لبنان...«القوات» تغادر حكومة الحريري... والتظاهرات مستمرة...«الانتفاضة المباغتة» في لبنان على تَأَجُّجها ....مظاهرات لبنان تتمدد وإصرار على «إسقاط الحكومة واستقالة المسؤولين»....تصعيد غير مسبوق في المناطق المسيحية...مسلحون يقمعون المتظاهرين في الجنوب اللبناني..لبنان على حافة الهاوية... ومخاوف من خفض قيمة العملة والتخلف عن سداد الديون....نصر الله يرفض استقالة الحكومة ويعتبر إسقاط العهد «إضاعة للوقت».....هَيْدي ثورة...«ورقة الحريري»: زيادة الضريبة على المصارف... هل يقتنع الشارع؟....

تاريخ الإضافة الأحد 20 تشرين الأول 2019 - 5:10 ص    عدد الزيارات 2326    التعليقات 0    القسم محلية

        


«القوات» تغادر حكومة الحريري... والتظاهرات مستمرة...

بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»... أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية ليلًا عن استقالة الوزراء الذين يمثلون حزبه في حكومة الرئيس سعد الحريري الذي ما يزال يحاول الوصول الى صيغة تسمح بإجراء إصلاحات مالية تتيح خفض العجز في الموازنة العامة، وسط استمرار التظاهرات المناوئة للحكومة والعهد. وقال جعجع في مؤتمر صحافي عقده منتصف الليل: "قررنا الطلب من وزرائنا التقدم باستقالاتهم من الحكومة" بعدما توصلنا الى قناعة بأن هذه الحكومة عاجزة عن انقاذ الوضع المتفاقم". ونفى جعجع صحة التحليل "بأننا اتفقنا مع الحريري على التقدم باستقالات وزرائنا على أن لا يقبلها". وتتمثل القوات في الحكومة بأربعة وزراء هم ‏نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني ووزيرة دولة لشؤون التنمية الادارية مي شدياق ووزير الشؤون الاجتماعية ريشارد قيومجيان ووزير العمل كميل أبو سليمان..

الحريري يقدّم «مبادرة إنقاذية»... وعون يعد بـ«حل مطمئن»

وزير المال يتعهد إنجاز الموازنة من دون ضرائب جديدة

الشرق الاوسط....بيروت: كارولين عاكوم... أكد رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، أنه سيكون هناك «حلّ مطمئن» للأزمة التي يمر بها لبنان، في وقت تحوّل مقرّ رئيس الحكومة سعد الحريري في بيروت إلى «خلية نحل»، وذلك عبر لقاءات شملت ممثلين من مختلف الكتل الوزارية للبحث في «مبادرة إنقاذية» للخروج من أزمة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة منذ مساء الخميس على خلفية زيادة الضرائب وكان آخرها القرار بفرض رسوم على المكالمات التي تتم عبر الإنترنت. وكان الحريري قد منح لنفسه ولـ«شركائه» في التسوية السياسية التي أدت إلى انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، مهلة 72 ساعة، بدءاً من مساء الجمعة، للسير بالإصلاحات. وكتب رئيس الحكومة على حسابه على «تويتر» قائلاً: «بيت الوسط خلية نحل اليوم: اجتماعات داخلية وأخرى تقنية واتصالات ولقاءات بعيداً عن الإعلام. ومن لقاءاتي المعلنة حتى الآن الوزراء علي حسن خليل، يوسف فنيانوس ووائل أبو فاعور. واللقاءات مستمرة للوصول إلى ما يخدم اللبنانيين». وبعد لقائه الحريري، كتب وزير المال علي حسن خليل على حسابه على «تويتر» قائلاً: «في اللقاء مع الرئيس الحريري تم التأكيد على إنجاز الموازنة من دون أي ضريبة أو رسم جديد وإلغاء كل المشاريع المقدمة بهذا الخصوص من أي طرف وإقرار خطوات إصلاحية جدية مع مساهمة من القطاع المصرفي وغيره بما لا يطال الناس بأي شكل ولا يحملهم أي ضريبة مهما كانت صغيرة». وعلمت «الشرق الأوسط» أن لقاء عُقد أيضاً مع ممثلين لـ«حزب الله»، فيما قالت مصادر «القوات اللبنانية» إن الحزب سيدرس «الورقة الإنقاذية» التي يعمل عليها الحريري. وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا لاقت المبادرة تجاوباً ستتم الدعوة لعقد جلسة للحكومة لإقرارها وبدء تنفيذها، لكنها لفتت في الوقت عينه إلى أن الأهم يبقى في تعاطي المتظاهرين مع هذه المبادرة، وهل سيتلقفها المحتجون في الشارع ويتراجعون عن مطالبهم التي لا تقبل بأقل من استقالة الحكومة. وتابعت المصادر أن المعنيين يعولون على تدخل بعض الأطراف، ولا سيما الأحزاب المشاركة في الحكومة على غرار «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وهما حزبان وجها الدعوة لمناصريهما للمشاركة في التحركات الشعبية في الشارع، بهدف اتخاذ قرار بتعليق الاحتجاجات. ويهدف هذا التحرك بالتالي إلى فتح صفحة سياسية جديدة، خصوصا أن مبادرة الحريري تتضمّن بنوداً أبرزها أن يكون العجز صفراً في موازنة 2020، وأن تُطلق المناقصات بشكل سريع، وأن يتم إيجاد حل لأزمة الكهرباء خلال شهر واحد، بالإضافة إلى وضع ضرائب على المصارف، والحصول على دعم منها ومن المصرف المركزي بنحو 3 مليارات ونصف المليار دولار أميركي. وقالت مصادر رئاسة الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري يلتقي مع ممثلي الكتل السياسية، كل على حدة، حيث يتم عرض ورقة اقتصادية بمثابة «مبادرة إنقاذية» علّها تشكل صدمة إيجابية للشعب اللبناني. في المقابل، قالت مصادر محسوبة على كتل التقت الحريري أمس، إنها بدأت بدرس اقتراحاته على أن تقدم الجواب بشأنها لرئيس الحكومة بحلول ليلة السبت - الأحد كحد أقصى. وكان «التيار الوطني الحر» من أول الأطراف السياسية التي أعلنت تجاوبها مع خطة الحريري. ومع إقرار المصادر بالوضع الحساس والدقيق الذي يتطلب «خطوات سريعة وملموسة لإرضاء المتظاهرين»، لفتت إلى أن قرار الحريري بعد انتهاء مهلة الـ72 ساعة، سيعتمد على ما سيلقاه من قبل الأفرقاء السياسيين وتجاوبهم أو عدم تجاوبهم مع الخطة التي عرضها عليهم. وفي رد منها على سؤال عما إذا كان خيار الاستقالة وارداً، اكتفت المصادر بالقول: «الاستقالة أو الاعتكاف... كل الخيارات واردة». ومع تأكيدها على أن الاتصالات لم تتوقف بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، قالت مصادر وزارية مطلعة على حراك الحريري، لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا لاقت مبادرته تجاوباً من الأفرقاء السياسيين فعندها ستتم الدعوة إلى عقد جلسة للحكومة لإقرارها و«ستوضع موضع التنفيذ بشكل فوري». وذكرت وكالة «رويترز»، من جهتها، أن اجتماع الحكومة سيحصل اليوم الأحد، ناقلة عن الرئيس ميشال عون قوله على «تويتر»: «سيكون هناك حل مطمئن للأزمة». وفيما يتعلق بموقف رئاسة الجمهورية، تؤكد المصادر الوزارية لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عون منفتح على كل ما يساعد على تهدئة الأجواء، لافتة في الوقت عينه إلى أن مطالب المتظاهرين واردة أيضاً في الورقة الاقتصادية التي سبق أن اتفق عليها في القصر الرئاسي بين الكتل الوزارية، معتبرة أن التصويب على «العهد» خلفيته سياسية.

«الانتفاضة المباغتة» في لبنان على تَأَجُّجها ... و«صوت الناس» يُحاصر مهلة الحريري

نصر الله: لا نؤيّد إسقاط الحكومة ومَن يهرب من المسؤولية يجب أن يُحاكَم

الراي....الكاتب:بيروت - من وسام أبو حرفوش,بيروت - من ليندا عازار .... يعيش لبنان ساعات مصيرية لن يكون قبلها كما بعدها في ظلّ تَفَجُّرِ «انتفاضةٍ» مباغتةٍ سرعان ما رسمت «معادلاتٍ صعبة» ومُكْلِفة أطلّت برأسها من قلْب «طوفان الناس» الهادر الذي لم يهدأ منذ ثلاثة أيام والذي تزدادُ المؤشراتُ إلى أنه «سَبَقَ» الإجراءاتِ الاستيعابية الممكنة لحكومة الرئيس سعد الحريري ومجمل السلطة السياسية.

ومع ملامح «الثورة» التي شقّت طريقها إلى لبنان، الذي تحوّل من الجنوب الى الشمال مروراً بالبقاع والجبل وصولاً إلى العاصمة بيروت ساحاتٍ لتظاهُرات بدأت رفْضاً للخيارات الضريبية للحكومة التي تسعى إلى إنقاذ البلاد من «السقوط» مالياً قبل أن تتسلّل إليها شعارات سياسية، بدا من الصعوبة بمكان التكهُّن بما ستحمله الساعات المقبلة في ظلّ تَهَيُّب مزدوج:

فإذا نجح الحِراك غير المسبوق منذ أعوام و«جرَفَ» الحكومةَ «كما يريد الشعب» قد تدخل البلاد، التي تسير على «حبل رفيع جداً» فوق الهاوية المالية، في مأزقٍ فراغٍ لن يملأه إلا الانهيار الذي سيصبح أسرع، أو يكون خيار حكومة لون «حزب الله» وحلفائه الواحد الطريقَ الأقصر لقطْع آخِر جسور ربْط لبنان بالخارج، في حين تبدو حكومة الاختصاصيين أسيرة تعقيدات الواقع الداخلي وتركيبته كما الحسابات المحلية والإقليمية لأطراف وازنة وتحديداً «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» (حزب رئيس الجمهورية ميشال عون).

