تقارير... صمت الجهاديين حيال الضربة الأميركية.. موافقة ضمنية....تركيا تؤكد حماستها للضربة العسكرية على سوريا.. وتستعد لرد دمشق.....أوباما أمام المتاهة السورية ....سورية في عهد نظام دولي بلا أقطاب.....النوايا الحسنة وطي النزاع المسلح الكردي في تركيا....روحاني والتقدم النووي الإيراني

مصر لم تعد مهمّة...انشقاق بالغ الأهمية في النظام بسوريا....نجاة الإسلاميين في المغرب من الانتخابات المبكرة.... تحدي البحرين للدبلوماسية الأمريكية

تاريخ الإضافة الخميس 12 أيلول 2013 - 7:13 ص    عدد الزيارات 1811    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أوباما أمام المتاهة السورية
الحياة....محمد كاظم سجاد بور * * محلل، عن «تابناك» الإيرانية، 7/9/2013، اعداد محمد صالح صدقيان
إثر استخدام الأسلحة الكيماوية، اعلن البيت الأبيض عزمه على شن هجوم على سورية يوجه رسالة تحذير الى قيادتها. في وقت أول، تعاطفت دول كثيرة مع القرار الأميركي، لكن الرئيس باراك اوباما سرعان ما رمی الكرة في ملعب البرلمان ليربط الهجوم بموافقته.
ويسود اعتقاد ان الرئيس الأميركي يجبه ثلاثة عوامل تتقاطع فيها المصالح والسياسات في الهجوم التنبيهي الاستراتيجي علی سورية، وهي العوامل الداخلية الأميركية والإقليمية والدولية.
في الداخل، يواجه اوباما وضعاً في غاية الحساسية. من جهة يخضع لضغوط الجماعات والشخصيات المؤيدة للحرب والتي انحازت في السابق الى الحروب الأميركية. وفي هذا المعسكر، يقف المحافظون الجدد من الحزب الجمهوري المقربون من إسرائيل وبعض الدول الإقليمية، وهم يقرعون طبول الحرب. ويتذرع هؤلاء بالهجوم الكيماوي ليحملوا الرئيس على شن هجومه علی سورية.
لكن اوباما لم يغفل ان بلاده مثقلة بتبعات حروب سابقة خاضتها في العراق وأفغانستان، وأن معارضته الحروب التي شنها سلفه، جورج بوش، ساهمت في بلوغه البيت الأبيض وفي حيازته جائزة نوبل للسلام.
في مطلع ولايته الثانية، حضّ أنصار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو والجماعات الداعية الى الحرب الرئيس الأميركي على مهاجمة ايران. ولكن في المناظرة التلفزيونية مع منافسه ميت رومني نجح أوباما في استمالة الرأي العام الأميركي بمعارضة الحرب. وعلى رغم أن استخدام السلاح الكيماوي يهز ضمير الشعوب ولو كانت منهكة من الحروب، بقي الشعب الأميركي على موقفه من رفض شن حرب طويلة. وأوباما يريد أن ينهي رئاسته بترسيخ مبدأ رفض الحروب.
إقليمياً، المنطقة مازالت تئن من عجز السياسة الأميركية عن إنهاء الأزمة السورية. وتشير الحوادث إلى أن موازين القوى ليست لصالح المجموعات المسلحة بل تميل إلى النظام. ولا تملك المجموعات المناوئة له استراتيجية موحدة. قبل سقوط الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، كان ثمة إجماع تركي وسعودي ومصري على الموقف من سورية، ولكن، إثر سقوط الإخوان المسلمين، تغيرت المعادلة، وتباينت مواقف الدول الإقليمية. ولا تجد بعض هذه الدول التي تقود المساعي المعارضة للنظام السوري، إلا الاستعانة بأميركا من اجل تغيير موازين القوى في الداخل السوري وإضعاف النظام. وتواجه أميركا، كذلك، خطر المجموعات التكفيرية، فهي لا تعرف هل ستخضع لتوجيهاتها أم ستتمرد عليها.
وتقتضي الإشارة الی الموقف الإيراني، فهو مختلف عن مواقف اللاعبين الآخرين الذين يرمون الى تقويض النفوذ الإيراني من طريق استغلال الأزمة الســـورية. وهــــذه الأزمة متعددة الجوانب الإنسانية والسياسية والاستراتيجية. ولا يسع احداً أن يقبل باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المواطنين. ويسعى لاعبون اقليميون الى استمالة اميركا من اجل اطاحة النظام السوري.
على المستوى الدولي، توازن اميركا بين مجموعة من المفاهيم والقيم، فالأسرة الدولية تعارض القيام بهجوم عسكري خارج مظلة مجلس الأمن ولا تريد انبعاث الأحادية الأميركية. وتعارض روسيا والصين مساعي اوباما الذي طعن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في أخلاقه السياسية. وأخفقت واشنطن في إرساء اجماع دولي على معاقبة النظام السوري اثر اتهامه باستخدام السلاح الكيماوي، والملفت ان البرلمان البريطاني رفض الدخول في حرب الی جانب الولايات المتحدة، وكذلك فعلت ألمانيا. وبرزت حركات شعبية غربية معارضة للحرب.
السياسة الأميركية الاستراتيجية إزاء الأزمة السورية ترمي إلى إضعاف سورية، ولن تتراجع عن هدفها هذا، وهو مشترك مع أصدقائها وحلفائها. وثمة حرص علی تقويض الدور السوري وتهميشه كلاعب إقليمي بارز. ولكن هل يصب انحسار نفوذه في مصلحة الولايات المتحدة؟ لا يبدو ان تحوّل سورية صومال جديداً في المنطقة يخدم المصالح الأميركية.
وهكذا يبدو طريق اوباما في المنطقة شائكاً، إذ يقف امام متاهات كثيرة. وليس في مقدور القوة العسكرية ان تبدد غموض مستقبل هذه السياسة التي دامت اكثر من عامين. وقد لا تأتي نتائج التدخل العسكري الأميركي بما يشتهي أصحابه.
 
