المنظمة تدعو إلى تصعيد "الكفاح الشعبي" ورسائل إلى الرباعية

في محاكاة لانتفاضة شعبية ثالثة، هب الفلسطينيون امس ضد اقامة اسرائيل "كنيس الخراب" على مسافة امتار من الحرم القدسي الشريف، وحصلت مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والجنود الاسرائيليين في مدينة القدس امتدت لاحقا الى معظم المدن الفلسطينية ونقاط التماس مع الاسرائيليين والحواجز العسكرية الاسرائيلية في رام الله وبعض القرى العربية داخل اسرائيل. واصيب اكثر من 100 فلسطيني برصاص الشرطة والجيش الاسرائيلي، واعتقل العشرات من الفلسطينيين خلال المواجهات، كما اصيب ثمانية افراد من الشرطة الاسرائيلية، فيما عم الاضراب التجاري مدينة القدس واضرابات جزئية تضامنية في المدن الفلسطينية الاخرى.

 

وقال المفتش العام للشرطة الاسرائيلية الجنرال دودي كوهين انه "ليست هناك اي مؤشرات لانتفاضة ثالثة". ودعا "قادة الجماهير العربية إلى التحلي بضبط النفس". واضاف ان "الشرطة ستواصل الانتشار بقوات معززة حتى نهاية هذا الاسبوع وهي ستعمل على اعادة الامور الى اوضاعها الطبيعية اعتبارا من الأحد المقبل. ولفت الى ان كثافة انتشار قوات الشرطة، الى ادخال مزيد من الوحدات الخاصة، ساهما في تخفيف حدة أعمال الشغب".

 

وبدأت المواجهات في بلدة العيسوية شرق القدس المحتلة، حيث اصيب نحو 40 فلسطينياً، كما اصيب صحافي اجنبي . واقفلت الشرطة الاسرائيلية مساء المدخل الرئيسي للبلدة بمكعبات اسمنتية ومنعت الفلسطينيين من الدخول والخروج من البلدة.
وامتدت المواجهات الى مخيم شعفاط وواد الجوز وسلوان وصورباهر وابو ديس، كما دارت مواجهات في احياء عدة من البلدة القديمة وخصوصاً في حارتي حطة والسعدية وشارع الواد وكلها محاذية للمسجد الاقصى.
وشهد حيا رأس العمود وسلوان مواجهات مماثلة هاجم خلالها الشبان الفلسطينيون بالحجار والزجاجات الحارقة البؤر الاستيطانية، وخصوصاً عمارة "يوناتنان" التي يقيم فيها عشرات المستوطنين اليهود . ووقعت ايضا مواجهات قرب باب الناظر احد بوابات المسجد الاقصى استخدمت الشرطة القوة لتفريقها.
وهاجم في ساعة مبكرة شبان فلسطينيون الحاجز العسكري الاسرائيلي عند مدخل مخيم شعفاط شمال مدينة القدس بالحجار والزجاجات الفارغة وحاصروا الجنود الاسرائيليين داخل منشآت الحاجز. واستدعيت فوراً قوات معززة من الشرطة وحرس الحدود اشتبكت مع الشبان مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت والرصاص، فيما لم يبلغ عن إصابات، في حين اعتقل شابان في منطقة المواجهات.
وكانت مواجهات عنيفة مماثلة دارت منذ ساعات الصباح في مناطق عدة بالبلدة القديمة في القدس ومحيطها، اشتدت في واد الجوز وحيي الصوانة والطور حيث طاردت قوات كبيرة من الشرطة الاسرائيلية المئات من الفلسطينيين مستخدمة طائرات مروحية.
وتمكّن متظاهرون في حي الصوانة والطور من اقتحام البؤرة الاستيطانية "بيت اوروت" وازالوا الاعلام الاسرائيلية وحطموا كاميرات المراقبة الموجودة في البؤرة. وشهدت قرية صورباهر جنوب شرق القدس مواجهات مع القوات الاسرائيلية اسفرت عن اصابة ثلاثة فلسطينيين بجروح واصيب طفلان بالاختناق هما غنى علاء شحادة (شهر واحد)، وشقيقها محمد (سنة واحدة) نقلا الى المستشفى للعلاج.
ودهمت قوة اسرائيلية من وحدة "المستعربين" (وهم جنود اسرائيليون يلبسون زي الشباب الفلسطيني) القرية واعتقلت اربعة شبان.
واعتقلت السلطات الاسرائيلية  خمسة فلسطينيين في حي الجالية الافريقية بالقدس في محيط المسجد الاقصى بينهم الصحافي موسى قوس.
وشددت الشرطة الإسرائيلية حصارها على البلدة القديمة، وتحديدا على المسجد الاقصى، ومنعت نساء من دخوله وحظرت بصورة مطلقة ادخال المواد الغذائية اليه.

