تحذيرات من كارثة إنسانية في الموصل و«جيش النقشبندية» يرفض تهجير المسيحيين
عدم التوافق السياسي يعرقل انتخاب الرئيس العراقي...بغداد تطالب الأردن بتسليمها مشاركين في مؤتمر القوى السنية بعمان
الخميس 24 تموز 2014 - 7:55 ص 1729 0 عربية |
وقالت القيادة القطرية لحزب البعث في بيان لها إن «تنظيم داعش هو منظمة إرهابية صنيعة قوى الشر وتحمل مشروع إجهاض الثورة الشعبية العارمة التي يشهدها العراق»، مؤكدة أنها «ستقف بوجهها بقوة ولن تسمح لعناصرها التخريبية الغوغائية أن تحبط أمل الخلاص الأخير من إيران وأميركا والخونة التابعين لها».
وشدد البيان بالقول إنه «في الوقت الذي نعلن براءتنا من كل أفعال داعش»، مشيراً إلى أن «المسيحيين يعتبرون جزءاً أصيلاً من هذا الوطن ولن نسمح لأحد أن يكون خنجراً مسموماً بظهر مكونات المجتمع» مؤكداً أن «جرائم تنظيم داعش بدأت تتسع وتتفاقم، وآخرها تهجير المسيحيين من الموصل».
وكان العشرات من المسيحيين غادروا مدينة الموصل (405 كم شمال بغداد) بعد تلقيهم تهديدات بالقتل من قبل تنظيم «داعش» لرفضهم دفع الجزية.
وسط هذه الأجواء ما زالت الأزمة السياسية تخيم على مجمل المشهد العراقي ولا سيما بعدما تحول منصب الرئيس العراقي الى عقبة أخرى تضاف الى عقدة المرشح لرئاسة الحكومة في ظل احتدام الصراع السياسي وسط شكوك بإمكانية انعقاد جلسة البرلمان اليوم لاختيار الرئيس بسبب كثرة الترشيحات التي بلغت 100 مرشح.
وأعلن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أن جلسة اليوم ستخلو من التوافقات السياسية في عملية الاقتراع الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية بعد تقديم 100 شخصية ترشيحهم لشغل المنصب.
وقال الجبوري في مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان أمس إن «الأطراف السياسية منشغلة بمسألة بناء مؤسسة رئاسة الجمهورية ولم تدخل مسألة ترشيح (رئيس الحكومة العراقية نوري) المالكي لولاية ثالثة في إطار التفاهمات بين هذه الأطراف»، مشيراً الى أنه «بعد اختيار رئاسة البرلمان نتمنى أن ننتهي اليوم من المرحلة الثانية من عوامل بناء الدولة العراقية حيث سننتظر اختيار رئاسة الجمهورية ثم ننتقل بعد ذلك متعاونين في سبيل الانتهاء من المرحلة الثالثة».
وأضاف الجبوري أن «ميزة الجلسة اليوم هي أن عملية الاقتراع على مرشح رئيس الجمهورية ستخلو من التوافقات السياسية»، موضحاً أن «100 شخص رشحوا أنفسهم لرئاسة الجمهورية والمنافسة ستكون مشروعة وسيكون لعضو مجلس النواب الحرية الكاملة لاختيار من يعتقد أنه مناسب لهذا المنصب».
وأخذ الصراع على منصب الرئيس منحى التنافس بين الأكراد أنفسهم من خلال تمسك القيادي الكردي برهم صالح ورئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب فؤاد معصوم برغبتهما بتولي المنصب الرئاسي خلفاً للرئيس العراقي المنتهية ولايته جلال الطالباني الذي عاد من العلاج الى مدينته السليمانية بعد نحو سنة ونصف من العلاج في المانيا.
وقال مصدر كردي مطلع إن «نواب التحالف الكردي في البرلمان والبالغ عددهم 62 نائباً سيعقدون اجتماعاً في غضون الساعات التي تسبق الجلسة اليوم للتصويت لصالح أو معصوم» مشيراً الى أن «حظوظ صالح تبدو مرتفعة لتولي منصب رئاسة الجمهورية».