سورية في عهد نظام دولي بلا أقطاب
الحياة...إيان بريمر ** رئيس مركز «أورِجيا»، «بروجيكت سانديكيت» الدولية، 7/9/2013، إعداد منال نحاس
لم تخالف قمة مجموعة العشرين التوقعات. وسعى الأميركيون والفرنسيون وغيرهم من الدول الغربية إلى إقناع الروس بالإقرار بأن الحكومة السورية استخدمت سلاحاً كيماوياً. لكن موسكو طعنت في البيّنات ورمت إلى حماية حليفها السوري. وفصول المجزرة لم تنقطع. ومن يرمِ إلى وقف إراقة الدماء ليس في جعبته خيارات «صالحة». وهذه حال أوباما والأوروبيين المنشغلين بمشكلات داخلية والقادة العرب، وهؤلاء يرغبون في انهيار نظام الأسد لكنهم يتجنبون إشهار الرغبة هذه.
ولا شك في أن توجيه سهام النقد إلى الأسد والثوار السوريين والأميركيين والروس والعرب، في محله، لكن توجيه اللوم وتبادل التهم يغفلان ما هو جوهري. فالوضع في سورية خير دليل على بروز نظام عالمي جديد قد تجوز تسميته بمجموعة صفر دولة أو بمجموعة صفر قطب على ما يقال صفر اليدين. وهي مرحلة سمتها الفراغ جراء انحسار نفوذ الغرب وانصراف الدولة النامية إلى شؤونها. ولم تبرز بَعد قوة أو مجموعة قوى ترتضي الأثمان والأخطار المترتبة على القيادة العالمية. ولو وجهت أميركا وفرنسا ضربة إلى دمشق، لن تفلحا في طي النزاع في سورية كما حصل في يوغوسلافيا السابقة حين وضع قصف بلغراد حداً للحرب في كوسوفو. والإخفاق هذا مرده إلى ثلاثة أسباب، أولها أن عدد القوى الضالعة في النزاع السوري كبير، ومصالحها متنوعة وكثيرة. والضربة لن تحمل الأسد على الاستسلام ولن تقنع حلفاءه بالانقلاب عليه. ولن تساهم في بلورة سبل إرساء الاستقرار أو بناء سورية مستقرة ومزدهرة جراء تعذر تعاون أصحاب المصالح في هذا البلد وتضارب أهدافهم. وترغب الولايات المتحدة وأوروبا في أن تؤدي سورية دوراً بناء في المنطقة، بينما تتمسك روسيا وإيران بحليفتهما الحيوية. وترغب تركيا ودول عربية في أن تنأى سورية بنفسها عن إيران وأن لا تتحول بؤرة نزاع عابر للحدود. والرغبات المتباينة هذه وراء تحول سورية ساحة تتنازع فيها القوى الإقليمية بدعم من دول في الخارج وتتنافس فيها على النفوذ.
وثاني الأسباب رفض أميركا- البلد الوحيد القادر على لعب دور راجح وحاسم- التدخل تدخلاً كبيراً. فشطر كبير من الأميركيين يستسيغ الابتعاد عن الآلام السورية، وينظر بعين الريبة والقلق إلى الحروب في الشرق الأوسط ويدعو قادته إلى إيلاء الأولوية للتعافي الاقتصادي وتوفير فرص عمل. ولو صب اقتراع الجمهوريين في خانة التدخل المقيد، لن يذللوا العقبات في وجه أوباما.
وثالثاً، ليس في مقدور أميركا التعويل على حلفائها في تحمل الأعباء الثقيلة لعملية التدخل. والحملة على ليبيا كانت يسيرة، فقوات معمر القذافي كانت تتحرك في مساحات مكشوفة، فيما قصف دمشق- وكثافتها السكانية عالية على رغم موجات النزوح- يؤدي إلى عدد كبير من الضحايا المدنيين. وفرنسا جاهزة لإرسال مقاتلاتها إلى سورية، لكن بريطانيا لا تجمع على التدخل، فيما الآثار المترتبة على أزمة اليورو هي شاغل معظم القادة الأوروبيين. ويرجح أن تتفادى المستشارة الألمانية المخاطرة قبل الانتخابات.
أما حال العرب فمن حال الأوروبيين، فعينهم على الشؤون الداخلية والاضطرابات الاجتماعية. ويساورهم القلق إزاء الفوضى في مصر والعنف المتعاظم في العراق وليبيا. وهم لن يدعوا على الملأ القوى الغربية إلى قصف بلد إسلامي. وكندا تتحفظ عن مثل هذه الضربة. ولكن، لن تطول مرحلة صفر دولة أو صفر القوة الى ما لا نهاية. فعاجلاً أم آجلاً، ستهدد النار السياسية التي تُركت على غاربها من غير إخماد مصالح عدد كبير من الدول، وتضطرها إلى التعاون. ولحظ السوريين التعس، يبدو أن معاناتهم لا تسوّغ نجدتهم وانتشالهم من براثن العنف.
 
مصر لم تعد مهمّة
الحياة....بوبي غوش * * صحافي، عن «تايم» الاميركية، 18/8/2013، إعداد حسام عيتاني
حدّثني جنرال رفيع المستوى في صنعاء الشهر الماضي عن اجتماعه الاخير مع مسؤولين أميركيين. كان الجنرال يأمل بتوضيح طلبه الحصول على مساعدة اميركية عسكرية ومدنية أكبر لليمن. لكن الاميركيين ظلوا يسألونه عن الاحداث في مصر.
ويتذكر الجنرال وهو يهز رأسه بأسى: «ظلوا يقولون: ما رأيك في الاخوان المسلمين؟ ماذا يقول لك ضباط الجيش المصري عن (محمد) مرسي»؟ «قلت لهم: «لدينا ربيعنا العربي الخاص بنا، ولدينا الآن حكومة ديموقراطية، ولدينا فقر حاد وحروب أهلية وتنظيم القاعدة. هلا توقفتم عن الحديث عن مصر وبدأتم الكلام عن اليمن»؟
وقال الجنرال انهم توقفوا عن الحديث عن مصر ولكن لفترة وجيزة فحسب، ثم تجددت الأسئلة و «كانوا يريدون ان يعرفوا هل ذهبت الى القاهرة، وهل لاحظت تغيرات بعد اطاحة مبارك»... يبدو ان الأميركيين يعتقدون ان مصر هي أهم شيء في الشرق الأوسط».
أجبت بتهذيب أنها مهمة جداً.
أجاب: «لا، كانت مهمة»، محركاً يده الى وراء كتفه «لكن ذلك كان قبل زمن بعيد جداً».
تميل المؤسسة السياسية المعنية بالسياسة الخارجية الأميركية، اضافة الى وسائل الإعلام الرئيسة إلى النظر الى مصر، عبر عدسات الستينات والسبعينات. في ذلك الحين كانت مصر نقطة ارتكاز العالم العربي، وأهم بلد فيه من دون جدال. وكانت مصدر الفكرة السياسية الأكثر اقناعاً لما بعد الاستعمار: الناصرية. كانت القاهرة المركز الثقافي للشعوب العربية، ومصدر السينما العظيمة والتلفزيون والموسيقى والفن والادب. كانت ساحة نابضة لوسائل الإعلام.
وعلى رغم افتقارها الموارد الطبيعية التي يتمتع بها العراق والمملكة العربية السعودية، كانت مصر تتمتع قياساً الى هذين البلدين بثروة ثقافية كبيرة: كانت مركز التعليم وفيها افضل جامعات المنطقة، العلمانية والدينية. وكانت قوتها العاملة مرحباً بها في دول الخليج...
لكل هذه الأسباب كانت مصر شديدة الأهمية من وجهة النظر الأميركية، وتشكّل تهديداً لإسرائيل.
مصر اليوم ليست أياً من تلك الامور، وذلك لسببين: الشرق الاوسط تغير ومصر لم تتغير. لم تعد القاهرة قلب المنطقة الثقافي: لم تعد مصر تنتج فناً عظيماً او موسيقى او أدباً. مشاهدو التلفزيون العرب يشاهدون الآن المسلسلات العاطفية التركية أكثر، وأشرطة الفيديو الموسيقية اللبنانية وقنوات الأخبار الفضائية القطرية. الجامعات المصرية اليوم سيئة الى درجة تثير الضحك فيما تفضل دول الخليج العمال الفيليبينيين والهنود والباكستانيين على المصريين. والساحة الإعلامية المصرية باتت اضحوكة المنطقة.
بعــد عقــود من الادارة السيئة التي تولاها جنرالات وبيروقراطيون فاسدون، أصبحت مــصر حالـــة اقتـــصادية ميؤوساً منها. لديها عدد قليل من الموارد القيّمة لبيعها الى العالم، فـــي حـــين لا يــملك شعـــبها الفـــقير بأكثريته مالاً كافياً لشراء شيء من العالم. بل ان الصينيين الذين لا يردعهم العنف وانعدام الاستقرار السياسي، لا يقفون صفوفاً للاستثمار في مصر.
وبينما كانت مصر تضعف في العقود الأربعة الماضية، زادت قوة عدد من اللاعبين الدوليين وتعززت طموحاتهم. ومن هؤلاء دول خليجية وتركيا - حلفاء للولايات المتحدة (غالباً، على كل حال)، ما يعني ان فائدة مصر بالنسبة الى الولايات المتحدة كمحاور عن العالم العربي، تقلصت تقلصاً كبيراً. وربما تكون واشنطن قوّمت عالياً دعم القاهرة لجهودها في سورية لكن مصر التي تحكمها مجموعة من الجنرالات... لا تبدو كشريك يتمتع بصدقية للتعامل مع بشار الأسد.
بالنسبة الى الاهتمام الاميركي الحاسم الآخر، لم تعد مصر تهديداً جدياً لإسرائيل. وكان من اللافت ان مرسي بعد انتخابه رئيساً العام الماضي، سارع الى التأكيد للجميع انه سيساند معاهدة السلام بين الجانبين، وتعلم كل الفئات السياسية في مصر (الاسلاميون والليبراليون والجيش) انها في حال خاضت الحرب ضد اسرائيل، ستتحول مصر الى أنقاض.
هل تستطيع مصر استعادة مكانتها كمركز للعالم العربي؟ برزت فرصة قبل عامين. كان «الربيع العربي» مستورداً من تونس، لكنه جعل مصر مرة أخرى مختبر فكرة سياسية قوية وجديدة: ديموقراطية ما بعد الحكم الشمولي. ويعني حجم مصر ان تجربتها الديموقراطية ستخضع لمراقبة اقرب من تجربة ليبيا، مثلاً. للأسف، رأينا هذا الصيف ان التجربة فشلت. وبدلاً من ان تسير مصر الى أمام سارت بكامل قوتها الى وراء. واليوم، على تونس وليبيا ان تظهرا ان «الربيع العربي» لم يكن تكراراً بسيطاً لربيع براغ في 1968.
يبدو الآن ان ما تعنيه مصر في القضايا الاقليمية والعالمية ليس أكثر من انها مصدر محتمل للمتاعب، ومزيد من انعدام الاستقرار والفساد والعجز يجعلها أرضاً خصبة للتشدد الاسلامي، وعلى الولايات المتحدة ان تتعامل معها بهذه الصفة.
 
