حزب "القوات" إلى مؤتمره التأسيسي الأول: مؤسسة ديموقراطية قوية أم حزبية تقليدية ؟

تاريخ الإضافة الجمعة 18 أيلول 2009 - 7:53 ص    عدد الزيارات 3838    التعليقات 0    القسم محلية

        


يسير حزب "القوات اللبنانية" بتصميم نحو عقد مؤتمره العام الاول، او ما يفضل بعض الحزبيين ان يطلقوا عليه اسم "مؤتمر التأسيس" نسبة الى انه الاول في سجل الحزب الذي غدرت به سلطات الوصاية السورية منعاً لنشوء حزب مسيحي قوي أسوة بضرب حزب الكتائب وتهميشه. علماً ان هدف المؤتمر الاوحد هو التنظيم وتركيب البنى الحزبية وتكريس حزب القوات لخطه السياسي رسمياً في تجربة هي الثانية على مستوى  الاحزاب المسيحية اللبنانية بعد تجربة حزب الكتائب الذي استعاد تقليد تنظيم المؤتمر العام مع عقد مؤتمره الـ 72 العام الفائت وكرس عودة الشباب اليه.
يمثل المؤتمر المنوي عقده نهاية السنة الحالية او مطلع سنة 2010 ، تحدياً كبيراً لحزب القوات ان على مستوى القيادة او الكوادر الحزبية، التي تشكل واسطة العقد بين معراب مقر اقامة رئيس الهيئة التنفيذية في الحزب سمير جعجع والقواعد الشعبية الموزعة في مختلف مناطق الانتشار المسيحي في لبنان. وفي غمرة الكلام الانشائي وخطابات الترويج والدعاية السياسية التي تجزم بنجاح المؤتمر وتحقيق اهدافه قبل عقد اعماله وورش العمل، الا ان الاعداد للمؤتمر يمر في مخاض طويل لا بد من ان ينجلي عن نتائج محددة وواضحة تتصل بشكل المؤسسة الحزبية التي ستبصر النور بعد المؤتمر وآلية عملها ومقاربتها للمسائل او القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية واستطراداً المسيحية، خصوصاً ان قاعدة حزب "القوات" امتدت تدريجاً خلال الفترة الماضية واتسعت لتستوعب مزيداً من الشبان الباحثين عن مؤسسة حزبية قوية ونشطة تستعيد بعضاً من حضور المسيحيين واسباب القوة التي يفتقدها المسيحيون ولا يرونها لدى الاحزاب الاخرى.
حتى الان، تبدو الامور جيدة فالترويج للمؤتمر على كل شفة ولسان بين محازبي "القوات" وفي الحلقات والندوات واللقاءات والخلايا الحزبية سواء منها على مستوى المناطق ام على مستوى القطاعات. وفي اخبار ماكينة القوات ان استمارات يتم توزيعها على المحازبين وتتضمن جملة اسئلة وتساؤلات وتطلب اجابات عن نقاط معينة. وهذه العملية تنطوي على  الكثير من الممارسة الديموقراطية في العودة الى القاعدة و "الاستئناس" برأيها وتلك نقطة ايجابية جداً تسجل في خانة الحزب لجهة استفتاء المحازبين والسؤال عن رأيهم في ما يجري او ما سيتم العمل عليه او بموجبه. وهذه المسألة شكلت ثغرة كبيرة في اداء احزاب مسيحية اخرى فشلت في استنباط صيغة لاشراك القاعدة الشعبية في عملها والعودة اليها.
ومن الواضح ان ناشطي "القوات" انتبهوا الى هذه المسالة ويعملون على تداركها سلفاً. وفي الايجابيات ايضاً دعوة الكوادر الى لقاء القيادة والاستماع الى ما لديها من ملاحظات واشكاليات على المؤتمر وآلية التحضير له،  والمتوقع منه. لكن هذه الايجابيات لا تنفي جملة ملاحظات يسوقها قياديون على ما يجري، وتثير نقاشات في بعض الحلقات الحزبية القواتية، خصوصاً ان جملة من الامور معلقة على هذا المؤتمر، فكل مطالبة بإصلاح او تركيب مؤسسة حزبية ما تحال على المؤتمر وكل المشاريع مؤجلة الى مرحلة المؤتمر وما بعده وما سينبثق عنه:
تندرج الملاحظة الاولى في باب تنظيم حضور المؤتمر، والسؤال الذي يواجه كوادر الحزب هو: من يحضر اعمال المؤتمر ومن لا يحضر؟ وهل سيحضر الثلاثون الف محازب ونيف جميعاً اعمال المؤتمر ليتحول الى مهرجان شعبي على امتداد ثلاثة ايام؟ وهذا السؤال هو من الاهمية بمكان خصوصاً ان الحزب لا يعتمد حتى الساعة نظام طلبات الانتساب والبطاقة الحزبية التي تحدد من هو الحزبي ومن هو النصير ومن هو العضو العامل ومن هو العضو الذي لم يستكمل شروط الانتساب والاهلية الحزبية. واستطراداً يطرح بعض كوادر القوات مشروعاً لاعتماد البطاقة الحزبية واطلاقها قبل المؤتمر في حين يفضل آخرون التريث الى مرحلة ما بعد المؤتمر لإشباع المسالة درساً وتمحيصاً.