 

وخارج مدينة القدس المحتلة، نشبت ايضا مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وجنود الجيش الاسرائيلي في عدد من القرى والبلدات. ففي مخيم قلنديا جنوب مدينة رام الله (حيث انشأت اسرائيل خلال الانتفاضة الثانية معبرا حدوديا لتنقل المقدسيين بين مدينتهم ومدينة رام الله ومنها الى شمال الضفة الغربية)، اندلعت مواجهات واشتباكات بين المئات من تلاميذ المدارس والجنود الاسرائيليين الذين اطلقوا الرصاص المطاط وقنابل الغاز المسيل لتفريق الشبان، فيما اعتقل الجنود فتى في الـ 15.
وفي بلدة ابو ديس شرقي القدس، اصيب امس 17 فلسطينيا بالرصاص الحي. وقال شهود عيان ان "العشرات من الشبان والطلاب رشقوا معسكرا للقوات الاسرائيلية في البلدة بالحجار، واشعلوا الاطارات المطاط ووضعوا المتاريس، فرد الجنود باطلاق النار وقنابل الغاز لتفريق المتظاهرين، وطاردوهم في شوارع البلدة وأزقتها.
وشهدت قرية نعلين غرب رام الله مواجهات مع الجيش الاسرائيلي اصيب خلالها ثمانية فلسطينيين بجروح، بعدما اعتدى الجنود على تظاهرة سلمية تضامنا مع اخوتهم في القدس واحتجاجا على الاجراءات الاسرائيلية في المدينة.
وشهد محيط مدرسة تقوع الثانوية للبنين شرق بيت لحم مواجهات عنيفة، رشق خلالها الطلاب الجنود بالحجار، فيما رد الجنود بإطلاق الرصاص المطاط وقنابل الغاز والصوت لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى إصابة العديد منهم بالاختناق.
كما سجلت مواجهات في الخليل وبلدة حوارة جنوب مدينة نابلس.

 

وفي مناطق 1948، نصبت الشرطة الاسرائيلية حواجز عدة على طرق الجليل قريبا من القرى والمدن العربية تحسباً لمواجهات، وكذلك لمنع العرب من التوجه الى القدس ونصرة اخوانهم هناك. ومنعت اوتوبيسا من بلدة مجد الكروم في الجليل من الوصول الى مدينة القدس، واعتقلت عربيا ( 39 سنة) اتهمته بضرب شرطي، وقالت ان ركاب الاوتوبيس متوجهون للمشاركة في المواجهات التي تدور داخل القدس.

 

ودعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في بيان لها القمة العربية المقبلة في ليبيا الى "اتخاذ اجراءات ملموسة لدعم مدينة القدس، وصمود مواطنيها، امام الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة، والتحرك الفاعل على كل الصعد الدولية للضغط على دولة الاحتلال والزامها بالقانون الدولي". واكدت "ان الكفاح الشعبي والسلمي ضد الاحتلال الاسرائيلي وممارساته اليومية على الارض الفلسطينية هو حق من حقوق شعبنا يكفله القانون الدولي، وشعبنا وخلفه جبهة دولية عريضة تتسع كل يوم متمسك بالاستقلال وكنس الاحتلال ومستوطناته وجدار فصله العنصري عن أرضه".

 

وفي قطاع غزة، خرج آلاف من الفلسطينيين في مسيرات حاشدة تنديداً بالممارسات الاسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية.
وردد المشاركون في المسيرات، التي انطلقت من مختلف المدارس وصولاً الى ساحة المجلس التشريعي بمدينة غزة، هتافات الغضب والنصرة للقدس.
وطالب رئيس الوزراء الفلسطيني المقال اسماعيل هنية سلطة "فتح" كما سماها بـ"رفع يدها عن المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، لتتمكن من الدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقدساته".

 

في غضون ذلك، ألغى رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات زيارة كان مقرراً ان يقوم بها لموسكو امس لتسليم اعضاء الرباعية الدولية، الذين سيجتمعون في 19 آذار الجاري، رسائل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال: "تم تأجيل الزيارة لموسكو بسبب الاوضاع الخطيرة الناجمة عن التصعيد الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية". واوضح انه التقى في اريحا ممثلي الرباعية الدولية لدى السلطة الفلسطينية وسلمهم الرسائل الموجهة الى اطراف الرباعية.

 

• في عمان، طالبت فاعليات حزبية ونقابية وطالبية واسلامية، في اعتصامات ومسيرات نفذتها امس، وبيانات سياسية اصدرتها، المجتمع الدولي والعالمين العربي والاسلامي بالتحرك الفوري لوقف الاعتداءات الصهيونية. وانتقدوا الصمت العالمي والعربي على الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني في حق الارض والانسان في القدس الشريف وفلسطين.
ودعت اللجنة التنسيقية لاحزاب المعارضة وعدد من الاحزاب والنقابات المهنية واتحادات الطلبة في عدد من الجامعات والحركة الاسلامية ("الاخوان المسلمون" وحزب جبهة العمل الاسلامي) والمؤتمر الاسلامي العام لبيت المقدس الى التحرك العربي الجاد لوقف الانتهاكات الاسرائيلية، والى عدم الاكتفاء بالاستنكار وقطع العلاقات مع اسرائيل.
ونفذ حزبيون ونقابيون اعتصاماً امام مجمع النقابات المهنية. واعتبروا في بيان تلاه نقيب اطباء الاسنان بركات الجعبري ان قضية القدس هي "قضية اجماع واتفاق"، وحضوا الامة على التفاعل من خلال "حركة شعبية لمواجهة الاعتداءات وتقديم الدعم المعنوي والمادي للشعب الفلسطيني".
ديبلوماسياً، وجه وزير الخارجية ناصر جودة رسائل الى اعضاء الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، واجرى اتصالات هاتفية مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي المعتمدين في عمان.
ونقل الى هؤلاء قلق الاردن البالغ للتداعيات والتطورات الخطيرة التي شهدتها الاراضي الفلسطينية المحتلة وخصوصاً القدس الشرقية من جراء استمرار اسرائيل في اجراءاتها الاحادية واستفزازاتها، التي تستهدف تغيير هويتها وتهديد سلامة الاماكن المقدسة وبناء وحدات استيطانية جديدة فيها.
 

رام الله - من محمد هواش / عمان – من عمر عساف