النوايا الحسنة وطي النزاع المسلح الكردي في تركيا
الحياة..روهان شاكر ** صحافي، عن «راديكال» التركية، 9/9/2013، إعداد يوسف الشريف
قبل أيام ترددت أنباء عن نية «حزب العمال الكردستاني» وقف سحب عناصره المسلحة من تركيا احتجاجاً على تراجع حكومتها عن تعهداتها. وفي أول تعليق صدر في المواقع الإخبارية المقربة من الحكومة، وقع القارئ على ما يلي: «هذه أكاذيب يلفقها الجناح القريب من النظام السوري في حزب العمال»، أو «هناك بالتأكيد خطأ في الترجمة من الكردية إلى التركية أدى إلى انتشار هذا الخبر». وكثر الكلام من هذا القبيل في أوساط كتاب أصحاب النوايا الحسنة الذين يظنون خيراً في مسيرة الحل السلمي و «حزب العمال الكردستاني». في مقابل هؤلاء، برز «أصحاب النوايا السيئة» الذين يطعنون في نجاح مسيرة الحل السلمي، وينتظرون أي مؤشر للقول أن الحزب ليس أهل ثقة، وأن الحكومة أخطأت حين التزمت هذا الحل.
الواقـــع أن الملف الكردي هو أكثر الملفات تعقيداً في تاريخ تركــــيا السياسي، ولا يمكن توقع أن يكون حله يسيراً. وليس الذعـــــر أو الإنكار السبيل الأمثل للتعامل مع هذه المشاكل ومع تصـــــريحات وقف الانسحاب. وتقتضي الأمور أن يُبحث في سبـــل تذليل المشكلات، وهذا ما يُفتقد إليه اليوم في تركيا. ولا يخـــفى أن الفيصل في تذليل هذه المشكلة هو تصريحات زعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان من سجنه. فإما أن يؤيد وقف الانسحاب وإما أن يرفضه ويدعو الحزب إلى الاستمرار في مسيرة الحل السلمي. وأنا، شأن كثر من المراقبين، أرى أن دور أوجلان مهم، وهو فرصة لتسريع وتيرة الحل السلمي.
وأعلن أوجلان أنه يتمنى على الحكومة أن ترى فيه شريكاً استراتيجياً في هذه المسألة وتتوقف عن معاملته كأنه ورقة أو عامل مساعد. لكن التعويل على دور أوجلان من دون غيره من الأكراد، قد تكون له محاذير خطيرة. فماذا لو دعم أوجلان الآن، لسبب ما، وقف الانسحاب؟ وحري بالحكومة الإعداد لامتصاص الصدمة الناجمة عن مثل هذا القرار، وتقييد نفوذ أوجلان عبر توسيع تعاملها مع السياسيين الأكراد وتشكيل لجنة حكماء كردية يمكن اللجوء إليها لتعديل تصريحات أوجلان أو مواقفه في أوقات الأزمة. هنا يبرز دور حزب «السلام والديموقراطية» الكردي الذي يقف موقف المتفرج إزاء كل ما يحدث من دون أن يتدخل أو يكون له دور.
وعقّب أحمد ترك، وهو أحد أهم قيادييه، على تصريحات وقف الانسحاب بالقول: «إن مسيرة الحل السلمي مستمرة ووقف الانسحاب لا يعني هدم كل شيء». وهذا الكلام هو من قبيل النوايا الحسنة، لكنه يغفل لب الموضوع أو صلبه. وارتكب الحزب هذا خطأ فادحاً حين سلّم ملف الحل السلمي برمته إلى أوجلان والحزب «الكردستاني»، واكتفى بدور حامل الرسائل أو الوسيط بين هذين الطرفين. وعلى الحكومة أن تشجع هذا الحزب على أداء دور مكمل للدور الذي يلعبه أوجلان.
وتترتب على تأخر الحكومة التركية في إقرار الإصلاحات السياسية التي وعدت بها أو أشارت إلى إمكان إقرارها، تداعيات خطيرة. فأبرز ما تبين في هذه الأزمة الأخيرة هو عمق هوة عدم الثقة بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني. وبحسب بعض المراقبين، هذه الهوة ضاقت، ولكن يبدو أن ستة أشهر من تبادل الرسائل ومبادرات حسن النية لم تغير شيئاً من مواقف الطرفين، في وقت يتحدث الحزب عن انسحاب 80 في المئة من عناصره وتؤكد الحكومة أن 20 في المئة فقط هم الذين انسحبوا، والفارق كبير بين النسبتين.
خلاصة القول إن على الحكومة التركية والمعنيين بحل القضية الكردية سلمياً ترك سياسة التفاؤل والتشاؤم، وانتهاج سياسة واقعية تكلف فريق عمل جدياً بتذليل المشكلات وتجاوز الأزمات التي ستظهر خلال مسيرة الحل. فالنوايا الحسنة وحدها لا تكفي لإنهاء نزاع مسلح دام نحو أربعة عقود.
 
