مراجع أمنية تحذّر من تفاقم الفراغ الحكومي: التوتر السني - الشيعي عند الضوء البرتقالي

تاريخ الإضافة الأربعاء 23 أيلول 2009 - 7:32 ص    عدد الزيارات 3676    التعليقات 0    القسم محلية

        


يتعدّى غياب الحكومة في لبنان وفشل المحاولة الاولى لتأليفها الاطار السياسي الروتيني للتأليف، اذ يرتفع منسوب الخوف والتحذيرات من اخطار امنية مع كل يوم تتأخر فيه ولادة الحكومة.  
وتشدد مراجع أمنية رفيعة لـ"النهار" على ان ثمة عنوانا رئيسيا يندرج تحته الخوف من توتر امني، وهو الخلاف السني – الشيعي، الامر الذي يصبح معه الخوف من تحول هذا الخلاف حوادث امنية، أمرا مشروعا في غياب التوافق السياسي. وتشير الى ان ثمة ملفات امنية عادية وروتينية، تصبح فجأة ذات اهمية بسبب الضوء المسلط عليها نظرا الى انعدام الثقة بامكان تأليف الحكومة قريبا، لكن يبقى الخلاف السني – الشيعي، الابرز حاليا، والساحة الاولى التي ينعكس فيها الخلاف السياسي.
وتلتقي هذه المصادر مع ما تؤكده مصادر سياسية، من ان التعثر الاقليمي والمراوحة التي فرضت نفسها على الحوار الاميركي – السعودي، وتراجع واشنطن خطوات الى الوراء في حوارها مع دمشق، جعلت كل فاصلة في مشاورات التأليف تُحسب بميزان الذهب، نظرا الى تداعياتها على الشارع.  وتلفت في هذا الاطار الى ان عدم تسمية الرئيس نبيه بري للرئيس المكلف سعد الحريري في جولة الاستشارات الثانية، لم تمر بسهولة في الصالونات السياسية السنية ولا في الشارع السني، وقد جرت منذ اولى ايام الاستشارات محاولة لتصويب هذا الخلاف ومنع تكريس المواجهة بين الرئيس المكلف والطرف الشيعي، عبر تقديم الخلاف مع العماد ميشال عون على انه اولوية، وهو ليس كذلك كما يعرف اللاعبون الكبار، ومن خلال سعي النائب وليد جنبلاط الى فتح حوار جدي مع "حزب الله". ولعل هنا تكمن الاهمية الحالية لوجود كل من عون وجنبلاط في المعسكرين المتقابلين، في امتصاصهما النقمة وتخفيف حدة الاحتقان المتبادل بين الطرفين السني والشيعي.
وتؤكد المراجع الامنية لـ"النهار" ان الخلاف السني– الشيعي لم يصل في الوقت الراهن  الى الضوء الاحمر الذي ينذر بالخطر الشديد، لكنه حتما وصل الى الضوء البرتقالي، وما فوقه قليلا، بما يستدعي التنبه لكل مجريات الاحداث السياسية التي تنعكس حكما على الشارع.
وبحسب الوقائع الامنية التي تتجمع لدى المراجع المختصة، فان بيروت لا تزال تشكل ساحة بالغة الحساسية وخصوصا في شوارع واحياء محددة تتحول في لحظة واحدة خطوط تماس بين المجموعات السنية والشيعية عند أي احتكاك في الشارع. وفي الآونة الاخيرة سجلت حوادث امنية متفرقة بقيت بعيدة عن الاعلام، تخللها ضرب وتحطيم سيارات واحتكاكات حادة، عملت القوى الامنية من جيش وقوى أمن على تطويقها والحد من تداعياتها محليا.
تشكل بيروت عصبا اساسيا للتوتر الذي لا يزال يترجم عند أي نبأ أمني، وان يكن إشاعة، وعند أي حدث سياسي يمكن ان يترك ذيوله في الشارع، او حتى عند أي مبارة كرة قدم محلية كما حصل اخيرا. وبيروت بالنسبة الى الفريق الشيعي، بحسب مصادر سياسية مطلعة على حيثيات حوادث 7 ايار 2008، كانت تشكل بالنسبة  الى الطرف الشيعي الساحة التي اخترقها بعدما حُرّم عليه دخولها ابان حرب تموز، حين وقفت باصات العائلات النازحة من الجنوب على تخومها. ولا تزال تمثل الساحة الاكثر تمايزا في مشروع امتد من يوم 8 آذار الى يوم الاعتصام والى 7 أيار.
وبحسب المراجع الامنية، فإن ثمة اعادة تسلح فرضت نفسها منذ 7 ايار في كل لبنان، وخصوصا في المناطق الاكثر عرضة للتوتر. وتشير الى ان منطقتي الشمال والبقاع لم تعودا مركز توتر محتمل، بسبب اعادة امساك القوى السنية الموالية لـ"المستقبل" بالشارع فيهما . وتلفت الى  حركة التسلح التي شهدتها منطقة الشمال والتضعضع الذي لحق بالقوى المعارضة وخصوصا في طرابلس وعكار، ولا سيما بعد وفاة النائب السابق فتحي يكن، ومواقف للرئيس عمر كرامي في الاستشارات النيابية، الداعمة للرئيس المكلف سعد الحريري، والخلافات التي تعصف بين بعض الاجنحة المعارضة، خففت حدة تحول الشمال ساحة مواجهة، على رغم أن ثمة قرارا لدى المعارضة بتثبيت اقدامها سلاحا ووجودا في الشمال. وتشير الى ان ثمة وعيا لدى النائب سليمان فرنجيه لجهة عدم تحويل الكورة ساحة مواجهة، مهما تعرض لضغط، لانها يمكن ان تنعكس تطويقا سنيا لمنطقة زغرتا، وهو أمر يعرف فرنجيه مدى خطورته وانعكاسه المباشر على مدينة زغرتا.  
أما في البقاع، فقد كرّست نتائج الانتخابات النيابية اعادة التموضع السني الى جانب "المستقبل" في بلدات الوسط والبقاع الغربي، الامر الذي مكّنه من التصرف بحرية وراحة اكبر في الامساك بالشارع وتثبيت اقدامه في مواجه أي محاولة للالتفاف عليه.
من هنا يصبح التركيز على بيروت تلقائيا، في وقت يتفاقم فيه السجال السياسي ولا تبدو في الافق بوادر حلحلة قريبة. وفي حين تلفت المراجع الامنية الى ان ثمة جهدا مضاعفا على القوى الامنية بذله وفرض ايقاع امني لضبط الوضع، ثمة مسؤولية تقع على المرجعيات السياسية في ضبط الوضع، اذ ان لا امن من دون توافق سياسي، وكلما انكشفت الساحة سياسيا ، صار الخوف الامني من انعكاس الصراع السني – الشيعي السياسي اكثر حدة.

هيام القصيفي


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 156,147,862

عدد الزوار: 7,016,806

المتواجدون الآن: 68