أخبار وتقارير..بابا الفاتيكان يدعو من تركيا لحوار بين الأديان.. وإردوغان يندد بالإسلاموفوبيا في الغرب.. الأسطول الروسي أمام شواطئ بريطانيا...ذعر في أسواق المال وشركات الطاقة أكبر المتضررين

ما الفرق الذي قد تحدثه صفقة مع إيران؟ ....أبو القعقاع الأفريقي من موزع مخدرات إلى قلب «داعش» وحث أتباعه... متقاعدو المناطق الانفصالية.. آخر ضحايا الحرب الأوكرانية وتوقف...من الثورة إلى "الدولة": معضلات تعثّر الانتقال في ليبيا

تاريخ الإضافة الأحد 30 تشرين الثاني 2014 - 7:32 ص    عدد الزيارات 1952    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

ما الفرق الذي قد تحدثه صفقة مع إيران؟
پاتريك كلاوسون و مهدي خلجي
پاتريك كلاوسون هو مدير الأبحاث في معهد واشنطن. مهدي خلجي عمل سابقاً في المعهد لفترة دامت تسع سنوات وغادره هذا الصيف لإدارة "مركز الفكرة للثقافة والفنون". وفي الآونة الأخيرة كتب الباحثان مقالاً ضمن المجهر السياسي الذي أصدره المعهد باللغة الانكليزية بعنوان "كيف يمكن أن يرد الإيرانيون على صفقة نووية".
يتبيّن أن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران أمر صعب، وهذا ما اتضح من عملية تمديد المحادثات لمدة سبعة أشهر، والتي تم الاتفاق عليها يوم الاثنين. إلا أن التفاوض حول التوصل إلى اتفاق لن يكون سوى الجزء الأول من حل جمود الأزمة النووية. ولن يكون موضوع إقناع إيران بالالتزام بالاتفاق مع مرور الوقت أقل أهمية، إذ يشير سجل النظام الإيراني إلى أن الأمر لن يكون سهلاً. فبين عامي 2003 و2004 توصلت طهران إلى اتفاقيتين نوويتين مع دول الاتحاد الأوروبي الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، إلا أنها لم تلتزم بتطبيقهما. وفي عام 2009، توصّل النظام إلى عقد اتفاق مع «مجموعة الخمسة زائد واحد» (بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة)، ولكن المرشد الأعلى علي خامنئي اعترض عليه قبل أن يدخل حيز التنفيذ. أما اليوم، فإن مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية والسياسية قد تهدد استمرارية أي اتفاق جديد يمكن التوصل إليه.
التداعيات الاقتصادية
إذا تم النظر إلى الاتفاق كونه يعود بفوائد حقيقية على إيران بتكلفة بسيطة، سيكون لطهران سبب وجيه للمضي قدماً في تنفيذه بالكامل. وفي المقابل، إذا نُظر إلى الاتفاق باعتباره لا يعود بمنفعة كبيرة على إيران، فقد يميل النظام في طهران إلى عدم تنفيذه بالشكل المناسب أو إلى الانسحاب منه تماماً، وربما إلى إلقاء اللوم على الغرب لعدم احترام التزاماته في الصفقة. وبعبارة أخرى أكثر وضوحاً، في حال تحسن الاقتصاد الإيراني بعد التوصل إلى اتفاق، ستكون النظرة إليه إيجابية، أما إذا ساد الركود الاقتصادي، فستكون تلك الصفقة سلبية.
وكما هو الحال في معظم الدول، بما فيها الولايات المتحدة، سيكون لمثل هذا التقييم الاقتصادي الواضح أثراً سياسياً في إيران أكبر من التفسير المعقد حول ما حدث فعلياً مقابل ما كان ليحدث في حال عدم وجود اتفاق على الإطلاق. وفي الواقع، قد يتخذ الشعب الإيراني قراره بسرعة بناءً على التغييرات الاقتصادية قصيرة المدى التي قد تشهدها البلاد. غير أن هذا الأمر لا يبشر بخير، ففي حين أن الاقتصاد قد يتحسن بعد التوصل إلى اتفاق، إلا أنه لن يشهد الانتعاش الفوري الذي يتوقعه العديد من الإيرانيين على الأرجح.
ونظراً إلى أن الآثار الاقتصادية قصيرة المدى ستكون متفاوتة في أحسن الأحوال، فإنها ستكون خاضعة لتفسيرات متباينة. وسيركز بعض الإيرانيين على قلة الآثار الإيجابية المباشرة. ففي أعقاب التوصل إلى اتفاق، ستبقى معظم العقوبات الأمريكية والكثير من العقوبات الدولية نافذة وسيتم إنهاء العقوبات ذات الصلة بالموضوع النووي تدريجياً على مدى سنوات عدّة، وذلك فقط بعد تنفيذ إيران لأحكام الاتفاق، بينما ستبقى العديد من العقوبات المتعلقة بالارهاب وحقوق الإنسان نافذة إلى أجل غير مسمى. إلى جانب ذلك، فإن المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها إيران منذ فترة طويلة منتشرة للغاية لدرجة أن أي تحسن ينتج عن رفع العقوبات قد لا يكون مؤثراً من الناحية السياسية. أضف إلى ذلك أن الأشخاص نفسهم الذين يستفيدون من الانحراف الاقتصادي الحالي سيستنكرون بالتأكيد التغييرات إذا ما انفتحت إيران على تجارة واستثمارات ذات حرية أكبر.
وفي المقابل، سيستفيد بعض الإيرانيين من التغييرات الفورية التي قد تنتج عن هذا الاتفاق. إن إستعادة إمكانية وصول البلاد إلى نسبة أكبر من احتياطياتها من النقد الأجنبي المجمدة في الخارج من شأنها أن تسمح بحقن كميات كبيرة في الاقتصاد، ولا سيما في السنوات القليلة الأولى قبل أن يبرز التأثير الكامل لعملية تخفيف العقوبات التجارية.
