فإن الضغوط على الحكومة الألمانية تتزايد لوقف المشروع نهائياً. وكررت نائبة الرئيس الأميركي كاملا هاريس التحذيرات الشديدة اللهجة لروسيا وهددتها بعقوبات اقتصادية «لم يسبق لها مثيل» في حال غزت أوكرانيا، وقالت: «لقد أعددنا عقوبات اقتصادية سريعة وموحدة مع شركائنا تتضمن عقوبات مالية وعقوبات على التصدير وكذلك عقوبات تستهدف أشخاصاً يجب أن يتعرضوا للمساءلة والمحاسبة». واتهمت هاريس روسيا بشن حرب إعلامية وبروباغندا «لتبرير اعتدائها» المرتقب، وقالت: «لدينا تقارير تشير إلى ما يبدو أنها استفزازات روسية ونشر أكاذيب حول أوكرانيا بهدف تبرير غزو». وأضافت أن روسيا تكرر استعدادها للحوار ورغم ذلك «تتصرف بشكل مناقض وتستمر بتقليص الطرق الدبلوماسية». وشددت نائبة الرئيس الأميركي على أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين والناتو ما زالوا يسعون بجهد لحل التصعيد دبلوماسياً، ولكن هذه الجهود لم تلق تجاوباً من موسكو حتى الآن. وتحدث جونسون من جهته باللهجة نفسها وحتى أكثر تصعيداً، وكرر بأن روسيا ستواجه بعقوبات وخيمة ستجعلها غير قادرة على البقاء في السوق المالية في لندن. وذهب جونسون أبعد من ذلك بالقول إن روسيا ستتكبد ثمناً عسكرياً باهظاً لو قررت الغزو، محذراً من أن هذه العملية تهدد بإشعال عمليات انتقامية ضدها متسائلاً كيف ستتمكن موسكو من حكم أوكرانيا بالقوة، ليضيف بأن «روسيا ستفشل» لو قررت غزو أوكرانيا، وأنها «لا يمكنها أن تكسب شيئاً من مغامرة غير محسوبة». وحث أوروبا على التفكير بمستقبل «لا تكون فيه رهينة لغاز بوتين» وأن هناك حاجة للتفكير في «الأيام والأشهر القادمة» عن حلول بديلة «باهظة أكثر» ولكنها ضرورية. ووصف الأسباب التي تعطيها روسيا لحشدها العسكري ومخاوفها من توسع حلف الناتو بأنها «أوهام»، وقال: «هي حلف دفاعي مسالم ويجب أن نعمل مع بوتين لتأكيد ذلك». أما المستشار الألماني فقد بدا أكثر هدوءاً في تقييمه للحشود العسكرية الروسية، رغم تحذيره بأن «أوروبا مهددة بحرب جديدة». وفيما بدا بأنه تشكيك بتقييم البيت الأبيض وكلام الرئيس الأميركي جو بايدن بأن روسيا ما زالت تعد لغزو أوكرانيا خلال أيام، قال: «لا أحد يعرف تحديداً» كيف تفكر روسيا. وشدد على ضرورة بذل كل الجهود الدبلوماسية لتخفيف التصعيد وقال في إشارة إلى التبريرات الروسية، إن «بوتين يعرف أن ضم أوكرانيا إلى الناتو لن يحصل قريباً ولكن هو يجادل بأن وضع ذلك على الأجندة يعتبر تهديداً، وهو مخطئ». وشدد شولتز على أن الحوار مع روسيا الغائبة عن مؤتمر ميونيخ، يجب أن يركز على التأكيد على هذه النقطة. ووصف شولتز كلام بوتين عن «مجازر» تجري في إقليم دونباس بأنها «هراء كامل»، في خروج نادر عن الدبلوماسية للمستشار الألماني. وتقع دونباش في شرق أوكرانيا وتشهد اشتباكات منذ عام ٢٠١٤ بين متمردين يؤيدون الانفصال عن أوكرانيا ويحظون بدعم من موسكو، وبين أولياء لكييف. وردت الخارجية الروسية لاحقاً على كلام شولتز حول دونباس، وقالت بأن وصفه «المجازر» هناك بـ«الهراء» هو أمر «غير مقبول»، وأنه «لا يجب على القيادة الألمانية أن تسخر من هذه القضايا مع مراعاة التجربة التاريخية لألمانيا في قضايا المذابح ضد الناس وانتشار الآيديولوجية الكارثية للبشر»، في إشارة إلى الهولوكست. ومن بين كل هذه التصريحات الغربية التي طغت هذا العام على مؤتمر الأمن، برزت كلمة وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي تحدث عبر دائرة الفيديو واضطر للاعتذار عن المشاركة الشخصية بسبب استمرار الألعاب الأولمبية في الصين، بحسب منظمي المؤتمر. وشدد على أن بلاده تدعم «استقلال وسيادة كل دولة من بينها أوكرانيا»، مضيفاً أن «أي شخص يشكك بموقف الصين من ذلك يكون يقوض كلامها ولديه نوايا سيئة». وكانت الصين قد نشرت بياناً مشتركاً مع روسيا قبل أسبوعين تنتقد فيها «مساعي حلف الناتو للتوسع»، وعندما سئل يي عن ذلك، قال بأن هذا الانتقاد لم يكن سببه عدم تأييد الصين لسيادة أوكرانيا على أراضيها، بل «لأن حلف الناتو كان نتيجة الحرب الباردة التي انتهت منذ فترة طويلة، مضيفاً أن الوقت حان للتفكير في الحلف مجدداً. وعاد ليتحدث عن التصعيد الروسي وقال إن الدبلوماسية في هذه المسألة يمكنها أن تحل الأزمة.

