إسرائيل تسعى الى "عسكرة وعبرنة" التعليم العربي

تاريخ الإضافة السبت 5 أيلول 2009 - 8:50 ص    عدد الزيارات 4317    التعليقات 0    القسم دولية

        


حسن مواسي

يحاول وزير المعارف الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر أن يفرض "العسكرة" على جهاز التعليم الإسرائيلي بشكل عام والعربي بشكل خاص، حيث بلور خطة للعام الدراسي الجديد هدفها الأساسي هو تشجيع الخدمة في الجيش، وتشجيع الخدمة المدنية، وفرض النشيد القومي على المدارس العربية، ومحو النكبة من كتب التدريس (على الرغم من أنها غير موجودة أصلا)، وفرض تعليم وقيم الصهيونية والتشديد على تاريخ الشعب اليهودي.
وتتزامن تصرفات الوزير ساعر مع وجود جو عام في إسرائيل يسير نحو تهويد وعبرنة الأرض والمكان والحيز بالنسبة لفلسطيني الـ48، حيث تنم عن النوايا الإسرائيلية الهادفة إلى "اسرلة" الطالب العربي من خلال التنكر لهويته الوطنية والقومية، بالتزامن مع الوضع السياسي واشتراط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل.
ويعاني جهاز التعليم العربي في إسرائيل، منذ العام 1948 من أزمة حقيقية، وتحاول إسرائيل منذ قيامها فرض سياسة التجهيل والعدمية القومية على الطالب الفلسطيني في أراضي الـ48، فنجد مثلا أنها تركز على التاريخ العبري والإسرائيلي، ويدرس الطلاب العرب عن نحمان بيالك وا.ب.يهشوع وعجنون، غروسمان، الرابي رامبام وجابوتنسكي، وذلك في ذروة المحاولة الإسرائيلية على فرض العبرنة والتهويد على فلسطين أرضا وتاريخا وثقافة وتعليما وصولا إلى شطب حتى مصطلح "النكبة".
ويواجه جهاز التربية والتعليم الإسرائيلي أزمة جدية في غاية الخطورة ، إذ إن الحال التي وصل إليها جهاز التعليم في إسرائيل ، يتلاءم مع ما رددته وزيرة التربية والتعليم الإسرائيلية السابقة يولي تمير من أن جهاز التعليم لا يتراجع وإنما هو آخذ بالانهيار، وليس بالأمر الغريب في ظل تنامي السياسات الإسرائيلية ومظاهر مختلفة سلبية في المجتمع الإسرائيلي: العنف، المخدرات، وعمليات تصفية، وغيرها من الأمور السلبية، فالحكومة لا تستثمر في التعليم وكأن التعليم لا يهمها، وعلى سبيل المثال لا الحصر خلال السنوات القليلة الماضية تم إجراء تقليصات في ميزانية جهاز التعليم 16 مرة ، وهذا يشمل تقليص عدد الساعات الدراسية التي يحصل عليها الطلاب كما تم إجراء تقليصات في تأهيل المعلمين"..
أما التعليم العربي فحدث ولا حرج، فالكثير من المختصين التربويين في إسرائيل يؤكدون أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أهملت التعليم بشكل عام، والتعليم العربي بشكل خاص، إذ عاد في الأول من أيلول (سبتمبر) نحو نصف مليون طالب عربي، وسط تفاقم الأزمة في جهاز التربية والتعليم العربي، ووجود تمييز صارخ وانعدام للإدارة الذاتية، حيث لا يزال هذا الجهاز يعاني مشاكل جمة، أن كان ذلك في مضامين التعليم أو تخصيص الميزانيات، حيث تفتح السنة الدراسية في غالبية المدن والقرى العربية على الرغم من الأوضاع الصعبة والنواقص والاحتياجات التي لا تسدّها وزارة المعارف، وفي ظل تصاعد سياسة التقليصات في ساعات التعليم وفي الميزانيات عموما، وخصوصا في التعليم العربي الذي يعاني نواقص متراكمة نتيجة عقود طويلة من التمييز والإهمال القوميين.