لذا قد ينظر الإيرانيون إلى الاتفاق بنظرة إيجابية، ولكن ذلك ليس بالأمر المضمون بأي شكل من الأشكال. فالوضع الأكثر ترجيحاً الذي قد تشهده إيران يكمن في أن يدافع بعض السياسيين عن الآثار الإيجابية للصفقة في حين يلقي البعض الآخر اللوم على الغرب عن المشاكل الاقتصادية المستمرة. وليس هناك شك في أن هذه المجموعة الأخيرة من السياسيين ستطرح حجة تقول بأن الحكومات الغربية لم تحترم التزاماتها، وأنه بدلاً من السعي إلى التعاون الاقتصادي مع الغرب، يُستحسن بإيران اتّباع طريق "اقتصاد المقاومة" الذي لطالما دعا إليه المرشد الأعلى.
التداعيات السياسية
من شأن الاتفاق النووي أن يقوّي مكانة الرئيس حسن روحاني ويحسّن العلاقات الأمريكية الإيرانية. إلا أن هذا الأمر ليس مضموناً. فإذا لم يتحسن الاقتصاد بسرعة تتماشى مع توقعات الشعب، قد تزيد خيبة الأمل من حكم روحاني، وهذا بالفعل شعور شائع في إيران اليوم. وإذا اعتقد الشعب أن الاتفاق لم يؤدِ إلى حدوث تحسن ملحوظ بالنسبة إلى بلادهم، فبالتالي قد ينهار الاتفاق في النهاية، وسيصاحب ذلك إلقاء واشنطن وطهران اللوم على بعضهما البعض لحدوث الانهيار.
لا بد من الإشارة إلى أن هيكلية النظام الإيراني لا تنصب في اتجاه تعزيز قوة روحاني. فمصلحة خامنئي في حشد سلطة أكبر لمكتب المرشد الأعلى تؤدي إلى ميله نحو الحد من سلطات المؤسسات الأخرى، سواء أكان مجلس الشورى الإسلامي أو رئاسة الجمهورية. وفي الواقع، واجه آخر ثلاثة رؤساء جمهورية في إيران هذا المصير بعد العامين الأولين من توليهم المنصب، كما أن خامنئي لم يبيّن عن حزمٍ كبير في دعمه لروحاني. فصوت المرشد الأعلى يعلو بشكل متزايد حول رأيه بأنه لا يمكن الوثوق بالغرب وأن المقاومة أفضل بكثير من الحل الوسط. ولقد ندد في العديد من خطاباته بالمفاوضات ذاتها التي سمح بها في وقت سابق. على سبيل المثال، صرّح في 13 آب/أغسطس ما يلي:
"إن العلاقات مع أمريكا والمفاوضات مع هذا البلد، باستثناء حالات معيّنة، لا تحمل أيّ منفعة للجمهورية الإسلامية فحسب، بل تضر بها أيضاً... وقد كان من المقرر إجراء الاتصالات والاجتماعات والمفاوضات على مستوى وزراء الخارجية، إلا أن ذلك لم يعد بأي منفعة، وأمست لهجة الأمريكيّين قاسية ومهينة أكثر؛ إذ زادوا من توقّعاتهم غير المعقولة في اجتماعات التفاوض والبيانات العلنية... إن هذه التجربة قيّمة جداً جعلتنا ندرك جميعاً أنّ الاجتماع بالأمريكيّين والتحدّث إليهم لا يساهمان على الإطلاق في تخفيف عداوتهم ولا يحملان أيّ منفعة".
ولكن على الرغم من هذه الشكوك، قد يسمح خامنئي بالمضي قدماً في الاتفاق النووي. فهو لا يملك قوة سلفه آية الله روح الله الخميني ولا يتمتع بجاذبيته أيضاً، لذا لا يمكنه أن يعبّر عن رأيه بالحرية ذاتها في بعض القضايا أو أن يتوقع من المسؤولين اتّباع رأيه من دون معارضة أو سؤال. إن ذلك يفسر المنهجية التي يتّبعها في القبول المؤقت لسياسات معينة، أو لتعيينات قيادية، أو لنتائج انتخابات تحظى بدعم جماهيري كبير، ليعود وينتقدها أو يعمل على تخريبها في وقت لاحق. وبالتالي، يمكن لخامنئي أن يتّبع هذه الاستراتيجية نفسها بالنسبة للاتفاق النووي، لا سيما نظراً إلى شكوكه العميقة حول المفاوضات. وقد يحسب أنه إذا تبيّن أن تنفيذ الاتفاق كان أفضل مما توقع، فذلك سيعود بالنفع على الجمهورية الإسلامية، أما إذا ظهر أن مخاوفه كانت صحيحة، عندئذ ستدرك النخبة والجماهير الإيرانية أنه كان على حق في اعتبار المحادثات غير مجدية. بعبارة أخرى، إذا آتت الصفقة ثمارها، سيكون الفضل لخامنئي؛ لكن إذا ما فشلت فسيُلقى اللوم على روحاني. وفي كلتا الحالتين لن يعزز ذلك من قوة الرئيس روحاني.
ما هي فرضية القضية؟
حتى لو كان الاتفاق النووي يعزز بطريقة أو بأخرى من قوة الرئيس روحاني، فمن غير الواضح بأي شكل من الأشكال أنه سيضغط من أجل إحداث تغيير في سياسات إيرانية أخرى مرفوضة. يُذكر أن إحدى "فرضيات القضية" التي تحظى بشعبية في البيت الأبيض هي أن الاتفاق النووي سيقوي موقف روحاني وسيعطيه مع مرور الوقت سلطة أكبر على القضايا التي يتمتع في سياقها بسلطة محدودة في الوقت الحالي مثل سوريا والعراق. ويقول الافتراض بأنه، بشكل مماثل إلى حد كبير لتعامله مع الملف النووي، سيرغب في إيجاد سبل لتطبيع علاقات إيران مع بقية دول العالم.