وإذا لم تتمكّن «الغضبة الشعبية»، العابرة للطوائف والمناطق والأحزاب، من تحقيق أهدافها المعلنة، التي تُراوِح بين «إسقاطِ الحكومة» و«رحيل العهد»، سريعاً، فإن استمرارَ مشهديةِ «الشارع المنفلش في الشارع» يُخشى أن تفتح الباب أمام احتمالاتِ استثمار هذه «الانتفاضة» لاعتبارات داخلية أو خارجية، أو أن تستجرّ الاحتجاجاتُ، التي تتمدّد وسط أعمال قطْع طرق في العديد من المناطق ولا تغيب عن بعضها أعمال شغب ومواجهات مع القوى الأمنية، صِداماتٍ على طريقة «الشارع بالشارع» في ظلّ رفْع القسم الأكبر من المحتجين شعار «كلن يعني كلن» (وما تخلله من تعرُّض لصور رؤساء أحزاب وتيارات وبعض مكاتب النواب)، وذلك في إطار إما «ردّ الفعل العفوي» والتمتْرس الحزبي، وإما في سياقٍ مُمَنْهج لتنفيس الحِراك وتخريبه.

وفيما كانت «الأنفاسُ محبوسةً» على وقْع بدء العدّ العكسي لمهلةِ الـ 72 ساعة التي أمْهلها الحريري (ابتداءً من السابعة من مساء الجمعة) لشركائه في السلطة والتسوية لإعطاء جوابٍ حاسم ونهائي يقْنعه «بأن هناك قراراً من الجميع بالاصلاح ووقف الهدر والفساد» وإلا الاستقالة التي وضعها على الطاولة، وسط محاولةِ رئيس الحكومة أمس انتزاع تَوافُقِ على ورقة إصلاح اقتصادي خالية كلياً من الضرائب ترافق إقرار موازنة 2020، تضاربتْ «السيناريوات» حيال خفايا «انفجار» الناس وخلفيات هذا التطور وآفاق المرحلة المقبلة وفق الآتي:

مقاربة البعض خروج اللبنانيين إلى الساحات على أنه تعبير «صافٍ» عن «طَفَح الكيل» من مجمل الواقع الداخلي والوضع المالي - الاقتصادي الذي بَلَغ في الفترة الأخيرة مرحلةً غير مسبوقة من التأزم في ظلّ انكشاف «شح الدولار» الأميركي من الأسواق وبروز سعريْن للصرف (واحد في المصارف بنحو 1510 ليرات وآخر لدى الصيارفة تجاوز 1600 ليرة) وارتسام ملامح أن البلاد باتت بين ناريْ خياراتٍ موجعة تمسّ الناس وجيوبهم وإصلاحاتٍ جذرية تعترضها تعقيداتٌ سياسية.

تعاطي بعض «القارئين» مع «استيقاظ الشارع» على أنه على طريقة «طابِخ السم آكله» و«انفجار القنبلة بين يديْ مَن كان يعدّها»، في إشارةٍ إلى سيناريو شكّل «رسْم الواتساب» (تم التراجع عنه ليل الخميس) ما يشبه «الفخ» في إطاره، وأريد منه دفْع الشارع إلى «غضبة مدروسة» تفتح الباب أمام إما تغيير الحكومة مع الإطاحة برئيسها في التشكيلة الجديدة أيضاً، أو معاودة تشكيلها من دون «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» (بزعامة وليد جنبلاط)، وذلك في سياق السعي إلى «قضْم» جديد للتوازنات الداخلية تلاقي التحولات في المنطقة. ولكن، وفق السيناريو نفسه، فإن «الهبّة الشعبية» غير المحسوبة في اتساع رقعتها وشمولها مناطق الثنائي الشيعي «(حزب الله وحركة أمل) وما عبّر عنه من ملامح تَمَرُّد غير مسبوق عليهما، إلى جانب المشاركة المفاجئة بحجمها في المناطق المسيحية وصولاً إلى تخوم القصر الجمهوري في بعبدا، والتي حملتْ أكثر من رسالة بالصوت العالي برسم الرئيس عون ورئيس«التيار الحر»الوزير جبران باسيل، أدّت إلى فرْملة الاتجاه لـ«قلْب الطاولة»حكومياً جزئياً أو بالكامل بعدما كاد«السحر ينقلب على الساحر». وكان الأكثر تعبيراً عن«قطب مخفية»في المشهد المستجدّ في لبنان الرئيس الحريري الذي لمّح في كلمته إلى اللبنانيين مساء أول من أمس بقوله:«ربما هناك جهات بالداخل سعيدة بما يحصل»، و«عملت قبّة باط» لمجموعات نزلت إلى الشارع. وقد يقال إن «هناك مخططاً خارجياً لتخريب الوضع أو أن هناك متغيرات بالإقليم وموازين قوى انقلبت، وإذا كان الوضع يتجه نحو الهدوء في سورية فلتخرب في لبنان».

اعتبار فريق رئيس الجمهورية وقريبين من «حزب الله» أن ثمة مَن خطّط أو دخل على خطّ الاحتجاجات للتمهيد للانقلاب على عهد الرئيس عون أو أن هناك مَن يعتبر ان الوقت حان للانسحاب من الحكومة وترْك «حزب الله» يحكم لوحده ويُمْسك بـ«كرة النار»المالية ويتحمّل «خراب البصرة».

وإذا كان الحزب «التقدمي»، الذي يشارك في التظاهر ودعا رئيسه «ليحكموا وحدهم ولا يحملوننا مسؤولية الخراب»، وحزب «القوات اللبنانية» (يشارك بدوره في التحركات) أعلنا ما يشبه «استقالة مع وقف التنفيذ» لوزرائهما من الحكومة، فإن هذا القرار بدا أن دونه حسابات دقيقة أبرزها يتعلّق بإذا كان يمكن الأخيريْن ترْك رئيس الحكومة «وحيداً» في ظلّ خشيته من إدخال البلاد في أزمة أكبر بحال استقالته، واستطراداً تحَمُّل تبعات «خروجٍ انفرادي» لأي منهما من حكومة الوحدة الوطنية في غمرة المتغيرات الكبرى في المنطقة. وليس بعيداً عن هذا المناخ، جاءت إطلالة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أمس والتي بدا فيها متهيّباً المشهد الخطير، وهو توجّه ضمناً إلى الحريري وجنبلاط، مؤكداً «لا نؤيد استقالة الحكومة الحالية (...) وحكومة التكنوقراط لا تستطيع أن تصمد اسبوعين (...) ولتستمرّ هذه الحكومة ولكن بمنهجية جديدة، تأخذ العبرة مما جرى خلال هذين اليومين على مستوى الانفجار الشعبي وتجد المخارج بعيداً من أي ضرائب على الفئات الفقيرة». وإذ أعلن «لا يستطيع أحد أن يحكم البلد لمدة 30 سنة ويديره ويفعل ما فعل ثم في آخر لحظة يجلس على التل أو أنه غير معني ويرمي هذه المصيبة في وجه الآخرين»، قال: «في اللحظة الحالية ندعو إلى التعاون بين مكونات الحكومة، وإلى عدم الهروب من المسؤولية، ومَن يهرب أمام الوضع القائم يجب أن يُحاكَم (...) ليس على ذوقك تقول أنا لست معنياً وأريد أن أرحل، أيا كان. واسمحوا لي هنا بكلمة واضحة للقوى السياسية التي تريد في هذا التوقيت السيئ أن تخوض معركة إسقاط العهد، أقول لهم انتم تضيعون وقتكم والعهد لا يمكن أن تسقطوه»، مدافعاً عن خيار عدم نزول «حزب الله» الى الشارع في هذه المرحلة «نحن حزب كبير، وحركتنا ليست بسيطة، وعندما نريد أن ننزل إلى الشارع فهذا ليس قراراً صغيراً، وهذا ممكن أن يأتي وقته، وإذا جاء ستجدوننا جميعاً في الشارع ونغيّر كل المعادلات». ولم يكن جفّ حبر كلام نصر الله عن رفْض استقالة الحكومة، حتى كانت ساحة رياض الصلح في وسط بيروت تشهد ردّ فعل غاضب حيث صدح هتاف غير مألوف بين محتجّين صَرَخوا «كلن يعني كلن ونصر الله واحد منن»، فيما استمرّت التظاهرات في مناطق عدّة خارج بيروت أبرزها طرابلس التي شهدت حشوداً كبيرة وكذلك مناطق جل الديب (المتن) والذوق ونقاطاً عدة في الجنوب (صور والنبطية) والبقاع والشمال، وسط ما يشبه «أعراس احتجاج» لم تَخْلُ من بعض الاشكالات مع محاولة القوى الأمنية فتْح طرق قُطعت في مناطق عدة أبرزها اوتوستراد بيروت - جونية. وعلى وقع استمرار إقفال القطاع المصرفي لليوم الثاني على التوالي وترقُّب تفاعل الأسواق المالية وحركة السحوبات من المصارف ابتداءً من يوم غد، بقي وسط بيروت قُبلة الأنظار نظراً إلى الحشود الضخمة التي تقاطرتْ إليه، غداة صِدامات قوية ليل الجمعة بين متظاهرين والقوى الأمنية التي أوقفت عشرات المحتجين (أطلقوا امس بسندات إقامة) عقب عملياتِ شغبٍ تحوّل معها قلب العاصمة أشبه بساحة حرب، تصاعدتْ منه أعمدة الدخان وسط تناثر الزجاج وانتشار حاويات النفايات وبقايا الإطارات المشتعلة في الشوارع وصولاً إلى تكسير واجهات المحال التجارية وواجهتي مصرفين وعدادات وقوف السيارات وإشارات السير وسيارات.

الثورة «الناعمة».. فطرة «تاء التأنيث»... الجمالية

إنها الثورة... الكلمة المؤنثة، التي تختزن في مضمونها الكثير.

ولأنها الثورة، كانت المشاركة الأنثوية في التحرك الشعبي في لبنان بارزة وواضحة. ووسط نيران الاحتجاجات ودخانها الكثيف، تسللت فطرة «تاء التأنيث» في وضع لمستها الخاصة على المشهد، لترسم لوحات «جمالية» بشتى الطرق.

