لبنان...اللواء....أزمة الدولار تتفاقم.. والإشتراكي ينتفض على وزراء الدولة العونيين!... عون يخيِّر الأمم المتّحدة بين المساعدة أو التفاوض مع النظام السوري.. .وقائع من التجسّس الأميركي مصرفياً ومالياً عبر المخبرين اللبنانيين | الانهيار إذا حصل: من الأكثر تضرراً؟...."الجمهورية": أزمة الدولار تتفاقم... وإنقسام سياسي حــول قانون الإنتخابات....لبنان في مرمى «دومينو» من الأزمات المتشابكة تقارير عن «شبكة منظّمة» خلف شحّ الدولار لفكّ طوق العقوبات عن دمشق....

تاريخ الإضافة الخميس 26 أيلول 2019 - 6:22 ص    عدد الزيارات 2050    التعليقات 0    القسم محلية

        


اللواء....أزمة الدولار تتفاقم.. والإشتراكي ينتفض على وزراء الدولة العونيين!... عون يخيِّر الأمم المتّحدة بين المساعدة أو التفاوض مع النظام السوري.. والجيش يحتوي مشكلة الضنية – بشرّي...

تدور رحى العجلة الحكومية لإنجاز موازنة 2020 مرّة كل 24 ساعة، في محاولة لتطمين «مجتمع سيدر» ان الجدية سمة التعامل مع المطالب ايذاناً بإطلاق حركة تمويل مشاريع البنى التحتية في بيروت وباقي المحافظات، كل ذلك تحت وطأة حراكات واضرابات، وتوجسات، وتعقيدات تتناول توفير السيولة بالدولار الأميركي في مجالات الاستيراد والتجارة، فضلاً عن رفع التداعيات السلبية لسيف العقوبات عن رقاب المودعين والمصارف والشركات ورجال المال والأعمال، وصولاً إلى دفع الأقساط المدرسية والجامعية بالعملات الصعبة. مجلس الوزراء يعود إلى الاجتماع في جلسة رابعة حول أرقام الموازنة، بعد جلسة نيابية شكلت صدمة لجهة التوتيرات والمطالبات بتجاوز حدود المالية العامة، إلى جانب الأعراف الدستورية، والايحاء بأن صلاحية استرداد مشاريع القوانين، تعود إلى مرسوم جمهوري يصدر عن الرئاسة الأولى، في ما يشبه العودة إلى ما قبل الطائف، أو الانقضاض على صلاحيات السلطات العامة بموجب الاتفاق الذي صار دستوراً. وفي إطار التحضيرات لمتابعة تفاهمات سيدر، تعقد اللجنة الوزارية للاصلاحات المالية والاقتصادية أوّل اجتماع لها في السراي الكبير، بعد تأليفها، يسبق اجتماع لجنة الكهرباء، وكلا الاجتماعين يسبقان جلسة مجلس الوزراء بعد الظهر.

مجلس الوزراء

وفي السياق، انهى مجلس الوزراء درس المواد القانونية في مشروع موازنة العام 2020 وخصص جلسته امس لبدء مناقشة أرقام المؤسسات الرسمية، انطلاقا من موازنات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الدولة، فيما علمت «اللواء» ان رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، عرضا بعض الافكار والمقترحات في البنود الاصلاحية وعددها لا يتجاوز الخمسة، على ان تعقد جلسة عند الرابعة من عصر اليوم لاستكمال البحث، يسبقها اجتماع عند الحادية عشرة قبل الظهر للجنة الوزارية الموسعة المكلفة درس البنود الاصلاحية الواردة في الاوراق التي قدمتها بعض الاطراف، والتي تضم كل مكونات الحكومة. وذكرت مصادر وزارية ان الجلسة طالت لاكثر من ٤ ساعات لأنها تتعلق بدرس ارقام موازنات عدد من الادارات الرسمية، وتم التطرق الى ماتضمنته ورقتا «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» من مقترحات اصلاحية لخفض النفقات والعجز وزيادة الواردات واصلاح الادارات والمؤسسات العامة. وفي المعلومات ان وزير الصناعة وائل أبو فاعور اعتبر ان وزارات الدولة خرق لاتفاق الطائف، وان بعض وزارات الدولة تتعدّى على صلاحيات بعض الوزارات، ورد عليه وزير شؤون النازحين صالح الغريب، وكاد السجال يتطور، لكن الرئيس الحريري تدخل معتبرا ان الموضوع يحتاج إلى تفكير، مشيرا إلى ان وزراء الدولة في الماضي كانوا وزراء سياسيين اما اليوم فقد أصبحوا وزراء تكنوقراط ولديهم عمل، وأضاف مؤكدا انه لا خرق للدستور لأن العرف يمر بقانون رغم عدم وجود ملاكات لوزارات الدولة. اما المعلومات الرسمية التي اذاعها وزير الإعلام جمال الجراح فقد تحدثت عن ثلاثة قرارات اتخذها مجلس الوزراء، بينها تكليف وزير المالية بالتنسيق مع وزيري الطاقة والمياه والاتصالات اعداد تُصوّر عام يهدف إلى توفير كلفة استخدام الطاقة الكهربائية والاتصالات في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة، وتكليف وزيرة الطاقة للتنمية الإدارية بالتنسيق مع وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا اعداد تُصوّر يهدف إلى توحيد استعمال أنظمة المعلوماتية المستخدمة في الإدارات والمؤسسات العامة وصيانتها. وقضى القرار الثالث بتكليف وزير المالية اعداد تُصوّر عام يهدف إلى تخفيض كلفة أعمال التنظيفات والمواد الاستهلاكية في الإدارات الرسمية والمؤسسات. الى ذلك، اوضح وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان لـ«اللواء» ظروف نقل 35 مليار ليرة من موازنات مؤسسة الاسكان الى وزارة الشؤون، فقال: ان الوزارة سبق وطلبت دعما ماليا لعدد من الجمعيات ذات المنفعة العامة التي تُعنى بذوي الحاجات الخاصة والرعاية الاجتماعية، لانها شارفت على الافلاس، وقد ايد مطلبنا هذا الرئيس نبيه بري وجرى اقرار نقل الاعتماد في جلسة مجلس النواب، لكن نقل هذا الاعتماد لن يضر او يؤثر على المؤسسة العامة للاسكان لأن لديها رصيد مائة مليار ليرة من موازنة 2018 لم تُصرف، ومائة مليار من موازنة 2019 لم تُصرف ايضا.ونقل هذه الاعتماد لن يمس بذوي الدخل المحدود المنتظر الحصول على قروض من مؤسسة الاسكان طالما ان المبلغ المتوافر لديها يفوق 150 مليار ليرة.

