تحليل من رام الله

انتفاضة فلسطينية ثالثة خيار مطروح بقوة

تاريخ الإضافة الأحد 1 تشرين الثاني 2009 - 5:48 ص    عدد الزيارات 3988    التعليقات 0    القسم عربية

        


كثيرة هي التوقعات اليوم، وكثيرة هي الامنيات ان يؤدي  احتكاك بين الفلسطينيين والاسرائيليين الى مواجهة  تخلط الاوراق وتغير قواعد اللعبة.
فالفلسطينيون قد يُدفعون الى انتفاضة بتأثير حدث او احداث يدفع بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس او محيطها او في الضفة الغربية، وهو ما اشار اليه اخيراً الرئيس الفلسطيني محمود عباس في احاديث مع مستشارين وقوله لصحيفة "معاريف" الاسرائيلية الجمعة  "ان نتنياهو الذي نرى هو نفسه نتنياهو عام 1996 " (الذي تسببت سياساته  باندلاع انتفاضة النفق المسلحة والتي شهدت مواجهات بين الجيش الاسرائيلي والاجهزة الامنية الفلسطينية قتل خلالها 63 فلسطينيا و36 اسرائيليا، فيما جرح المئات من الفلسطينيين، مع ان الجيش الاسرائيلي اوصى نتنياهو وحذره من مغبة  فتح نفق تحت ساحة الحرم القدسي). 
حتى ان رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية  صائب عريقات، وهو المعتدل، تحدث صراحة عن خطر اندلاع انتفاضة ثالثة" وعن "مفاوضات لا يمكن ان تقلع من دون معجزة".
ما يجري اليوم في القدس  من عمليات هدم لبيوت فلسطينيين ومصادرة اراض ومبان قديمة تعود الى فلسطينيين ومواصلة اغلاق مؤسسات فلسطينية لا يتعارض وجودها  مع اتفاقات اوسلو، ومحاولات فرض امر واقع جديد في شأن الحرم القدسي كتقسيمه على غرار الحرم الابرهيمي بعد المجزرة  التي نفذها باروخ غولدشتاين  في 25 /2/1994 عندما قتل  29 فلسطينيا وجرح 150 آخرين، وكل ذلك  لا تقوم به منظمات يهودية هامشية او معزولة عن سياسة الحكومة اليمينية  الاسرائيلية وبرنامجها، كما ان زيادة وتيرة الاستيطان واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية على المزارعين الفلسطينيين او المتنقلين على طرق الضفة (وهي صارت طرقا للمستوطنين فحسب)، لا يمكن عزلها عن خطة اسرائيلية رئيسية، فسياسة الاحتلال الاسرائيلي في الضفة تقودها وتشرف عليها وزارة الدفاع من خلال ادوات عدة ابرزها الجيش وجهاز الامن العام "الشاباك"، وجهاز "الادارة المدنية"، وكلها يقودها جنرال ومكاتبها في المعسكرات الاسرائيلية بالضفة.
بيد ان ايقاع التحرشات الاسرائيلية تلك بالفلسطينيين لا يمكن ضبطه الى ما لا نهاية، وانفلات عقال العنف اليميني مدعوما من سياسات الحكومة الاسرائيلية ليس سوى مسألة وقت.  فالحكومة الاسرائيلية اليمينية تتهم الفلسطينيين بالمسؤولية عن كل شيء بما في ذلك اطالة امد الاحتلال، وتسعى الى حشر الرئيس الفلسطيني في زاوية رفض التفاوض. ويعتقد نتنياهو ان مزيدا من الضغوط الاميركية على عباس قد يفتح طريقا للتفاوض من دون أي التزام اسرائيلي بوقف الاستيطان والاعتداءات على الفلسطينيين ومقدساتهم في القدس.