انشقاق بالغ الأهمية في النظام بسوريا
أندرو جيه. تابلر
أندرو جيه. تابلر هو زميل أقدم في معهد واشنطن ومؤلف كتاب "في عرين الأسد : رواية شاهد عيان عن معركة واشنطن مع سوريا."
كان أفراد المعارضة السورية على حق في وصف "انشقاق" العماد علي حبيب محمود وفراره إلى تركيا خلال الأيام القليلة الماضية بـ "الضربة القاسمة لمعنويات" نظام الأسد. فهو أرفع مسؤول عسكري يغادر سوريا منذ رحيل العميد مناف طلاس في تموز/يوليو 2012؛ وينحدر العماد حبيب من عائلة بارزة وكان في إحدى المراحل مقرباً من بشار الأسد.
لقد أصبح العماد حبيب رئيس هيئة أركان الجيش السوري في عام 2004 ووزيراً للدفاع في 2009. وكان أول شخص علوي يشغل هذا المنصب منذ تخلي حافظ الأسد عنه في 1972، وبعدها كان المنصب محجوزاً للرموز الصورية السنية. والعماد حبيب شخصية تحظى بالاحترام بين السوريين بسبب تقديمه استقالته في آب/أغسطس 2011، عندما حاول النظام تسريع محاولته الدموية بإطلاق النار على الناس بهدف إجبارهم على الخضوع عشية شهر رمضان، قبل وقت قصير من إعلان الرئيس أوباما بأن على بشار الأسد أن "يتنحى". وعلى الرغم من أن العماد حبيب قدم استقالته رسمياً لـ "أسبابٍ صحية"، غير أن شائعات ترددت على نطاق واسع في ذلك الحين مفادها أنه اختلف مع نهج أسرة الأسد تجاه الثورة.
ولم يكن العماد حبيب جزءاً من جوهر النظام لبعض الوقت، على الرغم من العقوبات المفروضة عليه من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لشغله منصب وزير الدفاع. ويبدو من غير المرجح، حتى الآن على الأقل، أن ينضم رسمياً إلى "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية". ومع ذلك، يمثل رحيله فرصة لتنظيم منشقين آخرين من صفوف الجيش إلى قوة متماسكة تكون أكثر تمثيلاً للبنية الطائفية المتنوعة في سوريا من "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية". ومن المحتمل أيضاً أن يكون مصدراً جيداً للمعلومات، ليس فقط فيما يتعلق بنظام الأسد، بل أيضاً بالنسبة لانشقاق العلويين المحتمل عن نهج أسرة الأسد.
وفي المرحلة القادمة، ستكون هناك حاجة ملحة لبدء جهود تفكيك النظام من الأطراف قبل هز الوسط الذي يهيمن عليه العلويون - ولذا، ينبغي أن تتسع العقوبات الغربية لاستهداف المزيد من رجال الأعمال من السنة ومن الأقليات الذين يستفيدون من النظام ويساعدون على تمكينه. وبإعلان مثل هذه التصنيفات مباشرةً بعد الضربة التي ستوجهها الولايات المتحدة، تكون واشنطن وحلفائها قد وجهوا رسالة قوية مفادها أن كل من يحتشد حول الأسد سيلقى مصير العزل عن المجتمع الدولي.
 
 تحدي البحرين للدبلوماسية الأمريكية
سايمون هندرسون
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج و سياسة الطاقة في معهد واشنطن .
في الثالث من أيلول/سبتمبر، أعلنت البحرين عن فرض قيد آخر على ديمقراطيتها المحدودة للغاية - يسمح بإجراء انتخابات دون إقامة أحزاب سياسية. وقد جاء القرار الجديد واضحاً على الأقل بالنسبة للبحرين، ومفاده بأن: على "الجمعيات" السياسية القائمة في الجزيرة طلب الإذن بمقابلة دبلوماسيين أجانب، على الأقل ثلاثة أيام قبل موعد المقابلة، وحال حصولهم على الإذن عليهم أن يوافقوا بأن يحضر اللقاء مراقب تُعينه الحكومة. وليس هناك شك بأن اللائحة الجديدة قد استهدفت جماعات المعارضة الشيعية التي انسحبت من البرلمان عام 2011 عقب قمع الحكومة للتظاهرات العنيفة، الأمر الذي أدى إلى تدخل المملكة العربية السعودية المجاورة بإرسالها جنود ودبابات لدعم حكومة العاهل السني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وتبدو القيود - التي تنطبق أيضاً على منظمات سياسية أجنبية غير محددة - بأنها نتيجةً انعقاد اجتماع مشترك ونادر للمجلس الوطني في تموز/يوليو، وهو البرلمان المكون من مجلس النواب (المنتخب) ومجلس الشورى (المعين). وقد أسفر ذلك الاجتماع عن إصدار اثنين وعشرين توصية شملت تقييد التواصل مع الدبلوماسيين الأجانب ومنع التجمعات في العاصمة. ومنذ أن استقالت المعارضة الشيعية قبل عامين كان يُنظر إلى المجلس الوطني على أنه يعكس الآراء المتشددة للعائلة المالكة، ولا سيما تلك التي يمثلها رئيس الوزراء وعم الملك الشيخ خليفة بن سلمان، الذي يعتقد أنه يقف وراء التغيير الأخير.
وقد أصدرت حركة "الوفاق" (التي تمثل "الجماعة" الشيعية الرئيسية في الجزيرة) وجمعية "الوعد" الأصغر حجماً (وهي جماعة علمانية) تصريحات تتحدى فيها اللائحة الجديدة، كما انسحبت حركة "الوفاق" من اجتماع كان من المزمع عقده مع ما يسمى "الحوار الوطني" احتجاجاً على تلك اللائحة. وفي غضون ذلك تدرس السفارة الأمريكية وغيرها من السفارات الغربية الأخرى المسألة للتوصل إلى رد رسمي - وكانت هذه السفارات ضالعة بشكل عميق في تشجيع الإصلاحات السياسية من قبل المعارضة والحكومة. وحتى الآن أشار الدبلوماسيون إلى أنهم يعتبرون أن هذا القرار ينطبق على مواطني البحرين وليس عليهم مؤكدين بأنهم لا يزالوا مستعدين لمقابلة أي شخص يطلب مقابلتهم.
وتتمثل معضلة واشنطن المحلية باستضافة البحرين للقيادة العامة للأسطول الأمريكي الخامس. وفي 5 أيلول/سبتمبر، التقى قائد الأسطول نائب الأدميرال جون ميلر مع ولي العهد سلمان بن حمد، وهو نجل الملك المعروف بوجهات نظره المعتدلة نسبياً. وفي خطوة تعكس مدى خطورة هذا التطور الجديد، عقد سلمان أيضاً اجتماعاً منفصلاً مع السفير الأمريكي توماس كراجيسكي، الذي تعرض كثيراً لانتقادات حادة في وسائل الإعلام البحرينية إثر انتشار مزاعم بتدخله في الشؤون السياسية للجزيرة. وصرحت بعد ذلك وكالة الأخبار الرسمية بأن ولي العهد دعا إلى "اتباع نهج شامل فيما يتعلق بالموقف الراهن" وأنه أشاد بدعم واشنطن للخطوات التي اتخذت بالفعل.
ومن المشاكل الجوهرية التي تعاني منها البحرين الاعتقاد السائد بين أغلبية السكان الشيعة بأن القصر لن يتنازل بتاتاً عن صلاحيات سياسية جوهرية طالما أن المتشددين في العائلة المالكة ينظرون إلى الشيعة بأنهم متعاطفين مع إيران التي زعمت يوماً أن الجزيرة هي من ضمن محافظاتها. وتدعي شرطة البحرين أنها توصلت إلى روابط تجمع بين الشيعة المتورطين في مصادمات ليلية مع قوات الأمن وخلايا يديرها «حزب الله» وطهران. وفي 5 أيلول/سبتمبر، أصدرت السفارة الأمريكية "تحذيراً من قيام مظاهرة" أخرى - وهو الإشعار الواحد والخمسين التي تصدره هذا العام - أخطرت بموجبه المواطنين الأمريكيين تجنب التواجد في وسط مدينة المنامة في 6 أيلول/سبتمبر بسبب احتمال وقوع "مصادمات بين القوات الحكومية والمحتجين".
وعلى الرغم من أن الأزمة الأخيرة تعتبر جزءاً من سلسلة طويلة من الأزمات، إلا أنها تعكس أيضاً مخاوف جديدة منبثقة عن الجدل الثائر حول استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية. ويبدو أن الحكومة البحرينية - التي يعرف بأنها تشعر بالقلق من سياسات إدارة أوباما حول سوريا والبرنامج النووي الإيراني - قد قررت أن الوقت كان سانحاً للمجازفة بإثارة غضب واشنطن.
 