الروس أمام خيارين... «قوة عظمى» أم دولة «طبيعية» تمتلك اقتصاداً ناجحاً؟

الشرق الاوسط...روستوف: رائد جبر... قد تكون المناورات «النووية» التي أطلقتها القوات الروسية أمس، في البحر الأسود، حملت رسائل إلى الغرب، تحديداً إلى الولايات المتحدة وحلف الأطلسي، وكذلك إلى البلد الجار أوكرانيا، الذي يبدو مستقبله السياسي وسلامة ما تبقى من أراضيه معلقاً بيد الكرملين، ومدى قدرة الأطراف الغربية على لجم طموحاته، أو التوصل إلى صفقات مرضية معه. لكن هذه المناورات بتوقيتها، في غمار المواجهة الحالية المتفاقمة حول أوكرانيا، وكذلك بحجمها غير المسبوق، لجهة أنها شملت الأسلحة الاستراتيجية بطرازاتها النووية والتقليدية، وبتسميتها اللافتة «الردع الاستراتيجي» المستعارة من مصطلحات عهود «الحرب الباردة»، ليست موجهة بالتأكيد إلى الداخل الروسي. إذ لا يحمل إطلاق الصواريخ العابرة للقارات والقادرة على حمل رؤوس مدمرة، رسائل تهم ملايين الروس الذين أرهقهم، كما دلت استطلاعات، أن يعيشوا دائماً في دوامة مواجهة مع طرف خارجي، بينما يتطلعون لتحسين أحوالهم المعيشية. بدأ التركيز على «عنصر القوة» في خطاب الرئيس فلاديمير بوتين السياسي الداخلي منذ عام 2012 عندما كان استعاد مفتاح الكرملين بعد «إجازة» في منصب رئيس الوزراء لمدة أربع سنوات. بعد انتخابه مجدداً للولاية الثالثة في ذلك الحين، كتب بوتين مقالة مطولة نشرتها صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الحكومية، وكان التركيز الأساسي فيها على استراتيجية استعادة القوة العسكرية وإعادة تحويل روسيا إلى دولة عظمى بالمفهوم الحربي. أو بتعبير أدق كما ردد الرئيس، فإن الهدف «استعادة وضع روسيا بين أقوى خمس دول في العالم». شرح الرئيس في مقالته التي سرعان ما تحولت إلى «خريطة طريق» رئيسية لتنفيذ أهدافه، أن «العالم يتغير. وعمليات التحول العالمي الجارية محفوفة بمخاطر ذات طبيعة جديدة، وغالباً ما تكون غير متوقعة. وفي سياق الاضطرابات الاقتصادية العالمية وغيرها من الاضطرابات، هناك دائماً إغراء لحل مشاكلك على حساب أطراف أخرى، من خلال الضغط القوي». هذه المقدمة توصلت سريعاً إلى استنتاج «لا ينبغي أن تكون هناك مثل هذه الاحتمالات ولا يمكن أن نسمح لأي طرف باستغلال نقاط ضعفنا، لهذا السبب لن نتخلى تحت أي ظرف من الظروف عن إمكانات الردع الاستراتيجي وسنقويها». قامت فكرة الرئيس على أن بلاده «لن تكون قادرة على تعزيز مكانتها الدولية، وتطوير الاقتصاد والمؤسسات الديمقراطية، إذا لم نتمكن من حماية روسيا. إذا لم نحسب مخاطر النزاعات المحتملة، وإذا لم نضمن الاستقلال التكنولوجي العسكري ولم نعدّ رداً عسكرياً مناسباً على تحديات معينة». في تلك الفترة، أطلق بوتين برنامجاً ضخماً لتطوير المؤسسة العسكرية الروسية بموازنة أولية بلغت 23 تريليون روبل. هذا الرقم لم يلبث أن تضاعف خلال السنوات اللاحقة. وكان لافتاً أن بوتين في خطته الطموحة وضع كل اعتبارات القوة في المجال العسكري، وحتى عندما تحدث عن التعليم والصحة ركز على القطاعات التي تخدم «الهدف الاستراتيجي» الأعلى، وهو النهوض بالمجمع الصناعي العسكري الروسي. وبالمناسبة، لم تكد تمر سنوات بعد ذلك حتى ظهرت نتائج هذا البرنامج، من خلال تعزيز وضع «الثالوث النووي» الذي يضم حاملات الرؤوس النووية براً وبحراً وجواً، وإنتاج جيل جديد من الصواريخ فرط صوتية التي تمت تجربة بعضها ميدانياً أخيراً في مناورات عدة بينها تدريبات في سوريا والبحر المتوسط. لا شك أن جانباً من شعار «استعادة القوة» ورد الاعتبار لهيبة روسيا التي مرت بسنوات من المهانة بعد انهيار الدولة العظمى، وجد قبولاً لدى فئات واسعة من المجتمع. وحمل نوعاً من التعويض المعنوي والوطني عن سنوات من الذل والمهانة. وهو أمر انعكس في بعض دراسات الرأي العام التي دلت على أن 44 في المائة من المواطنين يثقون