قد يكون ذلك ممكناً، إلا أن الرئيس روحاني بدا حتى الوقت الحالي رجلاً ملتزماً بالنظام. لذا فإنه قد لا يرى سبباً كافياً لتعديل دعم النظام للإرهاب ولزعزعة استقرار الدول المجاورة، ناهيك عن وضع حقوق الإنسان في الداخل الإيراني. وليس هناك شك في أن خطاباته العامة لم تشمل أي إشارة إلى أنه قد يغيّر من سياسات طهران غير النووية التي تطرح مشاكل بحد ذاتها.
وعلى أي حال، لا يمكن لواشنطن أن تقوم بخطوة تُذكر للتأثير في تحديد أي سيناريو ستشهده إيران بعد الاتفاق، إن كان محمّلاً بالتفاؤل أو بالتشاؤم. لذلك يعتمد الأمر كثيراً على الديناميات السياسية الداخلية في إيران، والتي لا تلعب الولايات المتحدة فيها سوى دوراً صغيراً في أفضل الحالات. ونظراً إلى غياب الضمانات بأن يؤدي الاتفاق إلى تغيير في السياسات الإيرانية خارج المجال النووي، يجب تقييم أي اتفاق على أساس تأثيره على الأزمة النووية، وليس على فوائده المفترضة على قضايا أخرى. وباختصار، سيكون من غير الملائم أن تدخل واشنطن في اتفاق نووي بسبب نتائجه المتوقعة على العلاقات الثنائية بشكل عام.  
 
بابا الفاتيكان يدعو من تركيا لحوار بين الأديان.. وإردوغان يندد بالإسلاموفوبيا في الغرب ودعا السلطات التركية إلى احترام حقوق المسيحيين ومنع التعصب والإرهاب

أنقرة: «الشرق الأوسط» .....
دعا البابا فرنسيس تركيا، أمس، إلى «حوار بين الأديان» أمام التعصب الذي يعصف بالمنطقة، في حين ندد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالإسلاموفوبيا في دول الغرب.
وفي أول خطاب له أثناء زيارته إلى تركيا، طرح البابا نفسه أمام إردوغان كمدافع عن المسيحيين ضحايا «الاضطهاد الخطير» للجهاديين الإسلاميين في العراق وسوريا. واعتبر البابا فرنسيس الأرجنتيني (77 عاما) أن مهمة تركيا تقضي بأن تكون «جسرا طبيعيا بين قارتين وبين تجليات ثقافية مختلفة»، موضحا أن «مساهمة مهمة يمكن أن تصدر عن الحوار الديني والثقافي بطريقة من شأنها منع كل أشكال الأصولية والإرهاب».
وقال إردوغان الذي يحكم تركيا منذ 2003 إثر استقباله البابا في قصره الجديد المثير للجدل في ضواحي العاصمة: «إننا ننظر إلى العالم بالقيم ذاتها، وإن آراءنا متشابهة حول العنف».
وكعادته في مواقف أخرى تطرق إردوغان مطولا إلى تنامي الإسلاموفوبيا في العالم الغربي. وقال إن «الأحكام المسبقة تزداد بين العالمين الإسلامي والمسيحي. فالإسلاموفوبيا تشهد نموا خطيرا وسريعا، وعلينا أن نعمل معا ضد مصادر التهديد التي تلقي بثقلها على عالمنا، وهي انعدام التسامح والعنصرية والتفرقة».
من جهته، قال البابا «إنه لأمر أساسي أن يتمتع المواطنون المسلمون والمسيحيون واليهود بالحقوق نفسها، ويحترموا الواجبات نفسها»، مضيفا أن «الحرية الدينية وحرية التعبير إذا تم ضمانهما بشكل فعال للجميع (...) تكونان علامة بليغة عن السلام» في المنطقة».
وتعد زيارة البابا رسالة دعم أيضا لجميع المسيحيين في تركيا، الذين يشكلون أقلية صغيرة يبلغ عدد أفرادها 80 ألفا، يعيشون وسط أكثر من 75 مليون مسلم، يشكل السنة أكثريتهم. ورغم أن سلطات البلد تتساهل حيالهم، لكنها لا تعترف بهم قانونيا كمجموعة لها حقوقها الكاملة. وكما سبق وفعل خلال الرحلة التي قادته إلى أنقرة، جدد البابا الإشادة بـ«الجهود الكريمة» لتركيا التي تستقبل لاجئين من سوريا والعراق، بغض النظر عن انتمائهم الطائفي، مؤكدا أنه يقع على الأسرة الدولية «واجب أخلاقي يقضي بمساعدتها على الاعتناء باللاجئين».
وفي ختام لقاء له مع الشيخ محمد غورميز، أبرز رجال الدين الأتراك، ندد البابا فرنسيس مرة ثانية بالتجاوزات «غير الإنسانية» للمجموعات المتطرفة مثل تنظيم داعش في سوريا والعراق، وقال: «إن العنف الذي يبحث عن تبرير ديني يستحق فعلا أشد الإدانات». كما دعا إلى «حوار ثقافي وديني لمنع التعصب والإرهاب»، وطالب السلطات التركية باحترام حقوق المسيحيين. وأوضح البابا أن بإمكان الحوار بين الأديان أن يساهم في مواجهة «التعصب» و«الإرهاب» المستشريين في الشرق الأوسط وخصوصا في العراق وسوريا.
ووفقا لوكالة «اي ميديا»، المتخصصة في شؤون الفاتيكان، فإن البابا سيغتنم زيارته إسطنبول للقاء لاجئين سوريين وعراقيين. وهي بادرة كانت متوقعة منذ الصيف الماضي، وذلك عندما أعلن عن رغبته في دعم العراقيين المسيحيين بكافة طوائفهم، والهاربين من الجهاديين إلى كردستان العراق.