عون أمام الأمم المتحدة

من ناحية ثانية، اعاد خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام الجمعية العامة للأمم المتحدة عصر امس وضع خريطة طريق في قضايا جوهرية تمس عمل المنظمة الدولية وهي خريطة لا تختلف عن سابقتها خصوصا في ملف النازحين السوريين وتعارض مصلحة الأقوياء مع حق الضعفاء في عمل هذه المنظمة الدولية، لكن في خطابه امس اضاف علامات استفهام حول بعض الدول الفاعلة والمنظمات الدولية المعنية والتي اتهمها بالسعي الى عرقلة هذه العودة عبر الإدعاء بخطورة الحالة الأمنية وإثارة المخاوف لدى النازحين والتعاطي مع الملف وكأن «النازحين قد تحولوا الى رهائن في لعبة دولية للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول»، بحسب تعبير الرئيس عون. وقالت المصادر ان الرسالة الأخرى التي اراد الرئيس عون توجيهها في كلمته هي تلك التي تتصل بقضية فلسطين وما يعرف بصفقة القرن فضلا عن الضغوطات التي تمارسها اسرائيل ضد لبنان وهي ثوابت في مواقفه كما اوضحت المصادر، التي اعتبرت ان كلمة رئيس الجمهورية اتسمت بالشمولية قائلة ان الرسالتين من خطابه والتي تمت الإشارة اليهما وصلتا الى المكان المناسب، علماً ان الرسالة الأقوى كانت في تأكيده على ان الخروق الإسرائيلية للقرار 1701 لم تتوقف يوماً، وكذلك الاعتداءات المتمادية على السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، واشارته إلى «غزو» الضاحية الجنوبية بـ«المسيرتين» الإسرائيليتين والذي اعتبره العمل العدواني الأخطر للقرار، وكذلك تأكيد التزام لبنان بالقرار 1701، الا انه أضاف على هذا الالتزام إشارة بالغة الأهمية إلى ان «هذا الالتزام لا يلغي حقنا الطبيعي وغير القابل للتفرغ، الدفاع المشروع عن النفس بكل الوسائل المتاحة»، في إشارة واضحة إلى دعم المقاومة المسلحة. وكان لقاء الرئيس عون مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس صباح امس يصب في اطار التعاون بين لبنان والمنظمة الدولية ومناسبة للتداول بقضايا مختلفة.كما سجل للرئيس عون كلام على الواقف مع الرئيس الأيراني حسن روحاني داخل قاعة الأنتظار دام بضع دقائق. ويختتم ر ئيس الجمهورية اليوم الخميس زيارته الى نيويورك ولم تحسم مسألة الغاء المؤتمر الصحافي المشترك الذي يعقده داخل الأمم المتحدة للحديث عن اكاديمية الأنسان للتلاقي والحوار مع العلم انه وارد لكن القرار يدرس لعدة اسباب، ومنها احتمال دس صحافيين اسرائيليين داخل القاعة.

أزمة شح الدولار

وإذا كان الرئيس عون ألمح في خطابه امام الأمم المتحدة إلى استعداده لاجراء مفاوضات مع النظام السوري لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، فإن المعلومات التي رافقت الكشف عن هذا الاستعداد، كشفت عن علاقة ما يعانيه لبنان من أزمات اقتصادية ومالية، باستمرار وجود هؤلاء النازحين على أراضيه، ومن هذه الأزمات أزمة شح الدولار في الأسواق والتي فاقمت الوضع المعيشي الصعب. الا ان المعلومات تحدثت عن احتمال ان تسلك هذه الأزمة طريقها إلى الحلحلة، مع دخول البنك المركزي على الخط، حيث أعلن الحاكم رياض سلامة انه سيصدر تعميماً يوم الثلاثاء المقبل ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي. وكانت معلومات كثيرة تقاطعت في الأيام الماضية حول أسباب شح الدولار في الأسواق المالية، بأن أبرزها ما كشفته مصادر مصرفية لوكالة الأنباء المركزية عن محاولات لتهريب الدولار من لبنان إلى سوريا، وان البنك المركزي استشعر منذ مُـدّة وجود مخطط لهذا الأمر، تضطلع به شبكة منظمة مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات أخرى، مقربين من النظام السوري، تقدّم على عمليات غير سليمة عبر أجهزة الصرّاف الآلي (ATM) الموزعة في الشوارع، بحيث يتم سحب الدولارات منها بكثرة في سبيل تحويلها إلى سوريا نقداً أو عبر شراء مواد اولية وبضائع من أهمها البنزين والطحين، ويدخل معظمها الأراضي السورية مهرباً عبر المعابر غير الشرعية، والهدف من هذه العمليات مد عروق النظام السوري الاقتصادي والمالية ببعض الاوكسجين لتمكينه من الصمود في وجه العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل الإدارة الأميركية وثانياً المضاربة على الليرة اللبنانية. يُشار إلى ان معلومات كشف أمس انه يتم تهريب المحروقات إلى سوريا بكميات كبيرة، إضافة إلى الطحين، وهذا ما يفسّر مضاعفة فاتورة استيراد مادتي الفيول والبنزين لدى شركات الاستيراد للسنة الحالية بالمقارنة عن السنة الماضية 2018.

قانون الانتخاب

من جهة ثانية، وفي خطوة لافتة، بدأت اللجان النيابية المشتركة أمس، مناقشة اقتراح القانون الذي تقدمت به كتلة «التحرير والتنمية» لتعديل قانون الانتخاب الحالي، المثير للجدل، والذي كان الرئيس نبيه برّي قد أوعز إلى كتلته النيابية تقديم الاقتراح الرامي إلى اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة على اساس النسبية، وتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة، علماً أن هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، وإضافة ستة نواب يمثلون بلاد الاغتراب إلى العدد الحالي المؤلف منه المجلس الحالي، وكوتا نسائية ملزمة في اللوائح الانتخابية. وسبق لكتلة الرئيس برّي ان استطلعت آراء الكتل النيابية خلال جولة قامت بها لوضع ملاحظاتها على الاقتراح، منها من أيد بالمبدأ ومنها من تحفظ، ومنها لم يبد الموقف النهائي، لكن اللافت ان معظم الأحزاب والكتل المسيحية، أجمعت على النظر إلى الاقتراح بحذر كما إلى توقيت بحثه، لا بل أعلنت رفضها لمكوناته صراحة، بعد ان كانت خاضت معارك لتمرير القانون الحالي على قاعدة حسن التمثيل، ومع ذلك احال الرئيس برّي الاقتراح إلى اللجان المشتركة، وليس إلى كل لجنة مختصة بمفردها، بما يسهل مناقشة الموضوع باكراً. غير ان طرح الاقتراح امام اللجان المشتركة، أعاد اصطفاف القوى المسيحية مجدداً، على غرار الاصطفاف الذي حصل أمس الأوّل في الجلسة التشريعية للاعتراض على سحب الحكومة لمشروع انمائي يعود لمنطقتي المتن وجبيل، واضيف إلى هذا الاصطفاف بنشعي بعد ان كانت خطوط الاتصال قد فتحت بين معراب وميرنا الشالوحي منذ يوم الاثنين الماضي لمنع عبور اقتراح «التنمية والتحرير» نحو الهيئة العامة وتهريبه في الجلسة العامة.

لجنة تحقيق برلمانية

نيابياً أيضاً، اعلن رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسين الحاج حسن عن «تقديم طلب الى رئاسة مجلس النواب لتأليف لجنة تحقيق برلمانية في قطاع الخليوي، بعد ان تبين وجود مخالفات وضغوطات، علما ان لجنة التحقيق لها آليه تشكيل طبقا لمواد النظام الداخلي من 140 ولغاية 143: حيث يعود لمجلس النواب في هيئته العامة أن يقرر إجراء تحقيق برلماني في موضوع معين بناءً على اقتراح مقدم إليه للمناقشة أو في معرض سؤال أو استجواب في موضوع معين أو مشروع يطرح عليه،  تجري اللجنة تحقيقها وترفع تقريراً بنتيجة أعمالها إلى رئيس المجلس الذي يطرحه على المجلس للبت في  الموضوع، وللجنة التحقيق أن تطلع على جميع الأوراق في مختلف دوائر الدولة وأن تطلب تبليغها نسخاً عنها وأن تستمع الإفادات وتطلب جميع الإيضاحات التي ترى أنها تفيد التحقيق، و يمكن للمجلس أن يولي لجان التحقيق البرلمانية سلطات هيئات التحقيق القضائية على أن يصدر القرار في جلسة للهيئة العامة. كما طلبت اللجنة عقد جلسة مناقشة للتجاوزات الدستورية والقانونية والمالية المتراكمة للشركات المشغلة لقطاع الخليوي.