بقدرات جيشهم و42 في المائة يثقون بخطوات الرئيس بوتين. لكن في المقابل، بدا من استطلاعات الرأي أن الرهان على القوة لا يدخل على لائحة أولويات غالبية الروس، الذين يفضلون لبلادهم مساراً آخر. فضلاً عن أن غالبية ساحقة من الروس وصلت إلى نسبة 80 في المائة، وفقاً لدراسة أعدها مركز «ليفادا»، لا يبدون اهتماماً كبيراً بالسياسة، ولا يفهمون تماماً أسباب بناء تحالفات مع هذا الطرف أو ذاك، أو الانقلاب على تحالفات في حالات أخرى. وفي حالات كثيرة تبدو تحركات السياسة الروسية في تناقض مع «المزاج الشعبي»، ومثلاً: تواظب الدعاية الرسمية على وصف العلاقة مع الصين بأنها «تحالف استراتيجي» ضد أخطار خارجية مشتركة، بينما تعج وسائل التواصل الاجتماعي الروسي باتهامات للصين بأنها تقضم تدريجياً مناطق الشرق الأقصى، التي غدت مساحات لسيطرة صينية كاملة، لدرجة أن الروس لا يجدون فرص عمل فيها. أيضاً، لم يفهم كثيرون في 2008 سبب الحرب مع جورجيا أو نتائجها، باستثناء نوع من التذمر، لأن روسيا «سيكون عليها» أن تتحمل مسؤوليات اقتصادية عن إقليمين جديدين هما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وفي 2014 بلغت مشاعر العزة الوطنية أوجها عند «استعادة» القرم التي تحظى بمكانة تاريخية خاصة لدى الروس، لكن سرعان ما برزت بعد سنوات أسئلة حول «ماذا جنت البلاد من هذا الضم»؟....... وفي عودة لمفهوم القوة، يبدو التباين شاسعاً في التعامل مع الأولويات المتعلقة بهذا الملف. ووفقاً لنتائج استطلاع واسع أجري في العام الماضي، قال ثلثا الروس إنهم يرغبون في رؤية بلادهم «دولة ذات مستوى معيشي مرتفع، حتى لو لم تكن واحدة من أقوى الدول في العالم». يعد هذا أعلى رقم مسجل منذ عام 2003 في إطار السؤال عن موقف المواطنين من «قوة البلاد» في إطار الاستطلاع نفسه، انخفضت نسبة أولئك الذين يرغبون في رؤية روسيا على أنها «قوة عظمى» تحترمها وتخشاها الدول الأخرى إلى 32 في المائة، وهذا الحد الأدنى منذ انهيار الدولة العظمى في السابق. لا شك أن ذروة مزاج «القوة العظمى» برزت في مارس (آذار) 2014، بالتزامن مع ما يسمى «ربيع القرم» في ذلك الوقت، وفقاً لنتائج دراسة استقصائية عرض فيها علماء الاجتماع الاختيار بين «قوة عظمى محترمة ويخاف منها الآخرون»، أو «دولة عادية ذات مستوى معيشي مرتفع»، أطلق 48 في المائة من الروس على أنفسهم أنصار «القوة العظمى». عموماً تدل دراسات على أنه منذ عام 2015، تزداد تدريجياً نسبة أولئك الذين يريدون رؤية روسيا دولة ذات مستوى معيشي مرتفع، وإن لم تكن الأقوى. وصل هذا الرقم الآن إلى الحد الأقصى في إحدى دراسات «مركز ليفادا» في أغسطس (آب) الماضي، إلى 66 في المائة. حيث وجدت الدراسة أن «الناس أصبحوا أقل استعداداً للتضحية برفاههم الداخلي من أجل السياسة الخارجية». اللافت أنه إلى جانب الرغبة في مستوى معيشة مرتفع، يميل الرأي العام الروسي بشكل ملحوظ نحو الاقتصاد المخطط. وهذا مفهوم في مقابل المعاناة من الفساد وتراكم الثورات في أيدي فئات محدودة. لكن الاستقرار المجتمعي والمعيشي مضمون للجميع. المثير أن الخبراء لا يرون تناقضاً بين الحنين إلى الدولة السوفياتية وتفضيل الرفاهية المعيشية على القوة العسكرية. وقال أحد علماء الاجتماع لصحيفة روسية قبل شهور، إن الروس عموماً لا يرون قدرة على توحيد مفهومي القوة العظمى والمستوى المعيشي الجيد، وهما «خطان متوازيان لا يتقاطعان» و«ليس ممكناً هنا تكرار تخيل المواطن الروسي عن الولايات المتحدة». وزاد أنه لذلك، فإن بعض فئات المجتمع باتت تنكر فكرة القوة وترفضها، بينما تنطلق فئات أخرى من أن «المواطن يفضل تحسين الوضع المعيشي، لكن إذا كنا نتحدث عن أن البلد لم ينجح في السياسة الداخلية، فلا يوجد ما يدعو للفخر من حيث الرفاهية والرعاية الشخصية، يبقى أن نفخر بعظمة البلاد. نعم، نحن فقراء، لكننا قوة عظمى».

