كوشبان تحدث عن تجاوز الانقسامات والصايغ أكد أن لبنان ليس بلداً حائراً

مؤتمر كارنيغي عن التجربتين السويسرية واللبنانية..تنال مسائل التنوّع وإدارة الأزمات والعامل الخارجي

تاريخ الإضافة السبت 15 أيار 2010 - 6:28 ص    عدد الزيارات 3332    التعليقات 0    القسم محلية

        


\"\"
السفير باراس متحدثا في مؤتمر كارنيغي امس وبدا من اليمين الصايغ، سالم، كوشبان، جابر. (حسن عسل)
أقام مركز كارنيغي للشرق الاوسط في بيروت امس مؤتمراً بالتعاون مع السفارة السويسرية في لبنان حول موضوع "ادارة التعددية – الخبرات السويسرية والتجربة اللبنانية" في فندق مونرو في حضور عدد من المهتمين من الاكاديميين والسياسيين. مثل رئيس الجمهورية في المؤتمر وزير الاعلام طارق متري وحضره عدد من السفراء الاوروبيين والنواب في حين كانت كلمة رئيسية فيه للرئيس السابق للاتحاد السويسري فرنسوا كوشبان قبل ان يغادر لبنان ظهر امس الى بلاده. المؤتمر بدأ في التاسعة صباحا واستمر حتى الرابعة بعد الظهر وتوزع على اربع جلسات رئيسية توزع فيها ثلاثة خبراء سويسريين قدموا للتجربة السويسرية من زوايا عدة في مجال التعددية السياسية والنظام السياسي الى جانب مشاركين لبنانيين اضاءوا على التجربة اللبنانية من منظاري المقارنة مع التجربة السويسرية ومدى صحتها وطبيعة التجربة اللبنانية بالذات.
قبل الجلسة الاولى تحدث كل من السفير السويسري في لبنان فرنسوا باراس الذي اشار الى مجموعة النشاطات التي اضطلعت بها السفارة السويسرية بين عامي 2007 و2008 بالتعاون مع الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية واللتين نظمتا مجموعة من المحاضرات حول النظام السياسي في سويسرا ساهمت في الاضاءة على مجموعة مفاهيم يستند اليها النظام السويسري كالتعايش بين مختلف الطوائف والاثنيات وادارة السلطة على المستويين المحلي الضيق والوطني العام الى جانب التسويات والسياسة الدفاعية المتصلة بالحياد السويسري.كما اشار الى ما نظمته السفارة العام الماضي بالتعاون مع مركز عصام فارس للدراسات حول السياسة الدفاعية موضحا ان المؤتمر الحالي بالتعاون مع مركز كارنيغي لا يتصل باقتراح اي نموذج بل مشاركة تجربة. وقال باراس "انا في لبنان منذ اربعة اعوام واسمع دوما ان لبنان هو سويسرا الشرق. ما اود قوله ان المنبع الاساسي لدى كل من سويسرا ولبنان هو الشعب. ومع ان كثرا كتبوا حول النظام السويسري فان كثرا ايضا لا يعلمون كيف يعمل هذا النظام".
وتحدث مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط بول سالم فقال ان لدى لبنان تعددية كبيرة لادارتها وقد اضعنا الكثير في الطريق في حين نظر الينا البعض كنموذج لا يجب التشبه به. نحن لسنا سويسرا الشرق. ففي سويسرا وحدة مع التعدد ووفاق مع التنوع ودولة قوية مع لامركزية سياسية. حاولنا ان نتعلم من التجربة السويسرية لكن لا يمكن تبني نظام اخر انما يمكن الافادة منه وفي لبنان لدينا تجربة في ادارة التنوع ايام العثمانيين وفي العام 1943 واتفاق الطائف واتفاق الدوحة".