ومن المؤمل أن تشهد جلسة البرلمان العراقي المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية اختيار نائبي الرئيس إذ أعلن ائتلاف متحدون ترشيح رئيسه اسامة النجيفي لمنصب نائب رئيس الجمهورية.
وقالت النائب انتصار الجبوري عن ائتلاف «متحدون» إن ائتلافها «سيحضر جلسة البرلمان المقرر عقدها اليوم»، لافتة الى أنه «تم ترشيح كل من اسامة النجيفي لشغل منصب نائب رئيس الجمهورية وصالح المطلك لشغل منصب نائب رئيس الوزراء»، مشيرة الى أن «المناقشات مع بقية الكتل قائمة بشأن هذا الموضوع ولكن لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي».
وبالرغم من تفضيل طهران لـ4 شخصيات شيعية بارزة لتولي رئاسة الحكومة إلا أن المالكي يحاول خرق قواعد اللعبة الإيرانية بالتمسك بولاية ثالثة مما قد يولد مشاكل عدة خلال الفترة المقبلة لعدم تقبل المحافظات السنية فكرة بقائه فضلاً عن الرفض الكردي القاطع له وامتناع أطراف شيعية مهمة عن اعتباره مرشحاً مقبولاً لرئاسة الحكومة.
وأفاد مصدر سياسي مطلع بأن إيران أبلغت التحالف الوطني الحاكم موافقتها على ترشيح 4 شخصيات شيعية ليس بينها المالكي لشغل منصب رئيس الوزراء للمرحلة المقبلة.
وقال المصدر إن «إيران وافقت على 4 أسماء مرشحة لشغل منصب رئيس الوزراء وأبلغت التحالف الشيعي بذلك خلال زيارة أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني للعراق أخيراً» مشيراً الى أن «مفاوضات التحالف الشيعي تشهد الآن طرح أسماء كل من عادل عبدالمهدي وأحمد الجلبي وابراهيم الجعفري وطارق نجم لمنصب رئيس الوزراء».
وأوضح أن «شمخاني حض المرجعية الشيعية خلال زيارته للنجف على تغيير الشخوص والنهج في تشكيل الحكومة العراقية».
وكان أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني زار العراق أخيراً والتقى بالعديد من زعماء الكتل السياسية ومنهم المالكي.
ويواجه العراق في خضم هذه الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية التي يمر بها تحديات خطيرة قد تقود في ظل اتساع دائرة استهداف الأقليات العرقية أو الدينية الى الفرقة والانقسام والتشظي، ما قد يفتح استيلاء تنظيمات مسلحة من بينها تنظيم «داعش» على مدن وبلدات مهمة في غرب وشرق وشمال العراق والانتهاكات التي تعرضت لها الأقليات الدينية على يد المتطرفين منهم، الباب واسعاً أمام تدخل دولي تحت غطاء إنساني لحماية تلك الأقليات من مخاطر تهدد وجودهم.
وقال علاوي في رسالة وجهها الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حصلت «المستقبل» على نسخة منها إنه «من المؤسف حقاً استهداف المسيحيين منذ أن تم إسقاط دولة العراق عام 2003 من قبل الاحتلال (الأميركي) وكذلك النظام الدكتاتوري ومنذ ذاك الحين ومسلسل معاناة المسيحيين في تزايد مريع مما اضطرهم الى الهجرة الجماعية من العراق وهم من سكانه الأصليين الى بلدان الشتات في العالم ورافق هذه الهجرة الاضطرارية واللإنسانية سكوت محزن للمجتمع الدولي فضلاً عن عدم اكتراث بعض الحكام العراقيين الذين لم يبالوا لما يتعرض له المسيحيين» موضحاً أنه «أصبح من واجب الأمم المتحدة أن تدافع عن كل اللاجئين والنازحين ومنهم المسيحيين»، داعياً «المنظمة الدولية الى التدخل الفوري الأممي لإنقاذ المظلومين من الشعب العراقي ومنهم المسيحيين».