وسيواصل البابا، وهو الرابع الذي يزور تركيا، زيارته اليوم وغدا الأحد في إسطنبول. وبعد 8 أعوام على زيارة سلفه، سيزور البابا فرنسيس الأماكن نفسها المشحونة بالرموز التي زارها بنديكتوس السادس عشر، من ضريح أتاتورك إلى كاتدرائية آيا صوفيا القديمة، التي أصبحت متحفا، وكذا المسجد الأزرق في إسطنبول، وسط أجواء بعيدة عن التشنج.
وقد أشارت الصحف التركية إلى اتخاذ تدابير أمنية مشددة، مع نشر 2700 شرطي في أنقرة، وقرابة 7 آلاف آخرين في إسطنبول. كما يتم إغلاق الكثير من الشوارع خصوصا في حي السلطان أحمد حيث يقع المسجد الأزرق.
 
الأسطول الروسي أمام شواطئ بريطانيا
الحياة...موسكو – رائد جبر
سلّط عبور سفن حربية روسية القنال الإنكليزي (بحر المانش) واقترابها من المياه الإقليمية البريطانية أمس، الأضواء على التحركات العسكرية المكثفة لقوات موسكو في أوروبا بعد تفاقم أزمة أوكرانيا، وعرض روسيا «عضلاتها» في البحر والجو. لكن هذه الخطوة الروسية لم تفاجئ الحلف الأطلسي (ناتو) ودول المنطقة. وقالت القيادة العسكرية للحلف في أوروبا: «نعلم بوجود بوارج روسية تأخرت في عبور المانش بسبب سوء الأحوال الجوية، ولكنها لا تنفذ مناورات». أما البحرية الفرنسية، فقالت: «ليس هناك أي أمر غير عادي».
وأوضحت قيادة أسطول الشمال الروسي، أن مجموعة السفن الحربية التي قطعت «المانش» ضمت قطعاً استراتيجية، بينها البارجة «سيفيرمورسك» وكاسحة الألغام «ألكسندر أوتراكوفسكي» والمدمرة «دوبنا»، إضافة إلى سفن إنقاذ وإنزال سريع، مشيرة إلى تنفيذ السفن «تدريبات مبرمجة مسبقاً»، بعضها على عمليات إنقاذ.
وأوضحت قيادة الأسطول أن السفن تحركت من قواعدها قبل أسبوعين، أي في الموعد ذاته تقريباً الذي ظهرت فيه فجأة مجموعة سفن حربية روسية قرب شواطئ أستراليا لدى وصول الرئيس فلاديمير بوتين إليها للمشاركة في قمة العشرين، ما أغضب الأستراليين ودولاً غربية، قبل أن تعلن موسكو أنها أجرت «تدريبات روتينية».
وتؤكد الإعلانات المتكررة عن تحركات القطع الحربية الروسية في أوروبا تكثيف النشاط العسكري لموسكو خلال الأشهر الأخيرة. وهو لم ينحصر في البحر بل امتد إلى الأجواء الأوروبية عبر طلعات نفذتها مقاتلات استراتيجية، ما دفع الحلف الأطلسي الى عمليات تدخل جوية لمواجهتها. وأكد الأميرال الأميركي جون كيربي أن طلعات المقاتلات الروسية «تفاقم التوتر، وتشكل خطراً محتملاً على سلامة الطيران المدني، خصوصاً أنها لا تتواصل مع السلطات الجوية المدنية».
ولفت إلى أن بين الطائرات الروسية مقاتلات وقاذفات ذات مجال تحرك كبير، وطائرات إمداد. وأشار إلى أن عدد الطلعات الجوية الروسية تجاوز مئة هذه السنة، بزيادة ثلاثة أضعاف عن عددها العام الماضي. وكانت موسكو أحيت منتصف العقد الماضي تقليداً سوفياتياً بتنظيم «طلعات دورية» لقطع جوية وبحرية استراتيجية، لكن هذا النشاط لم يشهد تكثيفاً في المياه الإقليمية الأوروبية أو أجوائها.
ورصدت البحرية البريطانية مطلع السنة تحرك قاذفات صواريخ روسية على مسافة 30 متراً من شواطئ إسكتلندا، ثم زادت موسكو حشد قواتها وأسلحتها الاستراتيجية قرب حدود أوروبا، خصوصاً نشر منظومات صاروخية متطورة في كاليننغراد.
وبعد ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في آذار (مارس) الماضي، حولت موسكو شبه الجزيرة الى قلعة عسكرية محصنة، وأرسلت أخيراً 14 مقاتلة حديثة بعدما زوّدت أسطولها هناك سفناً قادرة على حمل أسلحة نووية، كما نشرت صواريخ متطورة من طراز «إسكندر أم».
وأعلنت موسكو أخيراً إعادة توزيع قواتها الاستراتيجية في القطاع العسكري المركزي الذي يشمل العاصمة ومدناً حيوية، علماً بأنها أجرت هذه السنة عشرات التجارب على إطلاق صواريخ عابرة للقارات، بعضها من غواصات نووية من أجل «تعزيز قوة الردع النووي». وأعلنت وزارة الدفاع زيادة الإنفاق العسكري في موازنة العام المقبل بمقدار الثلث، وصولاً إلى نحو 83 بليون دولار، ما يشكل نسبة 22 في المئة من الموازنة.
 
ذعر في أسواق المال وشركات الطاقة أكبر المتضررين
باريــس، لندن، بيروت - «الحياة»، رويترز، أ ف ب
بدت الأسواق متردّدة أمس إزاء استمرار تراجع أسعار النفط، بعد يوم على قرار منظمة «أوبك» عدم خفض سقف إنتاجها، لكن الآثار المستقبلية لهذا التراجع لا تزال غير واضحة
وتسبب هبوط أسعار النفط الخام في ضياع عشرات البلايين من الدولارات من قيمة شركات النفط، في ظل أجواء ذعر في أسواق المال.