 نجاة الإسلاميين في المغرب من الانتخابات المبكرة
ڤيش سكثيفيل
ڤيش سكثيفيل هي زميلة الجيل القادم في معهد واشنطن .
في السادس من أيلول/سبتمبر اختتم رئيس الوزراء الإسلامي في المغرب عبد الإله بن كيران - الذي انتخب في عام 2011 عقب مظاهرات جماهيرية حاشدة بقيادة "حركة 20 شباط/فبراير" - سلسلة من المفاوضات المطولة والمثيرة للجدل مع حزب المعارضة الوسطي، "التجمع الوطني للأحرار". وسوف يحول الاتفاق الناجم عن المباحثات دون إجراء انتخابات مبكرة التي كان يُعتقد أنها حتمية بعد أن ترك فصيل آخر مناصر للملك، هو "حزب الاستقلال"، الائتلاف منذ شهور مضت. كما أنه يحسم ما اعتقد كثيرون أنه سيكون نهاية "حزب العدالة والتنمية" الحاكم بقيادة بن كيران.
والجدير بالذكر أن الضغط الذي واجهه "حزب العدالة والتنمية" - سواء للتنحي أو إجراء انتخابات مبكرة أو التوصل إلى اتفاق مع المعارضة - يرجع إلى عدة عوامل. أولاً، مهدت الأحداث في القاهرة الطريق أمام حركات المعارضة العلمانية في المغرب لإجراء مقارنات بين الرئيس المصري محمد مرسي وبن كيران، الأمر الذي وفر الأسس المنطقية لرحيل "حزب الاستقلال" عن الائتلاف.
ثانياً، عندما تشكلت حركة "تمرد" المغربية - وهي تقليد لحركة "تمرد" المصرية التي أضفت الشرعية للإطاحة بمرسي - اتضح أن الملك محمد السادس لا يزال يفضل "حزب العدالة والتنمية" كداعم يمنحه الشرعية. ومن المحتمل أن الملك لم يشأ مطلقاً أن تكون هناك حكومة إسلامية تحت إمرته، لكن صعود "حزب العدالة والتنمية" وفّر سبيلاً لاستيعاب المعارضة الإسلامية الهامة وخلق مظهر من مظاهر الوفاء بالمطالب الديمقراطية لـ "حركة 20 شباط/فبراير" مع الاحتفاظ بسلطة الفيتو النهائية لنفسه. بيد أنه عقب انتقال "حزب الاستقلال" إلى المعارضة والإطاحة بمرسي في مصر، وظهور حركة "تمرد" في المغرب، تبدد تفضيل الملك لـ "حزب العدالة والتنمية" بوضوح، واضطلعت حركة "تمرد" بدور جديد: وهو كونها عربة للمجيء بالمعارضة العلمانية إلى السلطة.
ثالثاً، أصبح ازدراء الملك لـ "حزب العدالة والتنمية" واضحاً في الخطاب الذي ألقاه في 20 آب/أغسطس والذي أدان فيه حالة التعليم في المغرب نتيجة سوء الحوكمة الباهتة من جانب الحزب. وحقيقة أن الإصلاح التعليمي دار حوله الكثير من الجدل السياسي الحزبي وابتُلي بعدم الكفاءة لعقود تشير إلى أن الاستهجان لم يكن أكثر من مجرد أداة سياسية.
رابعاً، كانت المحادثات بين "حزب العدالة والتنمية" و"التجمع الوطني للأحرار" تسير ببطء، الأمر الذي ضاعف الضغط على بن كيران. فقد اتهم كل جانب الآخر بالثبات على موقفه والتعنت، مع فرض شروط مسبقة على كل منهما الآخر. ومن المثير للاهتمام أن "التجمع الوطني للأحرار" تشكل على يد أناس محل تفضيل من القصر، حيث كان غرضه الأصلي هو العمل كثقل موازنة لجماعات تنتقد الملكية والنخبة الحاكمة التي يشار إليها بمصطلح "المخزن" (أي "الدولة العميقة" في المغرب بما في ذلك الملك ودائرته والجيش والشرطة). ويوفر ذلك سياقاً باعثاً على الاهتمام للمحادثات المتعثرة، ناهيك عن التجمع الأكبر حجماً للأحداث التي هددت بإحصاء أيام "حزب العدالة والتنمية" في السلطة.
ففي إحدى المراحل كان بن كيران على وشك الاعتراف بالهزيمة حيث اعلن بأنه سيضع ثقته في الملك للتدخل وتسوية النزاع. وبدلاً من ذلك، وافق "حزب العدالة والتنمية" في النهاية على تنصيب أحد مرشحي "التجمع الوطني للأحرار" (سكرتير الحزب صلاح الدين مزوار) وزيراً للمالية - وهو منصب مؤثر واستراتيجي جداً كان يشغله في السابق تكنوقراط لا ينتمي لأي حزب سياسي.
وإذا تعقبنا توجهات الأحداث التي وقعت في السادس من أيلول/سبتمبر، نجد أن هناك أمران مؤكدان. أولاً، إن أي من الظروف التي وضعت "حزب العدالة والتنمية" في مأزق لم تكن لتتحقق دون موافقة الملك الضمنية وحرصه على وأد تيار الإسلام السياسي في مهده. ثانياً، سوف يخرج "حزب العدالة والتنمية"، الذي ظهر بمظهر "الإسلاميين التابعين للملك" في عام 2011 من سلسلة الانتكاسات هذه لاعباً أكثر ضعفاً بكثير، لا سيما مع رجحان ظهور المزيد من العقبات.
 