نزاع القرنة السوداء

وعلى صعيد آخر، نجحت قيادة الجيش اللبناني في فرملة اندفاعة التصعيد بين الضنية وبشري، ولو مؤقتاً، على خلفية النزاع بينهما حول القرنة السوداء ومشروع بركة «سمارة» المزمع تنفيذها، بعدما أعلن الجيش عن قيام وحدات عسكرية غداً وبعده الجمعة بتنفيذ تمارين ومناورات تدريبية بالذخيرة الحيّة في منطقة القرنة السوداء، داعياً المواطنين إلى عدم الاقتراب من بقعة التمارين في الزمان والمكان المذكورين. وبدا واضحاً ان قيادة الجيش لجأت إلى هذا الاجراء كون أهالي الضنية كانوا يتحضرون لإقامة صلاة الجمعة في القرنة، في حين دعا أهالي بشري لإقامة صلاة هناك، الأمر الذي كان من شأنه ان يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. لكن اللافت ان الأزمة تقف وراءها تيارات سياسية تسعى إلى التأجيج الطائفي بين أهالي بشري والضنية، وهي التي تغذي التصعيد والتوتر، عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتنظيم الاحتجاجات، تارة عبر مسيرات سيّارة وتارة عبر إقامة صلاة الجمعة. وفي تقدير مصادر مطلعة ان قرار وزير المالية علي حسن خليل بتسمية أربعة مساحين للمباشرة فوراً بترسيم الحدود بين منطقتي بقاعصفرين وبشري العقاريتين، من شأنه ان يضع حدا للنزاع إذا وصل إلى خاتمته المنشودة، خاصة وان القرار يُشكّل فرصة ليقدم كل طرف في المنطقتين ما لديه من وثائق وحجج يبني على الشيء مقتضاه... من جهة ثانية، نفت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، ما تناقلته مجموعات «الواتس اب» وبعض وسائل الإعلام من روايات نقلا عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تتضمن كلاماً مختلفاً عن قوى سياسية واحزاب وجهات محلية وخارجية، وصفتها بأنها من «نسج الخيال ولا تمت إلى الحقيقة بصلة»، ودعت المفوضية وسائل الإعلام إلى التدقيق بما يتم تناقله قبل إعادة نشره في هذا التوقيت المشبوه والمضمون الكاذب».

وقائع من التجسّس الأميركي مصرفياً ومالياً عبر المخبرين اللبنانيين | الانهيار إذا حصل: من الأكثر تضرراً؟

الاخبار.... ابراهيم الأمين ... السذاجة في مقاربة السياسات الاميركية في لبنان، لا تلغي حقيقة أن لواشنطن أهدافها الخاصة من خلف برامج العقوبات الناشطة ضد لبنانيين، سواء كانوا أفراداً أم مؤسسات. ولا يبخل مسؤول أميركي بالتصريح عن الرغبة في توجيه ضربة الى حزب الله من خلال هذه العقوبات. أما حكاية تبييض الاموال والتهرب الضريبي ومخالفات القوانين المالية، فهذه سرديات لا مكان لها في عالم يقوم أولاً وأخيراً على السرقة. اليوم دخلت الولايات المتحدة مساراً جديداً في العقوبات. هي تواصل الضغط على كل من يتعامل بالدولار ليتوقف عن أي نوع من التواصل المباشر أو غير المباشر مع أي مؤسسة تتبع أو تفيد حزب الله. هو مسار يبدو أنه مقبل على تصعيد ربطاً بتقييم الادارة الاميركية لنتائج المرحلة الاولى. التصعيد أكيد، لأن التقييم في حال كان إيجابياً، بمعنى أن العقوبات تفيد في إضعاف الحزب، فهذا يعني أنه أسلوب ناجح ويجب زيادة الضغط حتى ينهار الحزب. وإذا كان التقييم سلبياً، فهم – أي الأميركيون – سيرون أن ما اتخذ من إجراءات لا يبدو كافياً، ويجب التشدد أكثر وتوسيع دائرة الملاحَقين، ما يعني الاتجاه أيضاً نحو التصعيد.

عمد حزب الله إلى برنامج تقشف قلّص بموجبه نحو 35 بالمئة من نفقاته

الجديد في زيارة الماريشال الاميركي، مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، مارشال بيلنغسلي، أنه فوجئ، كما أركان السفارة الاميركية في بيروت، بأن غالبية من التقوهم، يحمّلون الاجراءات الاميركية مسؤولية التدهور في السوق النقدية في لبنان. سمعوا من الكثيرين أن العقوبات وأجواء التهويل والملاحقة وعدم الوضوح في الطلبات، إضافة الى التدقيق في كل عملية مصرفية، تسبّب في جعل الناس يخافون، فصار مَن في الخارج لا يرسل أموالاً الى لبنان، ومَن في الداخل يسعى لحفظ ودائعه من خلال سحبها لتخزينها خارج المصارف أو تحويلها الى الخارج، وأن الخشية من قرارات مفاجئة تقفل مصرفاً أو مؤسسة من دون أي مقدمات، يزيد الريبة والحذر عند المتعاملين في السوق المالية. فكيف الحال ولبنان يواجه أزمة حادة، سواء في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، أم في الفساد والفوضى الهائلة في القطاعين العام والخاص، كما في استمرار سيادة طبقة حاكمة لا يرف لها جفن وهي تواصل «السلبطة» على كل شيء! الماريشال استغرب، وفي تصرف ساذج، قال إنه سيتكلم مع المعنيين. وكأنه في حال قال للمصارف ولحاكم مصرف لبنان أغرِقوا البلاد بالدولارات، فسيفعلون ذلك، فيما هو يعرف أن مصالحهم المباشرة لا تتطابق مع رغباته، وأن الموسم ليس موسم الاعمال الخيرية، وأن مصالحهم عرضة لمخاطر كبيرة. فكيف يفعلون ذلك وهم بالكاد يحصلون على ودائع، رغم ما يعرضونه من فوائد خيالية. ومع ذلك، يعتقد الماريشال أن من بيده العملة الصعبة، إنما يخفيها عن الآخرين، وأن في مقدور هؤلاء تهدئة الأجواء في البلاد، علماً بأن ذلك أمر مستحيل، حتى لو صرخ الماريشال ليل نهار. في القطاع المصرفي نفسه، تدور الآن معركة حامية الوطيس. مصارف كبرى تسعى لمنع تراجع موجوداتها بكل العملات. وتقاتل لأجل الاحتفاظ بمودعين كبار، محليين وأجانب، وتسعى في الاسواق العالمية لتقليص حجم خسائرها مقابل التنازل عن قسم من الاسهم اللبنانية التي تحملها. وتظهر المصارف استعداداً كبيراً لخسارة جزء من أرباحها المقدرة مع مؤسسات عالمية (مثل «غولدمن ساكس») لكنها غير مستعدة لإبداء التنازل عن قسم من أرباحها في مشروع تقليص كلفة الدين العام في لبنان. ثمة جانب آخر من المعركة. وإذا كان لروائي محترف أن يتسلى، فبمقدوره كتابة مسلسل مفتوح اسمه «النميمة»، وهي اللغة الوحيدة الفاعلة اليوم، علماً بأن بعض المصرفيين وبعض المصارف، قبلوا بلعب دور «المخبرين»، لا عند الاميركي حصراً، بل عند جماعات ضغط في الخارج يعتقدون أن في مقدورها حمايتهم من الغضب الاميركي. وهؤلاء المخبرون لا يعرفون حراماً ولا سقفاً للخِسّة. وكل ما يهتمون لأمره هو تحصيل المزيد من الاموال. وبعضهم يعتقد أنه يلعب في الخفاء، علماً بأن نتائج جهوده الوطنية العظيمة تظهر تباعاً في العلن. يمكن الروائي أيضاً أن يكتب فصولاً للمسلسل بقصد التصوير الخارجي، عن العواصم الكثيرة في أوروبا والأميركيتين ودول الخليج، حيث يتم استدعاء رجال الاعمال والمصرفيين من قبل عناصر الاجهزة الاميركية المتنوعة. ومن لم يحالفه الحظ وجرب السفر الى الولايات المتحدة الأميركية، فسوف يجدهم هناك في انتظاره، وبين أيديهم ملفات مكدّسة تثير هلعه، فإذا سقط في الفخ، لا يحتاج كثيراً حتى يصبح عميلاً برتبة «مواطن صالح». حكايات هؤلاء معروفة، وإن لم يٌتداوَل بها علناً، والمعلومات عن أن الاستدعاءات محصورة بالمنتمين من هؤلاء الى الطائفة الشيعية، هي معلومات مغلوطة، لأن غالبية من يقدمون المعلومات الاساسية ثم يزيدون عليها ويبدعون في «بخ السموم» وفبركة الأخبار، هم من شتى الطوائف. بعض هؤلاء المخبرين صار يعمل على الإيقاع بالفريسة، ثم تقديم خدمات إضافية للمشغلين. تراه صار خبيراً في عمل مكاتب المحاماة في الولايات المتحدة، فيُخرج فجأة لائحة بأفضلهم مع الأسعار والمهل وخلافه. أما سبب هذه المهنة الجديدة، فهو من نكات الموسم الأميركي: واشنطن لا تدفع أموالاً للمخبرين. هي تهدد بأن تقطع أرزاقهم في بلدهم كما في كل العالم. لكن يمكنها أن تتيح للمخبر الحصول على نسبة من الأموال التي سينفقها المطارَدون أمام المحاكم الأميركية، بأن يأخذ عمولته من مكاتب المحاماة الأميركية التي صارت جزءاً من مؤسسة القهر الأميركية. كل ذلك يحصل، وأركان الدولة عندنا يتصرفون على أنه أمر شخصي، أو كأنه «تجارة بتجارة». النافذون عندنا لديهم إجاباتهم الجاهزة. المرتبطون منهم مع الأميركيين يقولون صراحة: لا نقدر على المساعدة، إلا إذا وقف المتضرر علناً ضد حزب الله وقام بما يثبت أقواله. وخصوم الولايات المتحدة يتصرفون على أنه لا حول لهم ولا قوة. أما من يفترض أن يتولى المسؤولية العامة، فحالهم تدعو إلى القلق. يخبرك بأنه سيتعرض للترهيب والتهديد بأن تطاله العقوبات إنْ حاول المواجهة، وإما أنه يحيلك على ما تتعرض له شركات عالمية كبرى من ملاحقات أميركية. وفي كل الحالات، لا يتصرف هؤلاء بأي نوع من الاحترام، إذ إنهم صاروا يبادرون إلى محاكاة الهوس الأميركي بأن يقدّموا له معلومات وتقديرات لا تخطر على بال واشنطن. وإذا قال لهم الأميركي دققوا في هذا الحساب، يبادرون إلى إقفاله وإلى طرد كل من يمتّ إلى صاحبه بصلة من جنتهم المصرفية.