مظاهرات لبنان تتمدد وإصرار على «إسقاط الحكومة واستقالة المسؤولين» والآلاف ملأوا الساحات في بيروت والمناطق

بيروت: «الشرق الأوسط».... استمرت التحركات الشعبية أمس في عدد كبير من المناطق اللبنانية رفضاً للوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب وللمطالبة بإجراءات إصلاحية سريعة، في مؤشر إلى أن دعوات التهدئة التي أطلقها مسؤولون لم تجد آذاناً صاغية لدى المحتجين. وكما حصل أول من أمس، تكرّر المشهد أمس، حيث توحدت الشعارات المناهضة للسلطة والرافضة لاستثناء أي من المسؤولين. ومنذ صباح أمس حضر آلاف المواطنين إلى الساحات بوسط بيروت حاملين الأعلام اللبنانية، كما نُظّمت تجمعات في مختلف المناطق حيث أقفلت طرقات وسجّلت مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية. وفيما يؤكد المتظاهرون الاستمرار بتحركاتهم، كان شبه إجماع من قبلهم على التعبير عن عدم ثقتهم بالمسؤولين والوعود القديمة - الجديدة التي أطلقوها، والتي لم تجد طريقها إلى التنفيذ بعد مرور ثلاث سنوات على عهد الرئيس ميشال عون. ولوحظ إصرار شرائح واسعة من المشاركين في احتجاجات أمس على «إسقاط الحكومة واستقالة المسؤولين» الذين يتهمهم المتظاهرون بالفساد. وبعد ساعات على توقيف عشرات الشبان، أعلن أمس عن إطلاق سراح معظمهم، فيما أفادت معلومات بمقتل شاب نتيجة لإطلاق نار بعد خلاف بين شخص ومتظاهرين على طريق المطار في بيروت. وأشارت «الوكالة الوطنية للإعلام»، أمس، إلى أن مواطناً حاول إحراق نفسه أمام ثكنة الحلو في بيروت، حيث تجمّع الأهالي للاطمئنان على أولادهم المحتجزين خلال مشاركتهم في الاحتجاجات. وذكرت الوكالة الوطنية أن عدداً من المحامين دخلوا إلى ثكنة الحلو لمقابلة الموقوفين. وأكد المحامي واصف الحركة أنهم «لن يبرحوا المكان قبل أن يخرجوا» الموقوفين، معلناً عن تلقيه وعداً من القوى الأمنية بالثكنة بأنه سيتم الإفراج عن كل خمسة منهم على فترات. وأعلنت وزيرة الداخلية ريا الحسن في تغريدة عبر «تويتر» أنها اتصلت بالمدعي العام لدى محكمة التمييز الذي أبلغها أن معظم الذين تم احتجازهم سيتم إخلاء سبيلهم بسند إقامة، وذلك «لاستكمال التحقيقات لاحقاً للتثبت من مدى توافر الأدلة المادية حول إقدامهم عمداً على ارتكاب أعمال شغب وسرقة محال وحرق الممتلكات العامة والخاصة». في غضون ذلك، دعت قيادة الجيش «المواطنين المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم المرتبطة مباشرة بمعيشتهم وكرامتهم إلى التعبير في شكل سلمي وعدم السماح بالتعدي على الأملاك العامة والخاصة». وأكدت في بيان «تضامنها الكامل مع مطالبهم المحقة»، ودعتهم «إلى التجاوب مع القوى الأمنية لتسهيل أمور المواطنين». وكما يوم أول من أمس تكرر مشهد المظاهرات في مناطق عدة من العاصمة بيروت إلى الشمال والجنوب والبقاع، وسجل تحركات في منطقة بريتال في بعلبك والنبطية وصور، وغيرها من المناطق ذات الغالبية الشيعية حيث رفعت شعارات مناهضة للمسؤولين بمن فيهم نواب ووزراء من «حزب الله» وحركة «أمل». وفي بعبدا، قطع المحتجون لبعض الوقت طريق القصر الرئاسي قبل أن تعيد القوى الأمنية فتحها. وفي الجنوب ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن المحتجين انطلقوا بمسيرة من أمام السراي الحكومي في النبطية، وألقيت كلمات نددت بفرض الضرائب والسياسة التي أوصلت البلد لهذه الأوضاع الصعبة. وفي إقليم الخروب (جنوب بيروت)، توافدت حشود من الأهالي إلى موقع قطع الطريق على الأوتوستراد في منطقة الجية، حيث نصب المعتصمون الخيم في وسط الطريق على المسرب الشرقي ووضعوا الكراسي في داخلها وجلسوا عليها، فيما وضعوا أيضا حواجز حديدية في وسط الطريق، مقابل عناصر من الجيش اللبناني الذين تمركزوا على الطريق وكانوا يراقبون الوضع ويعملون على التهدئة. وفي جبيل (شمال بيروت)، استقدم المتظاهرون شاحنات مليئة بالأتربة، وأفرغوا حمولتها في الطريق لتعزيز عملية قطع الأوتوستراد في الاتجاهين. وفي شمال لبنان، قطع محتجون الطريق الرئيسية التي تربط طرابلس بعكار بالإطارات المشتعلة والعوائق الحديدية. وبعد الظهر سجل تزايد في أعداد المتظاهرين في ساحة النور بمدينة طرابلس، ولوحظ انضمام أساتذة وطلاب إلى المعتصمين.

تصعيد غير مسبوق في المناطق المسيحية

وزراء حزب «القوات» يتجهون للاستقالة والعونيون يصفونهم بـ«الميليشيا بلباس مدني»

الشرق الاوسط....بيروت: بولا أسطيح... بلغ التصعيد في الشارع المسيحي مستويات غير مسبوقة على وقع الحراك المطلبي المستمر منذ أيام الذي انضم إليه حزب «القوات اللبنانية» الذي بات محسوماً أنه يتجه للاستقالة من الحكومة. وتنسق قيادة الحزب موقفها مع رئيس الحكومة سعد الحريري كما مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بحيث تطمح أن يعلن الحريري الاستقالة بعد نفاد الساعات الـ72 التي حددها في خطابه مساء أول من أمس، ما يؤدي تلقائياً إلى استقالة الحكومة ككل، وإلا تتجه لإعلان انسحاب وزرائها من مجلس الوزراء وهو ما قد يحصل بشكل متزامن مع إعلان مماثل من قبل وزراء «الاشتراكي». وتشهد المناطق المسيحية حراكاً كبيراً منذ أيام بعدما كانت تتركز الاعتراضات والمظاهرات في السنوات الماضية في مناطق وشوارع محددة، أصبح اليوم قسم كبير من هذه المناطق مشلولاً تماماً بفعل قطع الطرقات وخروج المتظاهرين بأعداد كبيرة إلى الشوارع. وطالت التحركات مناطق حيوية كالدورة وجل الديب والذوق والصالومي التي تم قطع الطرق الرئيسية فيها بالدواليب المشتعلة والسيارات. وانضم «القواتيون» إلى المتظاهرين بعد دعوة قائدهم سمير جعجع للمشاركة بالتحركات الشعبية الجارية «وفق منطق وأجواء هذه التحركات، أي من دون شعارات وأعلام حزبية، والالتزام بأقصى درجات المناقبية والتصرفات السلمية». وبهذا القرار يعود حزب «القوات» ليتلاقى مسيحياً مع حزب «الكتائب اللبنانية» الذي كان قد لاقى سريعاً المعترضين في الشارع من منطلق أنه الحزب الوحيد الذي يلتزم صفوف المعارضة منذ فترة. ويبدو أن «القواتيين» لن يتأخروا بالانضمام إلى هذه الصفوف من جديد، وهو ما أكدته مصادر «القوات»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التوجه هو للاستقالة من الحكومة أياً كان قرار الرئيس الحريري بعد انقضاء الساعات الـ72. وأضافت المصادر: «المشاورات مستمرة مع رئيس الحكومة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن التوجه بات محسوماً خاصة أننا ندرك تماماً أن القوى السياسية المشاركة في الحكم غير قادرة على التعهد بشيء، وهي لا تستطيع ولا تريد تحقيق الإصلاح الذي تعدنا فيه منذ 3 سنوات، وتسعى من خلال مواقفها الحالية لتجاوز ما يحصل في الشارع لا أكثر ولا أقل». وشددت على أن ما تشهده المناطق المسيحية، كما المناطق اللبنانية كافة، من اعتراضات «ليس على الإطلاق تظهيراً لصراع عوني - قواتي، إنما صراع بين الناس والتيار الوطني الحر وبالتحديد رئيسه (جبران باسيل) الذي يتحمل مسؤولية جزء يسير مما آلت إليه الأمور نتيجة تصرفاته وممارساته ومواجهاته المتنقلة والعناوين الاستفزازية التي يطرحها وعدم إعطائه الأولوية للواقع الاقتصادي والمعيشي». وفي مقابل تحميل حزبي «القوات» و«الاشتراكي» عهد الرئيس ميشال عون و«الوطني الحر» مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلد، شنت الهيئة السياسية لـ«التيار الوطني الحر» أمس حملة عنيفة على الحزبين، معتبرة أن «الحركة المطلبية تتعرض لاستغلال لحرفها عن أهدافها من جانب طرفين أساسيين في الحكومة اللبنانية هما حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي اللذان يتمسكان بالسلطة لتحقيق مكاسب خاصة بهما»، لافتة إلى أنهما «عمدا إلى ركب موجة المعارضة لا بل الإيحاء بقيادتها فيما هما أكثر من عرقل عمل الحكومة بمواقفهما وفسادهما السياسي والمالي». وأضافت: «نذكّر الرأي العام أن هؤلاء كانوا ميليشيا ترهيب وتشبيح أثناء الحرب وهم اليوم ميليشيا بلباس مدني، فمن أين لهم ثرواتهم وقصورهم؟». ونبه «الوطني الحر» اللبنانيين من أن «هؤلاء مخربون بطبعهم والطبع يغلب التطبع، ويكفي مشاهدة ما قاموا به من أعمال تخريبية في اليومين الماضيين». وفي جبهة «الكتائب»، أشار رئيس الحزب النائب سامي الجميل إلى أن المطلوب من الحراك الحالي «تحقيق انتقال سلمي وطبيعي للسلطة وإلا ستذهب السلطة طرداً»، لافتاً إلى أن «الخطوة التالية يجب أن تكون انتخابات نيابية جديدة، وإذا لم تقبل السلطة بحكومة جديدة حيادية فلتتحمّل مسؤولية ما يحصل في الشارع».