مركز طاوب ـ التعليم العربي في القاع
في تقريره الأخير كشف "معهد طاوب" للأبحاث السياسية والاجتماعية في إسرائيل حول التعليم ، إن التغيرات الحاصلة في جهاز التعليم والتي يكمن أبرزها في تراجع "التعليم الرسمي والذي سيكون غالبيته في المستقبل القريب تابعا للتعليم الديني والتعليم العربي".
وبحسب التقرير، فان نسبة الطلاب في التعليم الرسمي تراجعت من 46% العام 2000 إلى 39% في العام 2008 وسجل التعليم الديني والعربي في جهاز التعليم الرسمي 48% من مجمل جهاز التعليم مقابل 39% في العام 2000.
فيما شكل الطلاب العرب 28% من جهاز التعليم الرسمي في هذا العام مقابل 24% في العام 2000 أما التعليم الديني الرسمي فشكل 14% مقابل 15% عام 2000 فيما سجل التعليم الديني الأرثوذكسي الرسمي ارتفاعا من 24% عام 2000 إلى 28% هذا العام وسجل التعليم الرسمي عند اليهود من غير المتدينين
تراجعا من 46% عام 2000 إلى 39% هذا العام.
ويوضح إن وجه إسرائيل تغير بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة، وان هناك تغيرات كبيرة أمر بها جهاز التعليم في إسرائيل يؤكد الحقيقة الثابتة التي لم تتغير منذ سنوات. التعليم العربي ما زال الأضعف وما زال الأكثر تخلفا إلى جانب التعليم الديني اليهودي، التغيرات هناك لا تذكر والتدخلات ما زالت كما في الماضي والجهاز مملوء بالعفن والتخلف.
غالبية التعليم الرسمي يتشكل من التعليم العربي والتعليم الديني اليهودي الرسمي والتعليم الديني الأرثوذكسي.
في السنوات التسع الأخيرة تراجعت نسبة الطلاب في التعليم الرسمي على كل أنواعه ب 3% من عدد الطلاب، فوضع جهاز التعليم الحالي في إسرائيل لا يمنح الطلاب العرب والمتدينين اليهود الأدوات اللازمة لمواجهة التغيرات الكبيرة الحاصلة في العالم وخاصة في مجال التقنيات.
والتقرير يتحدث بوضوح تام عن حالة سيئة جدا في التعليم العربي تتمثل بالتخلص من الغرف المستأجرة وما تخصصه الوزارة من ميزانيات شحيحة جدا للتعليم العربي ولبنية تحتية متخلفة جدا في جهاز التعليم باتت تشكل خطرا كبيرا ليس على تطور التعليم العربي بل على حقيقة استمراره، هذا عدا ما يواجهه هذا
الجهاز من تدخلات الوزارة وجهاز الأمن العام والتدخلات السياسية الأخرى.
خطة ساعر
في جلستها الأسبوعية الأخيرة وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة ساعر، والتي تسير وتيرتها لفرض مخطط يهودية الدولة بخطى سريعة وحثيثة جداً، ويتسابق المسؤولون الإسرائيليون في طرح البرامج والمشاريع الرامية لدمغ إسرائيل بطابع يهودي كامل لا نقاش فيه.!
وأخيرا هنا لا بد من الإشارة إلى إن أزمة التعليم التي يواجهها المجتمع العربي نابعة من السعي الإسرائيلي الحثيث الى "اسرلة" فلسطيني الـ48 وتعمد إهمال الجهاز والعمل من خلال تدخل أجهزة الأمن الإسرائيلي في فحوى المناهج والتعيينات، وبالتالي العمل على طمس الهوية الجماعية والوطنية والقومية لديهم.


المصدر: جريدة المستقبل - العدد 3414

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,146,682

عدد الزوار: 6,757,022

المتواجدون الآن: 110