هي عملية مستمرة على ما تظهر المؤشرات. لكن هل يسأل المعنيون عن النتيجة النهائية منها؟

حزب الله يقول علناً إنه يحصل على دعم مالي أساسي من إيران، وإنه يفعل ذلك من زمن بعيد. ورياض سلامة سبق أن أقسم بأغلظ الأيمان أن الموارد الأساسية لحزب الله لا تمرّ عبر النظام المصرفي. بل إن سلامة اجتهد - بحكم موقعه ومسؤوليته - في سؤال القريب والبعيد عن الآلية المالية لعمل حزب الله. وهو سمع ذات مرة من السيد حسن نصرالله مباشرة ومن مسؤولين آخرين، توضيحاً وتشديداً على أن الحزب لا يتعامل مع النظام المصرفي لأسباب مختلفة، بينها الديني وبينها الأمني. إضافة إلى ذلك، ينفي الحزب أن يكون لديه أعمال تجارية. ولنفترض أن مقربين منه، أو حتى أعضاء فيه، لديهم أعمالهم التجارية، فهذا لن يغيّر شيئاً في طبيعة السياسة المالية الخاصة بالحزب. وعندما تعرضت إيران للضغط والحصار، وأثّر ذلك بعائداتها العامة، عمد الحزب مباشرة إلى برنامج تقشف قلّص بموجبه نحو 35 بالمئة من نفقاته. وظلّ محافظاً على احتياطه الاستراتيجي الخاص بالمقاومة وأجهزتها العملانية. ولم يؤثر ذلك بالدور الأساسي الذي يقوم به في لبنان أو في ساحات أخرى. وإن كان قد قلص أنشطة عامة هنا وفي الخارج. إلا أن واقع المقاومة اليوم، ليس بالوضع الذي يدفعها إلى تغيير استراتيجياتها في لبنان والمنطقة. صحيح أن الضغوط العامة على البيئة الشيعية تؤثر بالحزب. لكن المهم بالنسبة إلى من يهمهم الأمر، أن هذا التأثير لا يعطل الدور الذي تسعى أميركا وإسرائيل والسعودية إلى تعطيله. وبالتالي، إن تأثر الحزب - في حال تصاعُد العقوبات والضغوط - سيكون مثله مثل تأثر بقية القوى اللبنانيين بهذه العقوبات... لكن السؤال الأهم هو: إذا حصل الانهيار الكبير، فمن يكون المستفيد ومَن الأكثر ضرراً؟ لنُعِد صياغة المسألة بطريقة أكثر التصاقاً بالهدف الأميركي من هذه اللعبة، أي حماية مصالح واشنطن ومصالح إسرائيل وأمنها، ثم مصالح حلفائها من اللبنانيين والعرب. فهل انهيار لبنان يفيدهم؟ هل الفوضى وغياب الدولة المستقرة والآمنة يفيد هؤلاء ويضرّ بالمقاومة؟ هل الضوابط والاعتبارات التي يراعيها حزب الله اليوم ستكون هي نفسها إذا حصل الانهيار؟ هل ستكون قدرة المقاومة على زيادة تسلحها أصعب، أم ستتوسع هوامش المناورة أمامها؟ هل سينفضّ الجمهور من حولها، أم سيهاجر الناس دفعة واحدة؟ وإذا سقط النظام المصرفي في لبنان، ومعه مؤسسات الدولة المالية والاقتصادية، فكيف ستكون حال بقية اللبنانيين؟ هل تتوقع الولايات المتحدة أن يشهد لبنان انتفاضة ضد حزب الله؟ ألم يتعلموا من درس 14 آذار وقواها وبقاياها، بما في ذلك «العاطلون من العمل» منهم ومن «شيعة السفارة»، أم أن الأميركيين يصدقون بعض التصريحات والمقالات والتهريجات؟

هل الضوابط والاعتبارات التي يراعيها حزب الله اليوم ستكون هي نفسها إذا حصل الانهيار؟

المنطق الأميركي يقول إن أمن إسرائيل هو الأساس، وإن واشنطن ستتصرف بما يتناسب مع مصلحتها ومصلحة تل أبيب. والولايات المتحدة قررت، مثلاً، رفع كلفة بناء سفارتها في بيروت من مليار دولار إلى مليار ونصف مليار دولار. وتناقش احتمال إقامة قاعدة عسكرية «غير رسمية» في السفارة نفسها وفي قواعد للجيش اللبناني، وتريد رفع عديدها الأمني والاستخباري والاستشاري العسكري في لبنان، إضافة إلى أنها قررت السماح لمؤسسات مالية أميركية بتمويل مشاريع بنى تحتية في لبنان (الكهرباء مثلاً) ساعية إلى تعزيز حضورها في هذا القطاع من خلال شركات صناعية ومالية أميركية («جنرال إلكتريك» و«أوبيك» وغيرهما). ولم تعترض على مساعي شركة أميركية للدخول عبر «توتال» الفرنسية للتنقيب عن النفط والغاز في البحر اللبناني. كذلك تسعى إلى توسيع صادراتها من الأدوية والخدمات الطبية إلى لبنان... كل ذلك، قد لا يكون له قيمة جدية بالنسبة إلى حجم الاقتصاد الأميركي، لكنه يعطي إشارة إلى ما وصفه البعض بأنه قرار أميركي بوضع لبنان في غرفة الإنعاش. ممنوع علاجه بصورة تامة وممنوع موته!