 روحاني والتقدم النووي الإيراني
أولي هاينونن و سايمون هندرسون
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج و سياسة الطاقة في معهد واشنطن . أولي هاينونن هو زميل أقدم في مركز بيلفر في كلية كندي في جامعة هارفارد ونائب المدير العام السابق للضمانات في "الوكالة الدولية للطاقة الذرية
يظهر التقرير الأخير لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" حول إيران، الذي سيناقشه مجلس محافظي المنظمة في فيينا في الأسبوع الثاني من أيلول/سبتمبر، أن طهران واصلت بناء قدراتها النووية، لاسيما طاقتها على التجاوز المفاجئ لالتزاماتها الواردة في المعاهدات التي أبرمتها، وقدرتها على تطوير سلاح نووي إذا رغبت في ذلك. ورغم نفي إيران امتلاك برنامج لتطوير أسلحة نووية، فإن هذا الاحتمال المتزايد بالإسراع نحو تطوير قنبلة نووية من المرجح أن يعقد الأمر أمام أية مناقشات دبلوماسية في الأسابيع القليلة المقبلة، خاصة بعد الوصول المتوقع للرئيس حسن روحاني إلى نيويورك في 23 أيلول/سبتمبر لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أن المسؤولين الإيرانيين من المقرر أن يلتقوا مع ممثلي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" في فيينا في 27 أيلول/سبتمبر.
الأسباب الرئيسية للقلق
لقد ثبت بأنه يصعب على غير الخبراء تفسير مغزى التقرير الذي أصدرته "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" في 28 آب/أغسطس: ومثال على ذلك، المقارنة بين العنوان الرئيسي لصحيفة نيويورك تايمز ("إيران تبطئ من تجميعها لليورانيوم بحسب ما ورد في أحد التقارير") وعنوان آخر في صحيفة الفاينانشال تايمز ("تقرير للأمم المتحدة يظهر أن إيران تعزز قدرات تخصيب يورانيوم متقدمة"). لقد استند التقرير - الذي يغطي التطورات على صعيد مجموعة كاملة من الأنشطة النووية الإيرانية المعروفة والمعلن عنها منذ إصدار التقرير السابق في أيار/مايو - في الأساس على عدد من الأجزاء التي تقيّم مدى التقدم الذي أحرزته طهران في تخصيب اليورانيوم، وبناؤها مفاعل يمكنه أن ينتج البلوتونيوم، ودرجة تعاونها (أو عدمه) في شرح "الأبعاد العسكرية المحتملة" لبرنامجها النووي.
تخصيب اليورانيوم. تواصل إيران تخصيب اليورانيوم وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي المركبة بما في ذلك ما يقرب من 18,000 جهاز طرد مركزي من نوع IR-1، و 1000 جهاز طرد مركزي من نوع IR-2m الأكثر كفاءة وفعالية. إلا أنها لن تحتاج في المستقبل المنظور لأكثر من جزء بسيط من اليورانيوم المخصب الذي سبق وقد أنتجته، ناهيك عن القيام بعمليات تخصيب جديدة لإنتاج يورانيوم [إضافي]. ويذكر أن مفاعلها الوحيد للطاقة النووية يستخدم وقوداً منخفض التخصيب تقوم روسيا بإمداده لها . وتصر طهران على الادعاء بأنها تحتاج بعض اليورانيوم الجديد المخصب الذي تنتجه لتزويد إحدى المفاعلات البحثية الكائنة في العاصمة بالوقود رغم رفضها عرضاً دولياً سابقاً بتزويدها مثل هذا الوقود.
ومما يبعث على القلق أن هذا المفاعل البحثي يتطلب يورانيوم مخصب بنسبة 19,75 في المائة؛ وتنتج إيران حالياً يورانيوم مخصب بنسبة 20 في المائة لهذا المفاعل. وفيما يتعلق بالوقود المخصب بنسبة 20 في المائة، فإن نسبة اليورانيوم العادي-238 إلى نسبة يورانيوم النظائر القابلة للانشطار-235 كان قد تم معالجتها بالفعل من الرقم 993:7 الذي تم تسجيله في اليورانيوم الطبيعي إلى 28:7 وهو عدد أقل بقليل من نسبة 1:7 اللازمة لإنتاج اليورانيوم المستخدم في الأسلحة النووية. وتواصل إيران تحويل بعض اليورانيوم المخصب الذي بحوزتها بنسبة 20 في المائة إلى شكل من أشكال الأكسيد، غير أن معظم هذا الأكسيد (بصرف النظر عن كمية صغيرة تمت معالجتها أيضاً لتحويلها إلى صفائح وقود) ينبغي أن يعتبر جزءاً من المخزون المخصب لأنه من السهل نسبياً إعادة تحويله إلى مادة تغذية لأجهزة الطرد المركزي.
إن الزيادة في عدد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية ومخزون اليورانيوم المخصب قد فتحت الباب أمام سيناريوهات متعددة لتجاوز العتبة النووية في محطتي نطنز وفوردو لتخصيب اليورانيوم، لاسيما إذا كانت هناك محطات أخرى غير معلن عنها. فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تركزت المناقشات الخاصة بإمكانية تجاوز إيران للعتبة النووية على مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة الذي يتزايد بشكل مطرد، بيد أصبح الآن عدد أجهزة الطرد المركزي ضخماً جداً لدرجة أن المعادلة الحسابية قد تغيرت: فالمخزون الحكومي الضخم من اليورانيوم المخصب بنسبة 3,5 في المائة هو الآن أحد الأجزاء الهامة في هذه المعادلة الحسابية. لذا فإن أي مقترح دبلوماسي جرى طرحه في الماضي - والذي يطالب إيران بالحد من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة وشحن معظم تلك المواد المخصبة إلى الخارج - هو الآن أقل أهمية بكثير من ناحية الحد من خطر تجاوز إيران للعتبة النووية.
مفاعل المياه الثقيلة في آراك. سيستخدم هذا المفاعل البحثي قضبان الوقود ذات التخصيب الطبيعي (أي غير المخصب)، وسيتم "تخفيفه" باستخدام الماء الثقيل. إلا أن مفاعلات من هذا النوع تنتج أيضاً البلوتونيوم الذي يمكن أستخدامه كمادة متفجرة نووية بديلة إذا تم فصله عن الوقود المستهلك. وعلى الرغم من أن مسؤولين إيرانيين قد أخبروا "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بأن التأخيرات في البناء أجلت تاريخ بدء تشغيل المفاعل إلى ما بعد "الربع الأول من عام 2014"، إلا أنهم أشاروا بعد ذلك إلى أن المقصود من كلمة "بدء التشغيل" هو "التشغيل التجريبي باستخدام مادة نووية"، وفقاً لما ورد في هامش التقرير الأخير. وقد تُعقِّد هذه الصياغة الغامضة أية محاولة للقيام بعمل عسكري ضد المنشأة إذا أصبح هذا الأمر ضرورياً، رغم أن هناك ملاحظة هامشية أخرى توضح أنالمسؤولين الإيرانيين أخبروا "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" قبل ثلاثة أيام من نشر التقرير أنهم سيخطرون الوكالة "قبل ستة أشهر على الأقل من أول إدخال للمادة النووية إلى المنشأة".
وحالما يتم جلب هذا الوقود النووي إلى موقع المفاعل، ستصبح المنشأة بكاملها "غير قابلة للاستهداف بالقنابل" من الناحية السياسية بسبب قرارات "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" فيما يخص الهجمات على المحطات النووية الخاضعة للضمانات: وبمجرد إدخال الوقود بحيث يصبح المفاعل من الأماكن الحساسة، فإن أي ضربات عسكرية قد تسبب حدوث انبعاثات إشعاعية ضخمة. (ومن الجدير بالذكر أن الغارة الإسرائيلية على المفاعل النووي العراقي عام 1981 وما ورد في الأنباء عن شن غارة إسرائيلية على مفاعل سوري عام 2007 وقعتا كلتاهما قبل إدخال المواد النووية.)
أبعاد عسكرية محتملة. لا تزال "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" تشعر بالإحباط فيما يتعلق بعدم التعاون الإيراني بشأن "الأنشطة الإيرانية غير المعلن عنها والتي من بينها المنظمات ذات الصلة بالمؤسسة العسكرية، بما في ذلك تطوير رؤوس نووية للصواريخ". وقد رفضت طهران هذه المخاوف التي تركز على منشأة بارشين الواقعة في ضواحي العاصمة. وقد أخبرت "بعض الدول الأعضاء" - التي لم يتم الكشف عن هويتها - الوكالة أن إيران أجرت "تجارب هيدرودينامية" في بارشين في إشارة إلى أنها ربما تحاول إتقان نوع جهاز التفجير الداخلي اللازم لصنع قنبلة ذرية باستخدام اليورانيوم أو البلوتونيوم عالي التخصيب. وتواصل الحكومة في طهران رفض طلبات "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بزيارة الموقع كما قامت بإزالة المناطق محل القلق ورصفها، الأمر الذي يمنع الوكالة من أخذ عينات يحتمل أن تكون كاشفة لهذه الأمور حتى لو سُمح لها بالتواجد هناك.
تأثير النقاشات الدائرة حول سوريا
منذ أن نشرت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" تقريرها عن إيران، انشغلت واشنطن وعواصم أخرى في النقاشات حول مزاعم عن استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية ضد شعبه. ويذكر أن الرئيس أوباما قد قرر تأخير الرد الأمريكي لكي يكون أمام الكونغرس الوقت الكافي لإجراء نقاش حول الأدلة على هذا الاستخدام؛ وستؤثر هذه المنهجية، سواء بقصد أم لا، على القضية النووية الإيرانية بشكل كبير.
وتستند سياسة واشنطن الحالية تجاه إيران على الاعتقاد بأن المخابرات الأمريكية ستقدم التحذير في الوقت المناسب إذا ما قررت طهران صنع قنبلة نووية. ويقوم الافتراض على أن إيران لا تستطيع تجاوز العتبة النووية وإنتاج مادة نووية متفجرة كافية لتصنيع سلاح نووي دون أن يكون أمام المجتمع الدولي الوقت الكافي للوقوف على حقيقة ما يجري والنقاش حوله ومجابهته. ولكن تأخر الرئيس أوباما فيما يتعلق بالقضية السورية يخلق شكوكاً حول ما إذا كان سيتصرف في الوقت المناسب بما فيه الكفاية لمواجهة إيران.
وفي الوقت نفسه، طالما أشارت إسرائيل إلى أنها ستقوم بإجراء تقييمها الخاص حول تقدم إيران النووي. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد قدّم خطه الأحمر حول ذلك خلال خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي: وتحديداً لا تريد إسرائيل أن تحصل إيران على يورانيوم مخصب بنسبة 20 في المائة بما يكفي لصنع قنبلة نووية إذا ما تم معالجة المادة الخام بشكل إضافي. بيد، عندما يأخذ المرء في عين الاعتبار مادة التغذية الغازية لأجهزة الطرد المركزي ومركب الأكسيد الذي يمكن إعادة تحويله إلى مادة تغذية، تكون إيران الآن قد تجاوزت هذا الخط.
موقف روحاني
على الرغم من أن الرئيس روحاني قد تسلم منصبه قبل أسابيع فقط، ينبغي عليه أن يتحرك وبسرعة حول المسألة النووية. وقد كان قد مثل إيران كمفاوض نووي أقدم بين 2003-2005، وكان ضالعاً أيضاً في صياغة السياسات النووية عندما ترأس "المجلس الأعلى للأمن القومي" بين 1989-2005 . ويعزى انتخابه إلى حد كبير إلى الوعود التي قطعها على نفسه في حملته الانتخابية بالتخفيف من العقوبات النووية الدولية.
ومنذ فوزه بمنصبه، عمل روحاني على تقييم نقاط قوته داخل هيكل السلطة الإيرانية التي يهيمن عليها المرشد الأعلى علي خامنئي. كما أنه قام بتشكيل فريق جديد للتفاوض حول الملف النووي. ورغم أنه قد سبق وأشار علناً بأن تعليق البرنامج النووي ليس خياراً مطروحاً، إلا أن إستراتيجية التفاوض الفعلية التي ستتبناها إدارته لم تتبلور حتى الآن. وسوف تتشكل هذه الإستراتيجية جزئياً على الأقل من خلال التقييم الذي ستجريه طهران لعزم وإصرار الرئيس أوباما على القيام بعمل عسكري في سوريا - الحليف المقرب من إيران. وبعبارة أخرى، يمكن أن تكون الأحداث في دمشق مؤشراً هاماً للاتجاه والتقدم المحرز في المفاوضات النووية مع إيران.
 