وفي المعلومات أن تقدير عدد الكوادر النظامية او المندوبين الذين سيحضرون ويشاركون عملانياً في اعمال المؤتمر، سيتراوح بين الف و 1500 كادر، لكن السؤال هو من سيقرر اي من المسؤولين سيحضر خصوصاً ان عدد كوادر الحزب المناطقية والنقابية يتجاوز هذا الرقم بأضعاف، وقيل في هذا الاطار ان الدعوة ستوجه الى رؤساء المناطق والمصالح والقطاعات وامناء السر العاملين معهم اضافة الى رؤساء الاقسام والوحدات الحزبية النقابية. ويقال ان ثمة من اقترح على قيادة القوات اعتماد اسلوب انتخاب المندوبين على مستوى القاعدة الامر الذي لم يتم حسمه حتى الساعة، مع الاشارة الى ان اعتماد هذا الخيار يعني دخول المؤسسة القواتية خيار الديموقراطية من بابه الواسع الامر الذي يشرع الباب على كثير من الامور التي قد لا تكون مطلوبة في هذه المرحلة. وفي موازاة ذلك، ثمة اقتراح اخر يقضي بتعيين المندوبين لمرة واحدة وبصورة استثنائية وتبرير ذلك بدقة المرحلة وصعوبتها وعدم جهوزية المؤسسة للانتقال دفعة واحدة الى عملية الانتخابات. لكن الخشية لدى بعض الكوادر ان يؤدي اعتماد التعيين الى سيطرة اتجاهات معينة على اعمال المؤتمر وكبح اي محاولة تغييرية والسير بالقوات في خط واتجاه معين.
الملاحظة الثانية التي تساق، هي النقاش الذي يدور همساً في محافل الحزبيين حول مسألة النظام الداخلي وما اذا كان يجب تعديله ام لا وخصوصاً لجهة انتخاب رئيس الحزب ومن ينهض بهذه العملية، هل هو المؤتمر العام ام القاعدة الشعبية.  اضافة الى مسألة التجديد او عدم التجديد لرئيس الحزب ومدة ولايته. فرغم اجماع الحزبيين القواتيين على التزام قيادة سمير جعجع مدى الحياة، الا ان ثمة تساؤلات ترى ضرورة وضع آلية تحكم موضوع الرئاسة وتقي الحزب امكان التنازع على السلطة او انهيار القيادة لأي سبب من الاسباب القاهرة او في حال الطوارئ. وهنا ترى بعض الافكار ان رمزية قيادة جعجع للحزب وولاء القاعدة الشعبية له امر استثنائي وقد لا يتكرر ما يحتاج الى قواعد صارمة تحصن قيادة الحزب وتحميها. لكن الاكثر حساسية في الملاحظات على النظام الداخلي ودائماً استناداً الى اوساط قواتية ان نص هذا النظام ليس في متناول جميع من يفترض ان يصل اليهم.
الملاحظة الثالثة تتصل بحضور او عدم حضور أسماء محسوبة على حزب القوات اعمال المؤتمر مثل: انطوان نجم، فيفيان صليبا داغر، بولس عنداري، ريمون ناضر، رشيد رحمة، حنا عتيق، صعود بوشبل، ابرهيم حداد، ألفرد ماضي، فادي الشاماتي وغيرهم كثر من الذين استمروا في العمل تحت قيادة سمير جعجع لكنهم خرجوا لاحقاً في ظروف ملتبسة وفي مرحلة ضبابية لم تتضح معالمها حتى الساعة. ويردد عدد من القياديين القواتيين الحاليين انه ليس صحيحاً انه تم ابعاد كل العسكريين والناشطين السابقين عن مواقع القرار والحزب انطلاقاً من فكرة قطع كل صلة للقوات مع تاريخها الحربي،  بل الاصح انه تم ابعاد كل الاسماء الكبيرة التي يمكن ان تشكل مراكز ثقل ونقطة استقطاب. والسؤال الذي يتردد في بعض محافل الحزب هو عن سبب ابعاد هؤلاء وقطع كل حوار او كلام معهم وربط اي اشارة الى هذه الاسماء بفكرة "الحرتقة على القوات". علماً ان مشاركة الجميع في المؤتمر تعني مزيداً من الدعم لانتشار الحزب وتغييراً كبيراً في قواعد عمله الامر الذي لا يؤمنه إلا اشخاص قياديون يملكون تجربتهم الحزبية والنضالية على ما يقول بعض القواتيين.
في الخلاصة واستناداً الى ما يتراكم من معلومات، ان المؤتمر امام احتمالين: اما ان يكون مساحة ديموقراطية وتالياً خطوة اصلاحية كبيرة تسجل لحزب القوات ورئيسها سمير جعجع، يبز فيها كل الاحزاب المسيحية الاخرى، او ان يتحول الى مجرد لقاء على ايقاع واحد من البداية الى النهاية وتحتاج ادق التفاصيل فيه الى موافقة "الحكيم" وعندها قد تنضم القوات الى نادي الاحزاب العائلية اللبنانية وينتفي اي أمل بالاصلاح.

بيار عطاالله


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,068,245

عدد الزوار: 6,751,178

المتواجدون الآن: 91