صيادو الفرص وسلّاخو البقرة

في كل مرة تقع مصيبة في القطاع المصرفي جراء قرار أميركي، لا يمكن توقع انتفاضة من «زملاء» المغضوب عليه، كما من الدولة نفسها. فعلى العكس من ذلك، يبادرون إلى معركة «سلخ» ما أمكن «سلخه» من جسد البقرة التي أوقعت بها العقوبات الأميركية. حتى في حالة الشبهة، كما هو الحال اليوم مع الشائعة الأميركية (المصدر) واللبنانية (الترويج) عن نية الأميركيين معاقبة كل مصرف يديره شيعة، تعْمَد المصارف الأخرى إلى تعظيم الأمر، وإلى مدّ أعلام موالٍ لها بمعلومات غير صحيحة. ثم تنطلق في الوقت نفسه فرق العاملين الذين يتواصلون مع مودعين في هذه المصارف ويقولون لهم (من باب «النصيحة» لا أكثر!): «ما لَكم وهذه المخاطر، تعالوا إلينا ونحن نحفظكم ونحميكم ونقدم لكم العائد الأفضل». وهي عملية يقوم بها أكثر من مصرف، رغم أن «الجسم اللبّيس» يطابق في هذه الحالة مصرفَي «سوسيتيه جنرال» لصاحبه أنطون صحناوي، و«بيروت» لصاحبه سليم صفير. علماً أن مديرَين في هذين المصرفين قالا إنهما أبلغا مديري فروع لهما في الجنوب وبيروت بالتوقف عن أي اتصال من هذا النوع. ثمة جانب آخر لواقعة «الفجعنة» عند الذين يحظون برضى الماريشال الأميركي. إذ سارع بعضهم إلى التثبت من حجم «الجريمة» التي ارتكبها مصرف «جمّال ترست بنك». ولمّا سمعوا من الماريشال العظيم أن إدارته ستعيّن مدقّقاً يحضر أعمال لجنة تصفية البنك، وأنّ أنور الجمال سيُلاحَق وتُحجَز أملاكه وأملاك المصرف خارج لبنان (قال الماريشال إن الهدف منها سداد الديون المستحقة على المصرف)، سارع «العسس» إلى التدقيق في حجم هذه الأصول وأحوالها وفي ما إذا كان الرجل يقدر على بيعها الآن. وإذا سألتَ أحدهم عن مصلحته في الأمر، يجيبك فوراً: «قلنا له سابقاً أن يبيع المصرف بمبلغ معقول، لكنه رفض، والآن نقترح عليه أسعاراً معقولة، لأن بديله خسارتها كلها بلا أي مقابل»! إلى جانب ذلك، تستمر الاتصالات غير المعلنة مع المصارف المصنفة أنها في دائرة الخطر، لأجل فحص إمكان الاستحواذ عليها بكلفة أقل من السعر الذي يُمكن أن يدفعه ثمناً لها في الحالات الطبيعية. وتسعى إلى ذلك الاستحواذ المصارف القادرة على تحصيل دعم خاص من مصرف لبنان لأي عملية دمج أو شراء محتملة، وحاكم مصرف لبنان حاضر دوماً «لأن في ذلك ما يحمي النظام المصرفي للبنان»!

"الجمهورية": أزمة الدولار تتفاقم... وإنقسام سياسي حــول قانون الإنتخابات

ثمّة خطيئة ترتكبها بعض المصارف، تتبدّى في التصرّف بأموال المودعين من مؤسسات وشركات وأفراد على النحو الذي يخدم مصلحة هذه المصارف، بحيث تحجز الودائع بالدولار، وتدفعها بالليرة اللبنانية. وهو أمر أثار بلبلة، ويدفع الى السؤال: في أي دولة بات يعيش اللبنانيون؟ ومن يتحكّم بها؟ ومن هو الراعي لهذه الفوضى المالية؟ ومن أوعَز بهذه السياسة، أو بالأحرى من أعطى الحق لهذه المصارف بالتصرف بأموال المودعين خلافاً للقانون؟ هل هو قرار من عِنديّات هذه المصارف، أم أنه موحى به من قبل مرجعيات رسمية؟ وما هو موقف مصرف لبنان حيال هذا الأمر الخطير؟ وما هي المفاجآت التالية؟ ما يخشى منه، أن يكون هذا الاجراء فاتحة للتعميم، بحيث تنسحب العدوى على المصارف الأخرى، في ظل ندرة الدولار. ومن الطبيعي ان تتعالى صرخات الشركات والمؤسسات والمستوردين، ومعهم الكثير من المواطنين. ولكن في هذه الحال لِمن ترفع الشكوى؟ هل الى السلطة الحاكمة التي تبدو غائبة عمّا يحصل ولا تحرّك ساكناً، وهل ثمة فيها من يقدّر حجم التداعيات وآثارها السلبية على كل شرائح المجتمع اللبناني؟ وإلى أين يؤخذ البلد جرّاء هذه السياسة؟

تدمير الثقة بالنظام المالي!

فأزمة فقدان الدولار في الاسواق، لم تعد مجرد مشكلة عادية تعكسها الاوضاع المالية والاقتصادية، بل تحولت الى مؤشر خطير، ودفعت الى إجراءات مريبة من قبل بعض المصارف، أقلّ ما يقال فيها انها قد تؤدي الى تعقيد الأزمة اكثر ممّا هي معقّدة، وتهدّد بانهيار الثقة بالكامل، وتسريع الوصول الى الكارثة بدلاً من تداركها. علماً انّ النظام المالي معنيّ من حيث المبدأ في بناء جدران الدعم للاقتصاد، لكن أن يَعمد بعض هذا النظام الى «مصادرة» الدولار، واستبداله بالليرة، فبهذا يساهم هذا النظام المالي من حيث يدري او لا يدري في الوصول الى الآتي:

أولاً - القضاء على ما تبقّى من ثقة، وبالتالي المساهمة في وقف التحويلات الضئيلة التي لا تزال تَرِد من الخارج، لأنّ أحداً لن يقبل أن يحوّل دولاراته الى لبنان وأن لا يستطيع سحبها الّا بالليرة.

ثانياً - ضرب النظام الاقتصادي الحر، مع ما يعنيه ذلك من عواقب مالية واقتصادية سيدفع ثمنها البلد وأهله.

ثالثاً - إشاعة اجواء قلق وخوف ستؤدي حتماً الى مزيد من التهافت على الدولار وتفاقم الأزمة.

رابعاً - تدمير السمعة التي راكَمها النظام المالي اللبناني على مدى سنوات طويلة، والتي سمحت له باستقطاب ودائع وأموال وصلت الى أرقام قياسية، بحيث بلغ حجمها أربعة أضعاف حجم الاقتصاد الوطني، وهي من أعلى النسَب في العالم. وهذا الانجاز لم يكن ليتحقّق لولا السمعة الجيدة والثقة، وهو الرأسمال الذي يتم هَدمه اليوم بإجراءات اقل ما يقال فيها انها غير موزونة، وتستدعي المراجعة السريعة من قبل مصرف لبنان للتراجع عنها وتصحيح المسار قبل فوات الأوان.