 
صمت الجهاديين حيال الضربة الأميركية.. موافقة ضمنية
(أ.ف.ب)
يُثير التزام الجماعات السلفية الجهادية الصمت حيال التهديد الاميركي بتوجيه ضربة الى سوريا تساؤلات حول تطابق المصالح بين الطرفين، رغم خشية هذه الجماعات من ان تطالها الضربة، حسب رأي عدد من المحللين.
ولم تصدر بيانات من التنظيمات الجهادية الفاعلة على الساحة السورية، وابرزها «الدولة الاسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» اللذين يعتبران المظلة الرئيسية للقاعدة، توضح موقفهما ازاء الضربة الاميركية.
وقال المحلل السياسي طارق المعموري ان «وحدة المصالح بين الولايات المتحدة وما يسمى الجماعات الجهادية هو الاتفاق على اسقاط النظام» السوري.
وأضاف: «من الطبيعي ان تلتزم هذه الجماعات الصمت لان موقفها المعلن هو معاداة الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، لذلك لا تجرؤ على اعلان تاييدها للضربة (...) الا ان السكوت في هذا النطاق يعد قبولا».
واعتبر الرجل الثاني في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية CIA مايكل موريل ان الحرب الاهلية في سوريا وتفاقمها يشكلان اكبر تهديد بالنسبة لامن الولايات المتحدة.
وأكد ان اعدادا كبيرة من المقاتلين الاسلاميين الاجانب ينضمون الى صفوف المعارضة اكثر مما كان يحصل في العراق خلال الحرب، موضحا ان الخطر يكمن في ان يتجاوز النزاع حدود سوريا، او ان ينهار نظام الرئيس بشار الاسد وتتحول البلاد الى معقل للقاعدة.
وحذّر من خطر عدم ضمان امن الاسلحة التي تملكها الحكومة بما في ذلك الاسلحة الكيميائية. بدوره، قال مسؤول عراقي رفيع رفض الكشف عن اسمه ان «الضربة ستاتي لصالح التنظيمات الجهادية وستعمل على تقوية شوكتها».
وأضاف: «دائما ما نسمعهم (الجهاديون) يتشدقون بالعداء للغرب، لكننا نراهم يصمتون حيال توجيه ضربة الى بلد عربي».
من جهته، يوافق استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري على ذلك قائلا بأنّ «إضعاف الاسد سيمكّنهم من السيطرة على مناطق اكثر، الامر الذي يجعلهم صامتين حاليا حيال الضربة».
وأضاف: «هذه الجماعات وخصوصا النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام سيكونان المستفيدين منها».
لكن انصار الجهاديين اظهروا انقساما في المنتديات بين مؤيد للتدخل الاميركي ومعارض، وذلك في استطلاع للراي نشره الموقع الالكتروني «منتدى حنين».
وكتب احدهم تحت اسم ابو مصعب العراقي: «ان التدخل الصليبي في العراق وليبيا لم يكن بطلب من المسلمين او المجاهدين لكنه في النهاية كان لمصلحة المجاهدين. لا شك في ان التدخل (في حال حصوله) في سوريا لن يكون بطلب من المجاهدين لكنه حتما سيكون في صالحهم في نهاية الامر».
في المقابل، دعا الشيخ أبو سعد العاملي «المجاهدين في بلاد الشام أن يعدوا العدة ويأخذوا الحذر ويضعوا كل الاحتمالات قبل الضربة الصليبية المرتقبة».
وأضاف: «عليهم أن يتعاملوا وكأن الضربات القادمة للصليبيين ستستهدفهم هم وليس قوات النظام النصيري، سيعمد الأعداء وسيحاولون ضرب هدفين بهجوم واحد».
ورغم ان معظم الجهاديين يرون ان الضربة تصب في مصلحتهم، الا ان البعض يعتبر ان سبب الضربة يكمن في خشية واشنطن من وقوع الاسلحة الكيميائية بأياديهم.
وكتب شخص عرف عن نفسه بـ«إبن الابابيل»: «إنّ الاميركيين لا يفعلون ذلك من اجل الشعب، فهم خائفون من وقوع الاسلحة الكيميائية بايدي النصرة او القاعدة».
لكن آخرين عبروا عن اعتقادهم بأن التدخل هدفه حماية المصالح الغربية.
وكتب ابو عيسى قائلا: «لا اوافق على التدخل الغربي في سوريا لقناعتي بحرمة الاستعانة بالمشركين، ناهيك ان الرأي الذي يجيز الاستعانة بهم وضع شروطا لا تتوفر في المستعان بهم في سوريا».
وأضاف: «التدخل هو لاجل حماية مصالح الغرب في المنطقة والحيلولة دون التمكين للمجاهدين الصادقين».
كما لم يخف بعضهم الخشية من ان الضربة قد تطال قيادات الجماعات الجهادية، ممن لهم باع في القتال في العراق وافغانستان، لكنهم اعتبروا مع ذلك انها ستكون لصالحهم.
وقال ابو مصعب العراقي: «بات من الواضح ان طاغوت الشام ليس بالضعف الذي يتصوره البعض، فاكثر من سنتين من الحرب والقتل والدمار والوضع في الشام لا يزال قلقا ومتذبذبا والمعارك كر وفر».
وأضاف: «ازعم ان الضربة العسكرية لسوريا ستكون في صالح اهل السنة والجماعة في المنطقة بأسرها لكن عليهم جماعات وافرادا ان يستغلوا ما سيحدث وخصوصا في العراق ولبنان ومصر».
 