مناورات «الردع الاستراتيجي» الروسية تفاقم التوتر... وكييف تلوّح بالعودة إلى «النادي النووي»

تواصل عمليات الإجلاء في شرق أوكرانيا وتبادل اتهامات بالتصعيد

الشرق الاوسط... روستوف: رائد جبر... فاقمت مناورات «الردع الاستراتيجي» التي أجرتها موسكو أمس، بإشراف الرئيس فلاديمير بوتين من تعقيد الوضع حول أوكرانيا بعدما قال مسؤولون في كييف إن موسكو هدفت إلى توجيه رسائل إلى الغرب والتلويح بقدراتها النووية. ومع اتجاه الأنظار إلى الوضع الميداني وتواصل عمليات إجلاء المدنيين، من مناطق في إقليمي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا، تبادلت كييف اتهامات مع الانفصاليين في الإقليميين بتصعيد الوضع عسكرياً مع بروز معطيات عن تزايد عمليات القصف على طرفي خطوط التماس. وأطلقت روسيا المناورات التي تعد الأوسع أمس، بإشراف بوتين الذي تابع مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو سير التدريبات من غرفة مراقبة خاصة في الكرملين. وأكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن التدريبات شملت محاكاة استخدام أسلحة نووية. وخاطب شويغو الرئيس الروسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال التدريبات مشيراً إلى أنه «يجري اختبار عمليات التحكم بالأسلحة النووية والأسلحة ذات الخطورة المحتملة المتزايدة، ضمن إطار غرفة عمليات موحدة». وأصدر الكرملين في وقت لاحق بياناً أفاد فيه بأن التدريبات شملت إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة من طرازات «كينجال» و«كاليبر» و«إسكندر» و«يارس» و«سينيفا». ولفت الديوان الرئاسي إلى أن التدريبات جرت وفقاً لخطط معدة مسبقاً بهدف اختبار جاهزية آليات التحكم والتوجيه والإدارة العسكرية وطواقم الإطلاق والسفن والغواصات، بالإضافة إلى التأكد من موثوقية الأسلحة بحوزة القوات الاستراتيجية النووية والتقليدية في الجيش الروسي. وشاركت في المناورات وحدات القوات الجوفضائية وقوات المنطقة العسكرية الجنوبية والقوات الاستراتيجية الروسية وأسطولي البحرين الشمالي والأسود في الجيش الروسي. وتم خلالها إطلاق صواريخ عابرة للقارات ومجنحة نحو أهداف في أقصى الشرق الروسي وفي جنوب البلاد، وإطلاق سفن وغواصات تابعة لأسطولي البحرين الشمالي والأسود صواريخ مجنحة من طراز «كاليبر» وصاروخ فرط الصوتي من طراز «تسيركون» على أهداف بحرية وبرية. إضافة إلى إطلاق صاروخ مجنح من طراز «إسكندر» في معسكر كابوستين يار في مقاطعة أستراخان جنوب روسيا. وأعلن الكرملين تحقيق «كل الأهداف» الموضوعة للتدريبات، لافتاً إلى أن جميع الصواريخ ضربت أهدافها بدقة. وأثارت المناورات قلقاً أوكرانياً بسبب تزامنها مع تفاقم التوتر في المناطق الحدودية، ورأت كييف أن موسكو هدفت من خلال توقيت إجراء المناورات إلى توجيه رسالة إلى الغرب بحجم قدراتها النووية الرادعة، وأنها لن تتورع عن استخدام الوسائل العسكرية لتسوية الأزمات السياسية. في الوقت ذاته لوحت كييف بفكرة العودة إلى «النادي النووي» وقال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إنه سيبدأ مفاوضات بين المشاركين في مذكرة بودابست حول ضمانات الأمن. في إشارة إلى المذكرة التي تخلت بموجبها أوكرانيا في العام 2004 عن ترسانتها النووية وأعلنت اعتمادها عسكرياً بشكل كامل على القدرات التقليدية. ولفت زيلينسكي إلى أنه سوف يبدأ «مشاورات في إطار مذكرة بودابست. وقد أصدرت تعليمات لوزير الخارجية بدعوة الأطراف إلى الانعقاد»، مشيراً إلى أن كييف حصلت بموجب المذكرة على ضمانات دولية بحماية أمنها ووحدة أراضيها وأن روسيا طرف في هذه الضمانات. وزاد: «حالياً لا توجد ضمانات أمنية لبلدنا، لذلك فإن أوكرانيا لديها كل الحق في الاعتقاد بأن مذكرة بودابست لا تعمل، وسيتم التشكيك في جميع قرارات المجموعة لعام 1994». في غضون ذلك، تواصلت عمليات إجلاء المدنيين من إقليمي لوغانسك ودونيتسك وسط تزايد المعطيات عن تصاعد حدة تبادل القصف بين القوات الحكومية الأوكرانية والانفصاليين في المنطقتين. وبرغم أن كييف نفت صحة أنباء قدمها الانفصاليون حول قيامها بقصف أهداف داخل لوغانسك ودونيتسك، لكنها في الوقت ذاته اتهمت القوات في الإقليمين بتنفيذ «هجمات استفزازية باستخدام قذائف وصواريخ» وأعلنت في وقت لاحق أمس، عن مقتل جندي أوكراني قرب خطوط التماس بسبب عمليات القصف. في المقابل، قال مسؤولون عسكريون في دونيتسك: «قوات الأمن الأوكرانية قصفت قرى على خطوط التماس للمرة الخامسة خلال الليل، وأطلقت 20 قذيفة من عيار 82 ملم». ووفقاً لمعطياتهم فقد تعرضت محطة لضخ المياه في دونيتسك لأضرار نتيجة القصف. وحذرت سلطات دونيتسك من خطر انقطاع إمدادات المياه عن 40 نقطة سكانية. في الأثناء، تواصل إجلاء المدنيين نحو الأراضي الروسية، وأبلغت «الشرق الأوسط» مصادر على النقطة الحدودية مع دونيتسك أن نحو 80 أتوبيساً عبرت الحدود خلال ليلة السبت، وزادت أن العدد الإجمالي لمن تم إجلاؤهم بلغ نحو 7 آلاف نسمة نصفهم من الأطفال. وبات معلوماً أن السلطات الانفصالية تقوم بإجلاء عائلات العسكريين ودور الأيتام ومراكز رعاية الأطفال. وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنه سيتم توزيع اللاجئين من دونباس في سبع مناطق في روسيا منوهة بأن 26 منطقة في روسيا مستعدة لاستقبال اللاجئين من دونباس بسبب التصعيد في شرق أوكرانيا. وأعلنت السلطات الروسية عن فرض حالة الطوارئ في منطقة روستوف بسبب توقعات بزيادة معدلات تدفق اللاجئين. في حين أعلنت وزارة الطوارئ في دونيتسك، أنها تخطط لإجلاء نحو 700 ألف من السكان إلى روسيا، علماً بأن عدد سكان دونيتسك يناهز مليون نسمة في حين أن عدد سكان لوغانسك يصل إلى 400 ألف نسمة. لكن اللافت أنه برغم تأكيد قيادتي الإقليمين على توسيع عمليات الإجلاء لكن الوضع في المنطقة الحدودية أمس، كان هادئاً نسبياً، ولم تظهر طوابير طويلة من اللاجئين أو ارتباك في عمليات دخول نحو 80 أتوبيساً من المنطقة الحدودية. وكانت موسكو قد أعلنت عن تخصيص مبلغ 10 آلاف روبل (150 دولاراً) لكل شخص يعبر الحدود من شرق أوكرانيا، وتعهدت وزارة الطوارئ بتأمين الرعاية والسكن للقادمين. في الأثناء، أعلن مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أنهم لاحظوا «زيادة كبيرة في انتهاكات وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا، حيث يتواجه انفصاليون موالون لروسيا مع القوات الأوكرانية منذ 2014». وأشارت المنظمة في بيان إلى أن مراقبيها «لاحظوا زيادة كبيرة» في الأعمال المسلحة على طول خط الجبهة، مضيفة أن «هناك حالياً عدداً من الحوادث يعادل عدد تلك التي وقعت قبل الاتفاقية التي تم توقيعها في يوليو (تموز) 2020 لتعزيز وقف إطلاق النار». وقال المراقبون إنهم أبلغوا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن «222 انتهاكاً لوقف إطلاق النار يوم الخميس على خط الجبهة في منطقة دونيتسك التي يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا، بما فيها 135 انفجاراً، مقابل 189 الأربعاء و24 الثلاثاء». أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنه سيتم توزيع اللاجئين من دونباس في 7 مناطق في روسيا على ضوء التصعيد في شرق أوكرانيا وتدفق المزيد من اللاجئين.