مسلحون يقمعون المتظاهرين في الجنوب اللبناني وحركة «أمل» أعلنت عن «تحقيق» لكشف الملابسات

الشرق الاوسط....بيروت: يوسف دياب... سلكت التحركات الشعبية في مدينة صور (جنوب لبنان) منحى تصادمياً، مع ظهور عشرات المسلحين في شوارع المدينة، تردّد أنهم ينتمون إلى حركة «أمل»، ومواجهتهم للمتظاهرين عبر تصويب السلاح عليهم وإطلاق النار أحياناً لفضّ الاعتصامات. وانتشرت مقاطع فيديو مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر عدداً من المسلحين المفترض أنهم تابعون لـ«أمل» يهاجمون المتظاهرين داخل أحياء مدينة صور وفي النبطية، وهو ما اعترفت به الحركة ضمناً، إذ أكدت رفضها للمظاهر المسلحة في شوارع صور وأعلنت أنها بصدد «إجراء تحقيق لتحديد المسؤوليات واتخاذ التدابير اللازمة»، طالبة من الأجهزة الأمنية «ممارسة دورها في حماية المواطنين بمن فيهم المتظاهرون»، مستنكرة التطاول على رموزها وعلى رأسهم الإمام موسى الصدر ورئيس مجلس النواب نبيه برّي. إلى ذلك، أكد مصدر قريب من «أمل» لـ«الشرق الأوسط» أن «الظهور المسلّح ومواجهة العناصر المشبوهين والمندسّين في المظاهرة السلمية، لم يكن بقرار من قيادة (أمل) بل باندفاعة شخصية من هؤلاء المسلحين». وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: «نحن نحترم حقّ التظاهر والتعبير عن الرأي في كلّ لبنان، لكنّ الناس تفاجأت بعناصر مدسوسة في قلب المظاهرة، بدأت تشتم بعبارات نابية حركة أمل ورموزها (رئيس مجلس النواب نبيه بري وزوجته رندة برّي ونواب ووزراء الحركة)، وبدأت بالاعتداء على الأملاك الخاصة». ولفت المصدر ذاته إلى أن «البعض لم يكن يرغب في التظاهر والمطالبة بحقوق، بل أراد الشغب والتخريب، وهذا لا يقرّه أي قانون في العالم، وأي بلد لا يسمح بهذه الارتكابات». وتابع: «فوجئنا بتقاعس أجهزة الدولة في وقف الاعتداءات، وعندما شاهد الناس الشغب الذي طال مصالحها، جرت مواجهة المندسين ولم يتعرّض أحد للمتظاهرين السلميين. إذا لم تقم الدولة بواجباتها بحماية الممتلكات، فإن الناس ستحمي مصالحها من النهب والحرق والإتلاف». وأثارت الشعارات التي أطلقت في اليومين الماضيين حفيظة المنتمين إلى حركة «أمل»، لأنها طالت شخص الرئيس برّي وعائلته، واستتبعت بالاعتداء على منازل نواب الحركة في مدينتي صور والنبطية، وهو ما انسحب على منازل نواب «حزب الله» لا سيما منزل النائب محمد رعد، رئيس كتلة نواب الحزب، وتمزيق صور وشعارات لقيادات الثنائي الشيعي الذي كان التعرض لهما أقرب إلى المحرمات. وحالة الاعتراض على الظهور المسلّح غير الشرعي لم تقتصر على معارضي الثنائي الشيعي، بل انسحبت على المقربين منهما الذين نصحوا بعدم مواجهة الناس بقوّة السلاح. ورأى الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بغض النظر عن الأخطاء التي قد يرتكبها المتظاهرون، فإن قمع الحراك الشعبي بقوة السلاح لن يوقف حركة الناس، بل يعزّز حالة الغضب». وأكد أن «المطلوب من القوى السياسية أن تتعاطى مع غضب الناس، بشكل إيجابي». وقال: «إذا حصلت أخطاء من المتظاهرين، مثل إحراق بعض المؤسسات (إحراق استراحة صور التي تستثمرها السيدة رندة بري، زوجة رئيس مجلس النواب)، فيجب الاستعانة بالجيش والقوى الأمنية لضبط الوضع»، معتبراً أن «الاستعانة بالمسلحين والميليشيات أمر غير قانوني وغير دستوري، وسيؤدي إلى صدام مسلّح، ولن يوقف غضب الناس». واتهم مصدر سياسي شيعي معارض لـ«حزب الله» وحركة «أمل»، عناصر الحركة بإحراق استراحة صور المملوكة من رندة بري، لتبرير قمع المتظاهرين والاعتداء عليهم وسحبهم من الشارع. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «أمل وحزب الله سيحاولان منع المظاهرات بأي ثمن» في مناطق نفوذهما، مشيراً إلى أنهما «يخشيان جرأة الناس بعد كسرهم حاجز الخوف واقتحام مقرات الحزب والحركة». ولفت المصدر إلى تهديد نصر الله في كلمته أمس بالنزول إلى الشارع و«قلب المعادلة»، معتبراً أن أمين «حزب الله» لا يقبل أن «يتعاظم الحراك المدني الرافض لسياسته التي قادت لبنان إلى الخراب»، بحسب المصدر الشيعي ذاته المعارض لـ«أمل» و«حزب الله».

لبنان على حافة الهاوية... ومخاوف من خفض قيمة العملة والتخلف عن سداد الديون

بيروت: «الشرق الأوسط»... أصبح لبنان أقرب للأزمة المالية من أي وقت مضى، وبات يحتاج على وجه السرعة إلى إقناع حلفائه في المنطقة والمانحين الغربيين بأنه سيتحرك بجدية لمعالجة مشاكل متأصلة، مثل قطاع الكهرباء الذي يعاني من الإهدار ولا يمكن التعويل عليه. وأوضحت مقابلات أجرتها وكالة «رويترز» مع ما يقرب من 20 من مسؤولي الحكومة والساسة والمصرفيين والمستثمرين أن لبنان يواجه، إذا لم يحصل على دعم مالي من الخارج، احتمال تخفيض قيمة عملته أو حتى التخلّف عن سداد ديونه في غضون أشهر. وكانت بيروت قد تعهدت مراراً بالحفاظ على قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار والالتزام بسداد ديونها. غير أن المصادر قالت لـ«رويترز» إن الدول التي اعتادت التدخل مالياً لإنقاذ لبنان من الأزمات بشكل يعتمد عليه نفد صبرها بفعل سوء الإدارة والفساد، ولجأت لاستخدام الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة في الضغط من أجل التغيير، ومن هذه الأطراف دول عربية خليجية فتر حماسها لمساعدة لبنان بسبب النفوذ المتزايد الذي يتمتع به «حزب الله» المدعوم من طهران وما ترى أنه حاجة لكبح نفوذ إيران المتنامي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وسبق أن قدمت دول غربية مساعدات مالية سمحت للبنان بتحدي الظروف لسنوات. غير أنها قالت للمرة الأولى إنها لن تقدم أموالاً جديدة إلى أن تأخذ الحكومة خطوات واضحة صوب الإصلاحات التي وعدت بها منذ مدة طويلة. ومن الممكن أن تغذي الأزمة المزيد من الاضطرابات في بلد يستضيف نحو مليون لاجئ من سوريا. وقال توفيق غاسبار المستشار السابق بوزارة المال اللبنانية والاقتصادي السابق بـ«مصرف لبنان المركزي» و«صندوق النقد الدولي» لـ«رويترز»: «إذا ظل الوضع (على ما هو عليه) دون أي إصلاحات جذرية فتخفيض قيمة العملة أمر محتوم». وأضاف: «منذ سبتمبر (أيلول) بدأ عهد جديد. علامات الإنذار كبيرة وفي كل مكان، خاصة أن المصرف المركزي يدفع ما يصل إلى 13 في المائة للاقتراض بالدولار». وعلى رأس قائمة الإصلاحات في بيروت مشكلة من أعقد المشاكل، هي إصلاح انقطاع الكهرباء المزمن الذي جعل اللجوء لمولدات الكهرباء الخاصة ضرورة باهظة الكلفة. ويرى كثيرون أن هذه المشكلة هي الرمز الرئيسي للفساد الذي أدى إلى تدهور الخدمات والبنية التحتية. وسيكون مضمون موازنة 2020 عنصراً أساسياً في المساعدة في الإفراج عن نحو 11 مليار دولار صدرت بها تعهُّدات مشروطة من المانحين الدوليين بمقتضى مؤتمر «سيدر» الذي عُقِد العام الماضي. غير أن اجتماع مجلس الوزراء الذي كان مقرراً عقده لبحث الميزانية يوم الجمعة أُلغي وسط الاحتجاجات الشعبية. وقال عدد من المصرفيين والمستثمرين والمسؤولين الذين حاورتهم «رويترز» إن شروخاً جديدة ظهرت بين الحكومة اللبنانية ومقرضيها من القطاع الخاص مع تبدُّد الثقة وندرة الدولارات. وقال أغلب مَن حاورتهم «رويترز» إن لبنان سيشعر على الأرجح بضغوط اقتصادية ومالية أكبر في الأشهر المقبلة لكنه سيتفادى تحديد سقف لاسترداد الودائع أو عجز الدولة عن سداد التزاماتها السيادية. ومع ذلك، انقسم المسؤولون والمصرفيون والمستثمرون فيما إذا كانت الأمور ستصل إلى حد تخفيض قيمة الليرة اللبنانية، وذلك بسبب الإخفاق لسنوات في تنفيذ الإصلاحات، وفي ضوء التصميم الجديد بين المانحين التقليديين على المطالبة بها. وقال نسيب غبريل رئيس قسم البحوث الاقتصادية والتحليل في بنك «بيبلوس»: «أنت بحاجة لصدمة إيجابية. لكن الحكومة تعتقد للأسف أن الإصلاحات يمكن أن تحدث دون المساس بالهيكل الذي تستفيد منه». وأضاف أن على لبنان تطبيق الإصلاحات من أجل زيادة التدفقات الرأسمالية. وقال: «نحن بحاجة لمساعدة أنفسنا لكي يساعدنا الآخرون». وقد لا يكون أمام حكومة الحريري سوى بضعة أشهر فقط لتنفيذ إصلاحات مالية لإقناع فرنسا و«البنك الدولي» والأطراف الأخرى في اتفاق «سيدر» بالإفراج عن التمويلات المشروطة التي تبلغ قيمتها 11 مليار دولار. وقال رئيس الاستثمارات الإقليمية في شركة أميركية كبرى لإدارة الأصول إن المسؤولين اللبنانيين يقولون في لقاءات غير رسمية إنه سيتم الإعلان قبل نهاية العام عن خطة لمعالجة انقطاع التيار الكهربائي في الأجلين القصير والطويل، وبعدها سترفع الحكومة الأسعار. لكن المنتقدين يقولون إنه لم تُتخَذ أي خطوات ملموسة رغم التصريحات الصادرة عن وزارة الطاقة بأن الخطة ماضية في مسارها. وفي الشهر الماضي، غادر الحريري باريس دون تعهُّد بالحصول على سيولة فورية بعد أن زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ويقول المستثمرون والمصرفيون والاقتصاديون إن عشرة مليارات دولار على الأقل مطلوبة لتجديد الثقة بين اللبنانيين في الخارج الذين دعموا الاقتصاد على مدار عشرات السنين، من خلال الاحتفاظ بحسابات مصرفية في وطنهم. غير أن الودائع شهدت انكماشاً بنسبة 0.4 في المائة تقريباً منذ بداية العام الحالي. وكانت الحكومة قد سعت للحصول على دعم أصغر من حلفائها من بعض الدول لكسب الوقت، غير أن عدة مصادر قالت إن على بيروت أن تلبي شروطاً تهدف لإضعاف نفوذ «حزب الله» في الحكومة اللبنانية لضمان الحصول على تمويل. وقال سامي نادر مدير «مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية»، ومقره بيروت: «صبرهم على إيران و(حزب الله) تضاءل كثيراً. و(الاستثناء اللبناني) اختفى». وأضاف: «مال الميزان، وأصبحنا الآن على خلاف مع أصدقائنا السابقين، لأن (حزب الله) له اليد العليا الآن سياسياً». وقال الرئيس الإقليمي السابق لبنك غربي كبير دون مواربة: «الناس نفد صبرهم على الفساد الذي يعمل فيه ببساطة برلمان متجمد دون أي سلطة على تقسيم الكعكة بين الساسة». وأضاف: «لكن في نهاية اليوم تنجح الطبقة السياسية اللبنانية في العادة في إقناع الحلفاء بأنهم يجب ألا يسمحوا بانهيار النظام وإعادة الحرب الأهلية».