من جانبه أدان التحالف المدني الديمقراطي (تحالف نيابي علماني) «النهج الإجرامي» لداعش تجاه المسيحيين.
وقال التحالف في بيان صحافي أمس إن «الفعل الإجرامي لداعش وحلفائها تجاه المسيحيين العراقيين يعد جريمة ضد الإنسانية وفق معايير القانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة»، موضحاً أن على «المجتمع الدولي أن يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية لتوفير الحماية والأمن الإنساني للعوائل المتضررة في مناطق الصراع المسلح».
وفي الملف الأمني قالت الشرطة في بغداد إن «ثلاثة عراقيين قتلوا وأصيب 8 اخرون في انفجار سيارة مفخخة مركونة على جانب الطريق في منطقة النهروان»، فيما أكد مصدر آخر أن «مسلحين مجهولين يستقلون سيارة حديثة أطلقوا النار أمس من أسلحة رشاشة باتجاه نقطة تفتيش تابعة للجيش العراقي في ناحية المشاهدة (شمال بغداد) ما أسفر عن مقتل أحد عناصرها وجرح 5 آخرين».
وفي صلاح الدين (شمال بغداد) قالت الشرطة إن «مسلحين هاجموا أمس بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة دورية تابعة للمتطوعين في الجيش العراقي لدى مرورها في ناحية دجلة (جنوب تكريت) ما أسفر عن إصابة 10 منهم بجروح»، مشيرة الى أن «6 من المتطوعين في الجيش جرحوا في اشتباكات مع مسلحين في ناحية المعتصم (جنوب سامراء)». وفي نينوى (شمال العراق) أعلن مصدر أمني بأن طائرات حربية شنت، فجر أمس ثلاث غارات على مناطق متفرقة من قضاء البعاج الذي يسيطر عليه تنظيم (داعش) ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 6 اخرين بينهم نساء وأطفال.
وإلى البصرة (أقصى جنوب العراق) أفاد مصدر أمني بأن إمام جامع وثلاثة مصلين سقطوا بين قتيل وجريح واختطف ثلاثة آخرين بهجوم شنه مسلحون على جامعين جنوبي وشمالي البصرة.
واضاف المصدر إن «مسلحين مجهولين اقتحموا فجر أمس جامع مهيجران في قضاء أبو الخصيب (جنوب البصرة) وأطلقوا النار من أسلحة رشاشة ما أسفر عن مقتل إمام الجامع وأحد المصلين»، مبيناً أن «المسلحين اختطفوا 3 مصلين واقتادوهم معهم»، لافتاً أن»مسلحين مجهولين اقتحموا بعد صلاة التراويح أول من أمس جامع العثمان في منطقة المعقل (شمال البصرة) وأطلقوا النار من أسلحة رشاشة ما أدى لمقتل أحد المصلين وإصابة آخر بجروح خطرة».
السحق والإكراه.. أدوات «داعش» في مسيرته صوب بغداد
التنظيم يعمل أيضا على تحقيق أهدافه بالوسائل النفسية
بغداد: «الشرق الأوسط»
حقق تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) نجاحا كبيرا في سحق المقاومة عبر شمال العراق، باستخدام رؤيته الخاصة للقوة الناعمة والقوة الخشنة، حتى إن ما وعد به من الزحف على بغداد ربما لا يكون شجاعة شكلية لا أساس لها في الواقع.
بغداد تطالب الأردن بتسليمها مشاركين في مؤتمر القوى السنية بعمان
من بينهم حارث الضاري وناصر الجنابي وأحمد الدباش
بغداد: «الشرق الأوسط»
أعلنت الحكومة العراقية أنها طلبت من الأردن تسليمها الكثير من الشخصيات السياسية والدينية والعشائرية ممن شاركت في مؤتمر عمّان الأسبوع الماضي المناهض للعملية السياسية بالعراق.