التقارب الروسي - الصيني يُقلق الغرب

الراي... حذّرت الدول الغربية، أمس، من أنّ التقارب الاستراتيجي الحاصل بين روسيا والصين التي تدعم موقف الكرملين في ملف أوكرانيا، يقوّض «قواعد النظام الدولي»، وسط تخوّف غربي من سعي موسكو وبكين إلى «فرض نموذجيهما الاستبداديين». فخلال لقاء عقداه في مطلع فبراير، أعلن الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ إطلاق «حقبة جديدة» من العلاقات الدولية، ويبدو أنّ الرسالة وصلت إلى الأوروبيين والأميركيين. وأمس، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال مؤتمر ميونيخ للأمن إن «المخاوف الأمنية المنطقية» لروسيا «يجب أن تؤخذ على محمل الجد» على غرار مخاوف بقية أفرقاء هذه الأزمة. وحذّرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين في المؤتمر الأمني الذي افتتح الجمعة ويستمرّ حتى اليوم، من أنّ روسيا والصين «تسعيان إلى تغيير القواعد الدولية القائمة». وأشارت إلى تفضيل موسكو وبكين «قانون الأقوى» على سيادة القانون و«الترهيب» على «تقرير المصير»، و«الإكراه» على «التعاون». وكان بوتين وشي أكدا عقب لقائهما في بكين في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، على متانة العلاقات بين بلديهما، في وقت قاطع فيه غالبية القادة الدوليين حفل الافتتاح. وقد شكّل اللقاء مؤشرا على تعاون جديد بين موسكو وبكين في مواجهة حلف شمال الأطلسي. وذهب شي أبعد من ذلك بوقوفه إلى جانب موسكو وإعلانه «معارضة توسيع حلف شمال الأطلسي»، مؤيدا في ذلك المطلب الأساسي لموسكو في المواجهة الدائرة بينها وبين الأوروبيين والأميركيين حول أوكرانيا. وفي ميونيخ، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنرغ إنّه «للمرة الأولى تنضمّ بكين إلى موسكو في المطالبة بالامتناع عن ضمّ أعضاء جدد» في التحالف. وتابع «إنها محاولة للتحكم بمصير أمم حرة ولإعادة كتابة الأنظمة الدولية وفرض نموذجي حكمهما الاستبداديين». وفي حين يتّهم القادة الغربيون موسكو بالسعي إلى غزو أوكرانيا، شدّدت رئيسة المفوضية الأوروبية على أن التصعيد الحاصل في الأسابيع الأخيرة قد يؤدي إلى «إعادة كتابة قواعد النظام العالمي». وفي مؤشّر يدلّ على هذا الشرخ في التوجّه الاستراتيجي، لم توفد روسيا أي ممثل عنها للمشاركة في مؤتمر ميونخ للأمن خلافاً لما درجت عليه في السنوات الأخيرة. وفي مداخلته عبر الفيديو، وجّه وزير الخارجية الصيني تحذيراً مبطّناً إلى حلف شمال الأطلسي. وقال إن «أمن منطقة ما لا يمكن تحقيقه بتعزيز التكتلات العسكرية». وترى الصين في دفاع الغربيين عن تايوان، التدخل السياسي نفسه الذي تتّهم موسكو الاتحاد الأوروبي به في أوكرانيا. وقال ستولتنبرغ الذي غالباً ما يستعيد شبح الحرب الباردة في توصيفه للأزمة القائمة حول أوكرانيا، «تحاول موسكو دحر التاريخ وإعادة بناء مجال نفوذها». وحذّر المستشار الألماني أولاف شولتس من قراءة التطورات من منظار ثنائية الأقطاب، مشدداً على أنّ العالم تغيّر منذ العام 1989 ولم يعد مقسوماً بين معسكر شيوعي ودول رأسمالية. وقال «لم تعد هناك إلا دول رأسمالية في الكوكب، باستثناء كوريا الشمالية (...). الاختلاف بين الدول يقوم حاليا حول النهج الاستبدادي، حول طريقة حكم بلداننا، حول النهج الديموقراطي».

