"الجماعة" في سعيها الى الفصل بين الديني والمدني...تطلق "حزب الإصلاح والتنمية" تشبّهاً بتركيا

تاريخ الإضافة الإثنين 21 كانون الأول 2009 - 5:03 ص    عدد الزيارات 3528    التعليقات 0    القسم محلية

        


كتب بيار عطاالله:
على خطى الاسلاميين الاتراك في حزب "العدالة والتنمية"، الذي شكّل الحكومة في انقرة، تتجه "الجماعة الاسلامية" في لبنان وهي الشقيق التوأم للحزب التركي وشريكه في تنظيم "الاخوان المسلمين" العالمي الى الاعلان عن اطلاق حركة سياسية جديدة هي "حزب الاصلاح والتنمية".
والقرار، على ما تؤكد اوساط قيادية في الجماعة، ليس جديداً بل اتخذ منذ مدة طويلة وحصل العاملون في سبيله على رخصة او علم وخبر من وزير الداخلية السابق احمد فتفت لمزاولة نشاطهم، لكن القرار او التصريح نام في الادراج في انتظار اللحظة المناسبة، والتي يبدو ان مناصري الجماعة يرونها مؤاتية وحان وقتها لاطلاق التنظيم الجديد. وفي دوافع القرار باطلاق الحزب الجديد (دائماً على ذمة قادة الجماعة) ان ثمة اتجاهاً قوياً او تياراً فكرياً كبيراً في الاوساط يدعو الى الابتعاد بالفكر الاسلامي عن زواريب السياسة ومندرجاتها اليومية والآنية. وعلى رغم اهمية المناقشات التي تثيرها هذه الافكار على مستوى الحركات الاسلامية، يبدو واضحاً ان قيادة الجماعة امتلكت قدراً كبيراً من الشجاعة للخوض في هذا الغمار. وفي رأي الاوساط نفسها ان اطلاق الحزب الجديد يقوم على قاعدة الفصل بين العمل الدعوي والارشادي والديني الذي ينهض به المشايخ المنضوون تحت لواء "الجماعة الاسلامية" على حدة، وورشة العمل السياسي الكامل وشروطه وموجباته والذي ستنصرف اليه الكوادر المدنية لجهة حشد المحازبين وتعبئتهم وتأطيرهم، وتشكيل ماكينة حزبية كاملة تعمل على استيعاب المحازبين وانضواء آخرين جدد وتأطيرهم استعداداً للانتخابات النقابية والطالبية والمناطقية، وصولاً الى الانتخابات البلدية والنيابية التي يعتبر انصار "الجماعة" ان ما حصلوا عليه خلال الانتخابات النيابية الاخيرة لم يكن في حجم قوتهم السياسية والشعبية،
ولكن، على قاعدة ما مضى قد مضى واستلهام الدروس والعبر من هذه التجربة، قرر قادة الجماعة اطلاق حزبهم السياسي الرديف، وينصرفون حالياً الى وضع الخطوط العريضة لمبادئ الحزب وتوجهاته التي وإن كانت تستلهم فكر الجماعة وطروحاتها السياسية المعتدلة في الشأن الوطني الا انها ستكون، على حد قولهم، اكثر ليبرالية لجهة اطلاق حزب يتصدى للشأن الوطني بقيم وطنية لا تتعارض مع توجهات الجماعة، وتالياً مع الفكر الاسلامي الذي يظلل جماعة الاخوان المسلمين، ويجمع صفوفها سواء في تركيا او في لبنان وغيرهما.
وتقول الاوساط القيادية إن الجماعة الاسلامية تضم نخبة من المشايخ الاختصاصيين في الشؤون الدينية والقادرين على ادارة شؤون الجماعة مؤسسة دعوية، في حين ان اطلاق الحزب يحسم الالتباس العالق في اذهان الرأي العام عن الربط المحكم بين حركة الجماعة الدينية وحركة مناصريها السياسية. وبهذا المعنى يمكن القول إن قيادة الجماعة او الداعين الى اطلاق الحزب يريدون استلهام تجارب سياسية اثبتت نجاحها، وان ثمة دروساً وعبراً في الوضع اللبناني يجب الاتعاظ منها والركون اليها، خصوصاً الدرس من "تيار المستقبل" الذي تمكن على رغم طابعه السني الغالب من النجاح في العبور الى مناطق مسيحية عدة سواء في الشمال وبيروت والبقاع وجبل لبنان واستقطاب شخصيات مسيحية كثيرة. وعلى رغم ادراك قادة الجماعة الكاريزما الكبيرة او الدور الاساس والمحوري الذي اداه الرئيس رفيق الحريري ومن بعده نجله الرئيس سعد الحريري في جذب هذه الشخصيات المسيحية واستقطابها، فإن الناشطين في الحزب الجديد يراهنون على قدرتهم على جذب عناصر من خارج حشود الطائفة السنية.
الاعلان عن الحزب الجديد مسألة وقت، على ما تردد اوساط الجماعة المنهمكة في اعمال مؤتمرها العام ومفاعيله، والذي كان من اولى نتائجه اختيار ابرهيم المصري اميناً عاماً لها خلفاً للشيخ فيصل المولوي الذي يواجه اوضاعاً صحية صعبة. والمفاجأة ان المولوي هو من اكثر المتحمسين لفكرة الحزب الجديد الذي سيشكل امانته العامة وهيئاته القيادية على ما يبدو في وقت قياسي، استناداً الى العديد المتوافر في حشد الجماعة الاسلامية. فالمسألة اذاً ليست الا مسألة وقت وتحديد الزمان والتوقيت المناسبين لاطلاق الحركة على رغم ان ثمة تبايناً في الرأي حول توقيت هذا الاعلان، وكل يردّ الامر الى اسباب معللة.
اما عن موقف قيادة التنظيم العالمي لـ"الاخوان المسلمين"، فتقول الاوساط نفسها إن هذه القيادة لا تتدخل في الشؤون القطرية للاخوان وتترك لكل حزب او جماعة او هيئة حرية الحركة وتحترم خصوصيتها. وتقدم نموذجاً عن ذلك ما خص النظرة الى "حزب الله" في لبنان والملاحظات التي يقدمها "اخوان لبنان"، على هذا الموضوع، في حين يتحالف الاخوان المسلمون في فلسطين ممثلين بحركة "حماس" مع الحزب وايران. ويذهب الاخوان في سوريا والاردن الى مواقف مختلفة من الاوضاع القائمة. وتصر اوساط الجماعة، واستطراداً الاخوان في لبنان، على التأكيد انهم يتمتعون بخصوصية معينة تعنيهم وحدهم و"ان التنظيم يعرف مدى حساسية الفسيفساء اللبنانية ومدى دقة الوضع اللبناني وفرادته(...)".
محاولة اقتباس النموذج التركي الاسلامي على رغم الفارق المجتمعي والكمي ليست الاولى، فهناك تجربة حزب العدالة والتنمية الذي اسسه النائب خالد ضاهر وكان عضواً في الجماعة لكنه خرج منها تنظيمياً، في حين انه لم يخرج على ما يبدو من انتمائه الى صفوف تنظيم "الاخوان المسلمين" العالمي، وهو حاول العمل في اطار حزبه الجديد، لكنه بقي محصوراً في اطار قاعدته الشعبية في الشمال ولم يستطع تجاوز هذا الاطار. والسؤال: هل سيستطيع الحزب الاسلامي الجديد تجاوز الاطر والحدود التي تعمل فيها "الجماعة الاسلامية" في لبنان؟
 


المصدر: جريدة النهار

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,170,018

عدد الزوار: 6,938,380

المتواجدون الآن: 133