الأزمة تتفاقم

في السياق ذاته، بدأت أزمة فقدان الدولار في الاسواق تتفاعل اكثر فأكثر، وتثير بلبلة في الاوساط الاقتصادية والشعبية. وبعد القرار الذي أعلنه مصرف لبنان لجهة تأمين فتح اعتمادات بالدولار لزوم استيراد المحروقات والقمح والدواء، برزت اليوم مؤشرات أزمات متنقلة تشمل كل القطاعات، وقد تؤدي الى مزيد من ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية. وبصرف النظر عن التفسيرات المنطقية منها وغير المنطقية، في تبرير خلفيات الأزمة ومسبّباتها، وصولاً الى تبنّي البعض لنظرية المؤامرة على الليرة والدولار، فإنّ الواضح انّ الترجمة العملية للأزمة في المرحلة المقبلة ستتجلى في ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية، وربما فقدانها.

عون

سياسياً، برزت كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام الجمعية العمومية للامم المتحدة، أمس، وجَدّد فيها التأكيد على التزام لبنان بالقرار 1701، موضحاً انّ «التزامنا هذا لا يُلغي حقنا الطبيعي بالدفاع المشروع عن النفس، بكل الوسائل المتاحة». وناشَد عون العالم العمل على عودة آمنة للنازحين السوريين، وقال: «لا يمكن للمجتمع الدولي أن يكتفي فقط بتأمين الحد الأدنى من المساعدات للنازحين واللاجئين في أماكن نزوحهم وتغييب برامج العودة الآمنة والكريمة لهم»، مشيراً إلى أنّ «شروط العودة أصبحت متوافرة، فالوضع الأمني في معظم أراضي سوريا، ووفقاً للتقارير الدولية، أضحى مستقراً».

موازنة وقانون انتخاب

في جانب سياسي آخر، كان بحث في مجلس الوزراء في مشروع موازنة العام 2020، في جلسة عقدت في السراي الحكومي، حيث تم درس وإقرار مجموعة من البنود، فيما حضر قانون الانتخابات النيابية على مائدة جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس، وقد أظهرت مجريات هذه الجلسة فرزاً واضحاً واصطفافَين سياسيّين، بين فريق متمسّك بالابقاء على القانون الانتخابي الحالي، وتَوزّعَ على «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، وبين فريق مستعجل لنسف القانون الحالي وتتصدّره حركة «أمل» (التي قدّمت عبر كتلة التحرير والتنمية اقتراح قانون انتخابي جديد يقوم على أساس النسبية في الدائرة الواحدة)، ويؤيّدها صراحة «حزب الله» والحزب القومي، كما يؤيّد الحزب التقدمي الاشتراكي نَسف القانون الحالي والوصول الى قانون بديل عنه. فيما بَدا واضحاً في الجلسة انّ حزب الكتائب أكد على الدائرة الفردية، فيما لم يصدر موقف واضح من قبل تيار المستقبل.

خليل

وأعرب وزير المال علي حسن خليل عن ارتياحه للمَسار الذي تجري فيه النقاشات في مجلس الوزراء حول موازنة 2020، وقال لـ«الجمهورية»: في هذه الأجواء نستطيع أن ننجز الموازنة ضمن المهلة الدستورية. مشيراً الى انّ هناك سلّة قوانين ومراسيم مكملة للموازنة يفترض أن تصدر، وهي مرتبطة بما تم الاتفاق عليه في اجتماع بعبدا، وكذلك بالاوراق الاقتصادية التي تم تقديمها من قبل الاطراف، وايضاً بالافكار التي قد تطرح، والاساس انّ الموازنة لن تحمل ما يسمّى «الفرسان».

السنيورة

وقال الرئيس فؤاد السنيورة لـ«الجمهورية»: انّ الاساس هو ان تحوي الموازنة عدداً من الاصلاحات الضرورية، أكان على صعيد زيادة الواردات أو تخفيض النفقات. وهذه الاصلاحات توحي بالثقة، وتحقيقها يتطلّب معالجات بالسياسة، فأمورنا تعقدت كثيراً جرّاء المشكلات الاقتصادية والمالية والوطنية، والدولة وابتلاعها من قبل «الدويلة»، الى جانب الظروف الاقليمية، كلها مخاطر شديدة لا تعالج عن طريق الاجراءات المالية. أضاف: هناك حاجة ملحّة لاستعادة الثقة التي انحدرت بين الناس والدولة، وبين الناس والمجتمع السياسي، هذا الامر يَتطلّب علاجات سياسية تشكّل مدخلاً لاستعادة النمو الاقتصادي. ورأى السنيورة انه «ما تزال لدينا فرصة لأن نسلك الطريق الصحيح المؤدي الى الخروج من الازمة، وهذا يتطلّب تصويب البوصلة والعودة الى الاصول، أي العودة الى التزام الطائف والدستور، فكفى حفلة الجنون التي نراها وتؤدي الى فقدان الثقة، فلا بد من احترام الدولة وسلطتها وهيبتها على كل مرافقها. ولا بد قبل كل شيء ان يتصرف رئيس الجمهورية كرئيس جمهورية حام للدستور، يحتضن الجميع وفوق الجميع ويمارس الحيادية الصحيحة، ويجد فيه كل السياسيين ملجأ لهم. وحول القانون الانتخابي، قال: يجب ان نعترف انّ اكبر جريمة ارتكبت هو هذا القانون الانتخابي (الحالي)، الذي صَوّتنا عليه.

فضل الله

وقال النائب حسن فضل الله لـ«الجمهورية»: لدينا لجان متخصصة تدرس الموازنة، ولدينا حوارات مع الكتل الممثلة في الحكومة، ولدينا مجموعة مبادىء - ثوابت تؤكد عدم المَس بذوي الدخل المحدود، وان لا تطال اي ضرائب او معالجات مالية، الفئات الشعبية الفقيرة، وتؤكد ايضاً على وقف الهدر ومكافحة الفساد. أضاف: هناك افكار مطروحة لا تزال قيد النقاش، لكن المهم هو انّ الموازنة سلكت مسارها القانوني في المواعيد الدستورية، وانّ على الجميع ان يشعر بمخاطر المرحلة.

حمادة

وفي الموضوع الانتخابي، قال عضو اللقاء الديموقراطي النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: لا بد من الانتهاء من القانون الانتخابي الحالي، فهو مفتاح حرب أهلية، ومشهد الأمس في المجلس النيابي خير دليل على خطورة هذا القانون على البلد، والذي كانت أبشَع تجلياته في استغلاله من قبل الفريق العوني بالتعابير المذهبية. وانا أشكر الرئيس بري الذي أطلقَ النقاش حول هذا القانون، لعلنا نصل الى قانون بديل لهذا القانون المشوّه، الذي يُنذر استمراره بمخاطر كبيرة.

نحاس

وقال النائب نقولا نحاس لـ«الجمهورية»: فتح النقاش من الآن في قانون الانتخابات هو أمر جيد، اذ ليس من الضروري أبداً أن نبحثه في آخر لحظة. اضاف: الّا انّ المطلوب هو ان نأخذ العبرة من الانتخابات النيابية التي جرت، وان ننظر الى الثغرات التي تعتري القانون الحالي، وان ننظر الى نقاط القوة التي تعتريه، اذا وُجدت. وفي ضوء ذلك نحدد المسار ووجهة قانون الانتخابات الجديد.من جهتنا، نحن قدمنا اقتراحاً انتخابياً باعتماد 13 دائرة مع صوتين تفضيليين، وطلبنا ضَمّه الى جانب العديد من الاقتراحات الموجودة. وليس خافياً ابداً أنّ نظامنا السياسي يشكو من ثغرات كبيرة، وهذا يتطلب ان نصل الى قانون تصحيحي.