«حرب بلا رصاص»... بوتين يضعف الاقتصاد الأوكراني؟

الراي.... هزت مخاوف الحرب، الاقتصاد الأوكراني بقطاعاته المختلفة، من عقارات وشركات وموانئ حيوية، وذلك منذ أن بدأت روسيا نشر قواتها على طول الحدود، في نوفمبر الماضي. يقول بافلو كاليوك، سمسار عقارات في كييف، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إنه سرعان ما ندرت الصفقات منذ ذلك الحين، بعدما اعتاد بيع وتأجير العقارات لعملاء من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسرائيل. ويضيف كاليوك (34 عاماً) ان سوق العقارات في كييف متوقف حالياً «لأننا لسنا متأكدين مما سيحدث غداً». تقدر الولايات المتحدة أن 190 ألف جندي روسي وانفصاليين مدعومين من موسكو يحاصرون أوكرانيا، بينما يحذر الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة غربيون آخرون من احتمال حدوث غزو أو هجوم في أي يوم، ما قد يؤدي لعشرات الآلاف من الجرحى والقتلى. ومن دون الإعلان الصريح عن الحرب أو اتخاذ إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى فرض عقوبات قاسية وعد بها الغرب، كتبت «نيويورك تايمز»، ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «نجح مرة أخرى في زعزعة استقرار أوكرانيا وتوضيح أن روسيا يمكن أن تدمر اقتصادها». فقد أدى الإجلاء المعلن الأسبوع الماضي لمواطنين أميركيين وبريطانيين وكنديين إلى حال من الذعر. وأوقف العديد من شركات الطيران الدولية الرحلات الجوية إلى أوكرانيا. وكشفت التدريبات البحرية الروسية في البحر الأسود، ضعف موانئ أوكرانيا الحيوية للشحن التجاري. وبالنسبة للعقارات، يتابع كاليوك: «الطلب يقل يومياً». يقول بافلو كوكتا، مستشار وزير الطاقة الأوكراني، إن القلق الذي ينتشر في كييف هو بالضبط ما يأمل بوتين في تحقيقه. ويضيف: «ما يريدون القيام به هو ما يعادل الفوز في الحرب من دون إطلاق رصاصة واحدة، من خلال التسبب في حالة من الذعر الشديد هنا». وقدرت مؤسسة تيموفي ميلوفانوف، رئيس جامعة كييف للاقتصاد والوزير السابق للتنمية الاقتصادية، أن الأزمة الحالية كلفت أوكرانيا بالفعل «مليارات من الدولارات»، في الأسابيع القليلة الماضية فقط. أما الحرب أو الحصار الطويل، فلن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع. وتابع «إما أن يحدث غزو أو يتأذى اقتصادك». تضيف «نيويورك تايمز»، ان الضربة الرئيسية الأولى وقعت الاثنين الماضي، عندما أعلنت شركتا طيران أوكرانيتان انهما غير قادرتين على الحصول على تأمين لرحلاتهما، ما أجبر الحكومة على تخصيص ما يعادل 592 مليون دولار لضمان استمرار الرحلات عبر المجال الجوي. وفي 11 فبراير، حذرت شركات التأمين التي تتخذ من لندن مقراً لها، شركات الطيران من أنها لن تكون قادرة على تأمين الرحلات الجوية إلى أوكرانيا أو تلك التي تحلق فوق مجالها الجوي. وأعلنت شركة الطيران الهولندية «كيه.إل.إم»، الشريكة في شركة «إير فرانس كيه.إل.إم»، انها ستوقف خدماتها في أوكرانيا، كما تبحث شركة «لوفتهانزا» الألمانية، تعليق رحلاتها. وكان ثلثا الركاب، البالغ عددهم 298، الذين لقوا حتفهم عندما أُسقطت طائرة للخطوط الجوية الماليزية شرق أوكرانيا عام 2014 أثناء توجهها من أمستردام إلى كوالالمبور، هولنديين.