وقال المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة، الفريق قاسم عطا، في مؤتمر صحافي عقده ببغداد أمس، إن «هناك إجراءات سياسية حول مؤتمر الأردن، مثلما هناك إجراءات أمنية ضد الذين حضروا، كونهم مطلوبين للقضاء العراقي وفق المادة أربعة إرهاب، ومن بينهم: ناصر الجنابي، وحارث الضاري، وحسن البزاز، وصباح العجيلي، وبشار الفيضي، وأحمد الدباش، وأعضاء بحزب البعث». وأضاف عطا: «نطالب الأردن بتسليمهم للعراق، كما سنصدر مذكرات القبض ونسلمها لـ(الإنتربول) لإلقاء القبض على من تآمروا بشكل صريح ضد العملية السياسية في العراق»، مشيرا إلى أنهم «يريدون العودة مرة أخرى بالبلاد إلى تنفيذ عمليات القتل الجماعي من الأنفال وحلبجة والمقابر الجماعية».
وكان المشاركون في مؤتمر عمان أعلنوا أنهم سيعقدون مؤتمرا ثانيا حول العراق، وأن مؤتمر عمان الذي أطلق عليه «المؤتمر التمهيدي لثوار العراق» كان بمثابة الخطوة التحضيرية لمؤتمر جديد لم يحددوا بعد مكان انعقاده وزمانه.
وكانت الحكومة العراقية قد احتجت على عقد هذا المؤتمر واستدعت سفيرها لدى الأردن، جواد هادي، للتشاور، الذي أعلن بدوره أن الحكومة الأردنية اعتذرت عن استضافة بلادها المؤتمر.
وفي وقت أعلنت بغداد رفضها المؤتمر من منطلق تهديده وحدة العراق وأن غالبية المشاركين فيه «مطلوبون» للقضاء العراقي - فإن المؤتمر لم يحظ بدعم فصائل وقيادات سياسية وعشائرية في الداخل لديها خلافات عميقة مع الحكومة العراقية وبعضها، مثل الشيخ علي حاتم السليمان (رئيس مجلس ثوار العشائر بالأنبار)، مطلوبة للقضاء العراقي. وفي هذا السياق، أكد الشيخ قاسم محمد الكربولي، أحد قادة ثوار العشائر بالأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اعتراضنا على مؤتمر عمان يختلف عن اعتراض الحكومة العراقية عليه، من منطلق أن الحكومة ترى الجميع إرهابيين و(دواعش) وينفذون أجندات خارجية ما داموا معارضين لها من دون أن تنظر في طبيعة هذا الاعتراض وعلى أي الأسس كان قد قام». وأضاف الكربولي: «إننا، كثوار عشائر لدينا ثقل على الأرض، لم نحضر هذا المؤتمر لأننا نرى أن قضيتنا لا تحلها المؤتمرات الخارجية بقدر ما تحتاج إلى فعل ميداني، ثم إنه من غير المنطقي أن يتحكم من هو بالخارج - مع احترامنا للكثير من الشخصيات الدينية والسياسية ممن شاركت في المؤتمر - في الحراك الشعبي الداخلي». وقال: «إننا لا نريد القول إن هناك من يريد أن يقطف الثمار وهو في الخارج ولم يقدم شيئا للانتفاضة، لكننا في المقابل نجد أنفسنا منسجمين مع بعض طروحات المؤتمر، مثل تأكيد وحدة العراق، ورفض تقسيمه، ووقف التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي، ورفض الصحوات، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني». وأوضح الكربولي: «إننا بصراحة نقول إن هذا المؤتمر إذا أراد أن يقدم دعما معنويا للانتفاضة فأهلا وسهلا، ولكنه إذا أراد أن يكون هو راعي الثورة والمتحدث باسمها فإننا نقول بكل صراحة إنه لا يمثل الثورة».