عون

وقال عضو تكتل لبنان القوي النائب الان عون لـ«الجمهورية»: إيجابية النقاش في قانون الانتخابات توازيها في المقابل سلبية عدم الاستقرار التشريعي. أضاف: كأنّ هناك محاولة واضحة لإعادة نظر كاملة في القانون الانتخابي الحالي، فهذا الامر ليس محل اجماع، وبالتالي فإنّ حدود تعاطينا مع هذا الموضوع هو اننا منفتحون على النقاش، ومنفتحون على تطوير القانون الحالي، في ما يخصّ بعض الثغرات او السلبيات التي تبَيّنت في هذا القانون، ولسنا مع اعادة النظر فيه بكامله، وبالتأكيد نحن ضد المَس بصحة تمثيل كل المكونات، وهو تأكّدَ من خلال القانون الحالي، وبالتالي نحن متمسكون بهذا الامر، أي صحة التمثيل، ولا عودة عنه.

الجميّل

ورفض عضو كتلة حزب «الكتائب» النائب نديم الجميّل جعل لبنان دائرة واحدة، معتبراً أنّ هذا الطرح يخلق أزمة كبيرة في البلد، ويساعد طائفة معيّنة على فرض هيمنتها على المجلس واحتكاره. وقال الجميّل لـ«الجمهوريّة»، من الضروري تحديد القوى السياسيّة دور مجلس النوّاب، هل نريد مجلساً يمثّل الطوائف أو المناطق أو الأحزاب أو الشعب، واعتقد أنّ «الأجدى اليوم هو معالجة الوضع الاقتصادي الآيل إلى الانهيار، حتى نستطيع الوصول إلى إجراء انتخابات».

خواجة

وقال عضو كتلة التحرير والتنمية النائب محمد خواجة لـ«الجمهورية»: لأوّل مرة يفتح النقاش البرلماني حول قانون الانتخاب قبل نحو سنتين ونصف من موعد الاستحقاق الانتخابي، لكي لا نكون تحت سيف الوقت، على غرار ما كان يحصل سابقاً. اليوم، تَصَدّر قانون الانتخاب المقدّم من كتلة التنمية والتحرير جدول أعمال اجتماع اللجان المشتركة. وتكمن ميزة القانون الجديد في اعتمادها النظام النسبي مقروناً مع الدائرة الوطنية الكبرى. وتقوم فلسفة هذا القانون على تحقيقه عدالة التمثيل من خلال النسبية، وتطوير النظام السياسي والحياة العامة عبر الدائرة الوطنية الكبرى التي تنتج نواباً ممثلين فعليين للأمة انسجاماً مع النص الدستوري. وذلك سعياً للوصول بالتدرّج الى دولة مدنية عمادها المواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية. وحول الموازنة قال: أولوية المعالجة تكمن في اتخاذ خطوات من قبل الجهات المعنية، كوزارة المالية والبنك المركزي، لتطمين اللبنانيين بأنّ الاموال اللازمة لشراء القمح والمواد الغذائية الاساسية والدواء والمحروقات متوافرة، وهي فعلاً كذلك. وقيام وزارة الاقتصاد بدورها في منع بعض الشركات والتجّار بالفرض على المواطنين الدفع بالدولار، وتسعير البضائع والسلع بالليرة اللبنانية، والالتزام بسعر الصرف الرسمي، وإحالة المخالفين الى القضاء. أضاف: امّا المعالجة على المدى المتوسط فتبدأ بتسريع تنفيذ مقررات لقاء بعبدا الاقتصادي، ولاسيما الاصلاحية منها، كتعيين الهيئات الناظمة ومجالس الادارة واعتماد الاصول القانونية في عمليات التلزيم والمناقصات وغيرها لاستعادة ثقة اللبنانيين بالمسؤولين عن إدارة شؤونهم.

«القوات»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: انّ «القوات» تعتبر أنّ الظرف الحالي ظرف دقيق للغاية إقتصاياً ومالياً، وهذه ليست ذريعة من أجل تأجيل البحث في أمور محددة، إنّما القاصي يعلم كما الداني دقّة الوضع الإقتصادي الذي يتحدّث عنه كل الخبراء الدوليين والمحليين. وبالتالي، في ظلّ وضع من هذا النوع، المطلوب الابتعاد عن السجالات السياسية والانكباب على معالجة الوضع الإقتصادي من أجل الخروج من هذه الأزمة وإلّا لا ينفع الندم، ولذلك يجب أن تكون كل الجهود مركّزة في هذا الاطار. أضافت المصادر: «امّا بالنسبة الى قانون الانتخابات فهو قانون ميثاقي وليس مسألة عادية، حيث أنّ لبنان بتركيبته المجتمعية المتعددة والمتنوّعة وانطلاقاً من دستوره الذي ينصّ على المناصفة في مجلس النواب، وانطلاقاً من ميثاق العيش المشترك الذي يحكم العلاقة بين اللبنانيين، من هنا فإنّ هذه المسألة الميثاقية تستدعي أن يكون هذا القانون ممثلاً حقيقياً، وأن يفرز تمثيلاً حقيقياً للمجموعات اللبنانية انطلاقاً ممّا ينص عليه الدستور، لاسيما أنّ القوانين الانتخابية المتعاقبة من العام 1990 كانت قوانين استنسابية جائرة بحق اللبنانيين. ولذلك، أي قانون انتخابي يجب أن يعكس صحة التمثيل، بعيداً عن أي حسابات أخرى، وتعتبر «القوات» أنّ القانون الحالي هو القانون الوحيد من بعد العام 1990 الذي جَسّد التمثيل الصحيح. ولذلك، إذا كان لا بدّ من إعادة نظر، فيجب أن تكون في بعض الثغرات الشكلية، وليس في جوهره، حيث أنّ جوهره نجح في تظهير التمثيل الصحيح. لذلك، إنّ القوات اللبنانية تتمسّك بهذا القانون، ولا يمكن أن تتهاون بهذا الموضوع، وترفض البحث في أي قانون انتخابي لا يعكس صحّة التمثيل». ولفتت المصادر الى انه «لا يجوز مع كل دورة إنتخابية أن يصار الى تغيير قانون الانتخاب، حيث أنّ القوانين الانتخابية تولّد الاستقرار السياسي، ولا يجوز العبث بهذا الاستقرار. وفي موازاة كل ذلك، معلوم أنّه من خلال قانون الانتخابات تتألف كل السلطة السياسية، وتنبثق منه انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومات. من هنا يجب أن يراعي هذا القانون صحة التمثيل، وانطلاقاً من كل ذلك لن تتهاون القوات إطلاقاً بهذا الموضوع».

نصرالله وخامنئي

على صعيد آخر، نشرت وسائل إعلام ايرانية صورة جَمعت المرشد الايراني علي الخامنئي إلى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله وقائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، موضِحة أنّ اللقاء جرى في إيران، من دون أن تحدد تاريخ التقاط هذه الصورة.

لبنان في مرمى «دومينو» من الأزمات المتشابكة تقارير عن «شبكة منظّمة» خلف شحّ الدولار لفكّ طوق العقوبات عن دمشق