(تحليل إخباري): الحرب الباردة الثانية: أوكرانيا بدلاً من برلين؟

الشرق الاوسط... حسام عيتاني.. هل تبدأ من أوكرانيا الحرب الباردة الثانية؟ بكلمات ثانية، هل تؤسس الأمة الحالية لانقسام عالمي جديد تمتد الصراعات التي يُطلقها من ميادين الجيو - سياسة إلى الاقتصاد والثقافة والآيديولوجيا على غرار الحرب الباردة الأولى؟... مسار الأحداث واستعصاء الوصول إلى حلول وسط يعطيان الانطباع أن أوكرانيا سواء تعرضت لغزو روسي أو أفلحت الجهود الدبلوماسية في إثناء الكرملين عن الإقدام على هذه المغامرة، فإن هذا البلد سيكون ساحة مواجهة كبيرة بين طرفي الحرب الباردة التي ترتسم معالمها. شيء شبيه بما حدث في برلين سنة 1948 عندما فرضت القوات السوفياتية حصارها على المدينة، أو عندما بني الجدار الفاصل بين برلين الشرقية والغربية في 1961، وفي كوبا أثناء أزمة الصواريخ في 1962. حددت برلين وكوبا الحدود القصوى التي يمكن أن يصل إليها طرفا الصراع وأرستا تفاهمات يكون كل تجاوز لها بداية لحرب نووية شاملة. ثم انصرف الجانبان إلى استخدام ساحات كوريا وفيتنام والشرق الأوسط كميادين قتال جانبية لتنفيس الاحتقان الدولي. أضيف سباق التسلح والمباراة الآيديولوجية والنمو الاقتصادي إلى المنافسة العالمية التي انتهت بسقوط أحد أبرز رموز الحرب الباردة، جدار برلين في 1989. من هذا المنظار، يتعين تناول الموقف الروسي المُطالب بضمانات أمنية تؤدي في حال تقديمها إلى تغيير البنية السياسية لحلف شمال الأطلسي. لكن هل تملك موسكو الأدوات الكفيلة بفرض مراجعة لنتائج الحرب الباردة الأولى قبل أن تدشن حرباً ثانية؟ يعمل الرئيس فلاديمير بوتين منذ سنوات على تحصيل موقع استراتيجي لبلاده مستنداً إلى قراءة تقول إن الغرب دخل مرحلة الانحطاط وإنه غير قادر على رد التحديات الكبرى التي تمثلها ظواهر مثل صعود الصين أو الأزمة البنيوية للرأسمالية الغربية وما تجلبه من تفاوت اجتماعي وصراعات داخلية ومنها قضايا اللاجئين والمهاجرين. في المقابل، تعفو القراءة هذه عن إدراج المثال العالمي البديل ضمن ما يجب أن يتوفر في ترسانة الأسلحة الرمزية التي سيتوجب على بوتين وحلفائه تقديمها، على غرار الآيديولوجيا الاشتراكية والماركسية التي شكلت دافعاً لتأييد شعوب وشرائح اجتماعية كبيرة للمشروع السوفياتي، على الأقل بين عشرينات وخمسينات القرن الماضي، قبل أن يتبدد وهجه. وقد لا يصعب على روسيا القول إن نموذجها العالمي جاهز خلافاً لما يدعيه خصومها. ويتلخص في الدولة القوية التي يقرر مواطنوها شكل الحكم فيها في معزل عن الإملاءات الغربية والنماذج الجاهزة والمعدة مسبقاً التي يروج لها أنصار المنظمات غير الحكومية. لا شك أن خطاباً كهذا سيلقى آذاناً مصغية في عدد لا يستهان به من الدول، في أوروبا وخارجها. وما استقباله لأحد أبرز شخصيات هذا النوع من الكلام، الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، الذي يعتبر من صقور اليمين الشعبوي في أميركا اللاتينية، وفي ذروة الاستعدادات العسكرية حول أوكرانيا، سوى إشارة إلى أن مؤيدي التحرر من الوصاية الغربية على السياسات الداخلية للدول، ليسوا نادرين. من جهته، يريد الغرب الظهور بمظهر القوة الموحدة القادرة على صد محاولة إسقاط الأمر الواقع الذي أرساه بانتصاره في الحرب الباردة. المتحدثون في «مؤتمر ميونيخ للأمن» في اليومين الماضيين، شددوا على رفض الذرائع الروسية واتهموا بوتين بافتعال الأزمة الحالية وبالمسؤولية عن أجواء التشنج التي تشهدها أوروبا منذ 2014 عندما غزت قواته شبه جزيرة القرم مستعيدة لغة التهديد والتهويل المسلح كأداة للتخاطب في القارة. السؤال الأصعب في المعطى الحالي هو ذاك المتعلق بالصين. فإذا كانت بكين تؤيد علناً وضمناً كل خطوات بوتين في مواجهة الغرب في المسألة الأوكرانية، فإن انخراطها في حرب باردة ضد الغرب يبدو موضع شك عميق. الاقتصاد الصيني أكثر تشابكاً وتداخلاً مع الغرب والعالم عموماً من نظيره الروسي بما لا يقاس. وحجم الأضرار التي قد تلحق به جراء صدام سياسي واقتصادي مفتوح أكبر مما سيلحق بروسيا. عليه، ستختلف الحسابات الصينية رغم أن المشروع الصيني على المستويين الآسيوي والعالمي ليس بعيداً جداً عن طموحات بوتين، على ما بات معروفاً. يضاف إلى ذلك أن المساندة الدبلوماسية التي توفرها بكين لموسكو، لم تُختَبر بعد في ظروف صراع قاسٍ مع الغرب. «العقوبات غير المسبوقة» التي يلوح المسؤولون الأميركيون بإنزالها بروسيا، مُصمَّمة لعزل الأخيرة عن الساحة الدولية، بيد أن هذا هو التصور النظري. يراهن الروس والصينيون على أن حلفاً عالمياً سيتشكل في حال مضي الغرب بنهج العقوبات الاقتصادية، وأن العديد من الدول من بينها الأعضاء في منظمة «بريكس» ستتقدم لإبداء المزيد من التعاضد فيما بينها. وسيمهد ذلك لمرحلة من الانقسام والصراعات العالمية قد لا تنتهي على النحو الذي انتهت إليه الحرب الباردة الأولى.

زوجان أميركيان يعترفان بمحاولة بيع أسرار غواصات نووية لـ«دولة أجنبية»