وفي أحدث تسجيل، بلغ سعر برميل «برنت» في نيويورك 69.29 دولار، بتراجع 4.40 دولار عن سعر الإغلاق الرسمي الأخير ليل الأربعاء إذ كانت السوق مغلقة في عطلة «عيد الشكر» أول من أمس. وكانت الأسواق الأوروبية والآسيوية سجلت تراجعات أمس أدت إلى تدهور أسهم شركات الطاقة، بالتالي أبرز مؤشرات الأسهم.
وقال وزير النفط الكويتي علي العمير إن قرار «أوبك» إبقاء سقف الإنتاج من دون تغيير على رغم العرض الفائض، كان بسبب مخاوف المنظمة من فقدان حصتها في الأسواق. وإذ رجّح محلّلو «ساكسو بنك» أن تواصل أسعار النفط انخفاضها قبل أن ترتفع قليلاً، قال خبراء في مجموعة «سي أم - سي آي سي سيكيوريتيز» أن تراجع الأسعار سيستمر في الأشهر المقبلة ما سيخلّف انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العالمي.
وتراجعت عملات بلدان مصدّرة للنفط، خصوصاً الروبل الروسي، إلى مستويات قياسية إزاء الدولار واليورو. وواصل اليورو تراجعه في مقابل الدولار، في مبادلات ظلّ حجمها محدوداً جداً في غياب الزبائن الأميركيين. ويرتفع الدولار عادة حين تهتزّ الأسواق باعتباره عملة متدنّية الفائدة، بالتالي آمنة وغير عرضة لخضّات. وتسبّب هبوط أسعار النفط الخام في ضياع عشرات البلايين من الدولارات من قيمة شركات النفط في أسواق المال، في مؤشر إلى أن القطاع لم يعد في نظر المستثمرين ملاذاً آمناً. وفقد قطاع النفط في أوروبا 33 بليون دولار من قيمته في السوق، بعد خسائر فاقت 67 بليوناً أول من أمس.
 
أبو القعقاع الأفريقي من موزع مخدرات إلى قلب «داعش» وحث أتباعه على التوقف عن ممارسة ألعاب الفيديو ونادى بإسقاط الـ«فيفا»

لندن: «الشرق الأوسط»..... حث شاعر تنظيم «داعش» ومغني موسيقى «الراب»، أبو القعقاع الأفريقي، أتباعه على التوقف عن ممارسة ألعاب الفيديو، وتكريس حياتهم للجهاد (المزعوم)، كما نادى بإسقاط الاتحاد الدولي لكرة القدم الـ(فيفا). ونشر الأفريقي، على موقع التواصل الاجتماعي «توتير» أنه ينبغي إسقاط الـ(فيفا)، داعيًا أتباعه بالتوقف عن ممارسة ألعاب الفيديو، والتركيز على نداء الواجب، وإعلان ولائهم للخليفة أبو بكر البغدادي، وفقا لما ذكرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية. وقالت الصحيفة إن الأفرو الذي يُدعى بـ«الأفريقي» أو «أبو القعقاع الأفريقي»، قد نشر كلمات أخرى تهلل بذبح «جون الجهادي» لـ16 جنديًا سوريًا، مضيفة أنه تمنى الموت مرارا، كما يحث أتباعه على الموت في سبيل الله، على حد زعمه، وفي تغريدة يكشف أبو القعقاع الأفريقي أنه عمل موزعا للمخدرات في شوارع لندن، قبل أن يعتنق الإسلام ويسافر إلى «داعش» أوائل العام الحالي. وهناك أكثر من 500 متابع عبر «تويتر» للأفريقي، الذي كتب تغريدة طالب فيها الشباب المسلم التوقف عن متابعة مباريات كرة الدوري الأوروبي لكرة القدم وتشجيع الخليفة أبو بكر البغدادي. وكتب في تغريدة أخرى: «لا تنشغلوا بالدنيا الزائفة.. انسوا الـ(فيفا).. وتعالوا بايعوا الخليفة». ويعد إغلاق حسابه على «تويتر» استخدم الأفريقي كنية أبو عنتر البريطاني، وكتب في تغريدة يقول: «الوقت يمضي والموت يقترب لا خوف من لقاء الله». واستخدم الأفريقي أيضا كنية «غرين بيرد إكسبريس»، فيما أعربت مصادر أصولية في لندن عن اعتقادها أن الأفريقي من أصول بريطانية، وطالب في تغريدة زملائه بالدعاء لإخوانه في الرقة من النجاة من ضربات قوات النظام السوري التي شنت غارات على الرقة». وقال في تغريدة أخرى من الرقة: «إنه لا يهتم كثيرا بحياته ولا يريد أن يظل محشورا في هذه الدنيا الزائلة، مشيرا إلى أنه يتمنى الموت مع (داعش)».
وهناك مغني «راب» آخر في صفوف «داعش»، وهو شاب مصري يبدو في العشرينات من عمره، يدعى أبو سلمة بن يكن انتشرت على صفحات موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» صورة له وأمامه جثة لأحد جنود الجيش السوري النظامي التابع للرئيس بشار الأسد أثارت جدلا كبيرا على صفحات التواصل الاجتماعي.
أبو سلمة يكن، لا يشعر بأدنى مشكلة في نشر صورة للرؤوس مقطوعة وموضوعة في إناء كبير ليكتب أسفلها.. «لحمة رأس»، ولا يجد حرجا في أن يتصور بجوار جندي سوري مقتول ويرفق بعبارة: «حاجة عشان العيد». من خلال متابعة الشاب المصري الذي أصبح جنديًا في صفوف «داعش»، يتضح أنه نجح في فترة وجيزة أن تتخطى صفحته على موقع «تويتر» آلاف المتابعين والمؤيدين له ولفكره.
يحرص «بن يكن» في كل فترة وأخرى على أن ينشر ما يسميه (أدلة) على أن ما تقوم به «داعش» في سوريا والعراق من أفعال متوحشة هي مباحة ومستدل عليها من الدين.. فيقول مثلا إن التمثيل بالجثث جائز، طبقا لقول الله: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم».