الراي.....الكاتب:بيروت - من ليندا عازار ... لم تهدأ المَخاوفُ من أن يصبح لبنان فريسةَ «تأثيرِ الدومينو» على واقِعه المالي - الاقتصادي في ظلّ الإشارات المُتَدَحْرِجة إلى أن البلاد باتت في «قلْب الأزمة» - وربما أكثر - التي تُسابِق «حالَ طوارئ دفْترية» لم تجد أي ترجمات لها بعد وإصلاحاتٍ موجعة ينتظرها «عرّابو» مؤتمر «سيدر» لإطلاق مساره التنفيذي، ووضْعٍ إقليمي بالغ الاضطراب «تُقتاد» إليه بيروت بقوةِ الـ«لا حوْل» بإزاء وضعية «حزب الله» الجاذبة للمَخاطر في ضوء استرهانه للدولة وخياراتها وتموْضعها الاستراتيجي. وفيما كان رئيسُ الجمهورية ميشال عون يُلْقي كلمةَ لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعدما استكمل لقاءاته مع كل من الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريس، بقيتْ بيروت مشدودةً إلى ملفيْن بالغيْ الأهمية هما العقوبات الأميركية «الخانقة» على «حزب الله»، و«أزمة الدولار» التي باتت محاولات احتوائها تُسابِق ملامح «انفجار اجتماعي» بفعل «اختفاء» العملة الخضراء من الأسواق. وأبدت أوساط مطلعة عبر «الراي» خشيتها من تَرافُق التفاعُل المتدحْرج لهذين الملفين مع إشاراتٍ سلبية حيال مدى قدرة السلطة السياسية على الحفاظ على «رباطة جأشها» والإبقاء على «الجبهات نائمةً»، في ضوء ما عبّرتْ عنه 3 مؤشرات: الأول الجلسة التشريعية للبرلمان (أول من أمس) وما سادها من احتقانٍ بين الرئيس سعد الحريري وتكتل «لبنان القوي» (كتلة الرئيس ميشال عون) سرعان ما اتّخذ أبعاداً طائفية ومناطقية وذات صلة بصلاحيات رئاسة الحكومة. والثاني «القطب المخفية» في النزاع العقاري الذي «نُكئ» مجدداً بين بشري والضنية (الشمال) وتحديداً حول «القرنة السوداء» (أعلى قمة في الشرق الأوسط) والذي بدا أنه يستبطن في توظيفاته محاولةً لتوريط حزب «القوات اللبنانية» في «مشكلة طائفية» (مع البيئة السنية) يُراد أن تخرج منها «مهشَّمةً». أما الثالث فـ«تَسَلُّل» قانون الانتخاب من خلف «اللحظة المالية» بامتيازِ عبر اقتراح كتلة رئيس البرلمان نبيه بري (اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النسبية) الذي بدأ بحثه أمس في اللجان المشتركة وسط «ارتيابِ» غالبية القوى المسيحية، التي تعتبر قانون 2017 الأفضل لناحية حُسن التمثيل، من خلفيات طرْح ملفٍ «جاذب للصواعق» السياسية في هذا التوقيت الدقيق داخلياً وخارجياً. ولم تُبْدِ هذه الأوساط اطمئناناً إلى مسار الأمور، متسائلة، هل ثمة مَن يريد افتعال «خلافات جانبية» لإزاحة الأنظار عن «أمّ المَخاطر» التي يشكّلها الواقع المالي - الاقتصادي و«كرة ثلج» العقوبات الأميركية، أو السعي للاستفادة من «تعدُّد المخاطر» لاقتناص «نقاط ثمينة» إمعاناً بكسْرِ التوازنات الداخلية. ولاحظتْ الأوساط أنه وقبل أن يجفّ حبر «الرسائل الحازمة» التي حمَلها مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب مارشال بيلينغسلي وفحواها «العقوبات ستشتدّ، وابتعِدوا عن (حزب الله)»، وفيما كانت إيران توجّه إشارات ليونة متضاربة حيال حوارٍ مع واشنطن، عاودتْ طهران تظهير (إمساكها) بالواقع اللبناني عبر تأكيد وزير دفاعها أمير حاتمي «أن إيران تلعب دوراً حاسماً في معادلات الإقليم والمثال الأبرز ما يحدث في سورية والعراق ولبنان». واستوقف الأوساطَ نفسها، أن «حزب الله» لم يتأخّر عبر قريبين منه في الإيحاء بأنه يستعدّ لـ «مواجهة العدوان الأميركي» بالعقوبات، محمّلاً السلطة السياسية والحكومةَ مسؤولية ضرورة «منْع الاستباحة المصرفية والمالية»، مع غمْز من قناة «تواطؤ داخلي» وأن ضرر العقوبات سيصيب في النهاية كل لبنان، سائلة هل يؤشر هذا المناخ إلى أن البلاد تتجه لتكون بين «مطرقة» عدم قدرة لبنان الرسمي والقطاع المصرفي على عدم الامتثال لـ«التعقُّب المالي» الأميركي للحزب ومحيطه وربما حلفاء له، وبين «سندان» الهجوم المُعاكِس الذي يتوقَّع أن يمارسه الحزب لمنْع توسيع «حبل العقوبات». وفي سياق متّصل، أعربت الأوساط عيْنها عن عدم ارتياحها إلى ما يشبه «تقاذُف المسؤولية» عن شحّ الدولار في الأسواق والذي راوح بين حدّيْن: الأول ما كُشف عن أن بري عزا أمام بيلينغسلي هذا الأمر إلى العقوبات الأميركية وخوف المودعين من تدهور الأوضاع في البلاد نتيجتها، والثاني ما نقلتْه «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر مصرفية من ان «البنك المركزي» يستشعر منذ مدة وجود مخطط (وُضع حدّ له) تضطلع به شبكة منظَّمة مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات أخرى، مقرّبين من النظام السوري، تُقْدِم على عمليات غير سليمة عبر أجهزة الصراف الآلي (ATM) الموزَّعة في الشوارع، بحيث تسحب الدولارات منها بكثرة في سبيل تحويلها إلى سورية، نقداً أو عبر شراء مواد أولية وبضائع، لتمكين النظام من الصمود في وجه العقوبات الأميركية عليه. ولفتت إلى «أن المخطط يضرب في حجر واحد الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي اللبناني، ويخلق بلبلة في الداخل، كما يستنزف (المركزي) الذي يضخّ الدولارات في الأسواق ويظهره في صورة العاجز عن مواجهة الأزمة، علماً أن جهات محلية إعلامية وسياسية، لم تتردد في اتهامه بالاحتفاظ بالعملة الخضراء». ولم يكن بعيداً ما نُقل عن رئيس لجنة الرقابة على المصارف ‏سمير حمود الذي تحدّث عن «عمليات تهريب من لبنان إلى سورية»، مؤكداً أنّ «مصرف لبنان لن يفرّط ‏بالدولارات الموجودة لديه كي يخزّنها المواطنون في منازلهم أو يتمّ تهريبها إلى الخارج، إنما مستعدّ للحفاظ على ‏أموال الناس وودائعهم». وبعدما كان اللبنانيون «التقطوا أنفاسهم» مع إعلان مصرف لبنان ليل أول من أمس في إطار محاولة احتواء أي «انفجار اجتماعي» أنّه سيصدر تعميماً الثلاثاء المقبل ينظّم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي، كرر تجمع أصحاب المحطات أمس «التمسك بالبيان الصادر يوم الاثنين والذي قبِل بمهلة الـ48 ساعة لوضع آلية لتأمين الدولار لبعض القطاعات المستوردة، وأن أي فرصة أخرى هي بمثابة إعلان إفلاس لجميع أصحاب المحطات».



السابق

مصر وإفريقيا......مصر: إرجاء محاكمة 44 متهماً بقضية «خلية سيناء» للشهر المقبل...السجن 15 عاماً لسعيد بوتفليقة ومسؤولين سابقين في الجزائر...«الجبهة الثورية السودانية» للعمل مع السلطة الانتقالية لبناء الثقة...«داعش» تقتل 14 جنديا في شمال شرق نيجيريا...تونس.. "مناظرة من السجن" إن لم يسمح القضاء للقروي بالخروج...

التالي

أخبار وتقارير.....صورة تكشف لقاء!.. خامنئي ونصرالله وسليماني...عقوبات أميركية على شركات صينية تستورد نفطاً إيرانياً...ترمب: حذار من المس بسفننا في الشرق الأوسط...أميركا تصد أبوابها بوجه مسؤولي إيران.. "ممنوع الدخول"....الجبير: إيران تنشر الفوضى في المنطقة عبر ميليشياتها...بومبيو: واشنطن تريد حلا سلميا مع إيران...الصين تحضر لعرض "مرعب".. طائرات فائقة السرعة وصواريخ مدمرة..

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,224,398

عدد الزوار: 6,941,153

المتواجدون الآن: 130