الشرق الاوسط... واشنطن: إيلي يوسف... اعترف زوجان أميركيان بأنهما كانا يخططان لبيع أسرار عن الغواصات النووية الأميركية لدولة أجنبية، في قضية تجسس رفيعة المستوى، قد تعرضهما للسجن لفترات تتراوح بين 3 سنوات ومدى الحياة. واعترف جوناثان توبي المهندس في البحرية الأميركية وزوجته ديانا توبي، بأنهما حاولا بيع تلك الأسرار إلى «دولة أجنبية»، لم يكشف عن اسمها. وكان الزوجان قد اعتقلا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعدما كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) القبض عليهما، إثر تحقيق كبير استمر لأشهر. وكان جوناثان قد مثل يوم الاثنين أمام محكمة فيدرالية في ولاية فيرجينيا، حيث أقر بذنبه، ما قد يعرضه لعقوبة السجن لأكثر من 17 عاماً. في حين مثلت زوجته الجمعة أمام المحكمة نفسها، واعترفت بأنها «انضمت عن قصد وطواعية إلى مؤامرة مع زوجي»، واتخذت إجراءات لمساعدته، بما في ذلك «العمل كحارس بينما كان زوجي يعد البيانات المقيدة». وهو ما قد يعرضها لعقوبة تصل إلى 3 سنوات. وأقرت ديانا بأنها علمت في صيف عام 2021 بخطة زوجها لبيع أسرار لحكومة أجنبية. ويعيش الزوجان في مدينة أنابوليس بولاية ميريلاند القريبة من واشنطن مع طفليهما. وعمل جوناثان في البحرية، بينما كانت ديانا معلمة في مدرسة خاصة، ويصفها طلابها بأنها معلمة علوم إنسانية دقيقة لا تخجل من مشاركة سياساتها الليبرالية. وبحكم عمله، حصل جوناثان على «تصريح أمني» سري للغاية وكان عضواً في فريق عمل في البحرية الأميركية يعمل على مشاريع تقدر بمليارات الدولارات، لبناء غواصات بقدرات نووية، من نوع «فيرجينيا» التي وقعت الولايات المتحدة الصيف الماضي، صفقة مشتركة مع بريطانيا لتزويد أستراليا بها. وبحسب أوراق الدعوى، فقد عمل جوناثان وزوجته منذ ما يقرب من عامين، على التواصل مع «دولة أجنبية» غير محددة، وعرضا بيع أسرار حول أنظمة الدفع النووية لتلك الغواصات. غير أن تلك «الدولة» قررت بدلاً من ذلك، تسليم المعلومات إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي فتح تحقيقاً واسعاً بالعملية. وقام جوناثان بإعداد عرض تضمن عينة صغيرة من المعلومات التي يمتلكها، قائلاً في رسالة إلى تلك الدولة: «إذا لم تتصلوا بي بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، فسأعتبر أنكم غير مهتمين وسأتواصل مع مشترين محتملين آخرين». واحتفظت تلك «الدولة» التي لم يكشف عن اسمها بالملفات التي أرسلها جوناثان، لمدة تسعة أشهر تقريباً، ثم سلمتها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل أقل من أسبوعين من الموعد النهائي الذي حدده لقبول عرضه. غير أن الواقع أظهر أن «الدولة الأجنبية» لم تكن سوى عميل سري لمكتب التحقيقات الفيدرالي، قام بالتواصل معه وقدم له أموالاً بالعملة الإلكترونية المشفرة، بعدما رتب «إرسال إشارة» إلى توبي من سفارة الدولة الأجنبية في واشنطن. ولم تصف أوراق المحكمة، كيف تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي من ترتيب مثل هذه الإشارة. وتشير أوراق المحكمة إلى أن جوناثان كان قد عمل في البحرية لما يقرب من عقد من الزمان في مجال الدفع النووي للغواصات. وفي مراسلاته مع تلك «الدولة»، ادعى جوناثان أنه أمضى سنوات في صياغة خطته «للتجسس المأجور». وزعم أنه قدم آلاف الصفحات من الوثائق، وأن طموحاته التجسسية كانت تتراكم منذ سنوات. وقال: «لقد جمعت المعلومات ببطء وعناية على مدى عدة سنوات في المسار الطبيعي لعملي لتجنب جذب الانتباه وتهريب نقاط التفتيش الأمنية السابقة عبر تهريب بضع صفحات في كل مرة». كما كتب، مضيفاً «أنه لم تعد لديه إمكانية الوصول إلى البيانات السرية، ولكن يمكن أن يجيب عن أي أسئلة فنية قد تكون لدى الدولة الأجنبية». وبحسب التحقيقات لاحظ عملاء «إف بي آي»، أن جوناثان كان يترك معلومات بالقرب من مكان للتنزه، حيث كانت زوجته تراقب المتنزهين. وبعد اعتقال الزوجين وافق جوناثان على مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي في تحديد موقع أي بيانات مقيدة ومصنفة قد لا تزال بحوزتهما، والمساعدة على استرداد ما قيمته 100 ألف دولار من العملة المشفرة التي أرسلها، العميل السري إليهما.

 



السابق

أخبار مصر وإفريقيا.. مصر لتنفيذ مشروعات تعاون مع دول حوض النيل..الأزهر: مُعجزة الإسراء والمعراج من المُسلّمات التي لا يُقبل الخوض فيها مُطلقاً....إثيوبيا تبدأ إنتاج كهرباء «النهضة» ومصر تتجاهل الاستفزازات.. المقاومة السودانية تؤجل إعلان «ميثاق سلطة الشعب».. باشاغا شدد على «إنهاء الانقسام والدفع بالمصالحة» في ليبيا..ابن كيران يرفض تحديد موعد لمؤتمر «العدالة والتنمية» المغربي.. البرلمان العربي يدعو لوقف التدخلات الأجنبية في دول المنطقة..

التالي

أخبار لبنان.. إسرائيل تخترق مخازن «حزب الله» وتترك رسائل في داخلها..علاقة فرنسا - «حزب الله» تحطّ على رصيف حاويات مرفأ بيروت... القضاء المنقسم ينتظر قانون استقلاليته.. وغضب أهالي شهداء المرفأ مرشّح للتصعيد... برّي يترقب نهاية "جائحة" العهد..إيران تدعو إلى دعم دولي لاستقرار لبنان دون تدخل في سياساته...صفي الدين: سنبني «لبنان الجديد»... ونكنِس الأميركيين وأزلامهم...مصارف لبنان تقفل عشرات الفروع..زعامات المناطق اللبنانية يلتحقون بقوائم الأحزاب.. «الكتائب اللبنانية» يطلق ماكينته الانتخابية... جعجع: نخوض معركة إنقاذ لبنان..مصير الانتخابات بين السنّة!.. مرضى السرطان في لبنان يموتون في منازلهم..اسرائيل ترغب: يخسر أصدقاء حزب الله المسيحيون ويربح أصدقاؤنا..


أخبار متعلّقة

أخبار وتقارير..دولية..بايدن يدرس طلب تمويل حجمه 100 مليار دولار يشمل مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا..الرئيس الفرنسي: «الإرهاب الإسلامي» يتصاعد في أوروبا ..واشنطن تنقل صواريخ «أتاكمز» وذخائر عنقودية «سراً» إلى أوكرانيا..بايدن سيطرح «أسئلة صعبة» على نتنياهو..ويأمر بجمع معلومات حول مذبحة المستشفى..بولندا: تأكيد فوز المعارضة رسمياً في الانتخابات..تحالف بوتين وشي يعكس مصالح مشتركة..لكن المؤشرات تدل على تعثره..مع اقتراب الانتخابات الرئاسية..الكرملين: بوتين وحده لا منافس له..أرمينيا مستعدة لتوقيع معاهدة سلام مع أذربيجان بنهاية العام..

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,141,753

عدد الزوار: 6,936,613

المتواجدون الآن: 96