وسط بيروت ساحة للتخريب خلال الاحتجاجات الشعبية

الشرق الاوسط...بيروت: سناء الجاك... مرة جديدة، تحوّل وسط بيروت التجاري إلى ساحة للتكسير والتخريب على أيدي فريق من المتظاهرين ممن دأبوا على اختراق التحركات الشعبية بأعمال شغب مشبوهة. ولم تنفع نداءات وزيرة الداخلية، ريا الحسن، للمتظاهرين بوجوب المحافظة على الأملاك العامة، حيث شهد قلب العاصمة ليلة أول من أمس، أعمال شغب واسعة. وأعادت الأحداث الأخيرة طرح السؤال عن خلفية إلغاء الدور التجاري والاجتماعي لوسط بيروت، سواء كما كان في القرن الماضي قبل اندلاع الحرب الأهلية (عام 1975) التي حوّلته إلى ركام، أو بعد انتهاء هذه الحرب (1990) مع مشروع إعادة بنائه الذي تولته شركة «سوليدير». ويرى بعض المحللين أن الاحتجاجات في المركز المحوري للمدن أمر طبيعي يسهم في إيصال صوت المحتجين، في حين يعتبر بعض آخر أن المتضررين من السلطة تستفزهم شركة «سوليدير» التي غيّرت صيغة وسط المدينة وعصرنتها وفرضت مقاييسها الاقتصادية والاجتماعية العالية بعيداً عن الأسواق الشعبية التي كانت تميّز المكان وتكرّس دوره المنبثق من تاريخيته وفق تطور طبيعي لحاجة أهل بيروت، من جهة، وللبنانيين الذين يعدّونه محطة للنقل إلى كل المناطق عبر «ساحة البرج»، من جهة أخرى. وعلى هذا الأساس، يقول محللون إن شريحة من المشاركين في الاحتجاجات تريد شل وظيفة وسط بيروت لأنه محسوب على فريق رئيس الحكومة سعد الحريري، والمحطة الأولى لضربه كانت اعتصام «حزب الله» فيه أواخر عام 2006. ما شكّل بداية ضمور دور العاصمة اللبنانية وحوّلها إلى مركز للاحتجاج المترافق مع الشغب في بعض الأحيان. وأدى ذلك أيضاً إلى هروب المستثمرين، في ظل انقسامات داخلية وانحسار الإقبال الخارجي، والخليجي تحديداً، على لبنان. يقول نائب بيروت السابق محمد قباني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «استقطاب وسط بيروت للمظاهرات والاحتجاجات غير مستغرب، كما في كل عواصم العالم. لكن المؤسف أن هذا التحركات تتزامن مع تراجع حركته الاقتصادية بفعل الأحداث المتعاقبة وإقفال مداخل المجلس النيابي في ساحة النجمة، ما أثّر على شارع المعرض والأسواق القديمة. إلا أن هذه الحالة موقتة وستستعيد أسواق وسط بيروت زخمها بعد انحسار الأزمة الاقتصادية. فالمنطقة جذابة بشوارعها التراثية وخصوصيتها، وأصحاب المصالح سيعودون إليها بالتأكيد». ويعدّ قباني أن مشروع إعادة إعمار وسط بيروت من خلال شركة «سوليدير» كان أفضل الحلول بعد انتهاء الحرب الأهلية. ويقول: «كانت حال الوسط مخيفة. ولولا مشروع سوليدير الجبار بإشراف رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري لبقي وضع المكان على حاله». إلا أن المحامي ورئيس «جمعية التجارة العادلة في لبنان» سمير عبد الملك يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وسط بيروت شكّل تجربة فريدة لكل من عايشه قبل الحرب الأهلية. كانت أسواقه بمثابة سوبرماركت اللبنانيين. تزدحم مطلع كل شهر بالناس الذين يأتون لشراء حاجاتهم ويقصدونها بشكل طبيعي ضمن سياق حياتهم اليومية. الحرب الأهلية دمّرت هذا الدور. فانقطعت العلاقة مع المكان. وتكرس الانقطاع مع إعادة إعمار وسط بيروت بمخطط يتناقض مع روح المكان، ويبتر العلاقة الطالعة من الذكريات الشعبية لجماعات تلتقي وتتحاور وتتبادل همومها أثناء تسوقها. فالوسط كان طريقة عيش وليس تعايشاً. ورغبنا كجمعية في تجنب خسارة روحه وإبقائه شعبياً ليجمع الشعب، لكن إدارة (سوليدير) كانت في عالم آخر، ووضعت شروطاً تعجيزية تحول دون إقدام شرائح منوعة من الشعب على الاستثمار في المكان». ويقول الخبير الاقتصادي الأستاذ الجامعي أنطون حداد لـ«الشرق الأوسط» إن «وسط بيروت اكتسب أهميته الاقتصادية قبل الحرب لأنه حضن وظائف متعددة تطال شرائح اجتماعية على امتداد السلم الاجتماعي. وبعد الحرب جاءت فكرة (سوليدير) ليؤدي الوسط وظائف اقتصادية ذات قيمة مضافة مرتفعة. وأول انكشاف لهذه الوظائف بدأ عام 2005 مع ظروف مختلفة عما سبقها، وبدأت الشركات العالمية تفقد اهتمامها بلبنان لأسباب أمنية وسياسية. وبدأت تتراجع السياحة المرتفعة، كذلك الاهتمام بعقارات الوسط الفخمة. كل ذلك أدى إلى إفراغ الوسط التجاري من وظيفته الأساسية. وانكشفت إحدى نقاط ضعف (سوليدير) باعتمادها على هذا النشاط، وتحديداً بعد تحول لبنان من مكان لجذب الأعمال إلى مكان للصراع السياسي. وبالتالي إنشاء مشروع على هذا المستوى لم ينفع الوسط ولم يعطِه القدرة على الاستمرارية». من جهته، يقول النائب السابق قباني إن «إعادة الحياة التجارية وإنعاش الاقتصاد في الوسط يتطلبان إجراءات محفزة، كفتح الطرق إلى شوارعه وساحاته والسماح بمرور السيارات والمارة من دون قيود». ويشير إلى أن «الوضع السياسي المخرب يشلّ تنفيذ أي قرار تنموي، بالإضافة إلى أنه يدفع المستثمرين اللبنانيين والخليجيين إلى تجنب الاستثمار في وسط بيروت خاصة ولبنان عامة، ما يبقي الحالة صعبة من دون الاستثمارات والسياحة الخليجية. كما أن الجمود التجاري في الوسط ينعكس جموداً في علاقة اللبنانيين بعضهم ببعض. فهذا المكان هو مختبر بشري لصهر العلاقات بين اللبنانيين بمختلف مذاهبهم وانتماءاتهم». ويعتبر سمير عبد الملك، في المقابل، أن «تحول وسط بيروت إلى منطقة ضعيفة اقتصادياً هو نتيجة الظروف السياسية... لأن من استهدف المكان صنّفه بأنه يعبّر عن فئة من اللبنانيين وليس كل اللبنانيين بفعل الفرز السياسي الذي تكرّس في غياب الوعي الحقيقي للقيمين على إدارة سوليدير، مع توافر الإمكانات لديها لتجنب الاستهداف». ويضيف: «قرار حزب الله السياسي قضى بضرب هذا الشريان الحيوي المحسوب على فريق بعينه. وأسهمت الرهانات الخاطئة بتسهيل المخطط الذي عدّ من سعى إليه أنه لا يستفيد من الحركة الاقتصادية للوسط، لذا لم يوفره في حربه السياسية من خلال الاعتصام ما أدى إلى إقفال المتاجر وهجرة الأعمال منه، ليوجع أصحابه. ولم تنفع الإجراءات التي اتخذتها سوليدير بعد ذلك لتدارك الأمر».