وعلى رغم ان هذه السياسات الاسرائيلية لم ولن تنجح في تغيير تمسك الفلسطينيين بما يتمسكون به (مفاوضات لانهاء الاحتلال واقامة دولة الى جانب اسرائيل)، الا ان المزيد منها سيؤدي لا الى اضعاف الفلسطينيين بل الى تقويتهم. وربما يوحد ميدان المواجهة مع اسرائيل اذا فرضت على الفلسطينيين ما لم يستطع أي ميدان آخر فعله. كما ان المزيد من هذه السياسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين لا يمكن تحمله الى ما لا نهاية، ولا ضبط ردود الافعال الفلسطينية الفردية والجماعية، وقد يفلت من هنا او هناك ما يمكن ان يكون شرارة انتفاضة ثالثة لتغيير رتابة ردود الافعال على تسوية متعثرة ومفاوضات لا افق سياسيا لها،  وخصوصا ان اسرائيل نتنياهو في حاجة اليوم الى الخروج من معضلتين كبيرتين  هما: اولاً تغيير صورة اسرائيل في الحلبة الدولية كدولة "خارجة عن القانون"، خصوصا بعد اقرار تقرير رئيس مهمة الامم المتحدة لتقصي الحقائق حول حرب غزة  القاضي ريتشارد غولدستون في مجلس حقوق الانسان، وفرض قيود على تحرك ضباط الجيش الاسرائيلي في عواصم اوروبية عدة، وثانيا، ان  يقترب نتنياهو من  مواقف الرئيس الاميركي باراك اوباما المتعلقة بحل الدولتين باعتباره مصلحة  اميركية وحاجة الى تغيير الاتجاه في سياساتها الخارجية خصوصا مع العالمين العربي والاسلامي، او اقله عدم معارضة اسرائيل هذه السياسات علنا والعمل لافشالها.
تقدير الرئيس الفلسطيني أن الزمن المتبقي قليل لتغيير الاتجاه السلبي في المسيرة السياسية، وهو لا ينبع من عدم استعداد الفلسطينيين انفسهم لمعاودة المفاوضات على قواعد الشرعية الدولية وخطط الرباعية الدولية مع ادارة اوباما، بل من وجود حكومة اسرائيلية تسير عكس اتجاه الريح الدولية اليوم، وعكس اتجاه الرغبات المعلنة بالتقدم في مسيرة سلمية حقيقية كما كان الوضع ايام حكومة رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت، اذ اقترب الجانبان كثيرا من التوصل الى اتفاق نهائي، وكان يحتاج الى بعض الوقت والشجاعة معاً.
عباس الذي يستعد لاجراء انتخابات عامة خلال ثلاثة اشهر بمشاركة حركة المقاومة الاسلامية "حماس" او من دونها، لا يستطيع ان يكون ديبلوماسيا اكثر من اللزوم مع حكومة اسرائيلية تضع عراقيل يومية امام امكان معاودة المفاوضات. ولهذا ربما تحدث عشية وصول مبعوثي الادارة الاميركية الى المنطقة  عن مهلة يمكن ان يعطيها لنتنياهو كي يبدا مفاوضات جدية لانهاء الاحتلال لا ان يقترح بدائل ويعمل على اخرى تؤدي الى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، كحديثه عن "تسوية انتقالية " تارة و"سلام اقتصادي" تارة اخرى، بينما تدفع حكومته انصارها في القدس والضفة  الى استفزاز الفلسطينيين.
الفلسطينيون بدورهم لا يستبعدون ان تؤدي استفزازات اسرائيلية الى انتفاضة ثالثة مع انهم يعتبرون ذلك اليوم فخاً اسرائيلياً لهم، بعد معاودة الحياة شبه الطبيعية لمدنهم امنيا واقتصاديا واجتماعيا. لذا يجري الحديث عن انتفاضة سلمية قصيرة تكثف الرسائل السياسية التي تحملها، علماً ان لا شعبية لانتفاضة سلمية في اوساط الفلسطينيين  بدليل ضعف الفاعليات الشعبية المناهضة للجدار والاستيطان في قرى بلعين ونعلين غرب رام الله والمعصرة والخضر قرب بيت لحم مع انها متواصلة. وقنوط الفلسطينيين من المفاوضات حلا لمشكلاتهم مع اسرائيل  ومع انفسهم قد يفتح الطريق امام انتفاضة ثالثة.
 

رام الله - من محمد هواش 


المصدر: جريدة النهار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,750,760

عدد الزوار: 6,912,762

المتواجدون الآن: 113