وعلى الرغم من هذا الكم الهائل من العنف الذي يتضح في صوره وعباراته لكن «أبو سلمة» مهتم جدا بالتعبير عن ذلك باللهجة المصرية، وأحيانا كثيرًا يتخللها بالإفيهات والقفشات المعروفة في المجتمع المصري. ومن الدراسة في «الليسيه» وصالات «الجيم» والهوس بموسيقى الراب والحفلات الصاخبة، وتتبع الروسيات على شبكاتهم الاجتماعية، إلى مقاتل على ظهور الخيل والدبابات في صفوف «داعش».. هكذا كان التحول الدرامي في حياة المصري إسلام يكن أو «أبو سلمة بن يكن الداعشي» وهناك أيضا أن ماجد عبد الباري - البالغ من العمر 23 عاما - هو الجهادي البريطاني في تنظيم «داعش»، ومن المحتمل أن يكون جلاد التنظيم الذي يعرف باسم جون، المسؤول عن قتل 5 رهائن على الأقل الذين ظهروا في أشرطة الفيديو. التي نشرها التنظيم الإرهابي. والسلطات البريطانية لم تؤكد هوية الجهادي جون، ولكنه يعتقد أنه متطرف بريطاني، وتعمل الاستخبارات البريطانية على التحقيق في ذلك ولم يقدم أي مشتبه آخر. ماجد تخلى عن عمله في لندن وتحول للتطرف، بعد أن ترك منزله في غرب لندن، ويعتقد أنه سافر سوريا العام الماضي وصور نفسه على «تويتر» العام الماضي، وهو يمسك رأسا مقطوعة، وتعتقد السلطات البريطانية أن جون أصيب، خلال هجوم شنته الطائرات الأميركية. وهو نجل عبد المجيد عبد الباري المصري المولد، في تفجير سفارتين في كينيا وتنزانيا عام 1988 وهو محتجز حاليا في الولايات المتحدة الأميركية.
 
متقاعدو المناطق الانفصالية.. آخر ضحايا الحرب الأوكرانية وتوقف الحكومة عن مد الشرق بالأموال قسم البلاد عمليا ودفع كثيرين إلى الاستجداء

كييف: «الشرق الأوسط» .... بدأت نينا التي توقف راتبها التقاعدي في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا، الاستجداء «لشراء أدوية للقلب»، وتقول إنها لم تكن تتصور أن يصل بها العمر لتواجه «هذا العار». وعلى غرار نينا نيكيفوروفنا، بات مئات آلاف الأشخاص في المناطق الانفصالية التي تأثرت كثيرا بالنزاع المستمر منذ أكثر من 7 أشهر وعمليات القصف شبه اليومية، لا يتسلمون رواتبهم التقاعدية التي تعد مصدر دخلهم الوحيد.
فمع مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قررت سلطات كييف التوقف عن إمداد المناطق التي يسيطر عليها المتمردون بالأموال المخصصة لهم في الميزانية، وبالتالي دفع المساعدات الاجتماعية ورواتب التقاعد، مؤكدة بذلك تقسيم البلد بفعل الأمر الواقع. وأقدمت أول من أمس على خطوة إضافية تمثلت في وقف الخدمات البريدية بين الشرق وبقية أنحاء البلاد.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها حول الموضوع أمس عن يفغيني شيبالوف المتطوع في هيئة «مواطنون مسؤولون» التي تقدم مساعدات إلى السكان، قوله إن «السلطات الأوكرانية جعلت بهذا القرار الوضع الصعب أصلا لا يحتمل».
ويلقي رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسنيوك باللائمة على روسيا، المسؤولة الوحيدة كما قال عن «الكارثة الإنسانية» التي يعيشها أكثر من 650 ألف متقاعد في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. فمنذ أكثر من 4 أشهر يتعين في الواقع على المتقاعدين في هذه المناطق التوجه إلى المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الأوكراني، أملا في الحصول على مستحقاتهم، رغم عقبات إدارية لا تحصى. لكن إذا كان في إمكانهم في أغلب الأحيان الاكتفاء بتقديم عنوان وهمي في الأراضي الأوكرانية، فقد بات عليهم تقديم مبرر للإقامة والاستفادة من وضع اللاجئ.
وسرعان ما أدى هذا القرار في بلد ينخره الفساد إلى ظهور وسطاء يعرضون أوراق الإقامة المطلوبة مقابل 500 هريفنيا (نحو 34 دولارا) لمتوسط راتب تقاعدي يبلغ 1670 هريفنيا (111 دولارا). لكن المتقاعدين يواجهون أيضا صعوبات للوصول إلى الأراضي الخاضعة للسلطات الأوكرانية. فصباح أول من أمس، شكل مئات الأشخاص صفا طويلا في محطة دونيتسك آملين في الحصول على بطاقة قطار تمكنهم من الذهاب من أجل استصدار الأوراق الضرورية. وقالت ايكاتيرينا التي تبلغ الـ70 من العمر «لقد ذهبت قبل أكثر من شهر إلى كراماتورسك للحصول على وثائق تتعلق بتقاعدي. والآن، يتعين علي مجددا الانتظار في البرد، ولست متأكدة أني سأصل إلى نتيجة».
وما زال في كل أنحاء الشرق متقاعدون لا تتوافر لديهم الوسائل ولا الأموال لمغادرة المنطقة. وذكر المتطوع يفغيني شيبالوف «في دونيتسك وحدها هناك نحو 30 ألف شخص لا يستطيعون الانتقال إلى منطقة أخرى أو الحصول على مساعدة من عائلاتهم. ويحتاج كثيرون منهم إلى الأدوية الضرورية، ويجدون أنفسهم اليوم على حافة الموت». وأعربت تاتيانا سولوفييفا (76 عاما) عن أسفها قائلة: «يتركوننا نموت. لا يستطيع أحد أن يقول لنا متى سينتهي هذا الوضع ويحدد لنا المدة التي ما زال يتعين علينا العيش فيها مع الجوع». وتساءلت هذه السيدة التي تقيم في مدية ماكييفكا الصناعية في الأراضي الانفصالية «أنا بلا عائلة، أعيش فقط من راتبي التقاعدي، لكنني بت اليوم من دون هذا الراتب. كنت أطلب المساعدة من جيراني، لكنهم صاروا هم أيضا لا يحصلون على رواتبهم. كيف سأتمكن من العيش في هذا الوضع؟».