 

كوشبان

الرئيس السابق للاتحاد السويسري كوشبان تحدث في الجلسة الاولى التي ادارها بول سالم وكانت بعنوان "ادارة التعددية في سويسرا" وشاركه في النقاش كل من مستشار رئيس الحكومة الدكتور داود الصايغ والنائب ياسين جابر. كوشبان قال "ان العنف موجود في حياتنا اليومية مشيرا الى انقسامات عرفتها سويسرا على مستويات ثلاثة هي الدين والانقسام الاجتماعي (فقراء واغنياء) والانقسام اللغوي والثقافي معتبرا ان الانقسام الديني هو الاعمق والاكثر تشددا على ان سويسرا تسعى الى مقاربة اي موضوع من منطلق انساني بحت وليس من منطلق ديني في اي قضية تهم المسيحيين او تهم المجموعات المسلمة معطيا امثلة على ذلك. كما تحدث عن التطور الذي شهدته سويسرا في مجال تجاوز الانقسامات الاخرى مشيرا الى "ان التطور حصل ببطء وتاليا لم ننجز عجائب بل بتنا نرتكب اخطاء اقل. وتحدث النائب جابرعن اثر الحروب في المنطقة في نشوء الحرب في لبنان معتبرا ان تضامن الشعب اللبناني اليوم افضل من السابق ولا يزال لبنان يبحث عن السبيل الافضل لتقوية النظام وفرض سلطة الدولة وفرض احترامها معربا عن امله ان نصل يوما الى وضع افضل مما نحن عليه.

 

الصايغ

الدكتور داود الصايغ تناول صيغة التنوع اللبناني وقال: "لبنان في ثوابته القائمة على عناصر طبيعة تكوينه البشري كان ولا يزال يطمح لأن يحافظ الاقربون والابعدون على صيغته تلك، التي فيها مصلحة للجميع وليس على تفجيرها (...) ان لبنان يعرف ذاته جيدا. فهو ليس وطنا حائرا، وان تصرف بعض الآخرين كأنهم حائرون به. فهو لم ينشأ بالصدفة، ولا هو كيان مصطنع، ولا هو جزء من أي كيان آخر او من عقيدة أحد، لا بل انه وصل الى استقلاله بصورة طبيعية، بعد مراحل من الحكم الذاتي، في وقت كانت فيه المناطق العربية الاخرى خاضعة لنظام الولاية العثمانية.
لعل بعض الاصدقاء الحاضرين هنا من الدول الاجنبية الصديقة يتعجبون كيف يذكر في دستور دولة ما بأن الوطن الذي نرعاه هو نهائي ولجميع أبنائه، لأن ذلك يمكن ان يفسر بأن نهائية الكيان لم تكن محسومة قبل ذلك. فالدستور المعدل أتى على ذكر ذلك، بعد سنوات الحرب التي حفلت بشتى أنواع الطروحات لتحسم مواضيع التقسيم والتجزئة والفيديرالية، ولتتقدم القناعة بالدولة الواحدة في الوطن الواحد. وبما انه نتيجة لذلك لا يمكن لبنان ان يكون جزءا من أي اتحاد او وحدة، فلا يمكنه بالتالي سوى ان يكون نهائيا.
ورأى ان "الطائفية التي يطالب البعض اليوم بالغاء الجانب السياسي منها، أي في ما يعود الى التمثيل داخل مؤسسات الدولة، وفق ما نصت عليه المادة 95 من الدستور، هي موجودة في المجتمع كله وعلى المستويات كلها. اذا كانت مصدر ثراء او مصدر علة فان الامر يختلف باختلاف التعاطي معها او استغلالها. فهنالك جامعات ومعاهد ومدارس ومستشفيات وجمعيات ونواد ومؤسسات اجتماعية وحتى مالية ومصرفية ذات طابع طائفي".
ولفت الى أن "النظام الديموقراطي البرلماني المعمول به في لبنان هو نظام برلماني ملبنن، وهو مزيج من وفاق ودستور. واذا كان الدستور يلبي حاجة الدولة وحقوق المواطنين وواجباتهم، إلا أن الحكم في لبنان لا يستند الى النصوص وحدها. فالوفاق له مرتبة دستورية. وهناك اشارات واضحة في الدستور الى وجوب الأخذ بالوفاق حتى في طريقة اتخاذ مجلس الوزراء قراراته حسبما ورد في الفقرة الخامسة من المادة 65 من الدستور التي ذكرت التوافق قبل التصويت. وذلك فضلا عن قيمة العيش المشترك الذي ورد ذكره في المقدمة، بأن لا شرعية لأي سلطة تناقضه".
وقال "ان لبنان، هذا البلد الصغير الرقعة على مفترق القارات والحضارات والاديان هو كيان خاص، لا يجب ان تقارن تجربته السياسية بتجارب غيره. ديموقراطيتنا هي خاصة، ونابعة من طبيعة تكويننا البشري، ولذا ليس للأحزاب السياسية ذلك الدور الاساسي في الحياة العامة، وبعض الاحزاب هي أحزاب شخصيات او أحزاب لها طابع طائفي، وليس لها الدور المقرر لا في تكوين السلطة ولا في تداولها".