نصر الله يرفض استقالة الحكومة ويعتبر إسقاط العهد «إضاعة للوقت»

بيروت: «الشرق الأوسط»... أعلن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله عدم تأييده إسقاط الحكومة، ورأى «أن انتخابات نيابية جديدة ستقود إلى المجلس النيابي نفسه». وتوجّه إلى من يريدون إسقاط عهد الرئيس ميشال عون بالقول «تضيّعون وقتكم»، وذلك في هجوم واضح على رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط الذي كان قد دعا مناصريه أول من أمس للمشاركة في المظاهرات تحت هذا العنوان. وفي كلمة له خلال احتفال أقيم في بعلبك لمناسبة إحياء مراسم أربعين الإمام الحسين، طالب نصر الله «أهل السلطة ومن هم خارجها بتحمل المسؤولية أمام الوضع الخطير جداً». وتحدث عن «الاستقالة أو الانسحاب من الحكومة أو ركوب الموجة أو كما يفعل البعض كما اعتاد بالوقوف على التل منتظراً نتائج الأحداث»، قائلاً «بعض القيادات السياسية في لبنان تفعل هكذا، إما تتنصل أو تلقي التبعات على الآخرين، وهذا الأمر غير مسؤول وبلا أخلاق». ورأى أن «الوضع المالي والاقتصادي ليس وليد ثلاث سنوات أو الحكومة الحالية أو هذا العهد، بل إنه تراكم سياسات ثلاثين سنة مرت. ولكن الأمر أمامنا، وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية، بما في ذلك نحن، مع تفاوت النسبة المئوية، ومن يريد التنصل من المسؤولية معيب (عليه ذلك) وبخاصة أولئك الذين كانوا في السلطة في العهود الماضية ويحاولون اليوم ركوب الموجة في اعتراض الناس». وشدد على أن «من يهرب أو يتخلى لا أريد أن أطلق عليه الأحكام لأن على الناس أن تحكم عليه، ولأن من حكم في الثلاثين سنة الماضية واستفاد منها ويأتي اليوم ليقول إنه سيستقيل منتظراً على التل... هذا غير مقبول». ورأى أن «البعض في السلطة كان يتصور أن الضرائب ستمر... رسالة هذين اليومين مهمة جداً ويجب أن يستوعبها كل المسؤولين في كل المناصب: الشعب اللبناني لم يعد يستطيع تحمّل ضرائب جديدة». ورأى أن «حكومة التكنوقراط لا تستطيع أن تصمد أسبوعين، والقوى السياسية التي تطالب بحكومة التكنوقراط هي أول من سيطالب بإسقاطها»، مؤكداً: «مستمرون بهذه الحكومة بروح جديدة». وأشار إلى «عدم تأييده استقالة الحكومة الحالية (برئاسة سعد الحريري) لأن ذلك سيعني أن لا حكومة ستتشكل قريباً». ورأى «أن انتخابات نيابية جديدة ستقود إلى المجلس النيابي نفسه، لذلك يجب عدم إضاعة الوقت بهذه الطروحات». وتوجه لمن يريد «إسقاط العهد»، قائلاً: «تضيّعون وقتكم وأنتم لا تستطيعون إسقاطه... يجب أن نتصرف بمسؤولية حتى نمرر هذه المرحلة الصعبة، ولن نسمح بإغراق هذا البلد أو أن يُدفع به إلى الهلاك». وقال: «لا يقف أي حزب أو تنظيم أو سفارة أجنبية خلف المظاهرات الأخيرة، بل المواطنون غضبوا عندما سمعوا عن فرض رسم على (واتساب) وهي القشة التي قصمت ظهر البعير». وتوجّه إلى المتظاهرين بالقول: «أنصح المتظاهرين بإبعاد الحراك عن القوى التي ركبت الموجة وراحت تطالب بإسقاط العهد وأنصح بتفادي التخريب والسباب». وأضاف: «سنواجه فرض ضرائب على الفقراء ولو اقتضى ذلك النزول إلى الشارع». وتابع: «إذا نزل حزب الله إلى الشارع لا يخرج قبل تحقيق مطالبه». وتوقف أمام ما وصفهما بـ«الخطرين الكبيرين» في البلد: «الأول الانهيار المالي ونصبح عندئذ مثل اليونان، والثاني الانفجار الشعبي نتيجة المعالجات الخاطئة». وقال: «نحن لا نحكي عن كل الضرائب، إنما الضرائب التي ترهق الناس. يضعوننا أمام الخيارين السابقين، وهذا الأمر مقاربة خاطئة، وإذا ما تصرفنا بمسؤولية لا نبقي الناس في الشارع. الأمر يحتاج إلى مسؤولية وصدق في المعالجة». واعتبر أن «أهم نتيجة يجب الاستفادة منها في رسالة هذين اليومين أن على المسؤولين أن يدركوا أن الناس وبخاصة الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود غير قادرين على تحمل ضرائب جديدة». وقال: «لسنا بلداً مفلساً إنما نحتاج إلى إدارة جيدة».

لبنان: مسافرون كويتيون ألغوا حجوزاتهم... والسوق العقاري «مشلول»

الراي...الكاتب:علي إبراهيم,علي قاسم ...

كمال كبشة: أثر سلبي على المدى القصير لقرب موسم سفر منتصف العام

محمد المطيري: 3 فئات رئيسية من المواطنين ظلّت تسافر بعد الصيف

وليد موسى: الوقت ليس للبيع بل للشراء... الأسعار انخفضت نحو 40 في المئة

روبير حايك: إذا استمرت الأوضاع الحالية لفترة أطول فسيبحث محبو السفر لبيروت عن وجهات أخرى

وصف خبراء، السوق العقاري في لبنان بـ«المشلول»، وأن هذه الحال ممتدة منذ فترة ليست بقصيرة جراء ما تشهده البلاد من أزمات متلاحقة، أثّرت على معنويات المستثمرين الأجانب. وأضافوا أن الركود العقاري بلبنان خفّض الطلب إلى مستويات متدنية جداً، هوت بالأسعار بنحو 40 في المئة، ما خلّف آلافاً من الشقق تبحث عن مشترين، ومشاريع ضخمة قيد البناء في مناطق حساسة توقفت. من ناحيته، نصح الرئيس العالمي للاتحاد الدولي العقاري، وليد موسى، المستثمرين بعدم البيع في الوقت الراهن بل التوجه نحو الشراء بسبب هبوط الأسعار، مستشهداً بالمثال الإنكليزي القائل «حيثما توجد دماء اشتري عقار». وأفاد أن العقارات في لبنان هبطت ما بين 30 إلى 40 في المئة منذ 2013، بسبب تراجع معدلات طلبات الشراء مدفوعة بارتفاع فوائد القروض، وعدم دعم مؤسسة الإسكان للشباب ذوي الدخل المحدود، إلى جانب معنويات المستثمرين المتأثرة بحالة البلاد السياسية. ولفت إلى أن الكويتيين هم أكبر مستثمر بالعقارات في لبنان، واصفاً إياهم بالمستثمر الذكي بفضل أنهم لا يبيعون عقاراتهم بأقل من أسعارها الحقيقية، مبيناً في الوقت نفسه إلى وجود العديد من رجال الأعمال الذين يبحثون دائما عن الفرصة. أما الباحث العقاري، عبد الرحمن الحسينان، فلفت إلى أن البيع والشراء في لبنان شبه معدوم نتيجة تخوّف المستثمرين الأجانب من الشراء من الأزمات المتتالية، والتي كان آخرها التظاهرات الواسعة التي شهدتها البلاد والتحذيرات من وقوف البلاد على شفا هاوية الانهيار الاقتصاد، إلى جانب تراجع الطلب المحلي، ولا سيما بعد تعليق المصرف المركزي منح قروض سكنية مدعومة لذوي الدخل المحدود. وأشار إلى أن كثيراً من المستثمرين الخليجيين يعرضون عقاراتهم للبيع منذ فترة كبيرة لكن لا أحد يشتري، مؤكداً في الوقت نفسه أن هناك خللاً كبيراً في العرض والطلب، إذ إن هناك آلاف الشقق معروضة للبيع في مختلف مناطق لبنان ومنها في حيوية جداً. وأكد أن كثيراً من أصحاب العقارات خفضوا الأسعار بنسب متفاوتة في محاولة منهم لجذب المشترين، في حين يلجأ آخرون إلى طرق ثانية للبيع، حيث يقومون بإبرام اتفاق مباشر مع المشتري من دون البنك على أن يدفع المشتري دفعة أولى (تتراوح ما بين 10-50 ألف دولار) ومن ثم تقسيط الباقي على دفعات شهرية أو فصلية. أما على صعيد السفر والسياحة، فيوضح رئيس اتحاد مكاتب السفر والسياحة، محمد المطيري، أن الأحداث الأخيرة في لبنان لن تترك أثراً كبيراً على معدلات السياحة الكويتية إلى لبنان على المدى القصير، خصوصاً وأن موسم السفر إلى هناك انتهى منتصف سبتمبر المنصرم. وأشار المطيري في تصريح لـ«الراي» إلى أن لبنان ما زال يحتل مكانته كوجهة للكويتيين، وخصوصاً العائلات خلال فترة العطلات، مبيناً أنه شهد إقبالاً كثيفاً خلال موسم السفر الماضي سواء لحجوزات العطلات أو حجوزات الطيران للأفراد والعائلات على حد سواء. ولفت إلى أن السفر إلى لبنان ظل مستمراً بعد منتصف سبتمبر، ولكن بمعدلات منخفضة لا تُقارن بمعدلات السفر صيفاً، إذ إن هناك نحو 3 فئات رئيسية من المواطنين أبقت على نشاطها بخصوص السفر بعد انتهاء موسم الصيف وتحديداً من يملك منازل هناك، إضافة إلى رحلات رجال الأعمال الذين لديهم مصالح تجارية تتطلب المتابعة هناك، وهاتان الفئتان قد يستمران بالسفر في ظل الأحداث الحالية للضرورة القصوى فقط. وأوضح أن الفئة الثالثة تتمثل في المواطنين الذين يرغبون في قضاء إجازة سريعة تبدأ من الخميس وتنتهي صباح الأحد، وغالبيتهم من الشباب، مشيراً إلى أن تلك الفئة قد تشهد تغييرات في خططها إذ قد تلجأ إلى وجهات أخرى أبعد نسبياً مقارنة بالمسافة إلى لبنان أو تغيير الخطط لقضاء إجازة موسمية أطول في عطلة منتصف العام في وجهات أخرى. من جهته، قال مدير عام مجموعة بودي للطيران، روبير حايك، إن كثيراً من المسافرين إلى لبنان طلبوا إلغاء حجوزاتهم جراء ما تشهده معظم مناطق البلاد من أوضاع غير مستقرة. ولفت إلى أن الفترة الحالية (سبتمبر وأكتوبر وديسمبر) تعتبر موسم انخفاض الطلب بالنسبة للمسافرين إلى لبنان، وهذا ما يفسر الأسعار الرخيصة لتذاكر السفر والفنادق هناك، مؤكداً أن الأسعار لن تنخفض أكثر من ذلك لأنها وصلت إلى الحد الأقصى. وأكد حايك أنه إذا ظلت الأمور على هذه الحالية لفترة طويلة فسيتوجه محبو السفر إلى لبنان إلى وجهات أخرى، وحتى اللبنانيين أنفسهم سيقومون بذلك، ما سينعكس سلباً على سوق السياحة والسفر هناك، موضحاً أن لبنان شهد خلال عطلة الصيف نمواً في عدد المسافرين إليه مقارنة بالعام الماضي. من ناحيته، أكد الخبير السياحي كمال كبشة، أن الأثر المتوقع من تطورات الأحداث في لبنان على قطاع السياحة والسفر بالكويت ضئيل جداً، ويكاد لا يذكر، خصوصاً وأن الأحداث هناك بدأت بعد انتهاء موسم السفر الصيفي في الكويت الذي يُعد المؤشر الرئيسي في معدلات السفر إلى هناك. وشدّد كبشة على أن المواطن الكويتي الراغب في السفر خلال الوقت الراهن من النوعية التي تبحث عن قضاء يومين أو 3 على الأكثر كل أسبوع أو أسبوعين لتجديد النشاط، وغالبية هؤلاء المسافرين يكونون من الأفراد وليس العائلات، ما يُعني أن قيمة الفاتورة التي يدفعها المواطن على تلك الرحلة انخفضت بصورة كبيرة جداً عن مثيلاتها خلال أشهر الصيف. وأشار في الوقت ذاته إلى أن أفضلية الوجهات لدى الأفراد تتسم بإمكانية تغيرها بسرعة، وهو ما بدأ يحدث بالفعل بعد بدء الأحداث في لبنان، موضحاً أنه لم يعد هناك توجه للحجز على لبنان سوى حجوزات الطيران للمضطرين إلى السفر لقضاء أمور مهمة، وليس حجوزات العطلات. ونوه كبشة إلى أن الأمر قد يترك أثراً سلبياً على المدى القصير مع قرب موسم سفر منتصف العام، وذلك إذا لم تستقر الأوضاع هناك، إذ سيبقى خيار السفر إلى لبنان مشوباً بحال من القلق، وقد يتعمق الأثر السلبي على المدى المتوسط حال حلول موسم الصيف دون استقرار الأوضاع.