 
من الثورة إلى "الدولة": معضلات تعثّر الانتقال في ليبيا [2]
النهار...طارق متري..المبعوث السابق للأمين العام للأمم المتحدة الى ليبيا
في ما يلي الحلقة الثانية الأخيرة من مقالة المبعوث السابق للامين العام للامم المتحدة إلى ليبيا طارق متري عن الاوضاع المضطربة فيها. وكان تناول في الحلقة الاولى (الخميس الماضي) التفسيرات المختلفة للنزاع، والتباسات العلاقة بالمجتمع الدولي، اضافة الى إشكالية الانتخابات في غياب جيش وشرطة "بالمعنى الحقيقي للكلمة".
لما كانت المجموعات المدربة والمتماسكة قليلة العدد وصغيرة، ارتأت الحكومة الليبية الموقتة الأولى تكليف فئة من كتائب الثوار مهمات الجيش وسميت درع ليبيا وبات المنضوون فيها يتلقون رواتبهم من الدولة، وفئة أخرى عهد إليها بمهمة الشرطة ودعيت اللجنة الأمنية العليا وصار أفرادها بمثابة موظفين في الدولة. بطبيعة الحال ظلت الولاءات السياسية للكتائب والعلاقات بين أفرادها وقياداتها على ما كانت عليه إبان الثورة وبعدها، ما جعلها معرّضة لتغليب حساباتها الصغيرة المحلية على أدوارها الوطنية الكبيرة.
ونتيجة لاكتساب كتائب الثوار الصفة الشرعية وحصولها على الامكانات المادية التي تؤمن استمرارها، فقد الكثيرون من أفرادها حافز العودة إلى الحياة المدنية وضعفت رغبتهم في الانضمام الى الجيش والشرطة. وتعثر بناء الجيش والشرطة بفعل غياب ارادة سياسية تدفع نحو إعادة تأسيسهما. لم تكن المشكلة تقنية أو متعلقة بعدم توافر الخبرات اللازمة، فبعثة الأمم المتحدة عملت في رسم الخطط والمباشرة في وضع الهيكليات التنظيمية والمساعدة في إطلاق عمليات التدريب، وأعدت أوراقا بيضاء لهذه الغاية ليست مستنسخة من تجارب اخرى، بل مستندة إلى تقويم دقيق للواقع الليبي. ولكنها لم تُستخدم وفي بعض الحالات لم تُقرأ.
كان تصور الحكومات المتعاقبة لمسألة دمج المسلحين في الجيش والشرطة محاطا بالغشاوة. وترددت في إقامة حوار مع الثوار واكتفت بمسايرتهم حينا والشكوى من ابتزازهم حينا آخر. أما كتائب الثوار فمارس بعضها ضغطا على المؤتمر الوطني العام وعلى الحكومة، ولم تقدم تصورا واضحا حول مستقبلها بل توقفت عند عدم الاستعداد للانضمام إلى جيش وشرطة ما زال فيهما أعداد كبيرة من ضباط النظام السابق ممن ليسوا جديرين بثقتها.
وانسحب موقف عدد من كتائب الثوار ومعها حلفاء من أعضاء المؤتمر الوطني العام من الإسلاميين وأصدقائهم على أجهزة الدولة الأخرى. أكثر من ذك، أدت الضغوط على المؤتمر الوطني العام إلى إقرار قانون العزل السياسي في أيار 2013 فجاء واسع النطاق ليشمل كل من أحتل منصبا على شيء من الأهمية في الدولة منذ عام 1969 أو عمل في اللجان والهيئات التي أنشأها القذافي وحرم فئة واسعة من الحق في تولي المناصب العامة. ورغم النصائح المتكررة والتحذير من آثار قانون من هذا النوع يشابه من حيث مفاعيله المحتملة قانون اجتثاث حزب البعث في العراق، تغلّب منطق اقصاء من اعتبُروا أعداء للثورة على فكرة المصالحة الوطنية التي لا تستبعد إلا من تلوثت أيديهم بالدماء وبسرقة أموال الليبيين.
وعمّق إصدار القانون المذكور الانقسام السياسي وتغيرت موازين القوى داخل المؤتمر الوطني العام، فخسر تحالف القوى الوطنية عددا من أعضائه ممن طاولهم القانون، وانفك عنه عدد آخر، لا سيما أن رئيسه الدكتور محمود جبريل، الشخصية البارزة التي تولت رئاسة المكتب التنفيذي المنبثق من المجلس الوطني الانتقالي، وقع ضحية العزل المذكور. ولم يكن الشخصية الوحيدة التي أدى صدور القانون إلى إبعادها. فالدكتور محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني العام وزعيم المعارضة ضد القذافي طوال العقود الثلاثة الماضية، اضطر للاستقالة استباقا لاحتمال إقالته بموجب القانون، لأنه عمل سفيرا لليبيا في الهند من 1978 وحتى 1980 حين استقال احتجاجا على سياسات القذافي.
بعد ذلك انتهجت القوى السياسية غير الاسلامية طريق الدفاع عن النفس وبدت تشكك في شرعية المؤتمر الوطني العام واستاءت من تنامي نفوذ عدد من كتائب الثوار الآتية من مدينة مصراته، والتي سبق لهذه أن لعبت دورا كبيرا في الثورة يعترف به الكل من غير اجماع حول حق المدينة في حصة كبيرة من السلطة بحجة مكافأتها على هذا الدور.