 

حل النزاعات

الجلسة الثانية ادارها النائب الدكتور عاطف مجدلاني الذي وجد ان نقطة الاستفادة من التجربة السويسرية قد تكون في السعي الى جعل لبنان اولا، وعدم الانتماء او القبول بالتبعية او الالتحاق بأي احد. وتمحورت الجلسة على موضوع "تاريخ حل النزاعات في سويسرا القرن التاسع عشر، تحدثت فيها البروفسورة ايرين هيرمان من جامعة فريبورغ، فقدمت مقاربة عرضت فيها لمراحل نزاعات عرفتها سويسرا خلال تاريخها، عارضة للعوامل الخارجية كما للعوامل الداخلية التي ساهمت في الوصول الى ضمان وحدة الشعب السويسري من ضمن النظام الحالي بحيث كانت الازمات عاملا ادى الى تجنب الانقسامات العمودية والقدرة على التكيف والعمل على انقاذ الوحدة مع دور قوي للبورجوازية احيانا ودور قوي آخر للطبقة العاملة، والاهم من ذلك تنمية حس المواطنية والمسؤولية. وحددت ثلاثة عناصر ساهمت في ذلك وهي: الضرورة القصوى بعدم العيش مع الآخرين وهو هدف ساهم فيه الحياد والازدهار على حد سواء. الانطباع بالنسبة الى الاقليات بان يتم احترامها وان تكون لها كلمتها في نظام سياسي خاص، وشعور المواطنين بالمسؤولية الذي ادى الى استبعاد استخدام العنف بين بعضهم البعض.
الدكتور مسعود الضاهر، المؤرخ والاستاذ في الجامعة اللبنانية، عقّب على مداخلة هيرمان مشيرا الى ان المقارنة بين التجربتين السويسرية واللبنانية لا تتعدى الشكل لان المجتمعين مختلفان والمجتمع السويسري لا يتشابه مع اللبناني او اي مجتمع آخر. وقال ان لبنان قام بتجربة رائدة لا تقل اهمية عن التجربة السويسرية على رغم استمرار وجود مشكلات كثيرة واستمرار الصراع. وعاد الى تاريخ ما قبل العام 1920 وما كان يسمى المقاطعات اللبنانية ليخلص الى وجود اشكاليات متعددة من بينها اشكالية تحديد اللبناني هويته واشكالية النظام السياسي ليخلص الى ان العامل الخارجي لعب دورا اساسيا في لبنان ولا يزال. وهي نقطة اجمع عليها المشاركون المتحدثون عن التجربة اللبنانية التعددية في الجلسات الثلاث.
جان عزيز مدير البرامج السياسية في محطة "او تي في" رأى ان مشكلة لبنان هي على مستويات ثلاثة في التعددية الفردية وفي السياق الجغرافي السياسي وفي جوهر التعددية في ما سماه المقدس او ما اعتبره صراعا على الله.

 