هَيْدي ثورة

نداء الوطن....إنها الثورة... حاولوا إخمادها بالطرق القمعية التقليدية لكنهم لم يستطيعوا إطفاء جذوتها فاستعرت وانتشرت كالنار في هشيم السلطة على امتداد الخريطة اللبنانية، حتى إذا ما نام أهل الحكم على وسادة القمع مطمئني البال ليلة الجمعة، سرعان ما استفاقوا صباح السبت على زلزلة عروش طائفية ومذهبية ومناطقية كسّرت المحرمات وحطّمت "أصنام التمور" وكفرت بزعامات كانت حتى الأمس القريب "أنصاف آلهة". نعم إنها الثورة... بدليل اهتزاز قدسية "الثنائي الشيعي" في عقر بيئته "الحاضنة" جنوباً وبقاعاً، وانزلاق التربة من تحت أقدام العهد العوني في عمق بيئته المسيحية، في مشهد لا شك أنه يشكل منعطفاً مفصلياً في المشهد الوطني لن يكون ما بعده كما قبله. نعم إنها الثورة... وقد اتسعت رقعتها على أرضية وطنية صلبة إسلامية - مسيحية وبات من الصعب على أهل السلطة فك لحمتها والتحامها. ثورة تطايرت معها الخيم والسقوف العالية من فوق الرؤوس الحامية فتشظّت الحصانات الرئاسية والسياسية والطائفية والمذهبية من أعلى الهرم إلى أسفله ولم يعد في الأفق ما عاد يعوّل عليه الناس ويرجونه من طبقة حاكمة مستحكمة بمفاصل الدولة على مدى عقود وعقود من الفشل والوعود. وفي إطار يندرج ضمن سياق تنظيم الحراك المدني صفوفه بما يرقى إلى مستوى مواكبة ثورة اللبنانيين، علمت "نداء الوطن" أنّ 11 منظمة من الحراك باشرت بعقد سلسلة من الاجتماعات للبحث في سبل تأطير جهودها ضمن خطة عمل موحدة، وقد استقرّ الاتجاه نحو اختيار مندوبين عن كل منظمة حراك مدني لتشكيل لجنة تنسيق مشتركة كخطوة أولى على طريق توحيد الصفوف والجهود. بالتوازي، وعلى خط محاولة السلطة استلحاق ما يمكن استلحاقه قبل انهيار الهيكل، من المفترض أن يدخل رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم بثقله على المشهد العلني الإعلامي بعدما أخفقت إطلالة الوزير جبران باسيل من قصر بعبدا في تأدية الغرض منها، إذ وبحسب المعلومات غير الرسمية التي توافرت لـ"نداء الوطن" فإنّ عون سيطل على اللبنانيين اليوم بكلمة مكتوبة ليحاول امتصاص نقمتهم عبر جملة من الخطوات الإصلاحية التي سيؤكد أنه يعتزم اتخاذها ومن بينها وضع آلية لاستعادة المال العام المنهوب، في حين كانت إطلالة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أمس رسم خلالها خطاً أحمر عريضاً حول "العهد" مؤكداً أنه ممنوع من السقوط في ما اعتبره مراقبون مجاهرة من نصرالله لأول مرة بأنّ هذا العهد هو عهد "حزب الله" ربطاً بكون رئيس الجمهورية هو بالأساس مرشح "الحزب" الذي عبّد الطريق أمام وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى وبالتالي فإنه لن يسمح بإسقاطه تحت أي ظرف من الظروف تحت طائل سلسلة تهديدات مباشرة وغير مباشرة سطّرها نصرالله، سواءً في ما يتصل بتأكيده وجوب عدم السماح باستقالة الحكومة التي يرأسها الرئيس سعد الحريري أو في ما خصّ انتقاده ركوب رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط موجة الشارع، مع تلويحه في المقابل بإمكانية لجوء "حزب الله" إلى خيار النزول إلى الشارع إذا اقتضت مصلحة الحزب ذلك. ومع تناقص عدّاد الـ72 ساعة الذي أمهل من خلاله رئيس الحكومة شركاء التسوية والحكم لحسم توجهاتهم، تحوّل "بيت الوسط" بالأمس إلى ما وصفه الحريري بـ"خلية نحل" جمعته إلى ممثلي عدد من الكتل للتباحث في وضع حلول سريعة وخطوات إصلاحية بنيوية جدية تحاكي تطلعات اللبنانيين المنتفضين بشكل يشمل إنجاز موازنة خالية من أي ضريبة أو رسم، مقابل تأمين مساهمة وازنة لقطاع المصارف في عملية زيادة الإيرادات وخفض العجز بالإضافة إلى لائحة ضرائب ورسوم تطال الطبقة الرأسمالية الغنية بما يلحظ فرض ضريبة على الأملاك البحرية. وإذ يعتزم رئيس "الاشتراكي" إرسال ورقة مقترحات حزبه الإصلاحية إلى رئيس الحكومة اليوم جواباً على ورقة أفكار وحلول كان الحريري قد أرسلها إلى كليمنصو أمس، بادر حزب "القوات اللبنانية" من ناحيته إلى حسم قراره بإعلان رئيس الحزب سمير جعجع منتصف الليل قرار تكتل "الجمهورية القوية" الطلب من وزرائه الاستقالة من الحكومة، انطلاقاً من قناعته بأنها "عاجزة عن القيام بالخطوات المطلوبة لإنقاذ الوضع الاقتصادي والاجتماعي"، حسبما قال جعجع، مجدداً المطالبة بتشكيل حكومة جديدة "بعيدة كل البعد عن الأكثرية الوزارية الحالية"، التي رأى أنّ معظم مكوناتها تريد الاستمرار بسياسة "الترقيع والمسكنات ولا نية لديها بأي إصلاحات جدية وجذرية". وفي ضوء الاستقالة القواتية، تتجه الأنظار إلى ما سيؤول إليه مصير جلسة مجلس الوزراء المرتقبة اليوم والتي يصرّ رئيس الحكومة على ربط انعقادها بوجوب أن تخرج بمقررات حاسمة وسريعة.

في الغضون، وإزاء ملاحظة المراقبين تفاعلاً ديبلوماسياً خجولاً مع مجريات الأحداث اللبنانية، عزت مصادر مطلعة هذا الموضوع إلى القول: "حتى الدول الكبرى فوجئت بسرعة تمدد الحراك الشعبي في الشارع وخروجه عن السيطرة"، وأفادت المصادر "نداء الوطن" أنّ "الفرنسيين على سبيل المثال جددوا خلال الساعات الأخيرة استعدادهم لتقديم كل ما يمكنهم تقديمه مع الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان على إنقاذ وضعه الاقتصادي في حال أقرت الموازنة والإصلاحات الجذرية المترافقة معها، في وقت لا تزال الولايات المتحدة في طور مراقبة المشهد اللبناني وتحليله عن بُعد خصوصاً وأنّ السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد موجودة منذ ثلاثة أيام في قطر مع الطاقم العسكري للسفارة الأميركية برفقة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، كما أنّ بريطانيا تعتبر أنّه ليس بمقدورها الاضطلاع بأي دور حالياً من دون أن تكون هناك بداية حلول داخلية يمكن التأسيس عليها بين الدولة اللبنانية والانتفاضة الشعبية".