ولجأت القوى الوطنية غير الاسلامية وغير المصراتية إلى سياسة مزدوجة: فسعت إلى تعبئة أوسع الفئات الليبية ضد كتائب الثوار التي وصمت بالاسلامية بل بالإرهابية، وهي بطبيعة الحال لم تكن كذلك ما خلا مجموعات محددة، واعتمدت بشكل متزايد على عدد من الكتائب والجماعات المسلحة التي تناصب مصراته او الإسلاميين العداء مثل كتائب القعقاع والصواعق من بلدة الزنتان وجماعات من قبيلة ورشفانة. بعبارة أخرى حضّت المدنيين على رفض هيمنة المسلحين عليهم وسعت في الوقت نفسه نحو تحقيق "توازن القوة" الذي يعوّق التقدم على طريق بناء الدولة. واستمر الطعن بشرعية المؤتمر الوطني العام وصولا إلى اطلاق حملة شعبية وإعلامية واسعة النطاق ضد ما سموه التمديد له. فقبل بانتهاء مدته في7 شباط 2013 استنادا إلى عملية حسابية بسيطة جمعت المهل الواردة في الاعلان الدستوري بصفتها مهل إسقاط، فيما هي مهل تنظيمية او مهل حضّ.
صعوبة التسوية السياسية: وأدت الحملة إلى اضطرار المؤتمر الوطني للدعوة إلى انتخابات مبكرة في حزيران 2014 . وعندما جرت الانتخابات تبين أن عددا كبيرا من الليبيين عزف عن ممارسة حقه في الاقتراع معبرا بذلك عن خيبة من العملية السياسية برمتها ومسجلا اعتراضه على سلوك النخب السياسية. فشارك في الانتخابات العامة الاخيرة أقل من 600 الف ليبي وهي نسبة تقارب ثلث من شاركوا في انتخابات تموز 2012 .
وفي الأشهر الفاصلة بين الحملة على المؤتمر الوطني العام وانتخابات مجلس النواب الجديد عاد الجنرال المتقاعد خليفة حفتر إلى الواجهة وأطلق عملية تهدف إلى استئصال الجماعات الارهابية، لا سيما منظمة أنصار الشريعة بدءا من بنغازي. واستطاع حشد المؤيدين في أوساط الجيش الوطني، وشن حربا شاملة لم تميز بين التنظيم الارهابي المذكور وغيره من كتائب الثوار في بنغازي والشرق. واستقوت بحركة حفتر القوى غير الاسلامية، أي ذاك المزيج من مقاتلي الزنتان وورشفانة والليبراليين والمحافظين والقبليين والفيديراليين وبعض أنصار النظام السابق، وظنت أن نجاح العملية العسكرية مشفوعا بالفوز المرجح في الانتخابات كفيل بضمان توليها السلطة والقضاء على نفوذ الإسلاميين إلى غير رجعة. ولم تستجب للدعوة الى الحوار قبل الانتخابات والتي قصد منها التخفيف من حدة المشاعر عند الطرفين المتصارعين والسعي للاتفاق بينهما على بعض قواعد العملية السياسية والتوافق حول أولية بناء الدولة. وافترض غير الإسلاميين أن الحوار سيكون لمصلحة خصومهم الإسلاميين وأنه يدعو الى تقاسم السلطة عوض مجرد القبول بنتائج الانتخابات.
بطبيعة الحال كان الطرف الآخر من المصراتيين والإسلاميين يتوجس من احتمال إقصائهم وشيطنتهم ونعتهم بالإرهاب وتحريض العالم ضدهم. وبلغ توجسه حده الأعلى بعد الانتخابات باسبوعين، فقام بعملية عسكرية أدت إلى بسط كامل سيطرته على طرابلس وعلى جزء كبير من الأراضي الليبية لا سيما المدن. ولم يبق لمجلس النواب المنتخب، والذي قاطعته الأقلية المصراتية والإسلامية إلاّ اللجوء إلى طبرق وبات مداه الحيوي محصورا في أنحاء من الشرق، دون سواه من مناطق ليبيا. بعد ذلك قامت في ليبيا حكومتان وصدر قرار من المحكمة العليا يقبل الطعن بدستورية تعديل الإعلان الدستوري وبالتالي إجراء الانتخابات على اساسه.
واليوم، لا نرى في الأفق حلا سوى تسوية سياسية مشرفة وهي ما تبدو صعبة التحقيق. أما الدولة التي كان بناؤها متعثرا منذ البداية فهي الآن عرضة لمزيد من التفكك بل الانحلال. ولعل النظر في الأسباب التي أوصلت ليبيا إلى حالها الحاضرة والبحث عن سبل وقف الانهيار مسألة بالغة الحساسية والتعقيد.
أكتفي بالقول أن المسؤوليات متقاسمة بين المجتمع الدولي والنخب السياسية الليبية وعدد من الدول المؤثرة في المنطقة التي نفخت في نار الاقتتال الداخلي. يبقى ان المشكلات الحاضرة تتصل أيضا بما تركه نظام القذافي من إرث ثقيل الحمل.
وقد تمر سنوات طويلة قبل التحرر من نيره. وهي تتصل، إضافة إلى ذلك، بإدارة متخبطة للعملية السياسية التي سبق فيها الصراع على السلطة إعادة تكوين الدولة. فعوض التوافق على أولوية بناء المؤسسات وإجراء المصالحة الوطنية ذهب الجميع بسرعة إلى المنافسة الانتخابية، وشكلت هذه المنافسة المستعجلة سببا إضافيا لتعميق العداوات القديمة وصناعة عداوات جديدة وتهديد وحدة ليبيا، وإن من دون تقسيمها. وتعوق العداوات هذه حكم البلاد وتجعل منها، إلى أجل غير قصير، مدنا وجماعات متجاورة او متناحرة، ومن دون دولة جديرة بهذا الاسم.
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,707,031

عدد الزوار: 6,909,586

المتواجدون الآن: 87