"المحافظ" محمد بديع مرشداً لـ"الإخوان المسلمين"

أعلن امس المرشد العام المنتهية ولايته لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر محمد مهدي عاكف أن الاختيار وقع على العضو القيادي المحافظ في الجماعة محمد بديع مرشدا عاما جديدا، الامر الذي قد يؤذن بفترة انكماش سياسي للجماعة.
وقال عاكف الذي انتهت ولايته الاربعاء في مؤتمر صحافي إن اختيار بديع (66 سنة) تم بموافقة "جميع أعضاء مجلس الشورى العام وأعضاء مكتب الإرشاد وإخوان الخارج (مجلس الشورى العالمي)".
وبديع عضو في مكتب الإرشاد منذ عام 1996 وينتمي الى الجناح المحافظ في الجماعة الذي يسمى "جناح القطبيين" نسبة إلى المفكر الإخواني البارز سيد قطب الذي أعدم شنقا عام 1966. وكان قبل اختياره للمنصب محاضراً في كلية الطب البيطري في جامعة بني سويف جنوب القاهرة.
وجاء اختياره للمنصب بعد أشهر من الصراع بين الجناح المحافظ في الجماعة وجناح إصلاحي انتهى باستقالة الرجل الثاني في الجماعة محمد حبيب من كل مناصبه قبل نحو أسبوعين، وهو أبرز الأعضاء القياديين في الجناح الإصلاحي.
ولم يحضر حبيب الذي كان يشغل منصب النائب الأول للمرشد العام للجماعة إعلان اختيار المرشد الجديد لغضبه من نتائج انتخابات غير علنية لمكتب الإرشاد أجريت في الأسابيع الماضية وادت الى عدم إعادة انتخابه لعضوية المكتب الذي يعمل كلجنة تنفيذية للجماعة.
ومع ذلك، شدد عاكف في كلمته على وحدة الصف في الجماعة "على رغم كل ما يشاع عن وجود خلافات حول اختيار المرشد العام".
اما بديع فكان أكثر إقرارا بالخلافات، اذ اكد في كلمة قبول المنصب "إن الذين يعملون لربهم ولدينهم ولأوطانهم يأبون إلا أن يكونوا صفا واحدا وإن تنوعت آراؤهم وتفاوتت بعض اجتهاداتهم".
وألقي القبض على بديع في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1965 مع عدد من أعضاء الجماعة بينهم قطب، وقدموا لمحاكمة عسكرية وصدر عليه حكم بالسجن 15 عاما أمضى منها تسعة أعوام وراء القضبان.وكان عبد الناصر اتهم جماعة "الإخوان" بمحاولة اغتياله عام 1954.
وفي 1998، احتجز بديع 75 يوما على ذمة قضية جمعية للدعوة الإسلامية كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها. وفي 1999 حكم عليه في محكمة عسكرية بالسجن خمس سنوات امضى منها ثلاث سنوات وتسعة أشهر مسجونا. واحتجز لمدة شهر عام 2008 خلال انتخابات للمجالس المحلية.
ويدعو الإصلاحيون في الجماعة إلى انخراط أكبر في العمل السياسي والى حوار أوسع مع الجماعات والأحزاب السياسية في مصر ومع القوى العالمية المؤثرة وخصوصا الولايات المتحدة، بينما يرى المحافظون أن الأولوية يجب أن تعطى لتقوية الجماعة من خلال العمل الاجتماعي والدعوة والتربية في الوقت الذي يبدو أن المناخ لا يسمح بعمل سياسي ذي جدوى، كما نقلت عنهم صحف محلية.
كما يطالب الإصلاحيون بدور أكبر للشباب والنساء في الجماعة.
ويتولى بديع ملف التربية في الجماعة منذ 1994. وقالت المصادر إنه ربما يواصل الاحتفاظ لنفسه بهذا الملف الذي يرى أن الجماعة أهملته بالتركيز على العمل السياسي في السنوات الماضية استجابة لرغبة الأجيال الشابة فيها وهو ما تسبب بإجراءات حكومية ضدها.
وقال المحلل السياسي ضياء رشوان: "سنرى تطورات من ناحية العمل الاجتماعي، ولكن ليس من (ناحية) العمل السياسي المباشر".
وبدا بديع في كلمته التي وصفها بأنها منهاج عمل للمرحلة المقبلة، منفتحا على الجماعات والأحزاب السياسية. وقال: "الجماعة تمد يدها لكل القوى الإسلامية والقومية (العربية) والوطنية والأحزاب السياسية و (التيارات) الفكرية والثقافية من أجل مصلحة الوطن... ويؤمنون بتداول السلطة عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة".
وبعد الانتخابات النيابية التي أجريت عام 2005، برزت الجماعة كأقوى قوة معارضة في مصر منذ ثورة 1952 بحصولها على 88 مقعدا في مجلس الشعب تمثل نحو خمس مقاعد المجلس. لكن أيا من مرشحيها لم يفز في أي من الانتخابات العامة الجزئية التي أجريت مذذاك وسط اتهامات للحكومة بأنها تعمل على شطب أو إسقاط مرشحيها لمنع اتساع قاعدة نفوذها السياسي الى درجة تهدد حكم الرئيس حسني مبارك الذي انتخب للمرة الاولى عام 1981.
ويتوقع مع تصعيد بديع الذي يوصف بأنه حذر أن ينخفض تمثيل الجماعة في مجلس الشعب.
من جهة اخرى، قال بديع إن العلاقة مع أقباط مصر قائمة على أساس أن "المواطنة أساسها المشاركة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات مع بقاء المسائل الخاصة بالأحوال الشخصية لكل حسب شريعته ومنهاجه".
وكان مشروع برنامج لحزب سياسي حاول "الإخوان" إعلان قيامه قبل نحو عامين استبعد إمكان أن يكون رئيس الدولة مسيحيا، ولم يتطرق المرشد العام الجديد لهذه المسألة.
وبديع هو المرشد الثامن للجماعة التي أسسها حسن البنا في مدينة الإسماعيلية إحدى مدن قناة السويس عام 1928. وتوفي المرشدون العامون الستة الذين سبقوا عاكف (81 سنة) وهم يشغلون المنصب.