وفي حين أن الدول التقليدية تسعى لكسب قلوب وعقول الناس في الخارج قبل أن تلجأ بالضرورة للقوة العسكرية، فإن هذه الجماعة تعمل أيضا على تحقيق أهدافها بالوسائل النفسية وتقوي شوكتها بسمعة الإفراط في استخدام العنف. واستخدم تنظيم «داعش» الذي استولى في يونيو (حزيران) الماضي على مساحة كبيرة من الأراضي في شمال العراق، بما في ذلك مدينة الموصل، أكبر مدن المنطقة هذه الاستراتيجية.
وحسب تقرير لوكالة رويترز، فإن أحد الأمثلة على هذا العنف المفرط ما فعلته الجماعة عندما واجه مقاتلوها مقاومة مسلحة من بلدة العلم، على مدى 13 يوما. فقد خطف المقاتلون 30 أسرة محلية، واتصلوا بأكبر أعيان المدينة لنقل رسالة بسيطة عن الرهائن مفادها: «تعلمون مصيرهم إذا لم تتركونا نستولي على المدينة». وخلال ساعات استسلم شيوخ العشائر وكبار أهل البلدة لإنقاذ الأسرى، وسرعان ما ارتفعت راية «داعش» السوداء فوق المباني الحكومية ومراكز الشرطة في العلم. وبعد أسابيع، لا يحرس نقاط التفتيش في مختلف أنحاء العلم ليلا سوى بضعة مسلحين ملثمين.
وقال أحد السكان الخائفين هاتفيا مشترطا عدم نشر اسمه: «كل الناس مستاؤون من وجود الدولة الإسلامية لكن لا يسعنا عمل أي شيء». وسمح كسر شوكة السكان المحليين لقوة «داعش» الصغيرة نسبيا بالزحف جنوبا، إذ ركز التنظيم حربه في الأيام الأخيرة على ساحات قتال لا تبعد سوى 70 كيلومترا عن بغداد. وقد عزز المقاتلون رصيدهم من السلاح والعتاد على طول الطريق، وجعلوا الاستيلاء على أسلحة وعربات شرطة في أي اتفاقات يبرمونها مع التجمعات السكانية التي أرغموها على الخضوع لهم.
ويقدر مسؤولون عسكريون أميركيون وأمنيون عراقيون أن «داعش» لديها ثلاثة آلاف مقاتل على الأقل في العراق، وأن العدد يرتفع إلى نحو 20 ألفا عند حساب المجندين الجدد الذين انضموا إليها منذ الهجوم الخاطف الذي شنته، الشهر الماضي.
ولا تزال بعض التجمعات السكانية السنية ترفض الانضواء تحت لواء «داعش»، لكن مشاعر الغضب من حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي شجعت بعض الجماعات السنية المسلحة على الانخراط معه منذ استيلائه على الموصل في العاشر من يونيو (حزيران)، حسبما قال مسؤولون وشيوخ عشائر.
وقال الشيخ وسام الحردان أحد القيادات الشعبية التي قاتلت تنظيم القاعدة إن بعض الجماعات السنية المسلحة المتحالفة مع «داعش» تولت السيطرة على تجمعات سكنية أخضعها في البداية. وأضاف أن التنظيم «يعتمد على الخلايا النائمة في الاحتفاظ بالمناطق، والجيش الإسلامي وجيش المجاهدين وجيش النقشبندية كلهم يرفعون الآن علما واحدا ويتعاونون».
كما استفادت «داعش» من حالة الضعف التي تعتري الجيش العراقي والهوة الطائفية المتنامية في إطار تحديها سيطرة بغداد على مدن مثل الضلوعية، التي لا تبعد عن بغداد سوى ساعتين بالسيارة. فعندما دخل المسلحون الضلوعية في قافلة طويلة من الشاحنات والعربات العسكرية المسروقة توجهوا إلى أعيان عشيرة الجبور برسالة مفادها: «انضموا إلينا بوصفنا مقاتلين، أو ابقوا في دياركم وبعيدا عن طريقنا».