 تركيا تؤكد حماستها للضربة العسكرية على سوريا.. وتستعد لرد دمشق
أنقرة لديها معلومات حول الكيماوي ومستعدة لمشاركتها مع الأمم المتحدة
جريدة الشرق الاوسط
بيروت: ثائر عباس
لم تخفف تطورات اليومين الماضيين في ملف الأزمة التركية من «الحماسة» التركية لضرب النظام السوري والإطاحة به، إذ استمرت أنقرة في مقاربتها هذا الملف من زاوية الإصرار على أنه لا حل لهذه الأزمة بوجود هذا النظام وتحديدا «من تلوثت أيديهم بدماء الشعب» كما أكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أمس.

وعقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعد ظهر أمس اجتماعا أمنيا - سياسيا هو الثاني من نوعه في أقل من 24 ساعة خصص لبحث التطورات في الأزمة السورية، وإعلان حزب العمال الكردستاني وقف عملية الانسحاب من الأراضي التركية بناء لخطة الحل المتفق عليها للأزمة الكردية. وشارك في الاجتماع مسؤولون في الجيش والاستخبارات ووزارتي الدفاع والخارجية.

وبينما أكد مصدر دبلوماسي تركي أن «السلطات نشرت أمس بطاريات صواريخ أرض - جو على الحدود مع سوريا تحسبا لأي طارئ في إطار الاحتياطات الأمنية». وقد نشرت قرب معبر باب الهوى ومقابل محافظة اللاذقية على الساحل السوري. وكشفت مصادر تركية أمس أن أنقرة وضعت خطة لمواجهة أي اعتداء سوري في حال حصلت الضربة وردت سوريا باستهداف المدن التركية، مشيرة إلى أن الرد لن يكون فقط باستعمال صواريخ «الباتريوت» (المضادة للصواريخ التي نشرها حلف شمال الأطلسي في تركيا للدفاع عنها) فقط، بل ستدخل طائرات الإف 16 إلى الميدان للرد، وستضرب المقاتلات التركية مركز الدفاع في اللاذقية الذي قام بإسقاط طائرة الاستطلاع التركية إف - 4 في يونيو (حزيران) 2012.

وقال مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن أنقرة تمتلك «وثائق تتعلق بالسلاح الكيماوي السوري وهي على استعداد لمشاركتها مع الأمم المتحدة»، مشيرا إلى أن «النظام السوري استخدم هذا السلاح أكثر من مرة، وهو سيستعمله مجددا إذا لم يتلق العقوبة المناسبة». وإذ كرر المصدر أن «لا حل بسوريا إلا برحيل النظام ورموزه»، حذر من الألاعيب التي قد يمارسها النظام للتنصل من الوعود التي بدأ يطلقها تهربا من الضربة العسكرية.

وأشار وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى أن «عدم توجيه ضربة عسكرية لسوريا يعني منح النظام السوري ضوءا أخضر لارتكاب مزيد من المجازر»، لافتا إلى أن «تركيا ليس لديها شك بأن الهجوم الكيميائي نفذه النظام»، مضيفا: «إن هذا الاستنتاج جاء بعد تحليل عميق للمعلومات الاستخبارية التي جمعتها تركيا أخيرا». وأضاف: «إن مثل هذا الهجوم نفذ بصواريخ من وحدات عسكرية متخصصة بالأسلحة الكيميائية، وهذه الوسائل لا تتوافر في سوريا إلا لدى النظام السوري»، مؤكدا «وقوع هجمات بأسلحة كيميائية سابقا في محافظتي حمص وحلب». كما شدد على «أهمية امتثال النظام السوري للعقوبة»، متهما النظام بـ«استخدام الأسلحة الكيماوية لمعاقبة المدنيين الأبرياء على دعم المعارضة».

وقال شاهين الباي في مقال نشر في جريدة «زمان» التركية الإسلامية حول «السلام والحرب في سوريا» إن (الرئيس الأميركي باراك) أوباما «توجه إلى الكونغرس لكي يصوت على قرار بتوجيه ضربة للديكتاتور (الرئيس السوري بشار) الأسد لأنه تعدى الخطوط الحمر، رغم أن قرار إعلان الحرب بيده»، مشيرا إلى أنه «على أرض الواقع يحقق الديكتاتور الأسد بدعم من روسيا وإيران وحزب الله نجاحات ميدانية كبيرة، ولهذا من أجل حل المعضلة بالطرق السلمية يجب أن يكون هناك تعادل في القوى ولذلك يتوجب على المجتمع الدولي تسليح المعارضة وإلا فإن النظام سيقوى يوما بعد يوما وهذا يعني تغلبه على المعارضة» محذرا من «أن تأخير أي عملية ضد الأسد سيترتب عليه عقائب وخيمة».

أما سامي كوهن وهو كاتب تركي يهودي، فقد أشار في مقال نشرته صحيفة «ملليت» إلى أن قرار الكونغرس في قضية التدخل في سوريا «سيكون حاسما وسيغير في مستقبل أوباما وفي مستقبل السياسة الخارجية للولايات المتحدة»، ورأى أن هذه الخطوة من أوباما لن تقلل من ثقل المعضلة على كتفيه بل ستزيدها والسبب في هذا أن «قرار الكونغرس لن يكون معاكسا لقرار الشعب الأميركي الذي ترفض الأغلبية فيه أي ضربة لسوريا»، مشددا على أنه «على الرئيس أوباما أن يبدأ بحملات لإقناع الشعب والكونغرس».

من جهته أكد نائب رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض التركي فاروق لوغ أوغلو أن «حزبه سيكون الحزب الحاكم في تركيا عام 2015 ويغير خارطة العلاقات التركية مع دول العالم في كل شيء»، مشيرا إلى أن حزبه «غير راض عن سياسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان»، لافتا إلى أن «حزب الشعب الجمهوري سيصوت بالرفض حال طلب موافقة البرلمان التركي على مشاركة تركيا في الضربة العسكرية الدولية ضد سوريا».

 
 
 
 

 


المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,915,524

عدد الزوار: 6,971,731

المتواجدون الآن: 96