«سنّة المعارضة»: أزمة ثقة بالتحالفات

تاريخ الإضافة الثلاثاء 2 آذار 2010 - 4:55 ص    عدد الزيارات 3494    التعليقات 0    القسم محلية

        


 
من حق «سنّة المعارضة» أن يشعروا بالخيبة والمرارة، بعد أن باتوا خارج المعادلة السياسية على المستوى الرسمي الذي يكرّس واقعاً، كانوا حتى الأمس القريب يقاومون حيثياته، ويراهنون على متانة تحالفاتهم التي تؤمن لهم طريق العبور إلى المعادلة السياسية القائمة منذ ما قبل الانتخابات النيابية الأخيرة التي خسروا فيها، بحكم معطيات موضوعية مرتبطة بالظرف السياسي والشعبي، كما بحكم تحالفاتهم وشعاراتهم السياسية التي ساهمت، على قدر حجمهم وتأثيرهم، بإعطاء جبهة المعارضة السابقة بعداً وطنياً...
ومن الطبيعي أن هذه القوى التي خرجت من الانتخابات النيابية من دون الفوز بأي موقع تمثيلي، كانت تدرك أن عليها التعايش مع حالة الانتظار في فيء المرحلة المقبلة، لكنها لم تكن تتوقّع أن ينفض «الحلفاء» يدهم بالكامل منها، وهو ما سمح بتسلّل اليأس والإحباط إلى نفوس القيادات في تلك القوى بسبب إدارة الظهر لهم من حلفائهم المفترضين الذين خاضوا إلى جانبهم أشرس المعارك السياسية على مدى خمس سنوات «ودفعوا ثمن تمسّكهم بذلك التحالف»...
«كنّا نقنع أنفسنا بأن استبعادنا المتكرّر في الماضي هو في سياق الهفوات... لكننا أصبحنا على يقين أنها كانت ترجمة لقناعات واستراتيجيات»...
ولأن الإحباط الجديد المستولد من تسمية رئيس الجمهورية لأعضاء هيئة الحوار الوطني، ليس إلا ثقلاً مضافاً إلى أثقال الماضي، فإنه لم يترك إلا خيبة أمل يحمل وزرها حلفاء الأمس في نظر المحبَطين...
ربما تنجح الاتصالات التي تسارعت خلال الساعات الماضية باستيعاب حالة الامتعاض الشديد التي سادت في أوساط تلك القوى، لكنها بالتأكيد لن تستطيع إزالة حالة الاعتراض إلا بإزالة الالتباس في طبيعة العلاقة التحالفية، وكذلك موجباتها وخسائرها ومكاسبها.
وبالتأكيد أيضاً، فأن تلك القوى التي تفرّقت منذ زمن ولم تستطع الالتقاء تحت سقف جبهوي، باتت اليوم محكومة بدراسة واقعها ودورها وحضورها، قبل أن يتجاوزها الزمن السياسي في لبنان إلى المكان الذي لا تعود فيه قادرة على ضخ الحياة في شرايين جمهورها الذي سيضطر للبحث عن نفسه.
الأرجح أن تجربة «اللقاء الوطني» الذي كان يرأسه الرئيس عمر كرامي غير مطروحة للتكرار بسبب عوامل عدة، أبرزها أن تلك الصيغة فقدت الظروف الموضوعية لإعادة إنتاجها، وأن رموزاً أساسيين ضمتهم يومها ساهموا في إفشالها وبحثوا عن ذاتهم خارجها. إضافة إلى أن تلك الصيغة الفضفاضة لم تحظ باعتراف الشركاء السياسيين وبقيت خارج حساباتهم على مستوى التنسيق الجبهوي، وهو ما دفع الرئيس كرامي آنذاك إلى إنهاء تلك التجربة.
وبرغم كل المحاولات التي جرت لاحقاً لإيجاد صيغة جبهوية جديدة تجمع ما أمكن من الحلفاء خارج الاصطفافات الرئيسة في المعارضة السابقة، أي حزب الله وأمل والتيار الوطني الحرّ والمردة، إلا أنها كلها كانت تصطدم بعقبات عديدة تمنع تأمين انطلاقة فاعلة، حتى جاءت الانتخابات النيابية التي أقصت عملياً معظم تلك القوى والقيادات عن دائرة الضوء..
يوم أمس، تطاير عتاب متبادل كان بعضه يحمل صفة الاتهام، لكنه بقي في إطار السؤال المركزي الذي تقاطعت عنده معظم الإحباطات: إلى أين من هنا؟
أيقن رموز ما كان يسمّى بـ«المعارضة السنّية» أن «لا محلّ لهم في الإعراب» وفق القواعد الراهنة للمعادلة السياسية القائمة. بل وأن أي محاولة لاختراق هذه المعادلة ستكون بمثابة «حرث الصحراء»، طالما أن الغيوم لم تبلغ بعد زمن المطر...
وعليه، بات في حكم المؤكد أن الوزير السابق عبد الرحيم مراد سيحمل مجدداً مشروعه السابق معدّلاً ليجول به على «الحلفاء» من سنّة المعارضة لعلّه يفلح في إقناعهم هذه المرة، تحت ضغط عدم الاعتراف بهم، بتشكيل عمل جبهوي ينهي حالة الإحباط السائدة في أوساطهم، وإن كان يدرك أن تسويق فكرة «اللقاء السنّي» لن تكون يسيرة عند أبرز رموز المعارضة السنية، وفي مقدمهم الرئيس كرامي.
ربما تكون المصادفة وحدها هي التي جمعت توقيت إعلان هيئة الحوار مع تجدّد النقاش بين قيادات من هذه القوى، قبل أسابيع قليلة، حول الهوية والدور المفقود والبحث عن الذات.
وفي إحدى جلسات ذلك النقاش جرى تشريح الواقع بشيء من الصراحة والموضوعية في تحديد أسباب ضمور الدور وضعف البنية واضمحلال الحضور. وفي تلك المصارحة الذاتية كانت لحزب الله والتيار الوطني الحر حصّة لا بأس بها من الانتقاد لمساهمة كل منهما في إبعاد المعارضة السنية عن دائرة القرار والتنسيق... لكن السؤال الأبرز في تلك الجلسة أنهى النقاش من دون مفاعيل: «هل ما زال حزب الله يحتاج إلى التحالف معنا؟»...
قد يجد سنّة المعارضة في الاعتراضات التي خرجت إلى العلن على هيئة الحوار، ومعايير تسمية أعضائها، ما يساهم في تهدئة خواطرهم، لكنهم كانوا أكثر ارتياحاً للتطمينات التي تلقوها بالرسائل المباشرة والمرمّزة، ومن مراجع عليا، بأن الإقلاع المتعثّر لهيئة الحوار سيبطل مفعولها سريعاً وربما يؤدي إلى إعادة النظر بمعايير عضويتها، وهو ما يعطيهم فرصة لالتقاط الأنفاس واستجماع القوى تمهيداً لمحطات سياسية مقبلة... خصوصاً إذا تمكنت هذه القوى من العثور على هويتها في رحلة البحث عن الذات المستمرة منذ خمس سنوات...
 

 


المصدر: جريدة السفير

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,750,033

عدد الزوار: 6,912,693

المتواجدون الآن: 101