التسوية

الجلسة الثالثة ادارها النائب الدكتور فريد الخازن مشيرا الى ان لبنان اعجب دوما بالتجربة السويسرية، موضحا ان النظام السياسي اللبناني يستند الى تسوية منذ الاستقلال العام 1943 وان التسوية كانت متاحة في محطات عدة كالعامين 1943 و1958 التي انتهت بشعار لا غالب ولا مغلوب. وقال انه لم يكن هناك مجال للتسوية ابان الحرب ولا ابان الوجود السوري فعاش لبنان ازمات عدة نتيجة لذلك. وقد عقدت هذه الجلسة تحت عنوان "ثقافة التسوية في سويسرا المعاصرة" وشرح فيها البروفسور وولف ليندر من جامعة بيرن ما يسمى سياسة ثقافة المشاركة انطلاقا من تحديد المشكلة السويسرية في الانقسام تاريخيا على مستويين لغوي (الماني – فرنسي الى الايطالية والرومانش) والدين (الكاثوليك والبروتستانت)، متسائلا كيف كان يمكن حل هذه الصراعات المجتمعية بطريقة سلمية. والجواب الذي قدمه ان الحل كمن في مشاركة السلطة في المؤسسات السياسية، شارحا "باسهاب" آلية عمل المؤسسات السويسرية والفكرة الرئيسية وراء "الديموقراطية التوافقية" على قاعدة عدم تطبيق قواعد الاكثرية في حال كان لاقليات لغوية او ثقافية او دينية ما تقوله، بل محاولة ادماج هذه الاقليات عبر المشاركة والتمثيل في الحكومة والسعي الى ايجاد تسوية.
ثم تحدث الاستاذ في الجامعة الاميركية الدكتور سمير خلف، فاشار الى انه فيما تتحدد الانقسامات السابقة في سويسرا في نقطتين، فان هناك الكثير من النقاط التي ينقسم عليها اللبنانيون في اي مجال كان. واشار الى اهمية كيفية تأمين او حصول ثقافة الاختلاف في سويسرا الامر الذي يفتقده لبنان، متحدثا باسهاب عن المشكلات المجتمعية في مقاربة الامور على مستوى الشباب في شكل خاص في المجتمع اللبناني، ومتسائلا عما يدفع اللبنانيين الى ترجمة عدائيتهم او اسلوب تعاطيهم للامور.
وغاب رئيس المركز الوطني للمبادرة الوطنية طلال الحسيني لكنه ارسل كلمته لتوزيعها على الحضور والتي رأى فيها ثلاثة شروط لقيام الدولة اللبنانية وهي استعداد الدول الاجنبية لاحترام سيادة لبنان واستقلاله، وتسليم اللبنانيين بالمساواة في ما بينهم، وتبيان النظام الملائم لترجمة الشرطين السابقين في واقع العلاقات الداخلية والخارجية .
الجلسة الرابعة عقدت تحت عناون "مؤسسات من اجل ايجاد ارضية مشتركة" وادارها النائب غسان مخيبر وتحدث فيها المستشار الثاني للاتحاد السويسري اندريه سيمونازي عن سويسرا اليوم وآلية النظام السويسري بالتفصيل وكيفية مراعاة نظام التوازنات السويسرية من خلاله، مستنتجا ان ذلك ربما ادى الى ثلاثة امور هي بطء النظام ومشاركة السلطة والثقة او الاستقرار بحيث ان التوقعات حول مشاريع للتصويت معروفة منذ الآن للعشرين سنة المقبلة.
الدكتور انطوان مسره عضو المجلس الدستوري تحدث بتفاؤل عن النظام اللبناني، معتبرا ان لبنان لا يعاني من مشاكل جوهرية في النصوص الدستورية بل يعاني مشاكل لا تحصى في الحكمية وان هناك مشكلة مع الجوار لا تختزل بتعديل مادة في الدستور او اتهام النظام واتفاق الطائف او اتفاق الدوحة بل لان لبنان قائم في محيط اما عدائي او في حالة عدم انسجام مع انظمة عربية اخرى، مشبها لبنان بمبنى من طوابق ذات ملكية مشتركة ولكل طابق مالكه مبديا تفاؤلا بامكان التحسين الداخلي وضرورته. وتحدث اخيرا الدكتور نواف كبارة الذي رأى بدوره من خلال تجارب في السعي الى اصدار قوانين ان لبنان يعاني من مشاكل الا انه لا يجب جلد الذات، ولبنان متميز عن محيطه العربي في شكل خاص، معتبرا ان سويسرا لم تكن لتكون ما هي عليه لولا الثورة الفرنسية وما اشاعته في كل اوروبا او لو بقي هتلر في السلطة او موسوليني ايضا.
 


المصدر: جريدة النهار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,662,934

عدد الزوار: 6,907,414

المتواجدون الآن: 109