وقال عدد من سكان المدينة إن المسلحين قالوا للشيوخ: «لا مشكلة لنا معكم. وهدفنا هو دخول بغداد».
لكن أهل الضلوعية لم يرتاحوا لهذا الهدف. وكان كثير منهم قاوم الغزو الأميركي عام 2003، غير أنهم انضموا فيما بعد إلى القوات الأميركية في مقاتلة تنظيم القاعدة. وتطوع نحو 2000 من السكان المحليين للقتال في صفوف الشرطة من أجل منع مسلحي «داعش» من اجتياح المدينة وسرقة السلاح والعربات. وتبادل المقاتلون المتشددون والشرطة السيطرة على المدينة عدة مرات، خلال قتال استمر أسابيع شارك فيه سكان محليون وبعض التعزيزات الحكومية من وقت لآخر.
وقال أحد السكان انضم للشرطة لفترة ثم غير رأيه الأسبوع الماضي: «لا أثق بالقوات الحكومية». وأضاف أنه أرسل زوجته وأطفاله الثلاثة إلى قرية قريبة، وسيبقى مع أخيه لحماية المتاجر التي يملكونها.
وفي الأسبوع الماضي، وصل عدد يقدر بنحو ألف رجل كثير منهم متطوعون انضموا للقوات الحكومية من مدينة سامراء، التي تضم بعض أهم المراقد الشيعية لتعزيز السكان المحليين الذين يقاتلون في صفوف الشرطة، غير أن الرجل الذي انسحب من صفوف الشرطة قال إنهم ليسوا ندا لمسلحي «داعش»، مضيفا: «أعلم أنهم ليسوا قادرين على مقاتلة الدولة الإسلامية».
وعندما اختفى مقاتلو «داعش» بصفة مؤقتة انسحبت القوات الحكومية والمتطوعون أيضا عائدين في اتجاه الجنوب إلى ساحة المعركة حول سامراء، مما شجع مسلحي «داعش» على العودة. وقال الرجل: «لا يحرزون أي تقدم بينما الدولة الإسلامية تتحرك بسرعة».
ويبدو أن السكان الذين لم يفروا من أعمال العنف بدأوا يستسلمون على نحو متزايد لفكرة أن الضلوعية ستسقط في أيدي المسلحين. وبدأ فيما يبدو فصل جديد من فصول الحملة التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية في مطلع الأسبوع، فقد قالت الدولة الإسلامية على حساب يرتبط بها على «تويتر» إنها ستقصف المدينة وسكانها «الكفار» الباقين فيها بقذائف هاون عيار 82 ملم و120 ملم.
وقالت الشرطة المحلية إن المتشددين أطلقوا ما بين 50 و60 قذيفة هاون على المدينة ليل السبت الماضي، مما أسفر عن مقتل امرأة وطفل.
ونهجت «داعش» نهجا مماثلا في شدته لقمع المعارضة في مناطق أخرى، بمحافظة صلاح الدين.
فإلى الشمال في قرية الزوية الواقعة بين نهر دجلة وسلسلة جبال صغيرة بدأ «داعش» هجوما بريا استغرق يوما بأكمله، مدعوما بقصف شديد الأسبوع الماضي، كاد يمحو هذا التجمع السكاني، بعد أن حاول السكان المحليون التعبئة. ويراود الأمل بعض السكان في إمكانية النجاح في منع «داعش» من فرض حكمه على الزوية، بفضل ما لديهم من ذكريات عن مقاتلة تنظيم القاعدة، عندما دفعت مجالس الصحوة المدعومة من الولايات المتحدة التنظيم للتراجع. وقال أحد سكان المدينة طلب عدم نشر اسمه خشية الانتقام منه «تصدينا لهم عدة مرات، وكنا المنتصر دائما في تلك السنين». ولم يكن هذا هو الحال، الأسبوع الماضي.
المصدر: مصادر مختلفة