«ورقة الحريري»: زيادة الضريبة على المصارف... هل يقتنع الشارع؟

الأخبار .... ما تراه السلطة «الصدمة الايجابية» التي تفكر بالاقدام عليها لتنفيس احتقان الشارع واخراج الناس من الساحات، ينحصر في خطوتين: الاولى متفق عليها حتى الآن وتتلخص بموازنة جديدة يصل عجزها الى صفر، من دون فرض اي رسوم او ضرائب جديدة تطال الناس، وتحقق واردات اساسها من المصارف. اما الثانية، فهي بداية حديث عن تعديل حكومي أو تعديل وزاري، ربما عجل به قرار «القوات اللبنانية» الاستقالة من الحكومة. لكن، هل هذا يخرج الناس من الشارع؟

بالامس، كان لبنان، يشهد المزيد من الاحتجاجات الشعبية، وسط سيل جارف من المواطنين الذين لم تؤثر فيهم لا اجراءات القمع المخيفة للقوى الامنية ليل الجمعة - السبت في بيروت، ولا اعتداءات مسلحي حركة امل في الجنوب، ولا تدخل انصار وليد جنبلاط لتحديد مسار التحركات في الجبل. وكان لافتا العدد الكبير من المشاركين في تظاهرات بيروت الكبرى وبقية المناطق، وسط تعاظم مستوى الاعتراض في طرابلس وصور، وانحسار الصدامات بين المواطنين والقوى الامنية. تقدم المتظاهرون خطوات الى الامام. مسحوا آثار العدوان الذي تعرضوا له ليل امس الاول على يد القوى العسكرية والامنية. وفي الجنوب، خرجوا باعداد كبيرة ردا على بلطجة مسلحي «امل»، لا سيما في صور، في مقابل مساعي قيادة الحركة الى نفض اليد ممن وصفتهم بـ«غير المنضبطين». وركزت الشعارات التي رددها المتظاهرون على رفض اي علاجات وسطية، وطالبوا باستقالة الحكومة والمجلس النيابي. بينما ظلت التحركات من دون قيادة واضحة.

الحريري يفضّل استقالة الحكومة واعادة تأليف حكومة جديدة

وفي مكان اخر، كانت الاتصالات السياسية قائمة بصورة مكثفة، وتمت تغطيتها بخطاب لافت للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي اعلن تضامنا واضحا مع المتظاهرين، داعيا المسؤولين الى التصرف بجدية مع الذي يحصل على الارض. لكنه اعلن موقفا حاسما لجهة الوقوف الى جانب الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ورفض التغيير في التركيبة. وهو ما اثار انزعاج المتظاهرين ما انعكس انتقادات قاسية له، علما، انه تبين - وان كان هذا الكلام لن يعجب كثيرين - ان وسائل اعلام معروفة بولائها للسفارة السعودية في لبنان، «نفذت تعليمات» مصدرها السفارة باستخراج اعلى نسبة من النقد والشتائم للسيد نصرالله شخصيا.

ماذا حصل؟.... على الصعيد السياسي، يمكن تقديم النتيجة الاتية:

اولا: عمل الرئيس الحريري على حشد التأييد لبقائه في موقعه. اجرى اتصالات داخلية وخارجية لهذه الغاية. وبحسب مصادر مطلعة فقد حصل على دعم مباشر من الولايات المتحدة وفرنسا لبقاء الحكومة وبقائه في منصبه، مع دعوات الى استغلال ضغط الشارع للسير بـ«الاصلاحات» المنتظرة. وعمل على خط القوى السياسية، فناقش مع فريق النائب السابق وليد جنبلاط مخاطر الانهيار والفراع، وطلب دعم الرئيس نبيه بري الذي ساعد على تقديم شروحات كبيرة لجنبلاط لجهة الاثمان الكبيرة التي سيدفعها الجميع في حالة الانهيار. وقد لاقت هذه المحاولات صداها عند جنبلاط الذي عمد الى ابراز مخاوفه من «مصير شبيه للاكراد» على ما نقل احد المتصلين به. وهو ابلغ قوى كثيرة، وعواصم تتقدمها السعودية، بأنه لا يقدر على تحمل مسؤولية الانهيار الكبير ان سقطت الحكومة. وانتهى النقاش معه بأن أرسل وزير الصناعة وائل ابو فاعور الى لقاء الحريري وتسلم نسخة من اقتراحه لـ«الاصلاحات» الاقتصادية، على ان يعود جنبلاط بالجواب اليوم. لكنه سارع مساء الى اعلان موقف تراجعي محذرا من مخاطر الفراغ والانهيار، من دون ان ينسى اثارة ما يهمه لجهة حاجته الى ضمانات بـ«عدم عزله وان يعود شريكا كاملا» في ادارة الحكومة.

ثانيا: حاول الحريري الامر نفسه مع قائد القوات اللبنانية سمير جعجع. لكن الاخير رفض ارسال مندوب عنه لمناقشة الحريري في الورقة الاقتصادية. وابلغه بان قيادة «القوات» تتعرض لضغوط كبيرة «من قواعدها من الشارع وانها تناقش قرارا سريعا بالاستقالة». وهو ما عكسته مشاورات داخل قيادة القوات حيث برزت اراء تدعو الى الاستقالة من دون انتظار الاخرين، خصوصا بعد التبدل في موقف جنبلاط، واراء اخرى تخشى ان تكون الاستقالة مناسبة لعزل القوات من جديد. لكن القرار اتخذ اخيرا بالاستقالة الفورية والكاملة من الحكومة، وطلب تشكيل حكومة جديدة.

ثالثا: ناقش الحريري مع غالبية القوى السياسية المؤثرة في الحكومة، من التيار الوطني الحر الى حركة امل وحزب الله وتيار المردة، افكارا جديدة ضمنها ورقته الاقتصادية، طالبا تبنيها سريعا لدعوة عاجلة للحكومة الى اجتماع لاقرارها قبل الاثنين. ورغم ان الاطراف المعنية لم تعلن عن مواقفها، الا ان المصادر المتابعة اشارت الى ان حزب الله ساعد في اقناع كثيرين بالورقة بعد التزام الحريري بإلغاء كل انواع الرسوم والضرائب والاجراءات التي تصيب الطبقات الفقيرة وموظفي القطاع العام. وفهم ان وزير الخارجية جبران باسيل تراجع عن تحفظات كثيرة كان وضعها بشأن مصير قطاعي الكهرباء والخلوي.

الورقة الاقتصادية

وبحسب احد المشاركين في الاتصالات بشأن ورقة الحريري، فإنها تتضمن ما سماه المصدر «خطوات نوعية غير مسبوقة» تقوم على عدة امور، منها الغاء كل انواع زيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة، وإلغاء كل الاقتراحات الخاصة باقتطاع جزء من تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وإعادة العمل بالقروض السكنية. اما بشأن الواردات، فإن اللافت كان في اشارة ورقة الحريري الى قرار حاسم بأن تكون موازنة العام 2020 بلا عجز! وتفيد المصادر بأن الحريري بحث مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشأن «مساهمة» المصرف المركزي وجمعية المصارف بنحو خمسة الاف مليار ليرة لخفض كلفة الدين العام، إضافة إلى زيادة الضريبة على ارباح المصارف. في المقابل، تحدّثت المصادر عن ان ورقة الحريري تتضمّن اقتراحاً بخصخصة قطاع الهاتف الخلوي قريباً جداً، والشروع في تطبيق خطة الكهرباء من تعيينات الهيئة الناظمة ومجالس الادارة والشروع خلال وقت قصير (نحو شهر) في تطبيق الخطة لناحية المصدر المؤقت للطاقة والمصدر الدائم، وإقرار مناقصات محطات الغاز.

ورقة الحريري تتضمّن اقتراحاً بخصخصة قطاع الخلوي

وبحسب المداولات، فان ورقة الحريري تتضمن أفكاراً لإقرار مجموعة من اقتراحات القوانين التي تشمل قانون رفع السرية المصرفية الالزامي على جميع الوزراء والنواب والمسؤولين في الدولة، وقانون خاص لاستعادة الاموال المنهوبة، ووضع آلية واضحة وعملانية لمواجهة الفساد، بالاضافة الى الغاء قوانين البرامج الخاص بالانفاق في مجالي الاتصالات والطرق، والعمل على خفض رواتب الرؤساء والوزارء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة خمسين في المئة، وإلغاء امتيازات كثيرة تتمتع بها مؤسسات الدولة ورجالاتها. وفتح النقاش امام تعديلات في الهيكلية العامة للدولة لجهة إلغاء وزارات وإقفال مجالس وصناديق.

تعديل وزاري؟

ومع مناخات التفاؤل لدى اركان السلطة حيال الورقة الاقتصادية، فان مسؤولين رفيعي المستوى، يتقدمهم الحريري، تساءلوا امس عما اذا كانت هذه الاجراءات كافية لامتصاص نقمة الشارع. وقال الحريري لزواره إنه يدرس الامر لناحية «كيفية اقناع الناس بجديتنا في المعالجة». وقد دفعت هذه المناخات، معطوفة على قرار القوات اللبنانية بالاستقالة، الى التلميح إلى إمكان اجراء تعديل حكومي او وزاري كبير. ومع ان الحريري نفى نيته ذلك، وانه يفضل استقالة الحكومة واعادة تاليف حكومة جديدة، الا ان قريبين من الرئيس عون لا يمانعون في اجراء تعديل من دون استقالة الحكومة. وهنا، أشيرَ إلى ان الوزير جبران باسيل لا يمانع تغييرا يناسبه هو على الصعيد المباشر. لكن التقديرات ظلت متباينة حول نوع التعديل المطلوب، خصوصا أن الجميع يبحث عن صدمة ايجابية كبيرة تجاه الشارع، بين من يعتقد انه يجب تغيير اسماء كبيرة، وبين من يعتقد انه بالامكان اجراء تعديل شكلي مثل اقالة وزيري الاتصالات محمد شقير والبيئة فادي جريصاتي.

 



السابق

لبنان...."نصر الله واحد منهم".. الآلاف يردون على تهديد حزب الله....إحتجاجات لبنان.. الغضب يتنامى وإصرار على "إسقاط النظام".......في أول بيان له.. الجيش اللبناني ينحاز للمتظاهرين...نصرالله: لا نؤيد استقالة الحكومة الحالية والعهد لن يسقط....هدوء حذر في بيروت.. وقطع الطرقات مستمر..

التالي

اليمن ودول الخليج العربي.....تقرير: الإنقلابيون هجّروا خلال 10 أيام 142 أسرة في 3 محافظات......«داخلية» الحوثيين... مخلب الجماعة للثراء غير المشروع وإرهاب التجار...إقامة أول نقطة مراقبة على خطوط التماس في الحديدة بإشراف الجنرال الأممي....عزوف مجتمعي واسع عن المساجد هرباً من خطاب الحقد الحوثي..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,162,593

عدد الزوار: 6,758,153

المتواجدون الآن: 107